الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب النكاح
قال الشيخ تقي الدين: معناه في اللغة الجمع والضم على أكمل الوجوه، فإن كان اجتماعًا بالأبدان فهو الإيلاج الذي ليس بعده غاية في اجتماع البدنين. وإن كان اجتماعًا بالعقود فهو الجمع بينهما على الدوام واللزوم؛ ولهذا يقال: استنكحه المذي إذا لازمه وداومه. اهـ (1) .
هل المعقود عليه الملك، أو الاستباحة، وهل هو ملك منفعة البضع، أو ملك الانتفاع بها؟ وقيل: بل هو الحل لا الملك؛ ولهذا يقع الاستمتاع من جهة الزوجة مع أنه لا ملك لها. وقيل: المعقود عليه الازدواج كالمشاركة؛ ولهذا فرق سبحانه بين الازدواج وملك اليمين، وإليه ميل الشيخ تقي الدين؛ فيكون من باب المشاركات لا المعاوضات (2) .
والنكاح في الآيات حقيقة في العقد والوطء، وفي النهي لكل منهما (3) .
وقال شيخنا: في الإثبات لهما، وفي النهي لكل منهما، بناء على أنه إذا نهي عن شيء نهي عن بعضه، والأمر به أمر بكله في الكتاب والسنة والكلام (4) .
(1) الإنصاف 8/ 3، 4 ف 2/ 227.
(2)
الإنصاف 8/ 4 ف 2/ 277.
(3)
اختيارات 200 ف 2/ 277.
(4)
فروع 5/ 145 ف 2/ 277.
فإذا قيل مثلاً: انكح ابنة عمك كان المراد العقد والوطء، وإذا قيل: لا تنكحها تناول كل واحد منهما (1) .
والإعراض عن الأهل والأولاد ليس مما يحبه الله ورسوله، ولا هو دين الأنبياء قال تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [38/13](2) .
قال أحمد في رواية أبي داود: إذا خاف العنت أمرته أن يتزوج، وإذا أمره والده أمرته أن يتزوج. وقال في رواية جعفر: والذي يحلف بالطلاق أنه لا يتزوج أبدًا؟ قال: إن أمره أبوه تزوج. قال الشيخ تقي الدين: كأنه أراد الطلاق المضاف إلى النكاح. أو أنه كان مزوجًا فحلف ألا يتزوج أبدًا سوى امرأته. وقال في رواية المروذي: إن كان الرجل يخاف على نفسه ووالداه يمنعانه من التزوج فليس لهم ذلك (3) .
وإن احتاج الإنسان إلى النكاح وخشي العنت بتركه قدمه على الحج الواجب، وإن لم يخف قدم الحج، ونص الإمام أحمد عليه في رواية صالح وغيره، واختاره أبو بكر. وإن كانت العبادات فرض كفاية كالعلم والجهاد قدمت على النكاح إن لم يخش العنت (4) .
وإذا طلب العبد النكاح أجبر السيد في مذهب أحمد والشافعي في أحد قوليه على تزويجه؛ لأنه كالإنفاق عليه. وتزويج الأمة إذا طلبت النكاح من كفء واجب باتفاق العلماء، وصح قوله عليه الصلاة والسلام:«يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج» واستطاعة النكاح هي القدرة على المؤونة ليس القدرة على الوطء؛ فإن الحديث
(1) الإنصاف 8/ 655 ف 2/ 277.
(2)
اختيارات 200 ف 2/ 277.
(3)
الآداب ج504 ف 2/ 277.
(4)
اختيارات 201 ف 2/ 277.
إنما هو خطاب للقادر على فعل الوطء، ولهذا أمر من لم يستطع الباءة بالصوم فإنه له وجاء (1) .
القسم الثاني من لا شهوة له
…
وحكي عنه: يجب. قال الشيخ تقي الدين: كلام صاحب المحرر يدل على أن رواية وجوب النكاح منفية في حق من لا شهوة له (2) .
قال الشيخ تقي الدين: وكشف النساء وجوههن بحيث يراهن الأجانب غير جائز (3) .
ولا يجوز للمرأة أن تظهر على أجنبي ولا رقيق غير ملكها، ولو كان خصيًا -وهو الخادم- فليس له النظر إليها؛ لأنه يفعل مقدمات الجماع، ويذكر بالرجال وله شهوة وإن كان لا يحبل. وأما مملوكها ففيه قولان: أحدهما: أنها معه كالأجنبي وهو قول أبي حنيفة والمشهور عن أحمد. والثاني: أنه محرم وهو قول الشافعي وقول لأحمد (4) .
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: ظاهر كلام الإمام أحمد والقاضي كراهة نظرها إلى وجهه ويديه وقدميه، واختار الكراهة (5) .
ويحرم النظر بشهوة إلى النساء والمردان، ومن استحله كفر إجماعًا.
ويحرم النظر مع خوف ثوران الشهوة وهو منصوص عن الإمام أحمد والشافعي رحمهما الله.
ومن كرر النظر إلى الأمرد ونحوه وقال: لا أنظر بشهوة كذب في دعواه، وقاله ابن عقيل.
(1) مختصر الفتاوى ص432 ف 2/ 277.
(2)
الإنصاف 8/ 8 ف 2/ 277.
(3)
الآداب ج 1/ 316 ف 2/ 278.
(4)
مختصر الفتاوى 32 ف 2/ 278.
(5)
الإنصاف 8/ 26 ف 2/ 278.
وكل قسم متى كان معه شهوة كان حرامًا بلا ريب سواء كانت شهوة تمتع بنظر أو نظر لشهوة الوطء. واللمس كالنظر وأولى (1) .
فتصافح المرأة المرأة، والرجل الرجل، والعجوز والبرزة، غير الشابة فإنه تحرم مصافحتها للرجل ذكره في الفصول والرعاية. وقال ابن منصور لأبي عبد الله: تكره مصافحة النساء؟ قال: أكرهه. قال إسحاق بن راهويه كما قال. وقال محمد بن عبد الله بن مهران: إن أبا عبد الله سئل عن الرجل يصافح المرأة؟ قال: لا، وشدد فيه جدًا قلت: فيصافحها بثوبه؟ قال: لا.
قال رجل: فإذا كان ذا محرم؟ قال: لا. قلت: ابنته؟ قال: إذا كانت ابنته فلا بأس.
فهاتان روايتان في تحريم المصافحة، وكراهتها للنساء، والتحريم اختيار الشيخ تقي الدين وعلل بأن الملامسة أبلغ من النظر (2) .
وتحرم الخلوة بغير محرم ولو بحيوان يشتهي المرأة أو تشتهيه كالقرد وذكره ابن عقيل وابن الجوزي (3) .
وتحرم الخلوة بأمرد حسن، ومضاجعته كالمرأة الأجنبية، ولو لمصلحة التعليم والتأديب، والمقر ليتيمه أو وليه عند من يعاشره لذلك فهو ملعون ديوث. ومن عرف بمحبتهم أو معاشرتهم منع من تعليمهم (4) .
ولا تترك المرأة تذهب حيث شاءت (5) .
(1) اختيارات 200، 201 ف 2/ 278.
(2)
الإنصاف 8/ 8 ف 278.
(3)
الآداب ج 2/ 257، والفروع 5/ 157، ف 2/ 278.
(4)
اختيارات 201 والإنصاف 8/ 31 ف 2/ 278.
(5)
اختيارات 201 والإنصاف 8/ 31 ف 2/ 278.
وقال الشيخ تقي الدين: وينبغي أن يكون النظر بعد العزم على نكاحها وقبل الخطبة (1) .
نقل يعقوب بن بختان عن أحمد أنه قال: لا ينبغي للخاطب إذا خطب لقوم أن يقبل لهم هدية.
قال أبو العباس: هذا خاطب الرجل؛ لأن المرأة لا تبذل وإنما الزوج هو الذي يبذل (2) .
واختار شيخنا التحريم، قال: وهو المنقول عن السلف والأئمة الأكابر. قال: ورخص فيه بعض المتأخرين (3) .
ويباح التصريح والتعريض من صاحب العدة فيها إن كانت المعتدة ممن يحل له التزوج بها في العدة كالمختلعة، فأما إن كانت ممن لا يحل له إلا بعد انقضاء العدة كالمزني بها والموطوءة بشبهة فينبغي أن يكون كالأجنبي.
والمعتدة باستبراء كأم الولد أو التي مات سيدها أو أعتقها فينبغي أن تكون في حق الأجنبي كالمتوفى عنها زوجها. والمطلقة ثلاثًا والمنفسخ نكاحها برضاع أو لعان فيجوز التعريض بخطبتها دون التصريح.
والتعريض أنواع تارة: يذكر صفات نفسه، مثل ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة رضي الله عنها. وتارة: يذكر لها صفات نفسها. وتارة: يذكر لها طلبًا بعينه كقوله: رب راغب فيك وطالب لك. وتارة: يذكر أنه
(1) انظر مختصر الفتاوى 607، 808 وتأتي في باب الدعاوى والبينات وتقدمت في باب الحجر.
(2)
الاختيارات 194 ف 2/ 279، 267.
(3)
الفروع 4/ 655 ف 2/ 279.
طالب للنكاح ولا يعينها. وتارة: يطلب منها ما يحتمل النكاح وغيره كقوله: إذا قضى الله شيئًا كان (1) .
ولو خطبت المرأة أو خطب وليها لها الرجل ابتداء فأجابهما فينبغي ألا يحل لرجل آخر خطبتها، إلا أنه أضعف من أن يكون الرجل هو الخاطب. وكذا لو خطبته أو وليها بعد أن خطب هو امرأة. فالأول إيذاء للخاطب. والثاني: إيذاء للمخطوب، وهذا بمنزلة البيع على بيع أخيه قبل انعقاد البيع (2) .
ومن خطب تعريضًا في العدة أو بعدها فلا ينهى غيره عن الخطبة.
ولو أذنت المرأة لوليها أن يزوجها من رجل بعينه احتمل أن يحرم على غيره خطبتها، كما لو خطبت فأجابت. واحتمل ألا يحرم؛ لأنها لم يخطبها أحد،. كذا قال القاضي أبو يعلى، وهذا دليل منه على أن سكوت المرأة عند الخطبة ليس بإجابة إليها (3) بحال (4) .
ويحرم، وقيل: يكره خطبته على خطبة مسلم لا كافر، كما لا ينصحه نص عليهما إن أجيب صريحًا
…
فإن رد أو أذن جاز. وأشد تحريمًا من فرض له ولي الأمر على الصدقات أو غيرها ما يستحقه فنحى من يزاحمه أو ينزعه منه. قاله شيخنا (5) .
فصل
أركانه
وينعقد النكاح بما عده الناس نكاحًا بأي لغة ولفظ وفعل كان.
(1) اختيارات 202 ف 2/ 279.
(2)
وفي الإنصاف زيادة: وذلك كله ينبغي أن يكون حرامًا.
(3)
إليها زيادة في الإنصاف.
(4)
اختيارات ص 279 والإنصاف 8/ 37 ف 2/ 279.
(5)
فروع 5/ 195، 196 ف 2/ 279.
ومثله كل عقد (1) .
وقال في «الفائق» : وقال شيخنا: قياس المذهب صحته بما تعارفاه نكاحًا من هبة وتمليك ونحوهما أخذًا من قول الإمام أحمد: أعتقتك وجعلت عتقك صداقك (2) .
فالأسماء تعرف حدودها: تارة بالشرع، وتارة باللغة، وتارة بالعرف، وكذلك العقود (3) .
نص الإمام أحمد في رواية أبي طالب في رجل مشى إليه قومه، فقالوا: زوج فلانًا. فقال: زوجته على ألف. فرجعوا إلى الزوج فأخبروه. فقال: قد قبلت: هل يكون هذا نكاحًا؟ قال: نعم. فأشكل هذا على الأصحاب. فقال القاضي: هذا حكم بصحته بعد التفرق عن مجلس العقد. قال: وهو محمول على أنه قد كان وكل من قبل العقد عنه ثم أخبر بذلك فأمضاه. ورده ابن عقيل، وقال: رواية أبي طالب تعطي أن النكاح صحيح.
قال الشيخ تقي الدين: وقد أحسن ابن عقيل فيما قاله، وهي طريقة أبي بكر؛ فإن هذا ليس تراخيًا للقبول كما قاله القاضي، وإنما هو تراخ للإجازة.
ومسألة أبي طالب وكلام أبي بكر فيما إذا لم يكن الزوج حاضرًا في مجلس الإيجاب. وهذا أحسن. وأما إذا تفرقا من مجلس الإيجاب فليس في كلام أحمد وأبي بكر ما يدل على ذلك.
ويجوز أن يقال: إن العاقد الآخر إن كان حاضرًا اعتبر قبوله، وإن كان غائبًا جاز تراخي القبول عن الإيجاب كما قلنا في ولاية القضاء، مع
(1) اختيارات 203، زيادة إيضاح ف 2/ 279.
(2)
الإنصاف 8/ 46 ف 2/ 280.
(3)
الإنصاف 8/ 45 ف 2/ 280.
أن أصحابنا قالوا في الوكالة: إنه يجوز قبولها على الفور والتراخي، وإنما الولاية نوع من الوكالة.
وذكر القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول في تتمة رواية أبي طالب: لو قال الزوج: قبلت. صح إذا حضر شاهدان.
قال أبو العباس: وهو يقتضي بأن إجازة العقد الموقوف إذا قلنا بانعقاده تفتقر إلى شاهدين، وهو مستقيم حسن (1) .
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: قوله في «المحرر» : «ولا يصح تعليقه بشرط مستقبل» أظن قصد بذلك الاحتراز عن تعليقه بمشيئة الله تعالى. ودخل في ذلك قوله: إذا قال زوجتك هذا المولود إن كان أنثى، أو زوجتك بنتي إذا انقضت عدتها، أو إن لم تكن تزوجت، ونحو ذلك من الشروط الحاضرة والماضية. وكذا ذكر الجد الأعلى: أنه لا يجوز تعليقه على شرط مستقبل ولم أرها لغيره. اهـ (2) .
وسئل الشيخ تقي الدين عن رجل لم يقدر أن يقول إلا قبلت (تجويزها) بتقديم الجيم فأجاب بالصحة بدليل قوله: جوزتي طالق. فإنها تطلق. اهـ (3)
وصرح الأصحاب بصحة نكاح الأخرس إذا فهمت إشارته. قال في «المجرد والفصول» : يجوز تزويج الأخرس لنفسه إذا كانت له إشارة تفهم.
ومفهوم هذا الكلام ألا يكون الأخرس وليًا ولا وكيلاً لغيره في النكاح، وهو مقتضى تعليل القاضي في الجامع؛ لأنه يستفاد من غيره. ويحتمل أن يكون وليًا لا وكيلاً وهو أقيس (4) .
(1) اختيارات 203، 204 والإنصاف في البعض منهما زيادة إيضاح.
(2)
الإنصاف 8/ 164 ف 2/ 280.
(3)
إنصاف 8/ 46 ف 2/ 280.
(4)
اختيارات 204 ف 2/ 280.
شروطه
رضاهما
والشرط بين الناس ما عدوه شرطًا (1) .
واختار أبو بكر والشيخ تقي الدين عدم إجبار بنت تسع سنين بكرًا كانت أو ثيبًا.
قال في رواية عبد الله: إذا بلغت تسع سنين فلا يزوجها أبوها ولا غيره إلا بإذنهاٍ.
قال بعض المتأخرين من الأصحاب: وهو الأقوى.
وذكر أبو الخطاب وغيره رواية: لا إذن لها وصححه الناظم، وقال الشيخ تقي الدين: لا أعلم أحدًا ذكرها قبله، مع أنه لم يذكرها في رءوس المسائل (2) .
فإن كانت صغيرة أو مجنونة فلها الخيار إذا بلغت. وقيل: لها الخيار إذا بلغت تسعًا.
وقال ابن عقيل: إذا بلغت سبعًا. وقال الشيخ تقي الدين: اعتبار إذنها بالتسع أو السبع ضعيف؛ لأن هذا ولاية استقلال وولاية الاستقلال لا تثبت إلا بالبلوغ كالعفو عن القصاص والشفعة، وكالبيع؛ بخلاف ابتداء العقد فإنه يتولاه الوالي بإذنها فتجتمع الروايتان وبينهما فرق. اهـ (3)
وإذن الثيب الكلام. وإذن البكر الصمات. قال أبو العباس بعد
(1) اختيارات ص 203 ف 2/ 280.
(2)
الإنصاف 8/ 55، 57 ف 2/ 280.
(3)
إنصاف 8/ 181 ف 2/ 281.
ذكره لقول أبي حنيفة ومالك: تزوج المثابة بالزنا بالجبر كما تزوج البكر: هذا قول قوي (1) .
روي عن الإمام أحمد ما يدل على أنه لا تجبر الأمة الكبيرة، قال الشيخ تقي الدين: ظاهر هذا أنه لا يجبر الأمة الكبيرة بناء على أن منفعة البضع ليس بمال (2) .
حيث قلنا بإجبار المرأة ولها إذن أخذ بتعيينها كفوءًا على الصحيح من المذهب، قال الشيخ تقي الدين: هذا ظاهر المذهب (3) .
قال الشيخ تقي الدين: يعتبر في الاستئذان تسمية الزوج على وجه تقع المعرفة به، ولا يشترط تسمية المهر على الصحيح. نقله الزركشي (4) .
قال الشيخ تقي الدين: وفي المذهب خلاف شاذ يشترط الإشهاد على إذنها. اهـ (5) .
والجد كالأب في الإجبار، وهو رواية عن الإمام أحمد (6) .
الولي
ويتخرج لنا مثل قول أبي حنيفة: أن الولي كل وارث بفرض أو تعصيب. ولغير العصبة من الأقارب التزويج عند عدم العصبة.
ويتخرج على ذلك ما إذا قدمنا التوريث لذوي الأرحام على التوريث بالولاء.
(1) اختيارات 205 ف 2/ 280.
(2)
إنصاف 8/ 59 ف 2/ 280.
(3)
إنصاف 8/ 59 ف 2/ 280.
(4)
إنصاف 8/ 64 ف 2/ 280.
(5)
إنصاف 8/ 64 ف 2/ 280.
(6)
اختيارات 204 ف 2/ 280.
وإذا كانت المرأة يهودية ووليها نصرانيًا أو بالعكس فينبغي أن يخرج على الروايتين في توارثهما وقبول شهادته عليها إذا قلنا تقبل من أهل الذمة بعضهم على بعض، وكذلك في ولاية المال والعقل.
ويضم إلى الولي الفاسق أمين كالوصي في رواية.
ولو قيل: إن الابن والأب سواء في ولاية النكاح، كما إذا أوصى لأقرب قرابته لكان متوجهًا.
ويتخرج لنا أن الابن أولى من الأب إذا قلنا الأخ أولى من الجد. وقد حكى ذلك ابن المنيَّ في تعاليقه، فقال: يقدم الابن على الأب على قول عندنا (1) .
وعنه: لها تزويج أمتها ومعتقتها واختاره الشيخ تقي الدين (2) .
قال أبو العباس: وفرق القاضي وعامة الأصحاب على هذه الرواية بين تزويج أمتها وتزويج نفسها وغيرها بأن التزويج على الملك لا يحتاج إلى أهلية الولاية بدليل تزويج الفاسق مملوكته، وتبعهم هو أيضًا وجعل التخريج غلطًا (3) .
وقيل يختص الجواز بما إذا زوج عبده أمته؛ لأنه يتصرف بحكم الملك، وجود أبو العباس هذا (4) .
قال الإمام أحمد في رواية محمد بن الحسن في الأخوين الصغير والكبير ينبغي أن ينظر إلى العقل والرأي وكذلك قال في رواية الأثرم في
(1) اختيارات 205 ف 2/ 281.
(2)
إنصاف 8/ 68 وفروع 5/ 176 ف 2/ 281.
(3)
الزركشي 3/ 42 هذا أحسن مما في المجموع ف 2/ 281.
(4)
الزركشي 3/ 44 ف 2/ 281.
الأخوين الصغير والكبير كلاهما سواء، إلا أنه ينبغي أن ينظر في ذلك إلى العقل والرأي.
وظاهر كلام أحمد هذا يقتضي أنه لا أثر للسن هنا، وأصحابنا اعتبروه (1) .
قال الإمام أحمد في رواية حنبل: لا يعقد نصراني ولا يهودي عقدة نكاح لمسلم ولا مسلمة، ولا يكونان وليين لمسلم ولا مسلمة؛ بل لا يكون الولي إلا مسلمًا.
وهذا يقتضي أن الكافر لا يزوج مسلمة بولاية ولا وكالة. وظاهره يقتضي أن لا ولاية للكافر على بنته الكافرة في تزويجها لمسلم.
قال أبو العباس في موضع آخر: لا ينبغي أن يكون متوليًا لنكاح مسلم؛ ولكن لا يظهر بطلان العقد؛ فإنه ليس على بطلانه دليل شرعي (2) .
وإن تعذر من له ولاية النكاح انتقلت الولاية إلى أصلح من يوجد ممن له نوع ولاية في غير النكاح كرئيس القرية، وهو المراد بالدهقان، وأمير القافلة، ونحوه.
قال الإمام أحمد، في رواية المروذي: البلد يكون فيه الوالي وليس فيه قاض يزوج إذا احتاط للمرأة في المهر والكفء أرجو ألا يكون به بأس. وهذا من الإمام أحمد يقتضي أن الولي ينظر في المهر وأن أمره ليس مفوضًا إليها وحدها، كما أن أمر الكفؤ ليس مفوضًا لها وحدها.
وقال في رواية الأثرم وصالح وأبي الحارث عن المهر: لا نجد فيه
(1) الإنصاف 8/ 87 والاختيارات 206 وعبارة الإنصاف أوضح ف 2/ 282.
(2)
اختيارات ص 206 ف 2/ 282.
حدًا هو ما تراضى عليه الأهلون. وهو في رواية المروذي: ما تراضى عليه الأهلون في النكاح جائز. وهو يقتضي أن للأهلين نظرًا في الصداق. ولو كان أمره إليها فقط لما كان لذكر الأهلين معنى.
وتزويج الأيامى فرض كفاية إجماعًا. فإن أباه حاكم إلا بظلم كطلبه جعلاً لا يستحقه صار وجوده كعدمه (1) .
قال الشيخ تقي الدين: ومن صور العضل إذا امتنع الخطاب من خطبتها لشدة الولي (2) .
ويزوج ولي المال الصغير (3) .
واشترط الجد في المحرر في الولي كونه رشيدًا. والرشد في الولي هنا هو المعرفة بالكفء ومصالح النكاح، ليس حفظ المال (4) .
وإن لم يعلم وجود الأقرب في الكل حتى زوج الأبعد فقد يقال بطرد القاعدة والقياس أنه لا يصح النكاح، كالجهل الشرعي، مثل أن يعتقد صحة النكاح بلا ولي، أو بالولي الأبعد، أو بلا شهود. وقد يقال: يصح النكاح، كما أن المعتبر في الشهود والولي هو العدالة الظاهرة على الصحيح. فلو ظهر فيما بعد أنهم كانوا فاسقين وقت العقد ففيه وجهان ثابتان. ويؤيد هذا أن الولي الأقرب إنما يشترط إذا أمكن. فأما مع تعذره فيسقط، كما لو عضل أو غاب. وبهذا قيد ابن أبي موسى
(1) اختيارات 204، 205 فيه زيادات ف 2/ 282.
(2)
إنصاف 8/ 75 ف 2/ 283.
(3)
وفي الإنصاف ج 8/ 86 نقلاً عن صاحب الفروع: وظاهر كلام الكافي وصاحب المحرر: للوصي مطلقًا تزويجه يعني سواء كان وصيًا في التزويج أو في غيره وجزم به الشيخ تقي الدين رحمه الله وأنه قولهما أن وصي المال يزوج الصغير.
(4)
اختيارات 205 والإنصاف 8/ 74 ف 2/ 283.
وغيره. وهذا معنى قول الجماعة: إذا زوج الأبعد مع القدرة على الأقرب لم يصح.
ومن لم يعلم أنه نسيب فهو غير مقدور على استئذانه فيسقط بعدم العلم، كما يسقط بالبعد. وهذا إذا لم ينتسب في عدم العلم إلى تفريط.
ومن هذا لو زوجت بنت الملاعن ثم استلحقها الأب فلو قلنا بالأول لكان يتعين ألا يصح النكاح وهو بعيد؛ بل الصواب أنه يصح (1) .
وكذلك إذا علم أنه قريب ولكن لا يعلم مكانه، وهو حسن، مع أن كلام الخرقي لا يأباه.
قال الشيخ تقي الدين: وكذلك لو كان الولي مجهولاً لا يعلم أنه عصبة ثم عرف بعد (2) .
ولو زوج المراة وليان وجهل أسبق العقدين ففيه روايتان؛ إحداهما: يتميز الأسبق بالقرعة. والذي يجب أن يقال على هذه الرواية أن من خرجت له القرعة فهي زوجته بحيث يجب عليه نفقتها وسكناها. ولو مات ورثته؛ لكن لا يطؤها حتى يجدد العقد لحل الوطء فقط. هذا قياس المذهب. أو يقال: إنه لا يحكم بالزوجية إلا بالتجديد، ويكون التجديد واجبًا عليه وعليها. كما كان الطلاق واجبًا على الآخر.
والرواية الثانية: يفسخ النكاحان. ومن أصحابنا من ذكر أنهما يطلقانها. فعلى هذا هل يكون الطلاق واقعًا بحيث تنقضي العدة. ولو تزوجها ينبغي ألا يكون كذلك؛ لأنه لا ينبغي وقوع الطلاق به.
فإن ماتت المرأة قبل الفسخ والطلاق فذكر أبو محمد المقدسي
(1) اختيارات 205، 206 ف 2/ 283.
(2)
الإنصاف 8/ 77 ف 2/ 283.
احتمالين أحدهما: لأحدهما نصف الميراث وربع النفقة حتى يصطلحا عليه. والثاني: يقرع بينهما، فمن قرع حلف أنه استحق وورث.
وقال أبو العباس: وكلا الوجهين لا يخرج على المذهب. أما الأول فلأنه لا تتفق (1) الخصومات: وأما الثاني: فكيف يحلف من قال: لا أعرف الحال؟ وإنما المذهب (2) أيهما قرع فله الميراث بلا يمين.
وأما على قولنا: لا يقرع فإذا قلنا أنها تأخذ من أحدهما نصف المهر بالقرعة فكذلك يرثها أحدهما بالقرعة. بطريق الأولى.
وإن قلنا: لا مهر. فهذا قد يقال بالقرعة أيضًا (3) .
وإن زوج اثنان ولم يعلم السابق قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية ابن منصور: ما أرى لواحد منهما نكاحًا. والرواية الثانية من أصل المسألة يقرع بينهما. وعنه هي للقارع من غير تجديد عقد واختاره الشيخ تقي الدين.
فعلى القول بأنه يجدد نكاحه قال المصنف ينبغي ألا تجبر المرأة على نكاح من خرجت له القرعة، بل لها أن تتزوج من شاءت منهما ومن غيرهما. قال الشيخ تقي الدين: وليس هذا بالجيد؛ فإن على هذا القول إذا أمرنا المقروع بالقرعة وقلنا لها ألا تتزوج القارع خلت منهما فلا يبقى بين الروايتين فرق، ولا يبقى للقرعة أثر أصلاً؛ بل تكون لغوًا، وهذا تخليط. وإنما على هذا القول يجب أن يقال هي زوجة القارع بحيث يجب عليه نفقتها وسكناها ولو مات ورثته؛ لكن لا يطؤها حتى يجدد العقد فيكون تجديد العقد لحل الوطء فقط. هذا قياس المذهب: أو يقال إنه لا يحكم بالزوجية إلا بالتجديد ويكون التجديد واجبًا عليه
(1) عبارة الإنصاف لا نقف الخصومات فقط.
(2)
في الإنصاف زيادة على رواية القرع.
(3)
اختيارات ص 206، 207 وعبارة الإنصاف كما يأتي:
وعليها كما كان الطلاق واجبًا على الآخر. وليس في كلام الإمام أحمد رحمه الله تعرض للطلاق ولا لتجديد الآخر النكاح. ثم القرعة جعلها الشارع حجة وبينة تفيد الحل ظاهرًا كالشهادة والنكول ونحوهما. اهـ (1) .
ولو قال السيد لأمته أعتقتك وجعلت عتقك صداقك صح. وعنه: لا يصح حتى يستأنف نكاحها بإذنها، فإن أبت ذلك فعليه قيمتها. وقال ابن أبي موسى: إحدى الروايتين أنه يستأنف العقد عليها بإذنه دون إذنها ورضاها؛ لأن العقد وقع على هذا الشرط فيوكل من يعقد له النكاح بأمره. قال الشيخ تقي الدين: وهذا حسن (2) .
وإن قال: قد جعلت عتق أمتي صداقها، أو قال: أعتقتها وجعلت عتقها صداقها صح بذلك العتق والنكاح، وهو مذهب الإمام أحمد.
ويتوجه ألا يصح العتق إذا قال قد جعلت عتقك صداقك فلم تقبل؛ لأن العتق لم يصر صداقًا وهو لم يوقع غير ذلك. ويتوجه ألا يصح وإن قبلت؛ لأن هذا القبول لا يصير به العتق صداقًا فلم يتحقق ما قال.
ويتوجه في الصورة الثانية (3) أنها إن قبلت صارت زوجة، وإلا عتقت مجانًا، أو لم تعتق بحال.
وإذا قلنا: إلحاق الشرط لا يغير الطلاق فإلحاق العتق في النكاح بطريق الأولى.
(1) الإنصاف 8/ 90 ف 2/ 283.
(2)
إنصاف 8/ 97، 98 ف 2/ 283.
(3)
في الإنصاف: ويتوجه في قوله: قد أعتقتها وجعلت عتقها صداقها وعبارة الإنصاف ج8/ 76، 77: «وإن عتقت الأمة وزوجها حر فلا خيار لها
…
وعنه لها الخيار، واختار الشيخ تقي الدين وغيره أن لها الخيار في الفسخ تحت حر إن كان زوج بريرة عبدًا، لأنها ملكت رقبتها فلا يملك عليها إلا باختيارها» .
فعلى هذا إذا قال أعتقتك وجعلت عتقك صداقك فإنه يقع العتق ولا يلزمها النكاح ولا قيمة نفسها.
ويتخرج ثبوت الخيار أو اعتبار إذنها من عتقها بجنب حر، فإن الخيار يثبت لها في رواية. وكذلك إذا عتقا معًا. فإذا كان حدوث الحرية بعد العتق يثبت الفسخ فالمقارنة أولى أن تثبت الفسخ.
ولو أعتقها وزوجها من غيره وجعل عتقها صداقها فقياس المذهب صحته؛ لأنهم قالوا: الوقت الذي جعل فيه العتق صداقًا كان يملك إجبارها في حق الأجنبي فلم يبق إلا أنه جعل ملك بضعها وقت حريتها صداقًا، وهذا لا يؤثر، كما لو كان هو المتزوج.
ويدل على ذلك أن أصحابنا قالوا: إذا قال: زوجتك هذه على أنها حرة صح وإن لم يعلمه أنه أعتقها قبل ذلك، ويكون هو المصدق لها عن الزوج.
ويحتمل أن يقال: هو السيد خاصة؛ لأنه لا يمكنه أن يتزوجها وهي رقيقة. وعلى هذا فسواء قال: أعتقتها وزوجتها منك أو زوجتها منك وأعتقتها.
ولو قال: أعتقت أمتي وزوجتكها على ألف درهم. فقياس المذهب جوازه. فهو مثل أن يقول: أعتقتها وأكريتها منك سنة بألف درهم. وهذا بمنزلة استثناء الخدمة، مثل أن يقول أعتقتك على خدمة سنة.
ولو قال أعتقتك وتزوجتك على ألف درهم صح هذا النكاح بطريق الأولى؛ لأنه لم يجعل العتق صداقًا.
ولو قال: وهبتك هذه الجارية وزوجتها من فلان أو هبتكها وأكريتها من فلان، أو بعتكها وزوجتها أو أكريتها من فلان فقياس المذهب صحته؛ لأنه في معنى استثناء المنفعة.
وحاصله: أنا نجوز (1) العتق والوقف والهبة والبيع مع استثناء منفعة الخدمة فقد جوزنا (2) أن الإعتاق والإنكاح في زمن واحد وجعلنا ذلك بمنزلة الإنكاح قبل الإعتاق؛ لأنها حين الإعتاق لم تخرج من ملكه (3) .
وإن قال: أعتق عبدك عني على أن أزوجك ابنتي أو أمتي ففعل عتق ولزمته قيمته؛ لأن الأموال لا يستحق العقد عليها بالشرط. قال القاضي أبو الخطاب: لأنه سلف في النكاح. وقال الشيخ تقي الدين: يتوجه صحة السلف في العقود كما يصح في غيره ويصير العقد مستحقًا على المستسلف إن فعل وإلا قام الحاكم مقامه، ولأن هذا بمنزلة الهبة المشروط فيها الثواب (4) .
وكذلك العبد إذا تزوج بغير إذن مواليه ثم أذنوا له بعد العتق فهو على النزاع، ويسمى نكاح الفضولي (5) .
الشهادة
وعنه: ينعقد بحضور فاسقين، ورجل وامرأتين، ومراهقين عاقلين. قال في الفروع: وأسقط رواية الفسق أكثرهم. وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله: هي ظاهر كلام الخرقي (6) .
الكفاءة
ولا يصح لأحد أن ينكح موليته رافضيًا ولا من يترك الصلاة.
(1) نسخة كما جوزنا.
(2)
بياض في الاختيارات.
(3)
الاختيارات 207- 209 ف 2/ 213.
(4)
إنصاف 8/ 100 ف 2/ 283.
(5)
مختصر الفتاوى 425 ف 2/ 284.
(6)
الإنصاف 8 ص 102 ف 2/ 283.
ومتى زوجوه على أنه سني يصلي فبان أنه رافضي أو لا يصلي أو كان قد تاب ثم عاد إلى الرفض وترك الصلاة فإنهم يفسخون نكاحه إذا قيل إنه صحيح (1) .
والذي يقتضيه كلام أحمد أن الرجل إذا تبين له أنه ليس بكفء فرق بينهما، وأنه ليس للولي أن يزوج المرأة من غير كفء، ولا للزوج أن يتزوج ولا للمرأة أن تفعل ذلك. وأن الكفاءة ليست بمنزلة الأمور المالية مثل مهر المرأة إن أحبت المرأة والأولياء طلبوه وإلا تركوه، ولكنه أمر ينبغي لهم اعتباره وإن كانت منفعته تتعلق بغيرهما.
وفقد النسب والدين لا يقر معهما النكاح بغير خلاف عن أحمد.
وفقد الحرية غير مبطل بغير خلاف عنه؛ بل يثبت به الخيار لمن يختار الفسخ.
وفقد اليسار: هل يثبت به الخيار؟ روايتان:
وحيث ثبت الخيار بفقد الكفاءة فللمرأة أو لوليها الفسخ. وهذا على التراخي في ظاهر الرواية (2) . فعلى هذا يسقط خيارها بما يحصل منهما مما يدل على الرضا من قول أو فعل.
وأما خيار الأولياء فلا يسقط إلا بالقول. ويفتقر الفسخ به إلى حاكم في قياس المذهب كالفسخ بالعيوب للاختلاف فيه.
ولو كان الزوج ناقصًا من وجه آخر مثل أن كان دونها في النسب فرضوا به، ثم بان فاسقًا وهي عدل. فههنا ينبغي ثبوت الخيار، كما لو رضيت به لعلة مثل الجذام فظهر به عيب آخر كالجنون والعنة. فأما إن رضوا بفسقه من وجه فبان فاسقًا من آخر مثل أن ظنوه يشرب الخمر
(1) مختصر الفتاوى 433. الموجودة هناك فيها نقص ف 2/ 284.
(2)
وفي الإنصاف: وعلى التراضي في ظاهر المذهب؛ لأنه خيار لنقص في المعقود عليه.
فظهر أنه يشرب الخمر ويلوط أو يشهد بالزور أو يقطع الطريق. وبيض لذلك أبو العباس.
وإن حدثت له الكفاءة مقارنة بأن يقول سيد العبد بعد إيجاب النكاح له قبلت له النكاح وأعتقته فقياس المذهب صحة ذلك. وتخرج رواية أخرى على مسألة ما إذا أعتقهما معًا، وعلى مسألة ما إذا قال: أعتقتك وجعلت عتقك صداقك (1)(2) .
قال الشيخ تقي الدين: طريقة المجد في المحرر أن الصفات الخمس معتبرة في الكفاءة قولاً واحدًا. ثم هل يبطل النكاح فقدها، أو لا يبطله لكن يثبت الفسخ، أو يبطله فقد الدين والمنصب ويثبت الفسخ فقد الثلاثة على ثلاث روايات، وهي طريقته اهـ (3) .
وقال الشيخ تقي الدين: لم أجد نصًا عن الإمام أحمد رحمه الله ببطلان النكاح لفقر أو رق ولم أجد عنه أيضًا نصًا بإقرار النكاح مع عدم الدين والمنصب خلافًا. واختار أن النسب لا اعتبار به في الكفاءة، واستدل الشيخ تقي الدين بقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [13/49] . وعنه: لا تزوج قرشية بغير قرشي ولا هاشمية بغير هاشمي، ورد الشيخ تقي الدين رحمه الله هذه الرواية، وقال: ليس في كلام الإمام أحمد رضي الله عنه ما يدل عليها، وإنما المنصوص عنه في رواية الجماعة: أن قريشًا بعضهم لبعض أكفاء.
(1) اختيارات 208-210 زيادة أحكام وإيضاح ف 2/ 284.
(2)
وفي الإنصاف ج 8/ 110 بعد قوله فلو وجدت الكفاءة في النكاح حال العقد بأن يقول الخ. «فقال الشيخ تقي الدين قياس المذهب صحته قال: ويتخرج فيه وجه آخر بمنعها» .
(3)
الإنصاف 8/ 107 ف 2/ 284.