الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مخطوطات العين:
لقد ذكر الكرملي أنه كان قد عثر على ثلاث نسخ مختلفة في العراق، ولكن للأسف لم يمكننا للآن الحصول على إحدى النسخ الثلاث -ولعل الظروف تواتينا بإحداها مع مواصلة البحث إن شاء الله.
ونضيف إلى هذا أننا عثرنا على نسختين الآن إحداهما في متحف بغداد كتبت بخط السماوي عام 1936م- والأخرى في ألمانيا، وكانت في برلين حتى الحرب العالمية الثانية، ثم نقلت إلى مكتبة جامعة توبنجن، وتاريخها عام 1927م، وقد أمكننا تصوير كل منهما على "مايكرو فيلم".
وإليك وصفًا موجزًا لكل من المخطوطتين:
أ- مخطوطة بغداد:
تقع هذه المخطوطة في جزءين كل جزء يكون أربعمائة صحيفة، وهي بالخط الفارسي. وفي كل صحيفة خمسة وعشرون سطرًا، وبكل سطر حوالي خمس عشرة كلمة. والخط رغم إمكانية قراءته إلا أنه ليس تام الوضوح. ويبدأ الجزء الثاني بأول حرف القاف. وكل جزء قد رقمت فيه الصفحات ترقيما مستقلًّا الأول إلى ص400 وابتدأ الثاني بصحيفة 1، وانتهى 397 وفي آخر الكتاب نجد هذه العبارة.
"وقد نجز النصف الثاني من الكتاب المسمى بالعين المنسوب1 إلى الخليل بن أحمد، بقلم أقل العباد ذي المساوي محمد بن الشيخ طاهر المعروف بالسماوي
1 كلمة "المنسوب" هنا لم يقصد بها السماوي ذكر رأيه في الكتاب؛ لأنه في أول الجزء الأول، والثاني كتب العنوان "كتاب العين في اللغة للخليل بن أحمد".
في النجف في اليوم التاسع والعشرين صفر الخير سنة ألف وثلاثمائة وخمس وخمسين من الهجرة، على نسخة كثيرة التحريف، والتصحيف قاسيت فيها عرق القربة، وسححت منها الأغلب حسب الجهد حامد الله مصليًا على رسوله وآله.
وقد قدر الكرملي أن طبع الكتاب يستغرق 2500 صحيفة في خمسة أجزاء. وبهذه المناسبة ترى أن ابن النديم1 قد ذكر أن بعض الوراقين أحضر كتاب العين من خراسان في خمسين جزءًا حيث دفع فيها ابن دريد 50 دينارًا، وكان ذلك حوالي 250هـ.
وهنا أيضًا نستدل من كلام ابن النديم على أن كتاب العين ألف أولًا في خراسان. وهذا يتفق مع ما ذكرناه. كما يفسر لنا أيضًا كيف أن اللغويين في البصرة، والكوفة لم يطلع أكثرهم عليه.
ويظهر أن كلمة "أجزاء" ليست مستعملة في معناها الذي نفهمه اليوم. فقد كان أصحاب الطبقات يعبرون مرة بكلمة جزء، وثانية بكلمة دفتر وأخرى بكلمة كراسة، وهم يعنون من كل ذلك معنى القسم فقط. ولذلك لا غضاضة على السماوي أن ينسخ الكتاب في جزءين، ولا على الكرملي أن يقدر لطبعة خمسة أجزاء.
ب- نسخة ألمانيا:
لقد نقلت هذه النسخة عن مخطوطة أخرى في بغداد حديثًا أيضًا بإشراف المستشرق ريتر. وتكون هذه النسخة جزءين أيضًا يبدأ الثاني قبل بداية حرف القاف بقليل. ويظهر أن الناسخ لاحظ أنه من غير المناسب أن يبدأ الجزم وسط الكلام على حرف من الحروف. ولذا نجده قد اعتذر عن ذلك
1 الفهرس ص76.
في أول الجزء الثاني حيث يخبرنا بأنه نصف الكتاب في هذا الموضع، "ولكل امرئ أن يفعل بملكه ما يشاء".
أما أرقام الصفحات فتكون وحدة غير مجزأة فيبدأ الجزء الثاني برقم 412، وينتهي برقم 842. وكل صحيفة في تلك النسخة تشمل 25 سطرًا بكل سطر أربع عشرة كلمة في المتوسط، وهي بخط النسخ الواضح. وفي نهايتها نجد تعليق ناسخها.
هذا آخر كتاب اللغة الموسوم بالعين، وقد وقع الفراغ من كتابته تحريرًا في ساعة التاسع من نهار الأربعاء سابع وعشرون من جمادى الأولى سنة 1346 هجرية، وعلى مهاجريها آلاف التحية على قلم الآثم محمد علي بن المرحوم عبد الحسين الأصفهاني الكاظمي.
كما عقب ذلك بذكر من كتبت له النسخة فكتب:
"الحمد لله أولًا وآخرًا على إتمام هذا الكتاب المستطاب في اللغة العربية المسمى بالعين. نسخ هذا الكتاب للسعي بالعين في اللغة للإمام خليل بن أحمد النحوي على نسخة في خزانة حضرة العلامة حجة الإسلام السيد حسن الصدر، دامت بركاته بحسب الآمر حضرة العلامة السيد محمد علي هبة الدين الشهرستاني رئيس مجلس التمييز الشرعي، ووزير المعارف الأسبق في العراق في تاريخ 27 جمادى الأولى سنة 1346هـ".
ونضيف إلى هذا أن نسخة الأب أنستاس المطبوعة نفسها -حيث سنعتبرها مرجعًا عند تحقيق كتاب العين، وطبعه -تختلف اختلافًا بسيطًا عن نسختي ألمانيا والمتحف العراقي. وهذا لا يغير شيئًا من جوهر الكتاب.
إلا أن هناك شيئًا هامًّا وهو أن كثيرًا من الأبيات غير منسوب إلى قائله في نسختي ألمانيا وبغداد. ولكنه منسوب في نسخة الكرملي -فهل يعني
هذا أن الكرملي أضاف النسبة من عنده في صلب الكتاب دون التنبيه على ذلك في الهامش؟ سيظل الجواب القاطع غير معروف حتى نعثر على إحدى النسخ التي اعتمد عليها الكرملي، ولكن أستاذنا الجليل إبراهيم مصطفى عضو المجمع اللغوي المصري يرجح أن هذه النسبة من وضع الأب أنستاس نفسه؛ لأن اللغويين الأقدمين لم يكن يعينهم القائل للأبيات بقدر ما يعنيهم صحة الأبيات نفسها، ويعزز هذا أن شواهد سيبويه قد ذكرت دون نسبة، ثم أضاف الرواة هذه النسبة فيما بعد.
وإذ قد انتهينا من ذكر تعظيم كتاب العين، وما قيل حول مؤلفه، وكذلك من ذكر أصحاب المعاجم الذين اقتفوا أثره. نرى من الخير أن نستمر في عرض كتاب اللغويين الآخرين عرضًا موجزًا لنرى إلى أي حد افترقوا في التنظيم عن الخليل، وإن لم يفترقوا عنه في تعبيراتهم، أو أسلوبهم في الشرح.