المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌516 - (2) باب ما يقول المحرم إذا سافر للحج وإذا قفل منه والتعريس بذي الحليفة والصلاة بها إذا صدر من حج أو عمرة - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌515 - (1) باب فرض الحج في العمر مرة واشتراط وجود المحرم في جواز سفر المرأة لحج أو غيره

- ‌516 - (2) باب ما يقول المحرم إذا سافر للحج وإذا قفل منه والتعريس بذي الحليفة والصلاة بها إذا صدر من حج أو عمرة

- ‌517 - (3) باب لا يحج البيت مشرك ولا يطوف به عريان وفضل يوم عرفة وثواب الحج والعمرة

- ‌518 - (4) باب نزول الحاج بمكة وتوريث دورها وجواز إقامة المهاجر بمكة ثلاثة أيام بعد فراغه من الحج أو العمرة

- ‌519 - (5) باب تحريم مكة وصيدها وشجرها ولقطتها والنهي عن حمل السلاح فيها وجواز دخولها بلا إحرام

- ‌520 - (6) باب فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة وبيان تحريمها وتحريم صيدها وشجرها وبيان حدود حرمها

- ‌521 - (7) "باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها وأن الطاعون والدجال لا يدخلانها وأنها تنفي شرارها

- ‌522 - (8) باب عقوبة من أراد أهل المدينة بسوء والترغيب فيها عند فتح الأمصار وبيان حين يتركها أهلها

- ‌523 - (9) باب فضل ما بين القبر والمنبر وفضل جبل أحد وفضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة

- ‌524 - (10) باب فضل المساجد الثلاثة وبيان المسجد الذي أُسس على التقوى وفضل مسجد قباء

- ‌ كتاب النكاح

- ‌525 - (11) باب الترغيب في النكاح وكراهية التبتل ودفع ما يقع في النفس بمواقعة الزوجة

- ‌526 - (12) باب الترخيص في نكاح المتعة في أول الإسلام ثم نسخه وتحريمه التي يوم القيامة

- ‌527 - (13) باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها وما جاء في نكاح المُحْرِم وخِطْبته

- ‌528 - (14) باب النهي عن خطبة الرجل على خطبة أخيه وعن الشغار وعن الشرط في النِّكَاح

- ‌529 - (15) باب استئمار الثيب واستئذان البكر، والصغيرة البكر يزوجها أبوها واستحباب النكاح في شوال

- ‌530 - (16) باب النظر إلى المخطوبة واشتراط الصداق في النكاح وجواز كونه منافع وأقل قليل والأمر بالوليمة

- ‌531 - (17) باب عتق الرجل أمته ثم تزوجها وهل يصح أن يجعل العتق صداقًا وذكر الوليمة

- ‌532 - (18) باب زواج زينب بنت جحش، ونزول الحجاب فيه، والهدية للعروس في حال خلوته، والأمر بإجابة دعوة النِّكَاح، وقوله شر الطعام طعام الوليمة

- ‌533 - (19) باب ما يحل للمطلقة ثلاثًا وما يقال عند الجماع وجواز وطء المرأة في قبلها من خلفها

الفصل: ‌516 - (2) باب ما يقول المحرم إذا سافر للحج وإذا قفل منه والتعريس بذي الحليفة والصلاة بها إذا صدر من حج أو عمرة

‌516 - (2) باب ما يقول المحرم إذا سافر للحج وإذا قفل منه والتعريس بذي الحليفة والصلاة بها إذا صدر من حج أو عمرة

3156 -

(1257)(7) حدّثني هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الله. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. قَال: قَال ابْنُ جُرَيجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّ عَلِيًّا الأزدِيَّ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ عَلَّمَهُمْ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إلى سَفَرٍ، كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَال: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ

ــ

516 -

(2) باب ما يقول المحرم إذا سافر للحج وإذا قفل منه والتعريس بذي الحليفة والصلاة بها إذا صدر من حج أو عمرة

3156 -

(1257)(7)(حدثني هارون بن عبد الله) بن مروان أبو موسى البغدادي (حدثنا حجاج بن محمَّد) المصيصي الأعور البغدادي، ثِقَة، من (9) (قال) حجاج:(قال) عبد الملك (بن جريج) الأُموي المكيّ، ثِقَة، من (6)(أخبرني أبو الزُّبير) المكيّ (أن عليًّا) ابنَ عبد الله (الأَزدِيّ) البارقي نسبة إلى بارق جبل كان ينزله الأزد فنُسب إليه أبو عبد الله البَصْرِيّ، روى عن ابن عمر في الحج وأبي هريرة، ويروي عنه (م عم) وأبو الزُّبير وقتادة، وثقه العجلي وابن حبان، وقال ابن عدي: ليس به بأس، وقال في التقريب: صدوق ربما أخطأ، من الثالثة (أخبره) أي أخبر أَبا الزُّبير (أن ابن عمر علمهم) أي علم علي بن عبد الله ومن معه، قال الأبي: هو أخص من أعلمهم لإشعار التعليم بالتكرار تأكيدًا اهـ. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مكيون واثنان بغداديان وواحد بصري (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى) أي جلس وتمكن (على) ظهر (بعيره) حاله كونه (خارجًا) من المدينة (إلى سفر) قال الأبي: ولفظ كان يُشعر بتكرره منه وإذاعته (كبر) أي قال الله أكبر (ثلاثًا) من المرات، والجملة الفعلية جواب إذا الشرطية، وجملة (إذا) خبر كان (ثم) بعد ما كبر ثلاثًا (قال {سُبْحَانَ}) الله أي تنزيهًا له عن سمات النقص والحدوث وعن الأغراض والعلل ({الَّذِي سَخَّرَ}) أي ذلل ومكن ({لَنَا}) معاشر النَّاس ({هَذَا}) المركوب ({وَمَا كُنَّا}) أي والحال أنا ما كنا ({لَهُ}) أي لهذا المركوب متعلق بقوله:({مُقْرِنِينَ}) أي مطيقين له قاله ابن عباس؛ أي قادرين على ركوبه، قال الشَّاعر:

لقد علم القبائل ما عقيل

لنا في النائبات بمقرنينا

ص: 27

وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (14)} [الزخرف: 13 - 14] اللَّهُمَّ! إِنا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى. وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى. اللَّهُمَّ! هَوِّنْ عَلَينَا سَفَرَنَا هذَا. وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ. اللَّهُمَّ! أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ

ــ

أي بمطيقين.

وقال الأخفش: ضابطين، وقال قتادة: مماثلين من القرن في القتال وهو المثل، ويحتمل أن يكون من المقارنة أي الملازمة، والمعنى هنا أي ما كُنَّا نطيق قهره واستعماله لولا تسخير الله تعالى إياه لنا ({وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}) أي لراجعون للمحاسبة والمجازاة، وهذا تنبيه على المطالبة بالشكر على هذا التسخير قاله الأبي، وقال الشيخ عبد القادر الدهلوي رحمه الله تعالى في موضح القرآن إن فيه تذكير سفر الآخرة بسفر الدنيا وانتقالًا منه إليه اهـ، قال الأبي: وكذا يقوله من ركب سفينة بل هو أحرى، وكذا يقوله الراجل إلا أنه لا يقول ما يختص بالراكب كقوله: سبحان الذي سخر لنا هذا اهـ.

وفي روح البيان: قال العلماء: إذا ركب في السفينة أو الباخرة أو الطائرة أو السيارة قال: "بسم الله مجريها ومرساها إن ربي لغفور رحيم" ويقال عند النزول منها: "اللهم أنزلنا منزلًا مباركًا وأنت خير المنزلين" كما يدل عليه قصة ركوب نوح عليه السلام السفينة ونزوله عنها، قال القرطبي في تفسيره: علمنا الله سبحانه وتعالى ما نقول إذا ركبنا الدواب في هذه الآية وعرّفنا في آية أخرى على لسان نوح عليه السلام ما نقول إذا ركبنا السفن وغيرها من كل مركوب صناعي بحري أو بري أو جوي فكم من راكب دابة عثرت به أو شمست أو تقحمت "أي ألقته على وجهه" أو طاح عن ظهرها فهلك، وكم من راكب سفينة انكسرت به فغرق اهـ من تفسير حدائق الروح والريحان فمن أراد بسط الكلام في هذه الآية فليراجعه.

(اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا) الذي نحن في بدايته (البر) أي العمل الصالح والخلق الحسن (والتقوى) أي الخوف الحامل على التحرز من المكروه (و) نسألك (من العمل ما ترضاه) وتقبله منا (اللهم هوّن) أي سهل (علينا سفرنا هذا) الذي نحن في بدايته (واطوِ عنا) أي لف لنا (بُعده) أي مسافته البعيدة، وفي دعوات المشكاة والمشارق (واطو لنا) وهو أمر من الطي، قال ابن الملك: وهذا عبارة عن تيسر السير له بمنح القوة اهـ (اللهم أنت الصاحب) أي صاحبنا وحافظنا (في السفر) يقال: صحبك الله؛ أي حفظك؛

ص: 28

وَالْخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ. اللَّهُمَّ! إِني أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ، فِي الْمَالِ وَالأَهْلِ". وَإِذَا رَجَعَ قَالهُنَّ. وَزَادَ فِيهِنَّ:"آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ"

ــ

أي صاحبنا في سفرنا بحفظك ورعايتك (و) أنت (الخليفة) الذي يخلفنا (في الأهل) أي في أهلينا بإصلاح أحوالهم بعد مغيبنا وانقطاع نظرنا عنهم أي أنت المعتمد عليه برعايتهم اهـ من المبارق، قال القرطبي: الصاحب الذي يصحبك بحفظك، والخليفة الذي يخلفك في أهلك بصلاح أحوالهم بعد انقطاع نظرك عنهم، ولا يسمى الله تعالى بالصاحب ولا بالخليفة لعدم الإذن وعدم تكرارهما في الشريعة، قلت: يريد وإنما يقال في مثل هذا كذا في شرح الأبي: (اللهم اني أعوذ) أي أستجير (بك من وعثاء السفر) -بفتح الواو وإسكان العين المهملة وبالثاء المثلثة- وبالمد أي من مشقته وشدته وتعبه، وأصله من الوعث وهو الوحل والطريق الشاق المسلك كما في المصباح (و) أعوذ بك من كآبة المنظر) أي حزن المرأى وما يسوء منه، والكآبة -بفتح الكاف وبالمد- وهي تغير النفس من حزن ونحوه؛ أي أعوذ بك من نظر في الأهل والمال يعقب حزنا بتلف بعضهم (و) من (سوء المنقلب) أي الانقلاب أي ما يسوء منه وهو بفتح اللام مصدر ميمي بمعنى الانقلاب أي من المرجع السيئ (في المال والأهل) بان يصيبهم خسران أو مرض اهـ من المبارق.

(وإذا رجع) رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره (قالهن) أي قال هذه الأدعية (وزاد فيهن) أي عليهن قوله نحن (آيبون) أي راجعون من سفرنا بالسلامة، قال ملا علي: والظاهر أن التقدير نحن آيبون الخ على وجه الإخبار تحدثًا بنعمة الله وقصدًا للثبات على طاعة الله، وهو جمع آيب اسم فاعل من آب يؤوب أوبًا ومآبًا إذا رجع، وأصل الأوبة الرجوع عما هو مذموم إلى ما هو محمود (تائبون) من ذنوبنا، جمع تائب من الذنب قاله تعليما للأمة وإلا فلا ذنب له، وقيل: المراد بذنب الأنبياء ما هو خلاف الأولى (عابدون لربنا) أي خاضعون متذللون له (حامدون) أي مثنون عليه بصفات كماله وجلاله وشاكرون عوارف أفضَاله. وشارك المؤلف في روايته أحمد [2/ 144]، وأبو داود [2599]، والترمذي [3447]، والنسائي في اليوم والليلة [548].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر بحديث عبد الله بن سرجس رضي الله عنهم فقال:

ص: 29

3157 -

(1258)(8) حدثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِسَ. قَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا سَافَرَ، يَتَعَوَّذُ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ، وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ، وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ، وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الأهلِ وَالْمَالِ

ــ

3157 -

(1258)(8)(حدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم بن مقسم المعروف بـ (ابن علية) اسم أمه، الأسدي البصري (عن عاصم) بن سليمان (الأحول) التميمي البصري، ثقة، من (4) (عن عبد الله بن سرجس) -بفتح المهملة وسكون الراء وكسر الجيم بعدها مهملة- المزني البصري الصحابي المشهور رضي الله عنه له (17) حديثًا. وهذا السند من رباعياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد نسائي (قال) عبد الله:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر) أي شرع في السفر (يتعوذ) أي يعتصم ويلوذ بالله (من وعثاء السفر) أي من مشقة السفر وتعبه (وكآبة المنقلب) أي حزن المنقلب والمرجع في الأهل والأولاد (و) يتعوذ من (الحور) أي النقصان (بعد الكور) بالراء أي بعد الزيادة وقيل من الخروج من الجماعة بعد أن كان فيها، وقيل من التفرق بعد الاجتماع، وأصل الحور نقض العمامة بعد لفها على الرأس، وأصل الكور من كار العمامة على رأسه يكورها كورًا أي لفها وكل دور كور أي من أن ينقلب حالنا من السراء إلى الضراء ومن الصحة إلى المرض، ويمكن أن يقال أي من التنزل بعد الترقي أو من الرجوع إلى المعصية بعد التوبة أو إلى الغفلة بعد الذكر أو إلى الغيبة بعد الحضور، ورُوي والحور بعد الكون بالنون بدل الراء أي الرجوع من الحالة المستحسنة بعد أن كان عليها، والكون الحصول على هيئة جميلة من قولهم: حار بعدما كان أي إنه كان على حالة جميلة فرجع عنها اهـ من المرقاة، قال أبو إسحاق الحربي: يقال: إن عاصمًا وَهِمَ فيه، وصوابه الكور بالراء والله أعلم اهـ مفهم (و) يتعوذ من (دعوة المظلوم) وإنما استعاذ منها لأنها مستجابة كما جاء في الصحيح ولما تضمنته من كفاية الظلم ورفعه، قال النووي: أي أعوذ بك من الظلم فإنه يترتب عليه دعاء المظلوم ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، ففيه التحذير من الظلم ومن التعرض لأسبابه اهـ، قال الأبي: فالمصدر على هذا مضاف للفاعل وقد يصح أن يكون مضافًا للمفعول كما قال في حديث: "أعوذ بك أن أظلم أو أُظلم" اهـ (وسوء المنظر في الأهل والمال).

ص: 30

3158 -

(00)(00) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَزُهَيرُ بنُ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاويَةَ. ح وَحَدَّثَنِي حَامِد بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنَا عَندُ الْوَاحِدِ. كِلاهُمَا عَنْ عَاصِمٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْوَاحِدِ: فِي المَالِ وَالأهْلِ. وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ خَازِمٍ قَال: يَبْدَأُ بِالأَهْلِ إِذَا رَجَعَ. وَفِي رِوَايَتِهِمَا جَمِيعًا: "اللَّهُمَّ! إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ"

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [5/ 82 - 83]، والترمذي [3435]، والنسائي [8/ 272]، وابن ماجه [3888]. ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله بن سرجس رضي الله عنه فقال:

3158 -

(00)(00)(وحدثنا بحبى بن يحيى) التميمي النيسابوري (وزهير بن حرب جميعًا عن أبي معاوية) محمد بن خازم (ح وحدثني حامد بن عمر) بن حفص بن عمر بن عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي البكراوي أبي عبد الرحمن البصري قاضي كرمان، ثقة، من (10)(حدثنا عبد الواحد) بن زياد العبدي مولاهم أبو بشر البصري، ثقة، من (8) إلا أن في حديثه عن الأعمش وحده مقال (كلاهما) أي كل من أبي معاوية وعبد الواحد رويا (عن عاصم) بن سليمان الأحول (بهذا الإسناد) يعني عن عبد الله بن سرجس (مثله) أي مثل ما روى إسماعيل بن علية عن عاصم، وهذان الإسنادان من رباعياته أيضًا، غرضه بيان متابعتهما لابن علية (غير أن في حديث عبد الواحد) وروايته وسوء المنظر (في المال والأهل) بتقديم المال على الأهل (وفي رواية) أبي معاوية (محمد بن خازم قال) عبد الله بن سرجس:(يبدأ) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بالأهل) أي بالسلام على أهله (إذا رجع) من سفره (وفي روايتهما) أي في رواية عبد الواحد ومحمد بن خازم (جميعًا اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر) بالمضارع المسند إلى المتكلم بدل قول غيره يتعوذ من وعثاء السفر، وهذا بيان لمحل المخالفة بين الرواة، وفي بعض الهوامش قوله: وفي رواية محمد بن خازم بالخاء المعجمة، وكانت النسخ كلها خطها وطبعها بالمهملة وفقني الله تعالى لتصحيحه بمنه وكرمه، ومحمد بن خازم كما يظهر من الخلاصة هو أبو معاوية المذكور سماه المؤلف بعد ما كناه، وأوقع قارئ كتابه في اشتباه ولبس أهـ منه.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله عنهما أيضًا فقال:

ص: 31

3159 -

(1259)(9) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. ح وَحَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا يَحْيَى (وَهُوَ الْقَطَّانُ) عَنْ عُبَيدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ. قَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا قَفَلَ مِنَ الْجُيُوشِ أَو السَّرَايَا أَو الْحَجِّ أَو الْعُمْرَةِ،

ــ

3159 -

(1259)(9)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الكوفي (حدثنا عبيد الله) بن عمر بن حفص (عن نافع عن ابن عمر) وهذا السند من خماسياته (ح وحدثنا عبيد الله بن سعيد) بن يحيى اليشكري مولاهم أبو قدامة النيسابوري، ثقة، من (10) مات سنة (241) روى عنه في (8) أبواب (واللفظ) الآتي (له) أي لعبيد الله بن سعيد لا لأبي بكر بن أبي شيبة (حدثنا يحيى) بن سعيد بن فروخ التميمي البصري (وهو القطان عن عبيد الله) بن عمر (عن نافع عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند أيضًا من خماسياته (قال) ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قفل) بتقديم القاف على الفاء كرجع وزنًا ومعنى أي إذا رجع (من) الغزو سواء كان مع (الجيوش) جمع جيش وهو العسكر العظيم (أو) مع (السرايا) جمع سرية كضحايا جمع ضحية وهي دون الجيش سميت بذلك لأنها تسري بالليل، وفي الحديث:"خير الجيوش أربعة آلاف، وخير السرايا أربعمائة، ولن يغلب اثنا عشر ألفًا عن قلة" والحاصل أن المراد بالقفول من الجيوش والسرايا الرجوع من الغزو كما قررناه في حلنا (أو) قفل من (الحج أو) من (العمرة) قال الحافظ: ظاهره اختصاص ذلك بهذه الأمور الثلاث، وليس الحكم كذلك عند الجمهور، بل يشرع قول ذلك في كل سفر إذا كان سفر طاعة كصلة رحم وطلب علم لما يشمل الجميع من اسم الطاعة، وقيل: يتعدى أيضًا إلى المباح كسفر تجارة لأن المسافر لا ثواب له فيه فلا يمتخ عليه فعل ما يحصل له الثواب، وقيل: يشرع في سفر المعصية أيضًا كسفر ناشزة وآبق وقاطع طريق لأن مرتكبها أحوج إلى تحصيل الثواب من غيره وهذا التعليل متعقب لأن الذي يخصه بسفر الطاعة لا يمنع من سافر في مباح ولا في معصية من الإكثار من ذكر الله وإنما النزاع في خصوص هذا الذكر في هذا الوقت المخصوص فذهب قوم إلى الاختصاص لكونها عبادات مخصوصة شرع لها ذكر مخصوص فتختص به كالذكر المأثور عقب الأذان

ص: 32

إِذَا أَوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ، كَبَّرَ ثَلاثًا، ثُمَّ قَال:"لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحمْدُ وَهُوَ عَلَى كل شَيءٍ قَدِيرٌ. آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ. لِرَبِّنَا حَامِدُونَ. صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ. وَنَصَرَ عَبْدَهُ. وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ"

ــ

وعقب الصلاة، وإنما اقتصر الصحابي على الثلاث لانحصار سفر النبي صلى الله عليه وسلم فيها اهـ. (قلت): ولعل سفر الهجرة يندرج عنده في إحداها (إذا أوفى) أي ارتفع وعلا (على ثنية) -بمثلثة ثم نون ثم تحتانية مشددة- هي العقبة وقال القرطبي: الثنية الهضبة وهي الكوم دون الجبل (أو) على (فدفد) -بفاءين مفتوحتين بينهما دال ساكنة- وهو ما غلظ من الأرض وارتفع، وقيل: هو الفلاة التي لا شيء فيها من شجر وغيره، وقيل: غليظ الأرض ذات الحصى، وجمعه فدافد (كبر ثلاثًا) من المرات وتكبيره صلى الله عليه وسلم في هذه المواضع المرتفعة إشعار بأن أكبرية كل كبير إنما هي منه وأنها محتقرة بالنسبة إلى أكبريته تعالى وعظمته (ثم قال) صلى الله عليه وسلم:(لا إله إلا الله وحده لا شريك له) وتوحيد الله تعالى هناك إشعار بانفراده بإيجاد جميع الموجودات وبأنه المألوه أي المعبود في كل الأماكن من الأرضين والسموات كما قال: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف / 84] قال الحافظ: يحتمل أنه كان يأتي بهذا الذكر عقب التكبير وهو على المكان المرتفع، ويحتمل أن التكبير يختص بالمكان المرتفع وما بعده إن كان متسعًا أكمل الذكر المذكور فيه وإلا فإذا هبط سبح كما يدل عليه حديث جابر، ويحتمل أن يكمل الذكر مطلقًا عقب التكبير ثم يأتي بالتسبيح إذا هبط، قال القرطبي: وفي تعقيب التكبير بالتهليل إشارة إلى أنه المنفرد بإيجاد جميع الموجودات وأنه المعبود في جميع الأماكن اهـ (له) لا لغيره (الملك) أي ملك السماوات والأرض وغيرهما، والملك -بضم الميم وكسرها- أصله الشد والربط، والمُلك بالضم يتضمن الملك بالكسر ولا ينعكس (وله الحمد وهو على كل شيء قدير) نحن (آيبون) أي راجعون إلى الله تعالى أي إلى طاعته (تائبون) من ذنوبنا (عابدون) له تعالى بجميع أنواع العبادات (ساجدون لربنا حامدون) له تعالى (صدق الله وعده) لمحمد صلى الله عليه وسلم بإظهار دينه (ونصر عبده) محمدأ صلى الله عليه وسلم يوم بدر (وهزم الأحزاب وحده) من غير قتال والمراد أحزاب يوم الخندق فارسل عليهم ريحًا وجنودًا لم تروها، وفي حديث جابر كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا تصوبنا سبحنا، قال المهلب: تكبيره صلى الله

ص: 33

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عليه وسلم عند الارتفاع استشعار لكبرياء الله تعالى وعندما يقع عليه العين من عظيم خلقه أنه أكبر من كل شيء وتسبيحه في بطون الأودية مستنبط من قصة يونس عليه السلام فإن بتسبيحه في بطن الحوت نجاه الله من الظلمات فسبح النبي صلى الله عليه وسلم في بطون الأودية لينجيه الله تعالى منها، وقيل: مناسبة التسبيح في الأماكن المنخفضة من جهة أن التسبيح هو التنزيه فناسب تنزيه الله تعالى عن صفات الانخفاض كما ناسب تكبيره عند الأماكن المرتفعة.

قوله: (آيبون) جمع آئب كراجع وزنًا ومعنى كما مر وهو خبر لمبتدإ محذوف تقديره نحن آيبون، وليس المراد الإخبار بمحض الرجوع فإنه تحصيل الحاصل بل الرجوع في حالة مخصوصة وهي تلبسهم بالعبادة المخصوصة والاتصاف بالأوصاف المذكورة كذا في الفتح، وقال العيني:(آئبون) أي راجعون إلى الله، وفيه إيهام معنى الرجوع إلى الوطن اهـ، قوله:(تائبون) قال الحافظ: فيه إشارة إلى التقصير في العبادة، وقاله صلى الله عليه وسلم على سبيل التواضع أو تعليمًا لأمته أو المراد أمته كما تقدم، وقد تستعمل التوبة لإرادة الاستمرار على الطاعة فيكون المراد أن لا يكون منهم ذنب، قوله:(صدق الله وعده) أي فيما وعد به من إظهار دينه في قوله: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً} وقوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} الآية وهذا في سفر الغزو ومناسبته لسفر الحج والعمرة قوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} قال عياض: فهو تكذيب لقول المنافقين: {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إلا غُرُورًا} وقوله: (ونصر عبده) يريد نفسه، قوله:(وهزم الأحزاب وحده) أي من غير فعل أحد من الآدميين، واختلف في المراد بالأحزاب هنا فقيل: هم كفار قريش ومن وافقهم من العرب واليهود الذين تحزبوا أي تجمعوا في غزوة الخندق ونزلت في شأنهم سورة الأحزاب، وقيل: المراد ما هو أعم من ذلك، وقال النووي: المشهور الأول.

وفي الحديث من الفقه استعمال حمد الله تعالى والإقرار بنعمه والخضوع له والثناء عليه عند القدوم من الحج والجهاد على ما وهب من تمام المناسك وما رزق من النصر على العدو والرجوع إلى الوطن سالمين، وكذلك إحداث حمد الله تعالى والشكر له على ما يحدث لعباده من نعمه فقد رضي عن عباده الإقرار له بالوحدانية والخضوع له بالربوبية

ص: 34

3160 -

(00)(00) وحدّثني زُهَيرُ بنُ حَرْب. حَدَّثَنَا إِسمَاعِيلُ (يَعْنِي ابْنَ عُلَيةَ) عَنْ أَيُّوبَ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيكٍ. أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ. كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ. إِلَّا حَدِيثَ أَيوبَ. فَإِن فِيهِ التكْبِيرَ مَرَّتَينِ

ــ

والحمد والشكر عوضًا عما وهبهم من نعمه تفضلًا عليهم ورحمة لهم، وفيه بيان أن نهيه عن السجع في الدعاء على غير التحريم لوجود السجع في دعائه ودعاء أصحابه، ويحتمل أن يكون نهيه عن السجع مختصًا بوقت الدعاء خشية أن يشتغل الداير بطلب الألفاظ المناسبة للسجع ورعاية الفواصل عن إخلاص النية وإفراغ القلب في الدعاء والاجتهاد فيه اهـ من فتح الملهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [6385]، وأبو داود [2775]، والترمذي [0 95]، ومالك في الموطأ [1/ 421]، والنسائي في اليوم والليلة [540].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

3160 -

(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل يعني ابن علية عن أيوب) السختياني (ح وحدثنا) محمد (بن أبي عمر) العدني المكي (حدثنا معن) بن عيسى بن يحيى الأشجعي مولاهم أبو يحيى القزاز المدني، ثقة ثبت، من كبار (10) روى عنه في (10) أبواب (عن مالك) بن أنس المدني (ح وحدثنا) محمد (بن رافع) القشيري مولاهم النيسابوري، ثقة، من (11)(حدثنا) محمد بن إسماعيل بن مسلم (بن أبي فديك) مصغرًا يسار الديلي المدني، صدوق، من (8)(أخبرنا الضحاك) بن عثمان بن عبد الله الأسدي الحزامي أبو عثمان المدني، صدوق يهم، من (7) كلهم) أي كل من أيوب ومالك والضحاك رووا (عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وساقوا (بمثله) أي بمثل حديث عبيد الله عن نافع، غرضه بيان متابعة هؤلاء الثلاثة لعبيد الله بن عمر وكل هذه الأسانيد من خماسياته (إلا حديث أيوب فإن فيه التكبير مرتين) لا ثلاثًا.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر بحديث أنس بن مالك رضي الله عنهم فقال:

ص: 35

3161 -

(1260)(10) وحدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْب. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ. قَال: قَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَا وَأَبُو طَلْحَةَ، وَصَفِيَّةُ رَدِيفَتُهُ عَلَى نَاقَتِهِ. حَتَّى إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ قَال:"آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ" فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذلِكَ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ.

3162 -

(00)(00) وحدّثنا حُمَيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ. حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ

ــ

3161 -

(1260)(10)(وحدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل بن علية عن يحيى بن أبي إسحاق) الحضرمي مولاهم البصري النحوي، صدوق، من (5) روى عنه في (6) أبواب (قال) يحيى (قال أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من رباعياته رجاله كلهم بصريون إلا زهير بن حرب فإنه نسائي (أقبلنا) أي قدمنا من السفر (مع النبي صلى الله عليه وسلم أنا وأبو طلحة) الأنصاري زوج أم سليم أم أنس، اسمه زيد بن سَهْل (وصفية) بنت حيي أم المؤمنين؛ أي والحال أن صفية بنت حيي (رديفته) صلى الله عليه وسلم أي راكبة خلفه صلى الله عليه وسلم (على ناقته) صلى الله عليه وسلم (حتى إذا كنا بظهر المدينة) وأعلاها (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن (آيبون) أي راجعون من سفرنا بالسلامة (تائبون) من ذنبنا (عابدون لربنا حامدون) له تعالى على نعمه (فلم يزل) النبي صلى الله عليه وسلم (يقول ذلك) الذكر المذكور (حتى قدمنا المدينة) ودخلناها. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 187]، والبخاري [3085]، والنسائي في اليوم والليلة [551].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

3162 -

(00)(00)(وحدثنا حميد بن مسعدة) بن المبارك الباهلي أبو علي البصري، صدوق، من (10) روى عنه في (3) أبواب (حدثنا بشر بن المفضل) بن لاحق الرقاشي مولاهم أبو إسماعيل البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (13) بابا (حدثنا يحيى بن أبي إسحاق) الحضرمي البصري (عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم وساق بشر بن المفضل (بمثله) أي بمثل حديث ابن علية، غرضه بيان متابعة بشر لابن علية.

ص: 36

3163 -

(1261)(11) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الْحُلَيفَةِ. فَصَلَّى بِهَا. وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذلِكَ

ــ

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:

3163 -

(1261)(11)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال: قرأت على مالك) بن أنس الأصبحي المدني (عن نافع عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من رباعياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ) -بالنون والخاء المعجمة- أي أبرك بعيره ونزل (بالبطحاء) أي بالحصباء (التي بذي الحليفة) وهي المسماة بمعرَّس ذي الحليفة بصيغة اسم المفعول، عرس به النبي صلى الله عليه وسلم أي نزل فيه واستراح في آخر الليل (فصلى بها) أي في تلك البطحاء الصبح ثم ارتحل ودخل المدينة، قيل: يحتمل أن تكون الصلاة للإحرام ويحتمل أن تكون للفريضة يعني الصبح، ثم إن هذا النزول يحتمل أن يكون في الذهاب وهو الظاهر من تصرف البخاري، ويحتمل أن يكون في الرجوع ويؤيده حديث ابن عمر الذي يأتي في الباب من طريق موسى بن عقبة ويمكن الجمع بأنه كان يفعل الأمرين ذهابًا وإيابًا والله أعلم. قال النووي: والنزول بالبطحاء بذي الحليفة في رجوع الحاج ليس من مناسك الحج وإنما فعله من فعله من أهل المدينة تبركًا بآثار النبي صلى الله عليه وسلم ولأنها بطحاء مباركة، قال: واستحب مالك النزول والصلاة فيه وأن لا يجاوز حتى يصلي فيه وإن كان في غير وقت صلاة مكث حتى يدخل وقت الصلاة فيصلي، قال: وقيل إنما نزل به النبي صلى الله عليه وسلم في رجوعه حتى يصبح لئلا يفجأ الناس أهاليهم ليلًا كما نهى عنه صريحًا في الأحاديث المشهورة والله أعلم اهـ، ومعنى ذلك أن الرجل إذا فجأ أهله ليلًا من سفره ربما وجدها على حالة يستقذرها من الشعث والتفل ورثاثة الهيئة فيكون ذلك سببًا لفقد الألفة وعدم الصحبة، وهذا منه صلى الله عليه وسلم إرشاد إلى أمر مصلحي ينبغي للأزواج أن يراعوه، قال نافع:(وكان عبد الله بن عمر يفعل ذلك) المذكور من النزول بالبطحاء والصلاة فيها ثم دخول المدينة. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 28]، والبخاري [1576]، ومالك في الموطإ [1/ 405]، وأبو داود [2044]، والنسائي [5/ 126 - 127].

ص: 37

3164 -

(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ المُهَاجِرِ الْمصْرِيُّ. أَخْبَرَنَا اللَّيثُ. ح وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ (وَاللَّفْظُ لَهُ) قَال: حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنْ نَافِعٍ. قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُنِيخُ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الْحُلَيفَةِ. التِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُنِيخُ بِهَا. ويُصَلِّي بِهَا.

3165 -

(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ. حَدَّثَنِي أَنَسٌ (يَعْنِي أَبَا ضَمْرَةَ) عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ، إِذَا صَدَرَ مِنَ الْحَجِّ أَو الْعُمْرَةِ، أَنَاخَ بِالبَطحَاءِ الَّتِي بِذِي الْحُلَيفَةِ. التِي كَانَ يُنِيخُ بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

3164 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن رمح بن المهاجر) التجيبي (المصري أخبرنا الليث) بن سعد الفهمي المصري (ح وحدثنا قتيبة) بن سعيد الثقفي البلخي (واللفظ) الآتي (له) أي لقتيبة لا لمحمد بن رمح (قال) قتيبة (حدثنا ليث عن نافع قال: كان ابن عمر ينيخ) أي يبرك بعيره (بالبطحاء التي بذي الحليفة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينيخ بها) ناقته (وبصلي بها) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان شديد الاتباع للسنة. وهذان السندان من رباعياته غرضه بيان متابعة ليث لمالك.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

3165 -

(00)(00)(وحدثنا محمد بن إسحاق) بن محمد بن عبد الرحمن المخزومي (المسيبي) نسبة إلى جده المسيب بن السائب أبو عبد الله المدني نزيل بغداد، ثقة، من (10)(حدثني أنس) بن عياض بن ضمرة -بفتح الضاد وسكون الميم- الليثي (يعني أبا ضمرة) المدني، ثقة، من (8)(عن موسى بن عقبة) بن أبي عياش الأسدي مولاهم المدني، ثقة، من (5)(عن نافع أن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة موسى بن عقبة لليث بن سعد (كان) ابن عمر (إذا صدر) أي رجع (من الحج أو العمرة أناخ) أي أبرك بعيره (بالبطحاء التي) كانت (بدي الحليفة التي) بدل من التي الأولى أو صفة ثانية للبطحاء أي بالبطحاء التي (كان ينيخ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته حين صدر من الحج، وقوله: (صدر) أي رجع،

ص: 38

3166 -

(1262)(12) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ. حَدَّثَنَا حَاتِمٌ (وَهُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ) عَنْ مُوسَى (وَهُوَ ابْنُ عُقْبَةَ)، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ فِي مُعَرَّسِهِ بِذِي الْحُلَيفَةِ. فَقِيلَ لَهُ:"إِنَّكَ بِبَطحَاءَ مُبَارَكَةٍ"

ــ

والمصدر الموضع الذي يصدر منه، وبه سُمي المصدر النحوي و (الإناخة) تنويخ الإبل يقال: أنخت الجمل فبرك ولا يقال: فناخ اهـ من المفهم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر الأول بحديث آخر له رضي الله تعالى عنهما فقال:

3166 -

(1262)(12)(وحدثنا محمد بن عباد) بن الزبرقان المكي نزيل بغداد، صدوق، من (10)(حدثنا حاتم وهو ابن إسماعيل) مولى بني عبد الدار أبو إسماعيل المدني كوفي الأصل، صدوق، من (8)(عن موسى وهو ابن عقبة) بن أبي عياش المدني، ثقة، من (5) (عن سالم) بن عبد الله بن عمر المدني (عن أبيه) عبد الله بن عمر المكي العدوي رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مكيان (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي) -بضم الهمزة وعلى صيغة المبني للمجهول- أي أتاه آت من الملإ الأعلى (في معرسه) -بضم الميم وفتح الراء المشددة- أي في موضع تعرسه واستراحته الكائن (بدي الحليفة) قال الخطابي: والتعريس نزول استراحة لغير إقامة وأكثر ما يكون في آخر الليل خصه بذلك الأصمعي والخليل وغيرهما، وقال أبو زيد: عرس القوم في المنزل نزلوا به أي وقت كان من ليل أو نهار، والأول أقرب، وقال الحافظ: والمعرس مكان معروف على ستة أميال من المدينة ووادي العقيق بينه وبين المدينة أربعة أميال اهـ (فقيل له) أي قال له ذلك الآتي من ربه (إنك) يا محمد (ببطحاء مباركلة) والرواية التالية في معرسه من ذي الحليفة أي وهو في معرسه من ذي الحليفة في بطن الوادي فقيل: إنك ببطحاء مباركة، والمفهوم من شروح البخاري أن المراد بالوادي وادي العقيق الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم كما في (باب قول النبي صلى الله عليه وسلم العقيق واد مبارك) من صحيحه أتاني الليلة آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك. وفي (باب خروج النبي صلى الله عليه وسلم على طريق الشجرة) منه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من طريق الشجرة ويدخل من طريق المعرس، وأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى

ص: 39

3167 -

(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكارِ بْنِ الرَّيَّانِ وَسُرَيجُ بْنُ يُونُسَ (وَاللَّفْظُ لِسُرَيجٍ) قَالا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ، وَهُوَ فِي مُعَرَّسِهِ مِنْ ذِي الْحُلَيفَةِ فِي بَطْنِ الْوَادِي. فَقِيلَ:"إِنكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ".

قَال مُوسَى: وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ بِالْمُنَاخِ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللهِ يُنِيخُ بِهِ. يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ

ــ

مكة يصلي في مسجد الشجرة وإذا رجع صلى بذي الحليفة ببطن الوادي وبات حتى يصبح وكل من الشجرة والمعرس موضع على طريق من أراد الذهاب من المدينة إلى مكة على ستة أميال من المدينة، لكن المعرس أقرب كمافي فتح الباري، ووادي العقيق بينه وبين المدينة أربعة أميال كما مر آنفًا. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 87]، والبخاري [1575].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

3167 -

(00)(00)(وحدثنا محمد بن بكار بن الريان) -بتشديد التحتانية- الهاشمي مولاهم أبو عبد الله البغدادي، ثقة، من (10) روى عنه في (4) أبواب (وسريج) مصغرًا (بن يونس) بن إبراهيم المروزي الأصل البغدادي العابد، ثقة، من (10) روى عنه في أحد عشر بابا (11) (واللفظ) الآتي (لسريج قالا: حدثنا إسماعيل بن جعفر) بن أبي كثير الزرقي مولاهم المدني، ثقة، من (8)(أخبرني موسى بن عقبة) بن أبي عياش المدني، ثقة، من (5)(عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه) عبد الله رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة إسماعيل بن جعفر لحاتم بن إسماعيل (أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي) بالبناء للمجهول أي أتاه آت من ربه (وهو) أي والحال أنه صلى الله عليه وسلم (في معرسه من ذي الحليفة) حالة كون ذلك المعرس (في بطن الوادي) أي وادي العقيق (فقيل) له صلى الله عليه وسلم: أي قال له قائل من ربه (أنك ببطحاء مباركة، قال موسى) بن عقبة بالسند السابق (وقد أناخ بنا سالم) بعيره (بالمناخ) الذي (من المسجد) أي عند المسجد، وقوله:(الذي كان عبد الله) بن عمر (ينيخ به) أي يبرك فيه بعيره صفة ثانية للمناخ، وقوله:(يتحرى) ويقصد عبد الله (معرس

ص: 40

رَسُولِ اللهِ صَلَّى النهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. وَهُوَ أَسْفَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الْوَادِي. بَينَهُ وَبَينَ الْقِبْلَةِ. وَسَطًا مِنْ ذلِكَ

ــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم أي موضع نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم للاستراحة حال من عبد الله (وهو) مبتدأ أي معرس رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ذلك المناخ (أسفل) بالرفع خبر المبتدإ، ويجوز نصبه على الظرفية أي كائن في مكان أسفل (من المسجد) أي من المصلى (الذي) اتخذ (ببطن الوادي) والمراد بالمسجد المصلى الذي كان هناك في ذلك الزمان اهـ ابن حجر، ومعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم كائن (بينه) أي بين ذلك المسجد (وبين القبلة) حالة كون ذلك المعرس (وسطًا من ذلك) أي متوسطا بين ذلك أي بين الجانبين أي بين القبلة والمسجد، وفي فتح الملهم: أن الضمير في قوله: بينه للمسجد يعني أن معرسه صلى الله عليه وسلم كان بين المسجد وبين القبلة والله أعلم اهـ. وأتى بقوله: وسطا بعد قوله بين وإن كان معلومًا منه ليبين أنه في حال الوسط من غير قرب لأحد الجانبين ذكره العيني عن الكرماني وانتحله القسطلاني.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث، الأول: حديث ابن عمر الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثاني: حديث عبد الله بن سرجس ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث: حديث عبد الله بن عمر الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع: حديث أنس ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والخامس: حديث ابن عمر الثالث ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والسادس: حديث ابن عمر الأخير ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 41