المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في العمل في الجعل] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٨

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[باب في عاقد القراض دافعًا]

- ‌[باب عاقد القراض أخذًا]

- ‌[كتاب المساقاة]

- ‌[باب العاقد]

- ‌[باب في شرط حظ العامل]

- ‌[باب في العمل في المساقاة]

- ‌[كتاب المزارعة]

- ‌[كتاب المغارسة]

- ‌[كتاب الإجارة]

- ‌[باب في أركان الإجارة]

- ‌[باب الأجر]

- ‌[باب فيما يجب تعجيله من الأجر في الإجارة]

- ‌[باب منفعة الإجارة]

- ‌[باب شرط المنفعة فى الإجارة]

- ‌[باب (.....) يوجب فسخ الإجارة]

- ‌[كتاب ضمان الصناع]

- ‌[باب الصانع المنتصب للصنعة]

- ‌[كتاب الجعل]

- ‌[باب في شرط الجاعل]

- ‌[باب في شرط الجعل]

- ‌[باب في العمل في الجعل]

- ‌[كتاب إحياء الموات]

- ‌[باب موات الأرض]

- ‌[باب في معروض الإحياء]

- ‌[باب التحجير]

- ‌[باب الإقطاع]

- ‌[باب الحمى]

- ‌[كتاب الحُبُس]

- ‌[باب في المحبس]

- ‌[باب في المحبس عليه]

- ‌[باب في المحبس]

- ‌[باب في الحوز المطلق]

- ‌[باب في وقت الحوز]

- ‌[باب في الحوز الفعلي الحسي]

- ‌[باب في الحوز الحكمي]

- ‌[باب في صيغة الحبس]

- ‌[باب المستحق من الحبس لمن عليه حبس]

- ‌[باب العطية]

- ‌[باب العمري]

- ‌[باب في صيغة العمري]

- ‌[باب في الرقبى]

- ‌[باب الهبة]

- ‌[باب في صيغة الهبة]

- ‌[باب الموهوب]

- ‌[باب الواهب]

- ‌[باب الحوز الحكمي في الهبة والصدقة]

الفصل: ‌[باب في العمل في الجعل]

قُلتُ: سبقه التونسي بهذا الأجر أو تقدم رده بأن الجهل إنما يرجع فيؤ السلعتين للبائعين فقط لا للمشتري والجهل هنا راجع لكل من العاقدين.

قال: وإن كان على إطلاق الجعل دون بيان ما يكون إن أتى بأحدهما فاختلف على ما يحمل من الأوجه الثلاثة علمه ابن القاسم فيها على ظاهره من أنه لا شيء له إلا بإتيانه بهما، فجعله فاسد أو حمله في هذا السماع إن وقع ما كراهته ابتداء على قصد أن له في الذي يأتي به منهما من الجعل بقدر قيمته من قيمة الآخر، وحمله ابن نافع على قصدهما ما يجوز، وهو إن له أن أتى بأحدهما نصف الجعل، فأوجب له ذلك.

ومن جعل في آبق له لرجل عشرة، ولآخر خمسة فأتيا به ففي كون الواجب له العشرة بينهما أثلاثا أو لكل واحد نصف جعله قولا ابن القاسم وابن نافع فيها، ورجحه التونسي واللخمي ومحمد وروي: لو عيب العبد بعد أخذه المجعول له أو قبله ونقصت قيمته عن الجعل فله جعله كاملًا.

[باب في العمل في الجعل]

والعمل فيه لا يشترط فيه علم متعسره بخلاف متيسره كل المذهب جوازه على الآبق مع جهلهما ناحيته بخلافه على استخراج الماء من الأرض.

ص: 365

في "المعونة": يجوز بعد معرفة بعد ماء الأرض وقربه وشدتها ولينها، فإن لم يعرف ذلك لم يجز؛ لأنه جعل لا تدعو ضرورة إليه، وهو نص نقل ابن فتوح عن المذهب، وقول المقدمات: ليس من شرطه كون العمل معلومًا بل يجوز فيه المجهول ظاهره عدم شرط خبرة الأرض، وهو ظاهر ثاني مسألة في رسم أخذ يشرب خمرًا من سماع ابن القاسم، وقوله في المسألة الرابعة من أول رسم من سماع أصبغ.

ابن الحاجب: العمل كعمل الإجارة إلا أنه لا يشترط كونه معلومًا، فإن مسافة الآبق والضالة غير معلومة.

ابن عبد السلام: كلامه يوهم العموم في كل أنواع عمل الجعالة، وليس كذلك مذهب المدونة، ولا يجوز الجعل في حفر البئر لا بعد خبرتها الأرض معًا، وشرط في العتبية استواء حال الجاعل والمجعول له في العلم بحال الأرض.

قُلتُ: عزوه للمدونة شرط الخبرة لا أعرفه في الجعل نصًا ولا ظاهرًا بل بلزوم يأتي محله إنما ذكره في الإجارة، وله اعتد في ذلك على ظاهر لفظ الصقلي قال ما نصه: قال مالك: لا بأس بالإجارة على حفر بئر بموضع كذا، وقد خبر الأرض، وإن لم يخبراها لم يجز.

قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: إن عرفا الأرض بلين أو شدة إن جهلاها معًا جاز، وإن علم ذلك أحدهما وجهله الآخر لم يجز الجعل فيه انتهى.

وهذا كالنص في حمل مسألة المدونة على الجعل لذكره عليها نقل يحيى عن ابن القاسم في الجعل.

قُلتُ: لفظها في ألم قلت: إن استأجرت من يحفر لي بئرًا بموضع من المواضع.

ص: 367

قال: إن خبروا الأرض فلا بأس، وإن لم يخبروها فلا خير فيه كذا سمعت مالكًا، وسمعته في الإجارة على حفر قفر النخل بحفرها إلى أن يبلغ الماء إن عرف الأرض فلا بأس، وإن لم يعرفها فلا أحبه.

قُلتُ: فلفظ الإجارة مع ذكر قفر النخل كالنص في عدم الجعل؛ لأن حفر قفر النخل إنما يكون في الأرض المملوكة دائمًا أو غالبًا، والجعل على الحفر على المشهور لا يكون فليما يملكه الجاعل.

وتقدم نقل الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: إن كانت الأرض للمستأجر لم يجز فيها جعل على بناء أو حفر، وما نسبه لابن الحاجب من إيهام العموم مثله لفظ المقدمات والتلقين.

وسمع عيسى ابن القاسم: من علم موضع دابة ضلت لم ينبغ أن يجاعل على إتيانه بها إنما ذلك في المجهول، ولا ينبغي له كتمه موضعها، وله قيمة عنائه لموضعها إن جاء بها.

اللخمي: هذا أحسن من كلام ابن حبيب لا شيء إن كان ممن لا يخرج ليأتي به، وغن كان ممن يخرج له بنفسه لو علم موضعه، فقول ابن حبيب أحسن.

ولم يحكه ابن رشد بل قال: إن طلب الآبق مجهول لا يجوز الجعل فيه إلا باستوائهما في الجهل بمحله، ومن علمه منهما دون صاحبه، فهو غار له كبيع الصبرة جزافا لا يجوز الجعل فيه إلا باستوائهما في جهل قدرها، فإن كان المجعول له في الآبق أو الضالة ذلك دون الجاعل فله إمضاء الجعل ورده، فإن لم يعلم ذلك حتى جاء بالآبق فله الأقل من قيمة عنائه لذلك الموضع أو المسمى، هذا معنى قوله: لا أنه يكون له قيمة عنائه لذلك الموضع أو المسمى.

هذا معنى قوله: لا أنه يكون له قيمة عنائه إلى ذلك الموضع كان أقل من المسمى أو أكثر إذ ليس بجعل فاسد يرد فيه لأجر مثله أو جعل مثله ما بلغ إنما هو جعل عين المجعول له الجاعل بما كتمه من علمه بمحل العبد، ولو كان الجاعل هو الكاتم موضع العبد أو الضالة كان له الأكثر من قيمة عنائه أو المسمى.

ص: 368

قُلتُ: ظاهر كلام اللخمي الجعل على الآبق جائز علم المجعول له موضعه أو جهله خلاف نقل ابن رُشْد إلا أن يحمل على الموضع الشخصي كتونس، ويحمل الموضع في قول اللخمي على الكلى كأحواز تونس، وظاهر كلام اللخمي جوازه فيما علماه معاً، وظاهر كلام ابن رُشد في غير موضع إن علمها موضعه معاً لم يجز فيه مجاعلة إنما تجوز فيه الإجارة، وأظن اني وقفت عليه رواية، وقولا لبعض الرواة.

وظاهر قول ابن الحاجب جواز الجعل فيه.

وفيها مع غيرها: الجعل لا يكون مؤجلاً؛ لأنه إن مضلا الأجل، ولم يتم عمله ذهب عناؤه باطلاً، وإن عمله في نصفه أخذ الجعل كاملاً، وسقط عن بقية عمل الأجل فهذا خطر إلا أن يكون إن شاء الله أن يرده رده وتقدم الكلام فيها في الإجارة على بيع نصف الثوب، وفي منعه فيما كثر نقلا القاضي مع غيره.

وقول ابن رُشد عن المذهب قائلا: قول القاضي مع غيره.

وقل ابن رُشْد عن المذهب قائلا: قول القاضي مع غيره غير صحيح وبين فيما يتوهم منه صحة نقل القاضي أن المنع فيه؛ لأنه فيما ينتفع فيه الجاعل إن لم يتم العمل.

اللخمي: اختلف فيه كثر أجاز مالك إعطاء الأرض لمن يغرسها مغارسة، وهو أمد يطول، وأجاز الجعل على الآبق، وهو مما يطول ويلزم من قصره على ما قل منع المغارسة والجعل على الآبق.

وقال محمد: لا بأس عند مالك وأصحابه بالشراء على الجعل حاضراً أو على السفر قل أو كثر، وليس كالبيع.

ابن حبيب: من قال لخارج البلد في تجر خذ هذه المائة إن ابتعت لي فيها ثياباً وصفها فلك عشرة دنانير، وإلا فلا خير فيه، وهذا أحسن.

زاد عنه الصقلي: ولو قال له خذ ثوبي فسر به إن بعته بكذا فلك كذا، ولا شيء لك إن لم تبعه لم يجز، وإن لم يخرج لذلك، ولما ذكر في قوله في المائة قال: ونحوه لابن ميسر، وهو خلاف نقل محمد عن مالك وأصحابه جواز الجعل على الشراء فيما كثر في حضر أو سفر.

ص: 369

وفيها لا يجوز الجعل على بيع كثير السلع والدواب والرقيق كالعشرة ونحوها، ولا على ما فيه مشقة سفر ما قليلها، ويجوز في قليلها بالبلد، وإن لم يسم لها ثمنا كالدابة والعبد أو الثوبين إذ لا يقطعه لذلك عن شغلع.

الصقلي عن بعض القرويين: معنى قوله في الجعل على بيع كثير السلع أنه لا يأخذ شيئأً إلا ببيع جميعها، وهو عرفهم، ولو كان على أن ما باع به فله قدره من الجعل، وعلى أنه إن شاء ترك؛ يريد: ولم يتسلم الثياب جاز، وهو عرفهم، ولو كان لا يأخذ شيئاً إلا بشراء الجميع لم يجز فلا فرق بينهما.

الصقلي: ونحوه في لموازيَّة.

قُلتُ: والروايات ناصة بأن شرط الجعل على البيع تسمية الثمن أو تفويضه للمجعول له، وهو نقل ابن رُشْد والصقلي عن المذهب؛ فيجب تقييد قولها: يجوز الجعل في بيع قليل السلع بالسلعة سموا لها ثمناً أم بالتفويض أو فيه.

وفيها: كل ما جاز فيه الجعل جازت فيه الإجارة وليس كل ما جازت فيه الإجارة جاز فيه الجعل.

قلتُ: صدق هذه الكلية على ظاهر ابن الحاجب وابن رُشْد والتقين القائلين بصحة الجعل في العمل المجهول لا يصح، وعلى منعه فيه صدقها واضح ويلزم منه منع الجعل على حفر الأرض لاستخراج ماء ونحوه مع جهل حال الأرض لتقدم نصها بمنع الإجارة على حفرها لذلك مع جهل حالها، فلو جاز الجعل فيه مع الجهل كذبت الكلية لصدق نقيضها أو منافيها، وهو قولنا: بعض ما يجوز فيه الجعل ليس بجائز فيه الإجارة أو غير جائز فيه الإجارة الأول سلب، والثاني عدول وذلك البعض هو الأرض المجهول حالها لهما، ولما شاع زمن قراءتنا صحة قول ابن التلمساني في شرح المعلم الفقهية مهما صدقت القضية صدق عكسها إن كان لها عكس، وعكس نقيضها كان يمشي لنا قراءة، وإقراء اعتبار ذلك في كليات الكتاب فعكس القضية هذه بالمستوى واضح صدقه، وهو قولنا: بعض ما يجوز فيه الجعل،

ص: 370

وعكس نقيضها بالمستوى، وهو قولنا: كل ما لا تجوز فيه الإجارة لا يجوز فيه الجعل وبالمخالف، وهو قولنا: لا شيء مما تجوز فيه الإجارة بغير جائز فيه الجعل صادقاً أيضا في جوازه على الخصومة في شفعة أو غيرها على إدراك حق الجاعل قولا مالك فيها.

ابن رُشْد: وهما قولا ابن القاسم في سماعه يحيى في البضائع والوكالات، وفي الجعل والإجارة مع الهبات، والأظهر جوازه.

وفي لزوم عقده طريقان.

ابن رُشْد: لا يلزم المجعول له بحال، وفي لزومه الجاعل بعقده أو بالشروع في العمل أحد قولي ابن حبيب مع ظاهر سماع عيسى ابن القاسم، ورواية علي مع رواية أشهب وقول سَحنون.

اللخمي: ثالثها: يلزم بالقول كالإجلرة والعقد فيه منحلا كالخيار، ولازما مالإجارة.

ابن الحاجب: ويسقط بالترك إلا أن يستأجر الجاعل على الإتمام فيكون له ما بقى.

وقيل مالم تزد عن نسبة عمله

ابن عبد السلام: قيل إذا هرب الصانع لم يكن له شيء، والمشهور خلافه ففي الجعل أحرى أن يكون له شيء.

قُلتُ: تقدم الاتفاق في الأجير قبل تمام معاملته لم يكن شيء مما عمل؛ لأنه ترك مل كان يجب له بتركه ما عومل عليه، وقاله أبو ميمونة فقيه فاس وغيره والقضاء والاستحسان أن كل من عمل له ما ينتفع به أن يدفع للأجير أجرته، ونحوه من القولين في مؤلفة ابن لبابه، وتقدم حكم إتمام الجعل بعاملين.

وسمع أَصبغ ابن القاسم: من جوعل على حفر بئئئر فحفر بعضها، ثم اعتل لا شيء له إلا أن ينتفع بها صاحبها؛ فيعطيه بقدر ما انتفع به، ولو قال: من جاء بخشبة من ربها، فينتفع بها فله أجره على قدر ما حملها من الطريق.

ص: 371

ابن رُشْد: لم يبين وجه العمل فيه، وتفصيله تقدم في سماع عيسى المذكور في سماع عيسى ابن القاسم، وكذا في الخشبة كالبئر.

ابن عبد السلام: إن كان جعل الأول في الخشبة خمسة، وجعل الثاني عشرة فظاهر العتبيَّة أن للأول عشرة؛ لأنه جعل للثاني على نصف الطريق عشرة، وعلم قطعاً أن للأول مثلها، وهو مراد المؤلف بقوله له ما بقي؛ أي: على نسبته، ويحتمل أن يريد أن للأول ما بقي من جعله بعد طرح الأجرة الثانية منه إن كانت أقل، وإن كانت مساوية أو أكثر لم يكن للأول شيء والتأويل الأول أولى لمساعدته النقل دون الثاني.

قُلتُ: ما عزاه لظاهرة «العتبَّية» هو نص فيها حسبما مر في السماع المتقدم، وقوله له ما بقي؛ أي: على نسبة ما بقي، ولو قال على تسمية ما بقي لكان أبين في تفسير قول ابن الحاجب بما في سماع ابن القاسم، وفسر قول ابن الحاجب، وقيل: ما لم يزد على نسبة عمله بقوله أنه لا يكون للأول ما بقي على الوجه الذي قدمناه إلا بشرط أن لا يزيد على نسبة عمله يعني فلا يكون له على المثال المتقدم إلا درهمان ونصف.

قُلتُ: حاصل القول الثاني على تقسيره أنه لا يكون للأول على حساب تسمية الجعل الثاني مالم يزد على تسمية جعله، وهذا لا ينتج أن يكون له في المثال المفروض درهمان ونصف بل الجاري عليه أن يكون له خمسة، وهي جعله، وتسقط الزيادة عليه من جعل الثاني؛ لأن الغرض أن البناء فيما يأخذه على نسبة ما بقي لا على نسبة ما تقدم، وهذا القول لا أعرفه.

وقال الصقلي: إثر ما في «العتبَّة» : انظر الأول قد رضي بجعله عن كل العمل، فيجب أن يعطى نصفه بعمله نصف العمل، وهو حمله الخشبة لنصف الطريق ولآن المغابنة جائزة في الجعل وغيره، وقد تغلو الإجارة يوم عقد الثاني فكيف يعطى الأول على حساب عمل الثاني.

قُلتُ: ومقتضى هذا البحث أن يكون للأول من جعله بقدر عمله من جهة العمل، فيكون الصقلي: لا على الأصل الذي ذكره الشَّيخ فتأمله.

ص: 372

قُلتُ: تمام عمل مجاعل بفعل من جاعله كبيعة ثوبه بعد نداء مجاعل على بيعه، وبلوغه ثمنا لم يرض ربه ربه، ثم باعه في استحقاقه الجعل وسقوطه، ثالثها: إن باعه بقرب نداء الآول لابن حارث عن قولي أصحاب لقمان بن يوسف، وعنه مع المعاصي له هي الرواية ابن حارث: وإنما هذا الخلاف إن باعه بمثل ما بلغ أو قريب منه أو كان البائع جاهلاً بقيمتها، فإن كان جاهلاً فقد انتفع بما أخرج له من ثمنها، ولو كان عالماً أو باع بأزيد بكثير فلا شيء للمنادي إلا أن يبيع ممن دله المنادي عليهت، فلذلك يوجب حق الدلال، وتقدم قول ابن رُشْد آنفا أن القياس أن للدلال بحساب ما عمل من جعله، وأما تمام عمله فيما يرى بالإجتهاد أو على الجاعل بقدر انتفاعه به، ثالثها: عليه بقيمة عمله يومه، ورابعها: بقيمة اليوم لسماع عيسى ابن القاسم في انفلات الآبق، وسماعه في حفر البئر ومتقدم قوله في هذا السماع ولابن كنانة، وخامسها: اللخمي إن جاعل الثاني محتسباً بعمل الأول فالتاني، وإلا فالأول، وسادسها: الثاني ما لم يزد على الجعل الأول وسابعها: له من جعلهبقدر عمله من العمل لتفسير ابن عبد السلام ثاني نقلي ابن الحاجب.

ومقتضى بحث الصقلي: ولو مات المجعول له على اقتضاء دين قبل اقتضائه ففي كون وراثة مقامه إن كان أمنياً وأتى بأمين مطلقاً أو شرع الميت في عمله تخريج ابن رُشْد على لزوم الجعل الجاعل بالعقد، وسماع أَصبَغ ابن القاسم، وفيه موت المدين المجعول على اقتضاء دينه كحياته، ولو مات الجاعل لم يكن للعامل إتمام ما بقى إنما يلزم الجاعل ما دام حياً.

أَصبَغ: هذا استحسان، وفيه مغمز.

ابن رُشد: لأن الجعل لزم الجاعل باقتضاء البعض، ولو مات قبله، وبعد شخوصه فيه ثبت حقه خوف ذهاب عنائه باطلاً، ولوراثه اقتضاء ما أشرف على اقتضائه، وكذا في طلب الآبق، وحفر البئر له، ولوراثه إتمامه في موت الجاعل لا في حصاد زرع، ولقط زيتون اتفاقاً في الجميع.

ص: 373

قُلتُ: فيلزم عدم لزوم الجعل الجاعل بالشروع، وفي لقط الزيتون ونحوه، وفوت المجعول عليه بفعل الجاعل بعد لزوم عقده يوجب عليه جعله.

سمع القرينان: من جاعل على اقتضاء دين له بثلث ما يقتضيه عم آخر مدينة بعد اقتضاء ثلثي دينه بباقيه للعامل تمام جعله.

ابن رُشد: قول بعضهم ويتقاضى الثلث الباقي عاجلاً؛ لأن تأخيره يضر به غير صحيح؛ لأن التأخير لزم رب الدين، فيقتضي العامل ثلث الباقي، ويسقط تقاضي باقيه.

قُلتُ: يتخرجان على قوليهما في عتق سيد الجاني، الجاني، وموت الآبق قبل إيصاله يسقط جعله لعدم إتمام عمله.

ابن عبد السلام: لو فرضنا أن العقد عليه كان إجارة استأجره على طلبه شهراً فمات العبد في نصف الشهر انفسخت الإجارة هذا الجاري على المذهب لتعذر الحلف غالباً، ويلحق هذا الفرع بالمسائل التي استثنوها.

قُلتُ: ظاهر قوله فرضنا إلى آخره يقتضي أن ما وقع عليه عقد الجعل وقع عليه عقد الإجارة، ولا يصح ذلك؛ لآن العمل في الجعل لا يشترط العلم بقدره، ولا بصفته، وفي الإجازة لا بد منه فلا يصح فرض الإجارة إلا مع العلم بجملة الطلب وصفته، وقوله: انفسخت الإجارة اللا آخره خلاف المنصوص.

سمع عيسى: ابن القاسم: من علم محل آبقه فاستأجر رجلاً بكراء معلوم في طلبه، وقال له: إن جئتني به أو غيره فلك الأجرة؛ فبلغ الأجير قبل بلوغه بعد خروجه إن العبد خالفه، ورجع لربه فرجع الأجير أن للأجير الكراء بتمامه، ويرسله إن شاء في مثل ما قصر من الطريق، قد قيل: ليس له أن يرسل فيها قصر فيه من الطريق إلا برضاه، وقيل: لايجوز وإن رضي لأنه عسخ دين في دين إنما له أن يبعثه في بقية الطريق بعينها أو يعطيه أجره كاملاً، فعلى القول بمنع بعثه في مثل الطريق أو على القول بجوازه برضاه فلم يرض يكون له من الأجر بقدر ما سار من الطريق إلى المحل الذي رجع منه؛ لأنه فات برجوعه سيره ما بقى له من الطريق بعينه، ولو عثر على ذلك قبل رجوعه لم يكن

ص: 374

للمستأجر على هذين القولين إلا سيرة بقية الطريق بعينها أو دفع كل أجرته.

قُلتُ: فنص السماع وما ذكره ابن رُشد من الأقوال خلاف قوله: انفسخت الإجارة، ولا فرق بين موت العبد وإتيانه.

ولابن رُشْد: في سماع أصبغ: لو استأجر رجلاً على تبليغ عبد موضع كذا فمات في بعض الطريق أو أبق، ففي لزوم الإجارة، ويستعمله في مثل ما بقى، وانفساخها، وله من الأجر بقدر ما بلغ، ثالثها: الفرق بين الموت والإباق، ورابعها: تنفسخ في الإباق، ولا يكون له بقدر ما مضى، ولا تنفسخ في الموت لابن القاسم، وابن وَهْب من سماع أَصبغ ابن القاسم ولمالك، وللتخريج على قول مالك في تلف المستأجر على حمله من قبل ما عليه ابن الحاجب إن تنازعا في قدر الجعل تحالفا، ووجب جعل المثل.

قلتُ: تبع فيه ابن شاس قال: إن أنكر المالك سعى العامل في الرد: فالقول قول المالك، وإن تنتزعا في قدر الجعل تحالفا، ورجعاً لجعل المثل.

ابن هارون: القياس قبول الجاعل؛ لأنه غارم، ولأنه كمبتاع سلعة سلعة قبضها، وفاتت بيده؛ فالقول قوله إن ادعى ما يشبه، وإلا فقول خصمه إن ادعى ما يشبه، وإلا كمبتاع سلعة قبضها، وفاتت بيده؛ فالقول قوله إن ادعى ما يشبه، وإلا فقول خصمه إن ادعى ما يشبه، وإلا تحالفا، ورد الجعل المثل.

ابن عبد السلام: إنما يصح ما قاله إن أتيا بما لا يشبه وإلا فإن كان العبد باقياً بيد المجعول له، وأتى بما يشبه يشبه قبل قوله، فإن ادعى ما لا يشبه حكم بما قاله المؤلف هذا الجاري على حكم الإجارة.

قُلتُ: هذا أصوب من قول ابن هارون، والأظهر تخريج المسألة على قولها في القراض: القول قول العامل إن أتى بما يشبه، وفي رد فاسده لحكم نفسه؛ فيجب جعل مثله إن تم عمله، وإلا فلا شيء له أو للإجارة، فيجب أجر مثله فيما عمل، ثالثها: للأول في بعض المسائل، وللثاني في بعض لابن رُشْد في المقدمات قائلا: كالثلاثة في القراض.

ص: 375

قال: وتأتي في فاسد الجعل أقوال خارجة عما أصلناه، وهذا هو الصحيح فيها، وتقدم نقل قوله في البيان.

ابن شاس: مشارطة الطبيب على البرء، والمعلم على تعليم القرآن، والحافر على اسستخراج الماء في أرض معلومة الشدة، واللين وقرب مائها، وبعدها والمغارسة في أرض الجاعل وكراء السفن مختلف في كون جميعها جعلا أو إجارة.

الباجي: في مجاعلة الطبيب على البرء روايتان لها ولسَحنون.

المتيطي: إنما المجاعلة على أنه إن برأ فله كذا، وإن لم يبرأ فلا شيء له، وللعبيدي عن القابسي أن الدواء يكون من عند العليل، ولو كان من عند الطبيب كان غررا، ولا يصلح في حفر بئر أو عين إلا في عين ملك الجاعل، وقاله الجم الغفير.

قال بعض الموثقين: وهو أحسن، وأجاز مالك الجعل في الغرس في ملك الجاعل، وعقد ابن العطار وثيقة جعل في حفر بئر وطيها بالصخر في ملك الجاعل، واشترط الصخر على المعجول له.

قُلتُ: فيدخله أمران الجعل في أرض الجاعل، واجتماع الجعل والبيع.

ابن عات: الجعل على الحفر في أرض يملكها الجاعل خطأ، وما عقده ابن العطار جوزه مالك في المغارسة، وهي في أرض الجاعل.

قُلتُ: إنما جوزها مالك في ملك الجاعل؛ لأن عدم تمام العمل فيها لا يبقي نفعا للجاعل في أرضه بخلاف الحفر فيها، فتأمله فاعتراضهم بها لغو.

ص: 376