المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: مختصر العين للزبيدي: - المعاجم العربية مع اعتناء خاص بمعجم العين للخليل بن أحمد

[عبد الله درويش]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الباب الأول: المرحلة الأولى في تنظيم المعجم العربي مرحلة التقليبات

- ‌نبذة عن حياة الخليل

- ‌طريقة الخليل في "العين

- ‌اللغويون الذين ساروا على نهج الخليل في المشرق:

- ‌أولًا- جمهرة ابن دريد:

- ‌ثانيًا- تهذيب الأزهري:

- ‌المعاجم التي اتبعت نظام العين في المغرب:

- ‌ثانيًا: مختصر العين للزبيدي:

- ‌ثالثًا: محكم ابن سيده:

- ‌الباب الثاني: الخلاف حول كتاب العين

- ‌مدخل

- ‌الآراء حول كتاب العين:

- ‌مناقشة الآراء في "العين

- ‌كتاب العين يتحدث:

- ‌كيف وضعت الفكرة الأولى للعين:

- ‌الكرملي وكتاب العين:

- ‌مخطوطات العين:

- ‌الباب الثالث: المرحلة الثانية في تطور المعاجم نظام القافية

- ‌أولا: صحاح الجوهري

- ‌ثانيًا: لسان العرب:

- ‌ثالثا: قاموس الفيروزبادي

- ‌رابعًا: تاج العروس:

- ‌الشدياق ونقده للقاموس:

- ‌الباب الرابع: المرحلة الثالثة من ترتيب المعاجم مرحلة الترتيب الأبجدي العادي

- ‌تنظيم الأبجدية العادية

- ‌المجمل والمقاييس لابن فارس:

- ‌أساس البلاغة للزمخشري:

- ‌الموجزات:

- ‌المعاجم اللبنانية الحديثة:

- ‌معاجم المستشرقين:

- ‌قاموس المجمع اللغوي: "المعجم الكبير

- ‌الخاتمة

- ‌الفهرس

الفصل: ‌ثانيا: مختصر العين للزبيدي:

‌ثانيًا: مختصر العين للزبيدي:

كان من بين تلاميذ القالي النابغين أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي الذي كان له حظ في أن يكون مؤدبًا لولد الخليفة الحكم المستنصر بالله وولي عهده هشام. وعندما أصبح هذا الأمير خليفة اختير الزبيدي لتولي منصب القضاء، فعين قاضي قرطبة. ثم وافته منيته عام 379هـ.

ولقد كان للزبيدي باع طويل في العلوم الأدبية، وكان له إلى جانب ذلك قصائد من الشعر تخلو عن تعمل الفقهاء، واللغويين1 وإن وفاءه لأستاذه القالي ليظهر واضحًا في وصفه للأمالي التي قال فيها:"ولا نعلم أحدًا من اللغويين ألف مثله".

ومن كتب الزبيدي التي لها اتصال بالبحوث اللغوية كتاب "لحن العامة"، ولكنه لم يصل إلينا. أما كتبه الأخرى فيعنينا منها بجانب مختصر العين كتابان هما "طبقات اللغويين"، وكتاب "الاستدراك على أبنية سيبويه".

كتاب الطبقات:

جمع فيه تراجم قصيرة لكل من تقدمه من النحويين واللغويين، وقسمهم إلى مجموعات تشمل البصريين، والكوفيين والمصريين من اللغويين، وكان في استعراضه لكل مجموعة يذكرهم حسب ترتيب الأجيال الزمنية، ويسمى كل جيل من هؤلاء طبقة وقد طبع هذا الكتاب.

1 فمن ذلك قوله:

ويحك يا سلم لا تراعي

لا بد للعين من زماع

لا تحسبيني صبرت إلا

كصبر ميت على النزاع

ما خلق الله من عذاب

أشد من وقفة الوداع

ص: 35

ويرى بعض المستشرقين أن النسخة التي بين أيدينا الآن هي اختصار لنسخة أخرى عملها الزبيدي أيضًا، وكانت أكبر حجمًا وأوفى بيانات من النسخة الحالية، وإذا صح هذا فيمكننا أن نهتدي إلى شيء من رأي الزبيدي في كتاب العين على ضوء هذه النظرية. فقد ذكر لنا الزبيدي -في النسخة المطبوعة- أن الخليل كان رأس المدرسة البصرية، وأنه كان أعظم اللغويين في عصره ولكنه لم يشر بشيء إلى؟؟؟ الخليل بكتاب العين. وربما يكون قد ذكر رأيه في الأصل المطول لكتابه الطبقات، واكتفى من ذكر رأيه في النسخة المختصرة: ببيان هذا الرأي في مقدمة مختصر العين الذي يمكن أن نوجزه1 في أن الخليل وسع أصل الكتاب، ثم خشاه بعد وفاته قوم آخرون.

كتاب الاستدراك على أبنية سيبويه:

وموضوع هذا الكتاب تعليقات على ما ذكره سيبويه في باب أبنية الأسماء في "الكتاب"، وقد أبدى الزبيدي ملاحظاته على هذه الأبنية من نواح عدة وسارت خطته فيها على مبدأين أساسيين:

1-

لم يوافق سيبويه في العدد، بل زاد عليه أو نقص منه أحيانًا، فعندما يذكر سيبويه مثلًا أن النون تزاد في عشرة أبنية يبين الزبيدي أنه عثر على أبنية أخرى مما يرتفع بالعدد إلى اثني عشر بناء وهكذا.

ويذكر الزيادة؟؟؟ عنوان فرعي يعبر عنه بقوله: "ومما يستدرك عليه" ولعل اسم الكتاب قد أخذ من هذا التعبير.

2-

يأخذ في شرح المفردات الغريبة تحت عنوان "غريب الباب"، وهنا لا نجد الزبيدي يلتزم في شرحه للمفردات المنهج الذي وضعه لنفسه في كتاب

1 سيأتي تفصيل هذا الرأي عند مناقشة آراء اللغويين في كتاب العين.

ص: 36

"مختصر العين" بل إنه قد افترق عنه، فأفسح لنفسه المجال هنا بأن شرح المفردات في شيء من الاسهاب كما نقل عن الرواة السابقين الذين يصرح بذكرهم في أغلب الأحيان، ولم يفته أن يحتج بالشواهد المألوف الاحتجاج بها لدى أصحاب المعاجم، وهذا مما يثبت أن عدم ذكره الشواهد في مختصر العين كان لغرض خاص.

كتاب مختصر العين:

وهذا هو المعجم الثاني الذي شهدته الأندلس العربية، ولقد اهتم به العلماء المتأخرون، وأثنوا عليه ويحسن أن نقتبس هنا طائفة من آراء العلماء في هذا الكتاب:

أ- ذكر ابن خلدون أن الخليل1 كان أول من فكر من اللغويين العرب في وضع معجم أبجدي، وسماه العين وقد وضعه مفصلًا مطولًا، وقد اختصره الزبيدي بطريقة بديعة حيث حذف ما يستغنى عنه مبقيًا على روح الكتاب وأصله.

ب- ذكر بروكلمان وكذلك دائرة المعارف الإسلامية عند الكلام على الخليل أن كتاب العين يعتبر في حكم المفقود، ولكنهما وجدا أن هذا موضع مناسب لذكر أفضل كتاب يقوم مقام العين، فذكرا اسم مختصر العين للزبيدي وأخذا يسردان الأماكن التي توجد فيها مخطوطة المختصر وأرقامها. كأنهما اقتنعا بأن المختصر يمثل العين أصدق تمثيل.

1 المقدمة ص459.

ص: 37

ج- ياقوت: فقد ذكر في كتابه معجم الأدباء عند ترجمته للزبيدي مبينًا علاقة المختصر بكتاب العين: "إن الزبيدي قد أتمه باختصاره" يعني بذلك كما وضح هو أن الزبيدي حذف من العين ما ليس مهما، وأضاف إليه ما لا بد منه، ورتب بعض الكلمات في مواضعها الأصلية، واستشهد ياقوت على رأيه برأي مماثل نقله من الحميدي في كتاب "أخبار الأندلس":

د- حاجي خليفة: فقد ذكر في كشف الظنون عند الكلام على "العين" أن الزبيدي قد اختصره، وحذف منه الكلمات المصحفة، والشواهد المختلفة ووضع الأصول في مواضعها. وصاحب الكشف في هذا إنما ينقل ما اقتبسه عن كتب الطبقات. كما يتضح هذا بمقارنة رأيه برأي ياقوت السابق.

هـ- السيوطي: فقد نقل في المزهر عن أبي ذر الخشني أن من بين المختصرات التي فاقت أصولها مختصر ابن هشام لسيرة ابن إسحاق، ومختصر الزبيدي للعين. واستطرد الأسيوطي فقال: إن الناس قد عكفوا على قراءة المختصر، وفضلوه على العين ذاكرًا لتلك جملة أسباب منها:

1-

أنه حذف منه الكلمات المصحفة والأبنية المختلة.

2-

لأنه حذف منه الشواهد.

3 لأنه أصغر حجمًا ويظهر أن السيوطي في هذا يميل إلى رأي ابن خلدون من أن الاختصار مما يعين الناس في ذلك الوقت على الحفظ عن ظهر قلب.

ولكن السيوطي من ناحية أخرى نراه لم يجزم برأي في هذه المسألة بل نقل فيما بعد عن بعض العلماء أن الزبيدي قد أخل بكتاب العين حين حذف الشواهد النافعة، والآيات والأحاديث المشتملة على الحجج اللغوية المفيدة.

ص: 38

منهج الزبيدي في مختصر العين:

يمكن تلخيص هذا المنهج من مقدمة المختصر نفسه فيما يأتي:

يبدو لنا أن الزبيدي لم يدع أن كتابه يفوق كتاب العين من أي وجه، كما فعل من سبقه إذ توحي تسميتهم للمؤلفات التي ألفوها في اللغة أنها تفوق كتاب العين من وجه، أو آخر فهذا الأزهري يسمي كتابه "التهذيب"، وهذا القالي يسمي معجمه "البارع"، فنجد الزبيدي لا ينتحل لكتابه اسمًا فيه إظهار لشيء من التفوق بل يسميه بكل بساطة "مختصر العين" حيث إنه يتفق من أغلب الوجوج كما اتفق ما سبقه من المعاجم مع كتاب العين في الترتيب الإجمالي بل، وفي التعبير عن شرح المفردات.

ومن جهة أخرى ترى أن الزبيدي كعالم لغوي قد تحمل مسئولية كل ما جاء في معجمه من تعريفات، وشروح للمفردات فلم يكن بحاجة إلى ذكر أسماء الرواة يستند إليهم كلما أعوزت الحاجة. كما فعل غيره ولكن الاختصار قد حمله على حذف الشواهد كلية. وقد كان من المستحسن أن يقتصر الحذف على بعضها فقط.

ومن ناحية ثالثة نجد أن الزبيدي قد وفى ببعض ما تعهده به في مقدمته من أنه سيذكر الأصول في مواضعها الحقيقة، فنجد مثلًا في كتاب العين تحت المجموعة "ع هـ ق" أن الخليل ذكر لها مادتين مستعملتين فقد هما: هقع، عهق. وكان المنطق يقتضي ذكر مادة عهق أولًا باعتبارها مبدوءة بحرف العين، ثم يعقبها بذكر المادة الأخرى هقع باعتبارها مقلوبة عنها، ولكن الزبيدي كان أدق حين راعى في الاعتبار أن يرتب

ص: 39

المواد المستعملة ترتيبًا منطقيًّا يتفق مع الباب الذي تعالج فيه الكلمة.

وفيما عدا هذا فإن الزبيدي لم يتصرف كثيرًا في شرح المفردات بل إننا لنجد كثيرًا من تعبيرات الخليل بنصها مذكورة في مختصر العين، وليس للزبيدي بدعًا في ذلك؛ بل قد شاركه في هذا أصحاب المعاجم الأخرى كما سيأتي بيانه.

ص: 40