الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب العشرة
وكلام القاضي في التعليق يقتضي أن التمكين من القبلة ليس بواجب على الزوجة.
قال أبو العباس: وما أراه صحيحًا؛ بل تجبر على تمكينه من جميع أنواع الاستمتاع المباحة (1) .
قال ابن القيم رحمه الله: وقد اختلف الفقهاء: هل يجب على الزوج مجامعة امرأته؟
فقالت طائفة: لا يجب عليه ذلك. إلى أن قال:
وقال طائفة: يجب عليه وطؤها في العمر مرة واحدة ليستقر لها بذلك الصداق.
وقال طائفة ثالثة: بل يجب عليه أن يطأها بالمعروف، كما ينفق عليها ويكسوها ويعاشرها بالمعروف؛ بل هذا عمدة المعاشرة ومقصودها، وقد أمر الله سبحانه وتعالى أن يعاشرها بالمعروف، فالوطء داخل في هذه المعاشرة ولا بد.
قالوا: وعليه أن يشبعها وطأ إذا أمكنه ذلك، كما عليه أن يشبعها قوتًا.
وكان شيخنا رحمه الله تعالى يرجح هذا القول ويختاره (2) .
ويجب على الزوج وطء امرأته بقدر كفايتها ما لم ينهك بدنه أو يشغله عن معيشته من غير مقدر (3) بأربعة أشهر كالأمة. فإن تنازعا فينبغي أن يفرضه الحاكم كالنفقة، وكوطئه إذا زاد (4) .
(1) إنصاف 8/ 362 ف 2/ 299.
(2)
روضة المحبين ص 215 هذا أبسط مما في المجموع ف 2/ 299.
(3)
وفي الإنصاف من غير تقدير بمدة.
(4)
اختيارات 246 فيه زيادة ف 2/ 299، 300.
وإذا احتاجت أمته إلى النكاح فإما أن يطأها أو يزوجها (1) .
ويتخرج من نص الإمام احمد أنه يجوز أن يتزوج الأمة لحاجته إلى الخدمة؛ لا إلى الاستمتاع (2) .
ولو شرط الزوج أن يتسلم الزوجة وهي صغيرة ليحصنها فقياس المذهب على إحدى الروايتين اللتين خرجهما أبو بكر أنها إذا استثنت بعض منفعتها المستحقة عليها بمطلق العقد أو اشترطت عليه زيادة على ما تستحقه بمطلق العقد أنه يصح هذا الشرط، كما لو اشترط في الأمة أن تكون نهارًا عند السيد وقلنا إن ذلك موجب العقد المطلق أو لم نقل فأحد الوجهين أن هذا الشرط للسيد لا عليه، كاشتراط دارها، وهو شرط له وعليه، ولو خرج هذا على اشتراط دارها وهو انه إذا اشترطت دارها لم يكن عليه أجرة تلك الدار لكان متوجهًا.
وإذا كان موجب العقد من التقابض مرده إلى العرف فليس العرف أن المرأة تسلم إليه صغيرة، ولا يستحق ذلك لعدم التمكن من الانتفاع، ولا تجب عليه النفقة، فإنه إذا لم يكن عليه حق في بدنها لعدم تمكنه فلا نفقة لها، إذ النفقة تتبع الحق البدني (3) .
ويحرم وطء الحائض. وإذا تكرر من الزوج الوطء في الفرج لم ينزجر فرق بينهما كما قلنا إذا وطئها في الدبر ولم ينزجر (4) .
ولو تطاوع الزوجان على الوطء في الدبر فرق بينهما. وقاله أصحابنا. وعلى قياسه المطاوعة على الوطء في الحيض (5) .
(1) مختصر الفتاوى 427 ف 2/ 299.
(2)
اختيارات ص 246 ف 299.
(3)
اختيارات 245 ف 2/ 299.
(4)
اختيارات ص27 ف 2/ 299.
(5)
اختيارات 246 فيه زيادة ف 2/ 300.
فصل
المبيت، والقسم
قال أصحابنا: لا يجوز أن تأخذ الزوجة عوضًا عن حقها من المبيت. وكذا الوطء. ووقع في كلام القاضي ما يقتضي جوازه.
قال أبو العباس: وقياس المذهب عندي جواز أخذ العوض عن سائر حقوقها من القسم وغيره؛ لأنه إذا جاز للزوج أن يأخذ العوض عن حقه منها جاز لها أن تأخذ العوض عن حقها منه؛ لأن كلاً منهما منفعة بدنية. وقد نص الإمام أحمد في غير موضع أنه يجوز أن تبذل المرأة العوض ليصير أمرها بيدها. ولأنها تستحق حبس الزوج كما يستحق الزوج حبسها، وهو نوع من الرق فيجوز أخذ العوض عنه.
وقد تشبه هذه المسألة الصلح عن الشفعة وحد القذف (1) .
ويتوجه أن لا يتقدر قسم الابتداء الواجب، كما لا يتقدر الوطء؛ بل يكون بحسب الحاجة. فإنه قد يقال: جواز التزوج بأربع لا يقتضي أنه إذا تزوج بواحدة يكون لها حال الانفراد ما لها حال الاجتماع. وعلى هذا فتحمل قصة كعب بن سوار على أنه تقدير شخص لا يراعي، كما لو فرض النفقة.
وقول أصحابنا: يجب على الرجل المبيت عند امرأته ليلة من أربع. فهذا المبيت يتضمن شيئين. أحدهما: المجامعة في المنزل. والثانية في المضجع وقوله تعالى: {واهجروهن في المضاجع} [34/4] مع قوله صلى الله عليه وسلم: «ولا تهجر إلا في المضجع» دليل على وجوب المبيت
في المضجع، ودليل على أنه لا يهجر المنزل. ونص أحمد في الذي يصوم النهار ويقوم الليل يدل على وجوب المبيت في المضجع، وكذا ما
(1) اختيارات 246 ف 2/ 300.
ذكروه في النشوز إذا نشزت هجرها في المضجع. دليل على أنه لا يفعله بدون ذلك.
وحصول الضرر للزوجة بترك الوطء مقتضي للفسخ بكل حال، سواء كان بقصد من الزوج أو بغير قصد ولو مع قدرته وعجزه كالنفقة وأولى. للفسخ بتعذره في الإيلاء إجماعًا.
وعلى هذا فالقول في امرأة الأسير والمحبوس ونحوهما ممن تعذر انتفاع امرأته به إذا طلبت فرقته كالقول في امرأة المفقود بالإجماع كما قاله أبو محمد المقدسي.
قال أصحابنا: ويجب على الزوج أن يبيت عند زوجته الحرة ليلة من أربع وعند الأمة ليلة من سبع أو ثمان على اختلاف الوجهين.
ويتوجه على قولهم: إنه يجب للأمة ليلة من أربع؛ لأن التنصيف إنما هو في قسم الابتداء، فلا يملك الزوج بأكثر من أربع. وذلك أنه إذا تزوج بأربع إماء فهن في غاية عدده. فتكون الأمة كالحرة في قسم الابتداء. وأما في قسم التسوية فيختلفان إذا جوزنا للحر أن يجمع بين ثلاث حرائر وأمة في رواية.
وأما على الرواية الأخرى فلا يتصور ذلك.
وأما العبد فقياس قولهم أنه يقسم للحرة ليلة من ليلتين، وللأمة ليلة من ثلاث أو أربع، ولا يتصور أن يجمع عنده أربعًا على قولنا وقول الجمهور. وعلى قول مالك يتصور.
قال أصحابنا: ويجب وطء المعيبة كالبرصاء والجذماء إذا لم يجز الفسخ، وكذلك يجب عليها تمكين الأبرس والأجذم. والقياس وجوب ذلك. وفيه نظر؛ إذ من الممكن أن يقال عليها وعليه في ذلك ضرر؛ لكن إذا لم تمكنه فلا نفقة لها. وإذا لم يستمتع بها فلها الفسخ، ويكون المثبت للفسخ هنا عدم وطئه، فهذا يعود إلى وجوبه.
وينفق على المجنون المأمون وليه. والأشبه أنه من يملك الولاية على بدنه؛ لأنه يملك الحضانة. فالذي يملك تعليمه وتأديبه الأب ثم الوصي.
قال أصحابنا: ويأثم إن طلق إحدى زوجتيه وقت قسمها. وتعليلهم يقتضي أنه إذا طلقها قبل مجيء نوبتها كان له ذلك. ويتوجه أن له الطلاق مطلقًا؛ لأن القسم إنما يجب ما دامت زوجة كالنفقة. وليس هو شيء مستقر في الذمة قبل مضي وقته حتى يقال هو دين. نعم: لو لم يقسم لها حتى خرجت الليلة التي لها وجب عليها القضاء، فلو طلقها قبله كان عاصيًا. ولو أراد أن يقضيها عن ليلة من ليالي الشتاء ليلة من ليالي الصيف كان لها الامتناع لأجل تفاوت ما بين الزمانين (1) .
وقال شيخنا: خرج ابن عقيل قولاً: لها الفسخ بالغيبة المضرة بها ولو لم يكن مفقودًا، كما لو كوتب فلم يحضر بلا عذر. وفي المغني: في امرأة من علم خبره كأسير ومحبوس لها الفسخ بتعذر النفقة من ماله وإلا فلا إجماعًا. قال شيخنا: لا إجماع. وإن تعذر الوطء لعجز كالنفقة وأولى. للفسخ بتعذره (ع) في الإيلاء، وقاله أبو يعلى الصغير. وقال أيضًا: حكمه كعنين (2) .
وللزوج منع الزوجة من الخروج من منزله. فإذا نهاها لم تخرج لعيادة مريض محرم لها أو شهود جنازته. فأما عند الإطلاق فهل لها أن تخرج لذلك إذا لم يأذن ولم يمنع كعمل الصناعة. أو لا تفعل إلا بإذن كالصيام؟ تردد فيه أبو العباس (3) .
(1) اختيارات 247، 248 ف 2/ 300، 301.
(2)
فروع 5/ 322 فيه زيادة عما في الاختيارات ف 2/ 300، 301.
(3)
اختيارات 246 ف 2/ 300.
وكلام الإمام أحمد يدل على أنه ينهى عن الإذن للذمية بالخروج إلى الكنيسة والبيعة؛ بخلاف الإذن للمسلمة إلى المسجد، فإنه مأمور بذلك. وكذا قال في المغني: إن كانت زوجته ذمية فله منعها من الخروج إلى الكنيسة وإن كانت مسلمة فقال القاضي: له منعها من الخروج إلى المسجد، وظاهر الحديث يمنعه من منعها (1) .
قال شيخنا فيمن حبسته بحقها: إن خاف خروجها بلا إذنه أسكنها حيث لا يمكنها، فإن لم يكن له ما يحفظها غير نفسه حبست معه. فإن عجز عن حفظها أو خيف حدوث شر أسكنت في رباط ونحوه. ومتى كان خروجها مظنة للفاحشة صار حقًا لله تعالى يجب على ولي الأمر رعايته (2) .
ولو سافر بإحداهن بغير قرعة. قال أصحابنا: يأثم ويقضي. والأقوى: أنه لا يقضي، وهو قول الحنفية والمالكية (3) .
وعليه أن يسوي بين نسائه في القسم. وقال الشيخ تقي الدين: يجب عليه التسوية فيهما أيضًا (النفقة والكسوة) وقال: كما علل القاضي عدم الوجوب بقوله: لأن حقهن في النفقة والكسوة والقسم وقد سوى بينهما وما زاد على ذلك فهو تطوع فله أن يفعله إلى من شاء. قال: موجب هذه العلة أن له أن يقسم للواحدة ليلة من أربع لأنه الواجب ويبيت الباقي عند الأخرى. اهـ (4) .
وذكر القاضي أنه إذا وفى الثانية من حقها ونصفها من حق الأخرى فيثبت للجديدة في مقابلة ذلك نصف ليلة بإزاء ما حصل لكل واحدة من
(1) اختيارات 246 ف 2/ 300.
(2)
فروع 5/ 328 وتقدم ف 2/ 300.
(3)
اختيارات 249 وبعضه في الإنصاف 8/ 371 ف 2/ 301.
(4)
الإنصاف 8/ 364 ف 2/ 301.