المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فإنه اشترطه كما اشترط الأمانة. وهذا أصح؛ فإنه نص القرآن، - المستدرك على مجموع الفتاوى - جـ ٤

[ابن تيمية]

الفصل: فإنه اشترطه كما اشترط الأمانة. وهذا أصح؛ فإنه نص القرآن،

فإنه اشترطه كما اشترط الأمانة. وهذا أصح؛ فإنه نص القرآن، ولأن الأقارب أخبر بالعلل الباطنة وأقرب إلى الأمانة والنظر في المصلحة.

وأيضًا فإنه نظر في الجمع والتفريق، وهو أولى من ولاية عقد النكاح، لا سيما إن جعلناهما حاكمين كما هو الصواب، ونص عليه الإمام أحمد في إحدى الروايتين، وهو قول علي بن أبي طالب وابن عباس وغيرهما، وهو مذهب مالك.

وهل للحكمين -إذا قلنا هما حكمان لا وكيلان- أن يطلقا ثلاثًا، أو يفسخا كما في المولي؟ أقوال هناك. لما قام الوكيل مقام الزوج في الطلاق ملك ما يملكه من واحدة وثلاث فيتوجه هنا كذلك إذا قلنا هما حاكمان. وإن قلنا وكيلان لم يملكا إلا ما وكلا فيه. وأما الفسخ هنا فلا يتوجه؛ لأن الحكم ليس حاكمًا أصليًا (1) .

‌باب الخلع

والتحقيق أنه يصح ممن يصح طلاقه بالملك أو الوكالة أو الولاية كالحاكم في الشقاق. وكذا لو فعله الحاكم في الإيلاء أو العنة أو الإعسار أو غيرها من المواضع التي يملك الحاكم فيها الفرقة. ولأن العبد والسفيه يصح طلاقهما بلا عوض فبالعوض أولى.

لكن قد يقال في قبولهما للوصية والهبة بلا إذن الولي وجهان. فإن لم يكن بينهما فرق صحيح فلا يخرج الخلاف (2) .

والذي يقتضيه القياس أنهما إذا أطلقا الخلع صح بالصداق، كما لو أطلقا النكاح ثبت صداق المثل، فكذا الخلع وأولى.

وقال أبو العباس في موضع آخر: هل للزوج إبانة امرأته بلا

(1) اختيارات 249، 250 ف 2/ 302.

(2)

اختيارات 302 ف 2/ 302.

ص: 222

عوض؟ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: ليس له أن يبينها إلا بعوض، وإن كان طلاق وقع بعد الدخول بلا عوض فرجعي. وهذا مذهب الشافعي وأحد القولين في مذهب مالك وإحدى الروايتين عن أحمد.

والقول الثاني: له إبانتها بغير عوض مطلقًا باختيارها وغير اختيارها. وهذا مذهب أبي حنيفة، ورواية عن الإمام أحمد.

والقول الثالث: له إبانتها بغير عوض في بعض المواضع دون بعض؛ فإذا اختارت الإبانة بغير عوض فله أن يبينها.

ويصح الخلع بغير عوض، وتقع به البينونة إما طلاقًا وإما فسخًا على إحدى القولين.

وهذا مذهب مالك المشهور عنه في رواية ابن القاسم، وهو الرواية الأخرى عن الإمام أحمد، اختارها الخرقي.

وهذا القول له مأخذان. أحدهما: أن الرجعة حق للزوجين، فإذا تراضيا على إسقاطها سقطت. والثاني: أن ذلك فرقة بعوض؛ لأنها رضيت بترك النفقة والسكن ورضي هو بترك استرجاعها. وكما أن له أن يجعل العوض إسقاط ما كان ثابتًا لها من الحقوق كالدين فله أن يجعله إسقاط ما ثبت لها بالطلاق، كما لو خالفها على نفقة الولد. وهذا قول قوي وهو داخل في النفقة من غيره (1) .

ولا يصح الخلع إلا بعوض في إحدى الروايتين، والأخرى يصح بغير عوض، وجعله الشيخ تقي الدين كعقد البيع حتى في الإقالة، وأنه لا يجوز إن كان فسخًا بلا عوض إجماعًا (2) .

وإن خالعها بمحرم كالخمر.. فهو كالخلع بغير عوض. وعند

(1) اختيارات 252، 253 ف 2/ 302.

(2)

إنصاف 8/ 395 ف 2/ 302.

ص: 223

الشيخ تقي الدين يرجع إلى المهر كالنكاح (1) .

واختلف كلام الشيخ تقي الدين في وجوب الإجابة إليه. وألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء (2) .

اختلف كلام أبي العباس في وجوب الخلع لسوء العشرة بين الزوجين. وإن كانت مبغضة له لخلقه أو لغير ذلك من صفاته وهو يحبها فكراهة الخلع في حقه تتوجه (3) .

قال الشيخ تقي الدين: عبارة الخرقي ومن تابعه أجود من عبارة صاحب المحرر ومن تابعه فإن صاحب المحرر وغيره قال: الخلع لسوء العشرة بين الزوجين جائز. فإن قولهم: لسوء العشرة بين الزوجين فيه نظر؛ فإن النشوز قد يكون من الرجل فتحتاج هي أن تقابله. اهـ (4) .

ولو عضلها لتفتدي نفسها منه ولم تكن تزني حرمت عليه. قال ابن عقيل: العوض مردود والمرأة بائن.

قال أبو العباس: وله وجه حسن، ووجه قوي إذا قلنا الخلع يصح بلا عوض؛ فإنه بمنزلة من خالع على مال مغصوب أو خنزير ونحوه. وتخريج الروايتين هنا قوي جدًا (5) .

واعتبر الشيخ تقي الدين خوف قادر على القيام بالواجب أن لا يقيما حدود الله فلا يجوز انفرادها به.

للمختلعة مع زوجها أحد عشر حالاً.

(1) إنصاف 8/ 398 ف 2/ 302.

(2)

إنصاف 8/ 381 ف 2/ 302.

(3)

اختيارات 250 ف 2/ 302.

(4)

إنصاف 8/ 382 ف 2/ 302.

(5)

اختيارات 250 فيه زيادة.

ص: 224

الأول: أن تكون كارهة له مبغضة لخلقه وخلقه أو لغير ذلك من صفاته وتخشى ألا تقوم حدود الله في حقوقه الواجبة عليها، فالخلع في هذه الحال مباح أو مستحب.

الثالثة: كالأولى ولكن للرجل ميل إليها ومحبة، فهذه أدخلها القاضي في المباح كما تقدم، وقال الشيخ تقي الدين: وكراهة الخلع في حق هذه متوجهة.

السادس: أن يظلمها أو يعضلها لتفتدي فتفدي فأكثر الأصحاب على صحة الخلع. وقال الشيخ تقي الدين: لا يحل له ولا يجوز. التاسع: أن يضربها ويؤذيها لتركها فرضًا أو لنشوز فتخالعه كذلك. فقال في الكافي: يجوز. قال الشيخ تقي الدين: تعليل القاضي وأبي محمد -يعني المصنف- يقتضي أنها لو نشزت عليه جاز له أن يضربها لتفتدي نفسها منه. وهذا صحيح (1) .

فصل

وخلع الحبلى لا يصح على الأصح، كما لا يصح نكاح المحلل؛ لأنه ليس المقصود به الفرقة وإنما يقصد به بقاء المرأة تبع زوجها، كما يقصد بنكاح المحلل أن يطلقها لتعود إلى الأول، والعقد لا يقصد به نقض مقصوده، وإذا لم تبن به الزوجة (2) .

قال القاضي في الخلع: ولو طلقها فشرعت في العدة ثم بذلت له مالاً ليزيل عنها الرجعة لم تزل. ذكره القاضي بما يقتضي أنه محل وفاق. وفيه نظر.

(1) الإنصاف 8/ 383 ف 2/ 302.

(2)

اختيارات 251 ف 2/ 302.

ص: 225

وإذا خالعته على ما يعتقدان وجوبه باجتهاد أو تقليد مثل أن يخالعها على قيمة كلب أتلفته معتقدين وجوب القيمة فينبغي أن يصح.

ولو تزوجها على قيمة كلب له في ذمتها فينبغي أن تصح التسمية؛ لأن وجوب هذا نوع غرر، والخلع يصح على الغرر، بخلاف الصداق.

نقل مهنا عن الإمام أحمد في رجل خلع امرأته على ألف درهم لها على أبيه أنه جائز، فإن لم يعطه أبوه شيئًا رجع على المرأة، وترجع المراة على الأب. وكلام الإمام أحمد صحيح على ظاهره، وهو خلع على الدين، والدين من الغرر، فهو بمنزلة الخلع على البيع قبل القبض، فلما لم يحصل العوض بعينه رجع في بدله، كما قلنا فيمن اشترى مغصوبًا يقدر على تخليصه فلم يقدر.

ولو خالعته على مال في ذمتها ثم أحالته به على أبيه لكان تأويل القاضي متوجهًا. وهو أن القاضي تأول المسألة على أنها حوالة، وأن الزوج لما قبل الحوالة لم يحصل من الأب اعتراف بالدين فلهذا ملك الرجوع عليها بمال الخلع، وكان لها مخاصمة الأب فيما تدعيه. فأما إن كان قد حصل من جهته اعتراف بالدين ثم جحد بعد ذلك لم يكن للزوج الرجوع عليها؛ لأن الحق قد انتقل، وجحوده لا يثبت له الرجوع (1) .

نقل الجراحي في حاشيته على الفروع أن ابن أبي المجد يوسف نقل عن الشيخ تقي الدين أنه قال: تصح الإقالة في الخلع، وفي عوضه كالبيع وثمنه؛ لانهماكهما في غالب أحكامهما من عدم تعليقهما واشتراط العوض والمجلس ونحو ذلك (2) .

(1) اختيارات 253، 254 ف 2/ 302.

(2)

إنصاف 8/ 395 ف 2، وانظر حاشية الفروع جـ 4/ 124.

ص: 226

فصل

ومن قال: إن أبرأتيني طلقتك. فقالت: أبرأتك، فلم يطلقها لم يصح الإبراء؛ فإن هذا إيجاب وقبول لما تقدم من الشروط، ودلالة الحال تدل على أن التقدير أبرأتك إن طلقتني، فالشرط المتقدم على العقد كالمقارن (1) .

وإذا قال لزوجته: إن أبرأتيني من نفقة الأولاد وأخذت الأولاد بالكفالة ونحو ذلك من العبارات فأنت طالق، فالتزمت بما قال من الإنفاق فإنه يقع به الطلاق. فإن امتنعت ألزمت بذلك، كما تلزم بغيره من الحقوق (2) .

إذا قال: إن أعطيتيني أو إذا

كان على التراضي أي وقت أعطته طلقت. وقال الشيخ تقي الدين: ليس لازمًا من جهته كالكتابة عنده. ووافق على شرط محض كقوله: إن قدم زيد فأنت طالق. وقال في التعليق الذي يقصد به إيقاع الجزاء إن كان معاوضة فهو معاوضة، ثم إن كانت لازمة فلازم وإلا فلا. فلا يلزم الخلع قبل القبول ولا الكتابة. وقال: قول من قال: التعليق لازم دعوى مجردة. اهـ (3) .

وفي الترغيب وجهان في: إن أقبضتيني فأحضرته ولم يقبضه. فلو قبضه فهل يملكه فيقع الطلاق بائنًا أم لا يملكه فيقع رجعيًا؟ فيه احتمالات. وقيل: يكفي عدد متفق برأسه بلا وزن فلا يكون وازنة ناقصة عددًا

واختيار الشيخ تقي الدين في الزكاة يقويه (4) .

قال الشيخ تقي الدين: وقولها إن طلقتني فلك كذا وأنت برئ

(1) مختصر الفتاوى 442 ف 2/ 394.

(2)

مختصر الفتاوى 549، فيه زيادة ف 2/ 304.

(3)

إنصاف 8/ 410 ف 2/ 305.

(4)

إنصاف 8/ 410 ف 2/ 305.

ص: 227

منه كإن طلقتني فلك علي ألف وأولى. وليس فيه النزاع في تعليق البراءة بشرط. أما لو التزمت دينًا لا على وجه المعاوضة كإن تزوجت فلك في ذمتي ألف أو جعلت لك في ذمتي ألفًا لم يلزمه عند الجمهور (1) .

وقول المصنف وابن منجا عن القاضي: أنه قال: لا تطلق في قوله عليَّ ألف حتى تختار. قال الشيخ تقي الدين مع أن «عليّ» للشرط اتفاقًا (2) .

وهل للأب خلع زوجة ابنه الصغيرة؟ على روايتين: إحداهما: ليس له ذلك.. والثانية: له ذلك وذكر الشيخ تقي الدين أنها ظاهر المذهب (3) .

وإن علق طلاقها بصفة ثم خالعها أو أبانها بالثلاث فوجدت الصفة ثم عاد فتزوجها فوجدت الصفة طلقت. ويتخرج ألا تطلق على الرواية في العتق.. وجزم في الروضة بالتسوية بين العتق والطلاق. وقال أبو الخطاب وتبعه في الترغيب: الطلاق أولى من العتق، وحكاه ابن الجوزي رواية والشيخ تقي الدين، وحكاه أيضًا قولاً.

وإن لم توجد الصفة حال البينونة عادت رواية. هكذا قال الجمهور. وذكر الشيخ تقي الدين رواية أن الصفة لا تعود مطلقًا، يعني سواء وجدت حال البينونة أو لا (4) .

(1) إنصاف 8/ 412 ف 2/ 305.

(2)

إنصاف 8/ 419 ف 2/ 305.

(3)

إنصاف 8/ 387 فيه زيادة ف 2/ 305.

(4)

إنصاف 8/ 423، 424 ف 2/ 305.

ص: 228