الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أشاحوا عن الحقّ وساروا في الضّلال، وقتلوا الأنبياء وحرّفوا كلام الله، ودبّروا الفتن والدسائس. وقد حذّرنا الله من كيدهم، وأمرنا ألّا نصغي إلى فتنتهم وتفرقتهم، وأن نأخذ الحذر منهم وأن نعدّ العدّة لمقاومتهم واستخلاص الحقوق المغتصبة من أيديهم. قال رسول الله (ص) :«لن تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود فيختبئ أحدهم «وراء» الحجر فيقول الحجر يا عبد الله هذا يهودي ورائي فاقتله» .
وفي قصة البقرة عبرة للمشدّدين فإنّ الله أمر بني إسرائيل بأن يذبحوا بقرة.
فلو بادروا إلى ذبح أيّ بقرة لأجزأتهم، ولكنهم تشدّدوا في تعرّف صفاتها، فكانوا كلّما طرحوا سؤالا زيدوا تشديدا حتّى صارت البقرة نادرة.
وفي الأثر: «لا تكونوا كبني إسرائيل شدّدوا فشدّد عليهم» .
وفي القرآن: فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144)[الأعراف] .
الأهداف العامة لسورة البقرة
سورة البقرة من أجمع سور القرآن الكريم، وقد اشتملت على الأهداف الآتية:
1-
بيان أصول العقيدة وذكر أدلّة التوحيد ومبدأ خلق الإنسان.
2-
بيان أصناف الخلائق أمام هداية القرآن. وقد ذكرت أنّهم أصناف ثلاثة:
المؤمنون، والكافرون، والمنافقون.
3-
تعرضت السورة لتاريخ اليهود الطويل، وناقشتهم في عقيدتهم، وذكّرتهم بنعم الله على أسلافهم، وبما أصاب هؤلاء الأسلاف حينما التوت عقولهم عن تلقي دعوة الحق من أنبيائهم السابقين، وارتكبوا من صنوف العناد والتكذيب والمخالفة. واقرأ في ذلك قوله تعالى في السورة.
يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) .
إلى آخر آية البر في منتصف السورة تقريبا وهي:
لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ [الآية 177] .
وهذا الغرض من أغراض السورة استدعاه جوار المسلمين لليهود في المدينة.
4-
والنصف الأخير من سورة البقرة اشتمل على التشريع الإسلامي الذي
اقتضاه تكوّن المسلمين جماعة متميزة عن غيرها، في عبادتها ومعاملاتها وعاداتها.
وقد ذكرت السورة من ذلك القصاص في القتل العمد، وذكرت الصيام والوصية والاعتكاف، والتحذير من أكل أموال الناس بالباطل. وذكرت الأهلّة وأنّها جعلت ليعتمد الناس عليها في أوقات العبادة والزراعة غيرها، وذكرت الحجّ والعمرة، وذكرت القتال وسببه الذي يدعو إليه، وغايته التي ينتهي إليها. وذكرت الخمر والميسر واليتامى، وحكم مصاهرة المشركين وذكرت حيض النساء والتطهر منه والطلاق والعدّة والخلع والرّضاع. وذكرت الأيمان وكفّارة الحنث فيها، وذكرت الإنفاق في سبيل الله، وذكرت البيع والربا، وذكرت طرق الاستيثاق في الديون بالكتابة والاستشهاد والرهن. ويبدأ هذا السياق من قوله تعالى بعد آية البر:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى [الآية 178] .
إلى ما قبل آخر السورة. وكان يتخلل كل ذلك- على طريقة القرآن- ما يدعو المؤمنين إلى التزام هذه الأحكام وعدم الاعتداء فيها، من قصص ووعد ووعيد، وإرشاد إلى سنن الله في الكون والجماعات، ثم تختم سورة البقرة ببيان عقيدة المؤمنين على نحو ما بدأت في بيان أوصاف المتقين.
ونجد في آخر السورة قوله تعالى:
آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (286) ومن ثم يتناسق البدء والختام وتتجمّع موضوعات السورة وأهدافها، ويؤكد آخرها أولها وتصير السورة كتلة واحدة، ينتفع المسلمون بها في تنظيم أحوالهم في العبادات والمعاملات.
وهي دعامة من دعائم الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر قال تعالى: