الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: نزول عيسى بن مريم عليه السلام
أخبرنا الحق تبارك وتعالى أن اليهود لم يقتلوا رسوله عيسى بن مريم، قال تعالى: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَاّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَل رَّفَعَهُ اللهُ إليه وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [النساء:157 - 158]. وأشار الحق في كتابه أن عيسى سينزل في آخر الزمان وأن نزوله سيكون علامة دالة على قرب وقوع الساعة قال تعالى: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ [الزخرف:61] كما أخبر أن أهل الكتاب سيؤمنون به قال تعالى: وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ [النساء:159]، كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنزوله فقال:((ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق)) (1). وقد وصف لنا الرسول صلى الله عليه وسلم حاله عند نزوله فقال: ((ليس بيني وبين عيسى نبي وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه رجل مربوع على الحمرة والبياض ينزل بين ممصرتين كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل)) (2). ويكون نزوله في وقت اصطف فيه المقاتلون المسلمون لصلاة الفجر، عن جابر بن عبدالله قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:((لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة - قال - فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم: تعال صل لنا. فيقول: لا. إن بعضكم على بعض أمراء. تكرمة الله هذه الأمة)) (3). ويحكم بعد نزوله بكتاب الله تبارك وتعالى، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم فأمَّكم منكم؟)). وقد قال أحد رواة الحديث وهو ابن أبي ذئب للوليد بن مسلم: تدري ما أمكم منكم؟ قال تخبرني، قال: فأمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم (4). ويقتل الدجال وهو أول عمل يقوم به بعد نزوله
…
ويبقى عيسى في الأرض أربعين عاما كما ثبت ذلك عن أبي هريرة: ((فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون)) (5) القيامة الصغرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 259
أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم، حكما عدلاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية)) (6) الحديث وفي رواية لمسلم عنه ((والله لينزلن ابن مريم حكماً عادلاً فليكسرن الصليب)) (7) بنحوه.
(1) رواه أبو داود (4321). من حديث النواس بن سمعان الكلابي. والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح. والحديث أصله في (الصحيح).
(2)
رواه أبو داود (4324)، وأحمد (2/ 437)(9630)، وابن حبان (15/ 233)، والحاكم (2/ 651). والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح.
(3)
رواه مسلم (156).
(4)
رواه مسلم (155).
(5)
رواه أبو داود (4324)، وأحمد (2/ 406)(9259)، وابن حبان (15/ 233) والحاكم (2/ 651). والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح.
(6)
رواه البخاري (2222)، ومسلم (155).
(7)
رواه مسلم (155).
وأخرج مسلم عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين إلى يوم القيامة قال: فينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم: تعال صل لنا فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة)) (1).
وقال العلامة في (البهجة)(2): (هو - أي نزول عيسى - ثابت بالكتاب والسنة، وإجماع الأمة أما الكتاب فقوله تعالى وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ [النساء: 159] أي: ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى، وذلك عند نزوله من السماء آخر الزمان، حتى تكون الملة واحدة، ملة إبراهيم حنيفاً مسلماً، ونوزع في الاستدلال بهذه الآية: وإن الضمير في قوله (قبل موته) لليهود ويؤيده قراءة أبي قبل موتهم (3).
وأما السنة فلا نزاع فيها.
وأما الإجماع فقد أجمعت الأمة على نزوله، ولم يخالف فيه أحد من أهل الشريعة، وإنما أنكر ذلك الفلاسفة والملاحدة، وقد انعقد إجماع الأمة على أنه متبع لهذه الشريعة المحمدية، وليس بصاحب شريعة مستقلة، عند نزوله من السماء، وإن كانت النبوة قائمة به، ويتسلم الأمر من المهدي، ويكون المهدي مع أصحاب الكهف الذين هم من أتباع المهدي، كما مر من جملة أتباعه ويصلي عيسى وراء المهدي صلاة الصبح كما تقدم، وذلك لا يقدح في نبوته ويسلم المهدي الأمر لعيسى عليه السلام، وكل ما معه من تابوت بني إسرائيل، ويقتل الدجال). البحور الزاخرة في علوم الآخرة لمحمد بن أحمد السفاريني– 2/ 613
(1) رواه مسلم (156).
(2)
((البهجة)) (ص: 202 - 203).
(3)
انظر ((الكشاف)) (1/ 313).