المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الصداق   ولا يجوز كتابة الصداق على الحرير وقاله ابن عقيل - المستدرك على مجموع الفتاوى - جـ ٤

[ابن تيمية]

الفصل: ‌ ‌باب الصداق   ولا يجوز كتابة الصداق على الحرير وقاله ابن عقيل

‌باب الصداق

ولا يجوز كتابة الصداق على الحرير وقاله ابن عقيل (1) .

ولا يبطل المهر بذلك، واختاره الشيخ تقي الدين وابن عقيل (2) .

وكلام الإمام أحمد في رواية حنبل يقتضي أنه يستحب أن يكون الصداق أربعمائة درهم، وهذا هو الصواب مع القدرة واليسار. فيستحب بلوغه ولا يزاد عليه. وكلام القاضي وغيره يقتضي أنه لا يستحب؛ بل يكون بلوغًا مباحًا (3) .

ولو قيل: إنه يكره جعل الصداق دينًا سواء كان مؤخر الوفاء وهو حال أو كان مؤجلاً لكان متوجهًا، لحديث الواهبة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم.

والصداق المقدم إذا كثر وهو قادر على ذلك لم يكره، إلا أن يقترن بذلك ما يوجب الكراهة من معنى المباهاة ونحو ذلك. فأما إن كان عاجزًا عن ذلك فيكره؛ بل يحرم إذا لم يتوصل إليه إلا بمسألة أو غيرها من الوجوه المحرمة. فأما إن كثر وهو مؤخر في ذمته فينبغي أن يكره هذا كله؛ لما فيه من تعريض نفسه لشغل الذمة (4) .

ولو تزوجها على مائة مقدمة ومائة مؤجلة صح. ولا تستحق المطالبة بالمؤجلة إلا بموت أو فرقة (5) نص عليه الإمام أحمد في رواية جماعة، واختاره شيوخ المذهب كالقاضي وغيره. جاء عن ابن سيرين عن شريح «أن رجلاً تزوج امرأة على عاجل وآجل إلى الميسرة فقدمته إلى شريح فقال لنا على ميسرة فآخذه لك» .

(1) اختيارات 227 ف 2/ 293 وتقدم.

(2)

إنصاف 1/ 480 ف 2/ 293.

(3)

والإنصاف 8/ 229.

(4)

اختيارات 227 ف 2/ 293 فيه زيادة.

(5)

وفي الإنصاف 8/ 244 وقال الشيخ تقي الدين: الأظهر أنهم أرادوا بالفرقة البينونة.

ص: 186

وقياس المذهب أن هذا الشرط صحيح؛ لأن الجهالة فيه أقل من جهالة الفرقة، وكان هذا الشرط في الحقيقة مقتضى العقد. ولو قيل بصحته في جميع الآجال لكان متوجهًا. صرح الإمام أحمد والقاضي وأبو محمد وغيرهم بأنه إذا أطلق الصداق كان حالاً.

قال أبو العباس: إن كان العرف جاريًا بين أهل تلك الأرض أن المعلق يكون مؤجلاً فينبغي أن يحمل كلامهم على ما يعرفونه. ولو كانوا يفرقون بين لفظ المهر والصداق فالمهر عندهم ما يعجل والصداق ما يؤجل كان حكمهم على مقتضى عرفهم، أو تزوج امرأة اتفق معها على صداق عشرة دنانير وأنه يظهر عشرين دينارًا وأشهد عليها بقبض عشرة فلا يحل لها أن تغدر به؛ بل يجب عليها الوفاء بالشرط، ولا يجوز تحليف الرجل على وجود القبض في مثل هذه الصورة؛ لأن الإشهاد في مثل هذا يتضمن الإبراء (1) .

ولو تزوجها على أن يعطيها في كل سنة تبقى معه مائة درهم. فقد يؤخذ من كلام كثير من أصحابنا أن هذه تسمية فاسدة لجهالة المسمى، وتتوجه صحته، بل هو الأشبه بأصولنا، كما لو باعه الصبرة كل قفيز بدرهم، أو أكراه الدار كل شهر بدرهم، ولأن تقدير المهر بمدة النكاح بمنزلة تأجيله بمدة النكاح، إذ لا فرق بين جهالة القدر وجهالة الأجل. وعلى هذا لو تزوجها على أن يخيط لها كل شهر ثوبًا صح أيضًا؛ إذ لا فرق بين الأعيان والمنافع (2) .

وإن تزوجها على منفعة داره أو عبده ما دامت زوجته. فهنا قد تبطل المنفعة قبل زوال النكاح، فإن شرط لها مثل ذلك إذا تلفت فهنا ينبغي أن يصح. وإن لم يشترط ففيه نظر (3) .

(1) اختيارات 230، 231 هذه فتوى مطولة الموجود هناك ثلاثة أسطر.

(2)

اختيارات 231 ف 2/ 294.

(3)

اختيارات 231 ف 2/ 294.

ص: 187

وإن تزوجها على أن يعلمها أو يعلم غلامها صنعة صح ذكره القاضي، والأشبه جوازه أيضًا.

ولو كان المعلم أخاها أو ابنها أو أجنبيًا (1) .

ولو علم السورة أو القصيدة غير الزوج ينوي بالتعليم أنه عن الزوج من غير أن يعلم الزوجة فهل يقع عن الزوج؟

فيتوجه أن يقال: إذا قلنا لا يجبر الغريم على استيفاء الدين من غير المدين لم يلتفت إلى نيته إذ لم يظهرها؛ لأن هذا الاستيفاء شرط بالرضا، والغريم المستحق لم يرض أن يستوفي دينه من غير المدين. وإن قلنا يجبر المستحق على الاستيفاء من غير الغريم فيتوجه أن يؤثر مجرد دينه الموفى. ويقبل قوله فيما بعد (2) .

قال في «المحرر» : كل ما صح عوضًا في بيع أو إجارة صح مهرًا إلا منافع الزوج الحر المقدرة بالزمان فإنها على روايتين. وأما القاضي في التعليق فأطلق الخلاف في منافع الحر من غير تقييد بزوج، وكذلك ابن عقيل. وأما أبو الخطاب والشيخ أبو محمد في «المقنع» فلفظهما: إذا تزوجها على منافعه مدة معلومة فعلى روايتين. فاعتبر صاحب «المحرر» القيدين الزوجية والحرية. ولعل مأخذ المنع أنها ليست بمال كقول أبي حنيفة. وسلمه القاضي ولم يمنعه في غير موضع. وقال أبو محمد: هذا ممنوع؛ بل هي مال وتجوز المعاوضة عليها. قال أبو العباس: والذي يظهر في تعليل رواية المنع أنه لما فيه من كون كل من الزوجين يصير ملكًا للآخر؛ فكأنه يفضي إلى تنافي الأحكام، كما لو تزوجت عبدها.

وعلى هذا التعليل إذا كانت المنفعة لغيرها أن تصح. وعلى

(1) اختيارات 228 ف 2/ 294.

(2)

اختيارات 230 ف 2/ 294.

ص: 188

هذا تخرج قصة موسى مع شعيب. موجب هذا التعليل: أن المرأة لا تستأجر إجارة معينة مقدرة بالزمان، وإن كل واحد من الزوجين لا يستأجر الآخر. ويجوز أن يكون المنع مختصًا بمنفعة الخدمة خاصة لما فيه من المهنة والمنافاة وإذا لم تصح المنافع (1) صداقًا فقياس المذهب أنه تجب قيمة المنفعة المشروطة إلا إذا علما أن هذه المنفعة لا تكون صداقًا فيشبه ما لو أصدقها مالاً مغصوبًا في أن الواجب مهر المثل في أحد الوجهين (2) .

ولو تزوجها على عبد فبان نصفه مستحقًا خيرت بين أخذه وقيمة التالف وبين قيمة الكل. وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين أنه لا يلزمه شيء (3) .

ذكر الزركشي عن الشيخ تقي الدين في بعض قواعده جواز فسخ المرأة النكاح إذا ظهر المعقود عليه حرًا أو مغصوبًا أو معيبًا (4) .

والأوجه أنه إذا تزوج بنية أن يعطيها صداقًا محرمًا، أو لا يوفيها الصداق أن الفرج لا يحل له، فإن هذا لم يستحل الفرج بماله. فلو تاب من هذه النية ينبغي أن يقال: حكمه حكم ما لو تزوجها بعين محرمة والمرأة لا تعلم تحريمها (5) .

لو شرط [الأب] جميع المهر له صح كشعيب عليه السلام، وشرط عدم الإجحاف القاضي في المجرد

قال الشيخ تقي الدين: وهذا ضعيف ولا يتصور الإجحاف لعدم ملكها له (6) .

(1) وفي الإنصاف الخدمة.

(2)

الإنصاف 8/ 229، 230 والاختيارات 228 ف 2/ 294.

(3)

إنصاف 8/ 247 ف 2/ 294.

(4)

إنصاف 8/ 248 ف 2/ 294.

(5)

اختيارات 227 ف 2/ 294.

(6)

إنصاف 8/ 249 ف 2/ 294.

ص: 189

وإن لم يحصل للمرأة ما أصدقها لم يكن النكاح لازمًا ولو أعطيت بدله كالبيع، وإنما يلزم ما ألزم به الشارع أو التزمه المكلف، وما خالف هذا القول فضعيف مخالف للأصول. فإذا لم نقل بامتناع العقد بتعذر تسليم المعقود عليه فلا أقل من أن يملك المرأة الفسخ.

فإن أصدقها شيئًا معينًا وتلف قبل قبضه ثبت للزوجة فسخ النكاح، وإن كان الشرط باطلاً ولم يعلم المشترط ببطلانه لم يكن العقد لازمًا؛ بل إن رضي بدون الشرط وإلا فله الفسخ.

وإن تزوجها على أن يشتري عبد زيد فامتنع زيد من بيعه فأعطاها قيمته ثم باعه زيد العبد فهل تملك رد البدل وأخذ العبد؟ تردد فيه أبو العباس.

ولو أصدقها عبدًا بشرط أن تعتقه فقياس المشهور من المذهب أنه يصح كالبيع (1) . والذي ينبغي في سائر أصناف المال كالعبد والشاة والبقرة والثياب ونحوها أنه إذا أصدقها شيئًا من ذلك أن يرجع فيه إلى مسمى ذلك اللفظ في عرفها، كما نقول في الدراهم والدنانير المطلقة في العقد. وإن كان بعض ذلك غالبًا أخذته كالبيع، أو كانت عادتها اقتناؤه أو لبسه (2) فهو كالملفوظ به.

ونص الإمام أحمد في رواية جعفر النسائي: أنه إذا أصدقها عبدًا غير معين من عبيده أنه يصح، ولها الوسط على قدر ما يخدم مثلها (3) . ونقلها دليل على أنه لم يعتبر الخادم مطلقًا وإنما اعتبر ما يناسبها.

قال أبو العباس في الخلع: ولو خالعها على عبد مطلق لو قيل

(1) اختيارات 228، 229 ف 2/ 294.

(2)

الإنصاف «أو كان من عادتها» .

(3)

عبارة الإنصاف: «وهذا تقييد للوسط مما يخدم مثلها» .

ص: 190

يجب ما يجزئ عتقه في الكفارة وما يجب في النذر المطلق لكان أقرب إلى القياس، إلا أنه لا يعتبر فيه الإيمان.

أطلق القاضي أنه إذا تزوجها على بيت أنه لا يصح، واستدل بمسألة مثنى في الحضرية ومفهومها أن البدوية ليست كذلك، وهذا أشبه؛ لأن بيوت البادية من جنس واحد كالخادم؛ بخلاف الحضر فإن بيوتهم تختلف جنسًا وقدرًا وصفة اختلافًا متفاوتًا (1) .

ولو أراد أن يغير المهر مثل تبديل نقد بنقد أو تأجيل الحال أو إحلال المؤجل ونحو ذلك فموجب تعليل أصحابنا في الفرق بين النكاح والبيع والإجارة أن هذا لا يصح؛ لأن هذا ليس تبديل فرض بفرض وإنما هو تغيير لذلك الفرض (2) .

وإذا أعتق أمته على أن تزوجه نفسها ويكون عتقها صداقها؟ قال القاضي: هي بالخيار إن شاءت تزوجته وإن شاءت لم تتزوجه، وتابعه أبو محمد وأبو الخطاب وغيرهما؛ لأنه سلف في النكاح فلا يلزم الوفاء به. ويتوجه صحة السلف في العقود كلها كما يصح في العتق، ويصير العتق مستحقًا على المسلف إن فعله وإلا قام الحاكم مقامه في توفية العقد المستحق، كما يقوم مقامه في توفية الأعيان والمنافع؛ لأن العقد منفعة من المنافع فجاز السلم فيه كالصناعات، وهذا بمنزلة الهبة المشروط فيها الثواب.

والمنصوص عن الإمام أحمد في اشتراط التزويج على الأمة إذا أعتقها لزم هذا الشرط قبلت أم لم تقبل، كاشتراط الخدمة. قال أحمد بن القاسم: سئل أحمد عن الرجل يعتق الجارية على أن يتزوجها

يقول: أعتقتك وجعلت عتقك صداقك، أو يقول أعتقتك على أن

(1) اختيارات 229، 230 ف 2/ 294.

(2)

اختيارات 232 ف 2/ 294.

ص: 191

أتزوجك؟ قال: هو جائز، وهو سواء: أعتقتك وتزوجتك وعلى أن أتزوجك إذا كان كلامًا واحدًا إذا تكلم به فهو جائز.

وهذا نص من الإمام أحمد على أن قوله «على أن أتزوجك» بمنزلة قوله: «وتزوجتك» وكلامه يقتضي أنها تصير زوجة بنفس هذا الكلام. وعلى قول الأولين إذا لم يتزوجها ذكروا أنه يلزمها قيمة نفسها، سواء كان الامتناع منه أو منها. وهذا فيه نظر إذا كان الامتناع منه.

ويتخرج على قولهم أنها تعتق مجانًا. ويتخرج إلى أنه يرجع إلى بدل العوض لا إلى بدل العتق، وهو قياس المذهب وأقرب إلى العدل؛ إذ الرجل طابت نفسه بالعتق إذا أخذ هو العوض، وأخذ بدله قائم مقامه (1) .

ومن أعتقت عبدها على أن يتزوج بها أو بسواها أو بدونه عتق ولم يلزمه شيء ذكره أصحابنا. وعلله ابن عقيل بأنها اشترطت عليه تمليك البضع وهو لا قيمة له، وعلله القاضي بأنه سلف في النكاح، والحظ في النكاح للزوج. وهذا الكلام فيه نظر؛ فإن الحظ في النكاح للمرأة؛ ولهذا ملك الأولياء أن يجبروها عليه دون الرجل.

وملك الولي في الجملة أن يطلق على الصغير والمجنون ولم يملك ذلك من الصغيرة ولو أراد أن يفسخ نكاحها. ومعلوم أنها اشترطت نفقة ومهرًا أو استمتاعًا وهذا مقصود، كما أنه إذا أعتقها على أن يتزوجها شرط عليه استمتاعًا تجب عليه بإزائه النفقة.

وأما إذا خير بين الزواج وعدمه فيتوجه أن عليه قيمة نفسه.

وإذا قبل التزويج فليس عليه إلا مهر المثل، فإنه مقتضى النكاح المطلق. وإنما أوجبنا عليه بالمفارقة قيمة نفسه لأن العوض المشروط في

(1) اختيارات 233، 234 ف 2/ 294.

ص: 192

العقد هو تزوجه بها ولا قيمة له في الشرع فيكون كما لو أعتقته على عوض لم يسلم لها.

ويتوجه أنه إذا لم يتزوجها يعطيها مهر المثل أو نصفه؛ لأنه هو الذي تستحقه عليه إذا تزوجها؛ فإنه يملك الطلاق بعد ذلك، وإنما يجب لها بالعقد مهر المثل.

وهذا البحث يجري فيما إذا أعتق عبده على أن يزوجه أخته أو يعتقها. وإذا لم نصحح الطلاق مهرًا فذكر القاضي في الجامع وأبو الخطاب وغيرهما أنها تستحق مهر المثل لفساده.

والمحكي في المجرد عن أبي بكر أنها تستحق مهرًا بضده. وقاله ابن عقيل وهو أجود. فإن الصداق وإن كان له بدل عند تعذره فله بدل عند فساد تسميته. هذا قياس المذهب.

ولو قيل ببطلان النكاح هنا لم يبعد؛ لأن المسمى فاسد لا بدل له، فهو كالخمر، وكنكاح السفاح (1) وإذا صححنا إصداق الطلاق فماتت الضرة قبل الطلاق فقد يقال: حصل مقصودها من الفرقة فأبلغ الطرق فيكون كما لو أوفى عنه المهر أجنبي. وفيه نظر.

والذي ينبغي في الطلاق أنه إذا كان السائل له ليخلص المرأة جاز له بذل عوضه سواء كان نكاحًا أو مالاً كإن كانت له امرأة يضربها ويؤذيها فقال: طلق امرأتك على أن أزوجك بنتي فهذا سلف في النكاح. أو قال: زوجتك بنتي على طلاق امرأتك. فهذه مسألة إصداق الطلاق.

والأشبه أن يقال في مثل هذا: إن الطلاق يصير مستحقًا عليه، كما لو قال خذ هذا الألف على أن تطلق امرأتك، وهذا سلف في الطلاق وليس يمتنع كما تقدم.

(1) في الإنصاف كنكاح الشغار.

ص: 193

وأما إن كان باذل العوض لغرض ضرر المرأة فههنا لا يجوز، للحديث فعلى هذا لو خالعت الضرة عن ضرتها بمال أو خالع أبوها فهنا ينبغي ألا يجوز هذا، كما لا يجوز أن يخالع الرجل لو كان مقصوده التزوج بالمرأة. فلو كان مقصوده تزويج المرأة بالأجنبي ينظر في مسألة الطلاق إن كانت محرمة فله حكم، وإن كانت مباحة أو مستحقة فله حكم. وإذا كان الأجنبي قد حرم عليه أن يسأل الطلاق فهل يحل للزوج أن يجيبه ويأخذ العوض وهذا نظير بيعه إياه على بيع أخيه (1) .

ولو ادعى الزوج أن الصداق تكرر في عقد واحد، وقالت: بل هما عقدان بينهما فرقة. فالقول قولهما، ولهما المهران. هذا قول أبي الخطاب والجد. وينبغي أن يكون القول قوله؛ لأن الأصل عدم الفرقة بينهما. والأصل براءة ذمته مما زاد على المهر الثاني، ولا تستحق إلا نصفه؛ لأن الأصل عدم الدخول، ولم يثبت ببينة ولا إقرار قاله القاضي. وقال أبو محمد: إن أنكر الدخول فالقول قوله، وإن لم ينكره ولم يعترف به فالقول قولها في وجود الدخول. قال أبو العباس: وهكذا يجيء في كل صورة ادعت عليه صداقًا في نكاح فأنكر الزوج وقامت البينة ووقع منه الطلاق هل يحكم عليه بجميع المسمى، أو بنصفه، أو يفرق بين ادعائه المسقط وعدمه؟ على الأوجه.

ومأخذ المسألة أن الصداق إذا ثبت بالعقد وحصلت الفرقة فهل يحكم عليه ما لم يدع عدم الدخول (2) .

والزيادة في المهر هل يفتقر لزومها إلى قبول الزوجة؟ ينبغي أن يكون كابتداء الفرض بعد الفرض. فلو فرض لها أكثر من مهر المثل

(1) اختيارات 233-235 ف 2/ 294.

(2)

اختيارات 232، 233 ف 2/ 294.

ص: 194

فهل يلزم بمجرد فرضه؟ كلام أحمد «زادها في فرضها» مطلق لم يفصل بين أن تكون قبلتها أم لا (1) .

ولو زوج موليته بدون مهر مثلها ولم يكن أبا لزم الزوج المسمى والتمام على الولي، وهو رواية عن الإمام أحمد كالوكيل في البيع.

ويتحرر لأصحابنا فيما إذا زوج ابنه الصغير بمهر المثل أو أزيد روايات:

إحداهن: أنه على الابن مطلقًا، إلا أن يضمنه الأب فيكون عليهما.

الثانية: انه يضمنه فيكون عليه وحده.

الثالثة: أنه على الأب ضمانًا.

الرابعة: أنه عليه أصالة.

الخامسة: أنه إذا كان الابن مقرًا فهو على الأب أصالة.

السادسة: الفرق بين رضا الابن وعدم رضاه. وضمان الأب المهر والنفقة على الابن قد يكون بلفظ الضمان، وقد يكون بلفظ آخر: مثل أن يقول: الذي لي لابني، أو أنا وابني شيء واحد، وهل يترك والد ولده؟ ونحو ذلك من الألفاظ التي تغريهم حتى يزوجوا ابنه.

وقد يكون بدلالة الكلام، وقد يذكر الأب ما يقتضي أنه قد ملك ابنه مالاً، أو يخبرهم بذلك فيزوجوه على ذلك، مثل أن يقول: أنا أعطيته عشرة آلاف درهم، أو له عشرة آلاف درهم، ونحو ذلك؛ فهنا ينبغي أن يتعلق حقهم بهذا القدر من مال الأب.

(1) اختيارات 232 ف 2/ 294.

ص: 195

ونفقة الزوجة قبل بلوغ الزوج أو قبل رضاه ينبغي أن تكون كالمهر.

قال القاضي في «الجامع» : إذا مات الأب الذي عليه مهر ابنه فأخذ من تركته فإنه يرجع به على الابن نص عليه في رواية ابن منصور والبرزالي.

قال القاضي: يحتمل أن يكون أثبت له ذلك بناء على الرواية التي تقول: إن من ضمن عن غيره بغير إذنه يرجع. ويحتمل أن يحمل على الرواية الأخرى، وأنه تطوع بذلك؛ لكن على أن يحصل القبض منه. وعلى هذا حمله أبو حفص.

قال أبو العباس: ولا يتم الجواب إلا بالمأخذين جميعًا. وذلك أن الأب قائم مقام ابنه، فلو ضمنه أجنبي بإذنه صح، فإذا ضمنه هو فأولى أن يكون ضمانًا لازمًا للابن. وإذا كان له أن يثبت المال في ذمته بدون ضمانه فضمانه وقضاؤه أولى.

قال القاضي في «الجامع» : إذا ضمنه الأب لزمه كما لو ضمنه أجنبي.

وإذا أقبضه إياه فهل يملك الرجوع به على الأب؟ على روايتين. أصلهما ضمان الأجنبي عن غيره بغير إذنه.

قال أبو العباس: بل يرجع قولاً واحدًا؛ لأنه قائم مقام ابنه في الإذن لنفسه، كما لو ضمن أجنبي بإذن نفسه.

ولو وفى الإنسان عن غيره دينًا من صداق أو غيره كان للمستوفي أخذه له وفاء عن دينه وبدلاً عنه. وأما الموفى عنه إذا لم يرجع به عليه فهو متبرع عليه.

ثم هل ملكه الموفى عنه ثم انتقل إلى الموفي بحيث يقال: لو انفسخ يثبت الاستحقاق أو بعضه كالطلاق قبل الدخول وفسخ البيع كان

ص: 196

للموفى عنه، أو لم يملك فيعود إلى الموفي؟ الراجح أنه لا يجب انتقاله (1) .

ولو قيل في كل موضع تبرعت المرأة بالصداق ثم وقع الطلاق وهو باق بعينه أنه يرجع بالنصف على من هو في يده، وكذلك في جميع الفسوخ لم يبعد، بخلاف ما لو خرج بمعاوضة (2) .

وللمرأة منع نفسها حتى تقبض مهرها. قال الشيخ تقي الدين: الأشبه عندي أن الصغيرة تستحق المطالبة لها بنصف الصداق؛ لأن النصف يستحق بإزاء الحبس وهو حاصل بالعقد، والنصف الآخر بإزاء الدخول فلا يستحق إلا بالتمكين (3) .

والنقد المتقدم محسوب من الصداق وإن لم يكتب في الصداق إذا تواطئوا عليه، ويطالب بنصفه عند الفرقة قبل الدخول لأن الشرط المتقدم كالمقارن إلا أن يفتوا بخلاف ذلك (4) .

مسألة:

وإذا أبرأت المرأة زوجها من صداقها ثم طلقها فهل لها الرجوع إذا كان يمكنها، لكون مثل هذا الإبراء لا يصدر في العادة إلا على أن يمسكها أو خوفًا من أن يطلقها أو يتزوج عليها أو نحو ذلك؟ فيه قولان هما روايتان عن أحمد.

وأما إذا كانت نفسها قد طابت بالإبراء مطلقًا وهو أن يكون ابتداء منها لا بسبب منه ولا عوض فهنا لا ترجع بلا ريب. والله أعلم (5) .

(1) اختيارات ص 236، 237 ف 2/ 294.

(2)

اختيارات 231 ف 2/ 295.

(3)

إنصاف 8/ 301 ف 2/ 294.

(4)

اختيارات 233 ف 2/ 294.

(5)

مختصر الفتاوى 462 ف 2/ 294.

ص: 197

وإذا ادعى الابن على أبيه بصداق أمه وكسوتها الماضية قبل موتها فعلى الأب أن يوفيه ما يستحقه من ذلك (1) .

ومن أعطى قومًا شيئًا واتفقوا على أن يزوجوه بنتهم فماتت البنت لم يكن له أن يرجع عليهم بشيء مما أعطاهم، وإن كانوا لم يفوا له بما طلبه منهم فله الرجوع (2) .

وقال ابن العباس: وقد كتبت عن الإمام أحمد فيما إذا أهدى لها هدية بعد العقد فإنها ترد ذلك إليه إذا زال العقد الفاسد. فهذا يقتضي أن ما وهبه لها بسبب النكاح فإنه يبطل إذا زال النكاح، وهو خلاف ما ذكره أبو محمد وغيره. وهذا المنصوص جار على أصول المذهب الموافق لأصول الشريعة، وهو أن كل من أهدي له شيء أو وهب له شيء بسبب يثبت بثبوته ويزول بزواله، ويحرم بحرمته ويحل بحله حيث جاز في تولي الهدية مثل من أهدي له للقرض فإنه يثبت له فيه حكم بدل القرض، وكذلك من أهدي له لولاية مشتركة بينه وبين غيره كالإمام وأمير الجيش وساعي الصدقات فإنه يثبت في الهدية حكم ذلك الاشتراك. ولو كانت الهدية قبل العقد وقد وعدوه بالنكاح فزوجوا غيره رجع بها (3) .

وقال الشيخ تقي الدين: ما قبض بسبب النكاح فكمهر.

وقال أيضًا: ما كتب فيه المهر لا يخرج بطلاقها (4) .

وإذا اختلف الزوجان في قدر الصداق فالقول قول الزوج مع يمينه. وقال الشيخ تقي الدين: يتخرج لنا قول كقول مالك إن كان

(1) مختصر الفتاوى 455 ف 2/ 294.

(2)

مختصر الفتاوى 433 ف 2/ 294.

(3)

اختيارات 232 ف 2/ 294.

(4)

إنصاف 8/ 289 ف 2/ 294.

ص: 198

الاختلاف قبل الدخول تحالفًا. وإن كان بعده فالقول قول الزوج (1) .

تنبيه: إذا قلنا يتعلق المهر بذمة السيد ضمانًا فقضاه عن عبده فهل يرجع إليه إذا عتق؟ قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: ينبغي أن يخرج هنا على الخلاف في مهر زوجته إذا كانت أمة للسيد فحيث رجع هناك رجع هنا (2) .

ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله إنما صار إلى الواجب خمسا المسمى توقيفًا؛ لأنه نقل عن عثمان. ووجهها الشيخ تقي الدين فقال: المهر في نكاح العبد ويجب بخمسة أشياء: النكاح، وعقد الصداق، وإذن السيد في النكاح، وإذنه في الصداق، والدخول. فإذا نكح بلا إذنه فالنكاح باطل ولم يوجد إلا التسمية من العبد والدخول فيجب الخمسان (3) .

ولو صالحت عن صداقها المسمى بأقل جاز؛ لأنه إسقاط لبعض حقها. ولو صالحته على أكثر من ذلك بطل الفضل؛ لأن في ذلك ربا؛ لأنه زيادة على حقها. وقياس المذهب جوازه لأنه زيادة على المهر بعد العقد وذلك جائز، وصححنا أنه يصح أن يصطلحا على مهر المثل بأقل منه وأكثر مع أنه واجب بالعقد (4) .

ويتقرر المهر بالخلوة وإن منعته الوطء، وهو ظاهر كلام أحمد في رواية حرب. وقيل له: فإن أخذها وعندها نسوة وقبض عليها ونحو ذلك من غير أن يخلو بها؟ قال: إذا نال منها شيئًا لا يحل لغيره فعليه المهر.

وإن قلنا لا مهر بالخلوة في النكاح الفاسد على قولنا بوجوب

(1) إنصاف 8/ 289 ف 2/ 294.

(2)

إنصاف 8/ 255 ف 2/ 294.

(3)

إنصاف 8/ 258 ف 2/ 294.

(4)

اختيارات 232 ف 2/ 296.

ص: 199

العدة فيه والفسخ لاعتبار الزوج بالمهر أو النفقة نظير الفسخ لعنة بالزوج، فيتخرج منه التنصيف على الرواية المنصوصة عنه فيه، فإن لها نصف المهر، لكونها معذورة في الفسخ. ويتخرج ويلزم على قول من قال: إن خروج البضع من ملك الزوج يتقوم (1) .

ولا تقبل دعوى عدم علمه بها، والمنصوص ولو أنه أعمى؛ لأن العادة أنه لا يخفى عليه ذلك، فقد قدم أصحابنا هنا العادة على الأصل، فكذا دعوى إنفاقه؛ فإن العادة هناك أقوى قاله شيخنا (2) .

ولا بد من اعتبار العصر في مهر المثل؛ فإن الزمان إن كان زمان رخص رخص وإن زادت المهور. وإن كان زمن غلاء وخوف نقص. وقد تعتبر عادة البلد والقبيلة في زيادة المهر ونقصه.

وينبغي أيضًا اعتبار الصفات المعتبرة في الكفاءة. فإن كان أبوها موسرًا ثم افتقر أو ذا صنعة جيدة ثم تحول إلى دونها، أو كانت له رئاسة وملك ثم زالت عنه تلك الرئاسة والملك فيجب اعتبار مثل هذا. وكذلك لو كان أهلها لهم عز في أوطانهم ورئاسة فانقلبوا إلى بلد ليس لهم فيه عز ولا رئاسة، فإن المهر يختلف بذلك في العادة.

وإن كانت عادتهم يسمون مهرًا ولكن لا يستوفونه قط مثل عادة أهل الجفاء مثل الأكراد وغيرهم فوجوده كعدمه.

والشرط المتقدم كالمقارن. والإطراد العرفي كالمقتضي.

قال أبو العباس: وقد سئلت عن مسألة من هذا وقيل لي: ما مهر مثل هذه؟ فقلت: ما جرت العادة بأنه يؤخذ من الزوج. فقالوا: إنما يؤخذ المعجل قبل الدخول. فقلت: هو مهر مثلها (3) .

(1) اختيارات 237 ف 2/ 295.

(2)

فروع 5/ 272 وإنصاف 8/ 284 ف 2/ 295.

(3)

اختيارات 238 ف 2/ 295.

ص: 200

وإن اختلفا في قبض المهر فالمتوجه إن كانت العادة الغالبة جارية بحصول القبض في هذه الديون أو الأعيان فالقول قول من يوافق العادة، وهو جار على أصولنا وأصول مالك في تعارض الأصل والعادة، والظاهر أنه يرجح.

وفرق بين دلالة الحال المطلقة العامة وبين دلالة الحال المقيدة المخصوصة.

فأما إن كانت الزوجة وقت العقد فقيرة ثم وجد معها ألف درهم فقال هذا هو الصداق، وقالت أخذته من غيره ولم تعين ولم يحدث لها قبض مثله فهو نظير تعليم السورة المشروطة وفيها وجهان.

ونظيره الإنفاق عليها والكسوة.

وفي هذه المواضع كلها إذا أظهرت جهة القبض الممكن منها كالممكن من الزوج فينبغي أن يكون القول قولها. وإلا فلا (1) .

ومن عرفت أنها زوجة فلان وأنه تزوجها ولم يسم لها صداقًا. فمات. فلها المطالبة بمهر المثل ولو لم يكن لها بينة بمقدار الصداق. وعليها اليمين أنها لم تبرؤه ولم تقبض صداقها (2) .

والأب هو الذي بيده عقدة النكاح، وهو رواية عن الإمام أحمد، وقاله طائفة من العلماء. وليس في كلام الإمام أحمد أن عفوه صحيح لأن بيده عقدة النكاح، بل لأن له أن يأخذ من مالها ما شاء. وتعليل الإمام أحمد بالأخذ من مالها ما شاء يقتضي جواز العفو بعد الدخول على الصداق كله. وكذلك سائر الديون.

والأشبه في مسألة الزوجة الصغيرة أنه يستحق وليها المطالبة لها

(1) اختيارات 239، 240 ف 2/ 295.

(2)

مختصر الفتاوى 606 ف 2/ 295.

ص: 201

بنصف الصداق والنصف الآخر لا يطالب به إلا إذا مكنت من نفسها؛ لأن النصف مستحق بإزاء الحبس وهو حاصل بالعقد، والنصف الآخر بإزاء الدخول فلا تستحقه إلا ببذل نفسها (1) .

إذا دخل بها وكان قد سمى لها صداقًا ثم طلقها فلا متعة لها. وعنه لها المتعة، وعنه تجب لكل مطلقة. وعنه تجب للكل إلا لمن دخل بها وسمى لها مهرًا. قال الشيخ تقي الدين عن هذه الرواية الثالثة صوابه إلا من سمي مهرها ولم يدخل بها. قال: وإنما هذا زيغ حصل من قلم صاحب «المحرر» (2) .

وتجب المتعة لكل مطلقة وهو رواية عن الإمام أحمد نقلها حنبل، وهو ظاهر دلالة القرآن. واختار أبو العباس في الاعتصام بالكتاب والسنة أن لكل مطلقة متعة إلا التي لم يدخل بها وقد فرض لها وهو رواية عن الإمام أحمد وقاله عمر.

وإذا أوجبنا المتعة للمدخول بها وكان الطلاق بائنًا أو رجعيًا فينبغي أن تجب لها أيضًا مع نفقة العدة حيث أوجبناها، وتكون نفقته الرجعية مغنية عن متاع آخر بحيث لا يجب لها كسوتان (3) .

وإن مات أحدهما ورثه صاحبه، ولها مهر نسائها. وقيل عنه: لا مهر لها. قال الشيخ تقي الدين: في القلب حزازة من هذه الرواية، والمنصوص عنه في رواية الجماعة أن لها مهر المثل على حديث بروع بنت واشق نص عليه في رواية علي بن سعيد وصالح ومحمد بن الحكم والميموني وابن منصور وحمدان بن علي وحنبل. قال: ونقل عن الإمام أحمد رحمه الله رواية تخالف السنة وإجماع الصحابة بل الأمة؛ فإن

(1) اختيارات 238 فيه زيادة ف 2/ 295.

(2)

إنصاف 8/ 302، 303 ف 2/ 295.

(3)

اختيارات 237، 238 ف 2/ 295.

ص: 202

القائل قائلان: قائل بوجوب مهر المثل وقائل بسقوطه، فعلمنا أن ناقل ذلك غالط عليه.

والغلط إما في النقل (1) وإما ممن دونه: في السمع، أو في الحفظ، أو في الكتاب؛ إذ من أصل الإمام أحمد الذي لا خلاف عنه فيه أنه لا يجوز الخروج عن أقوال الصحابة ولا يجوز ترك الحديث الصحيح من غير معارض له من جنسه، وكان رحمه الله شديد الإنكار على من يخالف ذلك فكيف يفعله هو -مع أمانته- من غير موافقة لأحد؟ ومع أن هذا القول لا حظ له في الآية، ولا له نظير. هذا مما يعلم قطعًا أنه باطل (2) .

قال أصحابنا وغيرهم: يجب مهر المثل للموطوءة بشبهة.

وينبغي أنه إذا أمكن أن يكون في وطء الشبهة مسمى فيكون هو الواجب؛ فإن الشبهة ثلاثة أقسام: شبهة عقد، وشبهة اعتقاد، وشبهة ملك.

فأما عقد النكاح فلا ريب فيه.

وأما عقد البيع فإنه إذا وطئ الجارية المشتراة شراء فاسدًا فالأشبه ألا مهر ولا أجرة لمنافعها.

وأما شبهة الاعتقاد فإن كان الاشتباه عليه فقط فينبغي ألا يجب لها مهر. وإن كان عليها فقط فإن اعتقدت أنه زوجها فلا يبعد أن يجب لها المهر المسمى.

وأما شبهة الملك: مثل مكاتبته وأمة مكاتبته والأمة المشتركة فإن كان قد اتفق مع مستحق المهر على شيء فينبغي أن لا يجب سواه.

(1) لعله الناقل.

(2)

إنصاف 8/ 298 ف 2/ 295.

ص: 203

وهذا قياس ضمان الأعيان والمنافع فإنها تضمن بالقيمة، إلا أن يكون المالك قد اتفق مع المتلف على غير ذلك، سواء كان الإتلاف حلالاً أو حرامًا.

وإذا تكرر الوطء في نكاح الشبهة فلا ريب أن الواجب مهر واحد، كما تجب عدة واحدة (1) .

وقوله: ويجب مهر المثل للموطوءة بشبهة. وظاهر كلام الشيخ تقي الدين. أنه لا يجب لها مهر، لأنه قال: البضع إنما يتقوم على زوج أو شبهه فيملكه (2) .

«والمكرهة على الزنا» وعنه: يجب للبكر خاصة، وعنه لا يجب مطلقًا، ذكرها واختارها الشيخ تقي الدين، وقال: هو خبيث (3) .

ولا يجب المهر للمكرهة على الزنا. وهو رواية عن أحمد ومذهب أبي حنيفة واختيار أبي البركات.

وذكر أبو العباس في موضع آخر عن أبي بكر التفرقة فأوجبه للبكر دون الثيب، ورواه ابن منصور عن الإمام أحمد. لكن الأمة البكر إذا وطئت مكرهة أو بشبهة أو مطاوعة فلا ينبغي أن يختلف في وجوب أرش البكارة، وهو ما نقص من قيمتها بالثيوبة. وقد يكون بعض القيمة أضعاف مهر مثل الأمة.

ومتى خرجت منه زوجته بغير اختياره بإفسادها أو بإفساد غيرها أو بيمينه لا تفعلي شيئًا ففعلته: فله مهرها. وهو رواية عن الإمام أحمد كالمفقود؛ بناء على الصحيح أن خروج البضع من ملك الزوج متقوم، وهو رواية عن الإمام أحمد.

(1) اختيارات 239، 240 ف 2/ 296.

(2)

إنصاف 8/ 306 ف 2/ 296.

(3)

إنصاف 8/ 304 ف 2/ 296.

ص: 204