الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في النخبة سنتكلم عن الحديث المردود بأن يكون فيه راوٍ متروك، أو يكون فيه من الرواة الذين لا يحتج بهم مطلقاً، أو هناك من الأحاديث الذي انقلب عليه في أسانيده وليس له أصل، وهي مسألة نسبية قد يكون عند عالم مردود، وعند عالم آخر غير مردود.
(الحديث المرفوع)
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ:
وما أضيف للنبي المرفوع
…
..............................
انتقل المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ إلى القسم الرابع وهو (الحديث المرفوع) .
قال: " للنبي "، أين الهمزة؟
أولاً: اختلف أهل العلم في اشتقاق النبي: -
القول لأول: أن اشتقاق النبي من النَّبْوة وهي الارتفاع، إذاً ليس هناك همزة فلا إشكال في قول المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ.
القول الثاني: أن اشتقاق النبي من النبأ، فهذه فيها همزة فعلى هذا القول حذفت الهمزة في " النبي " تخفيفاً، وهي قراءة سبعية: أكثر القراء يقرؤنها بدون همزة سوى نافع قرأها بالهمزة في كل المواضع، كقوله تعالى:{وَمَا أُوتِيَ النَّبِيئونَ مِن رَّبِّهِمْ} البقرة136، وقوله:{النَّبِيء أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ} الأحزاب6، " وما أوتي النبيئون من ربهم " يقرأها بالهمزة مطلقاً.
قال الشاطبي ـ رحمه الله تعالى ـ:
وجمعاً وفرداً في النبيء وفي
…
النبوءة الهمز كلٌ غير نافع أبدلا
ما هو الحديث المرفوع؟
المؤلف أتى بالمسمى ثم حدّه، المسمى هو " المرفوع" فهذا هو المحدود.
فما هو حدّه؟
اختلف في حدّه على أقوال: -
القول الأول: أن المرفوع هو: " كل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم "، فكل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهو حديث " مرفوع " سواء من قول أو فعل أو صفة المهم أن يكون الحديث متعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا هو تعريف المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ، فهو لم يشترط الاتصال في الإسناد.
إذاً تعريف المؤلف للمرفوع: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم سواء كان متصلا أو منقطعا وسواء رفعه صحابي أو رفعه تابعي.
فإذا جاءك إسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة من حين ما ترى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قل هو حديث " مرفوع" بإطلاق:
فإذا قال أبو هريرة رضي الله عنه " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "، قل هذا حديث مرفوع.
وإذا قال أبو عبد الرحمن السلمي ـ وهو تابعي ـ " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "، قل هذا حديث مرفوع.
وإذا قال الزهري " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "، قل هذا حديث مرفوع.
وإذا قال معمر " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "، قل هذا حديث مرفوع.
وإذا قال عبد الرزاق " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "، قل هذا حديث مرفوع.
فكل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من طريق مسند بإسناد نسميه " حديثاً مرفوعاً " وهذا مطّرد عند المحدثين " أن كل ما روي بإسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان بين الراوي وبين الرسول صلى الله عليه وسلم اثنين أو ثلاثة أو خمسة، فهو مرفوع ".
القول الثاني: أن ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم شرطه أن يرفعه الصحابي، إذاً يشترطون الاتصال والرفع.
قال الحافظ العراقي ـ رحمه الله تعالى ـ:
وسمِّ مرفوعاً مضافاً للنبي
…
واشترط الخطيب رفع الصاحبِ
القول الثالث: يشترط في أن يكون مرفوعاً، أن يرفعه الصحابي أو التابعي فقط، فالمرسل يسمى مرفوعاً، ومرسل التابعي يسمى مرفوعاً، ما عداه لا يسمى مرفوعاً، فلو رفعه معمر فلا يسمى مرفوعاً.
هناك أقسام للمرفوع تكلم عنها أهل العلم لا بد أن نعرفها.
المرفوع ينقسم إلى قسمين:
1) مرفوع صريح.
2) مرفوع حكماً.
المرفوع الصريح:
هو ما رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقولنا قال صلى الله عليه وسلم، فهذا مرفوع صريح.
أما المرفوع الحكمي:
فحكمه الرفع لأنه لا يوجد نص أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله لكن حكمه الرفع.
وهذا جاء على عدّة أقسام:
القسم الأول:
قول الصحابي، أمرنا، نهينا، من السنة، فإذا قال أنس رضي الله عنه (من السنة أن يقول المؤذن الصلاة خير من النوم) في صلاة الفجر فهذا مرفوع حكمي، وإذا قالت أم عطية (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) فهذا مرفوع حكمي.
قال الحافظ العراقي ـ رحمه الله تعالى ـ:
قول الصحابي " من السنة " أو
…
نحو " أمرنا " حكمه الرفع ولو
بعد النبي قاله بأعْصُرِ
…
على الصحيح وهو قول الأكثر
مسألة: إذا قال التابعي " من السنة " أو " أمرنا بكذا ".
هذه مسألة خلافية بين أهل العلم، وذكر الخلاف فيها ابن الصلاح ـ رحمه الله تعالى ـ، والذي عليه أكثر المحدثين والمحققين من أهل علم الاصطلاح أنه ليس له حكم الرفع، وإنما الخلاف محفوظ في قول الصحابي " من السنة "، فليست هي مسألة إجماعية، فكيف إذا كانت من التابعي فلا شك أن قول التابعي " من السنة " أنه ليس له حكم الرفع وليس له حكم الاتصال، لكن يعتبر من الشواهد والقرائن التي يعتضد به، لكن ليست حجيته كحجية الصحابي في قوله:" من السنة ".
القسم الثاني:
قول الصحابي، كنا نفعل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل قول أنس رضي الله عنه "كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ننتظر الصلاة فتخفق رؤوسنا ولا نتوضأ " فهذا مرفوع حكمي.
القسم الثالث:
قول الصحابي شيئا لا يأتي عن طريق العقل فلا يمكن أن يصل إليه القائل بعقله، فمحال أن يتكلم الصحابي بشيء يأتي به من رأسه وإنما قطعا إنما تكلم عن علم، فهذا له حكم المرفوع، مثل قول أبي هريرة رضي الله عنه (من أتى كاهنا أو عرّافا فقد كفر بما أنزل على محمد) ، وقوله أيضا في الصحيح (أما هذا فقد عصى أبا القاسم) للذي خرج من المسجد بعد الأذان، ومثل قول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه (من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له مابين الجمعتين) فهذا كله له حكم الرفع، فكل ما لا مجال للعقل فيه له حكم الرفع بشرط ألا يكون هذا الصحابي قد عرف بالأخذ عن بني إسرائيل، فإن عرف فإننا نحتاط ونتوقف قليلا هل له مخالف هل له أصل، فلا نرده بإطلاق ـ كما يقوله بعض الناس ـ وهذا غير صحيح فقول الصحابي له ثُقْلُه فننظر فيه، بدليل ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقدت أمة من بني إسرائيل لا يُدرى ما فَعَلَت ولا أراها إلا الفأر........... الحديث) قال أبو هريرة رضي الله عنه فحدثت هذا الحديث كعباً فقال: آنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت نعم. قال ذلك مراراً قلت أأقرأ التوراة! ا. هـ.
وكأنه ـ والعلم عند الله ـ يُلوّح، فدل على أنهم يحتاطون بالأخذ من بني إسرائيل وقراءة كتبهم.
القسم الرابع:
قول الصحابي، سبب نزول كذا، أو فنزلت كذا،وهذا اختلف فيه أهل العلم هل له حكم الرفع.
القول الأول: أن له حكم الرفع، وهذا قول كثير من المحدثين، فما قال الصحابي ذلك إلا أنه قطعا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
القول الثاني: أنه ليس مرفوعاً حكماً وإنما هذا اجتهاد من الصحابي رضي الله عنه ورأي له.