المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌530 - (16) باب النظر إلى المخطوبة واشتراط الصداق في النكاح وجواز كونه منافع وأقل قليل والأمر بالوليمة - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌515 - (1) باب فرض الحج في العمر مرة واشتراط وجود المحرم في جواز سفر المرأة لحج أو غيره

- ‌516 - (2) باب ما يقول المحرم إذا سافر للحج وإذا قفل منه والتعريس بذي الحليفة والصلاة بها إذا صدر من حج أو عمرة

- ‌517 - (3) باب لا يحج البيت مشرك ولا يطوف به عريان وفضل يوم عرفة وثواب الحج والعمرة

- ‌518 - (4) باب نزول الحاج بمكة وتوريث دورها وجواز إقامة المهاجر بمكة ثلاثة أيام بعد فراغه من الحج أو العمرة

- ‌519 - (5) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها والنهي عن حمل السلاح فيها وجواز دخولها بلا إحرام

- ‌520 - (6) باب فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة وبيان تحريمها وتحريم صيدها وشجرها وبيان حدود حرمها

- ‌521 - (7) "باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها وأن الطاعون والدجال لا يدخلانها وأنها تنفي شرارها

- ‌522 - (8) باب عقوبة من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار وبيان حين يتركها أهلها

- ‌523 - (9) باب فضل ما بين القبر والمنبر وفضل جبل أحد وفضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة

- ‌524 - (10) باب فضل المساجد الثلاثة وبيان المسجد الذي أُسس على التقوى وفضل مسجد قباء

- ‌ كتاب النكاح

- ‌525 - (11) باب الترغيب في النكاح وكراهية التبتل ودفع ما يقع في النفس بمواقعة الزوجة

- ‌526 - (12) باب الترخيص في نكاح المتعة في أول الإسلام ثم نسخه وتحريمه التي يوم القيامة

- ‌527 - (13) باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها وما جاء في نكاح المُحْرِم وخِطْبته

- ‌528 - (14) باب النهي عن خطبة الرجل على خطبة أخيه وعن الشغار وعن الشرط في النِّكَاح

- ‌529 - (15) باب استئمار الثيب واستئذان البكر، والصغيرة البكر يزوجها أبوها واستحباب النكاح في شوال

- ‌530 - (16) باب النظر إلى المخطوبة واشتراط الصداق في النكاح وجواز كونه منافع وأقل قليل والأمر بالوليمة

- ‌531 - (17) باب عتق الرجل أمته ثم تزوجها وهل يصح أن يجعل العتق صداقًا وذكر الوليمة

- ‌532 - (18) باب زواج زينب بنت جحش، ونزول الحجاب فيه، والهدية للعروس في حال خلوته، والأمر بإجابة دعوة النِّكَاح، وقوله شر الطعام طعام الوليمة

- ‌533 - (19) باب ما يحل للمطلقة ثلاثًا وما يقال عند الجماع وجواز وطء المرأة في قبلها من خلفها

الفصل: ‌530 - (16) باب النظر إلى المخطوبة واشتراط الصداق في النكاح وجواز كونه منافع وأقل قليل والأمر بالوليمة

‌530 - (16) باب النظر إلى المخطوبة واشتراط الصداق في النكاح وجواز كونه منافع وأقل قليل والأمر بالوليمة

3365 -

(1345)(95) حدَّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: كُنْتُ عِنْد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ. فَقَال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أنَظَرْتَ إِلَيهَا؟ " قَال: لَا. قَال: "فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيهَا. فَإنَّ فِي أَعْيُنِ الأنَصَارِ شَيئًا"

ــ

530 -

(16) باب النظر إلى المخطوبة واشتراط الصداق في النكاح وجواز كونه منافع وأقل قليل والأمر بالوليمة

3365 -

(1345)(95)(حدثنا) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا سفيان) بن عيينة (عن يزيد بن كيسان) اليشكري أبي إسماعيل الكوفي، صدوق، من (6)(عن أبي حازم) سلمان الأشجعي مولى عزة الكوفي، ثقة، من (3) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد عدنيّ (قال) أبو هريرة:(كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه) صلى الله عليه وسلم (رجل) لم أر من ذكر اسمه (فاخبره) أي فأخبر الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنه تزوج امرأة من الأنصار) لم أر من ذكر اسمها أيضًا؛ أي أراد تزوجها بخطبتها، قال السندي: كان المراد أنه خطبها أو أراد تزوجها ونحو ذلك إذ لا يظهر فائدة في النظر بعد تمام العقد إلا أن يطلق قبل الدخول وذلك بعيد والله تعالى أعلم اهـ. ثم الظاهر أن هذه الرواية والرواية الآتية محمولتان على الواقعتين لرجلين والله أعلم اهـ فتح الملهم (فقال له) أي لذلك الرجل (رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرت) أي هل نظرت (إليها) أي إلى المرأة التي تريد خطبتها؛ أي هل نظرت إلى وجهها لتعرف جمالها، وإلى كفيها لتعرف خصب بدنها كما يعلم مما سيأتي (قال) الرجل: إلا) أي لم أنظر إليها (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم: (فاذهب) إليها الآن (فانظر إليها) أي إلى وجهها وكفيها (فإن في أعين الأنصار شيئًا) مما لا يستحسنه الطبع، قيل المراد بذلك الشيء صغرها، وقيل المراد زرقتها، قوله:(فانظر إليها) قال القرطبي: هذا أمر إرشاد أي مصلحة لا أمر وجوب لأنه إذا نظر إليها أعني المخطوبة فلعله يرى منها ما يرغبه في

ص: 300

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نكاحها، وقال الشوكاني: الأمر هنا للإباحة بقرينة قوله في حديث أبي حميد عند أحمد (فلا جناح عليه أن ينظر منها) وفي حديث محمد بن مسلمة عند أحمد وابن ماجه (فلا بأس أن ينظر إليها) وقيل: إنه أمر ندب للأحاديث الامرة به، وقيد ذلك بما إذا رجا الإجابة، وأما إذا لم يرجها فلا، وأما نفي البأس والجناح فإنما هو لرد ما عسى أن يتوهم متوهم فيه البأس والجناح لكونها امرأة أجنبية فلا ينافي الاستحباب. فإذا لم يمكنه النظر إليها استحب أن يبعث امرأة تصفها له، وإنما يباح له النظر إلى وجهها وكفيها فحسب لأنهما ليسا بعورة في حقه اهـ ملا علي، والعادة جارية فينا ببعث النساء إليها، قوله:(فإن في أعين الأنصار) أي في أعين بعضهم (شيئًا) مما ينفر عنه الطبع ولا يستحسنه لأنه رآه في الرجال فقاس النساء عليهم لأنهن شقائق الرجال ولذلك أطلق الأنصار أو لإخبار الناس به أو علم بالوحي، قوله.:(شيئًا) قيل هو عمش، وقيل صغر، وقيل زرقة، قال الحافظ: الثاني وقع في رواية أبي عوانة في مستخرجه فهو المعتمد، قال عياض: فهو المعتمد، قال عياض: وليس هذا من الغيبة لأنه على الجملة من غير تعيين وأيضًا هو من باب النصيحة المأمور بها اهـ.

قال القرطبي: ولا قائل فيما أعلمه يحمل الأمر هنا أعني في النظر للخطبة على الوجوب، وقد دل على أنه ليس كذلك، قوله:(فإن استطاع فليفعل) ولا يقال مثل هذا في الواجب وقاعدة النكاح وإن كان فيها معاوضة مفارقة لقاعدة البيوع من حيث إنها مبنية على المكارمة والمواصلة وإظهار الرغبات والعمل على مكارم الأخلاق بحيث يجوز فيها النكاح من غير ذكر صداق، ويجوز فيها ضروب من الجهالات والأحكام لا يجوز شيء منها في البيوع والمعاملات المبنية على المشاحة والمغابنة، ومن هنا جاز عقد النكاح على امرأة لا يُعرف حالها من جمال وشباب وحسن خلق وتمام خَلق، وهذه وإن كانت مجهولة حالة العقد لم يضر الجهل بها إذ لم يلتفت الشرع إليه في هذا الباب فالأمر بالنظر إلى المخطوبة أحرى بأن لا يكون واجبًا فلم يبق إلا أن يُحمل ذلك الأمر على ما تقدم وبهذا قال جمهور الفقهاء مالك والشافعي والكوفيون وغيرهم وأهل الظاهر، وقد كره قوم ذلك لا مبالاة بقولهم للأحاديث الصحيحة في هذا الباب اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 299]، والنسائي [6/ 69].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

ص: 301

3366 -

(00)(00) وحدَّثني يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوَيةَ الْفَزَارِيٌّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ نَظَرْتَ إِلَيهَا؟ فَإِنَّ فِي عُيُونِ الأَنْصَارِ شَيئًا" قَال: قَدْ نَظَرْتُ إِلَيهَا. قَال: "عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا؟ قَال: عَلَى أَرْبَعٍ أَوَاقٍ. فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ؟ كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هذَا الْجَبَلِ

ــ

3366 -

(00)(00)(وحدثني يحيى بن معين) بن عون الغطفاني البغدادي إمام الجرح والتعديل، ثقة، من (10) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا مروان بن معاوية) بن الحارث (الفزاري) الكوفي، ثقة، من (8)(حدثنا يزيد بن كيسان) الكوفي (عن أبي حازم) الكوفي (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد بغدادي، غرضه بسوقه بيان متابعة مروان بن معاوية لسفيان بن عيينة (قال) أبو هريرة:(جاء رجل) لم أر من ذكر اسمه (إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال) ذلك الرجل: (إني تزوجت) أي نكحت (امرأة من الأنصار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل نظرت إليها) فقال الرجل: لا، فقال: له النبي صلى الله عليه وسلم: فاذهب إليها فانظرها (فإن في عيون الأنصار شيئًا) من النقص وهو صغرها على الأصح السابق، فذهب الرجل إليها فنظرها ونكحها، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فـ (قال: قد نظرت إليها) وتزوجتها (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم: (على كم) من الصداق (تزوجتها؟ قال) الرجل: (على أربع أواق) من الفضة تزوجتها، جمع أوقية بضم الهمزة وتخفيف الياء المفتوحة، والأوقية أربعون درهمًا، والجملة مائة وستون درهمًا، وبهذه التقارير التي ذكرناها تتحد واقعة هذه الرواية مع واقعة الرواية الأولى، وبعضهم جعلهما واقعتين لاختلاف مساقهما كما قد عرفت آنفًا (فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أ (على أربع أواق) تزوجت؟ بتقدير همزة الاستفهام الإنكاري الاستبعادي (كأنما تنحتون) بكسر الحاء من باب ضرب أي كأنكم أيها الصعاليك تنحتون أي تنجرون وتقطعون (الفضة) وتصبغونها من النحت وهو النجر والقطع، ومنه قوله: تعالى: (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا)[الشعراء / 149 وقوله تعالى: (أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ) [الصافات / 95] والنحات النجار (من عُرْض هذا الجبل) كأنه يشير إلى جبل أحد، والعُرض

ص: 302

مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ. وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ" قَال: فَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي عَبْسٍ. بَعَثَ ذلِكَ الرَّجُلَ فِيهِمْ.

3367 -

(1346)(96) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعنِي

ــ

-بضم العين وسكون الراء- جانبه وسفحه، وأما العرض -بفتحها وسكون الراء- خلاف الطول وعرض البحر والنهر والمال الوسط من ذلك قاله الحربي، وهذا الإنكار على هذا الرجل المتزوج على أربعة أواق ليس إنكارًا لأجل المغالاة والإكثار في المهر فإنه صلى الله عليه وسلم قد أصدق نساءه خمسمائة درهم وأربعة أواق مائة وستون درهمًا، وإنما أنكر بالنسبة إلى حال الرجل فإنه كان فقيرًا في تلك الحال فأدخل نفسه في مشقة تعرض للسؤال بسببها ولذلك قال له:(ما عندنا ما نعطيك) ونساعدك، ما الأولى نافية، والثانية موصولة، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بكرم أخلاقه ورأفته ورحمته جبر منكسر قلبه بقوله:(ولكن عسى أن نبعثك) أي نرجو أن نبعثك ونرسلك (في بعث) أي مع جيش مبعوث للغزو يعني به سرية تبعث في الغزو فـ (تصيب منه) أي فتفوز من ذلك البعث مالًا يساعدك على هذا المهر أي تصل بسببه إلى المال، ومن تجيء بمعنى الباء (قال) أبو هريرة:(فبعث) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بعثًا) أي سرية تغزو (إلى بني عبس) قبيلة مشهورة و (بعث ذلك الرجل فيهم) أي معهم فأصاب حاجته ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وعبارة المشارق:(وبعث ذلك فيهم) بالواو العاطفة.

(تتمة): قوله: (أربع أواق) جمع أوقية كأثاف في جمع أثفية، والأصل فيهما التشديد لأنهما في تقدير أفعولة كأعجوبة وأضحوكة فحق الجمع فيهما أواقي وأثافي بإعراب ظاهر على الياء المشددة وتخفيف الياء للتخفيف فيقدر الإعراب فيهما في حالتي الرفع والجر، ويظهر في حالة النصب كالمنقوص، ويقال في مفرده وقية بضم الواو والفتح لغة فيجمع على وقايا كعطايا في جمع عطية، والأوقية تساوي في زماننا (125) غ، والدرهم يعادل في زماننا (12) و (1/ 3) غ اهـ من بعض الهوامش.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما فقال:

3367 -

(1346)(96)(حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي) البلخي (حدثنا يعقوب يعني

ص: 303

ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ) عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ. ح وَحَدَّثَنَاهُ قُتَيبَةُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ. قَال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالت: يَا رَسُولَ اللهِ! جِئْتُ أَهَبُ لَكَ نَفْسِي. فَنَظَرَ إِلَيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ

ــ

ابن عبد الرحمن) بن محمد بن عبد الله (القاري) بتشديد الياء نسبة إلى قارة اسم قبيلة، المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (7) أبواب (عن أبي حازم) سلمة بن دينار الأعرج التمار المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (12) بابا (عن سهل بن سعد) بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد بلخي (ح وحدثناه قتيبة) بن سعيد (حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم) سلمة بن دينار التمار المخزومي مولاهم المدني، صدوق، من (8)(عن أبيه) أبي حازم (عن سهل بن سعد الساعدي) وهذا السند أيضًا من رباعياته، غرضه بهذا التحويل بيان متابعة عبد العزيز ليعقوب (قال) سهل بن سعد:(جاءت امرأة) لم أقف على اسمها (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت) له: (يا رسول الله جئت) إليك حالة كوني (أهب لك نفسي) أي أمر نفسي، قال الحافظ: فيه حذف مضاف تقديره أمر نفسي أو نحوه وإلا فالحقيقة غير مرادة لأن رقبة الحر لا تُملك فكأنها قالت: أتزوجك من غير صداق، قال: وفيه أن الهبة في النكاح خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم لقول الرجل زوجنيها ولم يقل هبها لي ولقولها هي وهبت نفسي لك وسكت النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فدل على جوازه له خاصة مع قوله تعالى: (خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) وفيه جواز انعقاد نكاحه صلى الله عليه وسلم بلفظ الهبة دون غيره من الأمة على أحد الوجهين للشافعية، والآخر: لا بد من لفظ النكاح أو التزويج، وسيأتي البحث فيه عند قوله: فقد ملكتها بما معك من القرآن، وقال السندي رحمه الله تعالى: هبة الحرة نفسها لا تصح فتحمل على تزويج نفسها منه بلا مهر مجازًا أو تفويض الأمر إليه، والثاني أظهر وأنسب بتزويجه صلى الله عليه وسلم إياها من غيره اهـ (فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعّد) بتشديد العين المهملة من صعد أي رفع (النظر فيها) أي نظر إلى أعلاها (وصوّبه) بتشديد الواو أي خفض النظر فيها والمراد

ص: 304

ثُمَّ طَأْطَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ. فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيئًا، جَلَسَتْ. فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ

ــ

أنه نظر أعلاها وأسفلها والتشديد في الفعلين إما للمبالغة في التأمل، وإما للتكرير، وفيه جواز تأمل محاسن النساء لإرادة تزويجها وإن لم تتقدم الرغبة في تزويجها ولا وقعت خطبتها لأنه صلى الله عليه وسلم صعد النظر فيها وصوبه، وفي الصيغة ما يدل على المبالغة في ذلك ولم يتقدم منه رغبة فيها ولا خطبة، ثم قال: لا حاجة لي في النساء، ولو لم يقصد أنه إذا رأى منها ما يعجبه أن يقبلها ما كان للمبالغة في تأملها فائدة، ويمكن الانفصال عن ذلك بدعوى الخصوصية له لمحل العصمة والذي تحرر عندنا أنه صلى الله عليه وسلم كانا لا يحرم عليه النظر إلى المؤمنات الأجنبيات بخلاف غيره، وسلك ابن العربي في الجواب عن ذلك مسلكًا آخر فقال: يحتمل أن ذلك قبل الحجاب أو بعده لكنها كانت متلففة وسياق الحديث يبعد ما قال كذا في الفتح (ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه) أي خفض وأطرق رأسه عنها، قال القرطبي: هذا دليل على جواز نظر الخاطب إلى المخطوبة وتأمله ما لاح من محاسنها لكن وعليها ثيابها كما قال مالك، وقوله:(ثم طأطأ رأسه) هو بمعنى قوله: (فصمت) في رواية معمر والثوري، وقال في رواية فضيل بن سليمان (فلم يردها) وفي بعض الروايات (فلم يجبها شيئًا) ووقع في رواية سفيان عند البخاري (إنها أعادت الطلب ثلاثًا) ووقع في رواية حماد بن زيد أنها وهبت نفسها لله ولرسوله فقال:"ما لي حاجة في النساء" قال الحافظ: ويجمع بينها وبين ما تقدم بأنه قال ذلك في اخر الحال فكأنه صمت أولًا لتفهم أنه لم يردها فلما أعادت الطلب أفصح لها بالواقع (فلما رأت المرأة) وعرفت (أنه) صلى الله عليه وسلم (لم يقض فيها شيئًا) من قبول أو رد صريح (جلست) فيؤخذ منه وفور أدب المرأة مع شدة رغبتها لأنها لم تبالغ في الإلحاح في الطلب وفهمت من السكوت عدم الرغبة لكنها لما لم تيأس من الرد جلست تنتظر الفرج، وسكوته صلى الله عليه وسلم إما حياةً من مواجهتها بالرد وكان صلى الله عليه وسلم شديد الحياء جدًّا كما ورد في صفته إنه كان أشد حياءً من العذراء في خدرها، وإما انتظارًا للوحي، وإما تفكرًا في جواب يناسب المقام (فقام رجل من أصحابه) الجالسين عنده، قال الحافظ: لم أقف على اسمه، وكان من الأنصار كما في رواية الطبراني (فقال يا رسول الله أن لم يكن لك بها حاجة) ولا

ص: 305

فَزَوِّجْنِيهَا. فَقَال: "فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيءٍ؟ " فَقَال: لَا. واللَّهِ، يَا رَسُولَ اللهِ! فَقَال: "اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ

ــ

يعارض هذا قوله في حديث حماد بن زيد لا حاجة لي لجواز أن تتجدد الرغبة فيها بعد أن لم تكن، وفيه أن الصحابي لو فهم أن للنبي صلى الله عليه وسلم فيها رغبة لم يطلبها فكذلك من فهم أن له رغبة في تزويج امرأة لا يصلح لغيره أن يزاحمه فيها حتى يظهر عدم رغبته فيها إما بالتصريح أو ما في حكمه (فزوجنيها) فيه أن الفقير يجوز له نكاح من علمت بحاله ورضيت به إذا كان واجدًا للمهر وكان عاجزًا عن غيره من الحقوق لأن المراجعة وقعت في وجدان المهر وفقده لا في قدر زائد قاله الباجي، وتعقب باحتمال أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم اطلع من حال الرجل على أنه يقدر على اكتساب قوته وقوت امرأته ولا سيما مع ما كان عليه أهل ذلك العصر من قلة المال والقناعة باليسير (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم:(فهل عندك من شيء) تمهرها، زاد في رواية مالك تصدقها، وفي حديث ابن مسعود: ألك مال؟ قال الحافظ: وفيه أن النكاح لا بد فيه من الصداق لقوله: هل عندك من شيء تصدقها؟ وقد أجمعوا على أنه لا يجوز لأحد أن يطأ فرجًا وهب له دون الرقبة بغير صداق، وفيه أن الأولى أن يذكر الصداق في العقد لأنه أقطع للنزاع وأنفع للمرأة فلو عقد بغير ذكر صداق صح، ووجب لها مهر المثل بالدخول على الصحيح، وقيل بالعقد ووجه كونه أنفع لها أنه يثبت لها نصف المسمى أن لو طلقت قبل الدخول، وفيه استحباب تعجيل تسليم المهر اهـ.

(فقال) الرجل: (لا) زاد في رواية هشام بن سعد قال: لا بد لها من شيء، وفي رواية الثوري عند الإسماعيلي: عندك شيء؟ قال: لا، قال: إنه لا يصلح. ووقع في حديث أبي هريرة عند النسائي بعد قوله لا حاجة لي ولكن تملكيني أمرك؟ قالت: نعم، فنظر في وجوه القوم فدعا رجلًا فقال: إني أريد أن أزوجك هذا إن رضيت! فقالت: ما رضيت لي فقد رضيت، وهذا إن كانت القصة متحدة يحتمل أن يكون وقع نظره في وجوه القوم بعد أن سأله الرجل أن يزوجها له فاسترضاها أولًا ثم تكلم معه في الصداق، وإن كانت القصة متعددة فلا إشكال. أي فقال الرجل: ما عندي شيء (والله يا رسول الله) وفي هذا جواز الحلف بغير الاستحلاف للتأكيد لكنه يكره بغير ضرورة قاله الحافظ (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اذهب إلى أهلك) أي إلى أزواجك، ووقع في حديث أبي هريرة قال: قم إلى النساء، فقام إليهن فلم يجد عندهن شيئًا؛ والمراد

ص: 306

فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيئًا؟ " فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ. فَقَال: لَا. وَاللهِ، مَا وَجَدْتُ شَيئًا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "انْظُرْ وَلَوْ خَاتمٌ مِنْ حَدِيدٍ" فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ. فَقَال: لَا. وَاللهِ، يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا خَاتمٌ مِنْ حَدِيدٍ. وَلَكِنْ هذَا إِزَارِي. (قَال سَهْلٌ: مَا لَهُ رِدَاءٌ) فَلَهَا نِصْفُهُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا تَصْنَعُ بِإزَارِكَ؟ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيهَا مِنْهُ شَيءٌ. وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيكَ مِنْهُ شَيءٌ"

ــ

بالنساء أهل الرجل كما دلت عليه رواية الباب (فانظر هل تجد) عندهم (شيئًا فذهب إلى أهله ثم رجع) إلى النبي صلى الله عليه وسلم (فقال) للنبي صلى الله عليه وسلم (لا والله ما وجدت شيئًا) من المال عند أهلي، ولفظ ما تأكيد للنفي المفهوم من لا (فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم: انظر) أي اطلب شيئًا من المال (ولو) حصل لك (خاتم من حديد) قال الحافظ: لو فيه تقليلية، وقال النووي: قوله ولو خاتم بالرفع هكذا هو في بعض النسخ، وفي بعضها ولو خاتمًا بالنصب وهذا واضح لأنه خبر لكان المحذوفة، ولو كان الذي تلتمسه خاتمًا من حديد والأول صحيح أيضًا لأنه فاعل فعل محذوف تقديره ولو حصل لك خاتم من حديد، ثم قال النووي: وفي هذا الحديث جواز اتخاذ خاتم الحديد، وفيه خلاف للسلف حكاه القاضي ولأصحابنا في كراهيته وجهان أصحهما لا يكره اهـ (فذهب) الرجل مرة ثانية (ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله) أي والله يا رسول الله ما حصل لي شيء من المال (ولا خاتم من حديد) بالرفع معطوف على ما قدرناه (ولكن) استدراك على النفي السابق فتفيد إثباتًا أي ولكن (هذا إزاري) موجودًا فأصدقها إياه (قال سهل) بن سعد الراوي وهو من كلام أبي حازم (ماله رداء) أي هذا إزاري (فلها نصفه) صداقًا لها، وفي فتح الملهم الذي قال (فلها نصفه) هو الرجل صاحب القصة، وكلام سهل إنما هو قوله ما له رداء فقط وهي جملة معترضة وتقدير الكلام ولكن هذا إزاري فلها نصفه، وقد جاء ذلك صريحًا في رواية أبي غسان محمد بن مطرف، ولفظه ولكن هذا إزاري ولها نصفه، قال سهل وما له رداء (فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تصنع) وتستفيد (بإزارك) أيها الرجل (إن لبسته) أنت (لم يكن عليها منه شيء وإن لبسته) هي (لم يكن عليك منه شيء) وقوله: (لم يكن عليها منه شيء) قال الحافظ: أي إن لبسته كاملًا وإلا فمن المعلوم من ضيق حالهم وقلة الثياب عندهم أنها لو لبسته بعد أن تشقه لم يسترها، ويحتمل أن يكون المراد بالنفي نفي الكمال لأن

ص: 307

فَجَلَسَ الرَّجُلُ. حَتَّى إِذَا طَال مَجْلِسُهُ قَامَ. فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُوَلِّيًا. فَأمَرَ بِهِ فَدُعِيَ. فَلَمَّا جَاءَ قَال: "مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟ " قَال: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا. (عَدَّدَهَا) فَقَال: "تَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ"؟ قَال: نَعَمْ. قَال: "اذْهَبْ فَقَدْ مُلِّكْتَها

ــ

العرب قد تنفي جملة الشيء إذا انتفى كماله؛ والمعنى لو شققته بينكما نصفين لم يحصل كمال سترك بالنصف إذا لبسته ولا هي، وفي رواية معمر عند الطبراني والله ما وجدت شيئًا غير ثوبي هذا أشققه بيني وبينها، قال: ما في ثوبك فضل عنك، وفيه نظر الإمام في مصالح رعيته وإرشاده إلى ما يصلحهم اهـ. (فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه) أي جلوسه (قام) ليذهب (فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونه (موليًا) أي مدبرًا ظهره إليهم (فأمر به) رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده بدعائه (فدُعي) الرجل (فلما) رجع و (جاء) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ماذا) أي ما الذي (معك) أو أي شيء معك (من القرآن) يحتمل أن يكون هذا بعد قوله كما في رواية مالك: "هل معك من القرآن شيء؟ " فاستفهمه حينئذٍ عن كميته ووقع الأمران في رواية معمر قال: "فهل تقرأ من القرآن شيئًا؟ " قال: نعم، قال:"ماذا؟ " قال: سورة كذا. وعُرف بهذا المراد بالمعية وأن معناها الحفظ عن ظهر قلبه كما سيأتي التصريح به إن شاء الله تعالى (قال) الرجل (معي سورة كذا وسورة كذا) حالة كونه (عدّدها) أي ذكر عدد السور التي عنده، وهو مدرج من كلام الراوي، وفي فتح الملهم: السورتان البقرة والمفصل، وقيل: إنا أعطيناك الكوثر، وفي حديث أبي أمامة زوّج النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا من أصحابه امرأة على سورة المفصل جعلها مهرها وأدخلها عليه، وقال:"علّمها". وفي حديث أبي هريرة: "فعلّمها عشرين آية" وهي امرأتك (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أ (تقرؤهن) بتقدير همزة الاستفهام أي هل تقرأ السور التي عدّدتها (عن ظهر قلبك؟ قال) الرجل: (نعم) أقرؤهن عن ظهر قلبي فـ (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أذهب) بها (فقد مُلّكتها) بضم الميم وكسر اللام المشددة على صيغة المبني للمجهول، والفاعل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال النواوي: هكذا هو في معظم النسخ، وفي بعضها:(ملكتكها) بكافين وتاء المتكلم وكذا رواه البخاري، وفي رواية أخرى زوجتكها اهـ، قال الحافظ: واستدل به على

ص: 308

بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ".

هذَا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ. وَحَدِيثُ يَعْقُوبَ يُقَارِبُهُ فِي اللَّفْظِ.

3368 -

(00)(00) وحدَّثناه خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ

ــ

جواز ثبوت العقد بدون لفظ النكاح والتزويج، وخالف في ذلك الشافعي، ومن المالكية ابن دينار وغيره، والمشهور عن المالكية جوازه بكل لفظ دل على معناه إذا قُرن بذكر الصداق أو قصد النكاح كالتمليك والهبة والصدقة والبيع ولا يصح عندهم بلفظ الإجارة ولا العارية ولا الوصية، واختلف عندهم في الإحلال والإباحة، وأجازه الحنفية بكل لفظ يقتضي التأبيد مع القصد وموضع الدليل من هذا الحديث ورود قوله صلى الله عليه وسلم: ملكتكها لكن ورد أيضًا بلفظ زوجتكها، قال ابن دقيق العيد: هذه لفظة واحدة في قصة واحدة، واختلف فيها مع اتحاد مخرج الحديث فالظاهر أن الواقع من النبي صلى الله عليه وسلم أحد الألفاظ المذكورة فالصواب في مثل هذا النظر إلى الترجيح، وقد نقل الدارقطني: أن الصواب رواية من روى زوجتكها وأنهم أكثر وأحفظ، قال: وقال بعض المتأخرين: يحتمل صحة اللفظين ويكون أنه قال: لفظ التزويج أولًا ثم قال: اذهب فقد ملكتها بالتزويج السابق، قال ابن دقيق العيد: وهذا بعيد.

أي اذهب فقد ملكتها (بـ) تعليم (ما معك من القرآن) قال العيني: احتج به الشافعي وأحمد في رواية والظاهرية على أن التزويج على سورة من القرآن مسماة جائز وعليه أن يعلّمها، وقال الترمذي عقب الحديث المذكور: قد ذهب الشافعي إلى هذا الحديث فقال: إن لم يكن شيء يصدقها وتزوّجها على سورة من القرآن فالنكاح جائز ويعلّمها السورة من القرآن، وقال بعض أهل العلم: النكاح جائز ويجعل لها صداق مثلها وهو قول أهل الكوفة وأحمد وإسحاق اهـ (هذا) الحديث المذكور (حديث ابن أبي حازم) أي لفظ حديثه (وحديث يعقوب) بن عبد الرحمن القاري (يقاربه) أي يقارب حديث ابن أبي حازم (في اللفظ) أي في لفظه وكذا في معناه. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [5087]، وأبو داود [2111]، والترمذي [1114]، والنسائي [113/ 6].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث سهل بن سعد رضي الله عنهما فقال:

3368 -

(00)(00)(وحدثناه خلف بن هشام) بن ثعلب البزار البغدادي، ثقة، من

ص: 309

حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ. ح وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيرُ بْنُ حَرْب. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بن عُيَينَةَ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا حُسَينُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ. كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، بِهذَا الْحَدِيثِ. يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. غَيرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ زَائِدَةَ قَال:"انْطَلِق فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا. فَعَلَّمْهَا مِنَ الْقُرْآنِ".

3369 -

(1347)(97) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. حَدَّثَنَا عَندُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ. حَدَّثَني يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُسَامَة بْنِ الهَادِ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ

ــ

(10)

(حدثنا حماد بن زيد) الأزدي البصري، ثقة، من (8)(ح وحدثنيه زهير بن حرب حدثنا سفيان بن عيينة ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه (عن) عبد العزيز بن محمد بن عبيد (الدراوردي) الجهني المدني، صدوق، من (8)(ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي) بن الوليد الجعفي الكوفي، ثقة، من (9)(عن زائدة) بن قدامة الثقفي الكوفي، ثقة، من (7) (كلهم) أي كل هؤلاء المذكورين من حماد بن زيد وسفيان والدراوردي وزائدة رووا (عن أبي حازم عن سهل بن سعد) الساعدي (بهذا الحديث) غرضه بيان متابعة هؤلاء الأربعة ليعقوب القاري وعبد العزيز بن أبي حازم حال كونهم (يزيد بعضهم على بعض) بعض الكلمات (غير أن) أي لكن أن (في حديث زائدة) بن قدامة وروايته (قال انطلق) أي اذهب أيها الرجل بها (فقد زوجتكها) بما معك من القرآن (فعلّمها من القرآن) قال القرطبي: يعني به السور التي عدّدها له وأخبره بحفظها وهو بمعنى قوله في الرواية الأخرى بما معك من القرآن والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.

ثم استشهد المؤلف لحديث سهل بن سعد بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما فقال:

3369 -

(1347)(97)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (حدثنا عبد العزيز بن محمد) بن عبيد الدراوردي المدني (حدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد) الليثي المدني، ثقة، من (5)(ح وحدثني محمد) بن يحيى (بن أبي عمر) العدني (المكي واللفظ) الآتي (له) أي لمحمد بن يحيى (حدثنا عبد العزيز) الدراوردي (عن

ص: 310

يَزِيدَ، عَن مُحَمَّدِ بنِ إِبرَاهِيمَ، عَن أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحمَنِ؟ أَنَّهُ قَال: سَألتُ عَائِشَةَ زَوجَ النبِي صلى الله عليه وسلم: كَم كَانَ صَدَاقُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالت: كَانَ صَدَاقُهُ لأَزوَاجِهِ ثِنْتَي عَشرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا. قَالت: أَتَدْرِي مَا النَّشُّ؟ قَال: قُلْتُ: لَا. قَالت: نِصفُ أُوقِية. فَتِلكَ خَمسُمِائةِ دِرهَمٍ. فَهذَا صَدَاقُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم لأَزواجِهِ

ــ

يزيد) بن عبد الله بن الهاد الليثي المدني (عن محمد بن إبراهيم) بن الحارث بن خالد التيمي أبي عبد الله المدني، ثقة، من (4) (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني (أنه قال: سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها. وهذان السندان من سداسياته رجالهما كلهم مدنيون إلا إسحاق بن إبراهيم في السند الأول فإنه مروزي وإلا محمد بن أبي عمر في السند الثاني فإنه مكي، أي سألتها بقولي:(كم كان صداق) أزواج (رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بفتح الصاد لغة اسم للشديد الصلب بفتح الصاد أي الشديد القوي سمي الصداق الشرعي بذلك لأنه أشد الأعواض لزومًا من جهة عدم سقوطه بالتراضي، وشرعًا اسم لمال واجب للمرأة على الرجل بنكاح أو وطء شبهة أو موت كما في موت كل من الزوجين أو أحدهما في التفويض. وله أسماء كثيرة تبلغ أحد عشر اسما نظمها بعضهم في بيتين:

صداق ومهر نحلة وفريضة

حباء وأجر ثم عقر علائق

وطول نكاح ثم خرس تمامها

ففرد وعشر عد ذاك موافق

وزيد على ذلك عطية فله اثنا عشر اسما، ويقال له صدقة أيضًا، وتُجمع على صدقات سُمي بالصداق لدلالته على صدق باذله في الرغبة في النكاح (قالت) عائشة:(كان صداقه) صلى الله عليه وسلم (لأزواجه ثنتي عشرة أوقية) بضم الهمزة وتشديد الياء، والمراد بها أوقية الحجاز وهي أربعون درهمًا (ونشًّا) بنون مفتوحة ثم شين مشددة، قال أبو سلمة:(قالت) لي عائشة: (أتدري) أي هل تعلم (ما النشُّ؟ قال) أبو سلمة: (قلت) لها: (لا) أدري (قالت) هو (نصف أوقية) عشرون درهمًا (فتلك) الأواقي المذكورة مع النش (خمسمائة درهم فهذا) العدد المذكور (صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أصْدقه (لـ) أغلب (أزواجه) قال القرطبي: وهذا القول من عائشة إنما هو إخبار عن غالب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لأن صفية من جملة أزواجه وأصدقها نفسها أي

ص: 311

3370 -

(1348)(98) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَأَبُو الرَّبِيعِ سُلَيمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى (قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ) عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ

ــ

جعل عتقها صداقها، وزينب بنت جحش لم يُذكر لها صداق، وأم حبيبة بنت أبي سفيان أصْدقها النجاشي أربعة آلاف درهم، فقد خرج هؤلاء من عموم قول عائشة فدل على أن المراد بقولها ما ذكرناه اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [2105]، والنسائي [116/ 6 و 117].

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه فقال:

3370 -

(1348)(98)(حدثنا يحيى بن يحيى التميمي) النيسابوري (وأبو الرّبيع) الزهراني (سليمان بن داود العتكي) البصري (وقتيبة بن سعيد) الثقفي البلخي (واللفظ) الآتي (ليحيى) بن يحيى (قال يحيى: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري (عن ثابت) بن أسلم البناني البصري (عن أنس بن مالك) البصري رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته رجاله كلهم بصريون إلا يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف) الزهري المدني أحد العشرة المبشرة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين (أثر صفرة) أي أثر وبقية طيب ذي صفرة أي صاحب لون أصفر يعني أنه تعلق به أثر من الزعفران وغيره من طيب العروس ولم يقصده ولا تعمد التزعفر؛ أي رأى عليه شيئًا قليلًا علق به من الطيب استعمله عند الزفاف، وفي رواية البخاري (وعليه وضر من صفرة) بفتح الواو والضاد المعجمة هو التلطخ بخلوق أو طيب له لون، وقد صرح به في بعض الروايات بأنه أثر زعفران (فإن قلت): جاء النهي عن التزعفر فما الجمع بينهما (قلت): كان يسيرًا فلم ينكره، وقيل إن ذلك علق به من ثوب المرأة من غير قصد، وقيل كان في أول الإسلام أن من تزوج لبس ثوبًا مصبوغًا لسروره وزواجه، وقيل كانت المرأة تكسوه إياه، وقيل إنه كان فعل ذلك ليُعان على الوليمة، وقال ابن عباس: أحسن الألوان الصفرة، قال تعالى: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ

ص: 312

فَقَال: "مَا هذَا؟ " قَال: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَال:"فَبَارَكَ اللهُ لَكَ. أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ"

ــ

لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} قال: فقرن السرور بالصفرة، ولما سئل عبد الله بن عمر عن الصبغ بها قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها، فأنا أصبغ بها وأحبها.، وقال أبو عبيد: كانوا يرخصون في ذلك للشاب أيام عرسه، وقيل: يحتمل أن ذلك كان في ثوبه لا في بدنه، ومذهب مالك جوازه وحكاه عن علماء بلده، وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يجوز ذلك للرجال كذا في عمدة القاري (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما هذا) الأثر الذي أراه عليك؟ وفي هذا سؤال الإمام والكبير أصحابه. وأتباعه عن أحوالهم ولا سيما إذا رأى منهم ما لم يعهد، وفيه جواز خروج العروس وعليه أثر العرس من خلوقٍ وغيره (قال) عبد الرحمن:(يا رسول الله إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب) أي على ذهب يزن نواة تمر، وفي المرقاة قال القاضي: النواة اسم لخمسة دراهم كما أن النش اسم لعشرين درهمًا، والأوقية اسم لأربعين درهمًا، وقيل معناه على ذهب قيمته تساوي خمسة دراهم وهذا لا يساعده اللفظ، وقيل المراد بالنواة نواة التمر ولبه وهذا الأخير هو الظاهر المتبادر أي مقدارها من الذهب وهو سدس مثقال تقريبًا، وقد يوجد بعض النوى يزن ربع مثقال أو أقل وقيمته تساوي عشرة دراهم، ويمكن أن يحمل على المعنى الأول فمعناه على مقدار خمسة دراهم وزنًا من الذهب يعني ثلاثة مثاقيل ونصفًا ذهبًا وهذا بعيد كما في الفتح.

قال الحافظ: واستدل به على استحباب تقليل الصداق لأن عبد الرحمن بن عوف كان من مياسير الصحابة، وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم على إصداقه وزن نواة من ذهب، وتعقب بأن ذلك كان في أول الأمر حين قدم المدينة وإنما حصل له اليسار بعد ذلك من ملازمة التجارة حتى ظهرت منه من الإعانة في بعض الغزوات ما اشتهر وذلك ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم:(فبارك الله لك) الفاء زائدة لتزيين الخط أو للإفصاح تقديره إذا كان شأنك ذلك فأقول لك بارك الله لك في زواجك (أو لم) أمر من الوليمة وهي ضيافة تتخذ للعروس (ولو) كانت وليمتك وضيافتك (بشاة) مشتقة من الولم وهو الجمع لأن الزوجين يجتمعان قاله الأزهري وغيره، قال ابن الأنباري: أصلها تمام الشيء واجتماعه، والفعل منها أو لم، وقد ذهب بعضهم إلى وجوبها لظاهر الأمر، والأكثرون على أنها مستحبة اهـ ابن الملك، والمستفاد

ص: 313

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

من هذا الحديث ومما يأتي من الأحاديث أن وقت الوليمة بعد الدخول.

قوله: (فبارك الله لك) فيه استحباب الدعاء للمتزوج بالبركة وهو المشروع ولا شك أنها لفظة جامعة يدخل فيها كل مقصود من ولد وغيره، وفي بعض الروايات قال عبد الرحمن: فلقد رأيتني ولو رفعت حجرًا لرجوت أن أصيب ذهبًا أو فضة فكأنه قال ذلك إشارة إلى إجابة الدعوة النبوية بأن يبارك الله له، وفي رواية معمر عن ثابت قال أنس: فلقد رأيته قسم لكل امرأة من نسائه بعد موته مائة ألف، قلت: مات عن أربع نسوة فيكون جميع تركته ثلاثة آلاف ألف ومائتي ألف.

قال النووي: قال أصحابنا وغيرهم: الضيافات ثمانية أنواع الوليمة للعرس، والخرس -بضم الخاء المعجمة- ويقال أيضًا الخرص بالصاد المهملة للولادة، والإعذار -بكسر الهمزة وبالعين المهملة والذال المعجمة- للختان، والوكيرة للبناء، والنقيعة لقدوم المسافر مأخوذة من النقع وهو الغبار، ثم قيل إن المسافر يصنع الطعام، وقيل يصنعه غيره له، والعقيقة يوم سابع الولادة، والوضيمة -بفتح الواو وكسر الضاد المعجمة- الطعام عند المصيبة، والمأدبة -بضم الدال وفتحها- الطعام المتخذ ضيافة بلا سبب والله أعلم. قال الحافظ: وقد فاتهم ذكر الحذاق -بكسر المهملة وتخفيف الذال المعجمة اخره قاف- الطعام الذي يتخذ عند حذق الصبي ذكره ابن الصباغ في الشامل، وقال ابن الرفعة: هو الذي يصنع عند ختم القرآن كذا قيده، ويحتمل ختم قدر مقصود منه، ويحتمل أن يطرّد ذلك في حذقه لكل صناعة، قال: وفي حديث عثمان بن أبي العاص عند أحمد في وليمة الختان لم يكن يدعى لها اهـ وقد جمعها بعضهم في بيتين فقال:

وليمة عرس ثم خرس ولادة

عقيقة مولود وكيرة ذي بنا

وضيمة موت ثم إعذار خاتن

نقيعة سفر والمؤدب للثنا

وقد ورد في حديث أبي هريرة مرفوعًا عند الطبراني في الأوسط: الوليمة حق وسنة فمن دُعي فلم يجب فقد عصى. قال ابن بطال: قوله الوليمة حق أي ليست بباطل بل يندب إليها وهي سنة فضيلة، وليس المراد بالحق الوجوب، ثم قال: ولا أعلم أحدًا أوجبها كذا قال، والإجابة إليها واجبه إلا لعذر كما هو مبسوط في كتب الفروع، وقال

ص: 314

3371 -

(00)(00) وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيدٍ الغُبَريُّ. حَدَّثنَا أبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَة، عَنْ أنَسٍ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمنِ بْنَ عَوْفٍ تَزَوَّجَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَقَال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ"

ــ

الزركشي بعد كلام طويل: ولا تجب الإجابة في زماننا لأن المحافل لا تخلو عن منكر ما. وإذا كان زمانهم كذلك فكيف زماننا الذي جُعل فيه الحرام حلالًا والعياذ بالله تعالى.

قوله: (ولو بشاة) لو تقليلية واستدل به على أن الشاة أقل ما يجزئ عن الموسر ولولا ثبوت أنه صلى الله عليه وسلم أو لم على بعض نسائه بأقل من شاة لكان يمكن أن يستدل به على أن الشاة أقل ما تجزئ في الوليمة، ومع ذلك فلا بد من تقييده بالقادر عليها ويستفاد من السياق طلب تكثير الوليمة لمن يقدر اهـ فتح الملهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [5073]، وأبو داود [2054]، والترمذي [1115]، والنسائي [6/ 114].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

3371 -

(00)(00)(وحدثنا محمد بن عبيد) بن حساب -بكسر الحاء وتخفيف السين المهملة- (الغبري) بضم المعجمة وتخفيف الموحدة المفتوحة، نسبة إلى بني غبر اسم قبيلة، البصري ثقة من (10)(حدثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، ثقة، من (7)(عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، من (4)(عن أنس بن مالك) الأنصاري البصري رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته، غرضه بيان متابعة قتادة لثابت بن أسلم (أن عبد الرحمن بن عوف تزوج) امرأة من الأنصار (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على وزن نواة من ذهب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولم ولو بشاة) وقوله: (أولم ولو بشاة) قال القرطبي: ظاهره الوجوب، وبه تمسك داود في وجوب الوليمة وهو أحد قولي الشافعي ومالك ومشهور مذهب مالك، والجمهور أنها مندوب إليها وقوله:(ولو بشاة) دليل على أن التوسعة في الوليمة أولى وأفضل لمن قدر عليه، وإن أقل ما يوسع به من أراد الاقتصار شاة، قال القاضي عياض: ولا خلاف في أنه لا حد لها ولا توقيت، واختلف السلف في تكرارها زيادة

ص: 315

3372 -

(00)(00) وحدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ وَحُمَيدٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال لَهُ:"أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ".

3373 -

(00)(00) وحدَّثناه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ. قَالا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خِرَاشٍ. حَدَّثَنَا شَبَابَةُ. كُلُّهُمْ

ــ

على يومين فأجازه قوم ومنعه آخرون، وقال بعض من أجاز ذلك إذا دعى كل يوم من لم يدع قبله جاز وكل كره المباهاة والسمعة اهـ من المفهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله عنه "فقال:

3372 -

(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا وكيع) ابن الجراح (حدثنا شعبة) بن الحجاج (عن قتادة) بن دعامة (وحميد) الطويل (عن أنس) ابن مالك رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة شعبة لأبي: عوانة (أن عبد الرحمن بن عوف تزوج امرأة) من الأنصار. كما في بعض الروايات (على وزن نواة من ذهب وأن النبيِ صلى الله عليه وسلم معطوف على أن الأولى (قال له: أو لم ولو بشاة) قال عياض: وأجمعوا على أن لا حد لأكثرها، وأما أقلها فكذلك ومهما تيسر أجزأ والمستحب أنها على قدر حال الزوج وقد تيسر على الموسر الشاة فما فوقها اهـ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا فقال:

3373 -

(00)(00)(وحدثناه محمد بن المثنى حدثنا أبو داود) الطيالسي سليمان بن داود بن الجارود البصري، ثقة، من (9)(ح وحدثنا محمد بن رافع) القشيري النيسابوري، ثقة، من (11)(وهارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي، ثقة، من (10) (قالا: حدثنا وهب بن جرير) بن حازم بن زيد بن عبد الله الأزدي البصري، ثقة، من (9)(ح وحدثنا أحمد بن) الحسن بن (خراش) بكسر الخاء المعجمة الخراساني البغدادي، صدوق، من (11)(حدثنا شبابة) بن سوار المدائني أبو عمرو الفزاري مولاهم، ثقة، من (9)(كلهم) أي كل من أبي داود ووهب بن جرير وشبابة بن سوار

ص: 316

عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حُمَيدٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ. غَيرَ أن فِي حَدِيثِ وَهْبٍ قَال: قَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً.

3374 -

(00)(00) وحدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ومُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ. قَالا: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيلٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيبٍ. قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: قَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: رَآنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيَّ بَشَاشَةُ الْعُرْسِ. فَقُلْتُ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ

ــ

رووا (عن شعبة عن حميد) الطويل. وهذه الأسانيد كلها من خماسياته، غرضه بسوقها بيان متابعة هؤلاء الثلاثة لوكيع بن الجراح (بهذا الإسناد) يعني عن أنس بن مالك (غير أن) أي لكن أن (في حديث وهب) بن جرير وروايته (قال) أنس (قال عبد الرحمن: تزوجت امرأة) فيكون السند على هذا الطريق من سداسياته ..

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

3374 -

(00)(00)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه (ومحمد بن قدامة) بن إسماعيل السلمي المروزي، مقبول، من (11) ووثقه ابن حبان كلاهما (قالا: أخبرنا النضر بن شميل) مصغرًا المازني أبو الحسن الكوفي، ثقة، من (9)(حدثنا شعبة) بن الحجاج العتكي البصري (حدثنا عبد العزيز بن صهيب) البناني البصري، ثقة، من (4) (قال: سمعت أنسًا) ابن مالك رضي الله عنه (يقول: قال عبد الرحمن بن عوف) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة عبد العزيز بن صهيب لثابت وقتادة وحميد في الرواية عن أنس (رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليّ بشاشة العرس) أي طلاقه الوجه الحاصلة أيام العرس وهو الزفاف، والعرس يطلق على طعام الوليمة أيضًا، ومنه ما في النهاية كان إذا دُعي إلى طعام قال: أفي عرس أم خرس أي لطعام الوليمة أو إطعام الولادة، ويجوز في راء عرس الضم كما في نظائره ويكون عُرُس بضمتين جمع عروس أيضًا كرسل في جمع رسول، والعروس وصف يستوي فيه المذكر والمؤنث، والفرق بينهما يكون في الجمع فجمع المذكر عرس وجمع المؤنث عرائس اهـ من بعض الهوامش. وقال الحافظ: بشاشة العرس اثره وحسنه أو فرحه وسروره، ويقال: بش فلان أي أقبل عليه فرحًا به لطفًا به اهـ فسألني عن بشاشتي (فقلت) له (تزوجت امرأة من الأنصار) هذه المرأة جزم الزبير بن بكار في كتاب النسب أنها بنت

ص: 317

فَقَال: "كَمْ أَصْدَقْتَهَا؟ " فَقُلْتُ: نواةً.

وَفِي حَدِيثِ إِسْحَاقَ: مِنْ ذَهَبٍ.

3375 -

(00)(00) حدَّثنا ابْنُ المُثَنَّى. حَدَّثَنَا أبُو دَاوُدَ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ (قَال شُعْبَةُ: وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ) عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ تَزَوَّجَ امْرأَةً عَلَى وَزْنِ نوَاةٍ مِنْ ذهَبٍ

ــ

أبي الحيسر أنس بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل، وفي ترجمة عبد الرحمن بن عوف من طبقات ابن سعد أنها بنت أبي الحشاش وساق نسبه وأظنهما اثنتين فإن في رواية الزبير قال: ولدت لعبد الرحمن القاسم وعبد الله، وفي رواية ابن سعد ولدت له إسماعيل وعبد الله، وذكر ابن القَدَّاح في نسب الأوس أنها أم إياس بن أبي الحيسر بفتح المهملتين بينهما تحتانية ساكنة واخره راء واسمه أنس بن رافع الأوسي اهـ تنبيه المعلم بمبهمات صحيح مسلم (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كم أصدقتها) أي كم أعطيتها صداقها، واستدل به على أن النكاح لا بد فيه من صداق لاستفهامه عن الكمية ولم يقل هل أصدقتها أو لا؟ اهـ فتح الملهم (فقلت) له صلى الله عليه وسلم: أصدقتها (نواة) أي وزن نواة من ذهب (وفي حديث إسحاق) بن إبراهيم، وروايته زيادة لفظة (من ذهب) بعد نواة تمييزًا له مجرورًا بمن الزائدة.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

3375 -

(00)(00)(وحدثنا ابن المثنى حدثنا أبو داود) الطيالسي - (حدثنا شعبة عن أبي حمزة قال شعبة واسمه عبد الرحمن بن أبي عبد الله) كيسان ويقال: عبد الرحمن بن عبد الله الأنصاري المازني البصري جار شعبة، روى عن أنس بن مالك في النكاح، وابن عمر وصفوان بن محرز، ويروي عنه (م) وشعبة في النكاح ويونس الإسكاف، ذكره بن حبان في الثقات، وقال في التقريب: مقبول، من (4)(عن أنس بن مالك) وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي حمزة لمن روى عن أنس (أن عبد الرحمن) بن عوف (تزوج امرأة على وزن نواة من ذهب).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة سادسًا فقال:

ص: 318

3376 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. أَخْبَرَنَا وَهْبٌ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، بِهذَا الإِسْنَادِ. غَيرَ أَنَّهُ قَال: فَقَال رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: مِنْ ذَهَبٍ

ــ

3376 -

(00)(00)(وحدثنيه محمد بن رافع) القشيري (أخبرنا وهب) بن جرير بن حازم البصري (أخبرنا شعبة بهذا الإسناد) يعني عن أبي حمزة عن أنس، غرضه بيان متابعة وهب لأبي داود (غير أنه) أي لكن أن وهبًا (قال) قال أنس بن مالك:(فقال رجل من ولد عبد الرحمن بن عوف) تزوج على وزن نواة (من ذهب) ولم أر أحدًا من الشراح ذكر اسم هذا الولد، وفي مبهمات مسلم أن أولاد عبد الرحمن بن عوف سالم الأكبر مات قبل الإسلام ومحمد وإبراهيم وحميد وإسماعيل ومعن وعمر وزيد وعروة الأكبر وسالم الأصغر وأبو بكر وعبد الله وأبو سلمة وعبد الرحمن وسهل وعثمان وعروة ويحيى وبلال قاله ابن الجوزي اهـ منه.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب أربعة أحاديث، الأول: حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني: حديث سهل بن سعد ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث: حديث عائشة ذكره للاستشهاد، والرابع: حديث أنس ذكره للاستشهاد وللاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه ست متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 319