الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باية تقدمون الخيل زورا
…
كأنّ على سنابكها مداما «1»
(وقالوا)«2» [من الوافر وهو الشاهد التاسع والستون] :
ألا من مبلغ عنّي تميما
…
باية ما تحبّون الطّعاما «3»
فأضاف «آية» الى الفعل. وقالوا:
«اذهب بذي تسلم» و «بذي تسلمان» فقوله: «ذي» مضاف إلى «تسلم» ، كأنه قال:«اذهب بذي سلامتك» ، وليس يضاف الى الفعل غير هذا. ولو قلت في الكلام:«واتّقوا يوم تجزي نفس فيه» ، فلم تنوّن اليوم، جاز كأنّك أضفت، وأنت لا تريد أن تجيء ب «فيه» ، ثمّ بدا لك بعد، فجئت به، كما تقول:«اليوم آتيك فيه» فنصبت «اليوم» لأنّك جئت ب «فيه» بعد ما أوجبت النّصب وقال قوم: «لا يجوز إضمار» «فيه» ألا ترى أنّك لا تقول:
«هذا رجل قصدت» وأنت تريد «إليه» ولا «رأيت رجلا أرغب» وأنت تريد «فيه» «4» والفرق بينهما، أنّ أسماء الزمان يكون فيها، ما لا يكون في غيرها، وإن شئت حملتها على المفعول في السّعة، كأنك قلت:
«واتّقوا يوما لا تجزيه نفس» ، ثمّ ألقيت الهاء، كما تقول:«رأيت رجلا أحبّ» وأنت تريد «أحبّه» .
باب من التأنيث والتذكير
أمّا قوله تعالى تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً [الآية 48]، فهو مثل قولك:«لا تجزي عنك شاة» و «يجزي عنك درهم» و «جزى عنك درهم» و «وجزت عنك شاة» . فهذه لغة أهل الحجاز، لا
(1) . في الكتاب وتحصيل عين الذهب 1: 460 ب «شعثا» بدل «زورا» ، وفي الكامل 3: 1168 كذلك، وفي المغني 2: 420 ب «يقدمون» و «شعثا» ، وفي شرح السيوطي 274 كذلك. وفي الهمع 2: 51 بالتاء «وشعثا» ، وفي الدرر 2: 63 بالتاء و «شعثا» أيضا.
(2)
. زيادة يقتضيها السياق، وهو في الكتاب 1: 460 يزيد بن عمرو بن الصعن، وفي تحصيل عين الذهب هـ 1:
406 إلى زيد بن عمرو بن الصعق، وفي الاشقاق 297 إلى الصعق عمرو بن خويلد.
(3)
. في الكامل 1: 147 ب «ألا أبلغ لديك بني تميم» و «يحبّون» بالياء، وفي الاشتقاق «كما سبق» كذلك، وفي المقاييس «أبي» مثل الكامل، وبالتاء وفي المغني 2: 420 بالتاء.
(4)
. في الجامع 1: 377 نسب إلى الكسائي قوله: «لا يجوز أن تقول» هذا رجل قصدت «ولا» رأيت رجلا أرغب» وأنت تريد «قصدت إليه» و «أرغب فيه» .
يهمزون. وبنو تميم يقولون في هذا المعنى: «أجزأت عنه وتجزئ عنه شاة» ، وقوله «شيئا» ، كأنّه قال:«لا تجزئ الشاة مجزى ولا تغني غناء» .
وقوله تعالى عَنْ نَفْسٍ يقول: «منها» أي: لا تكون مكانها.
وأمّا قوله تعالى وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ [الآية 48] ، فإنّما ذكر الاسم المؤنّث، لأنّ كلّ مؤنّث فرّقت بينه وبين فعله، حسن أن تذكر فعله، إلّا أنّ ذلك يقبح في الإنس، وما أشبههم ممّا يعقل. لأنّ الذي يعقل، أشدّ استحقاقا للفعل. وذلك، أنّ هذا إنّما يؤنّث ويذكّر، ليفصل بين معنيين.
والموات ك «الأرض» و «الجدار» ، ليس بينهما معنى، كنحو ما بين الرجل والمرأة. فكل ما لا يعقل يشبّه بالموات، وما يعقل يشبّه بالمرأة والرجل، نحو قوله تعالى رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (3)[يوسف] لما أطاعوا صاروا كمن يعقل، قال تعالى وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ [الحشر: 9] فذكر الفعل حين فرقّ بينه وبين الاسم «1» وقال أيضا لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ [الحديد: 15]«2» وتقرأ (تؤخذ)«3» . وقد يقال أيضا ذاك في الانس، زعموا أنهم يقولون:«حضر القاضي امرأة» . فأمّا فعل الجميع، فقد يذكّر ويؤنّث: لأن تأنيث الجميع ليس بتأنيث الفصل، ألا ترى أنك تؤنث جماعة المذكّر، فتقول:«هي الرّجال» و «هي القوم» ، وتسمي رجلا ب «بعال» ، فتصرفه، لأنّ هذا، تأنيث مثل التذكير، وليس بفصل، ولو سميته ب «عناق» ، لم تصرفه لأنّ هذا تأنيث، لا يكون للذّكر، وهو فصل ما بين المذكر والمؤنث، تقول:«ذهب الرجل» و «ذهبت المرأة» ، فتفصل بينهما.
وتقول: «ذهب النساء» و «ذهبت النساء» و «ذهب الرجال» و «ذهبت الرجال» .
(1) . في إعراب القرآن 1: 46 نسبت هذه الآراء إلى سيبويه، والرأي الأخير وحده إلى الأخفش.
(2)
. في معاني القرآن 3: 134 والطبري 27: 228، والجامع 17: 247، والبحر 8: 222، إلى جمهور عامّة القرّاء.
وفي السبعة 626، والحجّة 215، والكشف 2: 309، والتيسير 208 استثنى منهم ابن عامر.
(3)
. في السبعة 626، والحجّة 215، والكشف 2: 309، والتيسير 208 إلى ابن عامر وزاد في الجامع 17: 247 يعقوب. وفي معاني القرآن 3: 134 إلى بعض أهل الحجاز، وفي الطبري 27: 228 إلى أبي جعفر القارئ، وفي الشواذ 152 زاد «جماعة» ، وهارون عن أبي عمرو وفي البحر 8: 222 زاد على ما مرّ، الحسن وابن أبي إسحاق والأعرج وابن عامر.
وفي كتاب الله: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105)[الشعراء] ووَ كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ [الأنعام: 6] . قال الشاعر «1» [من الطويل وهو الشاهد السبعون] :
فما تركت قومي لقومك حيّة
…
تقلّب في بحر ولا بلد قفر
وقال: جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ [آل عمران: 86 و 105] ووَ قالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ [يوسف: 30] . وقال الشاعر أشدّ من ذا وقد أخّر الفعل، قال [من المتقارب وهو الشاهد الثاني والثلاثون] :
فإمّا تري لمّتي بدّلت
…
فإنّ الحوادث أودى بها
أراد «أودت بها» مثل فعل المرأة الواحدة، يجوز أن يذكّر، فذكر هذا.
وهذا التذكير في الموات أقبح، وهو في الإنس أحسن، وذلك أنّ كلّ جماعة من غير الانس، فهي مؤنثة تقول:«هي الحمير» ، ولا تقول «هم» . إلّا أنهم قد قالوا:«أولئك الحمير» ، وذلك أن «أولئك» قد تكون للمؤنث والمذكر تقول:«رأيت أولئك النساء» . قال الشاعر «2» : [من الكامل وهو الشاهد الحادي والسبعون] :
ذمّي المنازل بعد منزلة اللّوى
…
والعيش بعد أولئك الأيّام «3»
وأمّا قوله تعالى وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ [الآية 49] ووَ إِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ [الآية 50] وأمكنة كثيرة، فإنّما هي على ما قبلها، إنّما يقول: اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ [الآية 47] و «اذكروا إذ نجّيناكم» و «اذكروا إذ فرقنا بكم البحر» و «اذكروا إذ قلتم يا موسى لن نصبر» «4» وقال بعضهم «فرّقنا» «5» .
(1) . في معجم شواهد العربية أنّ شاهدا ينتهي بهذه القافية للحطيئة، وليس في ديوانه. والموضع الذي عثر عليه فيه رمز له ب «صف» ، ولا يوجد في مسرد الرموز مرجع له هذا الرمز. ولكن في ديوان الأخطل 220 بيت مقارب معنى، هو قوله من قصيدة يهجو بها ابن صفار المحاربي:
فما تركت حيّاتنا لك حية
…
تقلّب في أرض براح ولا بحر
فلعلّه هو برواية أخرى.
(2)
. هو جرير بن عطية بن الخطفي.
(3)
. ديوانه 551 (الصاوي) وفيه ب «ذم» و «الأقوام» ، وفي الخزانة 2: 467 ب «ذم» أيضا، والمقاصد النحوية 1: 408 كذلك.
(4)
. إشارة إلى الآية 61. [.....]
(5)
. في الشواذ 5، والمحتسب 82، والجامع 1: 387، والبحر 1: 197 إلى الزهري.