الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب في الرقبى]
وفي عاريتها: لم يعرف مالك الرقبي ففسرت له فلم يجزها، وهي تحبيس رجلين داراً بينهما على أن من مات منهما أولاً فحظه حبس على الآخر، وسأتله عن تحبيسهما عبداً بينهما على أن من مات منهما فحظه يخدم آخرهما موتاً حياته، ثم يكون العبد حراً، فلم يجزه وألزمهما عتقه بعد موتهما، ومن مات منهما فحظه يخدم ورثته دون صاحبه فإذا مات آخرهما كان حظ كل منهما حراً من ثلثه كمن قال: إن مت فعبدي يخدم فلاناً حياته ثم هو حر.
اللخمي: إن نزل في الدار فعلي القول أن الحبس على معين يرجع ملكاً يبطل تحبيسها، وترجع ملكاً لهما.
وعلى رجوعه حبساً تبطل السكني فقط، وتكون ملكاً لهما حتى يموت أحدهما فترجع مراجع الأحباس.
الصقلي: ألزمهما العتق؛ لأنه كعتق لأجل لوقفه على موت فلان، وجعله من الثلث لقوله: بعد موتي فجمع له الحكمين:
ابن عبد السلام: استشكل إلزامه العتق من كونه من الثلث؛ لأنه إن كان معتقاً لأجل خرج من رأس المال، وإن كان موصي بعتقه لم يزلمه العتق.
وأجيب بأنه كالمدبر، وفيه نظر؛ لأن أصله في مثل هذا أنه لا يكون مدبراً إلا بقصد التدبير، وإن كان وصية على ما قاله في أول كتاب المدير.
قلت: إنما قال ذلك في أول كتاب المدبر في العتق الموقوف على موت المعتق فقط، وفي هذه المسألة الوقوف عليه، وعلى موت الأجنبي، وإليه أشار الصقلي، وتقريره أن مطلق وقفه على موت الأجنبي يوجب لزومه وكونه من رأس المال، ومطلق وقفه على موت مالكه يوجب عدم لزومه، وكونه من الثلث فلما جمع بينهما
صار كدليلين متنافين تعارضا، وأمكن الجمع بينهما فيجب حسبما تقرر في أصول الفقه فجمع بينهما إنما أنتج حقيقة شرعية يمكن القصد إليها، وهي حقيقة التدبير فأعمل الأول في حكم لزومه دون حكم كونه من رأس المال، وأعمل الثاني في حكم كونه من الثلث، لا في حكم جواز الرجوع عنه ويمنع إعمال الأول في لزومه مع إعمال الثاني في جواز الرجوع عنه لتناقضهما، وكذا إعمال الأول في حكم كونه من رأس المال مع إعمال الثاني في حكم كونه من الثلث لتناقضهما، ومع إعمال الثاني في حكم جواز الرجوع عنه لصدق منافيه، وهو كل ما هو من رأس المال لا يجوز الرجوع عنه فانحصر إعمالها فيما ذكرناه.
وفي أول المدبر ما يشهد لهذا قال فيه: إن قال: أنت حر بعد موتي وموت فلان، فهو من الثلث وكأنه قال: إن مات فلان فأنت حر بعد موتي، وإن مت أنا فأنت حر بعد موته.
سحنون: وقال أشهب.
قلت: قول سحنون: وقاله أشهب، يدل على أنه لا رجوع له فيه، وإلا كان مناقضاً لقول أشهب يدل على أنه لا رجوع فيه، وإلا كان مناقضاً لأصل أشهب فتأمله.
وكذا قال الصقلي: يريد: ولا رجوع له فيه لذكر الأجنبي كعتق لأجل.
وقال التونسي: كأنه جعله كالتدبير لا رجوع له فيه وتقريره بقوله: إن مات فلان فأنت حر بعد موتي يشبه كونه كالتدبير كقوله: إن دخلت الدار فأنت حر بعد موتي بشهير فيكون له الرجوع.