المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب المساقاة والمزارعة - المستدرك على مجموع الفتاوى - جـ ٤

[ابن تيمية]

الفصل: ‌باب المساقاة والمزارعة

‌باب المساقاة والمزارعة

ولو دفع أرضه إلى آخر يغرسها بجزء من الغراس صح كالمزارعة، واختاره أبو حفص العكبري، والقاضي في تعليقه وهو ظاهر مذهب أحمد.

ولو كانت الأرض مغروسة فعامله بجزء من غراسها صح، وهو مقتضى ما ذكره أبو حفص. ولا فرق بين أن يكون الغارس ناظر وقف أو غيره. ولا يجوز لناظر بعده بيع نصيب الوقف من الشجر بدون حاجة. وللحاكم الحكم بلزومها في محل النزاع فقط، والحكم له من جهة عوض المثل ولو لم تقم به بينة؛ لأنه الأصل. ويجوز للإنسان أن يتصرف فيما في يده بوقف وغيره حتى تقوم حجة شرعية بأنه ليس ملكًا له؛ لكن لا يحكم بالوقف حتى يثبت الملك.

ومقتضى قول أبي حفص أنه يجوز أن يغارسه بجزء من الأرض، كما جاز النسج بجزء من غزل نفسه. فإن اشترطا في المغارسة أن يكون على الغارس الماء أو بعضه فالمتوجه أن الماء كالغرس والبذر، كما سيجيء مثله في المزارعات؛ لأن الماء أصل يفنى. ومتى كان من العامل أصل فإن فيه روايتين.

وإن غارسه على أن رب الأرض تكون له دراهم مسماة إلى حين إثمار الشجر فإذا أثمر كانا شريكين في الثمر -قال أبو العباس: فهذه لا أعرفها منقولة. وقد يقال: هذا لا يجوز، كما لو اشترط في المزارعة والمساقاة شيئًا مقدرًا؛ فإنه قد لا يحصل إلا ذلك المشروط فيبقى الآخر لا شيء له؛ لكن الأظهر أن هذا ليس بمحرم.

والمناصب على أن عليه سقي الشجر والقيام عليها إذا باع نصيبه من ذلك لمن يقوم مقامه في العمل جاز وصح شرطه، كالمكاتب إذا بيع

ص: 42

على كتابته. هذا قياس المذهب (1) .

وإذا ترك العامل العمل حتى فسد الثمر فينبغي أن يجب عليه نصيب المالك، وينظر كم يجيء لو عمل بطريق الاجتهاد، كما يضمن لو يبس الشجر. وهذا لأن تركه العمل من غير فسخ العقد حرام وغرر، وهو سبب في عدم هذا الثمر، فيكون كما لو تلفت الثمرة تحت اليد العادية، كالضمان بالتسبب في الإتلاف، لا سيما إذا انضم إليه اليد العادية.

واستيلاؤه على الشجر مع عدم الوفاء بما شرطه: هل هو يد عادية؟ فيه نظر؛ لكنه سبب في الإتلاف. وهذا في الفوائد نظير المنافع، فإن المنافع لم توجد، وإنما الغاصب منع من استيفائها.

وحاصله: أن الإتلاف نوعان: إعدام موجود، وتفويت لمعدوم انعقد سبب وجوده، وهذا تفويت.

وعلى هذا فالعامل في المزارعة إذا ترك العمل فقد استولى على الأرض وفوت نفعها فينبغي ألا يضمن ضمان إتلاف أو ضمان إتلاف ويد. لكن هل يضمن أجرة المثل أو يضمن ما جرت به العادة مثل تلك الأرض؟ مثل أن يكون الزرع في مثلها معروفًا فيقاس بمثلها.

وأما على ما ذكره أصحابنا فينبغي أن يضمن بأجرة المثل.

والأصوب والأقيس بالمذهب أن يضمن بمثل ما يثبت. وعلى هذا فلا يكون ضمان يد، وإنما هو ضمان تغرير (2) .

ولو كان من إنسان الأرض، ومن ثان العمل، ومن ثالث البذر، ومن رابع البقر. صح وهو رواية عن أحمد (3) .

(1) اختيارات 148، 149 ف 2/222.

(2)

اختيارات ص149، 150 فيه زيادة ف 2/ 223.

(3)

اختيارات 150 ف 2/223.

ص: 43

وإذا شرط صاحب البذر أن يأخذ مثل بذره ويقتسمان الباقي جاز، كالمضاربة وكاقتسامهما ما يبقى بعد الكلف (1) .

وجوز شيخنا أخذه أو بعضه بطريق القرض. قال: يلزم من اعتبر البذر من رب الأرض وإلا فقوله فاسد (2) .

وجوز شيخنا إجارة الشجر مطلقًا ويقوم عليها المستأجر كأرض الزرع [وأن ما استوفاه الموقوف عليه والمستعير بلا عوض يستوفيه المستأجر بالعوض] بخلاف بيع السنين؛ فإن تلفت الثمرة فلا أجرة، وإن نقصت عن العادة فالفسخ أو الأرش لعدم المنفعة المقصودة بالعقد، وهو كجائحة (واشتراط عمل الآخر حتى يثمر بعضه) قال شيخنا: والسياج على المالك، ويتبع في الكلف السلطانية العرف ما لم يكن شرط، قال: وما طلب من قرية من وظائف سلطانية ونحوها فعلى قدر الأموال، وإن وضعت على الزرع فعلى ربه ما لم يشرطه على مستأجر، وإن وضع مطلقًا فالعادة. ومتى فسد العقد فالثمرة والبذر لربه وعليه الأجرة، وكذا العشر. وإن صحت لزم المقطع عشر نصيبه. ومن قال: العشر كله على الفلاح فخلاف الإجماع. قاله شيخنا. وإن ألزموا الفلاح به فمسألة الظفر. وقال شيخنا: الحق ظاهر فيأخذه (3) .

وإذا صحت المزارعة فيلزم المقطع عشر نصيبه. ومن قال: العشر كله على الفلاح فقد خالف الإجماع.

وإذا ألزموا الفلاح به فمسألة الظفر، والحق ظاهر، فيجوز له قدر ما ظلم به. والسياج على المالك (4) .

(1) اختيارات 150 هنا جزم بالحكم ف 2/223.

(2)

الفروع ج 4/ 415 ف 2/ 223.

(3)

الفروع ج 4/ 417 ف 2/ 224 وما بين المعقوفين ساقط من نسخة.

(4)

عبارة الاختيارات ص150 ف 2/224.

ص: 44