الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصدقة، ويتعذر عروض وجوبه بخلافها.
[باب في المحبس]
المحبس: اللخمي: الأرض وما يتعلق بها كالدور، والحوانيت، والحوائط، والآبار، والمقابر، والطرق.
قُلتُ: كذا فيها رأيت من نسخ اللخمي، وزاد المتيطى عنه، ولا خلاف فيه بين أصحاب مالك.
قُلتُ: ويريد بالمقابر المتخذة حيث يجوز اتخاذها.
سمع ابن القاسم في كتاب الأقضية: إن أحدثت قبور بفناء قوم كانوا يرمون به في غيبتهم، ثم قدموا فلهم تسوية قديمها للرمي عليها، ولا أحب تسوية جديدها.
ابن رُشْد: إنما كرهه في الجديد؛ لأنها في الأفنية، ولو كانت في الأملاك الحوزة لم يكرهه.
وقد قال على ابن أبي طالب رضي الله عنه: واروا في بطنها وانتفعوا بظهرها.
ابن رُشْد: ولو كان دفن في الأملاك المحوزة بغير إذن ربها لكان عليه تحويلهم إلى مقابر المسلمين، وفعل ذلك بقتلى أحد لما أراد معاوية إجراء العين التي بجانب أحد أمر من ينادي بالمدينة من كان له قتيل فليخرجه، وليحوله.
قال جابر: فأخرجناهم من قبورهم رطابًا ينثنون يعني شهداء أحد.
قُلتُ: في استدلاله بفعل معاوية نظر؛ لأن قتلى أحد ما أقبروا إلا حيث جاز إقبارهم، واستدلاله بإخراجهم يوهم كون القبر غير حبس.
والأقرب: أنه فعله لتحصيل منفعة عامة حاجية حسبما يأتي في بيعا لحُبُس لتوسعة جامع الخطبة.
ولابن عات: سئل بعضهم أيجوز حرث البقيع بعد أربعين سنة دون دفن فيه وأخذ ترابه للبناء.
قال الحسن: لا يجوز أن يتملك.
وفي أحكام ابن سهل: أفتى الفقهاء بالمشي على أسنة القبور، وقال: كان صلى الله عليه وسلم يشق المقابر على أسنمتها لا بينها.
وقال غيره: المشي على المقابر لمن كان له قبر ضرورة، ويؤمر بالتحفظ من المشي عليها لئلا يهدمها، وللضرورة أحكام، ولم يتعقب ابن سهل ذلك.
قُلتُ: وأفتى بعض شُيُوخنا: بعض أهل الخير بنى دارًا له فوجد في بقعة منها عظام آدمي يكون محله حبسًا لا ينتفع به، ولا بهواه فتركه، وهواءه براجًا.
الباجي: تحبيس الرباع جائز اتفاقًا، وقول ابن الحاجب: يصح في العقار المملوك لا المستأجر.
اختصار لقول بان شاس: لا يجوز وقف الدار المستأجر، وفي كون مراد ابن شاس نفي وقف مالك منفعتها أو بائعها نظر، وفسره ابن عبد السلام في لفظ ابن الحاجب بالأول، وهو بعيد لخروجه بالمملوك.
والأظهر: الثاني، وفي نقله الحكم بإبطاله نظر؛ لأن الحُبُس إعطاء منفعته دائمًا وأمر الإجارة خاص، فالزائد عليه يتعلق به الحُبُس لسلامته عن المعارض، ثم في لغو حوزه المستأجر للحبس فيفتقر لحوزه بعد أمد الإجارة وصحته له، فيتم من حين عقده قولان مخرجان على قولي ابن القاسم وأشهب في لغو حوز المستأجر ما في إجارته لمن وهب له بعد إجارته وصحته له.
وإطلاق ابن شاس وابن الحاجب إجازته في الشائع كقولها في آخر الشفعة قال مال: إن حبس أحد الشريكين في دار حظه منها على رجل وولده، وولد ولده فباع شريكه حظه منها فليس له، ولا للمحبس عليهم أخذه بالشفعة إلا أن يأخذه المحبس فيجعله في مثل ما جعل حظه فيه.
اللخمي: إن كانت الدار تحمل القسم جاز الحُبُس إذ لا ضرر على شريكه بذلك
إن كره البقاء على الشركة قاسم.
قُلتُ: هذا على أن القسم تمييز حق بين، وعلى أنه بيع يؤدي إلى بيع الحُبُس إلا أن يقال الممنوع منه بيعه ما كان معينًا لا المعروض للقسم؛ لأنه كالمأذون في بيعه من محبسه حسبما يذكر في بيع الحُبُس قال: وإن كان لا ينقسم فللشريك رد الحُبُس للضرر؛ لأنه لا يقدر على بيع الجميع، وإن فسد فيه شيء لم يجد من يصلح معه.
قُلتُ: ومثله في نوازل الشعبي قال: وإن كان علو وسفل لرجلين فلرب العلو رد تحبيس ذي السفل سفله؛ لأنه إن فسد منه شيء لم يجد من يصلح له، ومن حقه أن يحمل له علوه ولرب السفل رد تحبيس ذي العلو علوه للضرر متى، وهي سقط منه ما يفسد سفله، والحائط كالدار فيما ينقسم وما لا.
قُلتُ: ومثل إطلاقها في تحبيس الشريك في الدار وقع في رسم كتب عليه ذكر حق في سماع ابن القاسم من الشفعة، فتكلم فيه ابن رُشْد بحكم الشفعة وأعرض عن حكم تحبيس المشاع.
ولابن سهل عن ابن زَرْب: اختلف أهل العلم فيمن له حصة في دار لا تنقسم فحبسها، فقال بعضهم: لا ينفد تحبيسه، وأجازه بعضهم، وبإجازته أقول.
ولابن حبيب: قال لي ابن الماجِشُون: من حبس شركا له مشاعًا في نخل، ودور مع قوم بعضهم غائب، فإن كان من الشركاء من يريد القسم قسم بينهم، وقسم السلطان للغائب إن تعذر حضوره وتوكيله فما أصاب المحبس كان حبسًا، وما لا ينقسم يباع فما أصاب المحبس اشترى به ما يجعل حبسًا كما سبله.
قُلتُ: ففي جواز تحبيس مشاع ربع مشترك فيه مطلقًا، ووقفه على إذن شريكه فيما لا ينقسم في مثل ما حبسه فيه، وإلا بطل، ثالثها: يجوز مطلقًا، ويجعل ثمن الحظ المحبس مما لا ينقسم في مثل ما حبسه فيه لظاهر هما مع ظاهر سماع ابن القاسم.
ونص ابن زَرْب واللخمي عن المذهب، وابن حبيب مع ابن الماجِشُون: ويتخرج القول بالجواز في العلو والسفل.
المتيطي: إن أقر بعض الورثة بتحبيس ربع ورثوه نفذ إقراره في حظه فقط.
قُلتُ: مثله في النوادر لعبد الملك، وظاهره نفوذه مطلقًا، ولو كان فيما لا ينقسم، وهذا على القول بجوازه مطلقًا في تحبيس المشاع واضح وعلى وقفه على إذن شريكه فيه نظر.
قال: وأشد ما على المنكر الحلف أنه لا يعرف أن الحُبُس حبس عليهم.
قُلتُ: يريد: إن كان ممن يظن به العلم.
قال: وليس له رد اليمين؛ لأن المحبس لا يملك ملك المبيع؛ لأن تصييره للأعقاب والمرجع، ولا يحلف أحد عن أحد، ولو نكل إذا ردت اليمين عليه لم يبطل الحُبُس بنكوله فهذه وجوه تمنع رد اليمين في الحبس، وللباجي اختلف هل على المنكر يمين، فقال بعضهم عليه اليمين، وقال بعضهم: لا يمين عليه.
ابن زَرْب: نزلت في رجل حبس مالاً وثبت حوزه فادعى بعض ورثته أن الحُبُس رجع عليه وسكنه حتى مات، وأراد تحليف المحبس عليهم، فقلت: لا يمين عليه، وقال بعض فقهاء: عصرنا عليه اليمين، وهو عندي خطأ، وفي الثياب طريقان.
اللخمي: في جوازه فيها ومنعه قولان لها، ولنقل ابن القُصَّار مع الصقلي.
الباجي لابن القاسم في العتبيَّة: لم أسمع من مالك في الثياب شيئًا، ولا بأس به، وأجازه أشهب، فقيل: يجوازه يلزم لموافقته الشرع، وكونه من العقود اللازمة، وعلى كراهته، ففي جوازه ولزومه روايتان.
قُلتُ: يريد بالجواز عدم اللزوم، لا أحد أقسام الحكم الخمسة، وإلا لزم كون قسيم الشيء قسمًا منه، وهو محال، وتبعه ابن شاس في ذلك، وفرضه في الحيوان.
ابن زرقون: في جوازه فيه وكراهته، ثالثها: في الخيل ويكره في غيرها، ورابعها: يكره في الرقيق فقط لأشهب مع ظاهرها ورواية محمد.
ونقل القاضي: قال بعض أصحابنا: يجوز في الخيل اتفاقًا، إنما الخلاف في غيره، ولمالك أيضًا، ولما ذكر ابن رُشْد هذا الخلاف أول مسألة في الحُبُس قال: إنما الخلاف في الحُبُس المعقب، أو على نفر بأعيانهم، وأما تحبيس كل ذلك لينتفع بعينه في السبيل، أو تصرف غلته في إصلاح الطرق، ومنافع المساجد، أو ليفرق على المساكين وشبه
ذلك، فجائز اتفاقًا إلا في الرقيق، ويكره لرجاء العتق فيه، فإن وقع وفات ومضى، وإن لم يفت استحب لمحبسه صرفه لما هو أفضل.
قُلتُ: يريد بفوته بالحوز لا بالموت.
وقول اللخمي والمتيطي: الأصل في تحبيس ما سوى الأرض قوله صلى الله عليه وسلم: (من حبس فرسًا في سبيل الله إيمانًا بالله وتصديقًا بوعده فإن سبعه وروثه في ميراثه يوم القيامة) أخرجه البخاري.
وهم شنيع في فهمه إن ضبط باء حبس بالتخفيف، وفي روايته إن ضبطها بالتشديد، وفي مثل هذا كان بعض من لقيناه يحكي عن بعض شُيُوخه أنه كان يقول بعض استدلالات بعض شُيُوخ مذهبنا، لا ينبغي ذكرها خوف اعتقاد سامعها، ولا سما من هو من غير أهل المذهب؛ لأن حال أهل المذهب أو جلهم مثل هذا المستدل.
قال: ولقد رأيت لبعض متقدمي المتكلمين ردًا على المنجمين، وودت أنه لم يقله لسخافته، ورأيت للآدمي ردا عليهم ليس منصفًا وقف عليه.
ابن شاس وابن الحاجب: لا يصح وقف الطعام قال: لأن منفعته باستهلاكه.
قُلتُ: نقصها، وهي كسلف، وذلك جائز إن شاء قبلها على ذلك أو ردها.
قُلتُ: ومثله في رسم استأذن من سماع عيسى ولا بن رُشْد في أول مسألة من سماع ابن القاسم: وأما الدنانير والدراهم، وما لا يعرف بعينه فتحبيسه مكروه وإن وقع كان لآخر العقب ملكًا إن كان معقبًا، وإن لم يكن معقبًا، وكان على معينين رجع إليه بعد انقراض المحبس عليهم.
قُلتُ: رجوعه ملكًا ظاهر في جواز بيعه اختيارًا بعد رجوعه، وذلك يمنع كونه حبسًا حقيقة؛ لأن خاصته تمنع مبيعه اختيارًا.