الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمر «1» أنّه سمع الأعراب ينشدونه هكذا بالنصب، ومنهم من يرفع ما ينصب في هذا الباب. قال أبو زبيد «2» [من الطويل وهو الشاهد المائة] :
أغار وأقوى ذات يوم وخيبة
…
لأوّل من يلقى وغيّ ميسّر «3»
باب اللام
وقوله تعالى لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا [الآية 79] ، فهذه اللّام إذا كانت في معنى «كي» ، كان ما بعدها نصبا على ضمير «أن» ، وكذلك المنتصب ب «كي» ، هو أيضا على ضمير «أن» ، كأنّه يقول:«الاشتراء» ، ف «يشتروا» لا يكون اسما إلّا ب «أن» ، ف «أن» مضمرة وهي الناصبة، وهي في موضع جرّ باللام. وكذلك كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً [الحشر: 7] «وأن» مضمرة، وقد جرّتها «كي» ، وقالوا:«كيمه» ، ف «مه» اسم، لأنّه «ما» التي في الاستفهام، وأضاف «كي» إليها. وقد يكون «كي» بمنزلة «أن» ، هي الناصبة وذلك قوله تعالى لِكَيْلا تَأْسَوْا [الحديد: 23] فأوقع عليها اللام. ولو لم تكن «كي» وما بعدها اسما لم تقع عليها اللام، وكذلك ما انتصب بعد «حتّى» ، إنّما انتصب بإضمار «أن» ، قال تعالى حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ [الرعد: 31] ، وحَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [الآية 120] ، إنّما هو «حتّى أن يأتي» و «حتّى أن تتبّع» ، وكذلك جميع ما في القرآن من «حتّى» . وكذلك وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ
[الآية 214] أي: «حتّى أن يقول،» لأنّ «حتّى» في معنى «إلى» ، تقول «أقمنا حتّى الليل» أي:«إلى اللّيل» . فإن قيل: إظهار «أن» هاهنا قبيح، قلت:«قد تضمر أشياء يقبح إظهارها إذا كانوا يستغنون عنها» . ألا ترى أنّ قولك: «إن زيدا ضربته» ، منتصب بفعل مضمر لو أظهرته لم يحسن. وقد قرئت هذه الآية
(1) . هو عيسى بن عمر الثقفي، وقد مرت ترجمته قبلا.
(2)
. هو أبو زبيد حرملة بن المنذر الطائي المتوفّى من زمن عثمان، انظر ترجمته وأخباره في الأغاني 4: 181 و 11:
24، والشعر والشعراء 301، وطبقات الشعراء 593.
(3)
. البيت في الديوان 61 ب «اقام» بدل أغار وب «شرّ» بدل «غيّ» ، وفي المخصّص 12: 184 ب «أقام» بدل «أغار» ، وفي الكتاب وتحصيل عين الذهب 1: 157، كما في المخصّص.
(وزلزلوا حتّى يقول الرّسول)«1» يريد:
«حتّى الرّسول قائل» ، جعل ما بعد «حتّى» مبتدأ. وقد يكون ذلك نحو قولك:«سرت حتّى أدخلها» ، إذا أردت:«سرت فإذا أنا داخل فيها» ، و «سرت» أمس حتّى أدخلها اليوم» ، أي: حتّى «أنا اليوم أدخلها فلا أمنع» .
وإذا كان غاية للسير نصبته. وكذلك ما لم يجب، ممّا يقع عليه «حتّى» نحو لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (60) [الكهف] وأمّا وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ [الحج: 47] فنصب ب «لن» كما نصب ب «أن» وقال بعضهم: إنّما هي «أن» جعلت معها «لا» كأنه يريد «لا أن يخلف الله وعده» فلمّا كثرت في الكلام حذفت، وهذا قول، وكذلك جميع «لن» في القرآن.
وينبغي لمن قال ذلك القول أن يرفع «أزيد لن تضرب» لأنّها في معنى «أزيد لا ضرب له» . وكذلك ما نصب ب «إذن» تقول: «إذن آتيك» تنصب بها كما تنصب ب «أن» وب «لن» فإذا كان قبلها الفاء أو الواو رفعت، نحو قول الله عز وجل وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16)[الأحزاب] وقوله فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً (53)[النساء] وقد يكون هذا نصبا أيضا عنده على إعمال «إذن» . وزعموا أنّه في بعض القراءة منصوب «2» وإنّما رفع، لأنّ معتمد الفعل صار على الفاء والواو، ولم يحمل على «إذن» ، فكأنه قال:«فلا يؤتون الناس إذا نقيرا» و «ولا تمتّعون إذن» . وقوله تعالى لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ [الحديد:
29] و (وحسبوا ألّا تكون فتنة)«3»
(1) . هي في معاني القرآن: 1: 132 إلى مجاهد وبعض أهل المدينة، وفي 1: 133 أنّها للكسائي دهرا، ثمّ عاد عنها إلى النّصب. وفي الكشف 1: 289 و 290 و 291 إلى نافع والأعرج ومجاهد وابن محيصن وشيبة، وفي التيسير 80، والجامع 3: 34، والبحر 2: 140، إلى نافع. أمّا الرفع فهو في معاني القرآن 1: 133 إلى القرّاء عدا نافعا والكسائي في أوّل أمره، وفي السبعة 181 كذلك، وفي الكشف 1: 291 إلى الحسن وأبي جعفر وابن أبي إسحاق وشبل وغيرهم، وقال إنّ عليه جماعة القرّاء، وفي البحر 2: 140 إلى الجمهور، وفي التيسير 80، والجامع 3: 34 إلى غير نافع.
(2)
. في معاني القرآن 2: 337 ذكر النصب، ولم ينسب قراءة، وفي الطّبري 21: 138 كذلك، وفي الجامع 14: 151 ذكرت القراءة، ولم تنسب.
(3)
. المائدة 5: 71 القراءة المشهورة: أَلَّا تَكُونَ.
وأَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا [طه: 89] فارتفع الفعل بعد «أن لا» ، «1» ، لأنّ ( «أن» ) هذه مثقّلة في المعنى، ولكنها خفّفت، وجعل الاسم فيها مضمرا والدليل على ذلك، أنّ الاسم يحسن فيها والتثقيل. ألا ترى أنّك تقول:
«أفلا يرون أنّه لا يرجع إليهم» ، وتقول:«أنّهم لا يقدرون على شيء» و «أنّه لا تكون فتنة» . وقال تعالى آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ [آل عمران: 41 ومريم: 10] نصب، لأن هذا ليس في معنى المثقّل، إنّما هو آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ كما تقول:(آيتك أن تكلّم) ، وأدخلت «لا» للمعنى الذي أريد من النفي. ولو رفعت هذا، جاز على معنى آيتك أنّك لا تكلّم «2» ، ولو نصب الاخر جاز على أن تجعلها «أن» الخفيفة التي تعمل في الأفعال «3» .
ومثل ذلك قوله تعالى إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14)[الانشقاق] وقوله تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (25)[القيامة] . وقال إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ [الآية 230] وتقول:
«علمت أن لا تكرّمني» و «حسبت أن لا تكرمني» . فهذا مثل ما ذكرت لك.
فإنّما صار «علمت» و «استيقنت» ما بعده رفع لأنّه واجب. فلمّا كان واجبا لم يحسن أن يكون بعده «أن» التي تعمل في الأفعال، لأنّ تلك إنّما تكون في غير الواجب، ألا ترى أنك تقول «أريد أن تأتيني» فلا يكون هذا إلّا لأمر لم يقع، وارتفع ما بعد الظن وما أشبهه لأنه مشاكل للعلم، لأنه يعلم بعض الشيء إذا كان يظنّه. وأما «خشيت أن لا تكرمني» فهذا لم يقع.
ففي مثل هذا تعمل أن الخفيفة، ولو رفعته على أمر قد استقرّ عندك، وعرفته، كأنّك جرّبته، فكان لا يكرمك، فقلت:«خشيت أن لا تكرمني» أي: خشيت أنّك لا تكرمني جاز.
(1) . أي إِلَّا.
(2)
. في معاني القرآن في آية آل عمران 1: 213، والمشكل 1: 95 بلا نسبة، وفي البحر 2: 452 إلى ابن أبي عبلة، وفي الطّبري 1: 387 لم ينسب قراءة. وفي آية مريم في البحر 6: 176 إلى ابن أبي عبلة وزيد بن علي، وفي معاني القرآن 2: 162 لم ينسب قراءة.
(3)
. النصب في آية آل عمران، في معاني القرآن 1: 213، والطّبري 6: 387، والمشكل 95 بلا نسبة. والنصب في آية مريم في البحر 6: 176 إلى الجمهور، وفي معاني القرآن 2: 162 بلا نسبة، ولا إشارة ما إلى أنه قراءة. [.....]
وزعم «1» يونس «2» ، أنّ ناسا من العرب يفتحون اللام التي في مكان «كي» «3» ، وأنشدوا هذا البيت، فزعم أنّه سمعه مفتوحا [من الوافر وهو الشاهد الحادي بعد المائة] :
يؤامرني ربيعة كلّ يوم
…
لأهلكه وأقتني الدّجاجا «4»
وزعم خلف «5» ، أنّها لغة لبني العنبر، وأنه سمع رجلا ينشد هذا البيت منهم مفتوحا [من الطويل وهو الشاهد الثاني بعد المائة] :
فقلت لكلبيّي قضاعة إنّما
…
تخبّر تخبرتماني أهل فلج لأمنعا «6»
يريد «من أهل فلج» . وقد سمعت أنا ذلك من العرب، وذلك أنّ أصل اللام الفتح، وإنما كسرت في الإضافة ليفرّق بينها وبين لام الابتداء. وزعم أبو عبيدة «7» أنّه سمع لام «لعلّ» مفتوحة في لغة من يجرّ بها ما بعدها في قول الشاعر «8» [من الوافر وهو الشاهد الثالث بعد المائة] :
لعلّ الله يمكنني عليها
…
جهارا من زهير أو أسيد «9»
(1) . في خزانة الأدب 4: 376 نقل هذا النص للاخفش من المسائل البصرية لأبي علي الفارسي، حتى نهاية البيت «لعلّ الله» مع تقديم وتأخير فيه.
(2)
. يونس بن حبيب البصري، وقد مرت ترجمته فيما سبق.
(3)
. انما تكلم على لام كي، إشارة إلى قوله تعالى في الآية [79] لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا.
(4)
. في شرح الأبيات للفارقي 51 ب «تواعدني» و «لا هلكها» ، وفي الخزانة 4: 376 كذلك وبلا عزو فيهما، ونص الفارقي هو أنه نقل نص أبي علي في المسائل البصرية، وكذلك نص البغدادي في الخزانة، وكان نص أبي علي عند الفارقي «وأحفظ من كتاب أبي الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش.» وعند البغدادي: قال أبو الحسن الأخفش.» .
(5)
. هو أبو محرز خلف بن حيان النحوي المتوفّى في حدود ثمانين ومائة. انظر ترجمته في مراتب النحويين 46، وطبقات النحويين 161، ونزهة الألبّاء وإنباه الرواة 1: 348، وبغية الوعاة 242.
(6)
. لم تفد المراجع والمصادر شيئا في القائل والقول.
(7)
. هو ابو عبيدة معمر بن المثنى التيمي. انظر ترجمته في اخبار النحويين البصريين 52 ومراتب النحويين 44 وطبقات النحويين 175 ونزهة الألباء 68 وإنباه الرواة 1: 276 وبغية الوعاة 295.
(8)
. في الخزانة 4: 375، أنّه خالد بن جعفر بن كلاب العبسي. الأغاني 10:12.
(9)
. البيت في شرح الأبيات للفارقي 51 أما في الخزانة 4: 375 في العنوان فموافق في اللفظ لما رواه الأخفش، ولكن ورد في ص 377 ب «يقدرني» وفي الأغاني 10: 12 ب «يقردني» .
يريد «لعلّ عبد الله» فهذه اللام مكسورة لأنها إضافة. وقد زعم انه قد سمعها مفتوحة فهي مثل لام «كي» .
وقد سمعنا من العرب من يرفع بعد «كيما» وأنشد «1» [من الطويل وهو الشاهد الرابع بعد المائة] :
إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنّما
…
يرجّى الفتى «2» كيما يضرّ وينفع
فهذا جعل «ما» اسما وجعل «يضرّ» و «ينفع» من صلته جعله اسما للفعل وأوقع «كي» عليه وجعل «كي» بمنزلة اللام. وقوله تعالى أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ «3» وقوله أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)«4» فيشبه أن تكون الفاء زائدة كزيادة «ما» ويكون الذي بعد الفاء بدلا من «أن» التي قبلها. وأجوده أن تكسر «إن» وأن تجعل الفاء جواب المجازاة. وزعموا أنه يقولون «أخوك فوجد» ، «بل أخوك فجهد» ، يريدون «أخوك وجد» و «بل أخوك جهد» فيزيدون الفاء. وقد فسّر الحسن «5» حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها [الزمر: 73] على حذف الواو. وقال: «معناها: قال لهم خزنتها» ، فالواو في هذا زائدة.
قال الشاعر «6» [من الكامل وهو الشاهد الخامس بعد المائة] :
فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن
…
إلّا كلمّة حالم بخيال «7»
(1) . هو عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وقيل النابغة الذبياني، وقيل الجعدي، وقيل عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر، وقيل قيس بن الخطيم، وقيل عبد الملك بن عبد الله «ديوان عبد الله بن معاوية 59، وخزانة الأدب 3: 591، والمقاصد النحوية 3: 345 و 4: 379، وشرح شواهد ابن الناظم 216، وشرح شواهد المغني 173، والدرر اللوامع 2: 4، وهو في المراجع كلها مترجح بين نصب الفعلين ورفعهما وبين لفظ «يرجى» و «يراد» .
(2)
. في الأصل: يرجى الفتي.
(3)
. التوبة 9: 63. القراءة المشهورة: فَإِنْ.
(4)
. الأنعام 6: 54: القراءة المشهورة: أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ وفَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
(5)
. هو الحسن البصري، أحد كبار التابعين. [.....]
(6)
. هو تميم بن أبيّ بن مقبل. ديوانه 259، واللسان «لمم» ، والخزانة 4:420.
(7)
. وهو في الديوان ب «كحلمة» ، وفي اللسان بكسر لام «لمة» ، وانظر الصحاح «لمم» .
وقال «1» [من الكامل وهو الشاهد السادس بعد المائة] :
فإذا، وذلك ليس إلّا حينه
…
وإذا مضى شيء كأن لم يفعل «2»
كأنه زاد الواو وجعل خبره مضمرا، ونحو هذا مما خبره مضمر كثير.
وقوله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ [الآية 83] .
وقوله: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ [الآية 84] فرفع هذا، لأنّ كلّ ما كان من الفعل على «يفعل هو» و «تفعل أنت» و «أفعل أنا» و «نفعل نحن» ، فهو أبدا مرفوع، لا تعمل فيه إلا الحروف التي ذكرت لك، من حروف النصب أو حروف الجزم والأمر والنهي والمجازاة. وليس شيء من ذلك هاهنا، وإنّما رفع لموقعه في موضع الأسماء. ومعنى هذا الكلام حكاية، كأنه قال:«استحلفناهم لا يعبدون» أي: قلنا لهم: «والله لا تعبدون» ، وذلك أنها تقرأ (يعبدون) «3» وتَعْبُدُونَ «4» . وقال تعالى: وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ (7)[الصافات] لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ [الصافات: 8] . فإن شئت جعلت (لا يسّمّعون) مبتدأ، وان شئت قلت: هو في معنى «أن لا يسّمّعوا» فلمّا حذفت «أن» ارتفع، كما تقول:«أتيتك تعطيني وتحسن إليّ وتنظر في حاجتي» ومثله «مره يعطيني» إن شئت جعلته على «فهو يعطيني» ، وإن شئت على «أن يعطيني» . فلما ألقيت «أن» ارتفع. قال الشاعر «5» [من الطويل وهو الشاهد السابع بعد المائة] :
(1) . هو أبو كبير الهذلي. ديوان الهذليين 2: 100، والصناعتين 443 والخزانة 4:420. وهو كثير في إعراب القرآن للزجّاج 3: 889، وجاء في الأصل «وقوله» .
(2)
. في الخزانة ورد مرتين في إحداهما ب «ذكره» و «لم أفعل» ، وفي التمام 248 بفتح ياء «يفعل» ، وفي الصناعتين ومجالس ثعلب 126 ب «ذكره» .
(3)
. في المصاحف 57 إلى الأعمش وفي السبعة 162 إلى ابن كثير وحمزة والكسائي، وكذلك في التيسير 74 والجامع 2: 13 والبحر 1: 282، وفي الطّبري 2: 288 بلا نسبة، وفي معاني القرآن 1: 54 بلا نسبتها، قراءة.
(4)
. في السبعة 162 إلى أبي عمرو ونافع وعاصم وابن عامر، وفي التيسير 74 إلى غير ابن كثير أو حمزة والكسائي، وفي الجامع 2: 13 بالجزم إلى أبيّ وابن مسعود، وفي البحر 1: 282 مثل التيسير.
(5)
. هو طرفة بن العبد البكري.
ألا أيّهذا «1» الزّاجري أحضر الوغى «2» وأن أتبع اللّذّات هل أنت مخلدي «3» ف «أحضر» في معنى «أن أحضر» .
وقوله تعالى: وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً [الآية 83] فجعله أمرا، كأنّه يقول:
وإحسانا بالوالدين» أي: «أحسنوا إحسانا» .
وقال تعالى وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً [الآية 83] فهو على احد وجهين: إمّا أن يكون يراد ب «الحسن» «الحسن» ، وكما تقول:«البخل» و «البخل» «4» ، وإمّا أن يكون جعل «الحسن» هو «الحسن» في التشبيه كما تقول:«إنّما أنت أمل وشرب» . قال الشاعر «5» [من الوافر وهو الشاهد الثامن بعد المائة] :
وخيل قد دلفت لها بخيل
…
تحيّة بينهم ضرب وجيع
«دلفت» : «قصدت» فجعل التحية ضربا. وهذه الكلمة في الكلام ليست بكثير وقد جاءت في القرآن. وقد قرأها بعضهم (حسنا)«6» يريد «قولوا لهم حسنا» وقرأ بعضهم (قولوا للنّاس حسنى)«7» يؤنثها ولم ينوّنها، وهذا لا يكاد يكون، لأنّ «الحسنى» لا يتكلّم بها إلّا بالألف واللّام، كما لا يتكلّم بتذكيرها إلّا بالألف واللّام فلو قلت:
«جاءني أحسن وأطول» لم يحسن حتّى تقول: «جاءني الأحسن والأطول» فكذلك هذا، يقول: «جاءتني الحسنى
(1) . في الأصل: أيها ذا.
(2)
. في الأصل: الوغا.
(3)
. هو أحد أبيات معلقته، وهو في الكتاب وتحصيل عين الذهب 1: 452 ب «أن أشهد» ، وفي معاني القرآن 3:
265 ب «الزاجري وأن أشهد، وفي الديوان 31 بلفظ رواية الأخفش.
(4)
. نقل هذا الرأي بعبارته عنه، في إعراب القرآن 1: 60، والمحتسب 2: 363، والجامع 2:16.
(5)
. هو عمرو بن معديكرب الزبيدي. ديوانه 130، وتحصيل عين الذهب 1: 365، والكتاب وتحصيل عين الذهب 1: 429، ونوادر أبي زيد 149، وفي الخزانة 4: 53 إليه، وبعجز ثان إلى عنترة، وبعجز ثالث إلى الخنساء، وبعجز رابع إلى الأعرابي.
(6)
. في الطّبري 2: 294 إلى عامة قراء الكوفة غير عاصم، وفي السبعة 162 إلى حمزة والكسائي، وفي الكشف 1:
250، والتيسير 74 والجامع 1: 16 وزاد في البحر 1: 284 ويعقوب، وفي حجة ابن خالويه 60 بلا نسبة.
(7)
. في الطّبري 2: 294 إلى بعض القرّاء، وفي الشواذ بالإمالة للأخفش عن بعضهم 7، وفي البحر 1: 285 إلى أبيّ وطلحة بن مصرف. وقد نقلت هذه القراءة والآراء، في إعراب القرآن 1: 60 والمحتسب 2: 363 والجامع 2: 16. [.....]
والطّولى» . إلّا أنهم قد جعلوا أشياء من هذا أسماء نحو «دنيا» و «أولى» . قال الراجز «1» [وهو الشاهد التاسع بعد المائة] :
في سعي دنيا طالما قد مدّت «2»
ويقولون: «هي خيرة النساء» [ «هنّ خيرات النّساء» ]«3» لا يكادون يفردونه، وإفراده جائز.
وفي كتاب الله عز وجل فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (70)[الرحمن] وذلك أنّه لم يرد «أفعل» ، وإنما أراد تأنيث الخير، لأنّه لما وصف فقال:«فلان خير» ، أشبه الصفات، فأدخل الهاء للمؤنث «4» .
وقرأ: (تظّاهرون عليهم بالإثم والعدوان)[الآية 85] فجعلها من «تتظاهرون» ، وأدغم التاء في الظاء وبها يقرأ من ذكر في الحاشية «5» . والقراءة المشهورة التي بها نقرأ هي:
تَظاهَرُونَ «6» مخففة، بحذف التاء الاخرة، لأنّه زائدة، لغير معنى.
وقرئ (وإن يأتوكم أسرى)[الآية 85]«7» وقرئت أَسْرى «8» . وذلك لان
(1) . هو العجاج. ديوانه 267، والخزانة 3: 508 و 509، والتمام 173، والمخصّص 15:193.
(2)
. في الديوان ب «هن» بدل في، وكذلك في الخزانة في الموضعين، وفي التمام والمخصص، وفي الديوان بضم الميم في (مدت) .
(3)
. زيادة يقتضيها السياق.
(4)
. نقل في الصحاح واللسان «خير» عنه هذا الرأي بعبارة مغايرة.
(5)
. رسمت في المصحف بفتح للتّاء وتخفيف الظاء. أما تضعيف الظاء فقراءة في السبعة 163 إلى ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر، وفي الكشف 1: 250 والتيسير 74 إلى غير الكوفيين، وفي البحر 1: 291 إلى غير عاصم وحمزة والكسائي من السبعة، وفي الجامع 2: 20 إلى أهل المدينة وأهل مكّة، وفي الطّبري 2: 308، وحجّة ابن خالويه 60 بلا نسبة.
(6)
. في السبعة 163 إلى أبي عمرو وحمزة والكسائي، وفي البحر 1: 291 إلى أبي حياة. أمّا فتح التاء وتخفيف الظاء ففي الكشف 1: 250 إلى الكوفيين، وكذلك في الجامع 2: 20، وعليها رسم المصحف كما أشرنا. وفي الأصل تظاهرون بضم التاء وتخفيف الظاء وكسر الهاء، ولا ينسجم رسمها مع ما بعدها من كلام.
(7)
. رسم المصحف على القراءة الثانية بألف بعد السين. أمّا هذه القراءة فهي في السبعة 163، والكشف 1: 251، والتيسير 274: 21، والبحر 1: 291، إلى حمزة وفي الطّبري 2: 311، وحجّة ابن خالويه 61 بلا نسبة.
(8)
. في السبعة 163 إلى أبي عمرو وابن عامر ونافع وعاصم والكسائي، وفي الكشف 1: 251 والتيسير 74 إلى غير حمزة، وفي القرطبي 2: 21 إلى الجماعة، وفي البحر 1: 291 إلى الجمهور، وفي الطّبري 2: 311 وحجة ابن خالويه 61 بلا نسبة.
«أسير» «فعيل» وهو يشبه «مريض» لأنّ به عيبا كما بالمريض، وهذا «فعيل» مثله. وقد قالوا في جماعة «المريض» :
«مرضى» وقالوا «أسارى» ، فجعلوها مثل «سكارى» و «كسالى» ، لأنّ جمع «فعلان» الذي به علّة قد يشارك جمع «فعيل» وجمع «فعل» نحو:«حبط» و «حبطى» و «حباطى» «1» و «حبج» و «حبجى» و «حباجى» «2» . وقد قالوا أَسْرى كما قالوا سُكارى «3» .
وقرأ بعضهم (تفدوهم)[الآية 85]«4» من «تفدي» وبعضهم تُفادُوهُمْ «5» من «فادى يفادي» وبها نقرأ، وكلّ ذلك صواب.
وقال تعالى فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ [الآية 85]، وقال ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [المؤمنون:
24 و 33] ووَ ما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ [القمر: 50] رفع، لأن كل ما تحسن فيه الباء من خبر «ما» ، فهو رفع لأن «ما» لا تشبّه في ذلك الموضع بالفعل، وإنّما تشبّه بالفعل، في الموضع الذي تحسن فيه الباء، لأنها حينئذ تكون في معنى «ليس» ، لا يشركها معه شيء.
وذلك قول الله عز وجل ما هذا بَشَراً [يوسف: 31] . وتميم ترفعه، لأنّه ليس من لغتهم أن يشبهوا «ما» بالفعل.
وأما قوله تعالى وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ [الآية 83] ثم قال وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً [الآية 83] ثم قال ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ [الآية 83] فلأنه جل جلاله خاطبهم من بعد ما حدّث عنهم، وذا في الكلام والشعر كثير.
(1) . في الأصل بكسر الفاء.
(2)
. في الأصل بكسر الفاء.
(3)
. في الأصل بضم الفاء في كلتيهما، ولا مفاد لذلك الا التكرار، وقد أشار إلى هذا مكي في المشكل 1: 103 على انه وجه أجازه أبو إسحاق ومنعه أبو حاتم، وفي الإملاء 1: 49 انها قراءة، وبلا نسبة وكذلك في الجامع 2:21. وعدّ أبو إسحاق القراءتين بالألف بضم الهمزة وفتحها على أنّهما جمع الجمع «لأسرى» اللسان «أسر» .
(4)
. رسم المصحف على القراءة الثانية بعد الفاء. أما هذه، ففي المصاحف 57، ما يوحي أنها إلى الأعمش، وفي السبعة 163 إلى ابن كثير وأبي عمرو وحمزة، وفي الكشف 2: 251 إلى غير نافع وعاصم والكسائي، وكذلك في التيسير 74 والبحر 1: 291، وفي الجامع 2: 21 أبدل بعاصم حمزة، وفي الطّبري 2: 311 وحجّة ابن خالويه 61 بلا نسبة.
(5)
. في السبعة 163 والكشف 1: 251 والتيسير 74 والبحر 1: 291 إلى نافع وعاصم والكسائي، وفي الجامع 2:
21 أبدل بعاصم حمزة، وفي الطّبري 2: 311 وحجّة ابن خالويه 61 بلا نسبة.
قال الشاعر «1» [من الطويل وهو الشاهد العاشر بعد المائة] :
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة
…
لدينا ولا مقليّة إن تقلّت «2»
وإنّما يريدون «تقلّيت» . وقال عنترة [من الكامل وهو الشاهد الحادي عشر بعد المائة] :
شطّت مزار العاشقين فأصبحت
…
عسرا عليّ طلابك ابنة مخرم «3»
إنّما أراد «فأصبحت ابنة مخرم عسرا عليّ طلابها» . وجاز أن يجعل الكلام، كأنه خاطبها، لأنّه حين قال:«شطّت مزار العاشقين» ، كأنه قال:«شططت مزار العاشقين» لأنه إيّاها يريد بهذا الكلام. ومثله ممّا يخرج من أوله قوله «4» [من الرجز وهو الشاهد الثاني عشر بعد المائة] :
إنّ تميما خلقت ملموما فأراد القبيلة بقوله: «خلقت» ، ثمّ قال «ملموما» على الحي أو الرجل، ولذلك قال:
مثل الصّفا لا تشتكي الكلوما ثم قال:
قوما «5» ترى واحدهم صهميما فجاء بالجماعة، لأنّه أراد القبيلة أو الحيّ ثم قال:
لا راحم «6» النّاس ولا مرحوما وقال الشاعر «7» [من الطويل وهو الشاهد الثالث عشر بعد المائة] :
أقول له «8» والرّمح يأطر متنه
…
تأمّل خفافا إنّني أنا ذلك
و «تبيّن خفافا» ، يريد «أنا هو» . وفي
(1) . هو كثير عزّة. [.....]
(2)
. ديوانه 101. اللسان «قلا» وقيل هو جميل بن معمر «معاني القرآن 1: 441» .
(3)
. ديوانه 190 وهو من أبيات معلقته، وانظر مجاز القرآن 1: 252 و 273.
(4)
. هو المخيّس بن أرطاة الأعرجي، مجاز القرآن 2: 71، والجمهرة 2: 373 باب ما جاء على «فعيل» ، والصحاح «صهم» ، واللسان «صهم» ، وقيل بل هو رؤبة بن العجاج. ديوانه 185، واللسان «صهم» .
(5)
. في المخصص 3: 57 ب «قوم» .
(6)
. في الأصل «زاحم» بالزّاي، وفي المخصّص كالسابق ب «يرحم» بدل «راحم.
(7)
. هو خفاف بن ندبة السّلميّ. ديوانه 64، ومجاز القرآن 1: 29، والدرر 1:51.
(8)
. في الدرر ب «وقلت له» وكذلك في الخزانة.
كتاب الله عز وجل حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ [يونس: 22] فأخبر بلفظ الغائب وقد كان في المخاطبة، لأنّ ذلك يدلّ على المعنى. وقال الأسود «1» [من البسيط وهو الشاهد الرابع عشر بعد المائة] :
وجفنة كإزاء الحوض مترعة
…
ترى جوانبها بالشّحم مفتونا
فيكون على أنه حمله على المعنى، أي: ترى كلّ جانب منها، أو جعل صفة الجميع واحدا كنحو ما جاء في الكلام. وقوله «يأطر متنه» . يثني متنه.
وكذلك الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2)[الفاتحة] ثم قال تعالى إِيَّاكَ نَعْبُدُ [الفاتحة: 5] لأنّ الذي أخبر عنه هو الذي خاطب. قال رؤبة «2» [من الرجز وهو الشاهد الخامس عشر بعد المائة] :
الحمد لله الأعزّ الأجلل
…
أنت مليك الناس ربّا فاقبل «3»
وقال زهير «4» [من الوافر وهو الشاهد السادس عشر بعد المائة] :
فإنّي لو ألاقيك اجتهدنا
…
وكان لكلّ منكرة كفاء «5»
فأبرئ موضحات الرّأس منه
…
وقد يشفي من الجرب الهناء «6»
وقال الله تبارك وتعالى ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (14)
(1) . ليس البيت في ديوان الأسود بن يعفر، ولا فيما ذكر في الأغاني من شعر للأساود كلهم. ولا أفادت المراجع والمصادر شيئا عن القائل والقول.
(2)
. هو رؤبة بن العجاج الرجاز بن الرجاز المعروف توفي سنة 145 أو 147 هـ، ترجمته في الأغاني 21: 84، والشعر والشعراء 2: 594 وطبقات الشعراء 2: 761.
(3)
. ليس في ديوان رؤبة، وإنما يوجد في الطرائف الأدبية 57، مطلع أرجوزة لأبي النجم العجلي، أوّلها:
الحمد لله الوهوب المجزل
…
أعطى فلم يبخل ولم يبخل
والمصراع الأوّل معزوّ إلى أبي النجم منفردا، أو مع هذا المصراع، أو مع آخر هو: الواسع الفضل الوهوب المجزل، والكتاب وتحصيل عين الذهب 2:302.
(4)
. هو زهير بن أبي سلمى أحد شعراء المعلّقات، الأغاني 2: 147 و 9: 146، والشعر والشعراء 137، وطبقات الشعراء 63، وخزانة الأدب 1:375.
(5)
. في الديوان 81 ب «لو لقيتك واتجهنا» و «لكان» .
(6)
. في الديوان 81 فأبرئ، وفي طبعة التوفيق الادبية لشرح الأعلم ص 76 ب «لو لقيتك فاجتمعنا وكان لكلّ مندية فابرئ» والمندية الداهية التي تندي صاحبها عرقا لشدتها.
[الذاريات] فذكّر بعد التأنيث كأنه أراد:
هذا الأمر الذي كنتم به تستعجلون.
ومثله فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ [الأنعام: 78] فيكون هذا على: الذي أرى ربّي أي:
هذا الشيء ربّي «1» ، وهذا يشبه قول بعض المفسّرين، في قوله تعالى أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ [الآية 187] قال: إنّما دخلت «إلى» لأن معنى «الرّفث» و «الإفضاء» واحد، فكأنه قال: الإفضاء إلى نسائكم» ، وإنّما يقال:«رفث بامرأته» ولا يقال:
«إلى امرأته» وذا عندي كنحو ما يجوز من «الباء» في مكان «إلى» في قوله تعالى: وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ [يوسف: 100] وإنّما هو «أحسن اليّ» فحذف «إلى» ووضع «الباء» مكانها «2» وفي مكان «على» في قوله تعالى فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ [آل عمران: 153] إنّما هو «غمّا على غمّ» وقوله تعالى وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ «3» أي: «على قنطار» كما تقول: «مررت به» و «مررت عليه» كما قال الشاعر «4» - وأخبرني من أثق به أنه سمعه من العرب [من الوافر وهو الشاهد الرابع والعشرون] :
إذا رضيت عليّ بنو قشير
…
لعمر الله أعجبني رضاها «5»
يريد «عنّي» . وذا نحو وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ [الآية 14] لأنك تقول:
«خلوت إليه وصنعنا كذا وكذا» و «خلوت به» . وإن شئت جعلتها في معنى قوله تعالى مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ [آل عمران: 52 والصف: 14] أي: «مع الله» ، وكما قال وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ [الأنبياء: 77] أي: «على القوم» «6» .
(1) . في الجامع 7: 27 و 28 نقل هذا الرأي منسوبا مع تغيير في اللفظ وإشراك في النسبة إلى الكسائي، وفي إعراب القرآن 1: 322 كذلك، وفي البحر 4: 167 كذلك، مع عدم إشراك الكسائي. [.....]
(2)
. ولم تذكر كتب النحو في معاني حروف المباني، الّا فيام الباء مقام إلى في قوله تعالى وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ [يوسف: 100] المغني حرف الباء المغني الثالث عشر. وفي الأصل «إلى مكان الباء» وقد صححت العبارة فنسقت على العبارة التي بعدها. انظر الخبر الداني 101.
(3)
. آل عمران 3: 75 في الأصل «بدينار» في الموضعين، وهو اللفظ الذي عليه الجملة الثانية في الآية الكريمة.
(4)
. هو القحيف العامري. مجاز القرآن 2: 84، والكامل 2: 538 3: 824، وأدب الكاتب 365.
(5)
. في الأصل لعمرو بالواو وفي المجاز «لعمر أبيك» .
(6)
. سبق للاخفش في الكلام على هذه الآية، أن أورد هذه الأمثلة نفسها، وهذه الشواهد تقريبا.
وقال ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ [الآية 85] وفي موضع آخر ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ [النساء: 109] كبعض ما ذكرنا، وهو كثير في كلام العرب، وردّد التنبيه توكيدا. وتقول:«ها أنا هذا» و «ها أنت هذا فتجعل «هذا» للذي يخاطب، وتقول:«هذا أنت» . وقد جاء أشدّ من ذا، قال الله عز وجل ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ [القصص: 76] والعصبة هي تنوء بالمفاتيح. قال «1» [وهو الشاهد السابع عشر بعد المائة من مجزوء الوافر] :
تنوء بها فتثقلها
…
عجيزتها.
يريد: «تنوء بعجيزتها، أي: لا تقوم إلّا جهدا بعد جهد» قال الشاعر «2» [من البسيط وهو الشاهد الثامن عشر بعد المائة] :
مثل القنافذ هدّاجون قد بلغت
…
نجران أو بلغت سوآتهم هجر «3»
وهو يريد أن السنوات بلغت هجرا، و «هجر» رفع لأنّ القصيدة مرفوعة ومثل ذا قول الشاعر «4» [من الطويل وهو الشاهد التاسع عشر بعد المائة] :
وتلحق خيل لا هوادة بينها
…
وتشقى الرّماح بالضّياطرة الحمر «5»
والضياطرة، هم يشقون بالرماح.
و «الضياطرة» هم العظام وواحدهم «ضيطار» مثل «بيطار» ومثل قول الشاعر «6» [من الطويل وهو الشاهد العشرون بعد المائة] :
لقد خفت حتّى ما تزيد مخافتي
…
على وعل بذي الفقارة عاقل «7»
(1) . في الأصل رسم القول، بحيث يشير ضمنا إلى أنه شعر ولم تفد المراجع والمصادر شيئا فيه، إنما ورد في مجاز القرآن 2: 110، بحيث لا يميّزه من النثر مائز مّا، وسيعود الأخفش إلى الاستشهاد بهذا النص فيما بعد.
(2)
. هو الأخطل غياث بن غوث التغلبي. ديوانه 110، ومجاز القرآن 2: 39، والكامل 1:322.
(3)
. في الديوان ب «على العيارات» بدل «مثل القنافذ» و «حدثت» بدل «بلغت» ، وفي الكامل «نجران» ، والمغني 2:
699 كذلك.
(4)
. هو خداش بن زهير. الكامل 2: 406، والصحاح «ضطر» واللسان «ضطر» .
(5)
. البيت فيما سبق من المظان، وفي مجاز القرآن 2: 110، والصاحبي 203، والمقاييس 2: 102، والمخصص 2: 77، وأضداد اللغوي 722 ب «تركيب» بدل تلحق، واللسان ب «نركب خيلا» وفي مجاز القرآن ب «تركب» .
(6)
. هو النابغة الذبياني. ديوانه 68، ومجاز القرآن 1: 65 و 139.
(7)
. في الأصل عافل بالفاء الموحدة، وفي الديوان ب «وقد» و «ذي المطارة عاقل» والبيت في مجاز القرآن 1: 65 و 139 ب «وقد» و «القفارة عاقل» ، ومعاني القرآن 1: 99 ب «ذي المطارة عاقل» ، وفي 3: 272 ب «في المكاره عاقل» ، وفي معجم البلدان» «مطارة» ب «وقد» و «من ذي مطارة عاقل» .
يريد: حتّى ما تزيد مخافة وعل على مخافتي.
وقال تعالى فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ (89) وتفسيره: «فقليلا يؤمنون» و «ما» زائدة كما قال تجلى شأنه: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ [آل عمران: 159] يقول:
«فبرحمة من الله» وقال إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)[الذاريات] أي:
لحقّ مثل أنّكم تنطقون، وزيادة «ما» في القرآن والكلام، نحو ذا كثير.
قال «1» [من المنسرح وهو الشاهد الحادي والعشرون بعد المائة] :
لو بأبانين جاء يخطبها
…
خضّب ما أنف خاطب بدم «2»
أي: خضّب بدم أنف خاطب.
وقال تعالى وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ [الآية 89] فان قيل فأين جواب وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ [الآية 89] قلت: «جوابه في القرآن كثير» ، واستغني عنه في هذا الموضع إذ عرف معناه «3» . كذلك جميع الكلام إذا طال تجيء فيه أشياء ليس لها أجوبة في ذلك الموضع ويكون المعنى مستغنى به، نحو قول الله عز وجل وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً [الرعد: 31] فيذكرون ان تفسيره:
«لو سيّرت الجبال بقرآن غير هذا لكان هذا القرآن ستسيّر به الجبال» فاستغني عن اللّفظ بالجواب، إذ عرف المعنى.
وقال تعالى لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ [آل عمران:
188] ، ولم يجئ ل «تحسبنّ» الأول بجواب، وترك للاستغناء بما في القرآن
(1) . هو المهلهل بن ربيعة التغلبي، الكامل 3: 816، والجمهرة 3: 211، والاشتقاق 77، واللسان «ابن» ، المغني 1: 312، وشرح شواهد المغني 247، ومعجم البلدان «أبانان» .
(2)
. في اللسان ب «رمل» ، وفي المغني وشرح شواهده ب «زمل» ، وفي سائر المراجع الأخرى ب «ضرج» بدل «خضب» ، وأعاد ذكره بين الأبيات في شرح شواهد المغني، ب «ضرج» أيضا» . [.....]
(3)
. نقل عنه هذا في إعراب القرآن 1: 63، والجامع 2: 27، والبحر 1:303.
من الأجوبة. وقال تعالى وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ [آل عمران: 180] معناه «لا يحسبنّه خيرا لهم» وحذف ذلك الكلام، وكان فيما بقي دليل على المعنى. ومثله وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45) [يس] ثمّ قال تعالى وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ [يس: 46] من قبل أن يجيء بقوله «فعلوا كذا وكذا» لأنّ ذلك في القرآن كثير، استغني به. وكان في قوله جل شأنه وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ «1» دليل على أنّهم أعرضوا فاستغني بهذا وكذلك جميع ما جاز فيه نحو هذا. وقال تعالى: فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً (7)[الإسراء] ولعلّ معنى قوله تعالى وَلِيُتَبِّرُوا على معنى: «خلّيناهم وإيّاكم لم نمنعكم منهم بذنوبكم» .
وقال لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ، ولم يذكر أنّه خلّاهم وإيّاهم على وجه الترك في حال الابتلاء بما أسلفوا ثمّ لم يمنعهم من أعدائهم أن يسلّطوا عليهم بظلمهم.
وقال وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ [الأنعام: 93] فليس لهذا جواب.
وقال تعالى وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ [البقرة: 165] فجواب هذا إنّما هو في المعنى، وهذا كثير «2» .
وسنفسّر كل ما مررنا به إن شاء الله.
وزعموا أنّ هذا البيت ليس له جواب [من الطويل وهو الشاهد الثاني والعشرون بعد المائة] :
ودويّة قفر تمشّى نعامها
…
كمشي النّصارى في خفاف الأرندج «3»
يريد «وربّ دويّة» ثمّ لم يأت له بجواب. وقال «4» [من البسيط وهو
(1) . يس 36: 46، والأنعام 6: 4 أيضا.
(2)
. نقل عنه هذا الرأي في إعراب القرآن 1: 86 و 87، والجامع 2: 205، والبحر 1:472.
(3)
. في الأصل: يمشي. البيت للشمّاخ بن ضرار الذبياني، وهو في ديوانه 83 ب «داوية» و «تمشّى نعاجها» و «اليرندج» ، وفي الكتاب 1: 454 ب «تمشّي» ، ورواه الأصمعي في شرح ديوان العجاج 353 ب «تمشّي نعاجها» و «اليرندج» وفي المقاييس 2: 262 ب «اليرندج» وبلا عزو. وفي الصحاح «دوى» كما في رواية الأخفش بلا عزو. وفي اللسان «ردج» معزوا ب «اليرندج» وفي «دوا» معزوا أيضا برواية الأخفش.
(4)
. هو عبد مناف بن ربيع الهذلي. ديوان الهذليين 2: 42، ومجاز القرآن 1: 37 و 331، و 2: 192 والصحاح، «قتد» و «شرد» و «جمل» و «سلك» ، والجمهرة 2: 9 ب «أسلكوهم» و 110 و 3: 45، والإنصاف 2: 245، والتمام بلا عزو 55، وتاج العروس «شرد» و «قتد» ، ومختار الصحاح «عز» ، والصّاحبي بلا عزو «39» ، والاشتقاق 246 بلا عزو وادب الكاتب 333، والمخصّص بلا عزو 16: 101، وتفرّد الأزهري في التهذيب 10: 63 إلى ابن أحمر، وبلفظ «سلكوهم» ، بلا ألف، والأنباري في شرح القصائد السبع 56 بلفظ «أسلموهم» ، وورد في سائر المصادر الأخرى ب «أسلكوهم» ، الّا ما نصصت عليه، وفيها جميعا ب «تطرد» أمّا في الأصل ف «طرد» .
الشاهد الثالث والعشرون بعد المائة] :
حتّى إذا أسلكوه في قتائدة
…
شلّا كما تطرد الجمّالة الشّردا
فهذا ليس له جواب إلّا في المعنى.
وزعم بعضهم أنّ هذا البيت [من الكامل وهو الشاهد الخامس بعد المائة] :
فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن
…
إلّا كلمّة حالم بخيال
قالوا: الواو فيه ليست بزائدة ولكن الخبر مضمر.
وقال تعالى بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [الآية 90] ف «ما» وحدها اسم، وأَنْ يَكْفُرُوا تفسير له نحو:«نعم رجلا زيد» «1» وأَنْ يُنَزِّلَ بدل من بِما أَنْزَلَ اللَّهُ.
وقال تعالى وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ [الآية 91] بنصب مُصَدِّقاً لأنه خبر معرفة.
وتَقْتُلُونَ في معنى «قتلتم» . كما قال الشاعر «2» [من الكامل وهو الشاهد الرابع والعشرون بعد المائة] :
ولقد أمرّ «3» على اللّئيم يسبّني
…
فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني
(1) . في إعراب القرآن 1: 64 نقل عنه شاهدا غير هذا، وفي الجامع 2: 28 كذلك، واستنتج القرطبي ومكّي في المشكل 1: 104 من المثال أنّ «ما» في موضع نصب على التمييز عند الأول، والتفسير عند الثاني، وكذلك البحر 1: 304، 305، والإملاء 1:51.
(2)
. هو رجل مولّد من بني سلول. الكتاب وتحصيل عين الذهب 1: 416، والمقاصد النحوية 4: 58، شواهد المغني 107، والخزانة 1: 173، وشرح شواهد ابن الناظم 303، وقيل هو شمر بن عمرو الحنفي، الأصمعيات 126.
(3)
. في الإنصاف 1: 65 بلفظ «مررت» والأصمعيات 126، وفي شرح شواهد ابن الناظم 303- «ثمّ أقول» ، وفي المقاصد 4: 58 ب «واعف ثمّ أقول ما» ، وفي الصّاحبي 219 ب «عنه» بدل «ثمّت» ، وفي الكامل 3: 806 ب «فأجوز ثمّ أقول» ، وفي شرح ابن الناظم 202 ب «فاعف ثمّ أقول ما» . ويمكن النظر في الخصائص 3: 330 و 332، والكشاف 1: 16، وشرح ابن عقيل 1: 157، وأوضح المسالك، والصحاح «ثمم» ، واللسان «ثمم» ، والمغني 1: 102، وشرح سقط الزند للبطليوسي 4: 1659 بالمخصّص 16: 116 والتمام 28 و 67.
يريد: «لقد مررت» بقوله «أمرّ» .
وقوله تعالى وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ [الآية 96] فهو نحو «ما زيد بمزحزحه أن يعمّر» و «ما زيد بضارّه أن يقوم» ف «أن يعمّر في موضع رفع وقد حسنت الباء كما تقول: «ما عبد الله بملازمه زيد» .
وقوله تعالى مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ [الآية 97]، فمن العرب من يقول:(لجبرئيل) فيهمزون ولا يهمزون، وكذلك (إسرائيل)«1» منهم من يهمز ومنهم من لا يهمز، ويقولون (ميكائيل)«2» فيهمزون ولا يهمزون ويقولون وَمِيكالَ كما قالوا وَجِبْرِيلَ. وقال بعضهم (جبرعل) ولا أعلم وجهه إلّا أني قد سمعت (إسرائل) وقال بعضهم (إسراييل) فأمال الراء»
. وقال أبو
(1) . وردت في ثلاثة وأربعين موضعا من الكتاب العزيز أوّلها البقرة 2: 40، وآخرها الصف 61: 14، المعجم المفهرس 33» ، وفي الجامع 1: 331 عدم الهمز إلى الأعمش وعيسى، وزاد في البحر 1: 171 أبا جعفر، وفي البحر 1: 171 الهمز إلى الجمهور.
(2)
. من الآية القادمة.
(3)
. في «اللهجات» 243- 267، ولهجة تميم 85، والقراآت القرآنية هـ 101، أنّ الهمزة عامّة لهجة تميم، ونراه عامّة لهجة الحجاز «وفي اللهجات 247» أنّ جبريل لغة الحجاز وجبرئيل لغة تميم، وكذلك في الطّبري 2:
388 والجامع 2: 37 والبحر 1: 318، وفي الطّبري 2: 388 «ميكائيل» بهمزة وياء لغة تميم وقيس وبعض نجد، وعليها قرّاء أهل الكوفة وفي السبعة 166 و 167 إلى ابن كثير وابن عامر وعاصم وأبي بكر وحمزة والكسائي وفي الكشف 1: 255 والتيسير 75 إلى غير نافع وأبي حفص وعمرو وفي الجامع 2: 38 إلى حمزة وابن كثير، وفي البحر 1: 318 كما في السبعة مع إسقاط ابن كثير وعاصم، واضافة قنبل والبزّي. أما «ميكاييل» بياءين فهي في الطّبري 2: 389 لغة لبعض العرب، ولم يشر إلى أنّها قراءة، وفي المحتسب 97 والبحر 1: 318 إلى الأعمش، وفي الجامع 2: 38 إلى نافع وابن كثير وعن الأعمش باختلاف. أما «ميكال» فهي في الطّبري 2:
388، والجامع 2: 318، لغة أهل الحجاز وهي في الطّبري قراءة أهل المدينة والبصرة، وفي الكشف 1: 255 والتيسير 75 والبحر 1: 318 إلى أبي عمرو وحفص، وفي السبعة 166 إلى أبي عمرو وعاصم وزاد في الجامع انها عن عاصم وعن ابن كثير. أمّا إمالة الراء من «إسرييل» فهي قراءة حمزة والكسائي. الكشف 1: 178 وهي كما في «لهجة تميم 140» لهجة تميم. وفصّل ذلك في الكتاب 2: 259 و 260، واللهجات العربية 203، وما بعدها ان الإمالة لهجة عامة أهل نجد من تميم وأسد وقيس، وقد أوردها ابو حيان في البحر 1: 171 ولم ينسبها. أما «جبرعل» بالعين فهي من العنعنة وقد خصّت بها تميم وقيس وأسد وكلاب بن عامر بن صعصعة، كما في اللهجات العربية 283، وأضاف الفرّاء «ومن جاورهم» ، لهجة تميم 90، وفي الطّبري 2: 388 ساق لفظ «جبرعيل» و «ميكاعيل» مثالا لوزن اللفظ «جبرئيل» و «ميكائيل» ولم ينسبهما قراءة. أما «اسرائل» فكسر الهمزة كما في البحر 1: 171 قراءة ورش، ولم يشر إلى حذف الياء. وهي لهجة قيس وأسد وهوازن، كما في «اللهجات 549 و 554» .
الحسن «1» : في «جبريل» «ست لغات: جبراييل «2» وجبرئيل «3» وجبرئل «4» جبراعيل جبرعيل جبرعل وجبريل «5» وجبريل «6» فعليل فعليل وجبرائل «7» جبراعل.
وقال تعالى: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ (98) فأظهر الاسم وقد ذكره في أوّل الكلام، قال الشاعر [من الكامل وهو الشاهد الخامس والعشرون بعد المائة] :
ليت الغراب غداة ينعب دائبا
…
كان الغراب مقطّع الأوداج «8»
وقال تعالى: أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً [الآية 100] فهذه واو تجعل مع حرف الاستفهام، وهي مثل الفاء التي في قوله: أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ [الآية 87] . فهذا في
(1) . هو المؤلّف أبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش.
(2)
. في التكملة والتاج «جبر» .
(3)
. في الصحاح والتكملة واللسان والتاج «جبر» ، واللّسان أيضا «جبر» ، وهي قراءة بلا نسبة في حجّة ابن خالويه 62 والكشاف 1: 169، وفي السبعة 167 قراءة عاصم وحمزة والكسائي، وأسقط في الكشف 1: 254 عاصما والتيسير 75 كذلك، وفي الجامع 2: 37 قراءة أهل الكوفة، وهي لغة تميم وقيس. [.....]
(4)
. في الصحاح والتكملة «وفيها بتضعيف اللام» ، واللسان والتاج «جبر» ، وفي الكشاف 1: 169، وباختلاف الهمز في حجّة ابن خالويه، قراءة بلا نسبة. وفي السبعة 166، وقراءة عاصم في رواية، وفي الكشف 1: 254 إلى أبي بكر وفي التيسير 75 كذلك وفي الجامع 2: 37 كذلك عن عاصم.
(5)
. في التكملة والتاج «جبر» ، وفي الكشاف 1: 169، وحجّة ابن خالويه 62، قراءة بلا نسبة وفي السبعة 1: 166 إلى ابن كثير، والكشف 1: 254، والتيسير 75، وكذلك وزاد الجامع 2: 37 الحسن.
(6)
. في الصحاح واللسان والتاج «جبر» ، واللسان أيضا «جبر» ، وفي الكشّاف 1: 169 وحجّة ابن خالويه 62 قراءة بلا نسبة، والكشف 1: 254 و 255 والتيسير 75 إلى غير ابن كثير وأبي بكر وحمزة والكسائي، وفي الجامع 2: 37 لغة أهل الحجاز.
(7)
. في التكملة، وفي التاج «جبر» وفيه بلا تضعيف. وفي الكشاف 1: 169 قراءة بلا تضعيف. وفي الكشّاف 1: 169 قراءة بلا تضعيف وبلا نسبة، وفي الأصل «جبرعل» بلا ألف.
(8)
. لم تفد المراجع والمصادر شيئا في هذا الشاهد، سوى أنّه مستشهد به لهذا المعنى، في الأمالي الشّجريّة، بلا عزو 1:243.
القرآن والكلام كثير، وهما زائدتان في هذا الوجه «1» . وهي مثل الفاء، التي في قولك:«أفا لله لتصنعنّ كذا وكذا» وقولك للرجل: «أفلا تقوم» . وإن شئت، جعلت الفاء والواو، هاهنا، حرف عطف.
وقوله تعالى وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ [الآية 102] ف هارُوتَ ومارُوتَ معطوفان على الْمَلَكَيْنِ، وبدل منهما، ولكنهما أعجميان فلا ينصرفان وموضعهما جر. و «بابل» لم ينصرف لتأنيثه «2» ، وذلك أن اسم كل مؤنث، على حرفين أو ثلاثة، أوسطها ساكن، فهو ينصرف، وما كان سوى ذلك من المؤنّث فهو لا ينصرف ما دام اسما للمؤنّث.
وقال تعالى حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما [الآية 102] فليس قوله فَيَتَعَلَّمُونَ جوابا لقوله فَلا تَكْفُرْ [الآية 102] ، إنما هو مبتدأ ثم عطف عليه فقال وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ [الآية 102] .
وقال يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [الآية 102] لأنّ كلّ واحد منهما زوج، فالمرأة زوج والرجل زوج. قال تعالى: وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها [النساء: 1] وقال مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ [هود:
40 والمؤمنون: 27] . وقد يقال أيضا «هما زوج» للاثنين، كما يقول:«هما سواء» و: «هما سيّان» «3» . [والزوج أيضا:
النمط يطرح على الهودج] «4» . قال الشاعر «5» [من الكامل وهو الشاهد السادس والعشرون بعد المائة] :
من كلّ محفوف يظلّ عصيّه
…
زوج عليه كلّة وقرامها
(1) . نقل رأيه في زيادة الواو في اعراب القرآن 1: 68، والمشكل 1: 105، والجامع 2: 39، والبحر 1: 323، والبيان 1:13.
(2)
. نقله في الصحاح «بيل» ، وعبارته قال الأخفش:«لا ينصرف لتأنيثه وذلك أنّ اسم كلّ شيء مؤنث إذا كان أكثر من ثلاثة أحرف فإنه لا ينصرف في المعرفة» .
(3)
. في الصحاح «زوج» ويقال: «هما زوجان» و «هما زوج» كما يقال «هما سيان» و «هما سواء» .
(4)
. زيادة يقتضيها السياق، مستفادة من الجمهرة 2: 92، والصحاح «زوج» ، واللسان «زوج» .
(5)
. هو لبيد بن ربيعة العامري. والبيت من معلّقته في ديوانه 300، وشرح المعلّقات السبع 112، وشرح القصائد العشر 138.
وقد قالوا: «الزوجة» . قال الشاعر «1» [من البسيط وهو الشاهد السابع والعشرون بعد المائة] :
زوجة أشمط مرهوب بوادره
…
قد صار «2» في رأسه التخويص والنّزع «3»
وقال تعالى وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [الآية 102] فهذه لام الابتداء تدخل بعد العلم وما أشبهه ويبتدأ بعدها، تقول:
«لقد علمت لزيد خير منك» قال تعالى لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85)[ص] وقال لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا [يوسف: 8] .
وقال: وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ [الآية 103]، فليس لقوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا جواب في اللفظ، ولكنّه في المعنى يريد «لأثيبوا» فقوله لَمَثُوبَةٌ يدل على «لأثيبوا» فاستغني به عن الجواب «4» . وقوله لَمَثُوبَةٌ هذه اللام للابتداء كما فسرت لك.
وقال تعالى وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ [الآية 102] ثم قال لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (102) يعني بالأوّلين الشياطين، لأنّهم قد علموا ولَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ يعني الانس «5» .
وكان في قوله سبحانه لَمَثُوبَةٌ دليل على «أثيبوا» فاستغني به عن الجواب.
وقال تعالى ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ [الآية 105] أي: «ولا من المشركين» لا يودّون أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ [الآية 105] .
وقال تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها [الآية
(1) . هو الأخطل غياث بن غوث. الديوان 69، والتهذيب 7: 475 واللسان «خوص» .
(2)
. في الديوان «كان» ، وفي التهذيب واللسان كذلك، وفي الجمهرة 2: 228 شاع.
(3)
. في الجامع 1: 240، عن الأصمعي أنّه: لا تكاد العرب تقول زوجة، وفي المذكّر والمؤنّث للفرّاء 95 أن التذكير للرجل والمرأة قول أهل الحجاز، وأنّ أهل نجد يلحقون الهاء فيقولون «زوجة» ، وهو أكثر من زوج، «اللهجات العربية 503 كذلك» .
(4)
. نقل عنه هذا الرأي في المشكل 1: 108، وإعراب القرآن 1: 69، والجامع 2: 56، والبحر 1:335. [.....]
(5)
. نقل عنه هذا الرأي في الجامع 3: 56.
106] وقرأ بعضهم (ننسأها)«1» أي نؤخّرها، وهو مثل إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ [التوبة: 37] لأنّه تأخير.
«النسيئة» و «النسيء» أصله واحد من «أنسأت» ، إلّا أنّك تقول: «أنسأت الشيء أي: أخّرته ومصدره: النسيء.
و: «أنسأتك الدّين» أي: جعلتك تؤخّره. كأنه قال: «أنسأتك» ، ف «نسأت» «2» و «النسيء» ، أنّهم كانوا يدخلون الشهر في الشهر. وقرأ بعضهم (أو ننسها) «3» كل ذلك صواب. وجزمه بالمجازاة. والنسيء في الشهر:
التأخير.
وقال تعالى أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ [الآية 108] ومن خفّف قال: (سيل)«4» ، فإن قيل: كيف جعلتها بين بين، وهي تكون بين الياء الساكنة وبين الهمزة والياء الساكنة لا تكون بعد ضمّة، والسين مضمومة؟ قلت أمّا في «فعل» فقد تكون الياء الساكنة بعد الضمة لأنهم قد قالوا «قيل» و «بيع» وقد تكون الياء في بعض «فعل» واوا خالصة لانضمام ما قبلها وهي معه في حرف واحد كما تقول:«لم توطؤ الدابّة» وكما تقول: «قد رؤس فلان» «5» .
(1) . في الطّبري 2: 477 قراءة جماعة من الصحابة والتابعين، وجماعة من قرّاء الكوفيين والبصريين، وخصّ عبيد بن عمير، وأنّه هو وابن أبي نجيح ومجاهد وعطية تأوّلوا بها. وفي السبعة 168 إلى ابن كثير وأبي عمرو، وفي الكشف 1: 258 و 259 زاد عمر وابن عبّاس وعطاء ومجاهدا وأبيّ بن كعب وعبيد بن عمير والنخعي وعطاء بن أبي رباح وابن محيصن، وفي الجامع 2: 67 كذلك، وفي البحر 1: 343 أسقط أبيّ بن كعب وابن محيصن، وأضاف ابن كثير وأبا عمرو من السبعة، وفي التيسير 76 إلى ابن كثير وأبي عمرو.
(2)
. في الصحاح «نسأ» قال الأخفش: أنسأته الدّين: إذا جعلته له مؤخرا ونسأت عنه دينه، إذا أخّرته نساء، قال:
وذلك النّساء في العمر ممدود. ومنه قولهم «من سرّه النّساء ولا نساء، فليخفّف الرّداء وليباكر الغداء وليقلّ غشيان النّساء» .
(3)
. في البحر 1: 343 أنّها قراءة طائفة «ولم يعيّن أسماء هم» ، وأنّ أبا عبيد البكري وهم في نسبتها إلى سعد بن أبي وقاص، ووهم ابن عطية أيضا في ذلك.
(4)
. في السبعة 169: أنّ قراءة ابن عامر مهموزة من غير إشباع، وفي الشواذ 9 أن اختلاس الضمة من غير همزة إلى ابن عامر وفي الجامع 2: 70 أنّ كسر السين من غير همز للحسن وفي البحر 1: 346، أنّ الجمهور قرأ (سيل)«ولم يشكل» ، وقرأ الحسن وأبو السمال بكسر السين وياء، وقرأ أبو جعفر وشيبة والزهري بإشمام السين وياء، وقرأ بعض القرّاء بتسهيل الهمزة بين بين وضم السين. وفي الإملاء كان قراءة (سيل) «بلا شكل» على لغة من قال: أسلت بغير همزة، مثل خفت تخاف، والياء منقلبة عن واو، لقولهم سوال وساولته، ويقرأ (سيل) بجعل الهمزة بين بين، أي بين الهمزة وبين الياء.
(5)
. هي لغة قيس وعقيل ومن جاورهم، وعامّة بني أسد. اللهجات 452.
وقال تعالى: وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ [الآية 111]، فزعموا أن «الهود» : جماعة «الهائد» . و «الهائد» :
التائب الراجع الى الحقّ. وقال تعالى في مكان آخر وَقالُوا كُونُوا هُوداً [الآية 135] أي: كونوا راجعين الى الحق، «هائد» و «هوّد» مثل «ناقه» و «نقّه» ، و «عائد» و «عوّد» ، و «حائل» و «حوّل» ، و «بازل» و «بزّل» «1» وجعل مَنْ كانَ واحدا لأنّ لفظ «من» واحد وجمع «2» في قوله هُوداً أَوْ نَصارى. وفي هذا الوجه تقول:«من كان كان صاحبك» . قال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [الآية 114] إنّما هو «من أن يذكر فيها اسمه» ، ولكنّ حروف الجرّ تحذف مع «أن» كثيرا ويعمل ما قبلها فيها، حتى تكون في موضع نصب، أو تكون أَنْ يُذْكَرَ بدلا من «المساجد» يريدون:«من أظلم ممّن منع أن يذكر» .
وقال تعالى وَسَعى فِي خَرابِها [الآية 114] فهذا على «منع» و «سعى» ثم قال أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ [الآية 114] فجعله جميعا لأنّ «من» تكون في معنى الجماعة.
وقال تعالى فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [الآية 115] لأنّ «أينما» من حروف الجزم من المجازاة والجواب في الفاء.
وقال جلّ شأنه وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [الآية 117] بالرفع على العطف، كأنّه إنّما يريد أن يقول:
«إنّما يقول كن فيكون» وقد يكون أيضا بالرفع على الابتداء. وقال إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)[النحل] فان جعلت (يكون) ها هنا معطوفة، نصبت، لأنّ أَنْ نَقُولَ نصب ب «أن» كأنه يريد: أَنْ نَقُولَ (فيكون) . فان قيل: «كيف والفاء ليست في هذا المعنى؟ فإنّ الفاء والواو قد تعطفان على ما قبلهما وما بعدهما، وإن لم يكن في معناه نحو «ما أنت وزيدا» ، وإنّما يريد «لم تضرب زيدا» ، وترفعه على «ما أنت وما زيد» ، وليس ذلك معناه. ومثل قولك:«إيّاك والأسد» . والرفع في قوله تعالى فَيَكُونُ على الابتداء نحو
(1) . كان يمكن أن يحمل على «فاعل» «فعل» ، لولا ورود «ناقه» التي لا تجمع على «فعل» «نقه» بل «فعل» «نقّه» .
(2)
. نقله عنه في اعراب القرآن 1: 71، والجامع 2:75.
قوله: لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ [الحج: 5] .
قال الشاعر «1» فرفع على الابتداء [من الوافر وهو الشاهد الثامن والعشرون بعد المائة] :
يعالج عاقرا أعيت «2» عليه
…
ليلقحها فينتجها حوارا
وقال الشاعر «3» أيضا [من الطويل وهو الشاهد التاسع والعشرون بعد المائة] :
وما هو إلّا أن أراها فجاءة
…
فأبهت حتّى ما أكاد أجيب
والنصب في قوله «فأبهت» على العطف والرفع على الابتداء.
وقال تعالى إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (119) وقد قرئت «4» (ولا تسأل) وكلّ هذا رفع، لأنّه ليس بنهي، وإنّما هو حال، كأنّه قال «أرسلناك بشيرا ونذيرا وغير سائل أو غير مسؤول» ، وقد قرئتا جزما جميعا على النهي «5» .
وقال تعالى يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ [الآية 121] كما يقولون: «هذا حقّ عالم» وهو مثل «هذا عالم كلّ عالم» .
وقال تعالى وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ [الآية 124] أي: اختبره.
و «إبراهيم» هو المبتلى فلذلك انتصب.
وقال تعالى لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [الآية 124] لأنّ العهد هو
(1) . هو ابن أحمر. الديوان 73، والكتاب 1: 430، وتحصيل عين الذهب 1:431.
(2)
. في الديوان «عاصت» بدل «أعيت» .
(3)
. هو عروة بن حزام العذري. شعر عروة بن حزام 28، والخزانة 3: 615 وشرح ابن يعيش 7: 38، وقيل كثير عزّة. الخزانة 3: 615، ولا وجود له في شعره، وقيل بعض الحجازيين. الكتاب 1: 430، كما أضاف الجرمي. وقيل بعض الحارثيين، تحصيل عين الذهب 1:430.
(4)
. في الحجة 63، ذكرت من غير نسبة، وانتصر لها بقراءة عبد الله وأبي (ولن تسأل) .
(5)
. قراءة «تسأل» هي في معاني القرآن 1: 75 لابن عبّاس وأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، وبعض أهل المدينة، وأنّ التفسير جاء بذلك. وفي الكشف 1: 262 إلى نافع وابن عبّاس، وفي الحجّة 63 بلا نسبة. وقراءة «تسأل» في معاني القرآن 1: 75 أنّ التفسير عليها، وفي الحجة 63 بلا نسبة، وفي التيسير 76 والجامع 2: 92 إلى نافع، وزاد في البحر 1: 368 يعقوب، وفي الطّبري 2: 558 إلى بعض أهل المدينة، وتأوّل بها النبي (ص) في رواية محمد بن كعب القرطبي وداود بن أبي عاصم. وفي إعراب القرآن 1: 72، والجامع 2: 92، نقلت آراء الأخفش هذه بنصوص فيها.
الذي لا ينالهم، وقرأ بعضهم:(لا ينال عهدي الظالمون)«1» والكتاب بالياء.
وإنما قرءوا (الظالمون) لأنّهم جعلوهم الذين لا ينالون.
وقال: إن قوله تعالى وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً [الآية 125] على اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ [الآية 122] وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وألحقت الهاء في «المثابة» لمّا كثر من يثوب إليه كما تقول: «نسّابة» و «سيّارة» لمن يكثر ذلك منه «2» .
وقال في قوله تعالى وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى [الآية 125]«3» يريد (واتّخذوا) كأنّه يقول «واذكروا نعمتي وإذ اتّخذوا مصلّى من مقام إبراهيم» ووَ اتَّخِذُوا بالكسر وبها نقرأ «4» لأنّها تدلّ على الغرض.
وأمّا وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [الآية 125] ف (السّجود) جماعة «السّاجد» كما تقول: «قوم قعود» و «جلوس» .
قال تعالى وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ [الآية 126] ف مَنْ آمَنَ بدل على التبيان، كما تقول «أخذت المال نصفه» و «رأيت القوم ناسا منهم» . ومثل ذلك يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ [الآية 217] يريد: عن قتال فيه. وجعله بدلا. ومثله وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران: 97] ومثله قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ [الأعراف: 75] شبيه هذا أيضا إلا أنه قدر فيه حرف الجرّ.
وقرأ (ومن كفر فأمتعه قليلا) [الآية
(1) . في معاني القرآن 1: 76 هي قراءة عبد الله بن مسعود، ومثله في الشواذ 9 والطّبري 3/ والجامع 2:108. [.....]
(2)
. نقله عنه في الجامع 2: 110، والبحر 1: 379 و 380.
(3)
. كلام المؤلّف يشير إلى فتح الخاء، بدليل قوله فيما بعد وَاتَّخِذُوا بالكسر أجود. وما في الكتاب الكريم بالكسر. وهي في الطّبري 3: 32 قراءة بعض قرّاء أهل المدينة والشام، وفي السبعة 169 والتيسير 76 والجامع 2: 111 والبحر 1: 380 إلى نافع وابن عامر، أمّا في معاني القرآن 1: 77 وحجّة ابن خالويه 64/ فبلا نسبة.
(4)
. هي في الطّبري 3: 30 و 31 قراءة عامة المصرين الكوفة والبصرة، وقراءة عامة قرّاء أهل مكة وبعض قرّاء أهل المدينة، وقد نقل خبرها عن عمر، وفي 33 عن جابر بن عبد الله. وفي السبعة 169 والبحر 1: 380 إلى ابن كثير وعاصم وأبي عمرو وحمزة والكسائي، وزاد في البحر الجمهور. وفي الجامع 2: 111 قصرها على الجمهور، وفي التيسير 76 إلى غير نافع وابن عامر، وفي معاني القرآن 1: 77، وحجّة ابن خالويه 64 بلا نسبة.
126] على الأمر ثُمَّ أَضْطَرُّهُ [الآية 126] فجزم (فأمتعه) على الأمر «1» ، وجعل الفاء جواب المجازاة. وقرأ بعضهم فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ، وبها نقرأ «2» ، رفع على الخبر وجواب المجازاة الفاء.
وقال تعالى وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا [الآية 127] أي كان إسماعيل هو الذي يدعو: رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا.
قال تعالى وَأَرِنا مَناسِكَنا [الآية 128] وقرأ بعضهم (وأرنا) بإسكان الراء «3» كما تقول «قد علم ذلك» «4» وبالكسر نقرأ «5» . وواحد «المناسك» :
«منسك» مثل «مسجد» «6» ويقال أيضا:
«منسك» «7» .
وقال تعالى إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ [الآية 130] فزعم أهل التأويل أنه في
(1) . في معاني القرآن 1: 78 والطّبري 3: 54 إلى ابن عباس، وفي البحر 1: 384 زاد مجاهدا وغيرهما، وفي الجامع 2: 119 زاد قتادة، وفي التيسير 76 قصرها على ابن عامر، وفي حجّة ابن خالويه 64، والمشكل 50، بلا نسبة.
(2)
. في الطّبري 3: 53 إلى أبيّ بن كعب وابن إسحاق، و 54 إلى مجاهد، وفي السبعة 170 إلى القرّاء جميعا إلّا ابن عامر، وكذلك في التيسير 76، وفي الجامع 2: 119، كما في الطّبري وفي البحر 1: 384 إلى الجمهور من السبعة.
(3)
. في السبعة 170 إلى ابن كثير، وزاد في الكشف 1: 241 أبا عمرو، في رواية الرقيين عنه وفي التيسير 76 أبدل أبا شعيب بأبي عمرو، وفي البحر 1: 290 إلى ابن كثير، ومع الاختلاس والإشباع أيضا إلى أبي عمرو. وفي الجامع 2: 127 إلى عمر بن عبد العزيز وقتادة، وابن كثير وابن محيصن والسّدّيّ وروح، عن يعقوب ورويس والسوسي، واختارها أبو حاتم، وفي حجّة ابن خالويه 55 بلا نسبة. وفي الطّبري 3: 76 كذلك مع إشمامها كسرة.
(4)
. هي لغة نجدية تميميّة، اللهجات 173، وخص بها مؤلف لهجة تميم، من الأفعال ما كان من هذا الباب، «أي فرح» فاؤه حرف حلق، في 197.
(5)
. هي في الطّبري 2: 75 قراءة عامّة أهل الحجاز والكوفة، وفي السبعة 170 إلى نافع وحمزة والكسائي، وفي الكشف 1: 242 إلى جماعة من القرّاء، واختيار اليزيدي وإشباع الحركة إلى أبي أيوب، وفي التيسير 71 الاختلاس إلى أبي عمرو واليزيدي، والإشباع إلى غيرهما وغير ابن كثير وأبي شعيب، وفي الجامع 2: 128 إلى غير من قرأ بإسكان الراء.
(6)
. في الإملاء 1: 63 أفاد اللغتين، ولم تميّز كتب اللغة «الصحاح» واللسان «نسك» إحداهما بشيء عن الأخرى، إلّا ما قيل من أن المنسك [بكسر السين] الموضع الذي تعتاده والمنسك [بفتح السين] الموضع الذي تذبح فيه النسيكة أي ذبيحة الحجّ.
(7)
. في الإملاء 1: 63 أفاد اللغتين، ولم تميّز كتب اللغة «الصحاح» واللسان «نسك» إحداهما بشيء عن الأخرى، إلّا ما قيل من أن المنسك [بكسر السين] الموضع الذي تعتاده والمنسك [بفتح السين] الموضع الذي تذبح فيه النسيكة أي ذبيحة الحجّ.
معنى «سفّه نفسه» «1» وقال يونس «2» :
«أراها لغة» «3» . ويجوز في هذا القول:
«سفهت زيدا» ، وهو يشبه «غبن رأيه» و «خسر نفسه» ألا أنّ هذا كثير، ولهذا معنى ليس لذاك. تقول:«غبن في رأيه» و «خسر في أهله» و «خسر في بيعه» . وقد جاء لهذا نظير، قال:
«ضرب عبد الله الظّهر والبطن» «4» ومعناه: على الظّهر والبطن» كما قالوا:
«دخلت البيت» وإنّما هو «دخلت في البيت» وقوله: «توجّه مكّة والكوفة» وإنّما هو: إلى مكّة والكوفة. ومما يشبه هذا قول الشاعر [من الوافر وهو الشاهد السادس والخمسون] :
نغالي اللّحم للأضياف نيئا
…
ونبذله إذا نضج القدور
يريد: نغالي باللحم. ومثل هذا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ [الآية 233] يقول: «لأولادكم» وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ [الآية 235] أي: على عقدة النّكاح «5» . وأحسن من ذلك أن تقول: إنّ «سفه نفسه» جرت مجرى «سفه» إذ كان الفعل غير متعدّ، وإنّما عدّاه الى «نفسه» و «رأيه» وأشباه ذا ممّا هو في المعنى نحو «سفه» إذا لم يتعدّ.
وأمّا «غبن» و «خسر» فقد يتعدّى الى غيره تقول: «غبن خمسين» و «خسر خمسين» .
وقال تعالى وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ [الآية 132] فهو- والله أعلم- «وقال يعقوب يا بنيّ» ، لأنّ قوله تعالى وَوَصَّى بِها يتضمّن أنه قال لهم شيئا، فأجري الأخير على معنى الأوّل وإن شئت قرأت وَيَعْقُوبُ لأنّه معطوف، كأنك قلت:«ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب» «6» ثمّ فسّر ما قال يعقوب، قال:«يا بنيّ» .
(1) . نقل رأيه في التهذيب 6: 131 «سفه» ، ونقله» عنه المؤلّف في الجامع 2: 132 وزاد المسير 1: 147، واللسان:
«سفه» .
(2)
. هو يونس بن حبيب، وقد مرت ترجمته.
(3)
. انظر الجامع 2: 132، وزاد المسير 1:147.
(4)
. في الجامع 2: 132 نسبت هذه الآراء وهذه الأمثلة إلى سيبويه، نقلا عن الأخفش نفسه. [.....]
(5)
. نقل هذا الرأي الرّضيّ الأستراباذي في شرحه على الكافية 269، واستشهد بهذه الشواهد وبغيرها ناسبا إيّاه إلى الأخفش الأصغر، كما نسبه إلى الأخفش في إعراب القرآن 1: 77 مستشهدا بالآية الثانية. والقرطبي 2: 132.
(6)
. أفاده في الكشاف 1: 191، والإملاء 1: 64، وأفاده أيضا والمعنى السابق في الجامع 1:135.
وقال تعالى أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ [الآية 133] استفهام مستأنف.
ثمّ قال إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ [الآية 133] فأبدل «إذ» الاخرة من الأولى «1» .
وقال تعالى إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ [الآية 133] على البدل «2» ، وهو في موضع جرّ، إلّا أنها أعجمية فلا تنصرف «3» .
وأمّا قوله تعالى إِلهاً واحِداً [الآية 133] فهو على الحال «4» .
وقال تعالى تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ [الآية 134] كأنّه يقول: «قد مضت» ثم استأنف فقال: لَها ما كَسَبَتْ «5» .
وقال بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ [الآية 135](بالنصب) .
وقال صِبْغَةَ اللَّهِ [الآية 138] بالنصب. لأنّهم حين قيل لهم كما ورد في التنزيل: كُونُوا هُوداً [الآية 135] كأنه قيل لهم: «اتّخذوا هذه الملّة» فقالوا: «لا» بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ أي:
نتّبع ملّة إبراهيم، ثمّ أبدلت «الصّبغة» من «الملّة» «6» فقرئ: صِبْغَةَ اللَّهِ بالنّصب. أو يكون المعنى: «كونوا أصحاب ملّة» ثم حذف لفظ «أصحاب» كما في قوله تعالى: وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ [الآية 177] يريد: «برّ من آمن بالله» . والصّبغة: هي الدين «7» .
وقرأ: (أتحاجّونّا)«8» [الآية 139] مثقّلة لأنهما حرفان مثلان فأدغم أحدهما في الاخر «9» ، واحتمل الساكن قبلهما إذا
(1) . افاده في الإملاء 1: 64.
(2)
. أفاد هذه المعاني في المشكل 1: 112، وأضاف التعريف إلى العجمة. كما أفادها في البيان 1: 124، وأفاد المعنى الأوّل في الإملاء 1: 65، وأفاد المعنيين في الجامع 2: 138، وفي الأصل ينصرف بالياء.
(3)
. أفاد هذه المعاني في المشكل 1: 112، وأضاف التعريف إلى العجمة. كما أفادها في البيان 1: 124، وأفاد المعنى الأوّل في الإملاء 1: 65، وأفاد المعنيين في الجامع 2: 138، وفي الأصل ينصرف بالياء.
(4)
. أفاده في المشكل 1: 112، والبيان 1: 124، والإملاء 1: 65، والجامع 2:138.
(5)
. أفاده في المشكل، ونعت التركيب بالانقطاع، وأنّه لا محلّ له من الاعراب 1: 112، وفي البيان 1: 124، والإملاء 1:65.
(6)
. في إعراب القرآن 1: 80 نقله عنه، ونسبه إليه، وفي الجامع 2: 144 كذلك.
(7)
. نقله في اعراب القرآن 1: 80.
(8)
. في الأصل أَتُحَاجُّونَنا كما هي في المصحف، ولكن الكلام الذي بعدها يدل على إدغام النّونين.
(9)
. في الشواذ 10، أنّها قراءة زيد بن ثابت وابن محيصن، وفي الجامع 2: 145 اقتصر على ابن محيصن، وفي البحر 1: 412 زاد عليها الحسن والأعمش.
كان من حروف اللّين الياء والواو والألف إذا كنّ سواكن. وقرأ بعضهم أَتُحَاجُّونَنا [الآية 139]«1» فلم يدغم ولكن أخفى فجعل حركة الأولى خفيفة وهي متحرّكة في الوزن، وهي في لغة الذين يقولون:«هذه مائة دّرهم» يشمّون شيئا من الرفع ولا يبيّنون، وذلك الإخفاء. وقد قرئ هذا الحرف على ذلك ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ [يوسف: 11] بين الإدغام والإظهار «2» .
ومثل ذلك إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ [يوسف: 13] وأشباه هذا كثير، وإدغامه أحسن «3» حتّى يسكّن الأوّل.
قرأ بعضهم من الآية 140 من المائدة: (أم يقولون إنّ إبراهيم)«4» وقد قرأ بعضهم «أم تقولون» [الآية 140]«5» على قُلْ أَتُحَاجُّونَنا و «أم تقولون» .
ومن قرأ (أم يقولون) جعله استفهاما مستأنفا كما تقول: «إنّها لإبل» ثمّ تقول: «أم شاء» «6» .
قال تعالى وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً [الآية 143] قال: يعني «القبلة» »
ولذلك أنّث.
وقال تعالى
(1) . في الجامع 2: 145 إلى الجماعة عدا ابن محيصن، وفي البحر 1: 412 إلى الجمهور.
(2)
. في معاني القرآن 2: 38 أورد القراءتين ولم ينسبهما، وفي تأويل ابن قتيبة 39 ذكر إشمام الضمّ مع الإدغام، وفي السبعة 345 ذكر إجماعهم على فتح الميم، وإدغام النون الأولى في الثانية، والإشارة إلى إعراب النون المدغمة بالضمّ. وفي التيسير 127 نسب إلى كلّهم الإدغام مع إشمامها الضم. أمّا في الجامع 9: 138 فإلى يزيد بن القعقاع وعمرو بن عبيد والزهري، قراءة الإدغام بغير إشمام، وإلى طلحة بن المصرف لا تأمننا بنونين ظاهرتين على الأصل، وإلى سائر الناس الإدغام والإشمام، وفي البحر 5: 285 إلى زيد بن علي وأبي جعفر والزهري وعمرو بن عبيد، الإدغام بلا إشمام، وإلى الجمهور الإدغام والإشمام.
(3)
. في البحر 5: 286، قراءة تشديد النون إلى زيد بن علي وابن هرمز وابن محيصن وقراءة الفكّ إلى الجمهور. [.....]
(4)
. في المصحف بالتاء المثناة من فوق في «يقولون» والقراءة بالياء في السبعة 171، إلى ابن كثير ونافع وعاصم في رواية أبي بكر، وإلى أبي عمرو. وفي الكشف 1: 266 إلى غير من قرأ بالأخرى، وأخذ بها الحسن وأبو عبد الرحمن وأبو رجاء وقتادة وأبو جعفر يزيد وشيبة، وهي اختيار أبي حاتم، وفي التيسير 77 إلى غير من أخذ بالأخرى، وفي حجّة ابن خالويه 66 والكشّاف 1: 97 والاملا 1: 66 بلا نسبة.
(5)
. في السبعة 171 إلى ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم، وفي الكشف 1: 266، والتيسير 77، والجامع 2: 146 كذلك، وفي حجّة ابن خالويه 66، والكشاف 1: 197، والاملا 1: 66 بلا نسبة.
(6)
. في إعراب القرآن 1: 80، أنّ الأخفش يرى في هذا قيام «أم» مقام «بل» .
(7)
. في الجامع 2: 157 وقال الأخفش: أي: وإن كانت القبلة أو التحويلة أو التولية لكبيرة» . فلعلّ القرطبي أفاد هذه المعاني من كتب أو روايات أخرى للأخفش. وفي البحر 1: 425، جاء رأي الأخفش مقصورا على القبلة.
وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ [الآية 145] قال لأنّ معنى قوله تعالى وَلَئِنْ أَتَيْتَ. ولو أتيت. ألا ترى أنّك تقول: «لئن جئتني ما ضربتك» على معنى «لو» كما في قوله تعالى وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا [الروم:
51] قال: يقول تعالى: «ولو أرسلنا ريحا» لأنّ معنى «لئن» «1» مثل معنى «لو» لأنّ «لو» لم تقع وكذلك «لئن» كذا يفسّره المفسّرون «2» . وهو في الإعراب على أنّ آخره معتمد لليمين، كأنّه قال «والله ما تبعوا» أي: ما هم بمتّبعين.
وقال الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ [الآية 147] على ضمير الاسم ولكن استغني عنه لمّا ذكره كأنّه قال. «هو الحقّ من ربّك» .
قال تعالى: لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها
[الآية 148] على: «ولكل أمّة وجهة» .
وقد قرأ قوم (ولكلّ وجهة)«3» فلم ينوّنوا «كلّ» . وهذا لا يكون لأنك لا تقول: «لكلّ رجل هو ضاربه» ولكن تقول: «لكلّ رجل ضارب» فلو كان «هو مولّ» كان كلاما. فأما «مولّيها» على وجه ما قرأ، فليس بجائز.
وقال تعالى لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا [الآية 150]، فهذا معنى «لكن» «4» وزعم يونس «5» أنّه سمع أعرابيا فصيحا يقول:«ما أشتكي شيئا إلّا خيرا» وذلك أنّه قيل له: «كيف تجدك» . وتكون «إلّا» بمنزلة الواو نحو قول الشاعر «6» [من الكامل وهو الشاهد الثلاثون بعد المائة] :
وأرى لها دارا بأغدرة السيدان
…
لم يدرس لها رسم
(1) . في الأصل «لأنّ» ، ونقلت آراء الأخفش هذه، في إعراب القرآن 1: 81 و 82، والجامع 2: 161 و 162 والبحر 1: 431.
(2)
. في معاني القرآن 1: 84، ذكر الفرّاء تساوق معنى «لئن» و «لو» في المعنى، وإن كان يؤكّد كون الأولى للاستقبال، والثانية للمضيّ.
(3)
. في الشواذ 10 إلى ابن عبّاس، وفي البحر 1: 437 إلى ابن عامر، وفي الكشّاف 1: 205 والإملاء 1: 69 والجامع 2: 165 والطّبري 3: 195، بلا نسبة.
(4)
. نقل رأي الأخفش في التهذيب 15: 424 و 425 «الا» .
(5)
. هو يونس بن حبيب، وقد سبقت ترجمته.
(6)
. هو المخبّل السّعدي، الصحاح «خلد» ، ومعجم البلدان «أغدرة» .
إلّا رمادا هامدا دفعت
…
عنه الرياح خوالد سحم «1»
أراد: أرى لها دارا ورمادا. وقال بعض أهل العلم إنّ الذين ظلموا هاهنا هم ناس من العرب كانوا يهودا أو نصارى، فكانوا يحتجّون على النبي (ص) ، فأمّا سائر العرب فلم يكن لهم حجّة، وكانت حجّة من يحتجّ منكسرة. إلّا أنّك تقول لمن تنكسر حجته «إنّ لك علي الحجة ولكنّها منكسرة، وإنّك تحتجّ بلا حجّة وحجّتك ضعيفة» .
وقال تعالى وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ [الآية 150] كأنه يقول: «لأنّ لا يكون للناس عليكم حجّة ولأتمّ عليكم» عطف على الكلام الأوّل «2» .
وقوله تعالى كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ [الآية 151] فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [الآية 152] أي كما فعلت هذا فاذكروني.
وقال تعالى وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ [الآية 154] على: ولا تقولوا هم أموات. وقال تعالى وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً [آل عمران: 169] بالنصب «3» على «تحسب» ، ثمّ قال بَلْ أَحْياءٌ أي: بل هم أحياء.
ولا يكون أن تجعله على الفعل: لأنّه لو قال: «بل احسبوهم أحياء» كان قد أمرهم بالشك.
وقال تعالى فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما [الآية 158] ف «اطّوّف» «يطّوّف» وهي من «تطوّف» . فأدغم التاء في الطاء، فلما سكنت جعل قبلها ألفا حتّى يبتدأ بها. وإنّما قال تعالى فَلا جُناحَ عَلَيْهِ لأنّ ذلك كان مكروها في الجاهليّة، فأخبر سبحانه أنه ليس بمكروه عنده.
وقال تعالى أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [الآية 161] لأنه أضاف اللعنة ثمّ قال خالِدِينَ فِيها [الآية 162] بالنّصب على الحال.
(1) . في الصحاح واللسان «خلد» ثانيهما وحده، ووردا كلامها في الصاحبي 135، ومختار الصحاح «ءل ا» ومعجم البلدان «أغدرة» والبيتان في القصيدة العشرين، من شرح اختيارات المفضّل للتبريزي 535 من الجزء الأوّل.
(2)
. نقله منسوبا في الجامع 2: 170.
(3)
. في الكشاف 1: 439، أنه قرئ بالنصب، ولم تنسب القراءة.
وقرأ بعضهم (ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب إنّ القوّة لله جميعا)[الآية 165] ف «1» ف «إنّ» مكسورة على الابتداء إذ قال: (لو ترى)«2» . وقرأ بعضهم: وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً [الآية 165]«3» . كأنّ السّياق: «ولو يرون أنّ القوّة لله» أي: «لو يعلمون» ، لأنّهم لم يكونوا علموا، قدر ما يعاينون من العذاب. ويجوز أن تكسر همزة إنّ، ويقرأ ب وَلَوْ يَرَى أو (ولو ترى) تقول للرجل:«أما والله لو تعلم» ، و «لو يعلم» قال الشاعر «4» [من الخفيف وهو الشاهد الحادي والثلاثون بعد المائة] :
إن يكن طبّك الدّلال فلو في
…
سالف الدّهر والسنين الخوالي «5»
فهذا ليس له جواب إلّا في المعنى.
وقال «6» (من الخفيف وهو الشاهد الثاني والثلاثون بعد المائة) :
فبحظّ ممّا تعيش ولا تذ
…
هب بك التّرّهات في الأهوال «7»
فأضمر «فعيشي» . وقرأ بعضهم (ولو ترى) وفتح «أن» «8» على (ترى) وليس ذلك، لأن النبيّ (ص) لم يعلم، ولكن أراد أن يعلم ذلك النّاس كما قال
(1) . في المصحف الكريم رسمت «يرى» بالياء المعجمة المثناة من تحت، وفتح همزة «أن» . [.....]
(2)
. هي قراءة نسبها الطّبري 3: 281 إلى عامّة أهل المدينة والشام، وكذلك في الجامع 2: 204، وفي السبعة 173، والكشف 1: 271، والتيسير 78، إلى نافع وابن عامر، وفي البحر 1: 471 إلى الحسن وقتادة وشيبة وأبي جعفر ويعقوب، وفي حجّة ابن خالويه 68، ومعاني القرآن 1: 97 و 98، بلا نسبة.
(3)
. نسبها الطّبري 3: 283 إلى عامّة قرّاء الكوفيّين البصريّين، وأهل مكّة وفي السبعة 173 إلى ابن كثير وعاصم وأبي عمرو وحمزة والكسائي، وفي الكشف 1: 271 والتيسير 78 إلى غير نافع وابن عامر، وفي الجامع 2:
204 إلى أهل مكّة وأهل الكوفة وأبي عمرو، وهي اختيار أبي عبيد وفي البحر 1: 471 إلى الكوفيين وأبي عمرو وابن كثير، وفي معاني القرآن 1: 97، وحجّة ابن خالويه 68، بلا نسبة.
(4)
. هو عبيد بن الأبرص. ديوانه 107، والمقاصد النحوية 4: 461، وشرح شواهد المغني للسيوطي 317.
(5)
. في الديوان: «. العصر والليالي الخوالي» . وقد ورد في المغني 2: 649، وشرح شواهده للسيوطي 317.
(6)
. هو عبيد بن الأبرص أيضا. ديوانه 108.
(7)
. في الديوان 108 ب «وبحظ» و «نعيش فلا» .
(8)
. في الطّبري 3: 281 إلى عامّة أهل الشام والمدينة، وفي البحر 1: 471 إلى الكوفيين وأبي عمرو وابن كثير. وفي معاني القرآن 1: 98 بلا نسبة، وكذلك في المشكل 1:55.
أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ «1» ليخبر النّاس عن جهلهم، وكما قال تعالى أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الآية 107]«2» .
وقال: إنّ إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ [الآية 173] إنّما هي «الميّته» خففت وكذلك قوله تعالى بَلْدَةً مَيْتاً [ق: 11] يريد به «ميّتا» ولكن يخففون الباء كما يقولون في «هيّن» و «ليّن» :
«هين» و «لين» خفيفة. قال الشاعر «3» [من الخفيف وهو الشاهد الثالث والثلاثون بعد المائة] :
ليس من مات فاستراح بميت
…
إنّما الميت ميّت الأحياء
فثقّل وخفّف في معنى واحد. فاما «الميتة» فهي الموت.
وقال تعالى فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ [الآية 175]، فزعم بعضهم أنه تعجّب منهم كما قال جلّ شأنه قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (17) [عبس] تعجّبا من كفره. وقال بعضهم فَما أَصْبَرَهُمْ أي: ما أصبرهم، و: ما الذي أصبرهم «4» .
وقال تعالى: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ [الآية 176] فالخبر مضمر كأنه يقول: «ذلك معلوم لهم، بأنّ الله نزّل الكتاب» لأنه قد أخبرنا في الكتاب أن ذلك قد قيل لهم، فالكتاب حق.
وقال تعالى وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ [الآية 177] ، ثم قال وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ [الآية 177] ووَ أَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ [الآية 177] فهو على أوّل الكلام «ولكنّ البرّ برّ من آمن بالله وأقام الصلاة وآتى الزّكاة» ثم قال تعالى
(1) . ورد في خمسة مواضع من القرآن الكريم، أوّلها يونس 10: 38، وآخرها الأحقاف 46: 8، المعجم المفهرس 517 و 518.
(2)
. والمائدة 5: 40. وقد نقلت آراء الأخفش في إعراب القرآن 1: 86 و 87، والجامع 2: 205، والبحر 1: 472.
(3)
. هو عديّ بن الرعلاء. الأصمعيات 152، ومجاز القرآن 1: 149 و 2: 161، والحماسة الشّجرية 1:195.
والبيان 1: 198 والبارع «موت» ، والحيوان 6: 507، والخزانة 4: 187، والصناعتين 315، واللسان وتاج العروس «موت» والاشتقاق 51 وهو في التهذيب 4: 343 والقسطاس المستقيم 205، والجامع 2: 216، والبيان والتبيين 1: 119، وأضداد اللغوي 1:318.
(4)
. في معاني القرآن 1: 103 ومجاز القرآن 1: 64 بلفظ «صبرهم» ، وقصره في البيان 1: 138 على الأخفش وحده.
وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ [الآية 177] ، ف وَالْمُوفُونَ رفع على «لكنّ الموفين» يريد «برّ الموفين» ، فلمّا لم يذكر «البرّ» ، أقام السّياق وَالْمُوفُونَ مقام البرّ، كما في وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ
[يوسف: 82] بنصبها على وَسْئَلِ والمراد «أهل القرية» ، ثمّ نصب الصَّابِرِينَ على فعل مضمر كما لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ [النساء: 162] ثم ورد وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ بالنصب على فعل مضمر، ثمّ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ، بالرّفع على الابتداء، أو بعطفه على «الرّاسخين» . قال الشاعر «1» [من الكامل وهو الشاهد السابع والستون بعد المائة] :
لا يبعدن قومي الذين هم
…
سمّ العداة وآفة الجزر
النّازلين بكلّ معترك
…
والطّيّبون معاقد الأزر
ومنهم من يقول «النازلون» و «الطيبين» «2» . ومنهم من يرفعهما جميعا «3» ، وينصبهما جميعا «4» ، كما فسّرت لك. ويكون الصَّابِرِينَ معطوفا على ذَوِي الْقُرْبى [الآية 177] أي «وآتى الصّابرين» .
وأمّا «البأساء» و «الضّراء» في قوله تعالى: فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ [الآية 177] فبناهما على «فعلاء» التي لها «أفعل» لأنهما اسمان كما قد جاء «أفعل» في الأسماء ليس معه «فعلاء» نحو «أحمد» «5» . وقد قالوا «أفعل» في الصّفة ولم يجيء له «فعلاء» ، قالوا:
«أنت من ذاك أوجل» و «أوجر» ولم يقولوا: «وجلاء» ولا «وجراء» وهما من الخوف. ومنه «رجل أوجل» و «أوجر» .
وقال تعالى فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ [الآية 187] أي: «فعليه
(1) . هي خرنق بنت هفان أخت طرفة بن العبد لأمّه، وقد سبق الكلام على الشاهد. وقد جاء بالياء في «النّازلين» والواو في «الطيّبون» في الكتاب 1: 246 و 249، ومجاز القرآن 1: 143، والخزانة 2: 301، والمقاصد النحوية 3: 602، والتنبيه للبكري 75، والهمع 2: 119، والدرر 2: 150، والجامع 2: 239، والبيان 1:276.
(2)
. جاء على هذا في الديوان 29، والكتاب 1: 249، والخزانة 2: 302، رواية ليونس والأنصاف 2: 249 و 299.
(3)
. جاء على هذا في الكتاب 1: 104، والأمالي 2:158. [.....]
(4)
. جاء على هذا في مجاز القرآن 1: 66، ومعاني القرآن 1: 105 و 453، والكامل 2:751.
(5)
. نقلت هذه العبارة في الصحاح «بأس» ب «بني» بدل «فبناه» و «يجيء» بدل «جاء» وفي اللسان «بأس» كذلك.
اتباع بالمعروف أو أداء إليه بإحسان» على الذي يطلب.
وقال تعالى إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ [الآية 180] ف الْوَصِيَّةُ على الاستئناف، كأنه- والله أعلم- إِنْ تَرَكَ خَيْراً فالوصيّة «1» لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا.
وقال تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [الآية 183] .
ثمّ قال أَيَّاماً [الآية 184] أي:
كتب الصّيام أيّاما. لأنّك شغلت الفعل بالصيام، حتّى صار هو يقوم مقام الفاعل، وصارت الأيّام، كأنّك قد ذكرت من فعل بها.
وقال تعالى فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [الآية 184] ، يقول «فعليه عدّة» رفع، وإن شئت نصبت «العدّة» على «فليصم عدّة» إلّا أنّه لم يقرأ «2» .
وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ [الآية 185] ، وهو معطوف على ما قبله، كأنّه قال «ويريد لتكملوا العدّة» «3» وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ [الآية 185] . وأمّا قوله تعالى يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ [النساء: 26] فإنّما معناه يريد هذا ليبيّن لكم. قال الشاعر «4» [من الطويل وهو الشاهد الرابع والثلاثون بعد المائة] :
أريد لأنسى ذكرها فكأنّما تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل فمعناه: أريد هذا الشيء، لأنسى ذكرها، «أو يكون أضمر» «أن» بعد اللام، وأوصل الفعل إليها بحرف الجر. قال تعالى فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ [الآية 213] فعدّى الفعل بحرف الجرّ، والمعنى: عرّفهم الاختلاف حتّى تركوه.
وقال تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ [الآية 184] وقد
(1) . نقله عنه في المشكل 1: 119، وإعراب القرآن 1: 91، والإملاء 1: 79، والمغني 1: 165 و 2: 636، والجامع 2: 258، والبحر 2: 20، والأشباه والنظائر 4:34.
(2)
. جاء في الكشّاف 1: 225 «قرئ بالنصب بمعنى» «فليصم عدة» على سبيل الرخصة.
(3)
. نقله في إعراب القرآن 1: 95.
(4)
. هو كثير عزّة. الديوان 108، والكامل 3: 823، وذيل الأمالي 119.
قرئت: (فدية طعام مساكين)«1» وهذا ليس بالجيّد، إنما الطّعام تفسير للفدية، وليست الفدية بمضافة الى الطعام.
وقوله تعالى يُطِيقُونَهُ يعني الصيام.
وقرأ بعضهم (يطوّقونه)«2» ، أي يتكلّفون الصيام. ومن قرأ:
(مساكين)«3» ، فهو يعني جماعة الشهر، لأنّ لكلّ يوم مسكينا. ومن قرأ مِسْكِينٍ، فإنّما أخبر ما يلزمه في ترك اليوم الواحد.
وقال تعالى وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [الآية 184] ، لأنّ «أن» الخفيفة وما عملت فيه بمنزلة الاسم، كأنه قال:«والصيام خير لكم» .
ثمّ قال شَهْرُ رَمَضانَ [الآية 185] على تفسير الأيام، كأنّه حين قال أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ [الآية 184] فسّرها سبحانه فقال:«هي شهر رمضان» «4» وقد نصب بعضهم، فقرأ:(شهر رمضان)«5» وذلك جائز على الأمر، كأنه قال:«شهر رمضان فصوموا» ، أو بجعله «6» ظرفا على
(1) . قراءة الاضافة في الطّبري 3: 438، إلى معظم قرّاء أهل المدينة وفي السبعة 176، إلى نافع وابن عامر وفي الكشف 1: 282 أبدل بابن عامر ابن ذكوان، وكذلك التيسير 79، والبحر 2: 37 وفي الجامع 2: 287 إلى أهل المدينة والشام. أما قراءة إبدال الطعام من الفدية ورفعه، ففي الطّبري 3: 439 إلى معظم قرّاء أهل العراق، و 440 إلى أبي عمرو وفي السبعة 176 إلى ابن كثير وعاصم وأبي عمرو وحمزة والكسائي، وفي الكشف 1:
282 و 283 إلى ابن عبّاس، وإلى غير نافع وابن ذكوان وابن عمر ومجاهد وفي التيسير 89 إلى غير نافع وابن ذكوان وإلى هشام، وفي البحر 2: 37 إلى الجمهور.
(2)
. في الطّبري 3: 418 و 429 و 430 و 431، إلى ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير وعائشة وعطاء ومجاهد وفي المصاحف 89 إلى سعيد بن جبير وفي الشواذ 11 إلى مجاهد وفي المحتسب 118 نسبت إلى ابن عباس بخلاف، وعائشة وسعيد بن المسيّب وطاوس بخلاف، وسعيد بن جبير ومجاهد بخلاف، وعكرمة وأيوب السختياني وعطاء وفي الجامع 2: 286، والبحر 2: 25، إلى ابن عبّاس، وقرّاء إلى غير من أخذ بالأخرى.
(3)
. في الطّبري 3: 440 إلى الحسن، وفي السبعة 176 إلى نافع وابن عامر، وأضاف في الكشف 1: 282 ابن عمر ومجاهدا، وفي التيسير 79 إلى ابن ذكوان ونافع وهشام، واقتصر في البحر 2: 37 على هشام، وفي الجامع 2:
287 إلى أهل المدينة والنساء.
(4)
. نقله في زاد المسير 1: 185.
(5)
. في معاني القرآن 1: 112 أنها للحسن، وفي الشواذ 12 إلى عاصم في رواية، ومجاهد وفي الجامع 2: 297 إلى مجاهد وشهر بن حوشب وزاد في البحر 2: 38 هارون الأعور عن أبي عمرو، وأبا عمارة عن حفص عن عاصم وفي الطّبري 3: 445، والمشكل 61، بلا نسبة.
(6)
. في الأصل: يجعله. وقد نقله عنه في الجامع 2: 297.
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ [الآية 183](شهر رمضان) أي: «في شهر رمضان» و «رمضان» في موضع جر، لأنّ الشّهر أضيف اليه، ولكنّه لا ينصرف.
وقال تعالى الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى [الآية 185] ، فموضع هُدىً وبَيِّناتٍ نصب، لأنه قد شغل الفعل ب الْقُرْآنُ، وهو كقولك:«وجد عبد الله ظريفا» .
وأمّا قوله تعالى وَالْفُرْقانِ [الآية 185] فجرّ على «وبيّنات من الفرقان» .
وقوله تعالى يَرْشُدُونَ [الآية 186] لأنها من: «رشد» «يرشد» «1» ولغة للعرب «رشد» «يرشد» «2» وقد قرئت (يرشدون)«3» .
وفي قوله تعالى وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ [الآية 188] جزم على العطف، ونصب إذا جعل جوابا بالواو.
وقوله تعالى هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [الآية 189] بجرّ وَالْحَجِّ لأنه لمّا عطف على «الناس» انجرّ باللام.
وقال تعالى: وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى [الآية 189] يريد به «برّ من اتّقى» .
وقال تعالى وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [الآية 195] كأنه يقول: أيديكم «إلى التهلكة» . والباء زائدة «4» قال الشاعر [من الطويل وهو الشاهد الخامس والثلاثون بعد المائة] :
كثيرا بما يتركن في كلّ حفرة
…
زفير القواضي نحبها وسعالها
يقول: «كثيرا يتركن» وجعل الباء و «ما» زائدتين.
وأما قوله تعالى فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ [الآية 194] ، فإنّ الله لم يأمر بالعدوان، بل طلب إليهم أن:«ائتوا إليهم الذي يسمّى بالاعتداء» أي: افعلوا بهم كما فعلوا بكم، كما تقول: «إن تعاطيت
(1) . ومصدرها «رشد» «الصحاح» . وهي في البحر 2: 47 قراءة الجمهور، وكذلك في الإملاء 1:82.
(2)
. ومصدرها «رشد» الصحاح. وهي في الكشّاف 1: 229 قراءة غير منسوبة، والإملاء 1: 83 كذلك. [.....]
(3)
. في البحر 2: 47 هي قراءة ولم تنسب، وكذلك في الإملاء 1: 83 وفي الكشّاف 1: 229 قراءة أخرى غير منسوبة، جاء الفعل فيها من باب «ضرب» هي «يرشدون» .
(4)
. نقله في إعراب القرآن 1: 98.
مني ظلما تعاطيته منك» والثاني ليس بظالم. قال عمرو بن شأس «1» [من الطويل وهو الشاهد السادس والثلاثون بعد المائة] :
جزينا ذوي العدوان بالأمس مثله
…
قصاصا سواء حذوك النّعل بالنّعل
وأما قوله تعالى فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) فيريد: إنّ الله لهم.
وكذلك قوله تعالى: فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) لأنه قال فَإِنِ انْتَهَوْا وهو قد علم أنّهم لا ينتهون إلّا بعضهم، فكأنه قال:«إن انتهى بعضهم فلا عدوان إلا على الظالمين منهم» فأضمر، كما في فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ [الآية 196] أي: فعليه ما استيسر «2» كما تقول «زيدا أكرمت» وأنت تريد «أكرمته» وكما تقول «إلى من تقصد أقصد» تريد إليه.
وأمّا قوله تعالى فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ [الآية 196] فإنّك تقول: «أحصرني مرضي» «3» أي: جعلني أحصر نفسي.
وتقول: «حصرت الرجل» أي:
حبسته، فهو «محصور» «4» . وزعم يونس «5» عن أبي عمرو «6» أنّه يقول:
«حصرته إذا منعته عن كلّ وجه» وإذا منعته من التقدّم خاصّة فقد «أحصرته» ، ويقول بعض العرب في المرض وما أشبهه من الإعياء والكلال:
«أحصرته» .
وقال تعالى فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ [الآية 196] أي: فعليه فدية.
وقال تعالى فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ [الآية 196] فإنما قال عَشَرَةٌ كامِلَةٌ وقد ذكر سبعة وثلاثة، ليخبر أنّها مجزية، وليس ليخبر عن عدّتها،
(1) . هو عمر بن شأس الأسدي الشاعر الجاهلي، وردت ترجمته في الأغاني 10: 63 والشعر والشعراء 1: 425، وطبقات الشعراء 1: 196، والبيت ليس في ديوانه، ولم تفد المصادر والمراجع شيئا عنه.
(2)
. نقله في إعراب القرآن 1: 99، والبحر 2:74.
(3)
. في الأصل أحصرني قولي و «أحصرني مرضي» .
(4)
. نقلها عنه في الصحاح «حصر» مع تقديم العبارة الثانية على الأولى، وكذلك في الجامع 2: 372 والبحر.
(5)
. هو يونس بن حبيب، وقد مرت ترجمته فيما سبق.
(6)
. هو أبو عمرو بن العلاء النحوي البصري المشهور ترجمته في أخبار النحويين البصريين 22، ومراتب النحويين 13، ونزهة الألباء 15، وطبقات اللّغويّين 35 وإنباه الرواة 4: 125، وبغية الوعاة 267.
ألا ترى أن قوله تعالى كامِلَةٌ إنّما هي «وافية» .
وقد ذكروا أنّه في حرف ابن مسعود «1» «تسع وتسعون نعجة أنثى» «2» وذلك أن الكلام يؤكد بما يستغنى به عنه، كما قال تعالى فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ [الحجر: 30 وص: 73] .
وقد يستغنى بأحدهما، ولكنّ تكرير الكلام، كأنه أوجب. ألا ترى أنك تقول:«رأيت أخويك كليهما» ولو قلت: «رأيت أخويك» ، استغنيت فتجيء ب «كليهما» توكيدا. وقال بعضهم في قول ابن مسعود «أنثى» ، إنّه إنّما أراد «مؤنّثة» ، يصفها بذلك، لأنّ ذلك قد يستحبّ من النساء.
وقال تعالى ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [الآية 196]، وإذا وقفت قلت:«حاضري» لأنّ الياء إنّما ذهبت في الوصل لسكون اللام من «المسجد» ، وكذلك غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ [المائدة: 1] وقوله تعالى عَمَّ يَتَساءَلُونَ (1)[النبأ] وفِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (43)[النازعات] وأشباه هذا مما ليس هو حرف إعراب. وحرف الإعراب الذي يقع عليه الرفع والنّصب والجرّ، ونحو «هو» و «هي» ، فإذا وقفت عليه، فأنت فيه بالخيار، إن شئت ألحقت الهاء، وإن شئت لم تلحق. وقد قالت العرب في نون الجميع ونون الاثنين في الوقف بالهاء فقالوا:«هما رجلانه» و «مسلمونه» و «قد قمته» إذا أرادوا: قد قمت» «3» وكذلك ما لم يكن حرف إعراب، إلّا أنّ بعضه أحسن من بعض، وهو في المفتوح أكثر. فأمّا «مررت بأحمر» و «يعمر» فلا يكون الوقف في هذا بالهاء، لأنّ هذا قد ينصرف عن هذا الوجه. وكذلك ما لم يكن حرف
(1) . هو عبد الله مسعود الصحابي، وقد مرت ترجمته فيما سبق.
(2)
. ص 38: 23 وقد أثبتت في المصحف الشريف، على هذا النحو تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً، والقراءة مذكورة في معاني القرآن 2: 403، والطّبري 23: 143، وإعراب ثلاثين سورة 44، والشواذ 130، والجامع 15:174.
(3)
. هي في الخزانة 4: 492 لغة عليا تميم وسفلى قيس، مع «أنا» ضمير المتكلم، وأنكر ذلك الجندي في اللهجات 397، وعزاها إلى طيّئ، استنادا إلى شرح الشافية 2: 294، وأوردها ابن جنّي في المنصف 1: 9 على أنها سمة عامة في العربية، ولم يخصّ بها جماعة من العرب معيّنة. وقال أبو زيد في النوادر 171 إنّها لغة أهل العالية، فإذا حملنا لفظ «غير» على الخطأ في النسخ جاز لنا تصوره «نميريّا» وتصوّر اللغة تميريّة أيضا. وفي الكتاب 1:
278 بلا نسبة.
إعراب ثم كان يتغير عن حاله، فإنه لا تلحق فيه الهاء، إذا سكت عليه. وأمّا قوله تعالى إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ [المائدة: 29] فإذا وقفت قلت «تبوء» ، لأنّها «أن تفعل» ، فإذا وقفت على «تفعل» ، لم تحرّك. قال تعالى وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا [يونس: 87] ، إذا وقفت عليه قلت:«أن تبوّأ» لأنه «أن تفعّلا» ، وأنت تعني فعل الاثنين، فهكذا الوقف عليه. قال تعالى وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ [يونس: 93] فإذا وقفت قلت: «مبوّأ» لا تقول «مبوّءا» ، لأنه مضاف، فإذا وقفت عليه لم يكن ألفا. ولو أثبت فيه الألف، لقلت في وقف غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ:«محلّين» ، ولكنه مثل «رأيت غلامي زيد» فإذا وقفت قلت:
«غلامي» . وقال تعالى فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ [الشعراء: 61]، فإذا وقفت قلت:«تراءى» ، ولم تقل:«تراءيا» ، لأنّك قد رفعت الجمعين بذا الفعل، ولو قلت:«تراءيا» ، كنت قد جئت باسم مرفوع بذا الفعل، وهو الالف، ويكون قولك «الجمعان» ليس بكلام إلّا على وجه آخر.
وقال تعالى فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ [الآية 198] ، فصرف «عرفات» لا لأنّها تلك الجماعة التي كانت تنصرف، وإنّما صرفت لأنّ الكسرة والضمة في التاء، صارت بمنزلة الياء والواو في «مسلمين» و «مسلمون» لأنه تذكيره، وصارت التنوين في نحو «عرفات» و «مسلمات» ، بمنزلة النون فلما سمّي به ترك على حاله، كما يترك «مسلمون» «1» ، إذا سمّي به على حاله حكاية. ومن العرب من لا يصرف ذا، إذا سمّي به، ويشبّه التاء بهاء التأنيث في نحو «حمدة» ، وذلك قبيح ضعيف «2» . قال الشاعر «3» [من الطويل وهو الشاهد السابع والثلاثون بعد المائة] :
تنوّرتها من أذرعات وأهلها
…
بيثرب أدنى دارها نظر عال
(1) . نقلت عبارته مع تغيير طفيف في الصحاح «عرف» ، والرأي في الكتاب 2:18.
(2)
. نقله عنه وعن الكوفيين في المشكل 1: 124، وزاد في اعراب القرآن 1: 101، والجامع 2: 414، والبحر 2:
83 و 84 رواية الشاهد الشعري.
(3)
. هو امرؤ القيس بن حجر الكندي. ديوانه 31، والكتاب 2:18. [.....]
ومنهم من لا ينوّن «أذرعات» ولا «عانات» وهو مكان.
وقال تعالى وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى [الآية 203] ، كأنّه حين ذكر هذه الرّخصة، قد أخبر عن أمر، فقال لِمَنِ اتَّقى: أي: ذلك لمن اتّقى «1» .
وقال تعالى وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ [الآية 204] إذا كان هو يشهد «2» وقرأ بعضهم: (ويشهد الله)«3» أي أن الله سبحانه هو الذي يشهد.
وقال تعالى وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ [الآية 204] من «لددت» «تلدّ» و «هو ألدّ» و «هم قوم لدّ» و «امرأة لدّاء» و «نسوة لدّ» .
قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ [الآية 207] يقول: «يبيعها» كما تقول «شريت هذا المتاع» أي: بعته و «شريته» : اشتريته أيضا، يجوز في المعنيين جميعا، كما تقول:«إنّ الجلّ لأفضل المتاع» ، وإنّ «الجلّ لأردؤه» «4» ، وعلى ذلك يجوز مع كثير مثله، وكذلك «الجلل» ، يكون العظيم، ويكون الصغير. وكذلك «السّدف» يكون الظلمة والضّوء. وقال الشاعر «5» [من الرمل وهو الشاهد الثامن والثلاثون بعد المائة] :
وأرى أربد قد فارقني
…
ومن الأرزاء رزء ذو جلل «6»
أي: عظيم. وقال الاخر «7» [من الطويل وهو الشاهد التاسع والثلاثون بعد المائة] :
(1) . نقله في إعراب القرآن 1: 102 والجامع 3: 14.
(2)
. هي قراءة لجمهور القرّاء وعاميتهم، الطّبري 4: 233، والجامع 2: 15، والبحر 2: 114، وتأوّل بها ابن زيد والسدّي وأسباط ومجاهد والطّبري، كما سبق، وفي معاني القرآن 1: 123 بلا نسبة، والكشاف 1: 251، والإملاء 1: 89 كذلك.
(3)
. في الطّبري 4: 234، والجامع 3: 15 إلى ابن محيصن، وزاد في البحر أبا حياة، وفي الطّبري أنّ ابن عباس تأوّل بها، وفي معاني القرآن 1: 123 بلا نسبة، والكشاف 1: 251، والإملاء 1: 89 كذلك.
(4)
. الجلّ: من الاضداد فالجلّ من المتاع: القطف، الأكسية، والبسط، ونحوه والجلّ والجلّ قصب الزرع وسوقه، إذا حصد عنه السنبل، «اللسان» .
(5)
. هو لبيد بن ربيعة العامري. الديوان 197 والكامل 1: 63، وأضداد اللغوي 1: 147 والأضداد للسجستاني 84.
(6)
. والبيت في المقاييس 2: 290 بلا عزو، وهو في أضداد السجستاني ب «ومن الرزء» ردي غير جلل.
(7)
. هو طرفة بن العبد البكري. ديوانه 93، وفيه ب «قاس» بدل «صاد» .
ألا إنّما أبكي ليوم لقيته
…
بجر ثم صاد كلّ ما بعده جلل
أي: صغير.
وأما قوله تعالى ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ [الآية 207] فإن انتصاب (ابتغاء) على الفعل، وهو على يشري، كأنه قال «لابتغاء مرضاة الله» فلمّا نزع اللام، عمل الفعل. ومثله حَذَرَ الْمَوْتِ [الآية 243] وأشباه هذا كثير.
قال الشاعر «1» [من الطويل وهو الشاهد الأربعون بعد المائة] :
وأغفر عوراء الكريم ادّخاره
…
وأعرض عن شتم اللئيم تكرّما
لما حذف اللّام عمل فيه الفعل.
وقال تعالى ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً [الآية 208] و «السّلم» :
الإسلام. وقوله تعالى وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ [محمد: 35] ذلك:
الصلح. وقال بعضهم في «الصلح» : «السّلم. وقال تعالى وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ [النساء: 91] وهو الاستسلام. وقال تعالى وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (63)[الفرقان] أي:
قالوا «براءة منكم» لأنّ «السّلام» في بعض الكلام هو: البراءة. تقول: «إنّما فلان سلام بسلام» أي: لا يخالط أحدا. قال الشاعر «2» [من الوافر وهو الشاهد الحادي والأربعون بعد المائة] :
سلامك ربّنا في كلّ فجر
…
بريئا ما تغنّثك «3» الذّموم
يعني تأوّبك، يقول:«براءتك» .
وقال تعالى إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ [الذاريات: 25] وهذا فيما يزعم المفسّرون: قالوا خيرا. كأنه- والله أعلم- سمع منهم التوحيد، فقد قالوا خيرا، فلما عرف أنهم موحّدون قال:
«سلام عليكم» ، فسلّم عليهم. فهذا الوجه رفع على الابتداء. وقال بعضهم:«ما كان من كلام الملائكة فهو نصب، وما كان من الإنسان فهو رفع في السلام» . وهذا ضعيف ليس بحجّة وقال تعالى:
(1) . هو حاتم الطائي مضرب المثل بالكرم ديوانه 82. الكتاب وتحصيل عين الذهب 1: 184، والنوادر 110.
(2)
. هو أميّة بن أبي الصّلت ديوانه 238، والكتاب وتحصيل عين الذهب 1:164.
(3)
. وجاء في الهامش: «قال أبو عبد الله» : سألت أبا العبّاس أحمد بن يحيى فقال: «تغنثك» : يلزق بك. هذا البيت عن ابن الاعرابي.
فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ [الزخرف: 89] فهذا يجوز على معنى: «سلام عليكم» في التسليم. او يكون على البراءة إلّا أنه جعله خبر المبتدأ، كأنه قال «أمري سلام» . أي:
أمري براءة منكم، وأضمر الاسم كما يضمر الخبر. وقال الشاعر «1» [من الطويل وهو الشاهد الرابع عشر] :
فيا ظبية الوعساء بين جلاجل
…
وبين النّقا ءاأنت أم أمّ سالم
على: «أنت هي أم أمّ سالم» أي:
أشكلت عليّ بشبه أمّ سالم بك. وكلّ هذا قد أضمر الخبر فيه. ومثل ذلك لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا [الحديد: 10] فلمّا قال أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا كان فيه دليل على معنى لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ «ومن أنفق من بعد الفتح» أي لا يستوي هؤلاء وهؤلاء.
وقال تعالى وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ [الآية 208] لأنّ كل اسم على «فعلة» خفيف، إذا جمع حرّك ثانيه بالضمّ، نحو «ظلمات» و «غرفات» ، لأنّ مخرج الحرفين بلفظ واحد، إذا قرب أحدهما من صاحبه كان، أيسر عليهم. وقد فتحه بعضهم فقال:
«الرّكبات» و «الغرفات» ، و «الظلمات» ، وأسكن بعضهم ما كان من الواو، كما يسكّن ما كان من الياء، نحو «كلّيّات» أسكن اللام، لئلا تحوّل الياء واوا، فأسكنها في «خطوات» «2» لأنّ الواو أخت الياء. وما كان على «فعلة» ، نحو «سلوة» و «شهوة» ، حرّك ثانيه في الجمع بالفتح، نحو «سلوات» و «شهوات» ، فإذا كان أوّله مكسورا، كسر ثانيه نحو «كسرة» و «كسرات» ، و «سدرة» ، و «سدرات» . وقد فتح بعضهم، ثاني هذا، كما فتح ثاني المضموم، واستثقل الضمّتين والكسرتين. وما كان من نحو هذا، ثانيه واو أو ياء، أو التقى فيه حرفان من جنس واحد، لم يحرّك، نحو:
«دومة» و «دومات» ، «وعوذة»
(1) . هو ذو الرّمّة، وقد مر الاستشهاد بهذا الشاهد سابقا.
(2)
. في الصحاح «ركب» : أورد اللغات الثلاث في فتح العين وضمّها وسكونها، إلّا ما جاءت عينه ياء فلا تضمّ، وأشار إلى اللغات الثلاث في «غرف» و «ظلم» ، وذكر هذه اللغات أيضا في «خطا» ولم ينسب في أيّ من هذه المواضع.
و «عوذات» وهي: المعاذة، و «بيضة» و «بيضات» ، و «ميتة» و «ميتات» . لأنّ هذا لو حرّك، لتغيّر وصار ألفا فكان يغيّر بناء الاسم، فاستثقلوا ذلك.
وقالوا: «عضة» و «عضات» فلم يحرّكوا لأنّ هذا موضع تتحرّك فيه لام الفعل، فلا يضعّف، ولولا أنّه حرك، لضعّف وأكثر ما في «الظلمات» و «الكسرات» وما أشبههما، أن يحرّك الثاني على الأوّل «1» . وقد دعاهم ذلك إلى أن قالوا «أذكر» فضمّوا الألف لضمة الكاف، وبينها حرف، فذلك أخلق.
وقد قال بعضهم: «أنا أنبوك» ، «أنا أجوك» ، فضم الباء والجيم، لضمّه الهمزة ليجعلها على لفظ واحد، فهذا أشدّ من ذاك. وقال:«هذا هو منحدر من الجبل» يريد «منحدر» ، فضم الدال لضمه الراء، كما ضم الباء والجيم، في «أنبوك» و «أجوك» .
وقرءوا كلمة «الملائكة» ، بالجرّ «2» والرفع «3» قوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ [الآية 210] لأنه قد قال ذلك في غير موضع. قال تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ [الفجر: 22] وقال إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ [الأنعام:
158] و «الملك» في هذا الموضع جماعة كما تقول: «أهلك النّاس الدّينار والدّرهم» و «هلك البعير والشّاء. وقوله تعالى إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ يعني أمره، لأنّ الله تبارك وتعالى، لا يزول كما تقول: «قد خشينا أن تأتينا بنو أميّة» ، وإنما تعني حكمهم.
وقال تعالى وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ [الآية 213] أي: «وما اختلف فيه إلّا الذين أوتوه بغيا بينهم من بعد ما جاءتهم البيّنات» .
(1) . في شرح الرضيّ على الكافية 232 و 233 تفصيل لهذه اللغات من غير نسبة، إلّا في لغة هذيل في فتح ما عينه واو أو ياء، وجاء مثل ذلك في شرح الرضي على الشافية 104، مع إيجاز شديد أحال معه إلى شرح الكافية.
وفي اللهجات العربية 428 و 429 نسبت هذه اللغة عينها إلى هذيل تارة، وتميم تارة أخرى حسب اختلاف المراجع والمصادر لديه.
(2)
. في معاني القرآن 1: 124 إلى بعض أهل المدينة، وفي الشواذ 13 إلى أبي جعفر المدني، وفي البحر 2: 125 إلى الحسن وأبي حياة وأبي جعفر، وفي الطّبري 4: 261 بلا نسبة. [.....]
(3)
. في الطّبري 4: 261 إلى أبيّ بن كعب، وفي البحر 2: 125 إلى الجمهور، وفي القرطبي 3: 25 أنّ قراءة ابن مسعود (الله والملائكة في ظلل) وهي التي انتصر بها الفرّاء في معاني القرآن 1: 124 لقراءة الرفع.
وقال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ [الآية 216] وقرأ بعضهم (حملته أمّه كرها)«1» والوجه هو:
كَرْهاً، بالضم، وبه نقرأ، وهما لغتان «2» مثل «الغسل» و «الغسل» و «الضّعف» و «الضّعف» إلّا أنّه قد قال بعضهم إنه إذا كان في موضع المصدر كان «كرها» كما تقول:«لا تقوم إلّا كرها» وتقول: «لا تقوم الأعلى كره» وهما سواء مثل «الرّهب» و «الرّهب» وقال بعضهم: «الرّهب» كما قالوا:
«البخل» و «البخل» و «البخل» . وإنما قال تعالى: كُرْهٌ لَكُمْ أي: ذو كره وحذف «ذو» كما قال وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: 82] .
وقال تعالى وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الآية 217] .
وقال جل شأنه وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ [الآية 217] ، على «وصدّ عن المسجد الحرام» .
ثم قال: وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ [الآية 217] على الابتداء.
وقرأ: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ [الآية 217] فضعّف لأن أهل الحجاز، إذا كانت لام الفعل ساكنة ضعّفوا، وهي هاهنا ساكنة، أسكنها بالجزاء. وقرأ:(ومن يرتدّ منكم عن دينه فسوف)[المائدة: 54] فلم يضاعف «3» في لغة من لا يضاعف لأنّ من لا يضاعف «4» كثير.
وقال: وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ «5» [الآية 219] إذا جعلت
(1) . الأحقاف 46: 15، وقراءة فتح الكاف في الكشف 2: 272، والتيسير 199 إلى غير الكوفيين وابن ذكوان، وفي الجامع 16: 193 إلى العامة وهي اختيار أبي عبيد، وفي البحر 8: 60 إلى شيبة وأبي جعفر والأعرج والحرميين وأبي عمرو، وإلى أبي رجاء ومجاهد وعيسى في رواية.
(2)
. الفتح لغة تميم، والضم لغة الحجاز، وقيل العكس اللهجات 191 و 192 و 193، ولهجة تميم 158 وما بعدها، وفي اللهجات العربية 81 ونسب هذا القول للكسائي في «الصحاح كره» .
(3)
. وقراءة التضعيف (اي الإدغام والتشديد) في السبعة 245 إلى ابن كثير وعاصم وأبي عمرو وحمزة والكسائي، وفي الكشف 1: 412، والتيسير 99 إلى غير نافع وابن عامر، وفي الجامع 6: 219 إلى غير أهل المدينة والشام، وفي حجة ابن خالويه 106 بلا نسبة، أمّا قراءة الفكّ بدالين ففي السبعة 245، وفي الكشف 1: 412، وفي التيسير 99، إلى نافع وابن عامر، وفي الجامع 6: 219 إلى أهل المدينة والشام.
(4)
. «يضاعف» هنا، في هذا السياق، بمعنى «يفكّ التشديد» .
(5)
. في السبعة 182 إلى القرّاء جميعا إلّا أبا عمرو، وفي الكشف 1: 292 و 293 والتيسير 80 كذلك، وأهمل في البحر 3: 159 أبا عمرو، وزاد على أبي عمرو في الجامع 3: 61 قتادة والحسن وابن أبي إسحاق، أمّا في المشكل 68 فبلا نسبة، وكذلك في الكشّاف 1: 262، والبيان 1: 153، والإملاء 1: 93
ماذا بمنزلة (ما) . وان جعلت ماذا بمنزلة «الذي» ، قلت:(قل العفو)«1» والأولى منصوبة، وهذه مرفوعة، كأنه قال:«ما الذي ينفقون» فقال: «الذي ينفقون العفو» . وإذا نصبت فكأنه قال: «ما ينفقون» فقال:
«ينفقون العفو» لأن «ما» إذا لم تجعل بمنزلة «الذي» ، ف «العفو» منصوب ب «ينفقون» . وان جعلت بمنزلة «الذي» ، فهو مرفوع بخبر الابتداء، كما قال ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (24)[النحل] ، جعل ماذا بمنزلة «الذي» ، وقال ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً [النحل: 30] ، جعل ماذا بمنزلة «ما» . وقد يكون إذا جعلها بمنزلة «ما» ، وحدها، الرفع على المعنى. لأنّه لو قيل له:«ما صنعت» ؟
فقال: «خير» ، أي: الذي صنعت خير، لم يكن به بأس. ولو نصبت إذا جعلت «ذا» بمنزلة «الذي» ، كان أيضا جيّدا، لأنّه لو قيل لك:«ما الذي صنعت» فقلت: «خيرا» أي: صنعت خيرا. كان صوابا. قال الشاعر (من الوافر وهو الشاهد الثلاثون) :
دعي ماذا علمت سأتّقيه
…
ولكن بالمغيّب نبّئيني
جعل «ما» و «ذا» بمنزلة «ما» وحدها، ولا يجوز أن يكون «ذا» بمنزلة «الذي» في هذا البيت لأنك لو قلت:«دعي ما الذي علمت» لم يكن كلاما. وقال أهل التأويل في قوله تعالى: ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ [النحل: 24] ، لأنّ الكفّار جحدوا أن يكون ربّهم أنزل شيئا، فقالوا لهم:«ما تقولون أنتم أساطير الأوّلين» أي: «الذي تقولون أنتم أساطير الأوّلين» ، ليس على «أنزل ربّنا أساطير الأوّلين» . وهذا المعنى فيما نرى- والله أعلم- كما قال تعالى وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ [الآية 220] أي: فهم إخوانكم.
قال تعالى وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ [الآية 222] والمحيض هو: الحيض.
وإنّما أكثر الكلام في المصدر إذا بني
(1) . في السبعة 182 والكشف 1: 292 والتيسير 80، والبحر 2: 159 إلى أبي عمرو، وزاد في الجامع 3: 61 عليه الحسن وابن أبي إسحاق. وفي المشكل 68 والكشّاف 1: 262، والبيان 1: 153، والإملاء 1: 93 بلا نسبة.
هكذا، أن يراد به «المفعل» نحو قولك:«ما في برّك مكأل» أي: كيل.
وقد قيلت الأخرى أي: قيل «مكيل» وهو مثل «محيض» من الفعل، إذا كان مصدرا للّتي في القرآن، وهي أقل.
قال الشاعر «1» [من الكامل وهو الشاهد الثاني والأربعون بعد المائة] :
بنيت مرافقهنّ فوق مزلّة
…
لا يستطيع بها القراد مقيلا
يريد: «قيلولة» . ويقول: «جئت مجيئا حسنا» . فبنوه على «مفعل» وهو مصدره.
وقال تعالى: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [الآية 222] لأنك تقول:
«طهرت المرأة» ف «هي تطهر» . وقال بعضهم «طهرت» . وقالوا: «طلقت» «تطلق» و «طلقت» «تطلق» أيضا. ويقال للنّفساء إذا أصابها النّفاس: «نفست» فإذا أصابها الطلق (قيل) : «طلقت» .
قال تعالى لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ [الآية 225] تقول: «لغوت في اليمين» ف «أنا ألغو» «لغوا» ومن قال:
«هو يمحا» قال: «هو يلغا» «لغوا» و «محوا» . وقد سمعنا ذلك من العرب «2» .
وتقول: «لغيت باسم فلان» ف «أنا ألغى به» أي: أذكره.
وقال تعالى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ [الآية 226]، تقول:«آلى من امرأته» ، يؤلي «إيلاء» و «ظاهر منها» «ظهارا» ، كما تقول «قاتل» «قتالا» .
تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ جعل ذلك لهم أجلا فَإِنْ فاؤُ [الآية 226] يعني: «فإن رجعوا» لأنك تقول:
وقال: ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [الآية 228] ممدودة مهموزة وواحدها «القرء» خفيفة مهموزة مثل: «القرع» وتقول:
«قد أقرأت المرأة» «إقراء» بالهمز، إذا صارت صاحبة حيض. وتقول:«ما قرأت حيضة قطّ» مثل: «ما قرأت قرآنا» . و: «قد قرأت حيضة أو حيضتين» بالهمز، و «ما قرأت جنينا قطّ» مثلها. أي: ما حملت.
و «القرء» : انقطاع الحيض، وقال
(1) . هو الراعي النّميري. ديوانه 126، والكتاب وتحصيل عين الذهب 2: 247، واللسان «زلل» والمخصّص 16:
122، وهو في المخصّص 9: 55، وفيه وفي اللسان ب «مزلّة» .
(2)
. هي لغة أزد شنوءة. اللهجات 456.
بعضهم: «ما بين الحيضتين «1» قال الشاعر «2» [من الوافر وهو الشاهد الثالث والأربعون بعد المائة] :
ذراعي بكرة أدماء بكر
…
هجان اللّون لم تقرأ جنينا «3»
وأما قول الشاعر «4» [من الطويل وهو الشاهد الرابع والأربعون بعد المائة] :
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها لما نسجتها من جنوب وشمال فان «المقراة» : المسيل، وليس بمهموز.
وقال تعالى فَلا تَعْضُلُوهُنَّ [الآية 232] ، ينهى أزواجهنّ أن يمنعوهنّ من الأزواج.
وقال تعالى حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ [الآية 233] . تقول:
«بيني وبينك رضاعة» و «رضاع» وتقول: «اللّؤم والرّضاعة» وهي في كل شيء مفتوحة. وبعض بني تميم يكسرها، إذا كانت في الارتضاع يقول:«الرّضاعة» «5» .
وقرأ قوله تعالى لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ [الآية 233] برفع «تضارّ» على الخبر، يقول:«هكذا في الحكم أنّه تضارّ» في موضعه، صار على لفظه. ومثله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً [الآية 234] فخبر وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ، يَتَرَبَّصْنَ [الآية 234]«بعد موتهم» «6» ولم يذكر «بعد
(1) . نقلها في الصحاح «قرأ» واجتزأ بشيء يسير، فمنها في التهذيب «قرأ» ، والجامع 3: 113، والبحر 2:175.
(2)
. هو عمرو بن كلثوم التغلبي.
(3)
. البيت في معلّقته، وهو في شرح القصائد السبع 79 ب «عيطل» بدل بكرة، وعجزه: تربّعت الأجارع والمتونا» ، في شرح القصائد التسع 2: 620 كذلك، وفي 2: 783 ورد ب «عيطل» ، وفي شرح المعلّقات السبع 143 ب «عيطل» ، وفي شرح القصائد العشر ب «عيطل» وتربّعت الأجارع والمتونا» . وفي مجاز القرآن 1: 2 ب «حرّة» بدل «بكرة» ، وفي شرح ديوان العجاج 23 برواية الأخفش. وفي المقاييس 5: 79، والتهذيب 2: 166، والصحاح «عطل» و «هجنى» ، وأضداد اللغوي 575، واللسان «قرأ» و «عطل» و «هجني» ، والتاج «قرأ» وكلها ب «عيطل» . وفي اللسان «بكر» ، والتاج «بكر» ، وعجزه ب «غذاها» الخفض لم تحمل جنينا» .
(4)
. هو امرؤ القيس بن حجر الكندي والبيت ثاني أبيات معلقته المشتهرة. ديوانه 8، وشرح القصائد العشر 5.
(5)
. ذكر الكسائي الكسر، وعزاه إلى بعض العرب بلا تعيين معاني القرآن 1: 149، وفي الكشّاف 1: 278، أنّه قرئ بكسر الراء. وأشار في الإملاء 1: 97 إلى القراءتين، وفي الجامع 3: 162، أنّ كسر الراء قراءة أبي حياة وابن أبي عبلة والجارود بن أبي سبرة، وقال هي لغة كالحضارة والحضارة. [.....]
(6)
. نقله في المشكل 1: 131، وإعراب القرآن للزجاج 1: 175، والبحر 2:222.
موتهم» كما يحذف بعض الكلام يقول: «ينبغي لهنّ أن يتربّصن» ، فلمّا حذف «ينبغي» ، وقع «يتربّصن» موقعه.
قال الشاعر «1» [من الطويل وهو الشاهد الخامس والأربعون بعد المائة] :
على الحكم المأتيّ يوما إذا قضى
…
قضيّته أن لا يجوز ويقصد
فرفع «ويقصد على قوله:
«وينبغي» «2» . ومن قرأ لا تُضَارَّ [الآية 233] جعلها على النهي، وهذا في لغة من لم يضعّف، فأمّا من ضعّف، فإنّه يقول (لا تضارر) إذا أراد النهي، لأنّ لام الفعل ساكنة، إذا قلت «لا تفاعل» وأنت تنهى. إلا أنّ «تضار» ها هنا غير مضعّفة، لأنّ ليس في الكتاب إلّا راء واحدة «3» .
وقال تعالى وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ [الآية 235] ف «الخطبة» الذّكر، و «الخطبة» :
التشهّد «4» .
وقال تعالى: وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا [الآية 235] لأنه لمّا قال فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ كأنه قال: «تذكرون» وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا [الآية 235] استثناء خارج على «ولكن» .
قال تعالى فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ [الآية
(1) . هو عبد الرحمن بن أمّ الحكم، كما في الكتاب وتحصيل عين الذهب 1: 431، واللسان «قصد» في رواية مرجوحة. وقيل هو أبو اللّحام أو اللّجام التغلبي، كما في الخزانة 3: 613، والتاج «قصد» ، واللسان «قصد» في رواية راجحة وشرح المفصّل لابن يعيش 7: 38، والبيت ايضا في الصحاح «قصد» .
(2)
. نقله في الصحاح «قصد» ، مع الشاهد الشعري.
(3)
. قراءة الرفع براء واحدة في الطّبري 5: 47 إلى بعض أهل الحجاز وبعض أهل البصرة، وفي السبعة 183 إلى ابن كثير وأبي عمروا وأبان عن عاصم، وفي الكشف 1: 296 والتيسير 81 إلى ابن كثير وأبي عمرو، وفي الجامع 3: 167 أضاف أبان عن عاصم وجماعة، وفي البحر 2: 214 لم يذكر الجماعة بل أضاف يعقوب، وفي معاني القرآن 1: 149 و 205 وحجّة ابن خالويه 73، بلا نسبة. أمّا قراءة فتح الراء الواحدة، ففي الطّبري 5: 46 إلى عامة قراءة أهل الحجاز والكوفة والشام، وفي 5: 49 و 50 و 51 أنّ مجاهدا وقتادة والحسن والضحاك والسدّيّ وابن شهاب وسفيان وابن زيد وعطاء وعكرمة، قد تأوّلوا بها. وفي السبعة 183 إلى نافع وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي، وأنها لأهل الشام وفي الكشف 1: 296 والتيسير 81، إلى غير ابن كثير وأبي عمرو. وفي الجامع 3: 167 إلى نافع وعاصم وحمزة والكسائي، وفي البحر 2: 215 إلى غير من قرأ بغيرها من السبعة.
وفي الجامع 3: 167 أنّ عمر بن خطاب قرأ براءين مفتوحة أولاهما، وأنّ أبا جعفر بن القعقاع قرأ براء واحدة ساكنة، وأنّ ابن عبّاس والحسن وأبان في رواية عن عاصم، قرءوا براءين مكسورة أولاهما.
(4)
. في الأصل: الشهد.
237] أي: فعليكم نصف ما فرضتم إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ [الآية 237] وإن شئت نصبت (نصف ما فرضتم) على الأمر «1» .
قال تعالى وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [الآية 237]«2» .
وقرأ بعضهم (ولا تناسوا)«3» ، وكلّ صواب. وقرأ بعضهم (ولا تنسوا الفضل) «4» فكسر الواو لاجتماع الساكنين كما قرأ بعضهم:(اشتروا الضّلالة)«5» .
قال تعالى فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً [الآية 239] يقول: «صلّوا رجالا أو صلّوا ركبانا» .
وقال تعالى ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ [الآية 232] وذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ [الآية 232] لأنّه خاطب رجالا، وقال في موضع آخر قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ [يوسف: 32] لأنّه خاطب نساء، ولو ترك «ذلك» كما هي، ولم يلحق بها أسماء الذين خاطب كان كان جائزا. وقال: مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً [الأحزاب: 30] ولم يقل «ذلكنّ» وقال: فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)[التوبة] . وقال: ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ [المجادلة: 12] .
وليس بأبعد من قوله حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ [يونس: 22] فخاطب، ثمّ حدّث عن غائب، لأنّ الغائب هو الشاهد، في ذا المكان.
وقال هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً [المائدة: 60] .
وقال تعالى:
(1) . في الجامع 3: 204 أنّ ضم الفاء قراءة الجمهور والامام علي بن أبي طالب، وفتح الفاء قراءة فرقة لم يعيّنها.
(2)
. في الجامع أنّ ضمّ الواو قراءة الجمهور 2: 208، وأشار إليها الخليل في الكتاب 2:276.
(3)
. في الشواذ 5 إلى الامام علي بن أبي طالب مع كسر الواو، وفي المحتسب 127 إلى الإمام علي بن أبي طالب وأبي رجاء وجؤية بن عائذ، وفي الجامع 3: 208 إلى الإمام علي بن أبي طالب ومجاهد وأبي حياة وابن أبي عبلة، وكذلك في البحر 2:238.
(4)
. في الجامع 3: 208، والبحر 2: 238 إلى يحيى بن يعمر، وأشار إليها الخليل في الكتاب 2:276.
(5)
. البقرة 2: 19، وهي في الشواذ إلى يحيى بن يعمر، وزاد في المحتسب 54 ابن أبي إسحاق وأبا السمال، وفي الجامع 1: 210 أسقط أبا السمال، وفي الكشف 1: 275، والمشكل 1: 20، والبحر 1: 71 بلا نسبة.
وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا [الآية 241] أي: أحقّ ذلك حقّا «1» .
وقال تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ [الآية 245] بالنّصب، على إضمار «أن» بعد الفاء في فَيُضاعِفَهُ. وليس قوله تعالى يُقْرِضُ اللَّهَ لحاجة بالله ولكن هذا كقول العرب:«لك عندي قرض صدق» و «قرض سوء» لأمر تأتي، فيه مسرّته أو مساءته «2» . وقال الشاعر «3» [من البسيط وهو الشاهد السادس والأربعون بعد المائة] :
لا تخلطنّ خبيثات بطيّبة
…
اخلع ثيابك منها وانج عريانا «4»
كلّ امرئ سوف يجزى قرضه حسنا
…
أو سيّئا أو مدينا مثل ما دانا «5»
ف «القرض» : ما سلف من صالح أو من سيّئ.
قال تعالى: وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [الآية 246] ف «أن» هاهنا «6» [في ألّا] زائدة، كما زيدت بعد «فلمّا» ، و «لما» ، و «لو» ، فهي تزاد في هذا المعنى كثيرا. ومعناه «ومالنا لا نقاتل» ، فأعمل «أن» وهي زائدة، كما قال:«ما أتاني من أحد» فأعمل «من» وهي زائدة، قال الفرزدق «7» [من البسيط وهو الشاهد السابع والأربعون بعد المائة] :
لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها
…
إليّ لامت ذوو أحسابها عمرا «8»
المعنى: لو لم تكن غطفان لها ذنوب. و «لا» زائدة، وأعملها.
وقال تعالى: فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ [الآية 248] . و «السّكينة» هي:
(1) . نقلها في اعراب القرآن 1: 121.
(2)
. نقلها عنه في البحر 2: 248 و 253.
(3)
. هو أميّة بن أبي الصّلت. ديوانه 258، تحقيق الحديث والتهذيب 8: 340، واللسان «قرض» .
(4)
. وفيه «وهدينا كالذي دانا» . [.....]
(5)
. في التهذيب «ومدينا» ، وكذلك في الصحاح «قرض» ، وفي اللسان «قرض» أو «مدينا» .
(6)
. نقله في المشكل 1: 134، وإعراب القرآن 1: 122، والجامع 3: 244، واعراب القرآن للزجّاج 10: 110 و 3: 859، والبيان 1:165.
(7)
. هو همّام بن غالب، مرّت ترجمته فيما سبق.
(8)
. ديوان الفرزدق 1: 230، وفيه «لام» بلا تاء. والبيت في الخصائص 2:36.
الوقار. وأما الحديد فهو «السّكّين، مشدد الكاف. وقال بعضهم: «هي السّكّين» ، مثلها في التشدّيد، إلا أنّها مؤنثة فأنث «1» . والتأنيث ليس بالمعروف، وبنو قشير يقولون:
«سخّين» للسكين «2» . وقال تعالى وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً [يوسف:
31] .
وقال تعالى وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ [الآية 251]«3» .
بنصب النَّاسِ على إيقاع الفعل بهم، ثمّ الإبدال منهم بَعْضُهُمْ للتفسير.
وقال تعالى مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ [الآية 253] أي كلّمه الله، فلفظ الجلالة في ذا الموضع، رفع.
وقال وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ [الآية 253] أي رفع الله بعضهم درجات.
وقال لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ [الآية 255] تقول «وسن» «يوسن» «سنة» و «سنا» .
وقال وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما [الآية 255] لأنه من «آده» «يؤوده» «أودا» وتفسيره:
لا يثقله.
وقال قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ [الآية 256] وإن شئت (الرّشد من الغيّ)«4» مضمومة ومفتوحة.
وقال تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ [الآية 257] ، «فالطّاغوت» جماعة في المعنى، وهو في اللفظ واحد، وقد جمع، فقالوا «الطّواغيت» .
وأمّا قوله تعالى:
(1) . لم تحدّد كتب التأنيث والتذكير، ولا كتب اللهجات معاد التذكير والتأنيث هذا.
(2)
. في اللسان «سخن» : الساخين: المساحي، واحدهما سخّين بلغة عبد القيس وهي مسحاة منعطفة. ويقال للسكّين: السخينة. والسخاخين: سكاكين الجزّار.
(3)
. في الأصل «دفاع» ، وهي قراءة منسوبة في السبعة 187 إلى نافع وإلى عاصم في رواية واقتصر في الكشف 1:
304، والتيسير 82، والبيان 1: 167، والإملاء 1: 105، والجامع 3: 256، على نافع، أمّا قراءة «دفع» ففي السبعة 187 إلى ابن كثير وأبي عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي، أمّا في الكشف والتيسير والجامع «كما سبق» فقد نسبتها إلى غير نافع. وأمّا في حجة ابن خالويه 75، والبيان 1: 167، والإملاء 1: 105، فقد ذكرت القراءتان بلا نسبة.
(4)
. أشار في الإملاء 1: 107 إلى القراءتين ولم ينسب، وفي الجامع 3: 279 أنّها قراءة أبي عبد الرحمن والحسن والشّعبي.
يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [الآية 257] فبمعنى: «يحكم بأنّهم كذاك» ، كما تقول:«قد أخرجك الله من ذا الأمر» ، ولم تكن فيه قطّ.
وتقول: «أخرجني فلان من الكتبة» ، ولم تكن فيها قطّ. أي: لم يجعلني من أهلها ولا فيها.
وقال أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ [الآية 259] الكاف زائدة والمعنى- والله أعلم- أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ [الآية 258]«أو الذي مرّ على قرية» والكاف زائدة. وفي كتاب الله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11] يقول: «ليس كهو» لأنّ الله سبحانه ليس له مثيل.
قال تعالى لَمْ يَتَسَنَّهْ [الآية 259] فتثبت الهاء للسكوت، وإذا وصلت حذفتها «1» مثل «اخشه» . وأثبتها بعضهم في الوصل، فقال لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ «2» فجعل الهاء من الأصل وذلك في المعنى: لم تمرر عليه السنون ف «السّنة» منهم من يجعلها من الواو، فيقول:«سنيّة» ومنهم من يجعلها من الهاء، فيقول:«سنيهة» يجعل الذي ذهب منها هاء، كأنّه أبدلها من الواو كما قالوا:«أسنتوا» : إذا أصابتهم السّنون. أبدل التاء.
ويقولون: «بعته مساناة» و «مسانهة» .
ويكون: لَمْ يَتَسَنَّهْ أن تكون هذه الهاء للسكون. ويحمل قول الذين وصلوا بالهاء، على الوقف الخفيّ، وبالهاء نقرأ في الوصل.
وقال تعالى: قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) إذا عنى نفسه.
قرأ بعضهم (قال اعلم) بجزم على
(1) . هي في الطّبري 5: 460 إلى عامّة قراء الكوفة، وفي السّبعة 189 أنّ إبقاءها في السكون للجميع، وأنّ حذفها في الوصل إلى حمزة والكسائي وفي التيسير 82 والجامع 3: 292 والبحر 2: 292 إلى الأخوين حمزة والكسائي وفي الكشف 1: 307 اقتصر على حمزة وفي معاني القرآن 1: 172، وحجّة ابن خالويه 76، والمشكل 78، بلا نسبة، وأورد السجستاني في المصاحف 49، إلى أنها كانت تكتب بتضعيف النون، وأنّ الحجّاج هو الذي أدخل عليها الهاء.
(2)
. في الطّبري 5: 461- 466 أنّها قراءة عامة قراء أهل المدينة والحجاز، وأيّدها بنقل عن عثمان وأبيّ وزيد بن ثابت، وأنّه تأوّل بها وهب بن منبّه وقتادة والسّدّي والضّحّاك وابن عباس وابن زيد وبكر بن مضر ومجاهد والربيع، ونسبها في السبعة 189 إلى ابن كثير ونافع وعاصم وأبي عمرو وابن عامر، وفي الكشف 1: 307 إلى غير حمزة، وفي التيسير 82 إلى غير حمزة والكسائي، وفي الجامع 3: 292 إلى الجمهور، وفي المشكل 76، ومعاني القرآن 1: 172 و 173، وحجّة ابن خالويه 76، فبلا نسبة.
الأمر، كما يقول:«اعلم أنّه قد كان كذا وكذا» كأنه يقول ذاك لغيره، وإنّما ينبّه نفسه والجزم أجود في المعنى، إلا أنه أقل في القراءة «1» والرّفع قراءة العامة، وبه نقرأ «2» .
وأمّا قوله تعالى: على لسان النبي إبراهيم (ع) رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى [الآية 260] فلم يكن ذلك شكّا من إبراهيم (ع) ولم يرد به رؤية القلب، وإنما أراد به رؤية العين «3» .
وقول الله عز وجل له أَوَلَمْ تُؤْمِنْ [الآية 260] كأنّه يقول: «ألست قد صدقت» أي: أنت كذلك. قال الشاعر «4» [من الوافر وهو الشاهد الثالث والثلاثون] :
ألستم خير من ركب المطايا
…
وأندى العالمين بطون راح
وقوله تعالى، على لسان إبراهيم (ع) : لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [الآية 260] أي:
قلبي ينازعني إلى النظر، فإذا نظرت اطمأنّ قلبي.
قال تعالى: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ [الآية 260] أي: قطّعهنّ وتقول منها: «صار» «يصور» «5» . وقال
(1) . هو في معاني القرآن 1: 173 و 174 قراءة ابن عباس وأبي عبد الله، وفي الطّبري 5: 481 و 482 و 483 إلى عامة قراء أهل الكوفة، وأيّدها بقراءة عبد الله وابن عباس، ورجّحها وفي السبعة 189 والتيسير 82 والجامع 3: 296، إلى حمزة والكسائي وزاد في الكشف 1: 312 ابن عباس وأبا رجاء وأبا عبد الرحمن وفي البحر 2: 296 زاد على حمزة والكسائي، أبا رجاء وعبد الله والأعمش.
(2)
. في معاني القرآن 1: 174 إلى العامّة، وفي الطّبري 5: 482 و 483 إلى عامّة قراء أهل المدينة، وبعض قراء أهل العراق، وتأوّل بها وهب بن منبّه وقتادة والسديّ والضّحّاك وابن زيد وفي السبعة 189 إلى ابن كثير ونافع وعاصم وأبي عمرو وابن عامر، وفي الشّواذ 16 إلى ابن مسعود وفي الكشف 1: 312 و 313 إلى الحسن والأعرج وأبي جعفر وشيبة وابن أبي إسحاق وعيسى وابن محيصن، وعليها الحرميّان وعاصم وابن عامر وأبو عمرو، وفي التيسير 82 إلى غير حمزة والكسائي وفي الجامع 3: 296 إلى الأكثر من القرّاء، وتأوّل بها قتادة ومكّي وفي البحر 2: 296 إلى الجمهور.
(3)
. نقلها عنه في الجامع 3: 298.
(4)
. هو جرير بن عطية بن الخطفي. وقد مرت ترجمته قبل، والبيت في ديوانه 1: 89 من شواهد الشعر المعروفة. [.....]
(5)
. وهي في معاني القرآن 1: 174 إلى العامة، وفي الطّبري 5: 504 إلى عامة قراء أهل المدينة والحجاز والبصرة، وفي السبعة 190 والتيسير 82 إلى غير حمزة، وأضاف في الكشف 1: 313 إلى علي بن أبي طالب والحسن وأبي عبد الرحمن وعكرمة ومجاهد، وفي البحر 2: 300 إلى غير من أخذ بالأخرى من السبعة، وفي الجامع 3: 301، وحجّة ابن خالويه 77 بلا نسبة.
بعضهم فَصُرْهُنَّ «1» فجعلها من «صار» «يصير» وقال إِلَيْكَ لأنّه يريد: «خذ أربعة إليك فصرهنّ» .
وقوله تعالى: كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ [الآية 265]«2» وبعضهم قرأ (بربوة)«3» ، (وبرباوة)«4» . و (برباوة)«5» ، كلّ من لغات العرب «6» وهو كلّه من الرابية وفعله «ربا» «يربو» «7» .
قال تعالى كَمَثَلِ صَفْوانٍ [الآية 264] والواحدة «صفوانة» . ومنهم من يجعل «الصّفوان» واحدا «8» فيجعله:
الحجر. ومن جعله جميعا جعله:
الحجارة مثل: «التمرة» و «التمر» . وقد قالوا «الكذّان» : و «الكذّانة» وهو شبه الحجر من الطّين.
قال تعالى فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ [الآية 265] وقال مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ [الأنعام: 141] و «الأكل» : هو:
ما يؤكل. و «الأكل» هو الفعل الذي يكون منك. تقول: «أكلت أكلا» و «أكلت أكلة واحدة» وإذا عنيت الطعام قلت: «أكلة واحدة» . قال [من الطويل وهو الشاهد الثامن والأربعون بعد المائة] :
(1) . في معاني القرآن 1: 174 إلى اصحاب عبد الله استنادا إلى لغة هذيل وسليم، وفي الطّبري 5: 495 إلى جماعة من أهل الكوفة وهي لغة هذيل وسليم، وفي السبعة 190 والتيسير 82 إلى حمزة، وفي الكشف 1: 313 إلى حمزة وابن عباس وشيبة وعلقمة وابن جبير وأبي جعفر وقتادة وابن وثاب وطلحة والأعمش، واختلف عن ابن عباس وفي البحر 2: 300 إلى حمزة ويزيد وخلف ورويس وفي حجّة ابن خالويه 77، والجامع 3: 301، بلا نسبة.
(2)
. فكلمة «ربوة» في المصحف، بفتح الراء وضمّها في الطّبري 5: 536 إلى عامة قراء أهل المدينة والحجاز والعراق، وفي السبعة والكشف 1: 313 والتيسير 83 والبحر 2: 312 إلى غير ابن عامر وعاصم وفي الجامع 3: 316 إلى ابن كثير وحمزة والكسائي ونافع وأبي عمرو وفي الحجّة 78، والإملاء 1: 113 بلا نسبة.
(3)
. في الطّبري 5: 536، والبحر 2: 312، إلى ابن عباس وزاد في الجامع 2: 316 أبا إسحاق السبيعي وفي الإملاء 1: 113، بلا نسبة.
(4)
. في الجامع 3: 316، والبحر 2: 312، إلى الأشهب العقيلي.
(5)
. في الجامع 3: 316، والبحر 2: 312، إلى أبي جعفر وابن عبد الرحمن. وأورد في الإملاء 1: 113، القراءة بالألف بلا تعيين حركة الراء، وبلا نسبة.
(6)
. في اللسان «ربا» أنّ فتح الراء في «ربوة» لغة تميم، وأنّ ضم الراء، وهو الاختيار، لأنّها أكثر اللغات.
(7)
. في الأصل: يربوا بألف بعد الواو. وقد أفاده في إعراب القرآن 1: 130.
(8)
. وقد نقل رأي الأخفش في المشكل 1: 140، وإعراب القرآن 1: 129، والجامع 3:313.
ما أكلة أكلتها بغنيمة
…
ولا جوعة أن جعتها بغرام
ففتح الألف لأنه يعني الفعل.
ويدلّك عليه «ولا جوعة» ، وإن شئت ضممت «الأكلة» ، وعنيت به الطعام.
وقال تعالى لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ [الآية 266] وقال في موضع آخر ذُرِّيَّةً ضِعافاً [النساء: 9] وكل سواء لأنّك تقول: «ظريف» و «ظراف» و «ظرفاء» ، هكذا جمع «فعيل» .
وقال تعالى فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ [الآية 265]«1» .
وتقول في «الوابل» وهو: المطر الشّديد: «وبلت السّماء» «2» و «أوبلت» مثل «مطرت» و «أمطرت» ، و «طلّت» و «أطلّت» من «الطلّ» ، و «غاثت» و «أغاثت» من «الغيث» . وقوله تعالى:
أَخْذاً وَبِيلًا (111)[المزّمّل] من ذا، يعني: شديدا «3» . وقال تعالى الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ [الآية 268] وقرأ بعضهم (الفقر)«4» مثل «الضّعف» و «الضّعف» وجعل «يعد» متعدّيا إلى مفعولين.
قال تعالى: وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ [الآية 270] تحمل الكلام على الاخر، كما في قوله تعالى وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً
[النساء:
112] وإن شئت جعلت تذكير هذا على «الكسب» في المعنى كما في قوله تعالى إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [الآية 271] كأنّه يقول:
وأمّا قوله تعالى وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ [الآية 231] فهذا على ما. وأما قوله تعالى أَوْ نَذَرْتُمْ [الآية 270] فتقول: «نذر» ينذر على نفسه» «نذرا» و «نذرت مالي» ف «أنا
(1) . نقلها في الجامع 3: 313.
(2)
. زيادة يقتضيها السياق، لتسويغ كلامه الآتي على الوابل، والفعل منه، والفعل من الطلّ.
(3)
. نقلها في الجامع 3: 313.
(4)
. في الشواذ 17 إلى عيسى بن عمر وذكرها في البحر 2: 319، والجامع 3: 328 بلا نسبة، وكذلك في الكشّاف 1:315.
أنذره» «نذرا» أخبرنا بذلك يونس «1» عن العرب «2» وفي كتاب الله عز وجل إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً [آل عمران: 35] . قال الشاعر «3» [من مجزوء الكامل وهو الشاهد التاسع والأربعون بعد المائة] :
هم ينذرون دمي وأ
…
نذر أن لقيت بأن أشدّا
وقال عنترة «4» [من الكامل وهو الشاهد الخمسون بعد المائة] :
الشّاتمي عرضي ولم أشتمهما
…
والنّاذرين إذا لم ألقهما دمي
قال تعالى الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ [الآية 274] بجعل الخبر بالفاء لأنّ «الذي» في معنى «من» . و «من» يكون جوابها بالفاء في المجازاة لأنّ معناها «من ينفق ماله فله كذا» . وقال تعالى الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34)[محمد] وقال وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (4)[محمد] وهذا في القرآن والكلام كثير ومثله «الذي يأتينا فله درهم» .
قال تعالى فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ [الآية 279] تقول «قد أذنت منك بحرب» و «هو يأذن» .
وقال تعالى لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (279)«5» . وقرأ بعضهم (لا تظلمون ولا تظلمون)«6» كلّه سواء في المعنى.
وقال: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ [الآية 280] فكأنّه يقول:
(1) . هو يونس بن حبيب النحوي. وقد مرّت ترجمته فيما سبق. [.....]
(2)
. في الصحاح «نذر» ، نقل العبارة مع بعض التغيير وفي اللسان «نذر» كذلك، واستشهد بالآية التالية أيضا.
(3)
. هو عمرو بن معدي كرب الزبيدي. وهو في ديوانه 69.
(4)
. هو عنترة بن شدّاد العبسي. ديوانه 222، ومعاني القرآن 1: 387 و 3: 240، والبيت يعدّ من معلّقته، وهو في شرح القصائد التسع 2: 535، وشرح القصائد السبع 364.
(5)
. هي في الجامع 3: 370، والبحر 2: 339، إلى جميع القرّاء وفي السبعة 192 استثنى عاصما وفي حجة ابن خالويه 80 بلا نسبة وفي الإملاء 1: 117، والكشّاف 1: 322، بلا نسبة.
(6)
. في الجامع 3: 370 إلى عاصم برواية المفضّل، وفي البحر 3: 339 إلى أبان والمفضّل عن عاصم، واقتصر في السبعة 192 على عاصم وفي حجة ابن خالويه 80 بلا نسبة، وفي الكشّاف 1: 322 إلى المفضّل عن عاصم، وفي الإملاء 1: 117 بلا نسبة.
«وان كان ممّن تقاضون ذو عسرة فعليكم ان تنظروا الى الميسرة» وقال بعضهم (فنظرة)«1» وإن شئت لم تجعل ل «كان» خبرا مضمرا وجعلت «كان» بمنزلة: «وقع» وقال بعضهم (ميسره)«2» وليست بجائزة لأنّه ليس في الكلام «مفعل» «3» . ولو قرءوها (موسره) لجاز، لأنّه من «أيسر» مثل:«أدخل» ، ف «هو مدخل» «4» . وقرأ بعضهم (فناظره «5» الى ميسرة) فجعلها «فاعل» من «ناظر» ، وجزمها للأمر.
وقال تعالى وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ [الآية 280] فكأنّه يقول:
«الصّدقة خير لكم» . ف وَأَنْ تَصَدَّقُوا اسم مبتدأ خَيْرٌ لَكُمْ خبر المبتدأ.
وقال تعالى وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ [الآية 282] أي: إن لم يكن الشهيدان رجلين، ثم قال فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ فالذي يستشهد رجل وامرأتان.
وقال تعالى وَلا تَسْئَمُوا [الآية 282] من «سئمت» «تسأم» «سامة» و «سأمة» و «ساما» و «سأما» «6» .
وقال تعالى وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ [الآية 282] بالجزم لأنّه نهي، وإذا وقفت قلت «يأب» فتقف بغير ياء.
وقال تعالى وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ [الآية 282] على النّهي، والرّفع
(1) . في الجامع 3: 373 إلى مجاهد وأبي رجاء والحسن، وزاد في المحتسب 143 أنّ الخلاف في النسبة إلى الحسن، وزاد في البحر 2: 340 الضّحّاك وقتادة، وقال إنها لغة تميمية، وفي التيسير 85 إلى غير نافع.
(2)
. في المحتسب 143 إلى عطاء بن يسار في رواية. وفي البحر 2: 340 إلى مجاهد وعطاء. وزاد في الجامع 3:
374 إثبات الياء في الدرج بعد الهاء، وفي المشكل 1: 81 والكشاف 1: 323 والإملاء 1: 117 بلا نسبة.
(3)
. نقله في الصحاح «يسر» .
(4)
. نقلها في إعراب القرآن مع إبدال بهاء الضمير هاء تأنيث في «موسرة» ، وإلحاقها «مدخل» 1:135.
(5)
. في الشواذ 17 إلى عطاء بن رباح، وفي المحتسب 143 إحدى قراءتين إلى عطاء بن أبي رباح، وكذلك في البحر 2: 340 وفي الجامع 3: 374 إلى مجاهد وعطاء. أمّا «ناظره» بهاء التأنيث، ففي الجامع 3: 374 بلا نسبة.
(6)
. نقلها عنه في إعراب القرآن 1: 137 والجامع 3: 400 باختلاف في ترتيب المفردات، وزاد في الجامع قوله: كما قال الشاعر:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
…
ثمانين حولا لا أبا لك يسأم.
وفي الصحاح «سأم» نسب سرد هذه المصادر إلى أبي زيد. وفيها جميعا بفتح الهمزة في «سأم» .
على الخبر «1» . وهو مثل لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها [الآية 233] إلّا أنّه لم يقرأ (لا تضارّ) رفعا «2» .
وقال تعالى فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ [الآية 283] تقول: «رهن» . و «رهان» مثل:
«حبل» و «حبال» «3» . وقال أبو عمرو «4» «فرهن» «5» وهي قبيحة لأنّ «فعلا» لا يجمع على «فعل» إلّا قليلا شاذا «6» ، رغم أنّهم يقولون:«سقف» وسقف «7» وقرءوا هذه الآية (سقفا من فضّة)«8» وقالوا: «قلب» و «قلب» و «قلب» من «قلب النّخلة» و «لحد» و «لحد» ل «لحد القبر» ، وهذا شاذّ لا يكاد يعرف. وقد جمعوا «فعلا» على «فعل» ، فقالوا:
«ثطّ» و «ثطّ» ، و «جون» ، و «جون» و «ورد» و «ورد» . وقد يكون «رهن» جماعة» ل «الرّهان» كأنّه جمع الجماعة «9» و «رهان» أمثل «10» من هذا الاضطرار. وقد قالوا:«سهم خشن» في «سهام خشن» خفيفة. وقال أبو
(1) . قراءة الرفع في المحتسب 149 والبحر 2: 354 إلى ابن محيصن، وفي حجّة ابن خالويه 73 بلا نسبة.
(2)
. سبق للأخفش أن أورد في كلامه على هذه الآية قراءة الرفع ووجهها، وتمّ تخريجها.
(3)
. هي قراءة منسوبة في الطّبري 6: 96 إلى عامة قرّاء الحجاز والعراق، وفي البحر 2: 355 إلى الجمهور، وفي الكشف 1: 322 والتيسير 85 إلى غير ابن كثير وأبي عمرو، وفي المشكل 1: 83 وحجّة ابن خالويه 80، بلا نسبة. [.....]
(4)
. هو أبو عمرو بن العلاء. وقد مرت ترجمته فيما سبق.
(5)
. في معاني القرآن 1: 188 إلى مجاهد، وفي السبعة 194 إلى ابن كثير وأبي عمرو، وأنّهما في رواية أخرى أسكنا الهاء وفي الشواذ 18 إلى أبي عمرو وشهر بن حوشب وجماعة وقصرها في حجّة ابن خالويه 80 على أبي عمرو وفي الكشف 1: 322 والتيسير 85 والبحر 2: 355 إلى أبي عمرو وابن كثير وفي الجامع 3: 408 زاد عاصما وابن أبي النّجود وأهل مكّة وفي المشكل 83 بلا نسبة، وكذلك في الكشّاف 12: 328 والبيان 1: 184 والإملاء 1: 121.
(6)
. نقلها في الصحاح «رهن» والمحكم «صقر» .
(7)
. نقلها في الصحاح «رهن» .
(8)
. الزخرف 43: 33، وقد نقله في الصحاح:«سقف» وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو، كما في الجامع 16: 84 والسبعة 585 والتيسير 196 والكشف 2: 258 وذكرت من غير عزو، في البيان 2: 353 وحجّة ابن خالويه 294. والقراءة التي عليها رسم المصحف الشريف هي: سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ.
(9)
. نقله في الصحاح «رهن» والمحكم «صقر» والجامع 3: 408.
(10)
. أفاد ما جاء عن «ورد» و «جون» في الصحاح، ولم ينسبه.
عمرو «1» : «قالت العرب: «رهن» ليفصلوا بينه وبين رهان الخيل قال الأخفش «2» : «كلّ جماعة على «فعل» فإنّه يقال فيها «فعل» .
وقال تعالى فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ [الآية 283]«يؤدّ» من «أدّى» «يؤدّي» فلذلك كان الهمز و «اؤتمن» بالهمز لأنها من «الأمانة» ، وموضع الفاء منها همزة، إلّا أنك إذا استأنفت، ثبتت ألف الوصل فيها، فلم تهمز موضع الفاء، لئلّا تجتمع همزتان.
وقال تعالى غُفْرانَكَ رَبَّنا [الآية 285] فغفران بدل من اللفظ بالفعل، كأنه قال:«اغفر لنا غفرانك ربّنا» ومثله «سبحانك» إنّما هو «تسبيحك» أي «نسبّحك تسبيحك» وهو البراءة والتنزيه.
وفي قوله تعالى إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ [الآية 282] فقوله بِدَيْنٍ تأكيد، نحو قوله تعالى فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) [الحجر وص: 73] لأنّك تقول «تداينّا» ، فيدلّ على قولك «بدين» ، قال الشاعر «3» [من الرجز وهو الشاهد الحادي والخمسون بعد المائة] :
داينت أروى والدّيون تقضى
…
[فمطلت بعضا وأدّت بعضا]«4»
تقول: «داينتها وداينتني فقد تداينّا» كما تقول: «قابلتها وقابلتني فقد تقابلنا» .
وقال تعالى أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ [الآية 282] بإضمار «الشاهد» ثمّ قال إِلى أَجَلِهِ أي إلى الأجل الذي تجوز فيه شهادته، والله أعلم.
(1) . هو أبو عمرو بن العلاء، وقد سبقت ترجمته.
(2)
. هو المؤلّف أبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش.
(3)
. هو رؤبة بن العجّاج الراجز المعروف، انظر ديوانه في مجموع أشعار العرب ص 79، والكشّاف 1:324.
(4)
. والمصراع الثاني من مراجع الشاعر، ومن الكتاب 2: 300، والبيان 2: 481، والخصائص 2: 96 و 97.