المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في شرط الجاعل] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٨

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[باب في عاقد القراض دافعًا]

- ‌[باب عاقد القراض أخذًا]

- ‌[كتاب المساقاة]

- ‌[باب العاقد]

- ‌[باب في شرط حظ العامل]

- ‌[باب في العمل في المساقاة]

- ‌[كتاب المزارعة]

- ‌[كتاب المغارسة]

- ‌[كتاب الإجارة]

- ‌[باب في أركان الإجارة]

- ‌[باب الأجر]

- ‌[باب فيما يجب تعجيله من الأجر في الإجارة]

- ‌[باب منفعة الإجارة]

- ‌[باب شرط المنفعة فى الإجارة]

- ‌[باب (.....) يوجب فسخ الإجارة]

- ‌[كتاب ضمان الصناع]

- ‌[باب الصانع المنتصب للصنعة]

- ‌[كتاب الجعل]

- ‌[باب في شرط الجاعل]

- ‌[باب في شرط الجعل]

- ‌[باب في العمل في الجعل]

- ‌[كتاب إحياء الموات]

- ‌[باب موات الأرض]

- ‌[باب في معروض الإحياء]

- ‌[باب التحجير]

- ‌[باب الإقطاع]

- ‌[باب الحمى]

- ‌[كتاب الحُبُس]

- ‌[باب في المحبس]

- ‌[باب في المحبس عليه]

- ‌[باب في المحبس]

- ‌[باب في الحوز المطلق]

- ‌[باب في وقت الحوز]

- ‌[باب في الحوز الفعلي الحسي]

- ‌[باب في الحوز الحكمي]

- ‌[باب في صيغة الحبس]

- ‌[باب المستحق من الحبس لمن عليه حبس]

- ‌[باب العطية]

- ‌[باب العمري]

- ‌[باب في صيغة العمري]

- ‌[باب في الرقبى]

- ‌[باب الهبة]

- ‌[باب في صيغة الهبة]

- ‌[باب الموهوب]

- ‌[باب الواهب]

- ‌[باب الحوز الحكمي في الهبة والصدقة]

الفصل: ‌[باب في شرط الجاعل]

معكم سهما فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قُلتُ: تمسك به غير واحد من أشياخ المذهب في جواز الجعل، وفيه نظر لجواز كون إقراره صلى الله عليه وسلم إياهم على ذلك لاستحقاقهم إياه بالضيافة فأجاز لهم استخلاص ذلك بالرقية، وهو رخصة اتفاقًا.

[باب في شرط الجاعل]

وشرطه أهلية المعاوضة فيهما.

ابن شاس وابن الحاجب: شرطهما أهلية الاستئجار والعمل.

ابن عبد السلام معنى قوله: والعمل أن عمل الجعالة قد يمتنع من بعض الناس كما لو جوعل ذمي على طلب مصحف ضاع لربه، وكذا الحائض مدة الحيض.

قُلتُ: هذا الامتناع إنما هو شرعي، ولا يتم بعض الجعالة على الجائز منها،

ص: 348

والأظهر اعتبارها من حيث ذاتها، ويفسر الامتناع بالامتناع العادي كمجاعلة من لا يحسن العوم على رفع متاع من قعر بئر كثيرة الماء طويلة.

ابن شاس: ولا يشترط في المجعول له التعيين لمصلحة العقد لو قال: من رد عبدي الآبق فله كذا فمن أحضره بعد قوله: ذلك فله الجعل علم ما جعل فيه أو لم يعلم، وعبر عنه ابن الحاجب بقوله: ولا يشترط في المجعول له التعيين، ولا العلم بالجعالة لو قال: من رد عبدي الآبق فله دينار فمن أحضره استحقه علم بالجعل أو لم يعلم، وقبله ابن عبد السلام وابن هارون وفيه تعقب؛ لأنه يقتضي أن هذا هو كل المذهب أو مشهوره، وليس كذلك لما تعقب عليه.

سمع عيسى ابن القاسم: من جعل في عبد له عشرة دنانير لمن جاء به فجاء به من لم يسمع بالجعل، فإن كان يأتي بالإباق فله جعل مثله، وإلا فليس له إلا نفقته، وإن جاء به من سمعه فله العشرة، ولو كان ممن لا يأخذ الإباق.

ابن رشد: حكى ابن حبيب: أن له الجعل المسمى، وإن لم يعلم به إن أخذه بعد أن جعل فيه، وإن لم يتكلف طلبه عن ابن الكاجشون وأصبغ وغيرهما من أصحاب مالك وأنه قول مالك، وقول ابن القاسم: أظهر؛ لأن الجاعل إنما أراد بقوله تحريض من سمع قوله على طلبه فوجب أن لا يجب ما سمى من الجعل إلا لمن سمعه، فطلبه بعد ذلك فلا حق في الجعل لمن وجد العبد قبل أن يجعل فيه اتفاقًا إذ قد وجب عليه رده لربه قبل أن يجعل فيه الجعل، واختلف إن وجده بعد أن جعل فيه الجعل، فقال ابن القاسم: لا شيء له إلا إن سمع الجعل، ويطلب العبد، وقال ابن الماجشون: ومن ذكر معه له الجعل، ولو لم يسمعه ولا طلب العبد.

قُلتُ: فجعل ابن شاس وابن الحاجب قول ابن الماجشون هو المذهب وليس كذلك.

وسمع ابن القاسم: من جاء بعبد آبق جعل له فيه جعل، وقد أنفق عليه نفقة فنفقته عليه والجعل له فقط، وإن أرسله بعد أخذه عمدًا ضمنه.

ابن رشد: هذا أبين؛ لأن الجعل إنما جعل له على أن يوصله لربه، فإن وجده في

ص: 349

مكان بعيد من سيده تستغرق نفقته إلى وصول لربه الجعل رفعه لقاضي موضعه ينظر فيه لربه بما يراه من سجنه أو بيعه، فإن أرسله آخذه ضمنه.

وتعقب ابن عبد السلام: كون النفقة على المجعول له بأن النفقة حينئذ جزء من العوض، وذلك بيع مقترن بالجعل إلا أن يقال إنه من ضروريات هذا العقد، ولا انفكاك عنه إلا بجعله سلفًا من المجعول له يؤديه على الجاعل صار سلفًا وجعلًا، وهو أشد فسادًا من بيع وجعل.

قُلتُ: يجاب بأن كل العوض من العامل إنما هو نفس الإتيان بالآبق لا مؤنته، ومؤنته أمر يتوقف الإتيان به عليه لا مدخل له في العوضية كأصل المذهب في استئجار العبد على أن يأتيه بالغلة العوض فيها من العدد منافعه لا عوضها.

وكذا قال ابن رشد: إن ساوت مؤنته الجعل رفعه للإمام، ويحكم له بالجعل، وهذا إنما هو مؤنة توصيله لا في نفقة قوته وكسوته التي يقضى بهما على ربه لو كان حاضرًا هذا على ربه مطلقًا فاعلمه.

ولعل الشيخ توهم أن المراد بالنفقة هذا، وليس كذلك فتأمله، فإن لفظ النفقة في هذه المسألة وقعت في كلامهم مشتركة بين نفقة الإيصال ونفقة القوت، وقد علمت أن نفقة القوت واجبة على السيد، وأن من قام عن غيره بنفقة من تجب عليه نفقته تبعه بها.

وفي اللقطة منها: قيل: هل لمن وجد بقاٍ خارج المصر أو في المصر جعل إن طلبه؟

قال: قال مالك: فيه ولم يذكر خارج المصر، ولا داخله إن كان شأنه يطلب الضوال لذلك، ويردها فله الجعل بقدر بعد الموضع الذي أخذه فيه أو قربه، وإن لم يكن ذلك شأنه إنما وجده فأخذه فلا جعل له، وله نفقته.

قُلتُ: يريد\: إلا أن يدعه ربه فلا نفقة عليه، وهي مؤنة إيصاله لقوله فيها: ما أنفق على ما التقط من عبد أو أمة أو غيرهما ليس لربه أخذه حتى يدفع ما أنفق عليه أو يسلمه لمن أنفق عليه، ولابن رشد في رسم محض القضاء مع الصقلي عن محمد: لا نفقة له، وعزوه ابن عبد السلام لابن الماجشون لا أعرفه، واختصرها أبو سعيد سؤالًا وجوابًا؛ لأنه أوجب الجعل بمجرد كون الآتي به شأنه ذلك، ولم يعتبر هل ربه ممن يلي

ص: 350

طلبه بنفسه أو بأعوانه أو لا؟

كما تقدم اعتبار ذلك فيمن حرث أرض رجل، واعتبر ذلك اللخمي قاله في مسألة من جوعل على آبق فاستحق من يده حسبما يأتي إن شاء الله.

وفي كتاب اللقطة: سمع عيسى ابن القاسم: من جعل جعلا لرجل على آبق فانقلب به، ثم أفلت فأخذه آخر فأتى به إن أفلت بعيدًا من مكان سيده فكل الجعل للثاني، ولا شيء فيه للأول، وإن أفلت قريبًا منه فالجعل بينهما على قدر شخوص كل منهما.

ابن رشد: هذا بين؛ لأن المجعول له الثاني هو المنتفع بعمل الأول إذا أفلت بالقرب بخلاف المجاعلة على حفر الآبار كما مر في رسم أخذ يشرب خمرًا من سماع ابن القاسم في كتاب الجعل.

قُلتُ: ونقل ابن شاس سماع عيسى فأجاد.

وقال ابن الحاجب: لو أفلت فأخذه آخر فجاء به، فقال مالك: الجعل بينهما بقدر شخوص كل واحد.

ابن عبد السلام: هذا صحيح إن كان العبد لم يبعد عن الموضع الذي أفلت فيه، ولو رجع إلى حيث وجده الأول لابتغى أن لا يكون للأول شيء.

وأشار بعض الشيوخ لرعي هذا المعنى ذكره في مسألة أخرى.

وسمع عيسى ابن القاسم: من جوعل على حفر بئر حتى يدرك ماءها فعمل، وترك ثم جوعل غيره عليها فللأول بقدر ما انتفع الثاني بعمله بالاجتهاد، ولا حد له رب أرض صلبة، وأخرى رخوة.

قال العتبي: وسمع عيسى رواية ابن االقاسم: يكون للآخر جعله كاملا، والجعل من الأول بقدر ما نتفع بحفره، وكنت أقول له قيمة ما عمل يوم عمل، وقال ابن كنانة: بل قيمة ما عمل اليوم فدخلنا على مالك فقال له على قدر ما انتفع بحفره يأخذه الآخر كل جعله، وينظر لقيمة ما انتفع به من عمل الأول فيعطاه لا يلتفت للجعل الأول لو كان الجعل الأول عشرة، وقيمه ما انتفع به من قيمة عمله خمسة عشر فله ذلك

ص: 351

لا يلتفت للجعل الأول.

ابن رشد: معنى قول مالك: ينظر إلى قيمة ما نتفع به من عمل الأول أن ينظر على ما جعل من تمامها للثاني، وعلى ما كان بجعل على حفر كلها لو لم يتقدم فيها حفر يومه ذلك فيكون للأول ما زاد على ذلك على تمامها للثاني؛ لأنه الذي انحط عنه لعمل الأول، وكذا لو أتمها باستئجار فللأول فضل ما يستأجر به على حفر جميعها على ما استأجر به على حفر تمامها، ولو كان أكثر من الجعل الأول، وهو أظهر من قول ابن القاسم وابن كنانة؛ لأنه لما كان لا يجب عليه شيء إن لم ينتفع وجب أن لا يكون عليه إن انتفع إلا قدر ما انتفع به، وإنما يشبه أن يكون عليه قيمة عمله يوم انتفع به أو يوم عمله، إذا انتفع به كما هو دون أن يتمه بإجارة أو جعل في وجه من وجوه المنافع من كنيف يحدثه وشبه ذلك.

والقياس أن يكون له في هذا بحساب ما عمل من جعله الذي جاعل عليه، وشبه هذا الدلال يجعل له الجعل على شيء فيسوقه، ثم يبيعه ربه بغير حضرته، ولو باعه له دلال آخر بجعل أخذه منه كان الجعل بين الدلالين بقدر عنائهما؛ لأن الدلال الثاني هو المنتفع بتسويق الأول دون رب السلعة إذ أدى للثاني جعلًا كاملًا لم ينقص منه بسبب الأول شيئًا، وهو قياس سماع عيسى في كتاب اللقطة فيمن جعل لرجل جعلًا في طلب آبق فيجده فيأتي فينفلت منه، ويذهب ويجعل ربه عليه جعلًا آخر لرجل آخر فيأتي به أنه إن أفلت بعيدًا نمن مكان ربه فالجعل كله للثاني، ولا شيء فيه للأول، وإن أفلت قريبًا من مكانه فالجعل بينهما على ق 4 در شخوص كل واحد منهما بقدر ما يرى.

اللخمي: إن أتى المجعول له بالعبد فأبق منه في بعض الطريق فلا شيء له من الجعل، ولا من نفقته عليه، فإن ترك العمل فجعل ربه فيه لآخر بعد أن رجع للموضع الذي أخذ منه أو قربه، وجعله للثاني في طلبه من مثل الموضع الذي هرب منه كان للأول بقدر ما انتفع به سيده، وإن جاعل الثاني على طلبه حيث يجده قرب أو بعد والجعل الآن مثل الأول فلا شيء للأول، وإن كان الثاني أقل؛ لأنه لا يطلبه إلا في المواضع القريبة فللأول بقدر ما انتفع به في طلبه.

ص: 352

قُلتُ: ويأتي تمام الكلام فيه.

وسمع أصبغ ابن القاسم: من جوعل على آبق فاستحق منه بعد أخذه إياه، وقبل أخذ جعله، وقبضه من جاعله رجع بجعله على من جاعله، ولا شيء على مستحقه.

ابن رشد في الموازية: إثر هذا ويكون على مستحقه الأقل من جعل مثله، والمسمى وناظرت فيها من أرضى فقال مثله.

محمد: لأن كل آت بآبق تكلف طلبه له جعل مثله، ولا نفقة له، وإن جاء به من لم يطلبه فلا جعل له ولا نفقة.

ابن رشد: قوله فيمن لم يطلبه لا نفقة له خلاف قولها، والأظهر قول ابن القاسم؛ لأن المنفعة فيه إنما هي للجاعل دون مستحقه؛ لأن ضمانه منه لو لم يوجد خسر الثمن الذي أدى فيه، فإذا وجد فأخذه مستحقه رجع على بائعه بثمنه، والمستحق إن لم يوجد لم تكن مصيبته منه؛ لأن له إجازة البيع، وأخذ الثمن من بائعه، وهذا الخلاف إنما هو إن أخذه مستحقه، ولو أجاز البيع، وأخذ الثمن كان الجعل على الجاعل اتفاقًا.

ولابن أبي جعفر الدمياطي عن ابن القاسم: من جوعل على بيع ثوب فباعه، ثم استحق فلا جعل له، وهذا بين؛ لأن المستحق إن أخذ ثوبه انتقض البيع، فإن أجاز البيع، وأخذ الثمن ثبت الجعل على الجاعل، ويرجع به على المستحق.

قُلتُ: ذكر اللخمي قول محمد وقال: هذا أبين إلا أن يكون المستحق ممن يطلبه بنفسه أو بغير ذلك بغير أجر، وفي السماع المذكور استحقاقه بحرية كاستحقاقه بملك.

الشيخ عن أصبغ: إن استحق بحرية من الأصل فلا جعل له على أحد.

قُلتُ: ولم يتكلم ابن رشد على استحقاقه بحرية بوجه.

وفي النوادر: قال عبد الملك: من جعل في آبق جعلًا، ثم أعتقه فلا شيء لمن وجده بعد ذلك، وإن لم يعلم بعتقه، ولو أعتقه بعد أن وجده فله جعله، فإن كان عديما فذلك في رقبة العبد؛ لأنه بالقبض وجب له الجعل.

قال أحمد: إن أعتقه بعد قدومه فكما قال: وإن أعتقه بعد علمه أنه وجده لزمه جعله، فإن لم يجد عنده لم يصح عتقه حتى يقبض هذا جعله مبديا على الغرماء.

ص: 353