الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب في المحبس عليه]
المحبس عليه ما جاز صرف منفعة الحُبُس له أو فيه، وإن كان معينًا يصح رده اعتبر قبوله.
ابن شاس: لا يشترط في صحة الوقف عليه قبوله إلا أن يكون معينًا أهلاً للرد والقبول، وفي كون قبوله شرطًا في اختصايه به أو في أصل الوقف خلاف في الموازيَّة من قال: أعطوا فرسي فلانًا فلم يقبله.
قال مال: إن كان حبسًا أعطي لغيره، ولمُطَرَّف في الواضحة من حبس حجرًا فلم يقبلها المحبس عليه لنفقتها رجعت ميراثًا.
قُلتُ: ما ذكره عن الموازيَّة لفظه في النوادر هنا من أوصى بفرسه في السبيل فقال: أعطوه فلانًا فلم يقبله، فإن كان حبسًا أعطى لغيره، وإن لم يكن حبسًا رد إلى ورثته، وما ذكره عن مُطَرَّف لفظه من حبس على رجل حجرًا عرض عليه أن يكون عليه علفها، فإن أبي كانت ميراثًا، وقاله أَصْبَغ، ورواه عن ابن القاسم.
اللخمي: إن حبس فرسًا أو عبدًا على رجل بعينه فلم يقبله، فإنه يختلف هل يصرف لغيره أو يرجع لربه أو وراثه إن أوصى به فذكر ما تقدم لمُطَرَّف، ولم يعزه لغيره، وما تقدم لمحمد قال: وأرى إن أعطاه له ليركبه لا ليغزو عليه رجع ميراثًا، وإن كان ليغزو عليه فهو محل الخلاف؛ لأن الحُبُس يتضمن نفع المحبس عليه كمن أوصى أن يحج عنه فلان بكذا، والموصي غير ضرورة.
قال ابن القاسم: يرجع المال ميراثًا، وقال غيره: يدفع لآخر يحج به عنه،
وهو أحسن.
قُلتُ: لابن رُشْد عن الشَّيخ: من أمر بشيء لسائلٍ فلم يقبله دفع لغيره.
المتيطي: المشهور المعمول عليه صحته على الحمل.
ابن الهندي: زعم بعضهم أنه لا يجوز على الحمل، والروايات واضحة بصحته على من سيولد وبها احتج الجمهور على الحمل، وفي لزومه يعقده على من يولد قبل ولادته قولا ابن القاسم ومالك لنقل الشَّيخ.
روى محمد بن المواز، وابن عبدوس: لمن حبس على ولده، ولا ولد له بيع ما حبسه ما لم يولد له، ومنعه ابن القاسم قائلاً: لو جاز لجاز بعد وجود الولد وموته.
قُلتُ: يرد بأنه لما لزم بوجوده واستمر ثبوته لوجود متعلقه، وقبله لا وجود لمتعلقه فلم يلزم والأولى: احتجاج غيره، فإنه حبس قد صار على مجهول من يأتي فصار موقوفًا أبدًا ومرجعه لأولى الناس بالمحبس، ولهم فيه متكلم.
وتبع ابن الحاجب: ابن شاس في قوله: يجوز الوقف على الذمي، وقبله ابن عبد السلام، ولا أعرف فيه نصًّا للمتقدمين.
والأظهر: جريها على حكم الوصية.
سمع ابن القاسم: كراهة الوصية لليهودي والنصراني.
قال سَحنون: قال ابن القاسم: وكان قبل ذلك يجيزه، ولا أرى به بأسًا إن كان على وجه الصلة للرحم كأبيه وأخيه وأراه حسنًا، وأما لغير هذا فلا.
وقال عنه عيسى: لا بأس به لأحد أبويه وأخيه وشبه ذلك من قرابته، ولا يعجبني في الأباعد، وليتعطف به على أهل الإسلام.
ابن رُشْد: قوله الأول بالجواز دون كراهة هي رواية ابن وَهْب، واحتج بالحلة التي كساها عمر أخًا له مشركًا بمكة، وهي رواية عيسى عن ابن القاسم، قوله قبل ذلك، وأراه حسنًا.
قول ثالث: رأى أجر وصيته لصلة رحمه، وإن كانوا ذميين أكثر من الأجر في المسلم الأجنبي.
وأما الوصية للأباعد من الذميين فلا خلاف في كراهة ذلك باعتبار أنها إيثار للذمي على المسلم إلا في نفس الوصية؛ لأن فيها الأجر بكل حال في موطأ ابن وَهْب عن مالك: من نذر صدقةً على كافر لزمه.
وقال أيضًا: من قال: مالي صدقة على فقراء اليهود لزمته الصدقة عليهم بثلث ماله قال الله سبحانه وتعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)[الإنسان: 8]، والأسير الكافر، وأجاز أشهب الوصية للذميين، ولو كانوا أجانب إجازة مطلقة دون كراهة، ومعناه في الأجانب إن كان لهم حق من جوار أو يد سلفت وشبه ذلك، وإن لم يكن لذلك سبب فالوصية لهم محظورة إذ لا يؤثر الكافر على المسلم دون سبب إلا مسلم سوء مريض الإيمان لقوله تعالى:(لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) الآية [المجادلة: 22].
الباجي: لو حبس مسلم على كنيسة، فالأظهر عندي رده؛ لأنه معصية كما لو صرفها إلى أهل الفسق.
قُلتُ: عادة الأشياخ أنهم لا يقولون الأظهر عندي إلا فيما فيه نظر ما لا في الأمر الضروري، ورد هذا الحُبُس ضروري من القواعد الأصولية؛ لأنه تسبب في معصية أو إعانة عليها خالية عن مصلحة شرعية، وما هذا شأنه حرام إجماعًا.
وكذا من القواعد الفروعية سمع عيسى ابن القاسم: من أوصى أن يقام بلهو عرس رجل أو مناحة ميت لا تنفذ وصيته، وقوله باطل.
ابن رُشْد: لا خلاف في ردها بمناحة الميت؛ لأنها محرمة.
وفي الموازيَّة: من أوصى لرجل بمال على أن يصوم عنه لم يجز ذلك.