الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
524 - (10) باب فضل المساجد الثلاثة وبيان المسجد الذي أُسس على التقوى وفضل مسجد قباء
3265 -
(1314)(64) حدّثني عَمْرو النَّاقِدُ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْب. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَينَةَ. قَال عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:"لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاثةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هَذَا، وَمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى"
ــ
524 -
(10) باب فضل المساجد الثلاثة وبيان المسجد الذي أُسس على التقوى وفضل مسجد قباء
3265 -
(1314)(64)(حدثني عمرو) بن محمد بن بكير بن شابور (الناقد) البغدادي (وزهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (جميعًا عن ابن عيينة قال عمرو: حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد) بن المسيب المخزومي المدني (عن أبي هريرة) حالة كونه (يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم أي يرفعه إليه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد كوفي وواحد إما بغدادي أو نسائي، أنه قال: (لا تشد) بالبناء للمفعول (الرحال) نائب فاعل أي لا ترحل الرواحل والمراكب إلى أيِّ مسجد (إلا إلى) واحد من (ثلاثة مساجد) فإنها ترحل إليها لفضلها على غيرها، قال القاضي عياض: شد الرحال كناية عن السفر البعيد، وقد فسر هذا المعنى بقوله في الحديث الآخر إنما يسافر لثلاثة مساجد فالمعنى لا يسافر لمسجد بعيد للصلاة فيه إلا لأحد الثلاثة، واختصت الثلاثة بذلك لفضلها على غيرها، وجملة الشد خبرية اللفظ إنشائية المعنى فهي في معنى النهي وهو أبلغ في ثبوت الحكم من صريح النهي لأنه يعطي أن الحكم ثبت وتقرر حتى صار يخبر عنه اهـ من الأبي، ولا يقال: إن النهي عن شد الرحال عام مخصوص لجواز شده لطلب العلم والجهاد ولزيارة الصالحين على قول من يقول بجواز شدها لزيارتهم لأن هذه المذكورات لا يتناولها اللفظ حتى يخصص اهـ أبي. والمعنى لا تشدوا إلى غيرها لأن ما سوى الثلاثة متساو في الرتبة غير متفاوت في الفضيلة وكان الترحل إليه ضائعًا وعبثًا اهـ من المرقاة (مسجدي هذا) بدل من الثلاثة بدل تفصيل من مجمل (ومسجد الحرام ومسجد الأقصى) قال الأبي: ليس هذا من باب إضافة الشيء إلى نفسه المتفق على منعها، وإنما هي من إضافة الموصوف إلى صفته المختلف في جوازها
3266 -
(00)(00) وحدّثناه أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الأعلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهذَا الإِسْنَادِ. غَيرَ أَنَّهُ قَال:"تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَى ثَلاثَّةِ مَسَاجِدَ"
ــ
فيجيزها الكوفيون ويمنعها البصريون ويتأولون ما جاء منها على حذف موصوف، فالتقدير مسجد المكان الحرام ومسجد المكان الأقصى كما يقال مسجد المكان الجامع، ومنه قوله تعالى:{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} أي المكان الغربي ونظائره كثير في كلامهم، قال النووي: وسُمي الأقصى لبعده عن المسجد الحرام.
قال القرطبي: ولا شك في أن هذه المساجد الثلاثة إنما خصت بهذا لفضلها على سائر المساجد فمن قال: لله على صلاة في أحدها وهو في غيرها، فعليه إتيانها بعد أو قرب، فإن قال: ماشيًا فلا يلزمه المشي على المشهور إلا في مسجد مكة خاصة، وأما المسجدان الآخران فالمشهور أنه لا يلزم المشي إليهما من نذره ويأتيهما راكبًا، وقال ابن وهب: يأتيهما ماشيًا كما سمَّى وهو القياس لأن المشي إلى مكة إنما يلزم من حيث إنه كان قربة موصلة إلى عبادة تفعل في مسجد له حرمة عظيمة فكذلك يلزم كل مشي قربة بتلك الصفة ولا يلزمه المشي إلى سائر المساجد لأن البعيد منها قد نُهي عن السفر إليها والقريبة منها متساوية الفضيلة فيصلي حيث شاء منها، وقد قال بعض أصحابنا: إن كانت قريبة على أميال يسيرة فيأتيها وإن نذر أن يأتيها ماشيًا أتى ماشيًا لأن المشي إلى الصلاة طاعة ترفع به الدرجات وتحط به الخطايا، وقد ذهب القاضي إسماعيل إلى أن من قال: عليّ المشي إلى المسجد أُصلي فيه فإنه يأتي راكبًا إن شاء ويدخل مكة محرمًا وأحل المساجد الثلاثة محلًا واحدًا، وسيأتي لهذا مزيد بيان في النذر إن شاء الله تعالى اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [234]، والبخاري [1189]، وأبو داود [2032]، والنسائي [2/ 37]، وابن ماجه [1409].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
3266 -
(00)(00)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي البصري، ثقة، من (8)(عن معمر) بن راشد الأزدي البصري، ثقة، من (7)(عن الزهري بهذا الإسناد) يعني عن سعيد عن أبي هريرة، غرضه بيان متابعة معمر لسفيان (غير أنه) أي لكن أن معمرًا (قال) في روايته:(تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد) بلا ذكر لا النافية وإلا الاستثنائية.
3267 -
(00)(00) وحدّثنا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيلِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ؛ أَن عِمْرَانَ بْنَ أَبِي أَنَسٍ حَدَّثهُ؛ أَن سَلْمَانَ الأَغَرَّ حَدَّثَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يُخْبِرُ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِنَّمَا يُسَافَرُ إِلَى ثَلاثةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ، وَمَسْجِدِي، وَمَسْجِدِ إِيلِيَاءِ".
3268 -
(1315)(65) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ
ــ
ثم ذكر رحمه الله تعالى المتابعة فيه ثانيًا فقال:
3267 -
(00)(00)(وحدثنا هارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي (الأيلي) ثقة، من (10)(حدثنا) عبد الله (ابن وهب) بن مسلم القرشي المصري، ثقة، من (9)(حدثني عبد الحميد بن جعفر) بن عبد الله بن الحكم بن رافع الأنصاري أبو الفضل المدني، صدوق، من (6)(أن عمران بن أبي أنس) القرشي المصري نزيل الإسكندرية، ثقة، من (5) روى عنه في (4) أبواب (حدّثه أن سلمان الأغر) الجهني مولاهم أصله من أصبهان أبا عبد الله المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (4) أبواب (حدّثه) أي حدّث لعمران (أنه سمع أبا هريرة) رضي الله عنه (يُخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال): وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة سلمان الأغر لسعيد بن المسيب (إنما يسافَر إلى ثلاثة مساجد) وكلمة إنما أداة حصر بمعنى ما النافية وإلا المثبتة، والتقدير لا يسافر إلى أي مسجد كان إلا إلى ثلاثة مساجد (مسجد الكعبة) والإضافة فيه للمجاورة وهو بدل بعض من ثلاثة (ومسجدي هذا) يعني المسجد النبوي (ومسجد إيلياء) وهو بيت المقدس، وفي لفظ إيلياء ثلاث لغات أقصحها وأشهرها هذه الواقعة هنا إيلياء بكسر الهمزة واللام بالمد، والثانية كذلك إلا أنه مقصور، والثالثة إلياء بحذف الياء الأولى وبالمد، وفي هذا الحديث فضيلة المساجد الثلاثة وفضيلة شد الرحال إليها لأن معناه عند جمهور العلماء لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غيرها، وقال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا: يحرم شد الرحال إلى غيرها وهو غلط اهـ.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
3268 -
(1315)(65)(حدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيدٍ الْخَرَّاطِ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَال: مَرَّ بِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَال: قُلْتُ لَهُ: كَيفَ سَمِعْتَ أبَاكَ يَذْكُرُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى؟ قَال: قَال أَبِي: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيتِ بَعْضِ نِسَائِهِ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَيُّ الْمَسْجِدَينِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى؟ قَال: فَأخَذَ كفًّا مِنْ حَصْبَاءَ فَضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ. ثُمَّ قَال: "هُوَ مَسجِدُكُمْ هذَا"(لِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ)
ــ
(حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ التميمي البصري المعروف بالقطان (عن حميد) بن زياد (الخراط) أي صخر المدني، صدوق، من (6) (قال) حميد:(سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني، ثقة، من (3) (قال) أبو سلمة:(مر بي) أي مر عليّ (عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك الأنصاري الخزرجي أبو محمد المدني، ثقة، من (3) (قال) أبو سلمة:(قلت له): أي لعبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري (كيف سمعت أباك) أبا سعيد الخدري، حالة كونه (يذكر) ويحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث الذي ورد (في) بيان فضل (المسجد الذي أُسس) أي وُضع وبُني (على التقوى) من الله والإخلاص له (قال) عبد الرحمن:(قال أبي) أبو سعيد الخدري رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد بصري وواحد بغدادي، وفيه التحديث والسماع والقول، ورواية تابعي عن تابعي (دخلت) يومًا (على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو (في بيت بعض نسائه) أي أزواجه لم أر من ذكر اسم ذلك البعض (فقلت) له:(يا رسول الله أي المسجدين) أي أي مسجد من المسجدين مسجد المدينه ومسجد قباء هو (الذي أُسس)، وبُني (على التقوى) والإخلاص المذكور في القرآن (قال) أبو سعيد الخدري:(فأخذ) النبي صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة (كفًّا) أي قبضة (من حصباء فضرب به) أي بذلك المأخوذ من الحصى (الأرض، ثم قال: هو) أي المسجد الذي أُسس على التقوى (مسجدكم هذا) القريب منا، قال أبو سعيد يشير النبي صلى الله عليه وسلم بقوله هذا (لمسجد المدينة) المسجد النبوي، قال عياض: هذا نص في أنه مسجد المدينة، وفيه رد لما يقوله بعض المفسرين إنه مسجد قباء، وضربه الأرض بالحصباء مبالغة في البيان، والحصباء الحصى الصغار، قال الأبي: ولا يقال فيه تأخير البيان لأنه لم يبينه إلا الآن لجواز تقدم البيان،
قَال: فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ أَبَاكَ هكَذَا يَذكُرُهُ
ــ
وإنما تأخر بالنسبة إلى هذا السائل الخاص وليس التأسيس على التقوى خاصًّا بمسجد المدينة، وإنما سئل عنه من حيث ما المراد به في الآية اهـ لكن الرد على من قال من المفسرين أنه مسجد قباء ليس هينًا لأن في سياق الآية الكريمة مؤيد ذلك فإن المفسرين لم يختلفوا في أن قوله تعالى:{فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} نزل في أهل قباء كما يظهر بالمراجعة لكتبهم، وقال بعضهم: كل من المسجدين مراد في الآية لأن كلًّا منهما أسس على التقوى من أول يوم تأسيسه، والسر في التخصيص الواقع في جواب النبي صلى الله عليه وسلم دفع ما توهمه السائل من اختصاص ذلك بمسجد قباء والتويه بمزية هذا على ذاك اهـ، قال حميد بن زياد الخراط:(قال) أبو سلمة بن عبد الرحمن: (فقلت) لعبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري (أشهد أني سمعت أباك) أبا سعيد الخدري (هكذا) أي مثل هذا الذي ذكرته لي (يذكره) للناس ويحدّثه.
قال القرطبي: قوله: (هو مسجدكم هذا لمسجد المدينة) يرد قول ابن عباس إذ قال إنه مسجد قباء قال: لأنه أول مسجد بني في الإسلام، وهذا السؤال صدر ممن ظهرت له المساواة بين مسجدين معينين لهما مزية على غيرهما من المساجد بحيث يصلح أن يقال على كل واحد منهما أُسِّسَ على التقوى، وذلك أنه رأى مسجد قباء أول مسجد بناه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وذلك أنه لما هاجر صلى الله عليه وسلم نزل علي بني عمرو بن عوف في قباء يوم الاثنين فأقام فيهم أيامًا وأسس فيها مسجد قباء ثم إنه ارتحل عنهم يوم الجمعة إلى بني سالم بن عوف فصلى عندهم الجمعة، وهي أول جمعة جُمعت في الإسلام، ثم إنه دخل المدينة فنزل علي بني مالك بن النجار على أبي أيوب فأسس مسجده بالمربد الذي كان للغلامين اليتيمين فاشتراه من الناظر لهم على ما تقدم في كتاب الصلاة، فلما تساوى المسجدان المذكوران في بناء النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لهما صار كل واحد من المسجدين مؤسسًا على التقوى، فلما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} [التوبة: 108] أشكل التعيين فسئل عن ذلك فأجاب بأنه مسجد المدينة فإن قيل إذا كان كل واحد منهما أُسس على التقوى فما المزية التي أوجبت تعيين مسجد المدينة (قلت): يمكن أن يقال إن بناء مسجد قباء لم يكن بأمر جزم من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بل ندب إليه أوكان رأيًا رآه بخلاف مسجد المدينة فإنه أمر بذلك وجُزم عليه فأشبه امتثال الواجب فكان
3269 -
(00)(00) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأشعَثِيُّ (قَال سَعِيدٌ: أَخْبَرَنَا. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) عَنْ حُمَيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. بِمِثْلِهِ. وَلَمْ يَذْكُرْ
ــ
بذلك الاسم أحق أو حصل له صلى الله عليه وسلم ولأصحابه رضي الله عنهم من الأحوال القلبية عند بنائه ما لم يحصل لهم عند غيره فكان أحق بذلك والله أعلم اهـ مفهم.
ويلزم من تعيين النبي صلى الله عليه وسلم مسجده لأن يكون المراد بقوله تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} أن يكون الضمير في {فِيهِ رِجَالٌ} عائدًا على المسجد الذي أُسس على التقوى لأنه لم يتقدمه ظاهر غيره يعود إليه الضمير وليس الأمر كذلك بدليل ما رواه أبو داود من طريق صحيح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نزلت هذه الآية: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108] في أهل قباء لأنهم كانوا يستنجون بالماء فعلى هذا يكون الضمير في {فِيهِ رِجَالٌ} غير عائد على المسجد المذكور قبله بل على مسجد قباء الذي دلت عليه الحال والمشاهدة عندهم، وأما عندنا فلولا هذا الحديث لحملناه على الأول وعلى هذا يتعين على القارئ أن يقف على {فِيهِ} من قوله:{أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} ويبتدئ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} ليحصل به التنبيه على ما ذكرناه والله تعالى أعلم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 8]، والترمذي [3099]، والنسائي [2/ 36] اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
3269 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وسعيد بن عمرو) بن سهل الكندي (الأشعثي) أبو عثمان الكوفي، ثقة، من (10) (قال سعيد: أخبرنا، وقال أبو بكر: حدثنا حاتم بن إسماعيل) العبدري مولى بني عبد الدار أبو إسماعيل المدني، صدوف، من (8)(عن حميد) الطويل أبي عبيدة البصري، ثقة، من (5)(عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (عن أبي سعيد) الخدري رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة حميد الطويل لحميد الخراط وساق حميد الطويل (بمثله) أي بمثل ما حدّث حميد الخراط (و) لكن (لم يذكر) حميد الطويل
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ فِي الإِسْنَادِ.
3270 -
(1316)(66) حدَّثنا أَبُو جَعْفَرِ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَزُورُ قُبَاءَ، رَاكِبًا وَمَاشِيًا
ــ
(عبد الرحمن بن أبي سعيد) الخدري (في الإسناد) أي في إسناده بل روى عن أبي سلمة عن أبي سعيد.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
3270 -
(1316)(66)(حدثنا أبو جعفر أحمد بن منيع) بن عبد الرحمن الأصم البغدادي، ثقة، من (10)(حدثنا إسماعيل بن إبراهيم) بن مقسم الأسدي البصري المعروف بابن علية، ثقة، من (8)(حدثنا أيوب) السختياني البصري (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم بصريان وواحد مكي وواحد مدني وواحد بغدادي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان) دائمًا (يزور قباء) أي يأتي مسجده (راكبًا) في بعض الأحيان (وماشيًا) في أخرى، وقباء بضم القاف يمد ويقصر ويذكر ويؤنث ويصرف ويمنع، موضع قرب المدينة من عواليها، وهو محل بني عمرو بن عوف من الأنصار، نزل به صلى الله عليه وسلم أول ما هاجر وصلى فيه ثلاث ليال بمحل المسجد، ثم وضع أساسه بيده الشريفة، وأتم بناءه بنو عمرو بن عوف، وللطبراني برجال ثقات عن الشموس بنت النعمان قالت: نظرت إليه صلى الله عليه وسلم حين قدم ونزل وأسس مسجد قباء فرأيته يأخذ الحجر أو الصخرة حتى يهصره أي يميله، وأنظر إلى التراب على بطنه وسرته فيأتي الرجل فيقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله أكفيك؟ ! فيقول: "لا، خذ مثله" حتى أسسه اهـ فتح الملهم، وقوله:(يزور قباء) والمراد زيارة مسجده والصلاة فيه كما في الرواية التالية، وقباء موضع بقرب المدينة المنورة من جهة الجنوب على نحو ميلين اهـ من بعض الهوامش، وقوله:(راكبًا وماشيًا) أي تارة راكبًا وتارة ماشيًا بحسب ما تيسر له، والواو بمعنى أو. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 58]، والبخاري [7236]، والنسائي [2/ 37].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3271 -
(00)(00) وحدّثنا أَبُو بَكرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ، رَاكِبًا وَمَاشِيًا. فَيُصَلِّي فِيهِ رَكعَتَينِ.
قَال أَبُو بَكرٍ فِي رِوَايَتِهِ: قَال ابْنُ نُمَيرٍ: فَيُصَلِّي فِيهِ رَكعَتَينِ
ــ
3271 -
) (00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة عن عبيد الله) بن عمر بن حفص العمري المدني (ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي) عبد الله بن نمير (حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبيد الله لأيوب (قال) ابن عمر:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء راكبًا وماشيًا فيصلي فيه ركعتين، قال أبو بكر في روايته: قال ابن نمير): كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء راكبًا وماشيًا (فيصلي فيه ركعتين) بزيادة الصلاة، وأما أبو أسامة فلم يذكر الصلاة كرواية أحمد بن منيع، وعبارة فتح الملهم: قوله: (قال ابن نمير) الخ أي، وقال أبو بكر بن أبي شيبة في سنده: حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة عن عبيد الله فذكره بالزيادة أي بزيادة الصلاة، ثم قال: قال ابن نمير: فيصلي فيه ركعتين إشارة إلى أنه لم يسمع هذه الزيادة من أبي أسامة، وادعى الطحاوي أنها (أي أن زيادة الصلاة) مدرجة، وأن أحد الرواة قاله من عنده لعلمه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من عادته أن لا يجلس حتى يصلي اهـ، قال ابن عبد البر: اختلف في سبب إتيانه قباء، فقيل لؤيارة الأنصار، وقيل للتفرج في بساتينه، وقيل للصلاة في مسجده وهو الأشبه، قال: ولا يعارضه حديث "لا تعمل المطي إلا لثلاثة مساجد" لأن معناه عند العلماء النذر فإذا نذر أحد الثلاثة لزمه، أما إتيان مسجد قباء أو غيره تطوعًا بلا نذر فيجوز، وقال الباجي: ليس إتيان مسجد قباء من المدينة من إعمال المطي لأنه من صفات الأسفار البعيدة ولا يقال لمن خرج من داره إلى المسجد راكبًا إنه أعمل المطي ولا خلاف في جواز ركوبه إلى مسجد قريب منه في جمعة أو غيرها، ولو أتى أحد إلى قباء من بلد بعيد لارتكب النهي اهـ فتح الملهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3272 -
(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى. حَدَّثَنَا يَحْيَى. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ. أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأتِي قُباءٌ، رَاكِبًا وَمَاشِيًا.
3273 -
(00)(00) وحدّثني أَبُو مَعْني الرَّقَاشِيُّ زَيدُ بْنُ يَزِيدَ الثَّقَفِيُّ (بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ). حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ) عَنِ ابْنِ عَجْلانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. بِمِثْلِ حَدِيثِ يَحْيَى الْقَطَّانِ.
3274 -
(00)(00) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ
ــ
3272 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري (حدثنا يحيى) بن سعيد القطان البصري (حدثنا عبيد الله) بن عمر العمري المدني (أخبرني نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء راكبًا وماشيًا) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة يحيى بن سعيد لعبد الله بن نمير وأبي أسامة، قال الأبي: قال الشيخ: الأفضل في مثل هذا المشي، وركوبه صلى الله عليه وسلم يحتمل أنه لتعذر المشي عليه اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3273 -
(00)(00)(وحدثني أبو معن الرقاشي زيد بن يزيد الثقفي بصري ثقة) من (11) قال: (حدثنا خالد يعني ابن الحارث) بن عبيد بن سليم الهجيمي أبو عثمان البصري، ثقة، من (8)(عن) محمد (بن عجلان) القرشي مولاهم أبي عبد الله المدني، صدوق، من (5)(عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وساق خالد بن الحارث (بمثل حديث يحيى القطان) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة خالد بن الحارث ليحيى القطان في رواية هذا الحديث عن نافع ولكنها متابعة ناقصة لمخالفة شيخيهما.
ثم ذكر رحمه الله تعالى المتابعة فيه رابعًا فقال:
3274 -
(00)(00)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال: قرأت
عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْتِي قُبَاءَ، رَاكِبًا وَمَاشِيًا.
3275 -
(00)(00) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ أَيوبَ وَقُتَيبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ. قَال ابْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأتِي قُبَاءَ، رَاكِبًا وَمَاشِيًا.
3276 -
(00)(00) وحدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ دِينَارِ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْتِي قُبَاءَ كُلَّ سَبْتٍ. وَكَانَ يَقُولُ: رَأَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ
ــ
على مالك) بن أنس (عن عبد الله بن دينار) العدوي مولاهم المدني، ثقة، من (4)(عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء) الفصيح المشهور فيه المد والتذكير والصرف؛ وهو قريب من المدينة من حواليها كما مر أي يأتي مسجده (راكبًا وماشيًا) وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة عبد الله بن دينار لنافع، ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3275 -
(00)(00)(وحدثنا يحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة) بن سعيد الثقفي البلخي (و) علي (بن حجر) السعدي المروزي (قال ابن أيوب: حدثنا إسماعيل بن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني، ثقة، من (8) (أخبرني عبد الله بن دينار) العدوي (أنه سمع عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما (يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي قباء راكبًا وماشيًا) وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة إسماعيل بن جعفر لمالك بن أنس.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
3276 -
(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن دينار أن ابن عمر كان يأتي قباء كل سبت) وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة سفيان لمن روى عن عبد الله بن دينار (وكان يقول): إذا سئل عن سبب إتيانه (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يأتيه كل سبت) فأنا أحب اتباعه صلى الله عليه وسلم خصه
3277 -
(00)(00) وحدّثناه ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَن رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْتِي قُبَاءً، يَعْنِي كُلَّ سَبْتٍ، كَانَ يَأتِيهِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا.
قال ابْنُ دِينَارٍ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ
ــ
لأجل مواصلته لأهل قباء وتفقده لحال من تأخر منهم عن حضور الجمعة معه صلى الله عليه وسلم في مسجده بالمدينة قاله الحافظ وغيره، وقال الزين العراقي: ومن حكمته أنه كان يوم السبت يتفرغ لنفسه ويشتغل بقية الجمعة أي الأسبوع من أول الأحد بمصالح الأمة، ومن حكمته أيضًا إرغام اليهود وإظهار مخالفتهم في ملازمة بيوتهم، قال الحافظ: وفي حديث الباب فضل قباء ومسجدها، وفضل الصلاة فيه لكن لم يثبت في ذلك مضاعفة الصلاة بخلاف المساجد الثلاثة، وروى عمر بن شبة في أخبار المدينة بإسناد صحيح عن سعد بن أبي وقاص قال: لأن أصلي في مسجد قباء ركعتين أحب إليّ من أن آتي بيت المقدس مرتين لو يعلمون ما في قباء لضربوا إليه أكباد الإبل. وعند الترمذي وابن ماجه والبيهقي من حديث أسيد بن ظهير الأنصاري يرفعه "صلاة في مسجد قباء كعمرة" أي في الفضل، قال الترمذي: حسن غريب، وقال العراقي: رواته كلهم ثقات، وقال المنذري: لا نعرف لأسيد حديثًا صحيحًا غير هذا، وبذلك جزم الترمذي، ورواه أحمد وابن ماجه من حديث سهل بن حنيف مرفوعًا بلفظ "من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة" وصححه الحاكم. قال العبد الفقير: ولعل فيه إيماء إلى أن تفاوت ما بين حضور المسجد النبوي وحضور مسجد قباء كالتفاوت بين الحج والعمرة في الأجر اهـ فتح الملهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه سابعًا فقال:
3277 -
(00)(00)(وحدثناه) محمد (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا سفيان) بن عيينة (عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر) وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة ابن أبي عمر لزهير بن حرب (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء يعني) ابن عمر بقوله كان يأتي قباء أنه يأتيه (كل سبت كان) النبي صلى الله عليه وسلم (يأتيه راكبًا) يومًا (وماشيًا) في آخر (قال ابن دبنار) بالسند السابق (وكان ابن عمر يفعله) أي يفعل الإتيان بقباء كل سبت اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
3278 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ هَاشِمٍ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ دِينَارٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَلَمْ يَذكُرْ كُلَّ سَبْتٍ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه ثامنًا فقال:
3278 -
(00)(00)(وحدثنيه عبد الله بن هاشم) بن حيان بتحتانية العبدي أبو عبد الرحمن النيسابوري، ثقة، من (10) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا وكيع) بن الجراح الأموي المكي (عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي (عن) عبد الله (بن دينار بهذا الإسناد) يعني عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم (و) لكن (لم يذكر) سفيان الثوري لفظة (كل سبت) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة سفيان الثوري لسفيان بن عيينة.
(تتمة): قال القرطبي: وفي إتيانه صلى الله عليه وسلم قباء كل سبت دليل على جواز تخصيص بعض الأيام ببعض الأعمال الصالحة والمداومة على ذلك، وأصل مذهب مالك كراهة تخصيص شيء من الأوقات بشيء من القرب إلا ما ورد فيه نص، وقباء بينها وبين المدينة نحو الثلاثة أميال فليست مما تشد الرحال إليها فلا يتناولها الحديث المتقدم، وكونه صلى الله عليه وسلم يأتيها راكبًا وماشيًا إنما كان ذلك بحسب ما اتفق له، وكان تعاهده لقباء لفضيلة مسجدها ولتفقد أهلها اعتناء بهم وتشريفًا لهم، وليس في تعاهده صلى الله عليه وسلم مسجد قباء ما يدل على إلحاق مسجدها بالمساجد الثلاثة كما ذهب إليه محمد بن مسلمة كما قدمنا. و (قباء) ملحق ببعاث لأنه من قبوت أو قبيت فليست همزته للتأنيث بل للإلحاق فلذلك صرف والله تعالى أعلم.
وجملة ما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى في هذا الباب ثلاثة أحاديث، الأول: حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثاني: حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث: حديث ابن عمر ذكره للاستدلال على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه ثماني متابعات.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، ومنه المرتجى في إكمال الآراب في تأليف الكتاب، إلى هنا تم كتاب الحج والعمرة ولله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة عن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الخطإ والزلة في شرح السنة وحديث نبي الرحمة، وسيد الأمة نبينا وحبيبنا ومنبعنا ومشربنا وحياتنا ونورنا وشفيعنا في عرصات القيامة.
اللهم يا حي يا قيوم صل وسلم أفضل الصلاة وأزكى السلام على سيدنا ومولانا محمد من أرسلته رحمة للأنام وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذرياته السادات الكرام صلاة تحل به العقد وتفك به الكرب وتبلغ بها العبد غاية ما طلب، صلاة أرقى بها مراقي الإخلاص وأنال بها غاية الاختصاص، صلاتك التي صليت عليه دائمة بدوامك باقية ببقائك عدد ما أحاط به علمك وجرى به قلمك.
في تاريخ 23/ 5 / 1424 من الهجرة المصطفية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية آمين آمين وسلام على المرسلين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
* * *