المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌سورة الفاتحة

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الفاتحة»

- ‌قول عبد الله بن عباس، وابن جرير الطبري

- ‌في أعقاب السورة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الفاتحة»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الفاتحة»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الفاتحة»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الفاتحة»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الفاتحة»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الفاتحة»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الفاتحة»

- ‌سورة البقرة 2

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «البقرة»

- ‌قصة التسمية

- ‌الأهداف العامة لسورة البقرة

- ‌أصناف الخلق أمام دعوة الإسلام

- ‌اليهود في المدينة

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌دعوة تنزيل القرآن الآيات [1- 22]

- ‌الاستدلال على تنزيل القرآن الآيات [23- 25]

- ‌الردّ على مقالة اليهود الأولى في القرآن الآيات [26- 90]

- ‌الردّ على مقالتهم الثانية الآيات [91- 96]

- ‌الرد على مقالتهم الثالثة الآيات [97- 105]

- ‌الرد على مقالتهم الرابعة الآيات [106- 110]

- ‌الرد على مقالتهم الخامسة الآيات [111- 117]

- ‌الرد على مقالتهم السادسة الآيات [118- 134]

- ‌الرد على مقالتهم السابعة الآيات [135- 141]

- ‌الرد على مقالتهم الثامنة الآيات [142- 177]

- ‌حكم القصاص الآيتان [178- 179]

- ‌حكم الوصية الآيات [180- 182]

- ‌حكم الصيام الآيات [183- 187]

- ‌تحريم الكسب الحرام الآية [188]

- ‌حكم الأهلة الآية [189]

- ‌حكم القتال الآيات [190- 196]

- ‌حكم الحج والعمرة الآيات [196- 214]

- ‌أحكام متفرقة الآيات [215- 225]

- ‌حكم الإيلاء والعدة والطلاق الآيات [226- 237]

- ‌حكم الصلاة في الأمن والخوف الآيتان [238- 239]

- ‌حكم الوصية للأزواج الآية [240]

- ‌حكم نفقة المطلقات الآيتان: [241- 242]

- ‌الترغيب في الجهاد بالنفس والمال الآيات [243- 284]

- ‌الخاتمة الآيتان [285- 286]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «البقرة»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «البقرة»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «البقرة»

- ‌فائدة

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «البقرة»

- ‌هذا باب من المجاز

- ‌هذا باب الاستثناء

- ‌هذا باب الدعاء

- ‌هذا باب الفاء

- ‌باب الاضافة

- ‌باب المجازاة

- ‌باب تفسير أنا وأنت وهو

- ‌باب الواو

- ‌باب اسم الفاعل

- ‌باب اضافة الزمان الى الفعل

- ‌باب من التأنيث والتذكير

- ‌باب أهل وآل

- ‌باب الفعل

- ‌باب زيادة «من»

- ‌باب من تفسير الهمز

- ‌باب إنّ وأنّ

- ‌باب من الاستثناء

- ‌باب الجمع

- ‌باب اللام

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «البقرة»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «البقرة»

- ‌الفهرس

- ‌سورة الفاتحة

- ‌سورة البقرة

الفصل: ‌هذا باب الفاء

الفعل بهم عنه، فأخرجته من الفعل من بينهم. كما تقول: جاء القوم إلّا زيدا» ، لأنّك لمّا جعلت لهم الفعل، وشغلته بهم، وجاء غيرهم، شبّهته بالمفعول به بعد الفاعل، وقد شغلت به الفعل.

‌هذا باب الدعاء

وهو قوله تعالى يا آدَمُ اسْكُنْ [الآية 35] ويا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ [الآية 33] ويا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ [الأعراف: 104] فكلّ هذا إنّما ارتفع، لأنّه اسم مفرد، والاسم المفرد مضموم في الدعاء، وهو في موضع نصب، ولكنه جعل كالأسماء التي ليست بمتمكّنة. فإذا كان مضافا انتصب لأنه الأصل. وإنّما يريد «أعني فلانا» و «أدعو» ، وذلك مثل قوله تعالى يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا [يوسف: 11] ورَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا [الأعراف: 23]، إنّما يريد:«يا ربّنا ظلمنا أنفسنا» وقوله رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا [الآية 127] .

‌هذا باب الفاء

قوله سبحانه وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ [الآية 35] فهذا الذي يسميه النحويون «جواب الفاء» . وهو ما كان جوابا للأمر والنهي، والاستفهام، والتمنّي، والنفي، والجحود. ونصب ذلك كلّه، على ضمير «1» «أن» ، وكذلك الواو. وإن لم يكن معناها مثل معنى الفاء.

وإنما نصب هذا، لأنّ الفاء والواو من حروف العطف، فنوى المتكلم أن يكون ما مضى من كلامه اسما، حتى كأنه قال «لا يكن منكما قرب الشجرة» ، ثم أراد أن يعطف الفعل اسما، على اسم، وهذا تفسير جميع ما انتصب من الواو والفاء. ومثل ذلك قوله جلّ شأنه لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ [طه: 61] »

، هذا جواب النهي ولا يُقْضى عَلَيْهِمْ

(1) . أي على إضمار «أن» ، وكثيرا ما استعمل الأخفش هذه الكلمة بهذا المعنى.

(2)

. وكتابتها في المصحف كما أثبت، ولكنّها جاءت في الأصل والكتاب 1: 421 بفتح الياء والحاء. وقد استشهد بها لجواز الجزم والنصب، وفي الجامع 11: 215 أنّ ضم الياء وكسر الحاء قراءة الكوفيّين، وهي لغة تميم وأنّ فتح الياء والحاء قراءة سائر الآخرين، وهي لغة أهل الحجاز.

ص: 150

فَيَمُوتُوا [فاطر: 36] جواب النفي.

والتفسير ما ذكرت لك.

وقد يجوز، إذا حسن، أن تجري الاخر على الأوّل، أن تجعله مثله، نحو قوله تعالى وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) [القلم] أي:«ودّوا لو يدهنون» . ونحو قوله تعالى وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ [النساء: 102] جعل الأول فعلا، ولم ينو به الاسم، فعطف الفعل على الفعل، وهو التمني، كأنه قال «ودّوا لو تغفلون ولو يميلون» وقال تعالى: وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36)[المرسلات] أي «ولا يؤذن لهم ولا» يعتذرون» . وما كان بعد هذا، جواب المجازاة بالفاء والواو، فإن شئت أيضا نصبته على ضمير «أن» ، إذا نويت بالأوّل، أن تجعله اسما، كما قال أيضا: إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ [الشورى: 33] أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ [الشورى] فنصب «1» ، ولو جزمه على العطف كان جائزا «2» ، ولو رفعه على الابتداء، جاز أيضا «3» . وقال تعالى:

وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ [الآية 284] فتجزم فَيَغْفِرُ، إذا أردت العطف «4» ، وتنصب إذا أضمرت «إن» ، ونويت أن يكون الأوّل اسما «5» ، وترفع

(1) . في الطبري 25: 135، قرّاء الكوفة والبصرة، وفي السبعة 581 الى ابن كثير وأبي عمرو وعاصم وحمزة والكسائي، وفي الكشف 2: 251، والتيسير 195 والجامع 16: 34، إلى غير نافع وابن عامر، وفي البحر 7:

521 إلى الجمهور، وفي معاني القرآن 3: 24، وحجّة ابن خالويه 293 بلا نسبة.

(2)

. في معاني القرآن 3: 24، والكشّاف 4: 227، والبحر 7: 521 بلا عزو.

(3)

. نسبت قراءة الرفع إلى عامّة قراء المدينة. الطبري 25: 35، وفي السبعة 581، والكشف 2: 251، والتيسير 195، والجامع 16: 33، إلى نافع وابن عامر وفي البحر 7: 521 زاد الأعرج، وأبا جعفر، وشيبة وزيد بن علي ولم ينسبه في معاني القرآن 3: 24، ولا حجّة ابن خالويه 293.

(4)

. في السبعة 195 نسبت إلى ابن كثير، ونافع، وأبي عمرو، وحمزة، والكسائي، وفي الكشف 1: 323 إلى غير ابن عامر وعاصم وفي التيسير 85 كالسبعة والجامع 3: 424 كذلك وفي البحر 2: 360 إلى غير ابن عامر وعاصم ويزيد ويعقوب وسهل وفي حجّة ابن خالويه 80 بلا عزو.

(5)

. في الجامع 3: 424 نسبت إلى ابن عباس، والأعرج، وأبي العالية، وعاصم الجحدري، في رواية وفي البحر 360 إلى ابن عباس والأعرج وابن حياة. وفي حجّة ابن خالويه 80، بلا نسبة.

ص: 151

على الابتداء «1» وكلّ ذلك من كلام العرب وقال تعالى: قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ [التوبة: 14] ثم قال وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ [التوبة: 15] فرفع وَيَتُوبُ لأنّه كلام مستأنف ليس على معنى الاول.

ولا يريد «قاتلوهم: «يتب الله عليهم» ولو كان هذا لجاز فيه الجزم لما ذكرت وقال الشاعر «2» [من الوافر وهو الشاهد الخامس والثلاثون] :

فإن يهلك أبو قابوس يهلك

ربيع الناس والشّهر الحرام

ونمسك بعده بذناب عيش

أجبّ الظهر ليس له سنام

فنصب «ونمسك» على ضمير «أن» ، ونرى أن يجعل الأوّل اسما، ويكون فيه الجزم أيضا على العطف، والرفع على الابتداء. قال الشاعر «3» [من الطويل وهو الشاهد السادس والثلاثون] :

ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى

مصارع مظلوم مجرّا ومسحبا «4»

ومن يغترب عن قومه لا يجد له

على من له رهط حواليه مغضبا «5»

وتدفن منه المحسنات وإن يسئ

يكن ما أساء النار في رأس كبكبا «6»

ف «تدفن» يجوز فيه الوجوه كلها.

قال الشاعر «7» [من الطويل وهو الشاهد السابع والثلاثون] :

(1) . في السّبعة 195 إلى عاصم وابن عامر، وفي الكشف 1: 323، والتيسير 85 والجامع 3: 424 كذلك، وزاد في البحر 2: 360 يزيدا ويعقوب وسهلا.

(2)

. هو النابغة الذبياني وهما في ديوانه 231 و 232، بلفظ الأخفش عينه.

(3)

. الأعشى ميمون بن قيس.

(4)

. الأبيات في الصبح المنير 85، وقد جاءت مرتّبة بتوسّط هذا البيت لا بتقدمه. وبلفظ «ويحطم بظلم لا يزال يرى له» ، وانظر الصحاح «كبكب» ، واللسان «زيب» و «كبكب» ، وتاج العروس «زيب» .

(5)

. بلفظ «متى» بدل «ومن» . وفي الكتاب 1: 449 كما عند الأخفش وفي إعراب الزجّاج 3: 906 كذلك.

(6)

. بلفظ «المحسنات» بدل «الصالحات» ، وكذلك في الكتاب 1: 449، ومعاني القرآن 2: 290، وإعراب الزجّاج 3:906.

(7)

. هو النابغة الذبياني. [.....]

ص: 152

فإن يرجع النّعمان نفرح ونبتهج

ويأت معدّا ملكها وربيعها «1»

وإن يهلك النّعمان تعر مطيّة

وتخبأ في جوف العياب قطوعها «2»

وقال تبارك وتعالى وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ [المائدة: 95] فهذا لا يكون إلّا رفعا، لأنّه الجواب الذي لا يستغنى عنه.

والفاء إذا كانت جواب المجازاة، كان ما بعدها أبدا مبتدأ، وتلك فاء الابتداء لا فاء العطف. ألا ترى أنك تقول «ان تأتني فأمرك عندي على ما تحبّ» . فلو كانت هذه فاء العطف لم يجز السكون، حتى تجيء لما بعد «إن» بجواب. ومثلها وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا [الآية 126] وقرأ بعضهم (فأمتعه ثم اضطرّه)«3» ف أَضْطَرُّهُ إذا وصل الألف، جعله أمرا. وهذا الوجه، إذا أراد به الأمر، يجوز فيه الضم والفتح.

غير أنّ الألف ألف وصل، وإنّما قطعتها، «ثمّ» في الوجه الاخر، لأنّ كل ما يكون معناه «أفعل» ، فإنه مقطوع، من الوصل كان أو من القطع، قال تعالى: أَنَا آتِيكَ بِهِ [النمل: 39- 40] وهو من «أتى» «يأتي» وقال أيضا بقراءة من قرأ قوله سبحانه من الآية 23 من سورة يس: (أتّخذ من دونه آلهة) فترك ألف التي بعد ألف الاستفهام، لأنّها ألف «أفعل» . وقال الله تبارك وتعالى فيما يحكي عن الكفّار: لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10)[المنافقون] فقوله تعالى فَأَصَّدَّقَ جواب للاستفهام، لأنّ لَوْلا ها هنا بمنزلة «هلّا» وعطف وَأَكُنْ على موضع فَأَصَّدَّقَ، لأنّ جواب الاستفهام، إذا ما لم يكن فيه فاء، جزم. وقد قرأ بعضهم (فأصدق وأكون)«4» عطفها على ما بعد

(1) . في الديوان ب «أن» بلا فاء. وبعده بيت آخر هو:

ويرجع الى غسان ملك وسؤدد

وتلك المعنى لو أننا نستطيعها

(2)

. في الديوان: «يخبأ» بالياء المثنّاة من تحت. وفي معاني القرآن 1: 87 كما في رواية الأخفش.

(3)

. في معاني القرآن 1: 78 نسبت إلى ابن عبّاس، وفي الطّبري 3: 54 كذلك، وزاد في الجامع 2: 119 قتادة ومجاهدا، وفي البحر 1: 384 أغفل قتادة وزاد «غير هما» .

(4)

. في معاني القرآن 3: 160 أنّها لعبد الله بن مسعود، وفي تأويل مشكل القرآن 1: 56 إلى أبي عمرو بن العلاء، وفي الطّبري 28: 118 بزيادة محيصن، وفي السبعة 637 إلى أبي عمرو، وحده وفي الشواذ 157 الى ابن عبّاس وابن جبير وفي الكشف 1: 322 الى أبي عمرو، وفي التيسير 211 كذلك، وفي الجامع 18: 131 زاد ابن محيصن، وفي البحر 8: 275 إلى الحسن وابن جبير وأبي رجاء وابن ابي إسحاق ومالك بن دينار والأعمش وابن محيصن وعبد الله بن الحسن العنبري وأبي عمرو، وكذا في مصحف عبد الله وأبيّ.

ص: 153

الفاء، وذلك خلاف الكتاب. وقد قرئ قوله تعالى من الآية 186 من سورة الأعراف:(ومن يضلل الله فلا هادي له ويذرهم) بالجزم «1» . فجزم (يذرهم) ، على أنّه عطف على موضع الفاء، لأنّ موضعها يجزم، إذا كانت جواب المجازاة، ومن رفعها على أن يعطفها على ما بعد الفاء، فهو أجود، وهي القراءة المثبتة في المصحف الشريف «2» . وقال تعالى وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ [الآية 271] جزم «3» ورفع «4» على ما فسّرت. وقد يجوز في هذا، وفي الحرف الذي قبله النصب «5» لأنه قد جاء بعد جواب المجازاة، مثل وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا [الشورى:

35] وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)[آل عمران] فانتصب

(1) . هي في السبعة 299 إلى حمزة والكسائي، وعامّ في رواية، وفي الكشف 1: 485، والتيسير 115، بإسقاط عاصم، وفي البحر 4: 433 إلى ابن مصرف، والأعمش، والخويي، وأبي عمرو فيما ذكر أبو حاتم، وفي حجّة ابن خالويه 143، والجامع 7: 334 بلا نسبة.

(2)

. هي في السبعة 298 إلى ابن مجاهد، وأبي عمرو في رواية وابن كثير، ونافع، وابن عامر واقتصر في التيسير 115 على عاصم وأبي عمرو وفي البحر 4: 433 كذلك. وفي حجّة ابن خالويه 143، والجامع 7: 234 بلا نسبة.

(3)

. في الطّبري 5: 585 إلى عامّة قرّاء أهل المدينة والكوفة والبصرة. وفي السبعة 191، إلى عاصم في رواية، ونافع وحمزة والكسائي، وفي الكشف 1: 317 أسقط عاصما والجامع 3: 335 كذلك وفي البحر 2: 325 باختلاف بين النون والياء والتاء في «نكفر» ، زاد الأعمش وابن عباس وعكرمة. وفي حجّة ابن خالويه 79 بلا نسبة.

(4)

. في الطبري 5: 584 بالتاء في (تكفر) إلى ابن عباس، وبالياء بلا نسبة وفي السبعة كالسّابق، إلى ابن كثير وأبي عمرو وعاصم في رواية أبي بكر، ونافع في رواية أبي خليد وفي حجّة ابن خالويه 79 بلا نسبة، وفي الكشف 1: 317 إلى غير نافع وحمزة والكسائي وفي المشكل 79 بالياء في (يكفر) بلا نسبة وفي الجامع 3: 335 إلى أبي عمرو وابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر وفي البحر 2: 325 إلى ابن عامر وابن هرمز وابن كثير وأبي عمرو وأبي بكر باختلاف بين الياء والتاء والنون في (تكفر) .

(5)

. في البحر 2: 325 إلى الأعمش في رواية، وعكرمة أيضا، وشهر بن حوشب باختلاف بين الياء والتاء في (الكفر) .

ص: 154

الاخر، لأنّ الأوّل نوى أن يكون بمنزلة الاسم، وفي الثاني الواو «1» . وإن شئت جزمت على العطف، كأنّك قلت «ولمّا يعلم الصابرين» «2» . فإن قال قائل:

«ولمّا يعلم الله الصابرين» وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ فهو لم يعلمهم؟ قلت بل قد علم، ولكنّ هذا، فيما يذكر أهل التأويل، ليبيّن للناس، كأنّه قال «ليعلمه الناس» كما قال جل جلاله لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً (12)[الكهف] وهو قد علم، ولكن ليبيّن ذلك. قد قرأ أقوام، أشباه هذا، في القرآن (ليعلم أيّ الحزبين)«3» ولا أراهم قرءوه، إلّا لجهلهم بالوجه الاخر.

وممّا جاء بالواو وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ [الآية 42] إن شئت، جعلت وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ نصبا، إذا نويت أن تجعل الأول اسما، فتضمر مع تَكْتُمُوا «أن» ، حتّى تكون اسما. وإن شئت عطفتها، فجعلتها جزما على الفعل الذي قبلها. قال تعالى أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما [الأعراف: 22] فعطف القول على الفعل المجزوم، فجزمه. وزعموا أنّه في قراءة ابن مسعود (وأقول لكما)«4» على ضمير «أن» ، ونوى أن يجعل الأوّل اسما، وقال الشاعر «5» [من الطويل وهو الشاهد الثامن والثلاثون] :

لقد كان في حول ثواء ثويته

تقضّي لبانات ويسأم سائم «6»

- ثواء وثواء أو ثواء رفع نصب وخفض- فنصب على ضمير «أن» لأنّ

(1) . في معاني القرآن 1: 235 إلى غير الحسن، وفي الطّبري 7: 247 أنّ القراءة على هذا الحرف، وفي الجامع 4: 220 إلى الحسن ويحيى بن يعمر، وفي البحر 3: 66 إلى ابن وثاب النخعي.

(2)

. في معاني القرآن 1: 235 إلى الحسن، والطّبري 7: 247 كذلك، وفي الشواذ 22 إلى الحسن، وفي البحر 3: 66 إلى الجمهور وإلى الحسن وابن يعمر وابن حياة وعمرو بن عبيد. وقد نقله في الإملاء 1: 150، مع وجه ثالث هو الرفع.

(3)

. يبدو أنّ الأخفش أوّل من أشار إلى هذه القراءة، لأنّها تروى عنه في الشواذ 78، والبحر 6: 103، وهي قراءة الزهري، كما في الجامع 10: 340، والبحر كما سبق.

(4)

. تفرّد الأخفش برواية هذه القراءة.

(5)

. هو الأعشى ميمون بن قيس. [.....]

(6)

. البيت في الصبح المنير 56، بلفظ رواية الأخفش نفسه، وفي مجاز القرآن 1: 72 بلفظ «تقضي» ، وفي الكتاب 1: 423 بلفظ «تقضي لبانات ويسأم» .

ص: 155

التقضّي اسم، ومن قال «فتقضى» رفع «ويسأم» ، لأنه قد عطف على فعل.

وهذا واجب، وقال الشاعر «1» [من الطويل وهو الشاهد التاسع والثلاثون] :

فإن لم أصدق ظنّكم بتيقّن

فلا سقت الأوصال منّي الرّواعد

ويعلم أكفائي من الناس أنّني

أنّا الفارس الحامي الذمار المذاود «2»

وقال الشاعر «3» [من الوافر وهو الشاهد الأربعون] :

فإن يقدر عليك أبو قبيس

نمطّ بك المنيّة في هوان «4»

وتخضب لحية غدرت وخانت

بأحمر من نجيع الجوف آن «5»

فنصب هذا كلّه، لأنّه نوى أن يكون الأوّل اسما، فأضمر بعد الواو «أن» ، حتى يكون اسما مثل الأوّل، فتعطفه عليه. وأمّا قوله تعالى لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ [الآية 167] وفَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (102)[الشعراء] فهذا على جواب التمني، لأن معناه «ليت لنا كرّة» . وقال الشاعر:[من الوافر وهو الشاهد الحادي والأربعون] :

فلست بمدرك ما فات منّي

ب «لهف» ولا ب «ليت» ولا «لو أني» «6»

فأنزل «لو أني» ، بمنزلة «ليت» ، لأنّ الرجل إذا قال:«لو أنّي كنت فعلت كذا وكذا» ، فإنما تريد «وددت لو كنت فعلت» . وإنما جاز ضمير «أن» في غير الواجب، لأنّ غير الواجب يجيء ما بعده، على خلاف ما قبله ناقضا له.

فلمّا حدث فيه خلاف لأوّله، جاز هذا الضمير. والواجب يكون آخره على أوّله، نحو قول الله عز وجل

(1) . هو حسّان بن ثابت الأنصاري.

(2)

. البيت في ديوانه: 195 ب يعلم والمناجد.

(3)

. هو النابغة الذبياني.

(4)

. البيت في ديوانه 149 ب «تحط بك المنية في رهان» ، وفي الصحاح (قبس) ب «يحط» بدل «نمط» و «المعيشة» بدل «المنية» وفي اللسان «قبس» كما في الصحاح.

(5)

. البيت في ديوانه 49 ب «تخضب» ، وفي الجامع 17: 175 ب «تخضب» كذلك.

(6)

. في الصحاح واللسان «لهف» ، وفي الخصائص 3: 135 وشرح القطر 205، ب «راجع» بدل «مدرك» .

ص: 156

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً [الحج: 63] فالمعنى: «اسمعوا أنزل الله من السماء ماء» فهذا خبر واجب وأَ لَمْ تَرَ تنبيه. وقد تنصب الواجب في الشعر.

قال الشاعر «1» [من الوافر وهو الشاهد الثاني والأربعون] :

سأترك منزلي لبني تميم

وألحق بالحجاز فأستريحا «2»

وهذا لا يكاد يعرف. وهو في الشعر جائز. وقال طرفة «3» [من الطويل وهو الشاهد الثالث والأربعون] :

لها هضبة لا يدخل الذلّ وسطها

ويأوي إليها المستجير فيعصما «4»

واعلم أنّ إظهار ضمير «أن» ، في كلّ موضع أضمر فيه من الفاء، لا يجوز، ألا ترى أنّك إذا قلت:«لا تأته فيضربك» ، لم يجز أن تقول:«لا تأته فأن يضربك» وإنّما على «أن» فلا يحسن إظهاره، كما لا يجوز في قولك «عسى أن تفعل» :«عسى الفعل» ولا في قولك: «ما كان ليفعل» : «ما كان لأن يفعل» ، ولا إظهار الاسم الذي في قولك «نعم رجلا» فرب ضمير لا يظهر، لأنّ الكلام إنّما وضع على أن يضمر، فإذا ظهر، كان ذلك على غير ما وضع في اللفظ، فيدخله اللبس.

وأمّا قوله تعالى فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها [الآية 36] ، فإنّما يعني «الزّلل» ، تقول:«زلّ فلان» و «أزللته» و: «زال فلان» و «أزاله فلان» ، والتضعيف القراءة الجيّدة، وبها نقرأ «5» . وقال بعضهم:(فأزالهما) أخذها من «زال» .

(1) . هو المضيرة بن حبناء بن عمرو الحنظلي. شرح الشواهد للسيوطي 169، وقيل بل هو المغيرة بن حنين بن عمرو التميمي الحنظلي «المقاصد النحوية 4: 390، وشرح الشواهد للعاملي 386، ولم يجد البغدادي الشاهد في شعر المغيرة بن حبناء، الخزانة 4:601.

(2)

. البيت في الكتاب 1: 423 وعجز في 1: 448، والعجز أيضا في شرح الأبيات للفارقي 110، وبرواية أخرى فيه بلفظ «لأستريحا» .

(3)

. هو طرفة بن العبد البكري، ترجمته في الشعر والشعراء 1: 185 وطبقات الشعراء 1: 138 والخزانة 1: 414 وأسماء المغتالين 2: 212.

(4)

. ديوان طرفة 194 بلفظ «لنا» بدل «لها» ، و «ينزل» بدل «يدخل» وفي شرح الأبيات للفارقي 111 ب «ليعصما» بدل «فيعصما» .

(5)

. في الطبري 1: 524 إلى عامة القرّاء، والجامع 1: 311 إلى الجماعة، والكشف 1: 235 والتيسير 73 إلى غير حمزة، وفي حجّة ابن خالويه 51، والإملاء 1: 31 بلا نسبة.

ص: 157

تقول: «زال الرجل» و «أزاله فلان» «1» .

وقال سبحانه اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ [الآية 36]«2» فإنّما قال اهْبِطُوا والله أعلم، لأنّ إبليس كان ثالثهم، فلذلك جمع.

وقال تعالى فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ [الآية 37] فجعل آدم المتلقّي «3» . وقد قرأ بعضهم (آدم) نصبا ورفع الكلمات، جعلهن المتلقّيات «4» .

وقال تعالى فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ [الآية 38] وذلك، أن «إمّا» في موضع المجازاة، وهي «إمّا» لا تكون «أمّا» وهي «إن» زيدت معها «ما» «5» ، وصار الفعل الذي بعدها بالنون الخفيفة، او الثقيلة، وقد يكون بغير نون. وإنّما حسنت فيه النون، لمّا دخلته «ما» ، لأنّ «ما» نفي، وهو ما ليس بواجب، وهي من الحروف التي تنفي الواجب، فحسنت فيه النون، نحو قولهم «بعين مّا أرينّك» «6» حين أدخلت فيها «ما» ، حسنت النون.

ومثل «إمّا» ها هنا قوله تعالى فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً (26)[مريم] ، وقوله قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ (93) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94)[المؤمنون] فالجواب في قوله فَلا تَجْعَلْنِي. وأشباه هذا، في القرآن والكلام، كثير. وأمّا «إمّا» في غير هذا

(1) . وفي السبعة 153، والكشف 1: 235، والتيسير 73، والجامع 1: 311، إلى حمزة وفي الشواذ 4 إليه بإماله وفي البحر 1: 161 كذلك، وأضاف إليه أبا عبيدة ونسبها بلا إمالة إلى الحسن وأبي رجاء وفي الطبري 1: 524، وحجّة ابن خالويه 51، والكشّاف 1: 128، والإملاء 1: 31 بلا نسبة.

(2)

. في الأصل (اهبطوا منها جميعا بعضكم لبعض عدو) وهي الآية الثالثة والعشرين بعد المائة من السورة العشرين (طه) . وفي الآية الثامنة والثلاثين من سورة البقرة، أي الآية التي ستأتي بعد آيتين قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ [الآية 38] وهذا يدل على أنّ الأخفش كان يقتضب الكلام ولم يكن يقرأ في نسخة من الكتاب الكريم. [.....]

(3)

. في الطبري 1: 542 هي قراءة الحجّة من القراء وأهل التأويل ومن علماء السلف والخلف وفي الكشف 1: 236، والتيسير 73، والبحر 1: 165، إلى غير ابن كثير وفي حجّة ابن خالويه 51 بلا نسبة.

(4)

. في السبعة 153، والكشف 1: 236، والتيسير 73، والجامع 1: 326، والبحر 1: 165، إلى ابن كثير وفي معاني القرآن 1: 28، والطّبري 1: 542، إلى بعض القرّاء بلا تعيين وفي حجّة ابن خالويه 51 بلا نسبة.

(5)

. هذا الرأي لسيبويه المغني 1: 59.

(6)

. هو مثل معناه «اعمل كأنّي أنظر إليك» ، يضرب في الحثّ على ترك البطء وما صلة دخلت للتأكيد، ولأجلها دخلت النون في الفعل، ومثله: ومن عضة ما ينبتنّ شكيرها. مجمع الأمثال 1: 100.

ص: 158