المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في المحبس] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٨

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[باب في عاقد القراض دافعًا]

- ‌[باب عاقد القراض أخذًا]

- ‌[كتاب المساقاة]

- ‌[باب العاقد]

- ‌[باب في شرط حظ العامل]

- ‌[باب في العمل في المساقاة]

- ‌[كتاب المزارعة]

- ‌[كتاب المغارسة]

- ‌[كتاب الإجارة]

- ‌[باب في أركان الإجارة]

- ‌[باب الأجر]

- ‌[باب فيما يجب تعجيله من الأجر في الإجارة]

- ‌[باب منفعة الإجارة]

- ‌[باب شرط المنفعة فى الإجارة]

- ‌[باب (.....) يوجب فسخ الإجارة]

- ‌[كتاب ضمان الصناع]

- ‌[باب الصانع المنتصب للصنعة]

- ‌[كتاب الجعل]

- ‌[باب في شرط الجاعل]

- ‌[باب في شرط الجعل]

- ‌[باب في العمل في الجعل]

- ‌[كتاب إحياء الموات]

- ‌[باب موات الأرض]

- ‌[باب في معروض الإحياء]

- ‌[باب التحجير]

- ‌[باب الإقطاع]

- ‌[باب الحمى]

- ‌[كتاب الحُبُس]

- ‌[باب في المحبس]

- ‌[باب في المحبس عليه]

- ‌[باب في المحبس]

- ‌[باب في الحوز المطلق]

- ‌[باب في وقت الحوز]

- ‌[باب في الحوز الفعلي الحسي]

- ‌[باب في الحوز الحكمي]

- ‌[باب في صيغة الحبس]

- ‌[باب المستحق من الحبس لمن عليه حبس]

- ‌[باب العطية]

- ‌[باب العمري]

- ‌[باب في صيغة العمري]

- ‌[باب في الرقبى]

- ‌[باب الهبة]

- ‌[باب في صيغة الهبة]

- ‌[باب الموهوب]

- ‌[باب الواهب]

- ‌[باب الحوز الحكمي في الهبة والصدقة]

الفصل: ‌[باب في المحبس]

[باب في المحبس]

المحبس: من صح تبرعه، وقبوله منه، فيصبح من الإمام لسماع محمد بن خالد

ص: 440

من ابن القاسم صحة تحبيسه الخيل في الجهاد.

وأنكره بعض مفتي بلدنا حين إشهاد إمامها بتحبيسه بعض ريعها على بناء سورها فوقفته على السماع فرجع، وشهد فيه معنا، فلا يصح من محجور عليه، ولا من مدين أحاط عليه دينه بماله، ولا كافر في قربة دينية ولو كانت في منفعة عامة دنيوية كبناء القناطر، ففي ردها نظر.

والأظهر: إن لم يحتج إليها ردت.

الباجي: سمع ابن القاسم: إن حبس ذمي دارًا على مسجد ردت، ورواه معن بن موسي في نصرانية بعثت بدينار للكعبة رد إليها، وهو على وارث وحده في المرض مردود كهبته فيه فلو كان على غيره فهو معه فهو كالمشهورة بمسألة ولد الأعيان، وهي ذو دار حبسها في مرض موته على ولده، وولد ولده، وحملها ثلاثة، وترك معهم أمًا وزوجة فصورها الشَّيخ والصقلي على أن الولد ثلاثة، وكذلك ولد الولد فتقسم غلتها على عدد المحبس عليهم.

سمع عيسى ابن القاسم: والذكر كالأنثى، وفي قسمه بالسوية مطلقًا أو إن استوت حالتهم نقلاً.

ابن رُشْد: عن ظاهر سماع عيسى ابن القاسم مع قول ابن الماجِشُون، ومشهور

ص: 441

قول ابن القاسم: ودخلت الأم والزوجة على ولد الاعيان فيما صار لهم بحظيهما إرثًا، فإن مات أحد الأعيان تعلق بحظه حق ولد الولد لوجوب صرف كل حبس على عدد عند موت بعضه على من بقي، وفي صرفه لهم بنقص القسم الأول، وقسمه على من بقي من الأعيان، وولد ليقسم حظهم بمقتضى إرثهم والميت معهم مقدرة حياته يستحق وارثه حظه من ذلك، وتدخل الأم والزوجة عليهم فيه بحظيهما كما مر، أو ببقائه، ويقسم حظ الميت مردود إليه سدسه وثمنه.

كذلك نقلا الصقلي عن سَحنون مع محمد، ويحيى عن ابن القاسم، وظاهر سماع عيسى ابن القاسم، وبه فسره الشَّيخ الصقلي، وقول سَحنون في المجموعة: يضم ولد الأعيان لما صار لهما من قسم سهم الميت عليهما مع ولد الولد للسدسين اللذين بأيديهما مردودًا إليهما ما أخذه منهما الأم والزوجة يخرج من كل ذلك لها سدسهما وثمنهما، ويقسم الباقي عليهما مع الميت مقدرة حياته حظه لوراثه عائد إلى نقض القسم.

قال الشَّيخ: ولا يختلف معنى نقص القسم من بقائه بالنسبة إلى الأم والزوجة وولد الولد إنما يختلفان بالنسبة إلى ولد الاعيان وولد الميت، وبيانه يقسم الحُبُس بموت الجد على أنه فريضة صحت من ألفين ومائة وستين لكل من الأعيان، وولد الولد سدسها ثلاثمائة، وستون للزوجة ثمن ما بيد كل واحد من الولد جميعه مائة وخمسة وثلاثون وللأم سدس ما بيد كل من الولد جميعه مائة وثمانون، فإن مات أحد الأولاد ردت إليه الزوجة ما أخذت منه، وذلك خمسة وأربعون، وترد الأم إليه ستين فيعود السدس كما كان ينقسم على خمسة اثنان وسبعون لكل واحد من ولد الولد وولد الأعيان فتأخذ الأم سدس ما بيد كل واحد من ولدي الاعيان، وذلك اثنى عشر والزوجة ثمنها تسعة يبقى لكل واحد عشرون جميع ذلك مائة وسهمان يأخذ كل واحد ثلثه أربعة وثلاثين، ولوارث الميت مثل ذلك، فيصير لكل واحد منهما مائتان وسبعة وثمانين للزوجة مائة وثمانية، وللأم مائة وأربعة وأربعون، ولكل واحد من ولد الولد أربعمائة واثنان وثلاثون هذا على بقاء القسم، وعلى نقضه تقسم ذلك على خمسة خمسه أربعمائة واثنان وثلاثون، وكذا كان لكل واحد من ولد الولد في القسم الأول، ثم تأخذ

ص: 442

الزوجة من كل واحد من ولد الأعيان ثمن مابيده، وهو أربعة وخمسون يجتمع لها مائة وثمانية، وهو ما كان لها في القسم الأول، وتأخذ الأم منهما سدس ما بأيديهما مائة وأربعة وأربعين، وهو ما كان لها في القسم الأول، ثم الباقي بيد ولد الأعيان ستمائة واثنا عشر ثلثها لورثة الميت منهما مائتان وأربعة فرادهما نقض القسم على بقائه مائة وسبعين؛ لأنه إنما كان لهم أربعة وثلاثون هذه الزيادة كانت عند عميهما ونقص كل واحد منهما خمسة وثمانون عما كان بيده في القسم الأول فالذي نقصهما هو ما زاد ورثة أخيهما، وهذا أشبه لوجوب مساواة حق الميت لحقيهما فيما يستحقانه بالإرث.

قُلتُ: هذا الكلام بطولة إنما المطلوب منه بيان اختلاف قدر ما يجب لورثة الميت من ولد الأعيان والباقي منهم على نقض القسم وبقائه وإدراكه باخصر من ذلك واضح؛ لأن الواجب لورثة الميت منهم على نقض القسم ثلث خمسي المال، وعلى بقائه ثلث خمسي سدسه، والمال أكثر من سدسه ضرورة أن الكل أعظم من الجزء، وأن جزء الاصغر من قدر المسمى لجزء الأكبر أصغر من جزء الأكبر، واختلاف حال الوارث ملزوم لاختلاف حال ولد الأعيان؛ لاتحاد حال من سواهم فيهما ضرورة مساواة الجزء المأخوذ من كل لمجموع الأجزاء السمية له مأخوذة له من كل أجزائه كثمانية وأربعين ثمنها وسدسها كثمن أربعة وعشرين مرتين وسدسهما.

ولابن رُشْد في رسم سماع القطعان من سماع عيسى: أن ولد الأعيان ثلاثة، وولد الولد أربعة.

قال ابن دحون: قوله إن مات أحد ولد الأعيان قسم حظه فذكر ما تقدم من قسمه على القول بنقض القسم الأول هذا غلط والواجب رد الورثه كل ما بأيديهم، وذكر ما تقدم في معنى نقض القسم.

ابن رُشْد: إنما قال ابن دحون هذا؛ لأنه تأول قول ابن القاسم على رد جميع ما بيد الميت من ولد الأعيان، ويضاف له ثلث سدس الأم، وثلث ثمن الزوجة فيصير سبعًا تامًا، ويقسم على ما ذكر في السماع؛ ولذا قال قوله يقسم الجزآن غلط؛ بل يرد الورثة كل ما بيديهم إلى الجزءين، ويقسم ذلك على فرائض الله.

ص: 443

كما تأول التونسي: المدَوَّنة: وهو تأويل غلط، تفسد به المسألة، والذي يصح حمل كلام المدَوَّنة عليه أنه لا يؤخذ من الميت من ولد الأعيان كل مابيده إنما يؤخذ سهمه الذي صار من السبعة الأجزاء حين قسم الحُبُس على ولد الأعيان، وعلى ولد الولد مما بيده ومما بيد الباقين من ولد الأعيان، ومما بيد الأم والزوجة؛ لأنه قد قسم ذلك عليهم أجمعين مع السبعين الأخرين اللذين كانا صارا لولدي الأعيان؛ فيؤخذ مما بيد كل واحد ثلثه؛ لأن ولد الأعيان ثلاثة فيكمل السبع على هذا فيقسم على الباقين من ولد الأعيان وولد الولد ومناب ولد الأعيان منه يقسم عليهما مع الميت من ولد الأعيان وعلى الأم والزوجة كما تقدم، فيتساووا على هذا في قدر مواريثهم كتساويهم في بعض القسم.

قُلتُ: قوله وإنما يؤخذ سهمه الصائر له من السبعة الأجزاء إلى آخره كذا وجدته في غير نسخة واحدة، وظاهره أخذ كل ما بيده؛ لأنه الصائر له من قسم السبعة الأخرى، وهو مناف للمعنى الذي صوبه، ولنص قوله بعده فيؤخذ مما بيد كل واحد ثلثه إلى آخره، ولو قال: إنما يؤخذ منه تسمية الصائر له من السهم السابع من السبعة الأجزاء إلى آخره كان واضحًا؛ فتأمله.

وحاصله: أنه يؤخذ مما بيد كل واحد من ولد الاعيان ميتهم وحيهم من الأم والزوجة الجزء المسمى لعدد ولد الأعيان؛ لأن الجزء الصائر لكل منهم من السهم الذي بان بموت أحد ولد الأعيان استحقاق ولد الولد فيه حقًا مع الباقين من ولد الأعيان بمقتضى التحبيس على عددهم.

الصقلي عن سَحنون في المجموعة: إنما هو في الثمار وشبهها من الغلل يقسم عند كل غلة على من وجد حينئذ حيًا من ولد الأعيان، وولد الولد، ثم يقسم حظ ولد الأعيان على الفرائض، فأما ما يسكن من دار أو يزرع من أرض فلا بد من نقض قسمه.

الصقلي: وهذا إنما يصح على قول من لا يرى نقض القسم.

الصقلي: وقول سَحنون في المجموعة؛ كنقض القسم سواء فانظره.

ص: 444

قُلتُ: قوله إنما يصح على قول من لا يرى نقض القسم وهم؛ لأن حاصل قول سَحنون الذي قرره في الثمار هو نفس نقض القسم؛ فكيف يتصور صحته على عدمه، ويمكن تقرير قول سَحنون على الصواب، أن معنى قوله: وهذا إنما يصح؛ يريد: بقاء الربع المحبس بينهم بعد موت أحد ولد الأعيان على ما كان عليه قبل موته إذا كان نفس المقسوم بينهم غلة الربع كدار السكنى وشبهه؛ يريد: ككراء الدور ونحوها أما إن كان المقسوم بينهم نفس الربع كدار السكنى لهم، وأرض الزرع لهم فلا بد من نقض قسمه؛ يريد: فلا بد من تحويله عن حالته في قسمه بينهم بموت أحد ولد الأعيان فلا يبقى على ما كان عليه بينهم؛ لأن الصائر لكل منهم حيث المقسوم بالغلة لا تختلف الأغراض فيه لتعدد قسمه فوجب بقاء الربع المحبس على حاله والصائر لكل منهم حيث المقسوم بينهم الربع نفسه تختلف الأغراض فيه في تعدد قسمه فوجب نقضه عن بقاء حاله قبل موت أحد ولد الأعيان؛ فتأمله.

ابن رُشْد: وقوله في هذا السماع أن هذا القسم لا ينتقض بموت من مات، وإنما يقسم حظه معناه إن كان ينقسم خلاف ظاهر سماع عيسى يحيى أن القسم ينتقض كله كما إذا زاد ولد الولد، وإن لم ينقسم حظ من مات من الولد أو ولد الولد انتقض كل القسم من أصله اتفاقًا كما ينتقض، كذلك إذا زاد ولد الولد، وسماع يحيى ليس مخالف لسماع عيسى فما يخرجه القسم لكل واحد في قتله وكثرته إنما اختلفا في صفة العمل، وسماع يحيى أولى لما في ترك القسم من التشعب والعناء بما لا فائدة فيه، وفي سماع عيسى المذكور ما صار لورثة الميت من ولد الأعيان يستمتعون به ما عاش واحد من ولد الأعيان.

ابن رُشْد: فيه نظر، إذ لا يستمتعون بجميعه ما عاش واحد من ولد الأعيان، كما قال: لأنه إن مات واحد من أعيان الولد بعد ذلك وجب أن يردوا مما صار لهم ما يجب من ذلك لولد الولد، وإنما يستمتع كل من صار بيده من الورثة شيء من الحُبُس بجميع ما صار له ما بقي واحد من أعيان الولد إن مات جميع ولد الولد يرجع جميع الحُبُس للولد، وفي السماع المذكور سئل عنها سَحنون فقال: هذه من حسان المسائل قل من

ص: 445

يعرفها، وهي لابن القاسم في غير موضع فهي في بعض كتبه خطأ، وفي بعضها صواب، الصواب فيها: إن كان ولده ثلاثة وولد ولده ثلاثة وحالهم واحدة قسم الحُبُس على ستة إلى آخره.

ابن رُشْد: قيل: قوله هذا تفسير لقول ابن القاسم، وقيل: خلافه إذ قال يقسم على عددهم، ولم يشترط تساوي حالهم، وقيل: ابن القاسم فرق بين الحُبُس في المرض؛ لأنه فيه بمعنى الوصية فسوى فيه بين فقيرهم وعنيهم بخلاف حبس الصحة، واتفقا على أن لا يفضل الولد على ولد الولد في هذه المسألة، وهو خلاف قول ابن القاسم في المدَوَّنة وروايته فيها مثل قول المخزومي وغيره في قوله، وكان المغيرة وغيره يسوي بينهم فلو مات ثان من البنين فعلى النقض يقسم كل الحُبُس على أربعة، ثلاثة الحفدة والابن الوارث كما مر وبموته يخلص كل الربع للحفدة، وعلى بقائه فعلى تفسيره.

ابن رُشْد: يؤخذ من حظ الميت وسائر من بيده حظ غير الحفدة الجزء المسمى للخارج من تسوية الواحد من عدد البنين حيهم وميتهم يقسم كما مر، وعلى قول الأخوين يقسم كل حظ الميت مع الجزء المذكور ممن ذكر حيهم وميتهم غير ابن حي يقسم كذلك فلو مات أحد ولد الولد والبنون أحياء ففي نقض القسم فيقسم الحُبُس على خمسة كما مر، وبقائه ويقسم حظ الميت كذلك نقلاً الصقلي عن محمد مع غيره، وسماع عيسى ابن القاسم وعليه في دخول الأم والزوجة على ولد الأعيان فيما صار لهم نقلاه عنه مع سَحنون في المجموعة، وعنه في العتبيَّة قائلاً: لأن الوصية نفدت أولاً وارتفعت التهمة.

الصقلي: يريد: إنما رجع عليهم بالولاية.

قال غيره: وعليه يؤثر ذو الحاجة من ولد الموصي؛ لأنه سنة مرجع الأحباس.

الصقلي: قوله في المجموعة: أحسن، وهو ما قاله محمد: من نقض القسم سواء فيما يصير للأم والزوجة إذ لا فرق بين أخذ سدس وثمن من كل مجموعًا، ومن كل أجزائه مفرقة فالقول بنقض القسم أخصر.

قُلتُ: لم يبين وجه كون ما في المجموعة: أحسن، ووجهه إن أخذ ولد الأعيان في

ص: 446

موت أحد ولد الولد لو كان بمعنى استحقاق مراجع الأحباس لا ختصوا بكل ما ترك الميت دون بقية ولد الولد، وفي عزوه الثاني لسَحنون في العتبيَّة نظر؛ لأنه إنما قاله فيها: إن مات جميعهم، ولو مات ثان منهم فذكلك، والقسم على أربعة، ولو انقرض جميعهم رجع كل الحُبُس لولد الأعيان، وفي دخول الأم والزوجة عليهم.

الصقلي: قولا سَحنون في المجموعة مع سماع عيسى ابن القاسم، وقول سَحنون في العتبيَّة، ولما ذكره ابن رُشْد قال: يريد: وكذا لو مات واحد منهم على ما قاله في غير هذا الكتاب، وقوله: لأن وصية الميت نفذت لهم وسقطت المحاباة غلط بين؛ لأنه إنما يرجع الحُبُس إلى أقرب الناس بالمحبس إن انقرض كل المحبس عليهم، وأما ما بقي منهم أحد فهو راجع على جهة الوصية.

وقال الشَّيخ في المختصر: إنما قال سَحنون بعدم دخول الأم والزوجة فيما يصيب ولد الأعيان من قبل ولد الولد إن ماتو كلهم لا في موت أحدهم، فإنهما يدخلان فيه في قول جميعهم؛ لأن أسباب المواريث قائمة بينهم، وكذا تأول عليه ابن دحنون، وهو تأويل لا يعضده نظر وترده الرواية الموجودة عن سَحنون بعدم دخول الأم والزوجة في موت أحدهم.

قال ابن رُشْد: وقول سَحنون إن مات واحد من ولد الأعيان؛ يريد: بعد انقراض ولد الولد أخذ ما في يديه؛ يريد: جميع السدس الصائر له حين قسم الحُبُس على الولد وولد الولد فيقسم على فرائض الله، للأم سدسه، وللزوجة ثمنه؛ يريد: وقد أخذتا ذلك فلا يسترد منهما، ولولد الأعيان ما بقي؛ يريد: ما صار له بالإرث دون ما صار له من رجوع الحُبُس من قبل ولد الولد، وقوله: إن هلك الثاني أخذت الأم مما بيده سدسه غلط بل تأخذ الثلث إلا أن يموت هذا الثاني عن ولد، وقوله: إنما تتقاسم الأم والزوجة ولد الأعيان إن هلك الأول، وبقي اثنان، وإذا هلك الثاني، وبقي واحد صحيح، وفي السماع لسَحنون: إن هلك الثاني، وبقي واحد أخذ ما في أيديهم من النصف الأول الذي صار لهم، وأما ما صار لهم من حق ولد الولد فلا تدخل فيه الأم ولا الزوجة؛ لأنه رجع إليهم من وصية أنفذت لم يكن فيها محاباه لوارث.

ص: 447

قال ابن رُشْد ما نصه: قوله: إن هلك الثاني، وبقي واحد أخذ ما في أيديهم من النصف الأول؛ يريد: فإذا هلك ذلك الواجد فلا تدخل فيه الأم والزوجة الذي بقي أخذ ما في أيديهم من النصف؛ يريد: الذي صار لهم؛ يريد: أنه يؤخذ منهم فيكون ميراثًا عن الحُبُس لورثته وورثة من مات من ورثته.

قُلتُ: كذا وجدته في غير نسخة وفيه نظر؛ لأنه لا يؤخذ شيء من الحُبُس بالإرث عن المحبس إلا إذا صار لوارث له وبموت كل ولد الأعيان بطل تعلق الحُبُس بوارث له، وإذا بطل كونه على وراثه وجب صرفه بمعنى مراجع الأحباس؛ فتأمله.

قال ووقع في النوادر: قال سَحنون في العتبيَّة: إن انقرض ولد الولد وصار ما بأيديهم لولد الأعيان، ثم مات واحد منهم أخذت الأم والزوجة ميراثهما مما بيده من السدس الذي أخذ أولاً لا مما صار إليه عن ولد الولد فما بقي قسم بين ولد الأعيان.

قال أبو محمد: ينبغي أن يكون إنما أخذ أولاً هذا السدس بالإرث فعند الأم سدسه، وعند الزوجة ثمنه، فلا يرد منهما؛ لأنقراض ولد الولد الذي لهم في ذلك حجة فيقسم ما بيده من بقية ذلك السدس على ورثته لأمه سدسه، ولزوجته ربعه، ولبقية ورثته ما بقي، فإن كان إخوته هذين فهو لها، وما بيده عن ولد الولد، وهو سدس ثان فهو كسبيل الأحباس عنده في رواية العُتْبِيّ لا شيء لورثته فيه، ويرد إلى أولى الناس بالمحبس، وهما أخو هذا الميت ورثته بينهما نصفين، كذا وقع قول سَحنون في النوادر، وهو يبين قوله في الكتاب ففيه لبس، وقول ابن أبي زيد مفسر لقول سَحنون لا خلاف له.

قال الصقلي: قالوا: وينتقض القسم لحدوث ولد لبعض ولد الأعيان أو لبعض ولد الولد اتفاقًا، ويقسم على عدد الولد وولد الولد الأولين والذين حدثوا، ولو شرط أن لا حق لمتزوجة إلا أن تتأيم بموت أو طلاق فتزوجت ابنة له انتقض القسم، ولم يقسم لها في قسم الحُبُس شيء، وما صار للأعيان دخلت عليهم بحق إرثها؛ لأنها أخت لهم فلو تأيمت انتقض القسم، وقسم لها فلو كان في المرض على وارثين فقط، ففي وقفه يقسمون غلته بمقتضى الإرث حتى ينقرضوا فيرجع مرجع الأحباس، وبطلانه فيورث

ص: 448

ملكاً، ثالثها: إن قال حبساً لا يباع ولا يورث لتخريج اللخمي على أنه على معين يرجع مرجع الأحباس لا يورث والمعروف.

والشيخ عن ابن كنانه قائلاً: من مات منهم فحظه لورثته على إرثهم حبساً.

قلت: يريد: ما بقى منهم أحد، وإلا رجع مرجع الأحباس، ويرد تخريج اللخمي بأنه لا يلزم من رجوعه مرجع الأحباس، وهو على معين كونه كذلك، وهو على وارث لصحته على المعين وفساده على الوارث، ولا يلزم من ثبوت لازم العقد صحيحاً ثبوت لازمه كذلك فاسداً لجواز كون الصحة هي علاقة اللزوم أو جزؤها ولجواز استلزام المحال المحلل في العقليات فأحرى الظنيات فيستلزم الفاسد نقيض لازم الصحيح، وهو على نفس المحبس وحده باطل اتفاقاً، وفيه مع غيره، ثالثها: إن نص على نفسه صح للمعروف.

ونقل ابن شعبان: دخول من حبس على بني أبيه معهم واختياره.

الباجي: لا يصح وقف الرجل ملكه على نفسه.

وقال ابن شعبان: من حبس على نفسه، وغيره صح حبسهن ودخل معه.

قلت: ظاهر المذهب بطلان كل حبس من حبس على نفسه، وغيره إن لم يحز عنه، فإن حيز صح ما على غيره فقط.

وفي الزاهي لابن شعبان: من حبس على نفسه، وعلى الفقراء، فإن كان فقيراً وشرط خروجه عنه بغناه، ويعود إلى من معه عاد إليهم إن استغنى أو مات، لأن الموت الغني عنه، وهذا استحسان لا قياس، وإن جعل نفسه معهم على الغنى والفقر بطل جزؤه بموته إن علم قدره، كقوله على فقراء بني فلان أو ولد فيعرفون، وإن جعله على الفقراء مطلقاً، فجزؤه لا يعرف، وفي بطلان كل الحبس وإمضاء جميعه إذ لا يرد كثير بقليل قولان بأولهما أقول.

وسمع ابن لقاسم: من حبس شيئاً في السبيل، وأنفذ فيه زماناً فله الانتفاع به مع الناس إن كان محتاجاً.

ابن رشد: ينتفع به فيما سبله فيه لا فيما سواه من منافعه إن كان من حاجة، لأن

ص: 449

الاختيار فيما جعل في السبيل أن لا شيء فيه إلا لأهل الحاجة، فإن استعمله لحاجته لم يكن رجوعاً فيما حبس، ولا عود له في صدقته

وللشيخ في المجموعة من رواية ابن وهب وابن القاسم والمتيطي وغيره عن المذهب: ويجوز للمحبس استثناؤه من حبسه ما يسكنه أو ينتفع به حياته على لحوقه بالحبس بعد موته بعقده الأول إن كان ثلث قيمته فأقل وعاينت البينة ما لم يستثنه خالياً من متاعه، فإن كان أكثر بطل جميعه إن كان باقية لصغير ولده، وإن كان لغيره صح إن حيز عنه، وإن لم يلحقه به بعقده الأول وأبقاه على أن يلحقه به بعد وفاته فهو وصية بتحبيسه.

وفيها: يكره لمن حبس إخراج البنات من تحبيسه.

وسمع ابن القاسم: من حبس حبساً على ذكور ولده، وأخرج منه من يتزوج من بناته لا يجوز هو من أمر الجاهلية.

قلت له: فيبطل ويسجن.

قال: نعم.

ابن القاسم: وذلك إن فات فهو على ماحبس.

ابن القاسم: إن كان المحبس حياً، ولم يجز الحبس فسخ، ودخل فيه البنات، وإن حيز أو فات فهو فوت، وهو على ما جعله عليه.

ابن رشد: ظاهر قول مالك إبطاله على كل حال خلاف قول ابن القاسم أنه يمضي إن فات وفوته عنده حوزه عن المحبس على ما قاله في هذه الرواية إذ رأى أن الحبس يبطل ما لم يحز عن المحبس، ويدخل الإناث فيه ظاهره، ولو كره المحبس عليهم لرعي القول بأن الهبة والصدقة والحبس لا يجب الحكم به حتى يقبض، وعن مالك أنه مكروه فعليه لا يفسخ إلا أن يرضى المحبس عليه بفسخه، وهم كبار.

وقال محمد: ليس ذلك باختلاف من قوله، ومعنى قوله: بفسخه ما لم يأب عليه من حبس عليهم، فإن أبو أبقى حبساً، ولم يفسخ، وإن كان حياً إلا أن يرضوا، وهم كبار.

قال مالك: إن لم يخاصم رد حبسه حتى يجعله على صواب ظاهره، ولو لم يحز عنه،

ص: 450

وهو على قياس قوله أنه مكروه.

قلت: في قوله: هو على قياس.

قوله: أنه مكروه، نظر، لأن المكروه إذا وقع أمضى، ولم يفسخ.

قال: وقال ابن القاسم: إن خوصم أقر على حاله، ومعناه على مذهبه إن حيز عنه وتأويلي على ابن القاسم أنه في فسخه فرق بين أن تحاز عنه أو لا تحاز هو ظاهر قوله: إن كان المحبس حياً، ولم يحز الحبس فسخ، ودخل فيه الإناث، وإن كان حيزا وفات، يريد: أو مات بعد أن حيز فقد فات، وهو على ما جعل عليه، وقد تأول على ما حكاه محمد عن مالك وابن القاسم أنه ليس له فسخه، وإن كان لم يحز عنه إلا برضى المحبس عليهم، وقد تأول أن له فسخه، وإن حيز عنه، وأبى المحبس عليهم رعياً لمن لا يرى إعمال الحبس جملة، وهو ظاهر قول ابن القاسم في رسم شك بعد هذا، وفي رسم نذر، وتأول على ظاهر قول مالك في هذه الرواية: أنه يفسخ على كل حال، وإن مات المحبس بعد أن حيز عنه الحبس، فيتحصل في المسألة أربعة أقوال هذا، ويفسخه ويدخل فيه الإناث، وإن حيز عنه، وهذا ما لم يحز عنه، فإن حيز عنه لم يفعل ذلك إلا برضى المحبس عليهم، ورابعها: لا يفسخه ويدخل فيه الإناث، وإن لم يحز عنه إلا برضى المحبس عليهم، وذكرها ابن زرقون وقال: الأولان تأولا على قول مالك في سماع ابن القاسم، والثالث ظاهر قول ابن القاسم في سماعه، والرابع قول محمد، وللباجي قبل ذكرها.

ابن زرقون قال: قال ابن القاسم: إن فات ذلك مضى على شرطه، وإن كان حيا، ولم يجز عنه فأرى أن يرده، ويدخل فيه البنات، ونحوه لعيسى عن ابن القاسم، وأنكره سحنون.

قلت: انظر هل هذا زائد على الأربعة أو هو تقييد لما سوى الأول منها، وأن الثلاثة إنما هي ما لم يمت فإن مات مضى، وهو أبين.

الباجي: وهذا مبني على ما تقدم من الخلاف فيمن وهب بعض بنيه دون بعض.

قلت: هذا خلاف قول ابن رشد إخراج البنات من الحبس عند مالك أشد كراهة

ص: 451