الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذاً هل عبارة " زيادة الثقة مقبولة " أو " من حفظ حجّة على من لم يحفظ " صحيحة؟
العبارتين اطلاقها غير صحيح، فقد تكون زيادة الثقة " شاذّة "، وقد تكون زيادة الثقة " محفوظة ".
(الحديث المقلوب)
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:
...........................
…
......... والمقلوب قسمان تلا
إبدال راوٍ ما براوٍ قسم
…
وقلب إسنادٍ لمتنٍ قسم
…
انتقل المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ إلى القسم الثاني والعشرين وهو (الحديث المقلوب) .
المقلوب: اسم مفعول، من قلَبَ وهو الإنكفاء.
حدَّه المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ عن طريق التقسيم.
وحدُّه اصطلاحاً: هو إبدالٌ يعتري الإسناد والمتن ويغيّره عن وجهته الصحيحة. فيشمل هذا قلب المتن، وقلب الإسناد.
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:
إبدال راوٍ ما براوٍ قسم
…
وقلب إسنادٍ لمتنٍ قسم
قوله: إبدال راوٍ " ما ": " ما " هنا زائدة.
ذكر المؤلف أقسام المقلوب: -
القسم الأول:
إبدال الراوي براوٍ آخر، وهو يعتري الإسناد وله عدّة صور:
1) إبدل الراوي، فمثلاً الزهري عن أبي سلمة، فيأتي الراوي ويقلبه فيقول: الزهري عن سعيد، وممكن نحكم عليه بحكم آخر وهو " الشذوذ ".
2) إبدال اسم الراوي، فمثلاً سعد بن سنان، يأتي الراوي ويقول: سنان بن سعد، وحفظ على شعبة ـ رحمه الله تعالى ـ أسماء من هذا القسم.
3) إبدال كنية الراوي، فمثلاً هو معروف بأبي سنان، فيأتي الراوي ويقول: عن سنان.
4) التقديم والتأخير، فيجعل شيخ الراوي تلميذه، وتلميذ الراوي شيخه فيقول: عن أبي سلمة عن الزهري.
القسم الثاني:
قلب المتن عن الإسناد.
صورته: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (الفخذ عورة) ، فيأتي الراوي ويجعله عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه بهذا المتن، فجعلها من سلسلة بهز، وهي من سلسلة عمرو، فهذا يسمى " قلب متن " وقد يسمى هذا " شاذّاً " فلما ننظر إلى الرواة فإنهم يروونه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه، وهو يرويه من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه، ولكن هذا مصطلح " قلب متن ".
ومن صور قلب المتن: أن يقلب الراوي نفس المتن فمثلاً في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وذكر منهم (رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)، فيأتي الراوي فيقلب نفس المتن فيقول:(حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله) .
وهذه صورتين لقلب المتن وإلا فهي كثيرة.
ولا أحد من المؤلفين يذكر " المقلوب " إلا ويذكر قصة الإمام البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ، وهي من أعجب القصص التي رواها بن عديّ ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه " الكامل "، وهي تدلّ على أن المهارة والحفظ والملكة عندهم ليست كحافظتنا، ولو قارن الإنسان نفسه بهم فلن يصل إلى معشار ما وصلوا إليه.
قال أبو أحمد بن عدي الجرجاني ـ رحمه الله تعالى ـ الحافظ سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر ودفعوا إلى عشرة أنفس إلى كل رجل منهم عشرة أحاديث وأمروهم إذا حضروا المجلس يلقون ذلك على البخاري وأخذوا الموعد للمجلس فحضر المجلس جماعة من أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرها ومن البغداديين فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب إليه رجل من العشرة وسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة فقال البخاري: لا أعرفه فسأل عن آخر فقال البخاري: لا أعرفه ثم سأل عن آخر فقال: لا أعرفه فما زال يلقي بمثله واحدا بعد واحد حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول: لا أعرفه فكان الفهماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون الرجل فهمنا، ومن كان منهم غير ذلك يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم ثم انتدب رجل آخر من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة فقال البخاري: لا أعرفه فسأله عن آخر فقال: لا أعرفه فسأل عن آخر فقال: لا أعرفه فلم يزل يلقي عليه واحدا بعد واحد حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول: لا أعرفه ثم انتدب الثالث إليه والرابع إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة والبخاري لا يزيدهم على لا أعرفه فلما علم البخاري أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال أما حديثك الأول فهو كذا وحديثك الثاني فهو كذا والثالث والرابع على الولاء حتى أتى على تمام العشرة فردّ كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه وفعل بالآخرين مثل ذلك ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها وأسانيدها إلى متونها فأقر له الناس بالحفظ والعلم وأذعنوا له بالفضل وكان بن صاعد إذا ذكر محمد بن إسماعيل يقول الكبش النطاح.
مسألة: هل المقلوب يدخل في المضطرب؟