الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك إذا ظهر الزوج معيبًا فللزوجة الرجوع عليه بنقص مهر المثل، وكذا في فوات شرطها (1) .
قال شيخنا: وإن جهل فساد النكاح لتغرير غار كأخته من رضاع فالمهر على الغار (2) .
باب نكاح الكفار
والصواب أن أنكتحهم المحرمة في دين الإسلام حرام مطلقًا، إذا لم يسلموا عوقبوا عليها.
وإن أسلموا عفي لهم عن ذلك لعدم اعتقادهم تحريمه (3) .
واختلف في الصحة والفساد. والصواب أنها صحيحة من وجهين:
فإن أريد بالصحة إباحة التصرف فإنما يباح لهم بشرط الإسلام.
وإن أريد نفوذه وترتيب أحكام الزوجية عليه: من حصول الحل به للمطلق ثلاثًا، ووقع الطلاق فيه، وثبوت الإحصان به فصحيح.
وهذا مما يقوي طريقة من فرق بين أن يكون التحريم لغير المرأة أو لوصف؛ لأن ترتيب هذه الأحكام على نكاح المحارم بعيد جدًا.
وقد أطلق أبو بكر وابن أبي موسى وغيرهما صحة أنكحتهم مع تصريحهم بأنه لا يحصل الإحصان بنكاح ذوات المحارم.
ولو قيل: إن من لم يعلم التحريم فهو في ملك المحرمات بمنزلة
أهل الجاهلية، كما قلنا في إحدى الروايتين إن من لم يعلم الواجبات
(1) الإنصاف 8/ 201 ف 2/ 292.
(2)
فروع 5/ 224 ف 2/ 292.
(3)
اختيارات 224 والإنصاف 8/ 207 ف 2/ 293.
فهو فيها كأهل الجاهلية فلا يجب عليهم القضاء، كذلك أولئك تكون عقودهم وأفعالهم بمنزلة عقود أهل الجاهلية، فإذا اعتقدوا أن النكاح بلا ولي ولا شهود وفي العدة صحيح كان بمنزلة نكاح أهل الجاهلية.
ويحتمل ما نقل عن الصحابة على أن المعاقد لم يعذر لترك تعلمه العلم مع تقصيره، بخلاف أهل البوادي والحديثي العهد بالإسلام ومن قلد فقيهًا فيتوارثون بهذه الأنكحة.
ولو تقاسموا ميراثًا جهلاً فهذا شبيه بقسم ميراث المفقود إذا ظهر حيًا لا يضمنون ما أتلفوا، لأنهم معذورون. وأما الباقي فيفرق بين المسلم والكافر، كما فرقنا في أموال القتال بينهما، فإن الكافر لا يرد باقيًا، ولا يضمن تالفًا والمسلم يرد الباقي، ويضمن التالف. وعلى قياسه كل متلف معذور في إتلافه بتأويل أو جهل (1) .
وإذا أسلم الكافر وتحته معتدة فإن كان لم يدخل بها منع من وطئها حتى تنقضي العدة.
وإن كان دخل بها لم يمنع من الوطء إلا أن تكون قبل وطئه (2) وعلى التقديرين فلا ينفسخ النكاح.
ويحتمل أن يقال في أنكحة الكفار التي نقضي بفسادها: إن كان حصل بها دخول استقرت، وإن لم يكن حصل دخول فرق بينهما.
وإن أسلم الكافر أو ترافعوا إلينا والمهر فاسد وقبضته الزوجة ودخل بها الزوج استقر.
وإن لم يكن دخل وقبضته فرض لها مهر المثل، ونص عليه الإمام
(1) اختيارات 224، 225 زيادات وإيضاح ف 2/ 293.
(2)
كذا بالأصل المطبوع.
أحمد في رواية ابن منصور؛ لأنا إنما نقر تقابض الكفار في المشهور إذا كان من الطرفين. فإذا قبضت الخمر أو الخنزير قبل الدخول لم يحصل التقابض من الطرفين، فأشبه ما لو باع خمرًا بثمن وقبضها ثم أسلم فإنا لم نحكم له بالثمن. فكذا هنا، وإن لم تقبضه فرض لها مهر المثل؛ فإن كان من مثلها محرمًا مثل أن كان عادتهم التزويج على خمر أو خنزير يحتمل وجهين. أحدهما: أن يجعل وجود ذلك كعدمه، ويكون كمن لا أقارب لها فينظر في عادة أهل البلد، وإلا فأقرب البلاد. الثاني: أن تعتبر قيمة ذلك عندهم. وفرق أصحابنا في غير هذا الموضع بين الخمر والخنزير، فكذا ههنا، فيخرج أن لها في الخنزير مهر المثل، وفي الخمر القيمة.
وحيث وجبت القيمة فإن اتفقا عليها فلا كلام. وإن اختلفا فإن قامت بنية للمسلمين بالقيمة عندهم بأن يكون ذلك المسلم يعرف سعر ذلك عندهم قضي به، وإلا فالقول قول الزوج مع يمينه. وإن لم يكن سمى لها صداقًا فرض لها مهر المثل. ويتوجه أن الإسلام والترافع إن كانا قبل الدخول فلها ذلك، كما لو كان على محرم وأولى. وإن كان بعد الدخول فإيجاب مهرها فيه نظر؛ فإن الذين أسلموا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بعض أنكحتهم شغار ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا منهم بإعطاء زوجه مهرًا.
وإن أسلمت الزوجة والزوج كافر ثم أسلم قبل الدخول أو بعد الدخول فالنكاح باق ما لم تنكح غيره. والأمر إليها، ولا حكم له عليها، ولا حق لها عليه؛ لأن الشارع لم يفصل، وهو مصلحة محضة، وكذا إن أسلم قبلها، وليس له حبسها، فمتى أسلمت ولو قبل الدخول أو بعده فهي امرأته إن اختار (1) .
(1) والفروع 5/ 247، والإنصاف 8/ 213.
ونقل عنه ابن منصور في نصراني تزوج نصرانية على قلة تمر ثم أسلما: فإن دخل بها فهو جائز، وإن لم يدخل بها فلها صداق مثلها. وظاهر هذا أنه قبل الدخول يجب مهر المثل بكل حال وإن قبضت المحرم. قال أبو العباس: وهو قوي؛ إذ تقابض الكفار إنما يمضي على المشهور إذا وجد عن الطرفين، وهنا البضع لم يقبض (1) .
وكذا إن ارتد الزوجان أو أحدهما ثم أسلما أو أحدهما.
وإن ادعا الزوجان سبق أحدهما بالإسلام ولم يعلم عينه فللزوجة نصف المهر، قاله أبو الخطاب تفريعًا على رواية أن لها نصف المهر إن كان هو المسلم.
وقال القاضي: إن لم تكن قبضته لم يجز أن تطالبه بشيء. وإن كانت قبضته لم يرجع عليها فيما فوق النصف. وقياس المذهب هنا القرعة.
قال أبو العباس: وقياس المذهب فيما أراه أن الزوجة إذا أسلمت قبل الزوج فلا نفقة لها؛ لأن الإسلام سبب يوجب البينونة. والأصل عدم إسلامه في العدة فإذا لم يسلم حتى انقضت العدة تبينا وقوع البينونة بالإسلام، ولا نفقة عندنا للبائن، وإن أسلم قبل انقضائها فههنا يخرج وجهًا له.
وإن أسلم الكافر وله ولد صغير تبعه في الإسلام.
فإن كان تحت الصغير أكثر من أربع نسوة، فقال القاضي: ليس لوليه الاختيار منهن؛ لأنه راجع إلى الشهوة والإرادة. ثم قال في «الجامع» : يوقف الأمر حتى يبلغ فيختار. وقال في المجرد: حتى يبلغ عشر سنين. وقال ابن عقيل: حتى يراهق ويبلغ أربع عشرة سنة.
(1) الزركشي 5/ 227 ف 2/ 293.
وقال أبو العباس: الوقف هنا ضعيف؛ لأن الفسخ واجب فيقوم الولي مقامه في التعيين كما يقوم مقامه في تعيين الواجب عليه من المال في الزكاة وغيرها (1) .
ولو أسلم وتحته أربع نسوة فأسلمن معه اختار منهن أربعًا وفارق سائرهن، وليس طلاق إحداهن اختيارًا لها في الأصح (2) .
لو أسلم على أكثر من أربع أو على أختين فاختار أربعًا أو إحدى الأختين فقال المصنف والشارح: يعتزل المختارات ولا يطأ الرابعة حتى تنقضي عدة المفارقة فلو كن خمسًا ففارق إحداهن فله وطء ثلاث من المختارات ولا يطأ الرابعة حتى تنقضي عدة المفارقة وعلى ذلك فقس، وكذلك الأخت. قال الشيخ تقي الدين في شرح المحرر: وفي هذا نظر؛ فإن ظاهر السنة يخالف ذلك. قال: وقد تأملت كلام عامة أصحابنا فوجدتهم قد ذكروا أنه يمسك أربعًا ولم يشترطوا في وطئه انقضاء العدة، لا في جمع العدد، ولا في جمع الرحم، ولو كان هذا أصل عندهم لم يغفلوه؛ فإنهم دائمًا ينبهون في مثل هذا على اعتزال الزوجة؛ كما ذكره الإمام أحمد فيما إذا وطئ أخت امرأته بنكاح فاسد أو زنا بها. وقال هذا هو الصواب فإن هذه العدة تابعة لنكاحها وقد عفا الله عن جميع نكاحها، فكذلك يعفو عن توابع ذلك النكاح. وهذا بعد الإسلام لم يجمع عقدًا ولا وطئًا. انتهى (3) .
وإن طلق الجميع ثلاثًا أقرع بينهن فأخرج بالقرعة أربعًا منهن وله نكاح البواقي
…
واختار الشيخ تقي الدين أن الطلاق هنا فسخ ولا يحتسب به من الطلاق الثلاث وليس باختيار (4) .
(1) وإنصاف 8/ 217.
(2)
اختيارات 225-227 من قوله ويحتمل أن يقال ف 2/ 293.
(3)
إنصاف 8/ 218 ف 2/ 293.
(4)
إنصاف 8/ 221 ف 2/ 293.
وإن ظاهر أو آلى من إحداهن فهل يكون اختيارًا لها؟ على وجهين. أحدهما: لا يكون اختيارًا وهو المذهب. قال الشيخ تقي الدين: وهو الذي ذكره القاضي في «الجامع» و «المجرد» وابن عقيل (1) .
ولو تزوج المرتد كافرة مرتدة كانت أو غيرها، أو تزوج المرتدة كافر ثم أسلما فالذي ينبغي أن يقال هنا: إنا نقرهم على نكاحهم أو مناكحهم، كالحربي إذا نكح نكاحًا فاسدًا ثم أسلما فإن المعنى واحد. وهذا جيد في القياس إذا قلنا: إن المرتد لا يؤمر بقضاء ما تركه في الردة من العبادات؛ لكن طرده: أنه لا يحد على ما ارتكبه في الردة من المحرمات، وفيه خلاف في المذهب. وإن كان المنصوص أنه يحد.
فأما إذا قلنا أنه يؤمر بقضاء ما تركه من الواجبات ويضمن ما أتلفه ويعاقب على ما فعله من المحرمات ففيه نظر.
ومما يدخل في هذا كل عقود المرتدين إذا أسلموا قبل التقابض أو بعده. وهذا باب واسع يدخل فيه جميع أحكام أهل الشرك في النكاح وتوابعه والأموال وتوابعها لو استولوا على مال مسلم أو تقاسموا ميراثًا ثم أسلموا بعد ذلك والدماء وتوابعها (2) .
قوله: وإن أسلم الزوجان معًا فهما على نكاحهما. قال الشيخ تقي الدين: يدخل في المعية لو شرع الثاني قبل أن يفرغ الأول (3) .
وإن كانت الردة بعد الدخول فهل تتعجل الفرقة أو تقف على انقضاء العدة؟ على روايتين. واختار الشيخ تقي الدين هنا مثل اختياره فيما إذا أسلم أحدهما بعد الدخول كما تقدم (4) .
(1) إنصاف 8/ 222 ف 2/ 293.
(2)
اختيارات 215، 216 ف 2/ 293.
(3)
إنصاف 8/ 110 ف 2/ 293.
(4)
إنصاف 8/ 216 ف 2/ 293.