المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في شرط الجعل] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٨

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[باب في عاقد القراض دافعًا]

- ‌[باب عاقد القراض أخذًا]

- ‌[كتاب المساقاة]

- ‌[باب العاقد]

- ‌[باب في شرط حظ العامل]

- ‌[باب في العمل في المساقاة]

- ‌[كتاب المزارعة]

- ‌[كتاب المغارسة]

- ‌[كتاب الإجارة]

- ‌[باب في أركان الإجارة]

- ‌[باب الأجر]

- ‌[باب فيما يجب تعجيله من الأجر في الإجارة]

- ‌[باب منفعة الإجارة]

- ‌[باب شرط المنفعة فى الإجارة]

- ‌[باب (.....) يوجب فسخ الإجارة]

- ‌[كتاب ضمان الصناع]

- ‌[باب الصانع المنتصب للصنعة]

- ‌[كتاب الجعل]

- ‌[باب في شرط الجاعل]

- ‌[باب في شرط الجعل]

- ‌[باب في العمل في الجعل]

- ‌[كتاب إحياء الموات]

- ‌[باب موات الأرض]

- ‌[باب في معروض الإحياء]

- ‌[باب التحجير]

- ‌[باب الإقطاع]

- ‌[باب الحمى]

- ‌[كتاب الحُبُس]

- ‌[باب في المحبس]

- ‌[باب في المحبس عليه]

- ‌[باب في المحبس]

- ‌[باب في الحوز المطلق]

- ‌[باب في وقت الحوز]

- ‌[باب في الحوز الفعلي الحسي]

- ‌[باب في الحوز الحكمي]

- ‌[باب في صيغة الحبس]

- ‌[باب المستحق من الحبس لمن عليه حبس]

- ‌[باب العطية]

- ‌[باب العمري]

- ‌[باب في صيغة العمري]

- ‌[باب في الرقبى]

- ‌[باب الهبة]

- ‌[باب في صيغة الهبة]

- ‌[باب الموهوب]

- ‌[باب الواهب]

- ‌[باب الحوز الحكمي في الهبة والصدقة]

الفصل: ‌[باب في شرط الجعل]

أحمد: كالرهن.

قُلتُ: وقبله الشيخ، ولم يتكلم عليه بشيء، وكذا الباجي، وذكر قيل: قول عبد الملك عن أصبغ: من جعل على آبق وأعتقه بعد أن عمل وشخص فله جميع الجعل، وإن لم يعمل شيئًا، ولا شخص فلا شيء له وفيه نظر؛ لأن قول أحمد: إن أعتقه بعد قدومه فكما قال: وإن أعتقه بعد علمه إلى آخره نص في قصده مخالفته قول عبد الملك في هذا القسم، وإذا تأملتهما لم تجد بين قول عبد الملك، وما قاله أحمد فرقًا إلا أن الجعل على ظاهر قول عبد الملك في ؤغير العبد: فإن هلك فلا شيء على ربه من جعله كالعبد الجاني في أرش جنايته، وعلى ظاهر قوله أحمد الجعل في ذمة ربه لا يسقط عنه بموت العبد كدين العبد به رهن، ولذا قال أحمد آخر كلامه: كالرهن.

وهذه التفرقة ينبغي كونها على العكس؛ لأنه إذا أعتقه بعد قدومه به كان عتقه إياه بعد تقرر الجعل في ذمته؛ لأنه بنفس رإتيان المجعول له به، ثم عمله فوجب جعله على من جاعله، وتعلق العبد بذمته، وصار العبد بيد المجعول له رهنا لجعل فكان عتق ربه إياه بمنزلة عتق رب العبد عبده الرهن، وإن أعتقه قبل قدومه كان ربه أخرجه من ملكه قبل تمام عمل المجعول له فناسب عدم تعلق الجعل بذمته ضرورة تأخر تقرره عن خروج العبد من ملك ربه فانحصر تعلق الجعل برقبة العبد.

[باب في شرط الجعل]

وشرط الجعل أن لا غرر فيه.

فيها: ما لا يجوز بيعه لا يجوز أن يكون ثمنًا لإجارة أو جعل.

وذكر ابن رشد لفظ المدونة هذا في أول رسم من سماع ابن القاسم من كتاب الجعل من مسائل منتخبة لابن لبابة قال: رأيت فيها: قال قال ابن القاسم: كل ما جاز

ص: 354

بيعه جاز الاستئجار به، وأن يجعل جعلا، وما لم يجز بيعه لم يجر الاستئجار به، ولا جعله جعلا إلا خصلتان فيمن يجعل لرجل على أن يغرس له أصولا حتى يبلغ حد كذا، ثم هي والأصل بينهما، فإن نصف هذا لا يجوز بيعه، وفيمن يقول القط زيتوني فما لقطت من شيء فلك نصفه فهذا يجوز؛ يريد: وبيعه لا يجوز.

قال: وعن مالك: لا يجوز واتفق.

قوله على جواز: اقتض مائة ولي على فلان، وما اقتضيت لك نصفه، وهما سواء.

ابن رشد: الفرق في لفظ الزيتون غرر، إلا أن أوله أهون من آخره، ولا يدري الجاعل هل يتم العامل العمل أولًا، والأظهر منع الجعل فيه، وهو على الاقتضاء بجزء من المقتضى جائز، ومنعه أشهب لما قررناه؛ لأن اقتضاء أوله أهون من باقية لا لقول أصبغ؛ لأنه رآه من الجعل على الخصومة.

قُلتُ: عزا في غير موضع لأشهب أنه لا يجيزه.

وفي رسم البيوع من سماع أصبغ ما نصه: قال أشهب: لا يعجبني على حال.

قال أصبغ: كرهه من باب الجعل على الخصومة، وعلى الجواز لو قال: اقتض مائة من فلان ولك نصفها، وما اقتضيت، ولك نصفه جاز، ولو لم يزد فلك نصفه، ففي جوازه قولان لابن القاسم كابن وهب.

ابن رشد: بناء على حمله على الإجارة والجعل.

وسمع عيسى ابن القاسم: من قال لرجل: صح على هذه السلعة، فإن بعتها بعشرة دنانير فلك من كل دينار سدسه لا بأس به كأنه قال: بعها ولك دينار وثلثان، فإن باعها بأكثر فليس له إلا ذلك، ولو قال: بعها فما بعتها به من دينار فلك من كل دينار سدسه، ولم يؤقت له ثمنا كان حرامًا لا خير فيه.

ابن رشد: لأن شرط الجعل أن يكون معلومًا.

وفيها: قبل ما تقدم من قال من جاءني بعبدي الآبق فله نصفه لم يجز؛ لأنه لا يدري ما دخله، فإن جاء به فله أجر مثله، وإلا فلا شيء له.

عبد الحق: من قدم به فهلك بيده فله قيمة عنائه في طلبه ونصف قيمة عنائه في

ص: 355

رجوعه لوقت هلاكه، ولربه عليه قيمة نصف عبده يوم قبضه، وهو جعل فاسد على سمع ابن القاسم من جاعل في آبق له فقال: إن وجدته فلك كذا وكذا، وإن لم تجده فلك نفقتك وطعامك وكسوتك لا خير فيه.

ابن القاسم: إن وقع فله جعل مثله إن وجده، وإن لم يجده فله أجر مثله.

أصبغ عن ابن القاسم: لا أجر له.

ابن رشد: في رد فاسد الجعل لحكم نفسه إن أتى به فله جعل مثله، وإلا فلا شيء له أو الحكم الإجارة له أجر مثله، وإن لم يأت به، ثالثها: هذا إن التزم له عوض، وإن لم يأت به كهذه المسألة، وإلا فالأول وجه الأول بناء على جعل دليل الجعل أصلا في نفسه، والثاني على جعله إياه نوعا من الإجارة إجارة ذات غرر بشروط، والثالث على أن لزوم العوض في حالتيه قوي شبهه بالإجارة، وهذا أظهرها، واختاره ابن حبيب، وحكاه عن مالك والأخوين.

والأقوال الثلاثة راجعة لأصل جارية على قياس، وقول ابن القاسم في هذا السماع: له جعل مثله إن وجده، وأجر مثله إن لم يجده لا يرجع لأصل، ولا يجري على قياس، وكذا قوله في المدونة: في إن جئت بعبدي الآبق فلك نصفه له أجر مثله إن أتى به، وإن لم يأت به فلا جعل له، ولا إجارة لا حظ له في نظر ولا قياس.

ابن عبد السلام: معنى قوله فيها: إن جاء به فله أجر مثله أنه إن أتى به، وإن لم يأت به فلا جعل، ولا إجارة عند المحققين جعل مثله؛ لأن أجر المثل يجب، ولو لم يزظهر لعمله فائدة، وجعل مثله لا يجب حتى يظهر له فائدة، وهي الإتيان بالآبق، ولما علق وجوب العوض منه على إتيانه به دل على أنه أطلق لفظ الأجر على الجعل مجازًا.

قُلتُ: ما عزاه للمحققين هوما تقدم لعبد الحق، وهو خلاف ما تقدم لابن رشد، ودليل ابن رشد قوله في المدونة: لا جعل له، ولا إجارة فعطفه الإجارة على الجعل ظاهر في عدم إرادته بالإجارة الجعل.

اللخمي في الموازية: من جعل في آبق أو في اقتضاء دين جعلا، فإن لم يجده أو لم يقبض الدين فله نفقته فسد، وإن وجده أو اقتضاه فله جعل مثله، وإلا فلا شيء له.

ص: 356

وقال في العتبية: إن لم يجده فله أجر مثله فرده فللإجارة الفاسدة لما جعل له جعلًا ثانيًا على كل حال، ورده في القول الآخر إلى الجعل الفاسد، وأن لا شيء له إن لم يجده؛ يريد: إن كانت النفقة يسيرة في قدر الجعل.

ابن زرقون: في الحكم له بحكم الجعل أو الإجارة مطلقًا، ثالثها: إن جاء به فالأول، وإلا فالثاني، ورابعها: عكسه لرواية الواضحة والأخوين وابن القاسم ولها.

قُلتُ: وخامسها: ثالث نقل ابن رشد، وسادسها: إن كان ما التزم على إن لم يأت به يسيرا فالأول، وإلا فالثاني لتفسير اللخمي ما تقدم.

وسمع عيسى ابن القاسم جعل الرجل على آبقين له عشرة دنانير لا أحبه حتى يجعل في كل واحد جعلًا معروفًا، فإن نزل الأول وأتى بأحدهما فله من الجعل بقدر قيمة الذي أتى به من مجموع قيمتها.

ابن رشد: هذا خلاف قول ابن القاسم فيها له قيمة عمله على قدر عنائه، وطلبه.

وقول ابن نافع فيها: له نصف العشرة.

قال: والجعل عليهما لا يخلو من أربعة أوجه، فإن جعل فيهما جعلًا واحدًا على أن لا شيء له إلا أن يأتي بهما معًا فسد اتفاقًا.

وفيه: إن وقع ما تقدم في الفاسد، فإن كان على إن أتى بأحدهما فله نصف الجعل أو على إن أتى بفلان منهما فله منه كذا، وإن أتى بالآخر فله منه كذا جائز.

قُلتُ: زاد التونسي: إن عين كل منهما بعينه قدرًا من الجعل متفاوتًا جاز إن عرفهما المجعول له، فإن جهلهما ففي جوازه قولان الأظهر الثاني.

اللخمي: إن اختلف الجعل فيهما فأجازه في الموازية، ولو جهلهما، ومنعه أحرى، وهو أشبه، ولو استوى واختلف قيمتهما فأجازه في الموازية، ومنعه في غيرها.

ابن رشد: وإن كان على أن له فيما أتى به منهما من الجعل بقدر قيمته من قيمة صاحبه ففي فساده وجوازه.

قال ابن الحاجب تابعًا لابن شاس: وحريم الدار المحفوفة بالموات ما يرتفق به من مطرح أو مصب ميزاب.

ص: 357

قُلتُ: هذا الحكم في هذه الصورة لا أعرفه لأحد من أهل المذهب بحال لكن مسائل المذهب تدل على صحته منها قولها: لمن حفر بئرًا منع من أراد أن يبني أو يحفر بئرًا في حريمها، ولو لم يكن على البئر من حفر بئر أخرى ضرر لصلابة الأرض لما يضر بهم في مناخ الإبل، ومرابض المواشي عند ورودها، ونحو هذا في الأمهات كثير، وتبعا في نص لفظها.

الغزالي: قال في وجيزه: وأما الدار فإن كانت في موات فحريمها مطرح التراب والثلج ومصب الميزاب، والممر في صوب الماء.

ابن الحاجب تابعًا لابن شاس: والمحفوفة بألملاك لا تختص، ولكل الانتفاع بملكه وحريمه.

قُلتُ: في تسويته الانتفاع بحريمه، وملكه بمجرد عطفه عليه نظر؛ لأن مسمى حريمه المغاير لمسمى ملكه لعطفه عليه إنما يصدق على الفناء، وليس انتفاعه كانتفاعه بملك يجوز كراؤه مطلقًا، وأما فناؤه فسمع ابن القاسم لأرباب الأفنية التي انتفاعهم بها لا يضيق على المارة أن يكروها.

ابن رشد: لأن كل ما للرجل أن ينتفع به كان له أن يكريه.

قُلتُ: وهذه الكلية غير صادقة؛ لأن بعض ما للرجل أن ينتفع به لا يجوز له أن يكريه كجلد الأضحية، وبيت المدرسة للطالب ونحوه، وفناء الدار، وهو ما بين يدي بنائها فاضلًا عن ممر الطريق المعد للمرور غالبًا كان بين بابها أو غيره، وكان بعض شيوخنا يشير؛ لأنه الكائن بين يدي بابها، وليس كذلك لقولها في كتاب القسم، وإن قسما دارًا أن يأخذ كل واحد طائفة فمن صارت الأجنحة في حظه فهي له، ولا تعد من الفناء، وإن كانت في هواء الأفنية، وفناء الدار لهم أجمعون الانتفاع به.

ابن رشد: إثر كلامه السابق، وهذا لا أعلم فيه خلافًا، ولا يباح لذى الفناء أن يدخله في داره، فإن فعل وهو يضر بالطريق هدم عليه، ورد كما كان، وإن كان لا يضر ففي تهدمه كذلك قولان لسماع زونان ابن وهب مع أشهب، وأصبغ مع سماعه أشهب: والقائلون بالأول أكثر، والثاني أظهر، ونزلت بقرطبة فأفتى ابن لبابة وأيوب

ص: 358

ابن سليمان، ومحمد بن وليد: بعدم الهدم.

وأفتى عبد الله بن يحيى، وأبيه يحيى، ويحيى بن عبد العزيز، وسعد بن معاذ، وأحمد بن نصر: بالهدم.

وسمع ابن القاسم: في كتاب ابن القاسم: ليس لمن له دار في رحبة لأهل الطريق ارتفاق بها حين ضيق الطريق بالأحمال، وشبهها أن يجعل عليها بابًا حتى تكون الرحبة له فناء، ولم يزد فيها ابن رشد، ونزلت عندنا بتونس في موضعين؛ فحكم بالهدم الباب وإزالته.

وسمع أصبغ: ابن القاسم: في الأقضية لمن له داران بينهما طريق أن يبني على جداريهما غرفة أو مجلسًا فوق الطريق، وإنما يمنع من الإضرار بتضييق الطريق.

ابن رشد: هذا إن رفع بناءه رفعًا يجاوز رأس المار راكبًا، ونحوه في الزاهي، وكذا الأجنحة.

وفيها: كل ما أحدثه ذو عرضة فيها من فرن أو حمام أو أرحية ماء أو غيرها أو كير للحديد أو أفرانا لتسييل الذهب والفضة أو آبارًا أو كنفًا فكل ما أضر بجاره من ذلك منع، واستخف اتخاذ التنور.

وسمع يحيى ابن القاسم في الأقضية: من له دار لاصقة بأندر قوم انتفاع ربه به، ودراسته يمنع من بنائه بأرضه ما يضر الأندر في قطع منفعة ربه به كالريح ونحوه، وقاله ابن نافع وسحنون في آخر قوليه وقال: أولًا له ذلك قائلا: وإحداث الأندر على رب الأندر أو الجنان ضرر يمنع ابن رشد إحداث أندار بإزاء دار أو جنان يضر ما يقع بأحدهما من تبن عند المذر، وبه ضرر وكذا دخان حمام أو فرن أو رائحة دبغ أو إلصاق كنيف بجدار جاره أو رحى تضر بجداره وشبهه اتفاقًا في الجميع، ومنه ضرر الاطلاع كإحداث كوة أو باب يطلع من إحداهما على دار جاره أو يتخد عليه قصبة يشرف منها على عياله، وشذ قول أشهب وابن الماجشون ومحمد بن سلمة ومحمد بن صدقة من أصحاب مالك: أنه لا يمنع، ويقال لجاره استر ععلى نفسك إن شئت.

قُلتُ: في لفظ إن شئت نظر، أشار إليه الصقلي في نحو هذا وقال: الجواب أن يستر

ص: 359

على نفسه، وظاهر قول ابن رشد: على دار جاره قصره على الدور دون البساتين، ونزلت بتونس أوائل هذا القرن على ما أخبرني به بعض شيوخنا أحدث من كان له بعض معرفة بأهل الأمر من التجار في مرج جنانه طاقة يطلع منها على سطح جابية بجنان قاضي الأنكحة حينئذ، وتحاكما لقاضي وقتيهما الفقيه أبي إسحاق بن عبد الرفيع فأبصرت من إثر حكمه ما تربنا بجانب الطاقة المذكورة يمنع الاطلاع على السطح المذكور فما أدري هل كان بالحكم بينهما أو بتراضيهما، وفي الحكم فيه اختلاف حسبما يأتي إن شاء الله تعالى، وأشار لي بعض من لقيت بأن المسألة في نوازل ابن الحاج فيها ما نصه لا خلاف في منع الاطلاع على الدور والفدادين والمزارع لا خلاف في إباحة البناء الذي يطلع منه عليها والجنات مختلف فيها أخبرت به عن ابن الطلاع والكروم والقريبة كالجنات لا سيما عندنا لكثرة تكرار أهلها بعيالهم إليها.

الباجي: عن الأخوين من بنى على شرف يطل منه على موردة القرية على علوة أو علوتين، فإن كان لإشراف مكانه لم يمنع، ولو وجد عنه مندوحة، وكذا لو اطلع من ذلك الشرف على دور جيرانه إن كان ذلك حال الوضع قبل البناء، وغن كان اطلاعه على الموردة بعلية فتح بابها للموردة أو كوى منع ابن عات عن المشاور إنما يمنع الاطلاع إذا تبينت الأشخاص، وإلا فلا.

قُلتُ: انظر هل مراده الأشخاص باعتبار الصنف كالرجل من المرأة أو النوع كالإنسان من غيره، وأما بالجزئية كزيد من عمرو فلا، وانظر مع تحديد الأخوين بالعلوة والعلوة قدرها مائتا ذراع قاله ابن رشد في قصر المسافر.

وسمع عبد الملك بن وهب: من شكا بشجرة بدار جارة لإشراف من يطلعها لاحنائها على داره، وخوف أن يتطرق إليه منها لم يكن له قطعها، وله قطع ما دخل من أغصانها في أرضه.

ابن رشد: له قطع ما طال من الحادثة فأضر حائطه أو دخل هواء حقه، وقلعها إن أضرت حائطه، وإن كانت الشجرة قديمة قبل دار الجار فليس للجار قطعها، ولو أضرت بجدار، وفي قطعه ما أضر به مما طال من أغصانها قولا أصبغ مع مطرف، وابن

ص: 360

الماجشون؛ لأنه علم أن هذا يكون من حال الشجرة فقد جاز ذلك من حريمها، والأول أظهر، واختاره ابن حبيب، ولمن له أرض بجانب شجره في أرض جاره قطع ما دخل في ؤأرضه، وامتد من فروعها على أرضه، ومن كانت في أرضه شجرة لغيره فليس له قطع ما طال، وانبسط منها قاله ابن القاسم وغيره.

وسئل ابن رشد: عن صومعة أحدثت يطلع منها على بعض الدور هل هي كالشجرة يطلع منها حين اجتنائها على دار الجار فأفتى بسد كل ما يطلع منه على دار، وفرق بينهما وبين الشجرة بكثرة صعود الصومعة، وقلة طلوع الشجرة، وفي حريم البئر منها من رفع بناءه ففتح كوى يشرف منها على جاره منع، وكتب عمر في هذا أن يوقف على سرير، فإن نظر منه إلى ما في دار جاره منع، وإلا لم يمنع.

قال مالك: يمنع من ذلك ما فيه ضرر، ونحوه في سماع عتبد الملك ابن وهب من كتاب السلطان.

ابن رشد: مثله لأشهب، وفي حريم البئر منها فذكر له نصها، وقال: لأن الأسرة مما تتخذ في البيوت، فإذا كان ما قام عليها اطلع على دار جاره منع، والمعنى في هذا كله أن ما لا يوصل إليه من الاطلاع إلا بكافة ومؤنة، وقصد إلى الاطلاع بتكليف صعود لا وجه إلا ذلك لم يمنع منه، وقيل: للذي يشكو الاطلاع بتكليف صعود لا وجه إلا ذلك لفم يمنع منه استر على نفسك، فإن أثبت أنه اطلع عليه بقصد إلى ذلك وجب على الإماغم تأديبه حتى لا يعود إليه.

وأفتى الشيوخ عندنا فيمن فتح في قصبته بابًا لا يطلع منه على دار جاره إلا بأن يخرج رأسه من الباب ليطلع أو يخرج إلى السقف أو إخراج أحد منه رأسه ليطلع، وهو أحسن من الفتوى، وإن ثبت ضرر الاطلاع ففي وجوب الحكم بسده، وإزالة أثره خوف دعوى قدمه وعدم وجوب سده، والاكتفاء بجعل أمام ذلك ما يستره قولان لسماع أشهب من الأقضية، وابن الماجشون في الواضحة.

وذكر المتيطي قبل ذكره ما تقدم من كلام ابن رشد ما نصه: من أراد أن يحدث على جاره كوة أو بابًا أو غرفة يشرف منها على ما في دار جاره أو أسطوانة أو غرفته منع من

ص: 361

ذلك، فإن أحدثها قضي بغلق الكوة، والباب بالبناء وقلع عتبة الباب؛ لأنها إن تركت وطال الزمان ونسى الأمر كانت حجة للمحدث، وقال: إنما أغلفته لتعيده متى شئت، وكذا عتبة باب الدار.

قُلتُ: كذا ذكره غير معزو وكأنه المذهب، وذكره الصقلي جوابًا لسحنون عن سؤال حبيب إياه.

وقال ابن رشد في أول رسم من سماع القرينين في الأقضية: هو دليل هذا السماع.

وقال ابن وهب: كتب عمر بن الخطاب؛ فذكر ما تقدم.

وقال عقبة: والعمل على قول مالك.

قُلتُ: فظاهره أن قول مالك خالاف المروي عن عمر، وقال ابن أبي زمنين: قال بعض مشايخنا: السرير في هذا الحديث فرش الغرفة.

قاله بعض المتأخرين: وقيل: السرير السلم وأبواب الغرف أضر من أبواب الدور والضرر الذي يوجب إغلاق أبواب الغرف المحدثة هو أن يقف واقف في الباب المحدث، ويستبين له في دار المحدث عليه الوجوه، فإن لم يظهر الوجوه لم يكن الإحداث ضررًا، وبقي بحاله.

وفي تضمين الصناع منها: من كان له على جاره باب قديم أو كوة قديمة لا منفعة له فيهما، وعلى جاره مضرة بهما لم يمنع منهما؛ لأنه أمر لم يحدثه عليه، ولم أسمعه من مالك.

ابن رشد: ومثله لابن الماجشون قال: الأبواب والكوى القديمة قبل بناء الدار المطلع عليها لا يمنع.

الصقلي في حريم البئر: رأيت بعض فقهائنا يعني ويستحسن أن له منعه من التكشف، وإن كانت قديمة، وإن رضيًا بذلك لم يتركا؛ لأنه رضى بما لا يحل، وهو خلاف المنصوص.

ابن رشد عن ابن الماجشون: لو أراد رب عرصة منع جاره من فتح باب على عرصته قبل بنائها لضرر ذلك عليه إذا بنى لم يكن له ذلك.

ص: 362

وقال مطرف: له منعه قبل البناء وبعده، ولو ترك منعه قبل البناء كان له منعه بعده إلا أن يكون رب العرصة اشتراها على ذلك، وقاله أصبغ وابن حبيب.

ابن زرقون: في منعه قبل بناء القاعة وبعدها وعدمه فيهما، ثالثهما: بعده لا قبله لمطرف وابن الماجشون وابن القاسم.

قُلتُ: نقلها الباجي قائلا: في الثالث أظن أني رأيته لابن القاسم وابن رشد، واختلف على ما في المدونة إن أشكل قدمه وحدوثه، ففي حمله على القدم أو الحدوث قولان لكتاب ابن سحنون وأحكام ابن زياد.

قُلتُ: زاد ابن زرقون: وبه الحكم لحديث "لا ضرر ولا ضرار".

قُلتُ: ويتخرجان على قولي ابن القاسم وأشهب فيهاك فيمن ابتاع سلعة بروبة متقدمة ادعى مبتاعها عند رؤيتها تغيرها.

المتيطي: إن لم تقطع البينة بمعرفة الأحداث، وقالت: رأيت أشياء يدل على الأحداث، وفيه ضرر على فلان وجب قطعه مع يمين القائم على أنه محدث كذا ما يمنع به دار جاره الضوء والشمس، والريح جائز.

ابن رشد: شذ قول ابن نافع بمنعه.

قُلتُ: كذا نكره لا بقيد وللصقلي عن ابن كنانة في المجموعة: إن رفعه ليضر بجاره في ذلك، ولا يقع له في بنائه منع، ومن له حائط به رف خرجت أكلبه لدار جاره في جواز بنائه عليه غرفة أو غيرها، ومنعه نقلا ابن سهل عن ابن العطار، وابن عتاب مع ابن مالك بناء على قصر يملك الهواء على ملك قاعة الأرض إضافة ملك كل هو الملك بنائه.

ابن سهل: الأول أشبه.

ص: 363

قُلتُ: هو دليل قول قسمها في مسألة الأجنحة، وتقدمت.

الصقلي: وسئلت عن من بنى دارًا أو سطحًا على أن يبني فوق السطح فعجز عن البناء، والسطح يكشف جيرانه فلم يقوموا عليه حتى باعها بعد سنة من وقت بنائها فقام على المشتري منهم من يكشف عليه طالبًا له بالستر، فقال: كذا اشتريت، ولم أحدثه عليكم فظهر لي أنه عيب إن لم يبين البائع قرب بنائه، فيخير المشتري في تماسكه، والستر على الجار، وفي رده فيستر البائع إلا أن يمضي لذلك كثير السنين كالعشر سنين ونحوها، ولم يقوموا، وقاله جماعة من أصحابنا.

قُلتُ: لابن رشد في نوازل أصبغ من جامع البيوع في لغو استحقاق ملك الضرر المحدث بالجواز مطلقًا، وملكه بحوزه مما يجاز به الأملاك عشرة أعوام ونحوها أو بالعشرين ونحوها، رابعها: بخمسة عشر، وخامسها: بأربع سنين، وسادسها: قصر استحقاقه بالحوز على ما ضرره على عقد واحد، وما يتزايد أبدًا، كالمطمر إلى جانب الحائط وشببهه هو لغو فيه لابن حبيب، وأحد قولي أصبغ، وثانيهما، وابن الماجشون مع استحسانه.

ابن زرب وابن سحنون عنه وعن غيرهم.

قُلتُ: هذا عزاه ابن سهل لنقل ابن أبي زمنين عن فتوى يحيى بن إبراهيم بن مزين ومثل ما لا يزيد بفتح الأبواب، والكوى، وما لا يزيد كالكنيف ومحل الدبغ.

وفي سماع القرينين من كتاب الأقضية لمن أحدث على أرضه مرور ما سكت عنه أربعين سنة القيام بقطعه.

ابن رشد: هذا على القول أن الضرر لا يجاز.

قُلتُ: وسابعها: مطلق ما زاد على عشر، وثامنها: مطلق ما زاد على عشرين لمفهومي.

نقل ابن سهل عن ابن لبابة قوله: العشر سنين قليل، ونقله عنه سمعت رواية المبسوط وغيرها بناء على القولين في جميع الرجلين سلعتيهما في البيع؛ لأن جملة الجعل معلوم، وما يقع لكل عبد لا يعلم إلا بعد التقويم.

ص: 364