المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الوقف   تعريفه:   قال شيخنا: وأقرب الحدود في الوقف أنه كل عين - المستدرك على مجموع الفتاوى - جـ ٤

[ابن تيمية]

الفصل: ‌ ‌كتاب الوقف   تعريفه:   قال شيخنا: وأقرب الحدود في الوقف أنه كل عين

‌كتاب الوقف

تعريفه:

قال شيخنا: وأقرب الحدود في الوقف أنه كل عين تجوز عاريتها (1) .

ويصح بالقول وبالفعل الدال عليه عرفًا، كجعل أرضه مسجدًا، أو الإذن للناس بالصلاة فيه، أو أذن فيه وأقام (2) ونقله أبو طالب وجعفر وجماعة عن أحمد. أو جعل أرضه مقبرة وأذن للناس بالدفن فيها، ونص عليه أحمد أيضًا. ومن قال: قريتي التي بالثغر لموالي الذين بها أولادهم صح وقفًا. ونقله يعقوب بن إسحاق بن بختان عن أحمد.

وإذا قال واحد أو جماعة: جعلنا هذا المكان مسجدًا أو وقفًا صار مسجدًا ووقفًا بذلك وإن لم يكملوا عمارته. وإذا قال كل منهم: جعلت ملكي للمسجد أو في المسجد ونحو ذلك صار بذلك حقًا للمسجد. ولو قال الإنسان تصدقت بهذا الدهن على هذا المسجد ليوقد فيه جاز. وهو من باب الوقف وتسميته وقفًا بمعنى أنه وقف على تلك الجهة لا ينتفع به في غيرها لا تأباه اللغة، وهو جائز في الشرع (3) .

(1) إنصاف 7/ 3 وفي الاختيارات الموقوف كما يأتي ف 2/ 249.

(2)

هذه الجملة أو أذن فيه وأقام في الفروع وحدها.

(3)

هذا في الإنصاف ج 7/ 12.

ص: 89

ووقف الهازل ووقف التلجئة إن غلب على الوقف شبه التحرير من جهة أنه لا يقبل الفسخ فينبغي أن يصح كالعتق والإتلاف. وإن غلب عليه شبه التمليك فيشبه الهبة والتمليك. وذلك لا يصح من الهازل على الصحيح (1) .

ونقل جماعة عن الإمام أحمد فيمن وقف دارًا وإن لم يحدها. قال: يصح وإن لم يحدها إذا كانت معروفة اختاره الشيخ تقي الدين. وعند الشيخ تقي الدين: لا يصح وقف منافع أم الولد في حياته (2) .

قال في المحرر: ولا يصح وقف المجهول. قال أبو العباس: المجهول نوعان: مبهم، ومعين. مثل دار لم يرها. فمنع هذا بعيد. وكذلك هبته.

فأما الوقف على المبهم فهو شبيه بالوصية له. وفي الوصية روايتان منصوصتان مثل أن يوصي لأحد هذين أو لجاره محمد وله جاران بهذا الاسم.

وقف المبهم مفرع على هبته وبيعه وليس عن أحمد في هذا منع (3) .

وينبغي أن يشترط في الواقف أن يكون ممن يمكن من تلك القربة. فلو أراد الكافر أن يقف مسجدًا منع منه (4) .

(1) اختيارات ص 171 ف 2/ 249.

(2)

إنصاف 7/ 9 ف 2/ 249.

(3)

اختيارات ص 172 ف 2/ 249.

(4)

اختيارات ص 172 ف 2/ 249.

ص: 90

شروطه:

1-

المنفعة:

ولو قال الواقف: وقفت هذه الدراهم على قرض المحتاجين لم يكن جواز هذا بعيدًا. وإذا أطلق وقفًا لنقدين ونحوهما مما يمكن الانتفاع ببذله فإن منع صحة هذا الوقف فيه نظر، خصوصًا على أصلنا فإنه يجوز عندنا بيع الوقف إذا تعطلت منفعته.

وقد نص أحمد في الذي حبس فرسًا عليها حلية محرمة أن الحلية تباع وينفق منها عليها وهذا تصريح بجواز مثل هذا.

ولو وقف منفعة يملكها كالعبد الموصى بخدمته أو منفعة أمه في حياته أو منفعة العين المستأجرة فعلى ما ذكره أصحابنا لا يصح.

قال أبو العباس: وعندي ليس في هذا فقه؛ فإنه لا فرق بين وقف هذا ووقف البناء والغراس، ولا فرق بين وقف ثوب على الفقراء يلبسونه أو فرس يركبونه أو ريحان يشمه أهل المسجد (1) .

وطيب الكعبة حكمه حكم كسوتها، فعلم أن التطيب منفعة مقصودة؛ لكن قد يطول بقاء مدة الطيب وقد يقصر ولا أثر لذلك.

ويصح وقف الكلب المعلم والجوارح المعلمة وما لا يقدر على تسليمه.

وأقرب الحدود في الموقوف أنه كل عين تجوز إعارتها.

قال في الرعاية: وإن وقف نصف عبد صح وإن لم يسر إلى بقيته وإن كان لغيره.

(1) الريحان وطيب الكعبة موجود في الإنصاف ج 7/ 12.

ص: 91

وإن أعتق ما وقفه منه أو أعتقه الموقوف عليه لم يصح عتقه ولم يسر.

وإن أعتق الواقف باقيه أو أعتقه شريكه فقد صح عتق نفسه ولم يسر إلى الموقوف.

قال أبو العباس: هذا ضعيف (1) .

وما يأخذه الفقهاء من الوقف: هل هو إجارة، أو جعالة، أو كرزق من بيت المال؟ فيه أقوال: ثالثها المختار (2) .

وما يؤخذ من بيت المال فليس عوضًا أو أجرة؛ بل رزق للإعانة على الطاعة، وذلك المال الموقوف على أعمال البر والموصى به والمنذور ليس كالإجارة والجعل. اهـ (3) .

قال ابن القيم رحمه الله: وقع لبعض من نصب نفسه للفتوى من أهل عصرنا: ما تقول السادة الفقهاء في رجل وقف وقفًا على أهل الذمة: هل يصح ويتقيد الاستحقاق بكونه منهم؟ فأجاب بصحة الوقف، وتقييده الاستحقاق بذلك الوصف. وقال: هكذا قال أصحابنا: ويصح الوقف على أهل الذمة.

فأنكر ذلك شيخنا غاية الإنكار، وقال: مقصود الفقهاء بذلك أن كونه من أهل الذمة ليس مانعًا من صحة الوقف عليه بالقرابة أو بالتعيين؛ وليس مقصودهم أن الكفر بالله ورسوله أو عبادة الصليب وقولهم إن المسيح ابن الله شرط لاستحقاق الوقف، حتى إن من آمن بالله ورسوله واتبع دين الإسلام لم يحل له أن يتناول بعد ذلك من الوقف، فيكون

(1) الاختيارات ص 170-172 ف 2/ 249.

(2)

اختيارات ص 177 وفيه زيادة ف 2 /249.

(3)

إنصاف 7/ 68 فيه زيادة ف 2/ 249.

ص: 92

حله مشروطًا بتكذيب الله ورسوله والكفر بدين الإسلام (1) .

وأما الوقف على قبور الأنبياء. فإن كان وقفًا على بناء المساجد عليها وإيقاد المصابيح فقد تقدم حكمه وأنه معصية لا يحل الوفاء به، وأنه من عمل المشركين. والذين يقولون: إن من العلماء من وقف على مدينة النبي صلى الله عليه وسلم. يريدون بذلك أنه وقف على قبر. فهو خطأ منهم في فهم العبارة؛ فإن هذا إنما هو وقف على من بالمدينة النبوية، وليس لذلك اختصاص بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ جميع ما يصرفه المسلمون من الأموال في أنواع الوقف وغيره إنما هو بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى:{وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} (2)[7/59] .

وقال الشيخ تقي الدين: لو وقف قنديل نقد للنبي صلى الله عليه وسلم صرف لجيرانه قيمته. وقال في موضع آخر: النذر للقبور هو للمصالح ما لم يعلم ربه (3) .

وأما هذه الأوقاف على الترب ففيها من المصلحة بقاء حفظ القرآن وتلاوته وكون هذه الأموال معونة على ذلك وحاضة عليه؛ إذ قد لا يدرس حفظ القرآن في بعض البلاد بسبب عدم الأسباب الحاضة عليه.

وفيها مفاسد أخر من حصول القراءة لغير الله، ومن التأكل بالقرآن، وقرائته على غير الوجه المشروع، وإشغال النفوس بذلك عن القراءة المشروعة. فمتى أمكن تحصيل هذه المصلحة بدون ذلك الفساد جاز.

فالواجب النهي عن ذلك والمنع منه وإبطاله.

(1) إعلام ج4/ 184 موجود بعض معناه ف 2/ 249.

(2)

مختصر الفتاوى ص 551 ف 2/ 249.

(3)

إنصاف 6/ 11 ف 2/ 249.

ص: 93

وإن ظن حصول مفسدة أكثر من ذلك لم يدفع أدنى المفسدتين باحتمال أعلاهما (1) .

ويصح الوقف على النفس، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، واختارها جماعة من أصحابه (2) .

قال شيخنا: ومن الحيل الجديدة التي لا أعلم بين فقهاء الطوائف خلافًا في تحريمها: أن يريد الرجل أن يقف على نفسه بعد موته على جهات متصلة، فيقول له أرباب الحيل: أقر أن هذا المكان الذي بيدك وقف عليك من غيرك، ويعلمونه الشروط التي يريد إنشاءها فيجعلها إقرارًا، فيعلمونه الكذب في الإقرار، ويشهدون على الكذب وهم يعلمون، ويحكمون بصحته. ولا يستريب مسلم أن هذا حرام؛ فإن الإقرار شهادة من الإنسان على نفسه، فكيف يلقن شهادة الزور ويشهد عليه بصحتها؟! ثم إذا كان وقف الإنسان على نفسه باطلاً في دين الله فقد علمتموه حقيقة الباطل؛ فإن الله تعالى قد علم أن هذا لم يكن وقفًا قبل الإقرار، ولا صار وقفًا بالإقرار الكاذب، فيصير المال حرامًا على من يتناوله إلى يوم القيامة. وإن كان وقف الإنسان على نفسه صحيحًا فقد أغنى الله تعالى عن تكلف الكذب (3) .

ويصح الوقف على أم ولده بعد موته، وإن وقف على غيرها على أن ينفق عليها مدة حياته أو يكون الريع لها مدة حياته صح؛ فإن استثناء الغلة لأم ولده كاستثنائها لنفسه.

وإن وقف عليها مطلقًا فينبغي في الحال أنا إذا صححنا وقف

(1) اختيارات ص 92 ف 2/ 249.

(2)

اختيارات 170/249.

(3)

إعلام 3/ 302 ف 2/ 249.

ص: 94

الإنسان على نفسه صح؛ لأن ملك أم ولده أكثر ما يكون بمنزلة ملكه. وإن لم نصححه فيتوجه أن يقال: هو كالوقف على العبد القن، ويتوجه الفرق بأن أم الولد لا تملك بحال. وفيها نظر.

وقد تخرج على ملك العبد بالتمليك، فإن هذا نوع تمليك لأم ولده؛ بخلاف العبد القن. فإنه قد يخرج عن ملكه فيكون ملكًا لعبد الغير.

وإذا مات السيد فقد تخرج هذه المسألة عن مسألة تفريق الصفقة؛ لأن الوقف على أم الولد يعم حال رقها وعتقها، فإذا لم يصح في أحد الحالين خرج في الحال الأخرى وجهان. وإذا قلنا: إن الوقف المنقطع الابتداء يصح فيجب أن يقال ذلك هنا. وإن قلنا لا يصح فهذا كذلك (1) .

وإذا اشترط القبول في الوقف على المعين فلا ينبغي أن يشترط المجلس؛ بل يلحق بالوصية والوكالة. فيصح معجلاً أو مؤجلاً بالقول والفعل (2) فأخذ ريعه قبول، وينبغي أنه لورده بعد قبوله كان له ذلك.

أن يقف ناجزًا، فإن علقه على شرط لم يصح. وقيل: يصح واختاره الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق والحارثي وقال: الصحة أظهر وأحرى (3) .

والصواب الذي عليه محققو الفقهاء في مسألة الوقف على المعين إذا لم يقبل أورده أن ذلك ليس كالوقف المنقطع الابتداء، بل الوقف هنا صحيح قولاً واحدًا. ثم إن قبل الموقوف عليه وإلا انتقل إلى من بعده،

(1) اختيارات ص 172 ف 2/ 250.

(2)

نسخة بدون (أو) .

(3)

الإنصاف 7/ 23 ف 2/ 251.

ص: 95

كما لو مات أو تعذر استحقاقه لفوات وصف فيه؛ إذ الطبقة الثانية تتلقى من الواقف لا من الموقوف عليه (1) .

شروط الواقف:

ولا يلزم الوفاء بشرط الواقف إلا إذا كان مستحبًا خاصة، وهو ظاهر المذهب، أخذًا من قول أحمد في اعتبار القربة في أصل الجهة الموقوف عليها (2) .

وقال الشيخ تقي الدين: يجوز تغيير شرط الواقف إلى ما هو أصلح منه وإن اختلف ذلك باختلاف الأزمان، حتى لو وقف على الفقهاء والصوفية واحتاج الناس إلى الجهاد صرف للجند (3) .

قال شيخنا: كل متصرف بولاية إذا قيل: يفعل ما يشاء فإنما هو لمصلحة شرعية، حتى لو صرح الواقف بفعل ما يهواه وما يراه مطلقًا فشرط باطل بمخالفته الشرع، وغايته أن يكون شرطًا مباحًا وهو باطل على الصحيح المشهور، حتى لو تساوى فعلان عمل بالقرعة، وإذا قيل هنا بالتخيير فله وجه (4) .

إذا شرط الواقف لناظره أجرة فكلفته عليه حتى تبقى أجرة مثله. وقال المصنف ومن تبعه: كلفته من غلة الوقف. قيل للشيخ تقي الدين: فله العادة بلا شرط، فقال: ليس له إلا ما يقابل عمله (5) .

(1) اختيارات ص 173 فروع 4/ 589 وانظر الإنصاف 7/ 26-28 هذا جزم فيه بالحكم ف 2/ 251.

(2)

اختيارات 175، 176 ف 2/ 251.

(3)

إنصاف 7/ 57 ف 2/ 251.

(4)

فروع ج 4/ 602 ف 2/ 251.

(5)

إنصاف 7/ 58 ف 2/ 251.

ص: 96

ولو وقف على آل جعفر وآل علي فهل يسوى بين أفرادهم، أو يقسم بينهم نصفين؟

قال أبو العباس: أفتيت أنا وطائفة من الفقهاء أنه يقسم بين أعيان الطائفتين. وأفتى طائفة أنه يقسم نصفين فيأخذ آل جعفر النصف وإن كانوا واحدًا وهو مقتضى أحد قولي العلماء (1) .

لو وقف على ابني أخيه يوسف وأيوب. ثم ظهر أن أيوب اسمه صالح، فشك فيه. فإن لم يكن لأخيه ابنان سواهما فحق أيوب ثابت ولا يضر الغلط في اسمه. وإن كانوا ثلاثة بنين ووقع الشك في عين الثالث أخرج بالقرعة في رواية عن أحمد (2) .

وما حصل للأسير من ريع الوقف فإنه يتسلمه ويحفظه وكيله ومن يتنقل بعده جميعًا (3) .

وأفتى تقي الدين باستحقاق الحمل من الوقف أيضًا (4) .

الثمرة للموجود عند التأبير أو بدو الصلاح.

قال ابن عبد القوي: ولقائل أن يقول:.... ليس كذلك، لأن واقف المدرسة ونحوها جعل ريع الوقف في السنة كالجعل على اشتغال من هو في المدرسة عامًا فينبغي أن يستحق بقدر عمله من السنة من ريع الوقف لئلا يفضي إلى أن يحضر الإنسان شهرًا مثلاً فيأخذ مغل جميع الوقف ويحضر غيره باقي السنة بعد ظهور الثمرة (5) فلا يستحق شيئًا

وهذا يأباه مقتضى الوقوف ومقاصدها. قال الشيخ تقي الدين: يستحق

(1) اختيارات ص 181 ف 2/ 251.

(2)

اختيارات ص 181 ف 2/ 252.

(3)

اختيارات ص 182 وإنصاف 7/ 340.

(4)

الإنصاف 7/ 22 ف 2/ 252.

(5)

في الإنصاف العشر.

ص: 97

بحصته من مغله. وقال: من جعله كالولد فقد أخطأ (1) .

ولو أقر الموقوف عليه أنه لا يستحق في هذا الوقف إلا مقدارًا معلومًا ثم ظهر شرط الواقف أنه يستحق أكثر حكم له بمقتضى شرط الواقف، ولا يمنع من ذلك إقراره المتقدم (2) .

ومن زور ولاية لنفسه بإمامة وباشر فيتوجه إن كانت ولايته شرطًا لاستحقاقه لم يستحق، وإلا خرج على صحة إمامته. وقال شيخنا: له أجر مثله، وأطلق، كمن ولايته فاسدة بغير كذبه لا ما يستحقه عدل بولاية شرعية (3) .

ومن أكل المال بالباطل قوم لهم رواتب أضعاف حاجاتهم، وقوم لهم جهات معلومها كثير يأخذونه ويستنيبون بيسير (4) .

وإذا مات شخص من مستحقي الوقف وجهل شرط الواقف صرف إلى جميع المستحقين بالسوية (5) .

وقد أنكر بعض المقلدين على شيخ الإسلام في تدريسه بمدرسة ابن الحنبلي وهي وقف على الحنابلة والمجتهد ليس منهم. فقال: إنما أتناول ما أتناوله منها على معرفتي بمذهب أحمد، لا على تقليدي له (6) .

واختار الشيخ تقي الدين فيما إذا وقف على أقرب قرابته استواء الأخ من الأب والأخ من الأبوين (7) .

(1) إنصاف 7/ 84 ف 2/ 252.

(2)

اختيارات ص 181 ف 2/ 252.

(3)

الفروع ج 2/ 17 ف 2/ 252.

(4)

اختيارات 178 ف 2/ 252.

(5)

اختيارات ص 181 ف 2/ 252.

(6)

إعلام ج 2/ 222، 223 ف 2/ 253.

(7)

إنصاف 6/ 99 ف 2/ 253.

ص: 98

قال: ومن شرط في القربات أن يقدم فيها الصنف المفضول فقد شرط خلاف شرط الله كشرطه في الإمامة تقديم غير الأعلم. والناظر منفذ لما شرطه الواقف (1) .

وإذا شرط في استحقاق ريع الوقف العزوبة فالمتأهل أحق من العزب إذا استويا في سائر الصفات (2) .

قال شيخنا: ليس له أن يستأجر الوقف زيادة على شرط الواقف ولا يغيره لمصلحة نفسه؛ بل إذا غيره لمصلحة نفسه ألزم بإعادته إلى مثل ما كان وبضمان ما فوته من غير منفعة، وعلى ولاة الأمور إلزامه بما يجب عليه، فإن أبي عوقب بحبس وضرب ونحوه؛ فإن المدين يعاقب بذلك فكيف بمن امتنع من فعل واجب مع تقدم ظلم؟ (3) .

ومن عمر وقفًا بالمعروف ليأخذ عوضه فله أخذه من غلته (4) .

وقال شيخنا فيمن نزل عن وظيفة الإمام: لا يتعين المنزول له، ويولي من له الولاية من يستحق التولية شرعًا (5) .

ومن وقف مدرسة على مدرس وفقهاء فلناظر ثم الحاكم تقدير أعطيتهم. فلو زاد النماء فهو لهم. والحكم بتقديم مدرس أو غيره باطل ولو نفذه حكام.

وإن قيل: إن المدرس لا يزيد ولا ينقص بزيادة النماء ونقصه كان باطلاً؛ لأنه لهم والقياس أن يسوى بينهم ولو تفاوتوا في المنفعة كالإمام

(1) إنصاف 7/ 56 ف 253.

(2)

اختيارات ص 176 فيه التصريح بأنه أحق زائد عما في المجموع.

(3)

فروع 4/ 581، 583 ف 2/ 154.

(4)

اختيارات 181 ف 2/ 254.

(5)

فروع 4/ 588، ف 2/ 254. وإنصاف 6/ 376 ف 2/ 254.

ص: 99

والجيش في المغنم؛ لكن دل العرف على التفضيل، وإنما قدم القيم لأن ما يأخذه أجرة؛ ولهذا يحرم أخذه فوق أجرة مثله بلا شرط (1) .

وفي الإنصاف بعد قوله باطل ولو نفذه حكام:

إذ لم نعلم أحدًا ممن يعتد به قال به ولا بما يشابهه.

وفيه أيضًا: وبطلانه لمخالفته مقتضى الشرط والعرف أيضًا. وليس تقدير الناظر أمرًا كتقدير الحاكم بحيث لا يجوز له ولا لغيره زيادته ونقصه للمصلحة (2) .

والإمام والمؤذن كالقيم؛ بخلاف المدرس والمتعبد والفقهاء فإنهم من جنس واحد (3) .

إذا جهل شرط الواقف وتعذر العثور عليه قسم على أربابه بالسوية. واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه يرجع في ذلك إلى العرف والعادة وهو الصواب (4) .

ومن شرط لغيره النظر إن مات فعزل نفسه أو فسق فكموته؛ لأنه تخصيصه للغالب ذكره شيخنا (5) . ثم إن صار هو أو الوصي أهلاً عاد كما لو صرح به وكالموصوف ذكره شيخنا (6) .

ومن قدر له الواقف شيئًا أكثر منه أخذه إن استحقه بموجب الشرع. ولو عطل مغل وقف مسجد سنة تقسط الأجرة المستقبلة عليها

(1) اختيارات ص 174 والإنصاف 7/ 65، 2/ 255.

(2)

الإنصاف 7/ 65 ف 2/ 255.

(3)

اختيارات ص 174 ف 2/ 255.

(4)

إنصاف 7/ 87 ف 2/ 255.

(5)

فروع 4/ 593 ف 2/ 255.

(6)

فروع 4/ 595 ف 2/ 255.

ص: 100

وعلى السنة الأخرى، لأنه خير من التعطيل ولا ينقص الإمام بسبب تعطيل الزرع العام (1) .

والناظر إن لم يشترط له شيء ليس له إلا ما يقابل عمله، لا العادة.

واعتبر أبو العباس في موضع جواز أخذ الناظر أجرة عمله مع فقره، كوصي اليتيم. ولا يقدم الناظر بمعلومه بلا شرط (2) . قال: ومتى فرط سقط مما له بقدر ما فوته من الواجب (الفروع ج 4/ 595 إنصاف ج 7/ 63) .

ولا يجوز أن يولي فاسقًا في جهة دينية كمدرسة وغيرها مطلقًا؛ لأنه يجب الإنكار عليه وعقوبته فكيف يولى (3) .

وإن نزل مستحق تنزيلا شرعيًا لم يجز صرفه بلا موجب شرعي (4) .

وقال أيضًا: لا يجوز أن ينزل فاسق في جهة دينية كمدرسة وغيرها مطلقًا؛ لأنه يجب الإنكار عليه وعقوبته فكيف ينزل (5) .

وقال شيخنا: قد تجوز الصلاة خلف من لا يجوز توليته. وليس للناس أن يولوا عليهم الفساق، وإن نفذ حكمه أو صحت الصلاة خلفه.

وقال أيضًا: اتفقت الأئمة على كراهة الصلاة خلفه، واختلفوا في صحتها، ولم يتنازعوا في أنه لا ينبغي توليته.

(1) اختيارات ص 177 فيه زيادة.

(2)

اختيارات ص 175 وفي الإنصاف ج 7/ 61 بعد قوله السنة الأخرى (لتقدم الوظيفة فيهما. وفيه أيضًا بسبب تعطل الزرع بعض العام ج7/ 65.

(3)

اختيارات ص 175 ف 2/ 255.

(4)

اختيارات ص 175 ف 2/ 255.

(5)

فروع ج 4/ 601 ف 2/ 255.

ص: 101

وما بناه أهل الشوارع والقبائل من المساجد فالإمامة لمن رضوه لا اعتراض للسلطان عليهم، وليس لهم صرفه ما لم يتغير حاله، وليس له أن يستنيب إن غاب، ولهم انتساخ كتاب الوقف والسؤال عن حاله. واحتج شيخنا بمحاسبة النبي صلى الله عليه وسلم عامله على الصدقة مع أن له ولاية صرفها والمستحق غير معين فهنا أولى. ونصه: إذا كان متهمًا ولم يرضوا به. ونصب المستوفي الجامع للعمال المتفرقين هو بحسب الحاجة والمصلحة؛ فإن لم تتم مصلحة قبض المال وصرفه إلا به وجب. وقد يستغنى عنه لقلة العمال ومباشرة الإمام والمحاسبة بنفسه، كنصب الإمام للحاكم؛ ولهذا كان عليه الصلاة والسلام في المدينة يباشر الحكم واستيفاء الحساب بنفسه، ويولي مع البعد. ذكره شيخنا.

وسجل كتاب الوقف من الوقف كالعادة. ذكره شيخنا (1) .

وقال أيضًا: من ثبت فسقه أو أقر متصرفًا بخلاف الشرط الصحيح عالمًا بتحريمه قدح فيه، فإما أن ينعزل أو يضم إليه أمين على الخلاف المشهور. ثم إن صار هو أو الوصي أهلاً عاد، كما لو صرح به وكالموصوف (2) .

وله الأجرة من وقت النظر فيه (3) .

ومن لم يقم بوظيفته عزله من له الولاية بمن يقوم بها إذا لم يتب الأول ويلتزم بالواجب (4) .

وإذا رحل وخلى وظيفته شاغرة فتولاها أحد ولاية شرعية ثم عاد الأول بعد مدة فليس له أن ينازعه. وإذا ذكر أن ولي الأمر أذن له أن

(1) الفروع 4/ 599 فيه زيادات ف 2/ 255.

(2)

إنصاف 7/ 63 وتقدم بعض هذه العبارة ف 2/ 255.

(3)

إنصاف 7/ 64 ف 2/ 255.

(4)

إنصاف 7/ 66 ف 2/ 255.

ص: 102

يستنيب فإنه إن كان جائزًا فهو لم يفعله، وإن لم يكن جائزًا لم ينفعه. وإذا أصر على منازعته مع علمه بالتحريم قدح في عدالته (1) .

والذي يتوجه أنه لا يجوز للموقوف عليهم أن يتسلفوا الأجرة؛ لأنهم لم يملكوا المنفعة المستقبلة ولا الأجرة عليها. وعلى هذا فلهم أن يطلبوا الأجرة من المستأجر لأنه فرط. ولهم أن يطالبوا الناظر (2) .

ومأخذ الوقف المنقطع: أن الوقف هل يصح توقيته بغاية مجهولة أو غير مجهولة؟

فعلى قول من قال: لا يزال وقفًا لا يصح توقيته. وعلى قول من قال: يعود ملكًا يصح توقيته، فإن غلب جانب التحريم فالتحريم لا يتوقت؛ لأنه ليس له شريك. وإن غلب جانب التمليك فتوقيت جميعه قريب من توقيته على بعض البطون، كما لو قال: هذا وقف على زيد سنة ثم على عمرو سنة ثم على بكر سنة.

وضابط الأقوال في الوقف المنقطع: إما على جميع الورثة، وإما على العصبة، وإما على المصالح، وإما على الفقراء والمساكين منهم.

وعلى الأقوال الأربعة؛ فإما وقف، وإما ملك. فهذه ثمانية. ومنها أربعة في الأقارب. وهل يختص به فقراؤهم؟ فيصير فيهم ثمانية. والثالث عشر تفصيل ابن موسى أنه إذا رجع إلى جميع الورثة يكون ملكًا بينهم على فرائض الله؛ بخلاف رجوعه إلى العصاة قال أبو العباس: وهذا أصح وأشبه بكلام أحمد (3) .

وتجب عمارته بحسب البطون ذكره شيخنا. وذكر غيره: لا تجب

(1) مختصر الفتاوى 606 ف 2/ 256.

(2)

اختيارات 178 ف 2/ 256 وتقدم.

(3)

اختيارات ص 273 ف 2/ 256.

ص: 103

كالطلق. وتقدم عمارته على أرباب الوظائف. وقال شيخنا الجمع بينهما بحسب الإمكان أولى؛ بل قد يجب (1) .

وذكر في القاعدة الثالثة والخمسين بعد المائة: أن الشيخ تقي الدين اختار فيما إذا وقف على ولده دخول ولد الولد في الوقف دون الوصية، وفرق بينهما (2) .

وإن وقف على عقبه أو ولد ولده أو ذريته دخل فيه ولد البنين. ونقل عنه لا يدخل فيه ولد البنات، قال في الفائق: اختاره الخرقي والقاضي وابن عقيل والشيخان يعني بهما المصنف والشيخ تقي الدين (3) .

وقال الشيخ تقي الدين: ذوو طبقته إخوته وبنو عمه ونحوهم، ومن هو أعلى منه عمومته ونحوهم، ومن هو أسفل منهم ولده وولد إخوته وطبقتهم (4) .

ولو قال: وقفت على أولادي ثم أولادهم الذكور والإناث ثم أولادهم الذكور وإن سفلوا فإن أحد الطبقة الأولى لو كانت بنتًا فماتت ولها أولاد فما استحقته قبل موتها فلهم.

ولو قال: ومن مات عن غير ولد فنصيبه لأخويه ثم نسلهم وعقبهم ممن لم يعقب ومن أعقب ثم انقطع عقبه.

وقول الواقف: «ومن مات من غير نسل» يعود ما كان جاريًا عليه على من هو في درجته وذي طبقته -يقدم الأقرب إلى المتوفى فالأقرب- وهو حرمان الطبقة السفلى فقط لا حرمان العليا (5) .

(1) فروع 4/ 499 فيه زيادة ف 2/ 256.

(2)

إنصاف 7/ 100/ 256.

(3)

إنصاف 7/ 79 زيادة إيضاح.

(4)

إنصاف 7/ 50 ف 2/ 256.

(5)

اختيارات 180 ف 2/ 257.

ص: 104

وعنه: أزواجه من أهله ومن أهل بيته، ذكرها شيخنا. وقال: في دخولهن في آله وأهل بيته روايتان، واختار الدخول، وأنه قول الشريف (1) .

وقال الشيخ تقي الدين: فيما إذا قال: بطنًا بعد بطن ولم يزد شيئًا. هذه المسألة فيها نزاع والأظهر أن نصيب كل واحد ينتقل إلى ولده ثم إلى ولد ولده ولا مشاركة اهـ (2) .

لو وجد في كتاب الوقف أن رجلاً وقف على فلان وعلى بني بنيه واشتبه: هل المراد بني بنيه جمع أو بني بنته واحدة البنات، فقال ابن عقيل في الفنون: يكون بينهما عندنا لتساويهما كما في تعارض البينات. قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: ليس هذا من تعارض البينتين؛ بل هو بمنزلة تردد البينة الواحدة. ولو كان من تعارض البينتين فالقسمة عند التعارض رواية مرجوحة وإلا فالصحيح إما التساقط، وإما القرعة. فيحتمل أن يقرع هنا. ويحتمل أن يرجح بنو البنين لأن العادة أن الإنسان إذا وقف على ولد بنته لا يخص منهما الذكور بل يعم أولادهما؛ بخلاف الوقف على ولد الذكور فإنه يخص ذكورهم كثيرًا كآبائهم، ولأنه لو أراد ولد البنت سماها باسمها أو أشرك بين ولدها وولد سائر بناته. قال: وهذا أقرب إلى الصواب (3) .

وأفتى أيضًا رحمه الله فيمن وقف على أحد أولاده وله عدة أولاد وجهل اسمه أنه يميز بالقرعة (4) .

(1) فروع ج 4/ 615 ف 2/ 257.

(2)

إنصاف 7/ 47 ف 2/ 257.

(3)

إنصاف 7/ 52 ف 2/ 258.

(4)

إنصاف 7/ 53 ف 2/ 258.

ص: 105

وقال الشيخ تقي الدين: يعطي من ليس له أب يعرف ببلاد الإسلام.

قال: ولا يعطي كافرًا (1) .

وإذا زرع البطن الأول من أهل الوقف في الأرض الموقوفة ثم ماتوا وانتقل إلى البطن الثاني كان مبقي إلى أوان جذاذه بأجرة. وقال أبو العباس في موضع آخر: تجعل مزارعة بين الزارع ورب الأرض لنموه من بذر أحدهما وبذر الآخر. وكذا الحكم في أرض الإقطاع المزروعة إذا انتقل إلى مقطع آخر والزرع قائم فيها.

وشجر الجوز الموقوف إن أدرك وإن قطعه في حياة البطن الأول فهو له. فإن مات وبقي في الأرض مدة حتى زاد كانت الزيادة حادثة من منفعة الأرض التي للبطن الثاني والأصل الذي ورث الأول، فإما أن يقسم الزيادة على قدر القسمين، وإما أن يعطي الورثة أجرة الأرض للبطن الثاني.

وإن غرسه البطن الأول من مال الوقف ولم يدرك إلا بعد انتقاله إلى البطن الثاني فهو لهم. وليس لورثة الأول فيه شيء (2) .

ومن وقف وقفًا مستقلاً ثم ظهر عليه دين ولم يمكن وفاء الدين إلا ببيع شيء من الوقف وهو في مرض الموت بيع باتفاق العلماء. وإن كان الوقف في الصحة فهل يباع لوفاء الدين؟ فيه خلاف في مذهب أحمد وغيره، ومنعه قوي.

قال: وليس هذا بأبلغ من التدبير وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم باع المدبر في الدين. والله أعلم.

(1) إنصاف 7/ 94 ف 2/ 258.

(2)

اختيارات 178 ف 2/ 258.

ص: 106

وإذا وقف الواقف وعليه دين مستغرق وأثبت عند الحاكم ولم يتعرض لصحة الوقف ولم يعلم الموقوف عليهم ثم مات الواقف فرد الموقوف إلى الموقوف عليهم وطلب أرباب الديون ديونهم ورفعت القضية إلى حاكم يرى بطلان هذا الوقف من جهة شرط النظر لنفسه وكونه يستغرق الذمة بالدين وكونه لم يخرجه من يده فهل يجوز نقضه؟ فيقال حكم الحاكم بما قامت به البينة والقضاء بموجبه والإلزام بمقتضاه لا يمنع الحاكم الثاني الذي عنده أن الواقف كانت ذمته مشغولة بالديون حين الوقف أن يحكم بمذهبه في بطلان هذا الوقف، ويصرف المال إلى الغرماء المستحقين للوفاء. فإن الحاكم الأول في وجوه هؤلاء الخصوم ونوابهم لا يتضمن حكمه عمله بهذا الفصل المختلف فيه. وإذا صادف حكمه مختلفًا فيه لم يعلمه ولم يحكم فيه جاز نقضه (1) .

لو شرط في الوقف أن يبيعه بطلا. وقيل: يبطل الشرط. قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: يصح في الكل نقله عنه في الفائق (2) .

قال الشيخ تقي الدين: يجب بيعه بمثله مع الحاجة، وبلا حاجة يجوز بخير منه لظهور المصلحة. ولا يجوز بمثله لفوات التعيين بلا حاجة (3) .

وجوز جمهور العلماء تغيير صورة الوقف للمصلحة كجعل الدور حوانيت والحكورة المشهورة.

ولا فرق بين بناء وبناء وعرصة بعرصة (4) .

(1) اختيارات ص 179 فيه زيادة ف 2/ 258، 259.

(2)

الإنصاف 7/ 25 واختيارات ص 182 ف 2/ 259.

(3)

إنصاف 7/ 104 فيه زيادة ف 2/ 259، 260.

(4)

اختيارات ص 181، 182 ف 2/ 262.

ص: 107