الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: تعريف الحساب في اللغة
جاءت في كتب اللغة عدة إطلاقات للفظة الحساب.
ومن بين تلك الإطلاقات: أن الحساب يطلق ويراد به: العدد، والمعدود، والإحصاء بالدقة التامة دون زيادة ولا نقصان، وقد ذكر أهل اللغة في مادة حسب كثيراً من المعاني التي جاءت لهذه الكلمة.
وفي هذا يقول الأزهري: (وإنما سمي الحساب في المعاملات حساباً لأنه يعلم به ما فيه كفاية ليس فيه زيادة على المقدار ولا نقصان).
وقال الليث: (والحساب والحسابة عدك الشيء، تقول: حسبت الشيء أحسب حساباً وحسابة وحسبته).
ويأتي الحساب كذلك بمعنى الكثرة، قال أبو عبيد عن أبي يزيد) أحسبت الرجل أي أعطيته ما يرضى، وقال: غيره معناه أعطيته حتى قال: حسبي، قال الله عز وجل: عَطَاء حِسَابًا [النبأ: 36] أي كثيراً.
ويقال: أتاني حساب من الناس أي جماعة كثيرة وهي لغة هذيل) (1).
وتأتي لفظة حسبان مرادفة لكلمة الحساب والكل بمعنى واحد، نقل الأزهري عن أبي العباس أنه قال:(حسابنا مصدر كما تقول: حسبته أحسبه حسباناً وحساباً، وقال الأخفش: إن حسبانا جمع حساب، وقال أبو الهيثم: الحسبان جمع حساب وكذلك أحسبة، مثل شهاب وأشهبة وشهبان)(2).
وقال أيضاً: (وأخبرني المنذري عن ثعلب أنه قال: قال الأخفش في قوله عز وجل: وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا [الأنعام: 96] فمعناه: بحساب فحذف الباء)(3).
ويقول الفيروزآبادي: (حسبه حسباً وحسباناً بالضم، وحسباناً وحساباً وحسبة وحسابة بكسرهن: عده، والمعدود محسوب)(4).
ويقول الهوريني: (حسبته أحسبه بالضم حسباً وحساباً وحسباناً وحسابة إذا عددته، والمعدود محسوب)(5).
وذكر أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا أن حسب لها معان فقال: (الأول: العدد، تقول: حسبت الشيء أحسبة وحسباناً، قال الله تعالى: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ [الرحمن: 5])(6)
وقال الراغب: (الحساب: استعمال العدد، يقال: حسبت أحسب حسابا وحسبانا، قال تعالى: لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ [يونس: 5] وقال تعالى: وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا [الأنعام: 96])(7)
والحسبان ما يحاسب عليه فيجازى بحسبه، وكذا لفظة الحسيب والمحاسب فإنها تطلق مراداً بها الحساب قال الراغب:(والحسيب والمحاسب: من يحاسبك ثم يعبر عن المكافئ بالحساب)(8).
وقد ورد في القرآن الكريم كذلك إطلاق لفظة الحساب مرادا بها الجزاء كما قال تعالى:
1ـ وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون: 117] قال الطبري: (فإنما حساب عمله السيئ عند ربه وهو موفيه جزاءه إذا قدم عليه)(9).
2ـ وقال تعالى: قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَاّ عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ [الشعراء: 111 - 113](قال ابن جريج: أي هو أعلم بما في أنفسهم)(10).
3ـ قال تعالى: إِنَّ إلينَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ [الغاشية: 25 - 26] قال ابن كثير: (أي نحن نحاسبهم على أعمالهم ونجازيهم بها، إن خيراً فخير وإن شراً فشر)(11).
ويطلق أيضاً على محاسبة النفس: قال تعالى: كَفَى بِنَفْسِكَ اليوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [الإسراء: 14] أي كفى بك لنفسك محاسباً، ويطلق على التوسعة في الرزق كما قال تعالى: يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ [آل عمران: 38] ، أي بغير تقتير وتضييق، كقولك: فلان ينفق بغير حساب، أي يوسع النفقة ولا يحسبها.
والحاصل أن أقوال أهل اللغة في المراد بالحساب، تشير إلى أنه يرد بمعنى الكثرة في الشيء، والزيادة فيه، والعدد، والإحصاء، والدقة في العدد دون زيادة ولا نقصان. الحياة الآخرة لغالب عواجي- 2/ 905
(1) انظر كتب اللغة مادة حسب، ((تهذيب اللغة)) (4/ 332 - 333) وانظر ((تاج العروس)) (1/ 210 - 213)، وانظر كذلك ((القاموس المحيط)) (1/ 56) و ((الصحاح)) للجوهري (1/ 110).
(2)
((تهذيب اللغة)) (4/ 331 – 332).
(3)
((تهذيب اللغة)) (4/ 331 – 332).
(4)
((القاموس المحيط)) (1/ 56).
(5)
((فوائد في اللغة والصحاح)) (ص: 42).
(6)
((معجم مقاييس اللغة)) (2/ 58) ط (2)(1390هـ/1970م) مطبعة الحلبي.
(7)
((المفردات)) (ص: 166 - 117).
(8)
((المفردات)) (ص: 116 - 117).
(9)
((جامع البيان)) (18/ 64) وانظر ((تفسير ابن كثير)) (3/ 259).
(10)
((الدر المنثور)) (19/ 311).
(11)
((تفسير ابن كثير)) (4/ 504).