المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ظاهر كلام المصنف أن إرث المعتق له خاصة وهو صحيح، - المستدرك على مجموع الفتاوى - جـ ٤

[ابن تيمية]

الفصل: ظاهر كلام المصنف أن إرث المعتق له خاصة وهو صحيح،

ظاهر كلام المصنف أن إرث المعتق له خاصة وهو صحيح، وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب قاله الشيخ تقي الدين (1) .

‌باب العتق

لو قال: أنت حر بمائة أو بعتك نفسك بمائة. فقبل: عتق ولزمته المائة وإلا فلا.

وإن لم يقبل لم يعتق عند الأصحاب وقطعوا به. وخرج الشيخ تقي الدين وجهًا أنه يعتق بغير شيء، كما لو قال لها: أنت طالق بألف (2) .

ولو وصى بعبده ثم دبره، ففيه وجهان: أشهرهما أنه رجوع عن الوصية. والثاني: ليس برجوع. فعلى هذا فائدة الوصية به أنه لو أبطل تدبيره بالقول لا يستحقه الموصى له. ذكره في «المغني» . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله: ينبني على أن التدبير هل هو عتق بصفة أو وصية. فإن قلنا هو عتق بصفة قدم على الموصى به وإن قلنا: هو وصية فقد ازدحمت وصيتان في هذا العبد فينبني على الوصايا المزدحمة إذا كان بعضها عتق هل تقدم أم يتحاص العتق وغيره على روايتين: فإن قلنا بالمحاصة فهو كما لو دبر نصفه ووصى بنصفه، ويصح ذلك على المنصوص. اهـ (3)

«

فأمرها أن تبدأ بالرجل قبل المرأة» ، قال شيخنا: وتزويجه بها، وعتقه من انعقد سبب حريتها أفضل، ويتوجه في الثانية عكسه (4) .

(1) الإنصاف 7/ 437 ف 2/ 276.

(2)

الإنصاف 7/ 437 ف 2/ 276.

(3)

الإنصاف 7/ 437 ف 2/ 276.

(4)

فروع ج 5/ 77 ف 2/ 276.

ص: 132

وإذا أعتقت جاريتها ونيتها أن تعتقها إذا كانت مستقيمة فبانت زانية جاز لها بيعها، وإن أعتقتها مطلقًا لزمها (1) .

قال شيخنا فيمن عتق برحم: لا يملك بائعه استرجاعه لفلس مشتر (2) .

وإذا أعتق أحد الشريكين نصيبه وهو موسر عتق نصيبه، ويعتق نصيب شريكه بدفع القيمة، وهو قول طائفة من العلماء. وإن كان معسرًا عتق كله واستسعى العبد في باقي قيمته، وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها بعض أصحابه.

والمالك إذا استكره عبده على الفاحشة عتق عليه، وهو أحد القولين في المذهب.

وقال بعض السلف: يبنى على القول بالعتق بالمثلة (3) .

وإذا استكره أمة امرأته على الفاحشة عتقت وغرم مثلها لسيدتها، وقاله الإمام أحمد في رواية إسحاق؛ بخبر سلمة بن المحبق. وكذا أمة غير امرأته، وإلا أن يفرق بين أمة امرأته وغيرها بفرق شرعي، وإلا فموجب القياس التسوية. وإن لم يكرهها لم تعتق وضمنها لسيدتها.

ومن مثل بعبد غيره يتوجه أن يعتق عليه، ويضمن قيمته لسيده، كما دل عليه حديث المستكره لأمة امرأته؛ فإنه يدل على أن الاستكراه تمثيل، وأن التمثيل يوجب العتق ولو بعبد الغير. ويدل أيضًا على أن من تصرف بملك الغير على وجه يمنعه من الانتفاع به فإن له المطالبة بقيمته. قال أبو العباس: ما أعرف للحديث وجهًا إلا هذا (4) .

(1) مختصر الفتاوى 552 ف 2/ 276.

(2)

فروع 5/ 81 ف 2/ 277.

(3)

قوله: والمالك إلى قوله بالمثلة. هذان السطران من الإنصاف ج7/ 407.

(4)

اختيارات ص198، 199 فيه زيادة واختصار ف 2/ 276.

ص: 133

قال شيخنا في مسلم بجيش ببلاد التتار أبى بيع عبده وعتقه ويأمره بترك المأمور وفعل المنهي فهروبه منه إلى بلاد الإسلام واجب؛ فإنه لا حرمة لهذا ولو كان في طاعة المسلمين، والعبد إذا هاجر من أرض الحرب فهو حر.

وقال: ولو لم تلائم أخلاق العبد أخلاق سيده لزمه إخراجه من ملكه، لقوله صلى الله عليه وسلم:«فما لا يلائمكم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله» (1) .

وأطلق الخرقي وكثير من الأصحاب أن الولاء للمعتق. قال أبو العباس: بناء على أنه يشترط دخول الكفارة ونحوها في ملك من ذلك عليه (2) .

والعبد الذي يعتق من مال الفيء والمصالح يحتمل أن يقال: لا ولاء عليه لأحد، بمنزلة عبد الكافر إذا أسلم وهاجر. ويحتمل أن يقال: الولاء عليه للمسلمين.

وعلى هذا فإذا اشترى السلطان رقيقًا ونقد ثمنه من بيت المال ثم أعتقه كان الملك فيه ثابتًا للمسلمين، ولا يكون لأحد عليه ولاية، مع عدم نسب لهم في بيت المال؛ لأن ولاءه إما لبيت المال استحقاقًا أو لكونه لا وارث له فيوضع ماله في بيت المال، وليس ميراثه لورثة السلطان؛ لأنه اشتراه بحكم الوكالة، لا بحكم المالك. ولو احتمل أن يكون اشتراه لنفسه وأن يكون اشتراه للمسلمين حمل تصرفه على الجائز وهو شراؤه للمسلمين دون الحرام وهو شراؤه لنفسه من بيت المال وهو ممتنع. ولو عرف أنه اشتراه لنفسه من بيت مال المسلمين حكم بأن

الملك للمسلمين، لا له؛ لأن له ولاية الشراء للمسلمين من بيت مالهم

(1) فروع 5/ 704 ف 2/ 276.

(2)

الزركشي ج 4/ 552 ف 2/ 276.

ص: 134

فإذا اشترى بمالهم شيئًا كان لهم دونه، ونية الشراء لنفسه بمالهم محرمة فتلغى ويصير كأن العقد عري عنها (1) .

المكاتب

والأشبه بالمذهب صحة الخيار والكتابة. ولو قيل بصحة شرط الخيار في الكتابة لم يبعد. وأما شرط الخيار في التعليقات فلا.

ويجوز شرط وطء المكاتبة، ونص عليه الإمام أحمد.

ويتوجه على هذا جواز وطئها بلا شرط بإذنها. وعلى قياس هذا يجوز أن يشترط الراهن وطء المرتهنة (2) .

وذكر القاضي أن العبد المكاتب له الخيار على التأبيد، بخلاف سيده. قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: وفي هذا نظر (3) .

وقال في الفائق: ولو أدى ثلاثة أرباعه وعجز عن ربعه لم يعتق في أحد الوجهين، واختاره الشيخ تقي الدين (4) .

أم الولد

ولا تعتق أم الولد إلا بموت سيدها. ويجوز لسيدها بيعها، وهو رواية عن الإمام أحمد.

وهل للخلاف في جواز بيعها شبهة؟ فيه نزاع، والأقوى أن له شبهة. وينبني عليه ما لو وطئ الجارية معتقدًا تحريمه: هل يلحقه النسب، أو يرجم رجم المحصن؟ أما التعزير فواجب (5) .

(1) اختيارات 199، 200 ف 2/ 276 وتقدم الحكم فيها إذا وصى بعبده ثم دبره.

(2)

اختيارات ص 199 ف 2/ 277.

(3)

الإنصاف 7/ 475 ف 2/ 277.

(4)

الإنصاف 7/ 479 ف 2/ 277.

(5)

اختيارات ص 200 والإنصاف ف 7/ 495 ف 2/ 277.

ص: 135

نص الإمام أحمد فيمن اشترى جارية حاملاً من غيره فوطئها أن الولد لا يلحق بالواطئ ولكن يعتق عليه؛ لأن الماء يزيد في الولد، ونقل صالح وغيره يلزمه عتقه، قال الشيخ تقي الدين: يستحب ذلك، وفي وجوبه خلاف في مذهب أحمد وغيره.

وقال أيضًا: يعتق ويحكم بإسلامه، وأنه يسري كالعتق، ولا يثبت نسبه.

قلت: قال في «الفنون» : يجوز بيعها؛ لأنه قول علي بن أبي طالب وغيره من الصحابة وإجماع التابعين لا يرفعه، واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله. قال في الفائق: وهو الأظهر (1) .

وإذا اشترى أم ولد ثم وطئها فهل هذا البيع شبهة في الوطء؟ فيه نزاع والأقوى أنه شبهة فيلحقه الولد، وترد إلى سيدها، لأن عند الأئمة الأربعة لا يجوز بيعها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة: الرجل يؤم القوم وهم له كارهون، ورجل لا يأتي الصلاة إلا دبارًا، ورجل استعبد محررًا» فالرجل الأول يؤم القوم وهم يكرهونه لفسقه أو بدعته فليس له أن يؤمهم، ولو كان بين الإمام والمأمومين معاداة من جنس معاداة أهل الأهواء والمذاهب لم يسغ له أن يؤمهم، لأن في ذلك منافاة لمقصود الصلاة جماعة. وأما الرجل الذي يأتي الصلاة دبارًا: فهو الذي يفوته الوقت. والذي استعبد محررًا: هو الذي يستعبد الحر مثل أن يعتق عبدًا ويجحده، أو يقهره على العبودية فلا تقبل صلاة هؤلاء؛ لأنهم أتوا بذنب يقاوم فعل الصلاة فصار عقاب هذا يقاوم ثواب هذا؛ لأن الأول أدخل عليهم في الصلاة ما يقاوم صلاته. والثاني أخرج الصلاة عن وقتها فعليه إثم التأخير فدخل في قوله تعالى:{الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [5/107] .

(1) الإنصاف 7/ 494، والفروع فيه زيادة ف 2/ 277.

ص: 136

والثالث: يمنع عبد لله أن يجعل نفسه عبد الله، وجعله عبدًا لنفسه، فأي ذنب مثل هذا؟ فلا يقبل لهم صلاة؛ إذ الصلاة المقبولة هي التي يقبلها الله من عبده ويثيب عليها.

ومن وطئ جارية امرأته وتعلق بالحديث الذي فيه عن الحسن، عن عوف، عن أبي الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم: في رجل وقع على جارية امرأته؟ فقال: «إن كان استكرهها فهي حرة وعليه مثلها، وإن كانت طاوعته فهي جاريته وعليه مثلها» فهذا الحديث في «السنن» ، وليس من الأحاديث الواهية. وبعض الناس ضعفه لأن رواته غير مشهورين بالحديث، ولأنه يخالف الأصول من جهة عتق الموطوءة وجعلها للواطئ. وبعضهم رآه حديثًا حسنًا وحكي ذلك عن أحمد وإسحاق، وقالوا: إنه موافق للأصول؛ لأنه يجري مجرى إفسادها على سيدها؛ فإنها إذا طاوعته فقد عطل عليها بذلك نفعها واستخدامها، وإذا أتلف مال غيره ومنع مالكه من التصرف فيه عادة مثل أن يجوع مركوب الحاكم ونحوه مما لا يكون مركوبه عادة، فإنه في مذهب مالك ومن تبعه يصير له وعليه القيمة لمالكه، فوطء الأمة من هذا الباب.

وإذا استكرهها فهو مثل التمثيل بها، ومن مثل بعبده عتق عليه عند مالك وأحمد.

وكذا من جعل استكراه المملوك على التلوط به من هذا الباب؛ فإذا وطئها فقد أتلفها ولزمته القيمة وتصير له، ولأجل أن في استكراهها شبهة تمثيله بها عتقت عليه.

وقوله: «وعليه مثلها» في الموضعين فهو مبني على أن الحيوان هل يضمن بالمثل، أو بالقيمة؟ على قولين للفقهاء الشافعية والحنبلية. فهذا الحديث جار على هذه الأصول.

ولا يملك السيد نقل الملك في أم الولد لا في حياته ولا بعد

ص: 137

موته، ولا يجوز وقفها ولا هبتها ولا غيره. ولا نزاع أنه يجوز له استخدامها ووطئها. وفي جواز إجارتها وتزويجها نزاع: يجوز عند أحمد وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي. والآخر لا يجوز التزويج.

وله قول ثالث: يجوز برضاها، ومالك لا يجوز إجارتها ولا تزويجها.

وإذا سأل فقال: إذا وقفها فهل تكون الدية إذا قتلت وقفًا؟ فيه مغالطة للمفتي لأنه كان ينبغي أن يقال: فهل يصح وقفها، أم لا؟ وعلى التقديرين: ما يكون حكمها؟ فينبغي أن يعزر هذا المستفتي تعزيرًا يردعه فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أغلوطات المسائل. والله أعلم (1) .

(1) مختصر الفتاوى 611، 612 فيها زيادات 611، 612، وآخرها في الفروع أيضًا ج6/ 429 ف 2/ 277.

ص: 138