الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«فقلت» : «خير» أي: «الذي قلت خير» ، لجاز غير أنّه ليس على اللفظ الأول، كما يقول بعض العرب، إذا قيل له:«كيف أصبحت» ؟ قال:
«صالح» أي: «أنا صالح» . ويدلّك على أنّ «ماذا» اسم واحد، قول الشاعر «1» [من الوافر وهو الشاهد الثلاثون] :
دعي ماذا عملت، سأتّقيه
…
ولكن بالمغيّب نبّئيني
فلو كانت «ذا» ها هنا بمعنى (الذي) لم يكن كلاما.
وأمّا قوله تعالى عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ [الآية 27] ف «أن يوصل» بدل من الهاء، في «به» كقولك «مررت بالقوم بعضهم» .
وأمّا «ميثاقه» ، فصار مكان «التوثّق» ، كما قال تعالى أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (17)[نوح] والأصل «إنباتا» ، وكما قال «العطاء» في مكان «الإعطاء» .
وقوله تعالى وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ [الآية 28] فإنّما يقول كنتم ترابا ونطفا فذلك ميّت. وهو سائغ في كلام العرب، تقول للثوب:«قد كان هذا قطنا» و «كان هذا الرّطب بسرا» . ومثل ذلك، قولك للرجل:«اعمل هذا الثوب» إنّما معك غزل.
هذا باب من المجاز
وأمّا قوله تعالى ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ [الآية 29] وهو إنما ذكر سماء واحدة، فهذا لأنّ ذكر «السماء» ، قد دلّ عليهنّ كلّهنّ. وقد زعم بعض المفسّرين، أنّ «السماء» جميع، مثل «اللبن» . فما كان لفظه لفظ الواحد، ومعناه الجماعة، جاز أن يجمع، فقال فَسَوَّاهُنَّ فزعم
(1) . في الكتاب 1: 405 بلا عزو، ولم يعزه الأعلم في الهامش وفي المقاصد النحوية 1: 191 معزوّا إلى سحيم بن وثيل الرياحي، وروي عن الأصمعي أنّه لأبي زبيد الطائي، والى المثقّب العبدي عائذ بن محصن بن ثعلبة، وفي 1: 488 معزوا إلى سحيم بن وثيل الرّياحي. وفي الخزانة 2: 554 ش 444، أنّه مجهول القائل، وأنكر ما زعمه العيني في المقاصد عن عزوه الى المثقب وفي شرح شواهد المغني «ما» بلا عزو. وفي «أما» معزوّا إلى المثقّب العبدي وفي الدر 1: 60 إنكار نسبته إلى المثقّب، ولا وجود له في شعر المثقب العبدي. وفي اللسان (أبي) منسوبا إلى أبي حية النميري، وقبله:
أبا لموت الذي لا بدّ أنّي
…
ملاق، لا أباك تخوّفيني
وورد صدره في التمام 52، وشذور الذهب 328 بلا عزو.
بعضهم، أنّ قوله السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ [المزّمّل: 18] جمع مذكر ك «اللّبن» .
ولم نسمع هذا من العرب، والتفسير الأول جيد.
وقال يونس «1» : السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ذكر كما يذكر بعض المؤنث، كما قال الشاعر «2» [من المتقارب وهو الشاهد الحادي والثلاثون] :
فلا مزنة ودقت ودقها
…
ولا أرض أبقل إبقالها
وقوله «3» [من المتقارب وهو الشاهد الثاني والثلاثون] :
فإمّا تري لمّتي بدّلت
…
فإنّ الحوادث أودى بها
وقد تكون «السماء» ، يريد به الجماعة، كما تقول:«هلك الشاة والبعير» ، يعني كل بعير، وكل شاة.
وكما قال تعالى خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ [الطلاق: 12] أي: من الأرضين.
وأمّا قوله جل جلاله اسْتَوى إِلَى السَّماءِ [الآية 29] ، فإنّ ذلك لم يكن من الله تبارك وتعالى لتحوّل، ولكنه يعني فعله، كما تقول:«كان الخليفة في أهل العراق يوليهم ثم تحوّل الى أهل الشام» انما تريد «4» تحوّل فعله.
وأمّا قوله سبحانه، حكاية على لسان الملائكة أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها [الآية 30] ، فلم يكن ذلك إنكارا منهم، على ربّهم، إنّما سألوا ليعلموا، وأخبروا عن أنفسهم، أنّهم يسبّحون ويقدّسون. أو قالوا ذلك، لأنّهم كرهوا أن يعصى الله، لأنّ الجنّ، قد كانت أمرت قبل ذلك فعصت.
وأما قوله تعالى نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ
(1) . هو يونس بن حبيب وقد مرت ترجمته قبلها.
(2)
. هو عامر بن الجوين الطائي، الكتاب 1: 420، ومجاز القرآن 2: 67، والمذكّر والمؤنث للمبرّد 112، وجاء برواية «أبقلت» ووصف همزة «إبقالها» في المقاصد 2: 464، وجاء منسوبا إلى الخنساء في شواهد العامليّ 150.
(3)
. هو الأعشى ميمون بن قيس، والبيت في الصبح المنير 120 بلفظ «فإمّا تريني ولي لمّة» و «ألوى» بدل «أودى» .
وهو في الكتاب 1: 339 بلفظ رواية الأخفش، وفي مجاز القرآن 1: 267 بلفظ «فإن تعهديني ولي لمة» ، وفي معاني القرآن 1: 128 بلفظ: «فإن تعهدي لامرئ لمة» و «أزري» بدل «ألوى» . وفي المذكّر والمؤنّث للمبرّد 112 بلفظ «فإن تبصريني» ، وفي شرح القصائد السبع الطوال 405، بلفظ معاني القرآن.
(4)
. في الأصل: يريد بالياء.