الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب التحجير]
التحجير: هو ضرب حدود حول ما يريد إحياءه، وهو ممن لا يقوى على الإحياء لغو اتفاقا، وما يقوى عليه وتأخيره بيسير الأيام لتليين الأرض أو لرخص الأجير معتبر لسماع يحيى ابن القاسم، ونقل اللخمي والباجي عن أشهب.
وفي السماع مع اللخمي: إن حجر كثيرا وعمر منه يسيرا فالزائد عليه كمنفرد عنه، والتحجير لأكثر من ذلك في لغوه مطلقا أو إن زاد على ثلاثة أعوام سماع يحيى ابن القاسم، مع قولها، ونقل ابن رشد عن الواضحة مع اللخمي عن الأخوين.
الباجي: لأشهب في المجموعة عن عمر فيمن حجر أرضا ينتظر به ثلاث سنين ورآه حسنا.
زاد ابن رشد: وأنكر ابن القاسم في المدونة أن يكون سمع من مالك في ذلك شيئا.
قلت: فلأشهب القولان صرح بهما عياض عنه.
[باب الإقطاع]
والإقطاع: تمليك الإمام جزءا من الأرض، لا يصح فيما هو موقوف لمصالح
المسلمين في التجارة لأرض الحرب لا يجوز شراء أرض مصر، ولا تقطع لأحد.
قال غير واحد: لأنها فتحت عنوة.
وسمع يحيى ابن القاسم في كتاب السداد والأنهار: ما قارب الأمصار والمدن من الموات التي لا يجوز إحياؤه إلا بإذن الإمام إن أقطعه رجلا فله بيعه، ويورث عنه، ويكون أحق به، وإن لم يعمره، وليس حاله كحال المعادن.
ابن رشد: الإقطاع يكون في البراري والمعمور إلا معمور أرض العنوة التي حكمها أن تكون موقوفة.
قلت: يريد: إقطاع التمليك، وأما إقطاعها للانتفاع بها مدة فجائز.
قاله الطرطوشي وغيره وابن رشد: فإذا أقطع أحدا شيئا من الأرض المعمورة فلا كلام في أن المقطع يستحقه بنفس الإقطاع، وإن أقطعه شيئا من الموات ليحييه استحقه بنفس الإقطاع، وإرث يورث عنه، وله بيعه وإعطاؤه إلا أن للإمام أخذه بإحيائه، فإن لم يفعل أو عجز أقطعه لغيره لما روي انه صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث من العقيق ما يصلح للعمل فلم يعمله فقال له عمر: إن قويت على عمله فاعمله وإلا أقتطعه للناس، فقال له: أقطعينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له عمر: إنه صلى الله عليه وسلم اشترط عليك فيه شرطا فأقطعه عمر للناس، فإن باعها أو وهبها بعد عجزه قبل نظر الإمام في ذلك مضى ذلك وحل
المبتاع والموهوب له فيه محل البائع أو الواهب، فقوله في السماع: يكون أحق به، وإن لم يعمره معناه إن قال: أعمرها، ولو قال: لا أعمرها أو عجز عنها فللإمام أن يقطعها غيره.
ولو أحياها غيره بعد عجزه دون قطيعة من الإمام جرى على الخلاف فيمن أحيا ما قرب من العمران دون إذن الإمام.
قلت: وللخمي عن الأخوين: من أقطعه الإمام أرضا على عمارتها فله بيعها وهبتها والصدقة بها ما لم ينظر في عجزه فيقطعها غيره.
قال: وظاهر المذهب أن من أقطع أرضا ليملكها لا بشرط العمارة كانت له، وإن عجز عن عمارتها، وذكر قصة بلال وعمر عن ابن وهب.
قلت: كذا ذكر اللخمي في غير نسخة قول الأخوين أن الإقطاع مقيد بأنه على العمارة.
وقال الباجي ما نصه: ما افتتح ملكه على قسمين إقطاع، وإحياء فما يملك بإقطاع من الإمام.
سمع يحيى ابن القاسم: أنها للمقطع، وإن لم يعمرها، ويبيع ذلك، ويورث عنه.
وقال ابن حبيب عن الأخوين: من أقطعه الإمام فلم يقدر على عمارته فله أن يبيع ويهب ويتصدق ما لم ينظر في عجزه عنها فيقطع غيره، فرأى ابن القاسم الإقطاع تمليكا تاما، ورآه الأخوان إذنا في الإحياء، ومن شرطه العمل.
ابن زرقون: ورآه غير واحد من الشيوخ وفاقا، وجعلوا قول الأخوين تفسيرا.
قلت: فذكر الباجي قول الأخوين في الإقطاع العري عن شرط العمارة، وجعله خلاف قول ابن القاسم، ونقله اللخمي مقيدا به كما مر.
وفسر ابن رشد سماع يحيى بمعنى قول الأخوين.
وذكر ابن شاس عن الأستاذ أبي بكر أنه حمل سماع يحيى على ملك المقطع ما أقطعه.
قال: كانت الأرض المقطعة من فيافي الأرض أو مما قرب من العمران، ولا يطالبه الإمام بعمارتها بخلاف الإحياء فالحاصل إن شرط في الإقطاع العمارة اعتبرت، وإن نص على لغوها سقطت اتفاقا فيهما.
وإن لم يذكر شرطها ولا لغوها، ففي لزوم اعتبارها طريقان لابن رشد مع ابن زرقون عن غير واحد من الشيوخ وابن شاس عن الأستاذ أبي بكر مع الباجي، وهو ظاهر السماع، ونقل اللخمي عن المذهب.
وذكر ابن عبد السلام لفظ الأخوين على ما ذكره اللخمي، وقول ابن زرقون: وفيه نظر؛ لأن ابن زرقون ما ذكر كونه تفسيرا إلا على ما حكى الباجي في لفظ الأخوين عريا من الشرط، وهو الذي يحتمل الخلاف، ويفتقر إلى بيان كونه تفسيرا، وأما على ما ذكره اللخمي فهو غني عن البيان؛ لأن مفهوم كلامهما هو نفس سماع يحيى فتأمله.
قال ابن الحاجب: لا يقطع غير الموات تمليكا لكن امتناعا.
ابن هارون: لأن غير الموات عنوة أو صلح والعنوة موقوفة.
قلت: معناه: أرض العنوة التي كانت بيد أهل الحرب يعتملونها لا مواتا.
وقال ابن عبد السلام: هذا جار على المشهور إن كانت أرض عنوة، وإن كانت غيرها فلا مانع من إقطاعه تمليكا.
قلت: قوله: على المشهور يقتضي وجود نص القول بمقابله.
ابن رشد: لا يكون إقطاع في معمور أرض العنوة، وقاله الداودي، وذكره ابن حبيب رواية لابن القاسم، وإنما لم يجز ذلك؛ لأن عمر رضي الله عنه أوقفها للمسلمين، ورأيت للخمي جواز إقطاعها، وليس بصحيح على مذهب مالك.
الباجي: ما أحاطت به العمارة.
قال أصبغ وداود بن سعيد والأخوان: يقسم.
ابن حبيب: لأنها أفنيتهم ومحتطبهم ومراعيهم، ولذا لم يكن للإمام أن يقطع شيئا منها؛ لأنه حق لهم كأفنية الدور.