المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الشروط في البيع - المستدرك على مجموع الفتاوى - جـ ٤

[ابن تيمية]

الفصل: ‌باب الشروط في البيع

ليشتريها أحدهم ويتقاسموها فهذا يضر بالمسلمين أكثر من تلقي الركبان، أما إذا اتفق اثنان وفي السوق من يزيد فلا يحرم ذلك؛ لأن باب المزايدة مفتوح. ولا يجوز أن يطلب بالسلعة ثمنًا كثيرًا ليغري المشتري بها فيدفع ما يزيد على قيمتها إذا كان جاهلاً بالقيمة (1) .

‌باب الشروط في البيع

وتصح الشروط التي لم تخالف الشرع في جميع العقود -فلو باع جارية وشرط على المشتري إن باعها فهو أحق بها بالثمن صح البيع والشرط، ونقل عن ابن مسعود رضي الله عنه وعن أحمد نحو العشرين نصًا على صحة الشروط، وأنه يحرم الوطء لنقص الملك. سأل أبو طالب الإمام أحمد عمن اشترى أمة يشترط أن يتسرى بها لا للخدمة قال: لا بأس به، وهذا من أحمد يقتضي أنه إذا شرط على البائع فعلاً أو تركًا في البيع مما هو مقصود للبائع أو للمبيع نفسه صح البيع والشرط كاشتراط العتق، وكما اشترط عثمان لصهيب وقف داره عليه، ومثل هذا أن يبيعه بشرط أن يعلمه، أو شرط ألا يخرجه من ذلك البلد، أو شرط ألا يستعمله في العمل الفلاني، أو أن يزوجه، أو يساويه في المطعم، أو لا يبيعه، أو لا يهبه. فإذا امتنع المشتري من الوفاء فهل يجبر عليه أو يفسخ؟ على وجهين؛ وهو قياس قولنا: إذا شرط في النكاح ألا يسافر بها أو ألا يتزوج عليها؛ إذ لا فرق في الحقيقة بين الزوجة والمملوك (2) .

وإذا شرط البائع نفع المبيع لغيره مدة معلومة -فمقتضى كلام أصحابنا جوازه؛ فإنهم احتجوا بحديث أم سلمة: «أنها أعتقت سفينة

(1) مختصر الفتاوى 323 ف 2/196.

(2)

اختيارات 123 ف 2/196.

ص: 11

وشرطت عليه أن يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ما عاش» . واستثناء خدمة غيره في العتق كاستثنائها في البيع (1) .

وشرط البراءة من كل عيب، باطل، وعلله جماعة من أصحابنا بأنه خيار يثبت بعد البيع فلا يسقط قبله كالشفعة. ومقتضى هذا التعليل صحة البراءة من العيوب بعد عقد البيع. وقال المخالف: في صحة البراءة إسقاط حق. وصح في المجهول كالطلاق والعتاق. قيل له: والجواب: أنا نقول بوجوبه، وأنه يصح في المجهول لكن بعد وجوبه.

والصحيح في مسألة البيع بشرط البراءة من كل عيب والذي تقضي به الصحابة وعليه أكثر أهل العلم أن البائع إذا لم يكن علم بذلك العيب فلا رد للمشتري؛ لكن إذا ادعى أن البائع علم بذلك فأنكر البائع حلف أنه لم يعلم، فإن نكل قضي عليه (2) .

لو قال: بعتك إن جئتني بكذا، أو إن رضي زيد صح البيع والشرط، وهو إحدى الروايتين عن أحمد (3) .

وإن علق عتق عبده ببيعه وكان قصده بالتعليق اليمين دون التبرر بعتقه أجزأه كفارة يمين. وإن قصد به التقرب كان عتقه مستحقًا كالنذر فلا يصح بيعه، ويكون العتق معلقًا على صورة البيع.

وطرد أبو العباس قوله هذا في تعليق الطلاق على الفسخ والخلع فجعله معلقًا على صورة الفسخ والخلع. قال: ولو قيل بانعقاد الفسخ والعقد المعلق عليه فلا يمتنع وقوع الطلاق معه على رأي ابن حامد حيث أوقعه مع البينونة بانقضاء العدة فكذلك بالفسخ (4) .

(1) اختيارات ص 124 ف 2/196.

(2)

اختيارات 124 ف 2/196.

(3)

اختيارات 123 فروع 4/ 62 ف 2/196.

(4)

اختيارات 125، 126 ف 2/196.

ص: 12