الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: الأدلة من السنة النبوية
أما ما جاء في السنة النبوية في إثبات ذلك، فقد تقدم حديث ابن عمر الثابت في الصحيحين حينما سئل عن النجوى وتقرير الله لعبده بذنوبه، وفيه:
((فيقول سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، ثم تطوى صحيفة حسناته)). كما في لفظ البخاري (1)، وفي لفظ مسلم ((فيعطى صحيفة حسناته)) الحديث (2).
وكذلك الحديث المروي عن أبي هريرة، وأبي موسى الأشعري، وقتادة وابن مسعود في باب العرض وفيه:
((وأما العرضة الثالثة، فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله)) (3)
وكذلك
…
حديث البطاقة، وفيه:((فينشر عليه تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل مد البصر)). الحديث (4) وغيره من الأحاديث.
وعن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها: ((أنها ذكرت النار فبكت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يبكيك؟ قلت: ذكرت النار فبكيت، فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحد أحداً: عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أو يثقل، وعند الكتاب حين يقال: هاؤم اقرءوا كتابيه [الحاقة: 19] حتى يعلم أين يقع كتابه أفي يمينه، أم في شماله، أم من وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهري جهنم)) (5)
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((توضع الموازين يوم القيامة، فيؤتى بالرجل، فيوضع في كفة، فيوضع ما أحصى عليه، فتمايل به الميزان، قال: فيبعث به إلى النار، قال: فإذا أدبر به إذا صائح يصيح من عند الرحمن يقول: لا تعجلوا لا تعجلوا، فإنه قد بقي له. فيؤتى ببطاقة فيها لا إله إلا الله، فتوضع مع الرجل في كفة حتى يميل به الميزان)). وهذه رواية الإمام أحمد (6)
(1) رواه البخاري (4685).
(2)
رواه مسلم (2768).
(3)
رواه الترمذي (2425). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وقال: لا يصح. وقال المباركفوري في ((تحفة الأحوذي)) (6/ 296): منقطع.
(4)
رواه الترمذي (2639)، وابن ماجه (3488)، وأحمد (2/ 213)(6994)، والحاكم (1/ 46). من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. قال الترمذي، والبغوي في ((شرح السنة)) (7/ 490): حسن غريب، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح لم يخرج في الصحيحين وهو صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وابن الملقن في ((شرح صحيح البخاري)) (33/ 595)، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (5/ 173) كما أشار لذلك في المقدمة، وصححه السفاريني الحنبلي في ((لوائح الأنوار السنية)) (2/ 197)، وقال المناوي في ((تخريج أحاديث المصابيح)) (5/ 22): رجاله موثقون، وقال الشوكاني في ((فتح القدير)) (2/ 273): حسن، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (11/ 176)، وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح.
(5)
رواه أبو داود (4755)، والحاكم (4/ 622). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين لولا إرسال فيه بين الحسن وعائشة على أنه قد صحت الروايات أن الحسن كان يدخل وهو صبي منزل عائشة رضي الله عنها وأم سلمة، ووافقه الذهبي. وجود إسناده العراقي في ((تخريج الإحياء)) (5/ 280).
(6)
رواه أحمد (2/ 221)(7066). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/ 82): رواه الترمذي باختصار، رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح. وقال أحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (12/ 24): إسناده صحيح.
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يحضر الناس يوم القيامة عراة حفاة، فقالت أم سلمة: فقلت: يا رسول الله، واسوأتاه ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: شغل الناس، قلت: ما شغلهم؟ قال: نشر الصحائف فيها مثاقيل الذر، ومثاقيل الخردل)) (1).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يخرج لابن آدم يوم القيامة ثلاثة دواوين، ديوان فيه العمل الصالح، وديوان فيه ذنوبه، وديوان فيه النعم من الله عليه، فيقول عز وجل لأصغر نعمة، أحسبه قال: في ديوان النعم، خذي ثمنك من عمله الصالح، فتستوعب عمله الصالح، ثم تنحى وتقول: وعزتك ما استوفيت، وتبقى الذنوب والنعم وقد ذهب العمل الصالح، فإذا أراد الله أن يرحم عبداً قال: يا عبدي، قد ضاعفت لك حسناتك، وتجاوزت عن سيئاتك، أحسبه قال: ووهبت لك نعمي)) (2).
وروى الإمام أحمد والحاكم عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدواوين عند الله عز وجل ثلاثة: ديوان لا يعبأ الله به شيئاً، وديوان لا يترك الله منه شيئاً، وديوان لا يغفره الله.
فأما الديوان الذي لا يغفره الله: فالشرك بالله، قال الله عز وجل: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ [المائدة: 72]
وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاً، فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه، من صوم يوم تركه أو صلاة تركها، فإن الله عز وجل يغفر ذلك ويتجاوز إن شاء.
وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئاً: فظلم العباد بعضهم بعضاً، القصاص لا محالة)) (3).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((في قوله تعالى: يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ [الإسراء: 71] قال: يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه، ويمد له في جسمه ستون ذراعاً، ويبيض وجهه، ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤ يتلألأ، وينطلق إلى أصحابه فيرونه من بعيد فيقولون: اللهم آتنا بهذا، وبارك لنا في هذا، حتى يأتيهم فيقول: أبشروا، لكل رجل منكم مثل هذا. قال: وأما الكافر، فيسود وجهه، ويمد له في جسمه ستون ذراعاً على صورة آدم، فيلبس تاجاً فيراه أصحابه، فيقولون: نعوذ بالله من شر هذا، اللهم لا تأتنا بهذا، قال: فيأتيهم، فيقولون: اللهم أخزه، فيقول: أبعدكم الله، فإن لكل رجل منكم مثل هذا)) (4).
(1) رواه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (1/ 254). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/ 335): رجاله رجال الصحيح غير محمد بن موسى بن أبي عياش وهو ثقة، وصحح إسناده السيوطي في ((البدور السافرة)) (56)، والسفاريني الحنبلي في ((لوائح الأنوار السنية)) (2/ 223).
(2)
رواه البزار كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (10/ 360)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (4/ 299). وقال:[لا يتطرق إليه احتمال التحسين]، وقال الهيثمي: فيه صالح المري وهو ضعيف.
(3)
رواه أحمد (6/ 240)(26073)، والحاكم (4/ 619). وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الذهبي في ((التلخيص)): صدقة ضعفوه وابن بابنوس فيه جهالة. وقال أحمد شاكر في ((المسند)) (1/ 520): إسناده صحيح. وقال الألباني في ((ضعيف الجامع)) (3022): ضعيف.
(4)
رواه الترمذي (3136)، وأبو يعلى (11/ 3) 6144)، وابن حبان (16/ 346)(7349)، وأبو نعيم فى ((حلية الأولياء)) (9/ 15)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (4/ 310). قال الترمذي: حسن غريب، وقال المنذري:[إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما].
وأخرج الإمام ابن ماجه بسنده إلى عبد الله بن بسر أنه قال: قال النبي صلى الله عليه سلم: ((طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً)) (1).
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يؤتى يوم القيامة بصحف مختمة، فتنصب بين يدي الله تبارك وتعالى، فيقول تبارك وتعالى، ألقوا هذه واقبلوا هذه، فتقول الملائكة، وعزتك ما رأينا إلا خيراً، فيقول الله عز وجل إن هذا كان لغير وجهي، وإني لا أقبل اليوم إلا ما ابتغي به وجهي)) وفي رواية: ((فتقول الملائكة: وعزتك ما كتبنا إلا ما عمل، قال: صدقتم إن عمله كان لغير وجهي)) (2).
وثبت في صحيح مسلم – بمعنى هذا الحديث – عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)) (3)
وأخرج العقيلي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الكتب كلها تحت العرش، فإذا كان يوم القيامة يبعث الله ريحاً فتطيرها بالأيمان والشمائل، أول خط فيها: اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ اليوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [الإسراء: 14])) (4).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((قلت: يا رسول الله، هل يذكر الحبيب حبيبه يوم القيامة؟ قال: يا عائشة، أما عند ثلاث فلا، أما عند الميزان حتى يثقل أو يخف فلا، وأما عند تطاير الكتب فإما أن يعطى بيمينه، أو يعطى بشماله فلا، وحين يخرج عنق من النار، فينطوي عليهم، ويتغيظ عليهم، ويقول ذلك العنق: وكلت بثلاثة، وكلت بثلاثة، وكلت بمن ادعى مع الله إلهاً آخر، ووكلت بمن لا يؤمن بيوم الحساب، ووكلت بكل جبار عنيد، قال: فينطوي عليهم، ويرمي بهم في غمرات جهنم، ولجهنم جسر، أدق من الشعرة، وأحد من السيف، عليه كلاليب وحسك، يأخذون من شاء الله، والناس عليه كالطراف)) إلخ الحديث (5).
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن إسماعيل ثنا عامر، وحدثنا محمد بن عبيد ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن رجل عن الشعبي قال: مر عمر بطلحة (فذكر معناه) قال: مر عمر بطلحة فرآه مهتماً، قال: لعلك ساءك إمارة ابن عمك – قال يعني أبا بكر رضي الله عنه _ فقال: لا، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((إني لأعلم كلمة لا يقولها الرجل عند موته إلا كانت نوراً في صحيفته، أو وجد لها روحاً عند الموت، قال عمر: أنا أخبرك بها، هي الكلمة التي أراد بها عمه: شهادة أن لا إله إلا الله، قال: فكأنما كشف عني غطاء، قال: لو علم كلمة هي أفضل منها لأمره بها)) (6).
وذكر ابن كثير – وعزاه إلى ابن أبي الدنيا – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (يدني الله العبد يوم القيامة، فيضع كنفه ليستره من الخلائق كلها، ويدفع إليه كتابه في ذلك الستر، فيقول: اقرأ يا ابن آدم كتابك، فيمر بالحسنة فيبيض لها وجهه، ويسر بها قلبه، قال: فيقول الله تعالى: أتعرف يا عبدي؟ فيقول: يا رب أعرف، فيقول: إني قد تقبلتها منك، فيخر ساجداً، فيقول: ارفع رأسك، وخذ في كتابك، فيمر بالسيئة فيسود لها وجهه، ويوجل منها قلبه، وترعد منها فرائصه، ويأخذه من الحياء من ربه ما لا يعلمه غيره، فيقول الله: أتعرف يا عبدي؟ فيقول: نعم يارب أعرف، فيقول: فإني قد غفرتها لك.
فلا يزال بين حسنة تقبل وسيئة تغفر فيسجد، لا يرى الخلائق منه إلا ذلك السجود، حتى ينادي الخلائق بعضها بعضا: طوبى لهذا العبد الذي لم يعص الله قط، ولا يدرون ما لقي فيما بينه وبين الله تعالى مما قد وقفه عليه) (7) الحياة الآخرة لغالب عواجي- 2/ 865
(1) رواه ابن ماجه (3093)، والبزار (8/ 433)(3508)، والنسائى في ((السنن الكبرى)) (6/ 118)(10289)، والبيهقي فى ((شعب الإيمان)) (1/ 440)(647)، والضياء (9/ 95)(79)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (2/ 384). وقال: إسناده صحيح، وقال البوصيري في ((زوائد ابن ماجه)) (2/ 247): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وقال ابن حجر في ((الأمالي المطلقة)) (249): حسن وله شاهد.
(2)
رواه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (3/ 97)(2603)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (1/ 57). وقال:[روي] بإسنادين رواة أحدهما رواة الصحيح، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/ 353):[روي] بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح.
(3)
رواه مسلم (2985).
(4)
رواه العقيلي في ((الضعفاء)) (4/ 466) وقال: منكر.
(5)
رواه أحمد (6/ 110)(24837). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/ 361): فيه ابن لهيعة وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله رجال الصحيح.
(6)
رواه أحمد (1/ 37)(252). قال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه: صحيح بطرقه.
(7)
ذكره ابن كثير في ((النهاية)) (2/ 135) وعزاه إلى ابن أبي الدنيا.