المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌515 - (1) باب فرض الحج في العمر مرة واشتراط وجود المحرم في جواز سفر المرأة لحج أو غيره - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌515 - (1) باب فرض الحج في العمر مرة واشتراط وجود المحرم في جواز سفر المرأة لحج أو غيره

- ‌516 - (2) باب ما يقول المحرم إذا سافر للحج وإذا قفل منه والتعريس بذي الحليفة والصلاة بها إذا صدر من حج أو عمرة

- ‌517 - (3) باب لا يحج البيت مشرك ولا يطوف به عريان وفضل يوم عرفة وثواب الحج والعمرة

- ‌518 - (4) باب نزول الحاج بمكة وتوريث دورها وجواز إقامة المهاجر بمكة ثلاثة أيام بعد فراغه من الحج أو العمرة

- ‌519 - (5) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها والنهي عن حمل السلاح فيها وجواز دخولها بلا إحرام

- ‌520 - (6) باب فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة وبيان تحريمها وتحريم صيدها وشجرها وبيان حدود حرمها

- ‌521 - (7) "باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها وأن الطاعون والدجال لا يدخلانها وأنها تنفي شرارها

- ‌522 - (8) باب عقوبة من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار وبيان حين يتركها أهلها

- ‌523 - (9) باب فضل ما بين القبر والمنبر وفضل جبل أحد وفضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة

- ‌524 - (10) باب فضل المساجد الثلاثة وبيان المسجد الذي أُسس على التقوى وفضل مسجد قباء

- ‌ كتاب النكاح

- ‌525 - (11) باب الترغيب في النكاح وكراهية التبتل ودفع ما يقع في النفس بمواقعة الزوجة

- ‌526 - (12) باب الترخيص في نكاح المتعة في أول الإسلام ثم نسخه وتحريمه التي يوم القيامة

- ‌527 - (13) باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها وما جاء في نكاح المُحْرِم وخِطْبته

- ‌528 - (14) باب النهي عن خطبة الرجل على خطبة أخيه وعن الشغار وعن الشرط في النِّكَاح

- ‌529 - (15) باب استئمار الثيب واستئذان البكر، والصغيرة البكر يزوجها أبوها واستحباب النكاح في شوال

- ‌530 - (16) باب النظر إلى المخطوبة واشتراط الصداق في النكاح وجواز كونه منافع وأقل قليل والأمر بالوليمة

- ‌531 - (17) باب عتق الرجل أمته ثم تزوجها وهل يصح أن يجعل العتق صداقًا وذكر الوليمة

- ‌532 - (18) باب زواج زينب بنت جحش، ونزول الحجاب فيه، والهدية للعروس في حال خلوته، والأمر بإجابة دعوة النِّكَاح، وقوله شر الطعام طعام الوليمة

- ‌533 - (19) باب ما يحل للمطلقة ثلاثًا وما يقال عند الجماع وجواز وطء المرأة في قبلها من خلفها

الفصل: ‌515 - (1) باب فرض الحج في العمر مرة واشتراط وجود المحرم في جواز سفر المرأة لحج أو غيره

بسم الله الرحمن الرحيم

‌515 - (1) باب فرض الحج في العمر مرة واشتراط وجود المحرم في جواز سفر المرأة لحج أو غيره

3138 -

(1251)(1) وحدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ مُحَمَّد بْنِ زِيادٍ، عَنْ أَبِي هُرَنرَةَ. قَال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: "أَيُّهَا النَّاسُ! قَدْ فَرَضَ الله عَلَيكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا" فَقَال رَجُلٌ:

ــ

515 -

(1) باب فرض الحج في العمر مرة واشتراط وجود المحرم في جواز سفر المرأة لحج أو غيره

3138 -

(1251)(1)(وحدثني زهير بن حرب حَدَّثَنَا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطيّ، ثِقَة، من (9)(أخبرنا الرَّبيع بن مسلم القُرشيّ) الجمحي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (7)(عن محمَّد بن زياد) الجمحي المدنِيُّ، ثِقَة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه، وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان وواحد بصري وواحد نسائي وواحد واسطيّ (قال) أبو هريرة:(خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأبي: يمتنع أن تكون هذه الخطبة في الحج لأنه صلى الله عليه وسلم إنما حج في العاشرة، وفرض الحج كان سابقًا، قيل سنة خمس، وقيل تسع إلَّا أن يكون قاله أَيضًا في حجة الوداع اهـ (فقال) في خطبته: يَا (أيها النَّاس قد فرض الله عليكم) أي على من استطاع منكم (الحج فحجوا) بيت الله تعالى قاله صلى الله عليه وسلم حين نزل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيهِ} فحج بالنَّاس سنة ثمان وهي عام الفتح عتاب بن أسيد، وحج بهم أبو بكر سنة تسع، وكان حجته صلى الله عليه وسلم سنة عشر آخره إلى أن انمحت آثار الشِّرك وتقررت أحكام الشرع لكنه صلى الله عليه وسلم كان يعتمر لأن أمر العمرة أيسر وليس له وقت معين، ووجوب الحج كان بالآية المذكورة، وهي نزلت عام الفتح، وأما قوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فإنما هو أمر بإتمام ما شرع فيه وليس فيه دلالة على الإيجاب من غير شروع نص عليه العيني في شرح الكنز (فقال رجل) من الحاضرين: هو الأقرع بن حابس كما في سنن ابن ماجه

ص: 7

أَكُلَّ عَامٍ؟ يَا رَسُولَ اللهِ! فَسَكَتَ. حَتَّى قَالهَا ثَلَاثًا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ. لَوَجَبَتْ. وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ". ثُمَّ قَال: "ذَرُونِي

ــ

(أ) فرض علينا أن نحج (كل عام يَا رسول الله) فالظرف متعلق بفعل محذوف بعد الهمزة؛ أي أتأمرنا أن نحج في كل عام أو أفرض علينا أن نحج كل عام، قاله قياسًا على ما تكرر من العبادات كالصوم والزكاة، فإن الأول عبادة بدنية، والثاني طاعة مالية؛ والحج مركب منهما، قال النووي: واختلف الأصوليون في أن الأمر هل يقتضي التكرار؟ والصحيح عند أصحابنا لا يقتضيه، والثاني يقتضيه، والثالث يتوقف فيما زاد على مرة على البيان فلا يحكم باقتضائه ولا بمنعه، وهذا الحديث قد يستدل به من يقول بالتوقف لأنه سأل فقال: أكل عام؟ ولو كان مطلقه يقتضي التكرار أو عدمه لم يسأل، ولقال له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا حاجة إلى السؤال بل مطلقه محمول على كذا اهـ قال في المرقاة: والأظهر أن مبنى السؤال قياسه على سائر الأعمال من الصلاة والصوم وزكاة الأموال، ولم يدر أن تكراره كل عام بالنسبة إلى جميع المكلفين من جملة المحال كما لا يخفى على أهل الكمال ا. هـ.

(فسكت) النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن جوابه زجرًا له عن السؤال الذي كان السكوت عنه أولى لأن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يكن يسكت عما تحتاج الأمة إلى كشفه، فالسؤال عن مثله تقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نهوا عنه لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَينَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} والإقدام عليه ضرب من الجهل (حتَّى قالها) أي حتَّى قال السائل تلك الكلمة. التي تكلمها (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت) في جواب السؤال فرضًا وتقديرًا، ولا يبعد أن يكون سكوته صلى الله عليه وسلم انتظارًا للوحي أو للإلهام (نعم، لوجبت) الحجة كل سنة، والضمير في وجبت للحج وتأنيثه باعتبار كونه عبادة أو حجة، قال ابن الملك: احتج به من قال: الحكم مفوض إلى رأيه صلى الله عليه وسلم ولا يشترط فيه أن يكون بوحي نازل اهـ قال الحافظ: واستدل به على أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في الأحكام لقوله: "لو قلت نعم لوجبت" وأجاب من منع باحتمال أن يكون أُوحي إليه ذلك في الحال اهـ (ولما استطعتم) بإعادة اللام الجوابية؛ أي ولما أطقتم وقدرتم كلكم إتيان الحج في كل عام، ولا يكلف الله نفسًا إلَّا وسعها (ثم قال) صلى الله عليه وسلم:(ذروني) أي

ص: 8

مَا تَرَكتُكُمْ. فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ. فَإذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ

ــ

اتركوني عن السؤال (ما تركتكم) عن الأمر، وفيه أن الأصل عدم الوجوب وأنه لا حكم قبل الشرع، قال الحافظ: والمراد بهذا الأمر ترك السؤال عن شيء لم يقع خشية أن ينزل به وجوبه أو تحريمه وعن كثرة السؤال لما فيه غالبًا من التعنت وخشية أن تقع الإجابة بأمر يستثقل فقد يؤدي لترك الامتثال فتقع المخالفة اهـ، وقال القرطبي: معنى ذروني أي احملوا اللفظ على مدلوله الظاهر لغة وإن صلح لغيره فلا تكثروا في الاستقصاء خوف أن يكثر الجواب، فالمعنى في الحديث حجوا المرة الواحدة لأنها مدلول اللفظ وإن صلح للتكرار فيتعين التغافل عنه، ولا يكثر السؤال فيه خوف أن يكثر الجواب كما اتفق لبني إسرائيل في البقرة إذ قيل لهم: اذبحوا بقرة فلو بادروا وذبحوا أي بقرة صدق اللفظ وعدوا ممتثلين، ولكن لما أكثروا السؤال كثر الجواب وشددوا فشدد عليهم وذموا على ذلك فخاف صلى الله عليه وسلم على أمته مثل ذلك ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(فإنما هلك من كان قبلكم) من اليهود والنصارى (بكثرة سؤالهم) لأنبيائهم كسؤال الرؤية والكلام مع الله سبحانه وقضية البقرة قاله في المرقاة، قال الأبي: وفيه مرجوحِيّة كثرة السؤال، ومنه ما اتفق لأسد بن الفرات مع مالك حين أكثر السؤال بقوله: فإن كان كذا فقال له مالك: هذه سلسلة بنت أخرى إن أردت هذا فعليك بأهل العراق إلَّا أن يقال لا يلزم من المنع هنا المنع في غيره لما أشار إليه صلى الله عليه وسلم من أنَّه في مقام التشريع فخالف الافتراض فيما يشق ولا يقدر عليه اهـ (و) بـ (اختلافهم على أنبيائهم) قال الأبي: فهو زيادة على ما وقع فإن الذي وقع إنما هو إلحاح في السؤال لا اختلاف، وقال: واختلافهم عطف على الكثرة لا على السؤال لأن نفس الاختلاف موجب للهلاك من غير الكثرة يعني إذا أمرهم الأنبياء بعد السؤال أو قبله، واختلفوا عليهم فهلكوا واستحقوا الإهلاك (فهإذا أمرتكم بشيء) مطلق من أوامر الشرع كما إذا قال: صم أو صل أو تصدق (فأتوا منه) أي من ذلك الشيء الذي أمرتكم به أي فافعلوا منه (ما استطعتم) أي ما قدرتم عليه فيكفي من ذلك المذكور آنفًا أقل ما ينطلق عليه الاسم فيصوم يومًا ويصلي ركعتين ويتصدق بشيء يتصدق بمثله لأن ما لا يدرك كله لا يُترك جُله فإن قيد شيئًا من ذلك بقيود ووصفه بأوصاف لم يكن بد من امتثال أمره على ما فصل وقيد، وإن كان فيه أشد المشقات وأشق التكاليف وهذا مما لا يختلف فيه إن

ص: 9

وَإِذَا نَهَيتُكُمْ عَنْ شَيءٍ فَدَعُوهُ"

ــ

شاء الله تعالى أنَّه هو المراد من الحديث اهـ من المفهم (وإذا نهيتكم) أي زجرتكم (عن شيء) من نواهي الشرع (فدعوه) أي فاتركوه ولا تقربوا إلى شيء منه يعني أن النهي على نقيض الأمر وذلك أنَّه لا يكون ممتثلًا بمقتضى النهي حتَّى لا يفعل واحدًا من آحاد ما يتناوله النهي، ومن فعل واحدًا فقد خالف وعصى فليس في النهي إلَّا ترك ما نُهي عنه مطلقًا دائمًا وحينئذ يكون ممتثلًا لترك ما أُمر بتركه بخلاف الأمر على ما تقدم، وهذا الأصل إذا فهم هو ومسألة مطلق الأمر هل يحمل على الفور أو التراخي أو على المرة الواحدة أو على التكرار؟ وفي هذا الحديث أبواب من القصة لا تخفى اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النَّسائيّ [5/ 110 - 111].

وقوله: (فإذا أمرتكم بشيء فائتوا منه) إلخ قال الحافظ: فيه إشارة إلى الاشتغال بالأهم المحتاج إليه عاجلًا عما لا يحتاج إليه في الحال فكأنه قال: عليكم بفعل الأوامر واجتناب النواهي فاجعلوا اشتغالكم بها عوضًا عن الاشتغال بالسؤال عما لم يقع فينبغي للمسلم أن يبحث عما جاء عن الله ورسوله، ثم يجتهد في تفهم ذلك والوقوف على المراد به، ثم يتشاغل بالعمل به فإن كان من العلميات يتشاغل بتصديقه واعتقاد حقيته، وإن كان من العمليات بذل وسعه في القيام به فعلًا وتركًا، فإن وجد وقتًا زائدًا على ذلك فلا بأس بأن يصرفه في الاشتغال بتعرف حكم ما سيقع على قصد العمل به أن لو وقع فأما إن كانت الهمة مصروفة عند سماع الأمر والنهي إلى فرض أمور قد تقع وقد لا تقع مع الإعراض عن القيام بمقتضى ما سمع فإن هذا مما يدخل في النهي، فالتفقه في الدين إنما يُحمد إذا كان للعمل لا للمراء والجدال اهـ.

قوله: (ما استطعتم) قال الطيبي: هذا من أَجل قواعد الإِسلام ومن جوامع الكلم ويندرج فيه ما لا يُحصى من الأحكام كالصلاة بأنواعها فإنَّه إذا عجز عن بعض أركانها أو شروطها يأتي بالباقي منها، قال النووي: وهذا الحديث موافق لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} .

قوله: (فدعوه) قال الحافظ: ثم إن هذا النهي عام في جميع المناهي ويستثنى من ذلك ما يكره المكلف على فعله كشرب الخمر وهذا على رأي الجمهور، وخالف قوم فتمسكوا بالعموم فقالوا: الإكراه على ارتكاب المعصية لا يبيحها، والصحيح عدم المؤاخذة إذا وُجدت صورة الإكراه المعتبرة اهـ.

ص: 10

3139 -

(1252)(2) حَدَّثَنَا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى. قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ القَطَّانُ) عَنْ عُبَيدِ اللهِ. أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لا تُسَافِر الْمَرْأَةُ ثَلَاثًا، إلا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ".

3140 -

(00)(00) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ نُمَيرٍ

ــ

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:

3139 -

(1252)(2)(حَدَّثَنَا زهير بن حرب ومحمَّد بن المثنَّى قالا: حَدَّثَنَا يحيى) بن سعيد بن فروخ التَّمِيمِيّ البَصْرِيّ (وهو القطَّان عن عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم العمري (أخبرني نافع عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تسافر المرأة ثلاثًا) أي مسيرة ثلاث ليال (إلا ومعها ذو محرم) أي صاحب قرابة لها، وهذا يعم ذوي المحارم سواء كان بالصهر أو بالقرابة وهو قول الجمهور غير أن مالكًا قد كره سفر المرأة مع ابن زوجها وذلك لفساد النَّاس بعد اهـ من المفهم. وقوله:(لا تسافر المرأة ثلاثًا) الح قال الحنفية: فيباح لها الخروج بغير محرم فيما دونها يعني إذا كان لحاجة، قال ابن الهمام: ويُشكل عليه ما في الصحيحين عن قزعة عن أبي سعيد الخُدرِيّ مرفوعًا: "لا تسافر المرأة يومًا إلَّا ومعها زوجها أو ذو محرم منها" وأخرجا عن أبي هريرة مرفوعًا: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلَّا مع ذي محرم عليها" وفي لفظ لمسلم "مسيرة ليلة" وفي لفظ "يوم" وفي لفظ لأبي داود "بريدًا" وهو عند ابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وللطبراني في معجمه ثلاثة أميال فقيل له: إن النَّاس يقولون: ثلاثة أيام فقال: وهموا، قال المنذري: وليس في هذه الروايات تعارض فإنَّه يحتمل أنَّه صلى الله عليه وسلم قالها في مواطن مختلفة بحسب الأسئلة، ويحتمل أن يكون ذلك كله تمثيلًا لأقل الأعداد، واليوم الواحد أول العدد وأقله، والاثنان أول الكثير وأقله، والثلاث أول الجمع فكأنه أشار إلى مثل هذا في قلة الزمن لا يحل لها السفر مع غير محرم فكيف بما زاد اهـ فتح الملهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

3140 -

(00)(00) (حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حَدَّثَنَا عبد الله بن نمير

ص: 11

وَأَبُو أُسَامَةَ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. جَمِيعًا عَنْ عُبَيدِ اللهِ. بِهذَا الإِسْنَادِ. في رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: فَوْقَ ثَلَاثٍ. وَقَال ابْنُ نُمَيرٍ في رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِيهِ: "ثَلَاثَةً إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ".

3141 -

(00)(00) وحدثنا مُحَمَّد بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيكٍ. أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ، تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إلا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ"

ــ

وأبو أسامة ح وحدثنا) محمَّد بن عبد الله (بن نمير حَدَّثَنَا أبي جميعًا) أي كل من عبد الله بن نمير وأبي أسامة (عن عبيد الله) بن عمر (بهذا الإسناد) يعني عن نافع عن ابن عمر، غرضه بيان متابعة ابن نمير وأبي أسامة ليحيى القطَّان، لكن (في رواية أبي بكر) لا تسافر المرأة (فوق ثلاث) ليال (وقال) محمَّد:(بن نمير في روايته عن أَبيه) عبد الله لا تسافر المرأة (ثلاثة) أيام (إلا ومعها ذو محرم) وهذا بيان لمحل المخالفة بين شيخيه.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

3141 -

(00)(00)(وحدثنا محمَّد بن رافع) القشيري النَّيسَابُورِيّ، ثِقَة، من (11)(حَدَّثَنَا) محمَّد بن إسماعيل بن مسلم (بن أبي فديك) مصغرًا يسار الديلي المدنِيُّ، صدوق، من (8)(أخبرنا الضحاك) بن عثمان الحزاميّ المدنِيُّ، صدوق، من (7)(عن نافع عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة الضحاك بن عثمان لعبيد الله بن عمر (عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر) أن (تسافر مسيرة) أي مسافة (ثلاث ليال) مع أيامها (إلا ومعها ذو محرم) لها أي فيحل سفرها معه وهو كل من حرم نكاحها عليه على التأبيد بقرابة أو رضاع أو مصاهرة كما في التحفة، وقال أبو السعود: لا تسافر مع أخيها رضاعًا في زماننا اهـ أي لغلبة الفساد. (قلت): ويؤيده كراهة الخلوة بها كالصهرة الشابة فينبغي استثناء الصهرة الشابة هنا أَيضًا لأن السفر كالخلوة اهـ فتح.

ولم يصرح بذكر الزوج وسيأتي في حديث أبي سعيد قال في الدر المختار: ومع

ص: 12

3142 -

(1253)(3) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أبي شَيبَةَ. جَمِيعًا عَنْ جَرِيرٍ. قَال قُتَيبَةُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ (وَهُوَ ابْنُ عُمَيرٍ) عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ

ــ

زوج أو محرم بالغ عاقل، والمراهق كبالغ غير مجوسي، ولا فاسق مع وجوب النفقة لمحرمها عليها لأنه محبوس عليها، وقولنا: غير مجوسي لأنه يخشى عليها لاعتقاده حل نكاح محرمه، والفاسق الذي الذي لا مروءة له كذلك اهـ فتح الملهم.

قوله: (لا يحل لامرأة) هو على العموم لأن امرأة نكرة في سياق النفي فتدخل فيه الشابة والمسنة الكبيرة وهو قول الكافة، وقال بعض أصحابنا: تخرج منه المسنة إذ حالها كحال الرَّجل في كثير من أمورها، وفيه بُعد لأن الخلوة بها تحرم وما لا يطلع عليه من جسدها غالبًا عورة فالمظنة موجودة فيها والعموم صالح لها فينبغي أن لا تخرج منه والله أعلم اهـ من المفهم.

وقوله: (تؤمن بالله) إلخ مفهومه أن النفي المذكور يختص بالمؤمنات فتخرج الكافرات كتابية كانت أو حربية وقد قال به بعض أهل العلم، وأُجيب بأن الإيمان هو الذي يستمر للمتصف به خطاب الشارع فينتفع به وينقاد له فلذلك قيد به أو أن الوصف ذكر لتأكيد التحريم ولم يقصد به إخراج ما سواه والله أعلم اهـ فتح. وقال القرطبي:(قوله: مسيرة ثلاث أو يومين أو يوم وليلة) لا يتوهم منه أنَّه اضطراب أو تناقض فإن الرواة لهذه الألفاظ من الصَّحَابَة مختلفون، روى بعض ما لم يرو بعض آخر وكل ذلك قاله النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في أوقات مختلفة بحسب ما سئل عليه وأيضًا فإن كل ما دون الثلاث داخل في الثلاث فيصح أن يعين بعضها ويحكم عليها بحكم جميعها فينص تارة على الثلاث وتارة على أقل منها لأنه داخل فيه وقد تقدم الخلاف في أقل مدة السفر في القصر اهـ من المفهم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر بحديث أبي سعيد الخُدرِيّ رضي الله عنهم فقال:

3142 -

(1253)(3)(حدثنا قتيبة بن سعيد وعثمان بن أبي شيبة جميعًا عن جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضَّبِّيّ الكُوفيّ، ثِقَة، من (8) (قال قتيبة: حَدَّثَنَا جرير عن عبد الملك وهو ابن عمير) اللخمي الكُوفيّ، ثِقَة، من (3)(عن قزعة) بن يحيى البَصْرِيّ مولى زياد بن أبي سفيان، ثِقَة، من (3)(عن أبي سعيد) الخُدرِيّ رضي الله عنه. وهذا

ص: 13

قَال: سَمِعْتُ مِنْهُ حَدِيثًا فَأَعْجَبَنِي. فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَال: فَأَقُولُ َعَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ أَسْمَعْ؟ قَال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَشُدُّوا الرِّحَال إلا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ:

ــ

السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد بصري أو اثنان كوفيان وواحد نسائي (قال) قزعة بن يحيى: (سمعت منه) أي من أبي سعيد (حديثًا فأعجبني) ذلك الحديث (فقلت له): أي لأبي سعيد أ (أَنْتَ سمعت هذا) الحديث (من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) أبو سعيد: أ (فأقول) وأكذب (على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم أسمع) منه صلى الله عليه وسلم (قال) قزعة ثم (سمعته) أي سمعت أَبا سعيد الخُدرِيّ (يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الأبي: قول الصحابي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو مسند سواء سمعته منه أو من غيره لأن الصَّحَابَة عدول فقوله: أَنْتَ سمعت تحقيق للأمر لا لغيره اهـ (لا تشدوا) -بفتح التاء وضم الشين والدال المهملة المشددة- بصيغة النهي في مسلم، وفي البُخَارِيّ لا تشد الرحال بصيغة المجهول بلفظ النفي (الرحال) -بكسر الراء المهملة- جمع رحل بفتحها وهو للبعير كالسرج للفرس، وكني بشد الرحال عن السفر لأنه لازمه ومعنى شدها ربطها على ظهر الدواب للركوب عند إرادة السفر وخرج ذكرها مخرج الغالب في ركوب المسافر وإلا فلا فرق بين ركوب الرواحل والخيل والبغال والحمير والمشي بالمعنى المذكور، ويدل عليه قوله في بعض طرقه إنما يسافر أخرجه مسلم من طريق عمران بن أبي أويس عن سلمان الأغر عن أبي هريرة، فشد الرحال كناية عن السفر ولهذا قال ابن عابدين: وما نُسب إلى الحافظ ابن تيمية الحنبلي من أنَّه يقول بالنهي عن زيارة قبره الشريف فقد قال بعض العلماء: إنه لا أصل له، وإنما يقول بالنهي عن شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة أما نفس الزيارة فلا يخالف فيها كزيارة سائر القبور، ومع هذا فقد رد كلامه كثير من العلماء وللإمام السبكي فيه تأليف منيف اهـ فتح الملهم. والاستثناء في قوله:(إلَّا إلى ثلاثة مساجد) مفرغ، والتقدير لا تشد الرحال إلى موضع، ولازمه منع السفر إلى كل موضع غيرها لأن المستثنى منه في المفرغ مقدر بأعم العام لكن يمكن أن يكون المراد بالعموم هنا الموضع المخصوص وهو المسجد كما سيأتي اهـ ابن حجر، فالمراد لا يسافر

ص: 14

مَسْجدِي هذَا، وَالْمَسْجدِ الْحَرَامِ، وَالْمَسْجدِ الأقْصَى". وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:"لا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ يَوْمَينِ مِنَ الدَّهْرِ إلا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا، أَوْ زَوْجُهَا"

ــ

لمسجد للصلاة فيه إلَّا لهذه الثلاثة لا أنَّه لا يسافر أصلًا إلَّا لها (مسجدي هذا) يعني المسجد النبوي بالجر على البدلية، ويجوز القطع إلى الرفع أو النصب (والمسجد الحرام) والمراد به جميع الحرم، وقيل: يختص بالموضع الذي يصلي فيه دون البيوت وغيرها من أجزاء الحرم (والمسجد الأقصى) أي بيت المقدس، وسمي بالأقصى لبعده عن المسجد الحرام في المسافة بالنسبة إلى مسجد المدينة لأنه بعيد عن مكة والبيت المقدس أبعد منه، وفي هذا الحديث فضيلة هذه المساجد الثلاثة ومزيتها على غيرها لكونها مساجد الأنبياء ولأن الأول أُسس على التقوى، والثاني قبلة النَّاس وإليه حجهم، والثالث: كان قبلة الأمم السالفة وقبلة المسلمين في الأوائل، قال قزعة بن يحيى:(وسمعته) أي سمعت أَبا سعيد (يقول): قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر المرأة يومين) أي مسيرة يومين (من الدهر إلَّا ومعها ذو محرم) وقرابة (منها أو) ومعها (زوجها). وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [2726] ، والتِّرمذيّ [1169] ، وابن ماجه [2898].

قال القرطبي: ومعنى قوله: (لا تشدوا الرحال إلَّا إلى ثلاثة مساجد) أي لا تسافروا لمسجد لفعل قربة فيه إلَّا إلى هذه المساجد الثلاثة لأفضليتها ومزيتها على غيرها من المساجد، ولا خلاف في أن هذه المساجد الثلاثة أفضل من سائر المساجد كلها، ومقتضى هذا النهي أن من نذر المشي أو المضي إلى مسجد من سائر المساجد للصلاة فيه ما عدا هذه الثلاثة وكان منه على مسافة يحتاج فيها إلى إعمال المطي وشد رحالها لم يلزمه ذلك إلَّا أن يكون نذر مسجدًا من هذه المساجد الثلاثة، وقد ألحق محمَّد بن مسلمة مسجد قباء بهذه المساجد الثلاثة فصار شد الرحال في هذا الحديث عبارة عن السفر البعيد فأما لو كان المسجد قريبًا منه لزمه المضي إليه إذا نذر الصلاة فيه إذ لم يتناوله هذا النهي اهـ مفهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخُدرِيّ رضي الله عنه فقال:

ص: 15

3143 -

(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّد بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيرٍ. قَال: سَمِعْتُ قَزَعَةَ. قَال: سَمِعْتُ أَبا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَال: سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعًا. فَأَعْجَبْنَنِي وَآنقْنَنِي. نَهَى أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ مَسِيرَة يَوْمَينِ إلا وَمَعَهَا زَوْجُهَا

ــ

3143 -

(00)(00)(وحدثنا محمَّد بن المثنَّى حَدَّثَنَا محمَّد بن جعفر) الهذلي البَصْرِيّ المعروف بغندر (حَدَّثَنَا شعبة عن عبد الملك بن عمير) اللخمي الكُوفيّ (قال: سمعت قزعة) بن يحيى البَصْرِيّ (قال: سمعت أَبا سعيد الخُدرِيّ) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة شعبة لجرير بن عبد الحميد (قال) أبو سعيد:(سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أوبعًا) من الخصال، وتلك الأربع هي التي ذكرت في رواية غير مسلم، قال قزعة: سمعت أَبا سعيد يحدّث بأربع عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأعجبْنَني وآنقنني (الأولى): لا تسافر امرأة ثلاثًا إلَّا ومعها زوجها أو ذو محرم (خ م)، (والثانية): ولا صوم في يومين يوم الفطر ويوم الأضحى (خ م س ق). (والثالثة): ولا صلاة بعد الصبح حتَّى تطلع الشَّمس ولا بعد العصر حتَّى تغرب (خ ق). (والرابعة): ولا تشد الرحال إلَّا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي (خ م ت ف) اهـ من تحفة الأشراف. (فأعجبنني) أي أعجبني تلك الأربع لحسنها وغرابتها (وآنقنني) بالمد ثم نون مفتوحة ثم قاف ساكنة بعدها نونان يقال: آنقه كذا إذا أعجبه وعشقه، وشيء مونق أي معجب، قال المازري: معنى آنقنني أعجبنني، وصح تكرار المعنى لاختلاف اللفظ، والعرب تفعل ذلك لقصد البيان والتأكيد، ومنه قوله تعالى:{أُولَئِكَ عَلَيهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} والصلاة من الله تعالى هي الرحمة، ومنه أَيضًا {حَلَالًا طَيِّبًا} والطيب هو الحلال اهـ. قال الأبي: ما في الحديث هو من عطف الشيء على نفسه ولا يجوز إلَّا مع اختلاف اللفظ كما في الحديث، ومنه قوله:

فألْفَى قولها كذبًا ومينَا

والمين: هو الكذب، وحلالًا طيبًا هو من التأكيد اللفظي، والتأكيد اللفظي هو تكرار اللفظ بعينه أو بمرادفه ويكون في الاسم والفعل والحرف كما هو مبين في فن النحو اهـ (نهى) عن (أن تسافر المرأة مسيرة يومين إلَّا ومعها زوجها) ذكر الزوج ورد في هذه الرواية والتي قبلها وفي حديث أبي سعيد الآتي، فلا بد من إلحاقِهِ بالمحرم في

ص: 16

أَوْ ذُو مَحْرَمٍ. وَاقْتَصَّ بَاقِي الْحَدِيثِ.

3144 -

(00)(00) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَهْمِ بْنِ مِنْجَابٍ، عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ أبي سعيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ ثَلَاثًا، إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ".

3145 -

(00)(00) وحدثني أَبُو غَسَّان الْمِسْمَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. جَمِيعًا عَنْ

ــ

جواز السفر معه كما في المبارق فالروايات التي لم يذكر فيها الزوج محمولة على التي ذكر فيها (أو ذو محرم) والمراد بالمحرم من حرم عليه نكاحها بسبب قرابة أو رضاع أو مصاهرة بشرط أن يكون الرَّجل مكلفًا ليس بمجوسي ولا غير مأمون، ويشترط في المرأة أَيضًا أن لا تكون معتدة كما في المرقاة (واقتص) شعبة أي ذكر (باقي الحديث) الذي رواه جرير يعني قوله: لا تشدوا الرحال الخ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي سعيد الخُدرِيّ رضي الله عنه فقال:

3144 -

(00)(00)(حدثنا عثمان بن أبي شيبة حَدَّثَنَا جرير) بن عبد الحميد (عن مغيرة) بن مقسم الضَّبِّيّ الكُوفيّ، ثِقَة، من (6)(عن إبراهيم) بن يزيد النَّخَعيّ الكُوفيّ (عن سهم بن منجاب) -بكسر الميم وسكون النُّون- ابن راشد الضبي الكُوفيّ، روى عن قزعة بن يحيى في الحج، ويروي عنه (م د س ق) وإبراهيم النَّخَعيّ وضرار بن مرة، قال النَّسائيّ: ثِقَة، وقال العجلي: تابعي كُوفِيّ ثِقَة، وقال في التقريب: ثِقَة، من (3) الثالثة (عن قزعة) بن يحيى البَصْرِيّ، ثِقَة، من (3)(عن أبي سعيد الخُدرِيّ) رضي الله عنه. وهذا السند من سباعياته، غرضه بيان متابعة سهم بن منجاب لعبد الملك بن عمير في رواية هذا الحديث عن قزعة (قال) أبو سعيد:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة ثلاثًا) من الليالي مع أيامها أي مسيرتها (إلا مع ذي محرم).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا فقال:

3145 -

(00)(00)(وحدثني أبو غسان) مالك بن عبد الواحد (المسمعي) نسبة إلى أحد أجداده البَصْرِيّ، ثِقَة، من (10)(ومحمَّد بن بشار) العبدي البَصْرِيّ (جميعًا عن

ص: 17

مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ. قَال أبُو غَسَّان: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ. حَدَّثَني أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ أَبِي سعيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أن نَبِيَّ الله صلى الله عليه وسلم قَال:"لا تُسَافِرِ امْرَأَةٌ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ".

3146 -

(00)(00) وحدّثناه ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، بِهذا الإِسْنَادِ. وَقَال:"أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ، إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ".

3147 -

(1254)(4) حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ أَبَا

ــ

معاذ بن هشام) الدستوائي البَصْرِيّ (قال أبو غسان: حَدَّثَنَا معاذ) بن هشام بصيغة السماع (حدثني أبي) هشام بن أبي عبد الله سنبر الدستوائي البَصْرِيّ (عن قتادة) بن دعامة البَصْرِيّ (عن قزعة) بن يحيى البَصْرِيّ (عن أبي سعيد الخُدرِيّ) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة قتادة لسهم بن منجاب وعبد الملك بن عمير، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون إلَّا أَبا سعيد الخُدرِيّ (أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تسافر امرأة فوق ثلاث ليال) مع أيامها (إلَّا مع ذي محرم) لها.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أبي سعيد رضي الله عنه فقال:

3146 -

(00)(00)(وحدثناه) أي حَدَّثَنَا الحديث المذكور يعني حديث أبي سعيد الخُدرِيّ رضي الله عنه (ابن المثنَّى حَدَّثَنَا) محمَّد بن إبراهيم (بن أبي عدي) السلمي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (9)(عن سعيد) بن أبي عروبة مهران اليشكري البَصْرِيّ، ثِقَة، من (6)(عن قتادة) بن دعامة البَصْرِيّ. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سعيد بن أبي عروبة لهشام الدستوائي (بهذا الإسناد) يعني عن قزعة عن أبي سعيد الخُدرِيّ (و) لكن (قال) سعيد:(أكثر من ثلاث) ليال (إلَّا مع ذي محرم).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث أبي هريرة رضي الله عنهم فقال:

3147 -

(1254)(4)(حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد حَدَّثَنَا ليث) بن سعد المصري (عن سعيد بن أبي سعيد) المقبري كيسان المدنِيُّ (عن أَبيه) أبي سعيد المقبري المدنِيُّ (أن أَبا

ص: 18

هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ لَيلَةٍ، إلا وَمَعَهَا رَجُلٌ ذُو حُرْمَةٍ مِنْهَا".

3148 -

(00)(00) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَال:"لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَومٍ، إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ"

ــ

هريرة قال) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد مصري وواحد بلخي (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة مسلمة) أن (تسافر مسيرة ليلة) مع يومها (إلا ومعها رجل ذو حرمة) وقرابة (منها) وهو من لا يحل له نكاحها لحرمتها على التأبيد، وقولنا لحرمتها احتراز عن الملاعنة فإن تحريمها ليس لحرمتها بل للتغليظ، وقولنا على التأبيد احتراز عن أخت الزوجة اهـ من المبارق. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ [1088] ، وأبو داود [1724] ، والتِّرمذيّ [1170] ، وابن ماجه [2899].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3148 -

(00)(00)(حَدَّثني زهير بن حرب حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد) القطَّان البَصْرِيّ (عن) محمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة بن الحارث (بن أبي ذئب) هشام بن شعبة القُرشيّ العامري أبي الحارث المدنِيُّ، ثِقَة، من (7)(حَدَّثَنَا سعيد بن أبي سعيد) المقبري (عن أَبيه) أبي سعيد المقبري (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة ابن أبي ذئب لليث بن سعد (عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن باللهِ واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم) مع ليلتها (إلا مع ذي محرم) وفي أبواب التقصير من صحيح البُخَارِيّ (أن تسافر) كما في الرواية الآتية، فما وقع في طريق أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة من رفع المضارع بإسقاط أن المصدرية فعلى حد قولهم تسمع بالمعيدي اهـ من بعض الهوامش. قال القرطبي: قوله: (مسيرة يوم) في هذه الطريقة و (مسيرة ليلة) في الطريقة التي قبلها يقال فيه لما كان ذكر أحدهما يدل على الآخر ويستلزمه اكتفى بذكر أحدهما عن الآخر، وقد جمعهما في الرواية الآتية حيث قال مسيرة يوم وليلة، والروايات يُفسر بعضها بعضًا، وقد وقع في بعض الروايات لا تسافر

ص: 19

3149 -

(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ َعَلَى مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيلَةٍ، إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيهَا"

ــ

إلَّا مع ذي محرم، ولم يذكر مدة فيقتضي بحكم إطلاقه منع السفر قصيره وطويله اهـ من المفهم، واختلفت الروايات في مدة المسير ففي بعضها مسيرة يوم، وفي بعضها مسيرة ليلة، وفي بعضها مسيرة يوم وليلة، وفي بعضها مسيرة يومين، وفي بعضها مسيرة ثلاث، قال النووي: الروايات كلها صحيحة لكن لم يرد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تحديد المدة بل المراد حرمة السفر للمرأة بغير محرم، والاختلاف وقع لاختلاف السائلين، ويؤيده إطلاق رواية ابن عباس لا تسافر امرأة إلَّا مع ذي رحم محرم اهـ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3149 -

(00)(00)(حدثنا يحيى بن يحيى) التَّمِيمِيّ (قال: قرأت على مالك) بن أنس المدنِيُّ (عن سعيد بن أبي سعيد) المقبري المدنِيُّ (عن أَبيه) أبي سعيد المقبري (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة مالك لابن أبي ذئب (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلَّا مع ذي محرم) أي قرابة (عليها) أي لها، قال النواوي: هكذا وقع هذا الحديث في نسخ بلادنا عن سعيد عن أَبيه، قال القاضي عياض: وكذا وقع في النسخ عن الجلودي وأبي العلاء والكسائي وكذا رواه مسلم في الإسناد السابق قبل هذا عن قتيبة عن الليث عن سعيد عن أَبيه وكذا رواه البُخَارِيّ ومسلم من رواية ابن أبي ذئب عن سعيد عن أَبيه، قال: واستدرك الدارقطني عليهما إخراجهما هذا عن ابن أبي ذئب وعلى مسلم إخراجه إياه عن الليث عن سعيد عن أَبيه، وقال: الصواب عن سعيد عن أبي هريرة من غير ذكر أَبيه، واحتج بأن مالكًا ويحيى بن أبي كثير وسهيلًا قالوا: عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، ولم يذكروا عن أَبيه قال: والصحيح عن مسلم في حديثه هذا عن يحيى بن يحيى عن مالك عن سعيد عن أبي هريرة من غير ذكر أَبيه، وكذا ذكره أبو مسعود الدِّمشقيّ، وكذا رواه معظم رواة الموطإ عن مالك، قال الدارقطني: ورواه

ص: 20

3150 -

(00)(00) حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا بِشْرُ (يَعْنِي ابْنَ مُفَضَّلٍ) حَدَّثَنَا سُهَيلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لا مْرَأَةٍ أَنْ تُسَافِرَ ثَلَاثًا، إلا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا".

3151 -

(1255)(5) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. جَمِيعًا عَنْ

ــ

الزهراني والفرْوي عن مالك فقالا: عن سعيد عن أَبيه. هذا كلام القاضي (قلت): وذكر خلف الواسطيّ في الأطراف أن مسلمًا رواه عن يحيى بن يحيى عن مالك عن سعيد عن أَبيه عن أبي هريرة، وكذا رواه أبو داود في كتاب الحج من سننه، والتِّرمذيّ في النكاح عن الحسن بن عليّ عن بشر بن عُمَر عن مالك عن سعيد عن أَبيه عن أبي هريرة، قال التِّرْمِذِيّ: حديث حسن صحيح، ورواه أبو داود في الحج أَيضًا عن القعنبي والعلاء عن مالك عن يوسف بن موسى عن جرير كلاهما عن سهيل عن سعيد عن أبي هريرة فحصل اختلاف ظاهر بين الحُفاظ في ذكر أَبيه، فلعله سمعه عن أَبيه عن أبي هريرة، ثم سمعه عن أبي هريرة نفسه فرواه تارة كذا وتارة كذا، وسماعه عن أبي هريرة صحيح معروف، والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ من النواوي.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

3150 -

(00)(00)(حدثنا أبو كامل الجحدري) فضيل بن حسين البَصْرِيّ (حَدَّثَنَا بشر يعني ابن مفضل) بن لاحق الرَّقاشيّ مولاهم البَصْرِيّ، ثِقَة، من (8)(حَدَّثَنَا سهيل بن أبي صالح) ذكوان السمان أبو يزيد المدنِيُّ صدوق، من (6)(عن أَبيه) أبي صالح ذكوان السمان القيسي مولاهم المدنِيُّ ثِقَة، من (3) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة أبي صالح السمان لأبي سعيد المقبري (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثًا) من الليالي مع أيامها (إلا ومعها ذو محرم منها).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر ثالثًا بحديث آخر لأبي سعيد الخُدرِيّ رضي الله عنه فقال:

3151 -

(1255) (وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُريب جميعًا عن

ص: 21

أَبِي مُعَاويَةَ. قَال أَبُو كُرَيبٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سعيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا يَكُونُ ثَلَاثةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا، إلا وَمَعَهَا أَبُوهَا أَو ابْنُهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا".

3152 -

(00)(00) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ الأشَجُّ. قَالا: حَدَّثَنَا وكيعٌ. حَدَّثَنَا الأعْمَشُ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ

ــ

أبي معاوية قال أبو كُريب: حَدَّثَنَا أبو معاوية عن الأَعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخُدرِيّ) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أبو سعيد: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرًا يكون) مقدار مسافته (ثلاثة أيام) أي مسيرة ثلاثة أيام (فصاعدًا) أي فما فوقها، وقوله:(فصاعدًا) من الحال التي بيِّن بها ازدياد في مقدار شيئًا فشيئًا فحذف عاملها وجوبًا لقيام الحال مقامه، ويشترط لنصب هذه الحال كونها مصحوبة بالفاء أو بثم دون الواو لفوات معنى التدريج معها نظير قولهم: بعته بدرهم فصاعدًا، والفاء عاطفة للعامل المحذوف على ما قبلها، والتقدير هنا: سفرًا يكون مقداره ثلاثة أيام فزاد مقداره أو ذهب مقداره صاعدًا إلى فوق كما هو مبين في محله (إلَّا ومعها أبوها) والاستثناء من أعم الأحوال أي لا يحل لها أن تسافر سفرًا يكون ثلاثة أيام فأكثر في حال من الأحوال إلَّا والحال أن معها أباها (أو ابنها) الكبير أو المميز لا الصغير الذي لا يُستحيى منه كابن سنتين أو ثلاث أو أربع مثلًا (أو زوجها) الكبير أو المميز (أو أخوها) كذلك (أو ذو محرم) وقرابة (منها) كعمها وخالها. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود والتِّرمذيّ وابن ماجه اهـ تحفة الأشراف.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد هذا رضي الله عنه فقال:

3152 -

(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد) عبد الله بن سعيد بن حصين (الأَشَج) الكندي الكُوفيّ (قالا: حَدَّثَنَا وكيع حَدَّثَنَا الأَعمش بهذا الإسناد) يعني عن أبي صالح عن أبي سعيد، وساق وكيع (مثله) أي مثل ما روى أبو معاوية عن الأَعمش، غرضه بيان متابعة وكيع لأبي معاوية.

ص: 22

3153 -

(1256)(6) حدَّثنا أَبُو بَكرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ. قَال أَبُو بَكرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أبي مَعْبَدٍ. قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: سَمِعتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَقُولُ: "لَا يَخلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ

ــ

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث ابن عمر بحديث ابن عباس رضي الله عنهم فقال:

3153 -

(1256)(6)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب كلاهما عن سفيان) بن عيينة (قال أبو بكر: حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة) بصيغة السماع (حَدَّثَنَا عمرو بن دينار) الجمحي المكيّ (عن أبي معبد) نافذ -بفاء ومعجمة- مولى ابن عباس المكيّ ثِقَة، من (4) روى عنه في (3) أبواب (قال: سمعت ابن عباس يقول): وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان واثنان كوفيان أو كُوفِيّ ونسائي وواحد طائفي (سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يخطب) النَّاس ويعظهم، وجملة قوله:(يقول) بدل من جملة يخطب أي سمعته يقول في خطبته: (لا يخلون رجل بامرأة) أي لا ينفرد رجل منكم بامرأة أجنبية شابة أو عجوزة أكد النهي بنون التوكيد الثقيلة مبالغة في النهي قاله ملا علي: (إلَّا ومعها ذو محرم) قال النووي: هذا استثناء منقطع لأنه متى كان معها محرم لم تبق خلوة، فتقدير الحديث لا يقعدن رجل مع امرأة إلَّا ومعها محرم ولو كان معها زوجها كان كالمحرم وأولى بالجواز اهـ، قال النووي: يحتمل أن يريد محرمًا لها فقط، ويحتمل أن يريد محرمًا لها أو له وهذا الاحتمال الثاني هو الجاري على قواعد الفقهاء فإنَّه لا فرق بين أن يكون معها محرم لها كابنها وأخيها واأمها وأختها أو يكون محرم له كأخته وبنته وعمته وخالته فيجوز القعود معها في هذه الأحوال، ثم إن الحديث مخصوص أَيضًا بالزوج فإنَّه لو كان معها زوجها كان كالمحرم وأولى بالجواز كما مر آنفًا، وأما إذا خلا الأجنبي بالأجنبية من غير ثالث معهما فهو حرام باتفاق العلماء، وكذا لو كان معهما من لا يستحيى منه لصغره كابن سنتين وثلاث ونحو ذلك فإن وجوده كالعدم، وكذا لو اجتمع رجال بامرأة أجنبية فهو حرام بخلاف ما لو اجتمع رجل بنسوة أجنبيات فإن الصحيح جوازه ويستثنى من هذا كله مواضع الضرورة بأن يجد امرأة أجنبية منقطعة في الطريق أو نحو ذلك فيباح له استصحابها بل يلزمه ذلك أَيضًا إذا خاف عليها

ص: 23

وَلَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ" فَقَامَ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُول اللهِ! إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً. وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ في غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا. قَال: "انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ"

ــ

لو تركها وهذا لا اختلاف فيه كما يدل عليه حديث عائشة في قصة الإفك والله أعلم.

(ولا تسافر المرأة) بصيغة النهي أي سفر كان طويلًا أو قصيرًا (إلا مع ذي محرم) يستحيى منه (فقام رجل) من الحاضرين لم أر من ذكر اسمه (فقال: يَا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة) أي أرادت الخروج للسفر قاصدة للحج وليس معها أحد من المحارم، وفي رواية وامرأتي تريد الحج (وإني اكتتبت) بالبناء للمجهول المسند إلى المتكلم من باب الافتعال أي كتب اسمي في أسماء من عُين (في غزوة كذا وكذا) أي أثبت اسمي فيمن يخرج فيها، قال القرطبي: أي ألزمت وأثبت اسمي في ديوان ذلك البعث اهـ مفهم، ولم أر من عين تلك الغزوة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(انطلق) أي اذهب (فحج مع امرأتك) فيه تقديم الأهم إذ في الجهاد يقوم غيره مقامه بخلاف الحج معها اهـ نووي، قال الحافظ: أخذ بظاهره بعض أهل العلم فأوجب على الزوج السفر مع امرأته إذا لم يكن لها غيره وبه قال أَحْمد وهو وجه للشافعية، والمشهور أنَّه لا يلزمه كالولي في الحج عن المريض فلو امتنع إلَّا بأجرة لزمتها لأنها من سبيلها فصار في حقها كالمؤنة، واستدل به على أنَّه ليس للزوج منع امرأته من حج الفرض وبه قال أَحْمد وهو وجه للشافعية، والأصح عندهم أن له منعها لكون الحج على التراخي، وأما ما رواه الدارقطني من طريق إبراهيم الصائغ عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا في امرأة لها زوج ولها مال ولا يأذن لها في الحج فليس لها أن تنطلق إلَّا بإذن زوجها، فأجيب عنه بأنه محمول على حج التطوع عملًا بالحديثين، ونقل ابن المنذر الإجماع على أن للرجل منع زوجته من الخروج في الأسفار كلها وإنما اختلفوا فيما كان واجبًا اهـ فتح الملهم.

قال القرطبي: (قوله: انطلق فحج مع امرأتك) هو فسخ لما كان التزم من المضي للجهاد ويدل على تأكد أمر صيانة النساء في الأسفار وعلى أن الزوج أحق بالسفر مع زوجته من ذوي رحمها ألا ترى أنَّه لم يسأله هل لها محرم أم لا، ولأن الزوج يطلع من الزوجة على ما لا يطلع منها ذو المحرم فكان أولى فإذًا قوله صلى الله عليه وسلم في

ص: 24

3154 -

(00)(00) وحدّثناه أبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرٍو، بِهذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

3155 -

(00)(00) وحدّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ (يَعْنِي ابْنَ سُلَيمَانَ) الْمَخْزُومِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ:"لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ"

ــ

الأحاديث إلَّا ومعها ذو محرم إنما خرج خطابًا لمن لا زوج لها والله أعلم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أَحْمد [1/ 222] ، والبخاري [3006].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

3154 -

(00)(00)(وحدثناه أبو الرَّبيع الزهراني) سليمان بن داود البَصْرِيّ (حدثنا حماد) بن زيد الأَزدِيّ البَصْرِيّ (عن عمرو) بن دينار (بهذا الإسناد) يعني عن أبي معبد عن ابن عباس (نحوه) أي نحو ما حدّث سفيان عن عمرو والغرض بيان متابعة حماد لسفيان.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

3155 -

(00)(00)(وحدثنا) محمَّد (بن أبي عمر) العدني المكيّ (حَدَّثَنَا هشام يعني ابن سليمان) بن عكرمة بن خالد (المخزومي) المكيّ، مقبول، من (8)(عن ابن جريج بهذا الإسناد) يعني عن عمرو عن أبي معبد عن ابن عباس (نحوه) أي نحو ما حدّث سفيان عن عمرو، غرضه بيان متابعة ابن جريج لسفيان (و) لكن (لم يذكر) ابن جريج قوله:(لا يخلون رجل بامرأة إلَّا ومعها ذو محرم) وهذا بيان لمحل المخالفة.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث، الأول: حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثاني: حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثالث: حديث أبي سعيد الخُدرِيّ ذكره للاستشهاد به لحديث ابن عمر وذكر فيه أربع متابعات، والرابع: حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستشهاد به لحديث ابن عمر وذكر فيه ثلاث متابعات،

ص: 25

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والخامس: حديث أبي سعيد الثاني ذكره للاستشهاد به لحديث ابن عمر وذكر فيه متابعة واحدة، والسادس: حديث ابن عباس ذكره للاستشهاد به لحديث ابن عمر وذكر فيه متابعتين والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 26