الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب البيع
وكل ما عده الناس بيعًا أو هبة: من متعاقب، أو متراخ، من قول، أو فعل، انعقد به البيع والهبة (1) .
ومن استولى على ملك إنسان بلا حق ومنعه إياه حتى يبيعه إياه فهو كبيع المكره بلا عوض (2) .
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله: بيع الحرير للكفار حديث عمر رضي الله عنه يقتضي جوازه؛ بخلاف بيع الخمر؛ فإن الحرير ليس حرامًا على الإطلاق، وعلى قياسه بيع آنية الذهب والفضة لهم؛ وإذا جاز بيعها لهم جاز صنعتها لبيعها منهم، وجاز عملها لهم بالأجرة. انتهى كلامه ذكره في أول باب ما يجوز بيعه من تعليقه على المحرر (3) .
قال شيخنا في الفتاوى المصرية: يجوز تصرفه فيما بيده بالوقف وغيره حتى تقوم حجة شرعية بأنه ليس ملكًا له؛ لكن لا يحكم بالوقف حتى يثبت الملك (4) .
وفي مجموع أبي حفص في الإجارة: نقل يحيى بن محمد
(1) الاختيارات 121 ف 2/ 186.
(2)
اختيارات ص122 والفروع ج4/50 ف2/ 186.
(3)
الآداب 3/501 ف2/ 187.
(4)
فروع ج 4/406 ف2/ 187.
الكحال: سألت أحمد عن رجل له حمام تقيمه غلته يريد أن يبيعه قال: لا يبيعه على أنه حمام يبيعه على أنه عقار ويهدم الحمام: ذكره الشيخ تقي الدين. قال: وكذلك الأبنية المصورة كنائس ونحو ذلك مما هو مبني للمنفعة المحرمة وما هو مصور على صورة المنفعة المحرمة ويمكن تصويره على صورة مباحة: مثل الحرير المفصل للرجال، وخاتم الذهب للرجل، وآنية الذهب والفضة (1) .
قال ابن القيم رحمه الله:
فصل
وأما تحريم بيع الميتة فيدخل فيه كل ما يسمى ميتة سواء مات حتف أنفه أو ذكي ذكاة لا تفيد حله، ويدخل فيه أبعاضها أيضًا، ولهذا استشكل الصحابة رضي الله عنهم تحريم بيع الشحم مع ما لهم فيه من المنفعة فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرام وإن كان فيه ما ذكروا من المنفعة. وهذا موضع اختلف فيه الناس لاختلافهم في فهم مراده صلى الله عليه وسلم وهو أن قوله:«لا هو حرام» هل هو عائد إلى البيع، أو عائد إلى الأفعال التي سألوا عنها
فقال شيخنا: هو راجع إلى البيع فإنه صلى الله عليه وسلم لما أخبرهم أن الله حرم بيع الميتة قالوا: إن في شحومها من المنافع كذا وكذا يعنون فهل ذلك مسوغ لبيعها؟ فقال: «لا هو حرام» (2) .
ومكة المشرفة فتحت عنوة. ويجوز بيعها لا إجارتها. فإن استأجرها فالأجرة ساقطة يحرم بذلها (3) .
وجوز شيخنا بيع الصفة والسلم حالاً إن كان في ملكه. قال: وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: «لا تبع ما ليس عندك» فلو لم يجز السلم حالاً لقال: لا تبع هذا. سواء كان عنده أولاً. وأما إذا لم يكن
(1) الآداب 3/321 ف 2/ 187.
(2)
زاد المعاد ج4/240 ف 2/187.
(3)
اختيارات ص121 فيها زيادة ف2/188.
عنده فإنما يفعله لقصد التجارة والربح فيبيعه بسعر ويشتريه بأرخص ويلزمه تسليمه في الحال وقد يقدر عليه وقد لا تحصل له تلك السلعة إلا بثمن أعلى مما تسلف فيندم. وإن حصلت بسعر أرخص من ذلك ندم المسلف إذ كان يمكنه أن يشتريه بذلك الثمن؛ فصار هذا من نوع الميسر والقمار والمخاطرة، كبيع العبد الآبق والبعير الشارد يباع بدون ثمنه فإن حصل ندم البائع وإن لم يحصل ندم المشتري.
وفي التلخيص وغيره: لا يصح بيع لحم في جلد أو معه اكتفاء برؤية الجلد فإنه بيع رءوس وسموط قال شيخنا في حيوان مذبوح: يجوز بيعه مع جلده جميعًا، كما قبل الذبح كقول جماهير العلماء، كما يعلمه إذا رآه حيًا. ومنعه بعض متأخري الفقهاء ظنًا أنه بيع غائب بدون رؤية ولا صفة. قال شيخنا: وكذلك يجوز بيع اللحم وحده والجلد وحده. وأبلغ من ذلك «أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر في سفر الهجرة، اشتريا من رجل شاة، واشترطا له رأسها وجلدها وسواقطها وكذلك كان أصحابه عليه السلام يتبايعون (1) . ويجوز بيع الطير لقصد صوته إذا جاز حبسه. وفيه احتمالان لابن عقيل (2) .
واختار أبو العباس صحة البيع بغير صفة وهو بالخيار إذا رآه، وهو رواية عن أحمد ومذهب الحنفية. وضعفه في موضع آخر (3) .
وإن باعه لبنًا موصوفًا في الذمة واشترط كونه من هذه الشاة أو البقرة صح (4) .
فلا يصح برقم مجهول، ولا بما ينقطع سعره، أو كما يبيع الناس
(1) الفروع ج 2/23، 94 ف2/ 189.
(2)
الفروع ج 4/ 29 ف2/189.
(3)
اختيارات 121 والفروع ج 4/9 ف2/ 189.
(4)
اختيارات 121 ف 2/ 189.
على الأصح فيهن. وصححه شيخنا بثمن المثل، كنكاح، وأنه مسألة السعر، وأخذه من مسألة التحالف (1) .
واحتج بما في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم: «نهى أن يسلم في حائط بعينه» إلا أن يكون قد بدا صلاحه، وقال: أسلمت إليك في عشرة أوسق من تمر هذا الحائط جاز، كما يجوز أن يقول: ابتعت منك عشرة أوسق من هذه الصبرة، ولكن التمر يتأخر قبضه إلى كمال صلاحه (2) .
ويجوز بيع الكلاء ونحوه الموجود في أرضه إذا قصد استنباته (3) .
ولو باع ولم يسم الثمن صح بثمن المثل كالنكاح (4) .
فصل
ولا يصح بيع ما قصد به الحرام كعصير يتخذه خمرًا إذا علم ذلك كمذهب أحمد وغيره، أو ظن وهو أحد القولين. ويؤيده أن الأصحاب قالوا: لو ظن المؤجر أن المستأجر يستأجر الدار لمعصية كبيع الخمر ونحوه لم يجز له أن يؤجره تلك الدار ولم تصح الإجارة. والبيع والإجارة سواء (5) .
وإن جمع البائع بين عقدين مختلفي الحكم بعوضين متميزين لم يكن للمشتري أن يقبل أحدهما بعوضه (6) .
ومن باع ربويًا بنسيئة حرم أخذه عن ثمن ما لا يباع به نسيئة ما لم
(1) اختيارات ص 121 ف 2/189.
(2)
الفروع ج 4/ 30 ف 2/190. فيه زيادة إيضاح.
(3)
الفروع 4/25، 26 ق 2/189.
(4)
اختيارات ص 121 فيه زيادة إيضاح ف 2/189.
(5)
اختيارات ص 122 ف 2/ 190.
(6)
اختيارات ص 122 ف 2/190 فروع ج 4/ 42 ف 2/ 190.
تكن حاجة، وهو توسط بين الإمام أحمد في تحريمه والشيخ أبي مقدس في حله (1) .
وقال أحمد أيضًا: أكره للرجل ألا يكون له تجارة غير النسيئة فلا يبيع بنقد.
قال ابن عقيل: إنما كره ذلك لمضارعته الربا، فإن البائع بنسيئة يقصد الزيادة غالبًا، وعلله شيخنا ابن تيمية رضي الله عنه بأنه يدخل في بيع المضطر؛ فإن غالب من يشتري بنسيئة إنما يكون لتعذر النقد عليه؛ فإذا كان الرجل لا يبيع إلا بنسيئة كان ربحه على أهل الضرورة والحاجة، وإذا باع بنقد ونسيئة كان تاجرًا من التجار (2) .
فصل
ويحرم الشراء على شراء أخيه، وإذا فعل ذلك كان للمشتري الأول مطالبة البائع بالسلعة وأخذ السلعة أو عوضها (3) .
وتحرم مسألة التورق، وهو رواية عن أحمد (4) .
قوله: «كشرائه وبيعه زمن الخيار» قال ابن رجب: ومال الإمام أحمد إلى القول بأنه عام في الحالين يعني مدة الخيار وبعدها ولو لزم العقد
…
وتبع في ذلك الشيخ تقي الدين فإنه سئل عن ذلك في المسائل البغدادية وأجاب بأن الذي يدل عليه كلام الإمام أحمد وقدماء أصحابه أنه لا فرق بين زمن الخيار وعدمه، فما أطلقه أبو الخطاب ذكره أبو بكر، وكذلك ذكره القاضي وغيره. وإن كان هذا القيد ذكره جماعة
(1) اختيارات ص 129 ف 2/190.
(2)
اختيارات ص129 والفروع ج4/ 45، 46، 71 ف 2/191.
(3)
تهذيب السنن ج 5/ 109 ف2/191.
(4)
اختيارات ص 122 ف 2/191.
منهم القاضي في بعض المواضع، وابن عقيل فيما أظن، وأبو حكيم وصاحبه السامري، وأسعد بن منجا وأبو محمد وأبو البركات وغيرهم وأطال في ذلك واختاره. وذكر المسألة أيضًا في إبطال التحليل (1) .
وسأله ابن الحكم عن رجل يقر بالعبودية حتى يباع قال: يؤخذ المقر والبائع بالثمن، فإن مات أحدهما أو غاب أخذ الآخر بالثمن واختاره شيخنا (2) .
وقال الشيخ تقي الدين: يكره للرجل أن يحب غلو أسعار المسلمين ويكره الرخص. ويكره المال المكسوب من ذلك، كما قال من قال من الأئمة: إن مالاً جمع من عموم المسلمين لمال سوء (3) .
قال أحمد: لا ينبغي أن يتمنى الغلاء (4) .
ومن ضمن مكانًا للبيع ويشتري فيه وحده كره الشراء منه بلا حاجة. ويحرم عليه أخذ زيادة بلا حق (5) .
ولا يربح على المسترسل أكثر من غيره. وله أن يأخذه منه بالقيمة المعروفة بغير اختياره. قال أبو طالب: قيل لأحمد: إن ربح الرجل في العشرة خمسة يكره ذلك قال: إذا كان أجله إلى سنة أو أقل بقدر الربح فلا بأس به. وهذا يقتضي كراهة الربح الكثير الذي يزيد على قدر الأجل؛ لأنه شبه بيع المضطر. وهذا يعم بيع المرابحة والمساومة (6) .
وإذا اتفق أهل السوق على ألا يزيدوا في سلعة لهم فيها غرض
(1) اختيارات ص128 ف 2/191.
(2)
الفروع وتصحيحه ج 4/45-47 باختصار ف 2/191.
(3)
الفروع ج 4/51 ف 2/191 ص 126 ف 2/196 وانظر الزركشي 3/ 577.
(4)
الآداب ج 3/ 294 ف 2/ 194.
(5)
الاختيارات 192 ف 2/ 194 والفروع 4/ 54.
(6)
الاختيارات 122، 123 فروع 4/ 54 فيه زيادة 2/ 196.