المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في معروض الإحياء] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٨

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[باب في عاقد القراض دافعًا]

- ‌[باب عاقد القراض أخذًا]

- ‌[كتاب المساقاة]

- ‌[باب العاقد]

- ‌[باب في شرط حظ العامل]

- ‌[باب في العمل في المساقاة]

- ‌[كتاب المزارعة]

- ‌[كتاب المغارسة]

- ‌[كتاب الإجارة]

- ‌[باب في أركان الإجارة]

- ‌[باب الأجر]

- ‌[باب فيما يجب تعجيله من الأجر في الإجارة]

- ‌[باب منفعة الإجارة]

- ‌[باب شرط المنفعة فى الإجارة]

- ‌[باب (.....) يوجب فسخ الإجارة]

- ‌[كتاب ضمان الصناع]

- ‌[باب الصانع المنتصب للصنعة]

- ‌[كتاب الجعل]

- ‌[باب في شرط الجاعل]

- ‌[باب في شرط الجعل]

- ‌[باب في العمل في الجعل]

- ‌[كتاب إحياء الموات]

- ‌[باب موات الأرض]

- ‌[باب في معروض الإحياء]

- ‌[باب التحجير]

- ‌[باب الإقطاع]

- ‌[باب الحمى]

- ‌[كتاب الحُبُس]

- ‌[باب في المحبس]

- ‌[باب في المحبس عليه]

- ‌[باب في المحبس]

- ‌[باب في الحوز المطلق]

- ‌[باب في وقت الحوز]

- ‌[باب في الحوز الفعلي الحسي]

- ‌[باب في الحوز الحكمي]

- ‌[باب في صيغة الحبس]

- ‌[باب المستحق من الحبس لمن عليه حبس]

- ‌[باب العطية]

- ‌[باب العمري]

- ‌[باب في صيغة العمري]

- ‌[باب في الرقبى]

- ‌[باب الهبة]

- ‌[باب في صيغة الهبة]

- ‌[باب الموهوب]

- ‌[باب الواهب]

- ‌[باب الحوز الحكمي في الهبة والصدقة]

الفصل: ‌[باب في معروض الإحياء]

[باب في معروض الإحياء]

ومعروض الإحياء ما لم يتعلق به حق ذي حق، ويمتنع فيما يتعلق به ملك بغير إحياء، ولا يصح بتبوره بالتراك.

الباجي: من اشترى أرضاً لم يرتفع ملكه لها باندارسها اتفاقاً.

ابن رُشْد: غيها: ما استحق أصله بخطه أو شراء لم يزل ملكه عه بتركه حتى عاد لحالته الأولى ولا أعلم فيه نص خلاف، ويدخله بالمعنى من الصيد يند من يديه فيتوحش ويصيد غيره.

قال محمد: هو للثاني، ولم يفرق بين ملك الأول وإياه بصيد أو ابتياع فيلزم مثله في موات الأرض، ففي كون الأول أحق به أو الثاني، ثالثها: إن كان الأول اختطه أو اشتراه.

ومحمد بن عبد الحكم: يرى الأول أحق به في الصيد على كل حال، ففي الصيد، ثالثها الفرق بين كون الأول ابتاعه أو صاده، وقد يفرق على قول ابن عبد الحَكم بأن الصيد غلب ربه على بقائه بيده والموات ربه تركه فيتحصل فيهما بالثلاثة، ورابعها: الفرق بين الصيد والموات، الثاني أحق بالصيد والأول أحق بالموات، وهو الآتي على حكاية ابن عبدوس حيث قال عن سَحنون: من أحيا مواتاً لم يخرج عن ملكه بتعطيله.

ص: 379

ولو عمره غيره.

ابن عبدوس: قلت له: أولاً يشبه الصيد إن ند من يد صاحبه؟

قال: لا، وخامسها: الثاني أحق بالموت، والأول أحق بالصيد، وإنما يكون الثاني أحق بالموات، والأول أحق بالصيد، وإنما يكون الثاني أحق بالموات، عند قائله إن طالت مدة عودة عوده لحالته الأولى، ولو أحياه الثاني بحدثان عوده لحالته الأولى، فإن كان عن جهل منه بلأول فله قيمة عمارته قائماً؛ لأن له شبهة، وإن كان عن علم منه بذلك فقيمته منقوضاً بعد حلف الأول ما تركه إسلاماً منه لحقه فيه، وأنه كان على إعادة عمارته، ولا يصدق إن طالت المدة في ذلك.

قُلتُ: لما ذكر الصقلي قولها: إنها لمحييها ثانياً بعد عودتها لحالتها الأولى.

وقل سَحنون: إنها للأول قال: وقال الأخوان: إن كان إحياء الثاني بحدثان ترك الأول فهي له، وللثاني قيمة عمارته قائماً إن كان جاهلاً ومنقوضاً إن كان عالماً، وإن عمر بعد طول من ترك الأول، وكان تركه كالإسلام لها فهي للآخر.

قُلتُ: فظاهره أنه قول ثالث، وذكر ابن رزقون قولي ابن القاسم وسَحنون، وقال: وحكى ابن رُشْد قولاً ثالثاً الفرق بين القريب والبعيد.

قال ابن عبدوس: قلت لسَحنون: أولا يشبه الصيد إن ند من ربه؟

قال: لا

قُلتٌ: ونقل هذا الثالث على نحو ما ذكره ابن رزقون بكلام ابن عبدوس.

ابن عبد السلام عن ابن رشد: لا بواسطة.

ابن رزقون: ولم أجد لابن رشد ما ذكراه عنه؛ بل قال: إثر سماع يحيى ابن القاسم: من استحق مواتاً بعمله فتركه حتى صار خراباً ليس يكون لمن أحب أن يعمره.

قال: يلي ما نصه هذا مثل ما في المدَوِّنة وقال سَحنون: معناه فيما بعد من العمران، وما قرب لا يبطل استحقاقه له بتركه حتى عاد لحاله الأولى، وقوله صحيح على معنى ما في المدَّونة، وقال سحنون: معناه فيما بعد العمران، وما قرب لا يبطل استحقاقه له بتركه حتى عاد لحاله الأولى، وقوله صحيح على معنى ما في المدَوَّنة فيما قرب من العمران ليس لأحد أن يحييه إلا بقطيعة من

ص: 380

الإمام؛ لأن الإمام إذا أقطعه إياه صار بمنزلة ما اختلط أو اشترى، ونص في المدونة على أن ما استحق اصله بخطط أو اشتراه لا يزول ملكه بتركه حتى يعود لحالته الأولى، ولو أحيا القريب من العمران بغير إذن الإمام على قول من يرى له ذلك لبطل حقه فيه بتركه إياه، ولا فرق بين القريب والبعيد على قول من لا يرى استئذان الإمام، وأحيانا فيما قرب انتهى.

قُلتُ: فهذا نص في عدم التفرقة بين القريب والبعيد، ويمتنع في حريم المعمور.

قال ابن رُشْد: في ثاني مسأله من سماع يحيى: قال ابن حبيب: الشعراء المجاورة للقرى أو المتوسطة بينها لا يقطع الإمام م نها شيئاً؛ لأنها ليست كالعفا من الأرض الذي هو لعامة المسلمين إنما هي حق من حقوقهم كالساحة للدور أنما العفا من بعد.

وتعقب الفضل قوله: ليس للإمام أن يقطع شيئاً من الشعر القريبة جداً؛ لأن إقطاعها ضرر في قطع مرافقهم التي يختصون بعا لقربهم على ما نذكره في أول مسألة من رسم الدور.

قُلتُ: قال فيه: القريب من العمران قسمان، فذكر في الثاني ما نصه: القريب الذي في إحيائه ضرر كالأفنية التي أخذ شيء منها ضرر بالطريق وشبهه لا يجوز إحياؤه بحال ولا يبيحه الإمام، ونحوه نقل الباجي عن ابن القاسم: ينظر فيما قرب، فإن كان فيه على أهل القرى ضرر في مسرح أو محتطب منع.

زقال ابن الحاجب في وجوه الاختصاص المانعة من الإحياء الثاني حريم عمارة، وحريم البلد ما يرتفق به لرعي مواشيهم ومحتطبهم مما تلحقه غدَّوا ورواحاً، ومثله لابن شاس.

قال ابن عبد السلام عن سَحنون: ما كان من العمارة على يوم، ولا تدركه الماشية في غدوها ورواحها فهو بعيد، وما تدركه الماشية في غدوها ورواحها فهو بعيد، وما تدركه فيهما وأبعد من ذلك قليلاً مما فيه المرفق لأهل العمارة فهو قريب، ونحوه لابن القاسم.

وقال أبو يوسف: الحد في ذلك أن يصبح الصائح من طرف العكران فلا يسمع

ص: 381

من بالموضع الآخر صوته.

قُلتُ: هذا الذي نقله من كلام سَحنون إلى آخره، إنما هو في القسم الأول من مسمى القريب حيث قسمه ابن رُشْد: في أول نسألة من رسم الدور، وهو خلاف في صحة الإحياء بإذن الإمام، واختلفت فيه دونه، وفي ساقه الصقلي.

وكذا ابن رُشْدحيث جعله مقابل البعيد فقال: حد البعيد من العمران ما لم ينته إليه سرح ماشية العمران، واحتطاب المحتطبين إذا رجعوا لمبيتهم من العمران.

وقال أبو حنيفة: هو أن يصيح صائح إلى آخر ما تقدم عن أبي يوسف ونحوه للباجي قال: من أحيا أرضا في الفيافي فليس لغيره أن يحيى بقربه إلا بإذن الإمام قاله سَحنون في المجموعة، وله في كتاب ابنه ما رأيت من وقت حد القرب والبعد من أصحابنا، وما كان من العمارة عن يوم، وما لا تدركه الماشية في غدوها ورواحها فهو بعيد وما تدركه فيها، وأبعد من ذلك قليلاً مما فيه مرفق أهل العمارة فهو القريب ونحوه لابن القاسم، وقال أبو يوسف فذكر ما تقدم والإنصاف أن في كلام الباجي إجمالاً فيه ما يجب حمله على القريب المتوسط، وما يجب حمله على القريب الأقرب والأصوب تقسيم ابن رُشْد القريب إليهما، وبه يفهم كلام ابن الحاجب هذا مع ذكره بعد هذا جواز الإحياء في القريب بعض شُيُوخنا المفتييت يقول: لا يستحق الصرر بالعشرين إلا بما زاد، وذكر ابن سهل الفتوى بالثاني لعبيد الله بن يحيى، وابن لبابة، وأيوب بن سليمان، وابن الوليد قال: والقول الآخر ل أَصبغ في آخر كتاب الاستحقاق فيمن أحدث كوةً أو باباً على دار غيره أو أندراً على جنانه أو ميازيب على حائطه، وهو ينظر ولا ينكر لا يستحق هذا بعشرين سنة بعد أن يحلف انه ما كان عن رضى، ولا تسليم إلا أن يطول بالدهور الكثيرة جدّاً فيستحقه.

قُلتُ: والأظهر عده تاسعلً.

المتيطي: من كانت له كوة قديمة يشرف منها على جاره فلا قيام له عليه فيها، ولا له جارة، إن بنى داره وعلاها مقابل تلك الكوة حتى ينقطع دخول الضوء عليه قيام، ونحو لمالك في العتبيَّة.

ص: 382

وقال أبو عمر في كافيه: إلا أن تكون الكوة للضوء، وهو يحتاج إليها فيمنع جاره من إلصاق بنائه إليها، فإن عمل في جداره كوة في قدرها، وإزائه يتأدى إليه ما كان ينال من الكوة من الضوء وغيره فله ذلك.

قُلتُ: قوله: ونحوه لمالك في العتبيَّة هو سماه يخيى رواية ابن القاسم في كتاب السلطان: من فتح في جداره موة إلى الدار أو الزقاق للضوء والشمس لم يمنع غيره من بناء جدار له يظلم به تلك الكوة.

ابن رُشْد: هذا صحيح على معنى ما في المدوَّنة، وفيه اختلاف تحصيله في رسم المكاتب من سماع يحيى من كتاب الأقضية، وفي ضرر صوت الحركات طرق.

الباجي: روى ابن القاسم في المجموعة: من احدث رحى تضر بجاره منع.

الباجي: إن أضرت بالجدار منع، وأما صوتها؛ فلا.

ابن حبيب عن الأخوين في الغسال: والضراب يؤذي جاره رفع صوتها لا يمنعان، وتحتمل رواية ابن القاسم خلاف؛ لأنه لم يبين وج الضرر الذي يمنع منه ووجه الأول أن ذلك في الصوت الضعيف ليس له كبير مضرو، أو نا لا يستدام، وما كان صوتاً شديديً مستداماً، كالكمادين والصفارين والرحى ذات الصوت الشديد، فهو ضر يمنع كالرائحة، ولم يحك الصقلي غير نقل ابن حبيب عن الأخوين، ولم يقيده بشيء.

حكى أب حبيب انه لا يمنع، ورواه مُطرِّف، وذهب بعض الفقهاء المتأخرين إلى منع ضرر الصوت، واحتج بقول سعيد بن المسيب لبرد: اطرد هذا القاريء عني فقد آذاني.

قُلتٌ: سمع أشهب في كتاب الصلاة: كان عمر بن عبد العزيز يخرج في الليل في آخره، وكان حسن الصوت يصلي جهراً، فقال سعيد بن المسيب لبرد: اطرد هذا القاريء عني فقد

ص: 383

آذاني، فقال له برد: إن المسجد ليس لنا إنما هو للناس، فسمع ذلك عمر فأخذ نعليه وتنحى.

ابن رشد: أمر سعيد بطرد القارئ عنه، يريد: من جواره لا من المسجد جملة، ولم ينتبه لمكانه من الخلافة لجزالته وقوته في الحق، وقلة مبالاته بالأئمة، ولا أنف عمر بن عبد العزيز من قوله وفضله وانقياده للحق.

قلت: انظر هذا مع قول مالك: كان الناس في الزمن الأول يتواعدون لقيامهم لأسفارهم بقيام القراء بالمسجد بالأسحار تسمع أصواتهم من كل منزل استدل به ابن عتاب على رفع الصوت بالذكر في المساجد، وقاله ابن رشد.

واستدل بعض الشيوخ بهذه الحكاية على أن الأصوات من الضرر الذي يجب الحكم على الجار بقطعه عن جاره كالحدادين والكمادين والندافين وشبه ذلك، وليس بدليل بين؛ لأن ما يفعله الرجل في داره مما يتأذى به جاره بخلاف ما يفعله في المسجد من رفع صوته لتساوي الناس في المسجد، ولو رفع رجل في داره صوته بالقراءة لما وجب لجاره منعه، والرواية منصوصة في أنه ليس للرجل منع جاره الحداد من ضرب الحديد في داره، وإن أضر به.

قلت: وما في رسم المكاتب من سماع عيسى من الأقضية: رأيت لابن دحون قال: لم يختلف في الكماد والطحان أنهما لا يمنعان، وإن كان محدثا يضر بأسماع الجيران، فإن أضر بالبناء منع.

المتيطي في ثمانية: أبي زيد عن مطرف: سألت مالكا عن الحداد جار الرجل فيعمل في بيته، وليس بينهما إلا حائط يضرب الحديد الليل والنهار فيؤذي جاره فيقول: لا أقدر أن أنام فهل يمنع من ذلك؟

قال: لا، هذا رجل يعمل لمعاشه لا يريد بذلك الضرر لا يمنع.

وقال ابن عتاب: تنازع الشيوخ ببلدنا قديما وحديثا فيمن يجعل بداره رحى، وشبهها مما له دوي أو صوت يضر به جاره كالحداد وشبهه.

فقال بعضهم: يمنع إذا عمل به بالليل والنهار، وقال طائفة: لا يمنع، وقال

ص: 384

أصبغ بن سعيد: اتفق شيوخنا على منعه بالليل إن أضر جاره، ولا يمنع بالنهار، وقاله ابن عبد ربه.

وقال أبو بكر بن عبد الرحمن أحد الفقهاء السبعة: إذا اجتمع ضرران أسقط الأكبر، ومنع الرجل من الانتفاع بماله، وصنعته أكثر ضررا من التأذي بدوي ما يصنع.

ابن عتاب: الذي أقوله: وأتقلده من مذهب مالك أن جميع الضرر يجب قطعه إلا رفع البناء المانع من الريح وضوء الشمس، وما في معناهما فلا يقطع على مذهب ابن القاسم إلا أن يثبت قصد محدثه ضرر جاره، وكذا كل ضرر يؤول للفساد كالكماد والنداف.

ابن عات في كتاب كراء الدور من المدونة: للرجل أن يصنع في الدار المكتراة ما شاء من الأمتعة والدواب والحيوان والحدادين والقصارين ما لم يكن ضررا بالدار فلا.

ابن عبد الغفور: على هذا يكون لرب الدار أن ينصب فيها ما شاء من الصنائع ما لم يضر بحيطان جاره، ولا يمنع من رفع صوت أو دوي رحى أو كمد لصوته، وكذا ما أشبهه.

قال المشاور: مثله كله.

وفي المجالس: قضى شيوخ الفتيا بطليطلة: يمنع الكماد إذا استضرت بهم الجيران والأول أولى.

قلت: ما حكاه من لفظ المدونة أخذه منه حسن، وترك من لفظها عطفها على القصارين والأرحية، وذكر مثله في مكترى الحانوت.

قلت: ففي لغو إحداث ضرر صوت الحركة، ومنعه مطلقا، ثالثها: إن عمل ليلا لا نهارا، ورابعها: إن حق ولم يكن فيه كبير مضرة للمتيطي مع ابن رشد عن رواية مطرف مع ابن عتاب عن بعض الشيوخ، وابن رشد عن ابن دحون قائلا: اتفاقا، وابن عات عن أخذه ابن عبد الغفور منها كالمشاور، والمتيطي عما تقلده ابن عتاب من مذهب مالك مع ابن عات عن فتوى شيوخ طليطلة في الكمادين، والمتيطي عن أصبغ بن سعيد قائلا: اتفق عليه شيوخنا، واختيار الباجي: ورفع الصوت بالدعاء والذكر في

ص: 385

المسجد آخر الليل مع حسن النية قربة، وفي جوازه بعسعسة الليل بعد مضي نصفه.

ومنعه نقلا ابن سهل عن ابن عتاب محتجا بقول مالك بعدم منع صوت ضرب الحداد مع الصقلي وابن دحون مع ابن فرج محتجين بوجوب الاقتصار على فعل السلف الصالح، وفي قسمها: ليس لك في سكة غير نافذة فتح باب يقابل باب جارك أو يقاربه، ولا تحويل بابك هنالك، وذلك في النافذة جائز.

ابن رشد: في منع فتح باب في غير النافذة مطلقا إلا بإذن جميع أهل الزقاق، وجوازه ما لم يقارب باب جاره بحيث يقطع به مرفقا له، ثالثها: له تحويل بابه كذا إن سد الأول لا فتح باب لم يكن لابن زرب مستدلا بقولها في الدارين إحداهما في جوف الأخرى فيقسم الداخلة أهلها؛ فيريد كل منهم أن يفتح لداره بابا في الدار الخارجة ليس لهم ذلك إنما لهم الممر الذي كانوا يمرون عليه، وبه جرى عمل أهل قرطبة، ولابن القاسم فيها مع سماع عبد الملك ابن وهب في كتاب السلطان، وظاهر قول أشهب في هذا السماع.

قلت: لم يحك المتيطي إلا منع إحداثه أو تحويل القديم لقرب باب جاره بحيث يضره ذلك، ثم قال: ولو حوله عن بعد من باب جاره لم يكن عليه قيام؛ لأنه لم يزده شيئا على ما كان عليه.

قال: وقال أبو عمر في كافيه: ولا يحدث في غير النافذة عسكر، وهو الذي يدعى التابوت والجناح والأسقفية، فإن أذن بعضهم في ذلك، وأبى البعض، فإن كان الآذنون آخر الزقاق، وممرهم لمنازلهم على الموضع المحدث قبل إذنهم.

ابن رشد: وفي فتحه بابا أو حانوتا قبالة باب جاره في الزقاق النافد، ومنعه إلا أن ينكب عن ذلك، ثالثها: إن كانت السكة واسعة لابن القاسم فيها مع أشهب في السماع المتقدم، وسحنون وابن وهب في السماع المذكور.

ابن سهل عن يحيى بن إبراهيم: من فتح بابا في زقاق، ولو كان غير نافد يطل منه على جاره، وجدار داره مضير نحو الحائطين، وهو إن بنى ثالثا لم يطل عليه جبر جاره على بناء ثالث، ولا يمنع فاتح الباب من فتحه.

ص: 386

وأجاب ابن رشد فيمن أحدث بداره بابا وحانوتين قبالة باب جار له بينهما زقاق نافد، ولا يخرج احد من دار الجار، ولا يدخلها إلا على نظر الحائطين الحالين بالحانوتين لعمل صنعتهم، وهو ضرر بين برب الدار بأن يؤمر أن ينكب بابه وحانوتيه عن مقابلة باب جاره، فإن لم يقدر على ذلك لم يحكم عليه بغلقها، وترك بينهما زقاق نافد، ولا يخرج أحد من دار الجار.

ابن رشد: والسكة الواسعة سبعة أذرع لحديث ابن عباس في مسند ابن أبي شيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الطريق الميتاء سبع أذرع)، ولما ذكر المتيطي الحديث قال: الميتاء: الواسعة.

قال ابن الهندي: حضرت الفتيا بذلك.

الباجي: للشيخ في نوادره: اختلف في ذلك قيل: الواسعة ثمانية أشبار، وقيل: سبعة أشبار.

قلت: حديث سبع أذرع إنما ذكره عبد الحق عن مصنف عبد الرزاق، وقال في سنده جابر الجعفي، ولم يزد، وقال المزني في كتاب (رجال الكتب الستة): هو أكبر علماء الشيعة، وثقة شعبة وتركه جماعة وروى عنه شعبة والسفيانان، وفي كون إحداث حمام أو فرن قرب دار تجاوره لا يضرها بحال إلا أنه يحط من ثمنها ضررا يمنع أو لا نقلا المتيطي مع ابن سهل عن أبي المطرف مع بعض شيوخ ابن عتاب، وله مع بعض شيوخه.

الباجي: من باع داره، وقد أحدث عليه مطلع أو مجرى ماء أو غيره من الضرر، فقال الأخوان وأصبغ: إن لم يقم حتى باع فلا قيام للمشتري، ولو كان خاصم فيه فلم يتم له الحكم، فباع فللمشتري القيام، ويحل محله.

ابن زرقون في أحكام ابن بطال: معناه: أن الحكم قضي به، وأعذر وبقي التسجيل والإشهاد، ولو بقي شيء من المدافع والحجج لم يجز البيع؛ لأنه بيع ما فيه خصومة،

ص: 387

وهذا أصل فيه تنازع.

فيها: من أقام بينة غير قاطعة في أرض فلمن هي بيده بيعها.

وقال سحنون: بيعها حينئذ غرر هذا إن كان البائع في المسألة الأولى قام على محدث الضرر، وإن باع قبل أن يعلم ذلك، ففي صحة قيام المبتاع على المحدث، ومنزلته منزلة البائع، ولغو قيامه عليه، ثالثها: إنما له الرد على البائع لحبيب عن سحنون، ومتقدم قول الأخوين، وقولها في العبد يتزوج بغير إذن سيده، ثم يبيعه قبل أن يعلم أن لمشتريه رده بالعيب، فإن رده فلبائعه القيام به كذا أخذته عمن أرضى من شيوخنا أنها ثلاثة أقوال، وتأملت قول الأخوين، وظاهره أن البائع باع بعد عمله بإحداث الضرر، ولم يقم فيه، وهذا لا يختلف في سقوط القيام فيه فتأمله.

ابن سهل: نزل أن رجلا فتح بابا في زقاق غير نافد، وسكت عنه أهل دوره نحو ثلاثة أعوام، وباعوا دورهم فأراد مبتاعوها سد الباب المحدث.

فأجاب ابن عتاب: لا كلام فيه للمبتاع إنما الكلام للبائعين، فإن لم يفعلوا حتى باعوا فهو رضى منهم.

وقال أحمد بن رشيق فقيه المرية مثله.

وقال ابن مالك: روى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ: لا قيام في ذلك إلا أن يكون البائعون باعوا، وقد خاصموا في ذلك، وعلى أن ليس لهم ذلك يدل ما في النكاح الأول من المدونة.

ابن سهل: يريد مسألة العبد يتزوج بغير إذن سيده، وفي سماع القرينين من الأقضية ما يدل على خلافه، وكذا في وثائق المعروف بالملون للمبتاع القيام على محدث الضرر كوكيل البائع على ذلك.

قلت: وما أشار إليه من سماع القرينين فيه سكوت ذي أرض على إحداث مرور ماء على أرضه أربعين عاما، ثم باع أرضه تلك لا يمنع القيام عليه، فقال ابن رشد: لم يلزمه ذلك وجعل للمشتري أن يمنع منه، ولم يجعل بيعه الأرض رضى بترك القيام على المار بالماء في أرضه خلاف قول الأخوين وأصبغ في أن من أحدث عليه ضرر فلم

ص: 388

يتكلم فيه حتى باع لزم المشتري، ولم يكن له فيه قيام، ثم ذكر الثلاثة الأقوال لسماع القرينين والأخوين من أصبغ، ولها في نكاحها الأول.

قلت: وزعم ابن زرقون أن يبيعه بعد علمه بالإحداث مع عدم قيامه به يسقط القيام اتفاقا، يرد بأنه إنما يصح هذا أن لو كان ضرر الإحداث يجاز بالعلم به مع السكوت عنه اتفاقا، وليس الأمر كذلك لما قاله ابن رشد هنا، وفي نوازل أصبغ حسبما تقدم، والعجب من قول ابن زرقون هذا مع كثرة اعتماده على كلام ابن رشد.

قال ابن زرقون في زاهي ابن شعبان: إن كان لإحدى الدارين باب في دار أخرى لما يستحق أرباب الدار التطرق إلا ببينة، فإن قامت بينة بالتطرق منه، ولم يقولوا بحق، فقيل: هي لغو إذ قد يتطرق بإذن رب الدار، وبغير إذنه، وقيل: يترك له على ما يثبت له بحق، ولا يمنع إلا بحق، وهذا كقول ابن سحنون فيما أشكل قدمه، وحدوثه أنه على القدم.

وفي منع المالك إحداث بئر يملكه في غير الفلاة تضر ببئر سابقه لجاره وجوازه، ثالثها: إن استفرغ ماء بئر جاره، ورابعها: إن وجد بدا من احتفاره، ولم يضطر إليه، لابن رشد عنها، وعن ابن كنانة وسماع القرينين في السداد، والأنهار وأشهب.

واللخمي: قال مالك: من أمر الناس اتخاذ أبراج الحمام، وإن عمرت من حمام الناس فلا بأس به.

اللخمي: يريد: أن كل من بنى برجا بعد تقدمه غيره فلا ينفك أن يصير إليه من برج من تقدمه، ولا يقدر على الامتناع منه، وهذا إذا لم يحدث الثاني بقرب الأول، فإن فعل منع؛ لأن فيه ضررا عليه.

ابن حدير: سئل أصبغ بن محمد من شيوخ الأندلسيين عن المسألة، وقول اللخمي فيها؛ فأجاب بأن للثاني أن يبني بقرب الأول، وقال: إن أراد اللخمي أن المنع لضرر الاطلاع أو إذاية الزرع أو الثمرة فله وجه، وإلا فلا.

قلت: الأظهر أن إحداث برج قرب برج أقدم منه يجري على ما تقدم في إحداث بئر قرب بئر سابقة.

ص: 389

اللخمي: ونصب الأجباح يجري على ما تقدم في الأبراج.

ولابن كنانة: لا ينصبها قرب أجباح الناس بل بعيدا من العمران.

وقال أشهب: إن فعل وليس هناك إلا نحل مربوب فهو فيما دخل إليه أسوة غيره، وإن كان فيه نحل كثير غير مربوب، ونحل مربوب فلينصب، وما دخل إليه هو له؛ يريد: لأن الذي يدخل إليه غير المربوب؛ لأن الشأن في المربوب أن أصحابه يرصدونه، وإن دخل حمام برج في برج آخر، فإن عرف وقدر على رده رد قولا واحدا، وإن عرف وعجز عن رده ففي كونه ملكا لمن صار إليه ووجوب رد أفراخه قولا ابن القاسم وابن حبيب: وإن جهل أو جهل عشه فهو لمن ثبت عنده.

وقول مالك: إن عرف وقدر على رده رد للأول، كقول ابن عبد الحكم في الصيد أنه للأول وإن لم يتأنس عنده لا يزول ملكه عنه؛ لأنه في حال كونه في برج الأول على حال التوحش؛ فينبغي على قول مالك أن يكون لمن صار إليه بل هو في هذا أضعف؛ لأن ما في البرج ليس بملك محقق ورد ما تقرر ملكه أولى.

وقول ابن حبيب برد الفراخ حسن على قول ابن عبد الحكم، وأحسن ذلك أن لا يرد للأول شيء، وإن قدر على رده؛ لأنها غير مملوكة للأول إنما هي عنده على وجه الإيواء، وتأوي اليوم بموضع وغدا بآخر، وإن أوى حمام برج لدار رجل آخر إن علم أنه بري أو جهل صاحبه جاز له ملكه، وإن عرف برجه على قول مالك.

وقال ابن القاسم وأشهب: يرده إن عرف برجه، وإلا تصدق بقيمته، ومحمل قوليهما على أنه طالت إقامته، وإن كان بحدثان أخذه، ولم يقصه أرسله فالشأن عوده لو كره، وإن كان من حمام البيوت تأوي إليه، ولم يتعرض لحبسه فحكمه حكم اللقطة يخير في بيعه والصدقة بثمنه أو حبسه والصدقة بقيمته وحبسه دون الصدقة بشيء واسع، واستخف مالك حبسه كيسير اللقطة.

وقال صلى الله عليه وسلم في الثمرة: لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها، وإن دخل فرخ جبح لبيت آخر، فقال سحنون: هو لمن دخل إليه.

ابن حبيب: يرده إن عرف موضعه، وإن لم يقدر رد فراخه ويلزمه رد قدر ما يكون

ص: 390

من عسله، وأرى إن رضي من صار إليه أن يعطي صاحبه قيمته كان ذلك له، والحكم للأول في النحل أقوى من الأبراج؛ لأن تلك إنما تأوي إليها، وهذه تصاد وتملك، ثم تجعل هناك؛ فينبغي أن تجري على حكم المربوب.

قلت: وتقدم شيء من هذا في كتاب الصيد حيث ذكره اللخمي.

الباجي: والحيوان الذي لا تستطاع حراسته كالنحل يضر شجر القوم، وفرخ الحمام والعصافير تضر بالزرع والدجاج الطائرة والأوز وشبهها.

قال مطرف: يمنع من اتخاذها؛ لأن هذا طائر لا يستطاع الاحتراز منه كما يستطاع في الماشية.

وقد قال مالك في الدابة الضارية: تعرب وتباع، وهذا أشد، واختاره ابن حبيب.

وقال أصبغ وابن القاسم: النحل والحمام والدجاج كالماشية لا يمنع من اتخاذها، وإن أضرت وعلى أهل القرية حفظ زروعهم وشجرهم، ومثله لابن كنانة، وقال: وما أحب أن يؤذي أحد.

قلت: كثيرا ما تقع هذه النازلة، والصواب أن يحكم فيها بقول مطرف وابن حبيب: وإن كان خلاف قول ابن القاسم؛ لأن منع أرباب الحيوان أخف ضررا من ضرر أرباب الزرع والثمار؛ لأنهم لا يتأتى لهم حفظها، ولا نقل زروعهم ولا أشجارهم، وأرباب الحيوان يمكنهم قص دجاجهم وإوزهم والاستغناء عن عصافيرهم، ونقل أجباحهم، وإذا عرض ضرران ارتكب أخفهما، وبعضهم يذكره أثرا، وبعضهم يذكره حديثا، وبعضهم يذكره حكما مجمعا عليه.

عبد الحق: ذكر الزهري عن سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: حريم البئر المحدثة خمس وعشرون ذراعا، وحريم البئر العادية خمسون ذراعا، وحريم الزرع ثلثمائة ذراع، وحريم العين السيح ستمائة ذراع هذا الحديث يروي مسندا عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويروي مرسلا كما تقدم والمرسل أشبه ذكر

ص: 391

الحديث والتعليل الدارقطني، وذكره أبو داود في المراسيل عن الزهري.

وحريم البئر: ما يستحقه مستحقها من أرض هي محل انتفاعه بها.

فيها: لأهل البئر منع من أراد أن يبني أو يحفر بئرا في ذلك الحريم؛ لأنه حق للبئر وضرر بهم، ولو لم يكن على البئر من حفر بئر أخرى ضرر لصلابة الأرض كان له منعهم لما يضر بهم في مناخ الإبل، ومرابض المواشي عند ورودها.

وفي حده بما يضر إحداث غير مستحقها فيه مستحقها في انتفاعه بها أو بالقيس قولان لها ولغيرها.

وفيها: ليس للآبار في المدونة عند مالك حريم محدود، ولا للعيون إلا ما لا يضر بها.

قال مالك: لأن منها ما هو في أرض رخوة، وما في أرض صلبة أو في صفاء.

عياض: الذي في أصل ابن عتاب وغيره من الأصول، وعليه كثير من المختصرين ورواية يحيى: إلا ما لا يضر بها قال: كذا روى سحنون والصواب إلا ما يضر بها.

قال فضل: كذا قرأناه على غير يحيى.

عياض: كلاهما صواب معناه لا يضر أنه من حريمها، ومعنى ألا يضر حد حريمها، وعلى القياس في كونه في العادية، وهي القديمة خمسون ذراعا، وفي البادية وهي التي ابتدئ حفرها نصفها أو العكس، نقلاه عن ابن نافع وأبي مصعب قائلا في بئر الزرع خمسمائة ذراع.

وقاله ابن المسيب. وعنه أيضا: ثلاثمائة ذراع.

قلت: زاد اللخمي من كل نواحيها.

قال ابن شهاب: وكان يقال: حريم الأنهار ألف ذراع، وقول مالك أحسن

ص: 392

لاختلاف حال الآبار فمن ماء في أرض لا غياض فيها، ولا شعراء، ولم يعمل أكثر من الحفر ترك له سقي ذلك الماء أو ما يستطيع عمارته، وحمى شجر ما ابتدئ غرسه بموات.

روى اللخمي: ما يرى فيه مصلحتها، ولا يضرها.

وسئل فيه أهل المعرفة، وقد قالوا: اثني عشر ذراعا من نواحيها إلى عشرة، ويسأل عن الكرم، وعن كل شجرة أهل العلم بذلك؛ فيكون لها بقدر مصلحتها، فإن كان عشرة أمر محدث غيرها قربها أن يبعد عنها بقدر حريمها، فإن لم يفعل قطع على الثاني ما دخل من شجره في حريم الأول بباطنه أو هواه، ولو باع نخلة وشرط حقوقها وفناءها جعل لها على هذا القول عشرة أذرع من جميع نواحيها.

وفي نوازل الشعبي جوابا لسحنون: حريم شجرة رجل في أرض آخر هو ما أخذ ظلها حين استواء الشمس عليها قبل فيئها.

قلت: ذكر عبد الحق للطحاوي عن أبي سعيد الخدري قال: اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في نخيلة فقطع منها جريدة، ثم ذرع بها النخيلة، فإذا فيها خمسة أذرع فجعلها حريما، وقال أبو داود: خمس أذرع أو سبع، وصححه بسكوته عنه، ولم يتعقبه ابن القطان.

قلت: وفيه متمسك لجواب سحنون، ومستند ما ذكره اللخمي حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا ضرر ولا ضرار) خرجه الدارقطني.

قال عبد الحق: في إسناده إبراهيم بن إسماعيل هو ابن أبي حبيبة، وثقه أحمد بن حنبل وضعفه أبو حاتم، وقال: هو منكر الحديث لا يحتج به.

ورواه عبد الملك بن معاذ النصيبي عن الداوودي عن عمرو بن يحيى عن أبيه

ص: 393

عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا ضرر ولا ضرار)، وذكره أبو عمر، ورواه مالك عن عمرو بن يحيى بن يحيى عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لا ضرر ولا ضرار) كذا رواه مرسلا.

قلت: تعقبه ابن القطان بأن عبد الملك هذا لا تعرف حاله، ولا أعرف من ذكره.

اللخمي: من أحيا للسكنى، فقال لمن أراد أن يحيى بعده: ابعد عني فإنك تكشفني إن قربت مني كان له ذلك قضى عمر بن عبد العزيز فيه أن ينزل عنه نحو مائة ذراع قال: حيث لا تتبين امرأة، ولا يسمع كلام الحي، وإن شكى أنه ضيق عليه في المرعى أبعد عنه، وأرى أن يبعد إذا خاف الكشف أكثر من مائة ذراع، ولا يضيق على النساء في تصرفهن هناك.

قلت: هذا الذي ذكره اللخمي كأنه المذهب عنده خلاف ما تبع فيه ابن شاس وابن الحاجب الغزالي، وجعلاه المذهب، وهو قولهما: حريم المحفوفة بالموات ما يرتفق به من مطرح تراب ومصب ميزاب والحق عندي أن الإحياء إن كان أذن الإمام فيه أو مقتضى حال الموضع المحيا فيه جعل ذلك الموضع مدينة أو قرية لا تتقرر غالبا إلا باجتماع الساكنين، واتصال مساكنهم فالحق ما قاله ابن شاس وابن الحاجب، وإن لم يكن الأمر كذلك كما ذكر لي عن مساكن أهل الجبال، كجبال زواوة ونحوها فالحق ما قاله اللخمي.

ص: 394