المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فائدة(1)في "اليوم" و"أمس" و"غد"، وسبب اختصاص كل لفظ بمعناه - بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فائدة(2)الفرق بين الشهادة: والرواية:

- ‌فائدة(4)"شهد" في لسانهم لها معانٍ:

- ‌فائدةالمجاز والتأويل لا يدخل في المنصوص

- ‌فائدة(1)لحذف العامل في "بسم الله" فوائد عديدة

- ‌فائدة اشتقاقِ الفعل من المصدر

- ‌فوائدُ تتعلق بالحروف الرَّوابط بين الجملتين، وأحكام الشروط

- ‌المسألة الأولى:

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثة

- ‌المسألة الرابعة:

- ‌المسألة الخامسة:

- ‌المسألة السادسة:

- ‌المسألة السابعة:

- ‌المسألة الثامنة

- ‌المسألة التاسعة

- ‌[مسائل في المثنى والجمع]

- ‌فائدة(1)في "اليوم" و"أمس" و"غد"، وسبب اختصاص كل لفظ بمعناه

- ‌فائدة(3)فعل الحال لا يكون مستقبلًا

- ‌فائدة بديعة(3)" لام" الأمر، و"لا" في النهي، وحروف المجازاة: داخلة على المستقبل

- ‌فائدة بديعة(1)لحاق علامة التثنية(2)والجمع للفعل مُقَدمًا، جاء في لغة قومٍ من العرب

- ‌ تمامَ الكلامِ على أقسام "ما" ومواقعها

- ‌فائدة(7)السرُّ في حذف الألف من "ما" الاستفهامية عند حرف الجر:

- ‌فائدة: فصلٌ في تحقيق معنى "أَي

- ‌فائدة(1)المعنى المفرد لا يكون نعتًا

- ‌فائدة بديعة(1)إذا نُعِتَ الاسم بصفة هي لسببه(2)، ففيه ثلاثة أوجه:

- ‌فائدة بديعة(4)حق النكرة إذا جاءت بعدها الصفةُ أن تكون جاريةً عليها

- ‌فائدة بديعة(1)لا يجوز إضمار حرف العطف

الفصل: ‌فائدة(1)في "اليوم" و"أمس" و"غد"، وسبب اختصاص كل لفظ بمعناه

الأمم التي لا تدين بشريعة ولا كتاب؛ فلا يتميز الأسبوع عندهم من غيره، ولا أيامه بعضها من بعض، وهذا بخلاف معرفة الشهر والعام، فإنَّه بأمرٍ محسوس.

‌فائدة

(1)

في "اليوم" و"أمس" و"غد"، وسبب اختصاص كل لفظ بمعناه

.

اعلم أن أقرب الأيام إليك يومك الذي أنت فيه، فيقال:"فعلت اليوم"، فذكر الاسم العام ثمَّ عُرِف بأداة العهد، ولا شيءَ أعرفَ من يومك الحاضر، فانصرفَ إليه، ونظيره "الآن" من آن، و"الساعة" من ساعة، وأما "أمس" و"غد"؛ فلما كان كل واحد منهما متصلاً بيومك اشتُقَّ له اسم من أقرب ساعةٍ إليه، فاشْتُق لليوم الماضي أمس الملاقي للمساء، وهو أقرب إلى يومك من صاحبه، أعني: صباحَ غدٍ، فقالوا: أمس، وكذلك قالوا:"غد" اشْتُق له اسم

(2)

من الغدوِّ، وهو أقرب إلى يومك من مسائه، أعني: مساءَ غدٍ.

وتأمل كيف بنوا "أمس" وأعربوا "غداً"؛ لأن "أمس" صِيْغ من فعل ماض وهو أمسى، وذلك مبنيّ، فوضعوا أمس على وزن الأمر من

(3)

أمسى يُمسي، وأما "الغد" فإنَّه لم يؤخذ من مبنيّ إذ لا يمكن أن يقال: هو مأخوذ من "غدا"، كما

(4)

يمكن أن يقال "أمس" من "أَمسى"، بل أقصى ما يمكن فيه أن يكون من "الغدوِّ" و"العُدْوة"،

(1)

أصله في "النتائج": (ص/113 - 116) مع تصرُّف كبير وإضافة.

(2)

(ظ): "وكذلك غد اشتق الاسم

".

(3)

من قوله: "وكذلك قالوا

" إلى هنا ساقط من (د).

(4)

(ق): "كما لا".

ص: 150

وليسا بمبنيين، وهذه العلة أحسن من علة النحاة أن "أمس" بُنِيَ لتضمنه معنى اللام، وأصله الأمس.

قالوا: لأنهم يقولون: "أمسِ الدابر" فيصفونه بذي اللام، فدلّ على أنَّه معرفة، ولا يمكن أن يكون معرفة إلا بتقدير اللام، وهذا أولاً منقوض بقولهم:"غداً الآتي"، فيلزم على طرد علتهم أن يبنوا "غداً".

وأيضاً: فإن "أمس" جرى مجرى الأَعلام، وهو -والله أعلم- بمنزلة:"إصْمِت""وأطْرِقا"

(1)

مما جاء منها بلفظ الأمر اسم علم لمكان، يقول الرجل لصاحبه فيه:"اصمت" إذا [جاوره]، فـ"اصمت" في المكان كـ"أمس" في الزمان، ولعله

(2)

أُخِذَ من قولهم (ظ/24 ب): "أمس بخير" و"أمس معنا" ونحوه، ولا يقال: كيف يدعى فيه العلمية مع شِياعه

(3)

لأنا نقول: علميته ليست كعلمية "زيد" و"عمرو" بل كعلمية "أسامة" و"ذؤالة"، و"برة" و"فجار"(ق/33 ب) وبابه مما جعل الجنس فيه بمنزلة الشخص في العلم الشخصي.

فإن قيل: فما الفرق بينه وبين

(4)

اسم الجنس إذاً؟.

قيل: هذا مما أعضلَ على كثيرٍ من النُّحاة حتى جعلوا الفرق بينهما لفظيّاً فقط، وقالوا: يظهر تأثيره في منع

(5)

الصرف، ووصفه بالمعرفة، وانتصاب الحال عنه، ونحو ذلك، ولم يهتدوا لسرِّ الفرق

(1)

اسما علم لمواضع، انظر "معجم البلدان":(1/ 212، 218).

(2)

(ق): "وأصله".

(3)

كذا بالأصول.

(4)

(ظ): "وهو" و (د) ساقطة.

(5)

(ق): "معنى".

ص: 151

بين أنَّ موضعَ اللفظ لواحدٍ منهم منكر شائع في الجنس، ولمسمَّى الجنس المطلق، فهنا ثلاثة أمور تَتبعها ثلاثةُ أوضاع:

أحدها: واحد

(1)

معرف معين من الجنس له العلم الشخصي كـ "زيد".

والثاني: واحد منهم شائع في الجنس، غير معرف فله الاسم النكرة كـ "أسد" من الأسد.

الثالث: الجنس المتصوَّر في الذِّهن، المنطبق على كلِّ فردٍ من أفراده، وله عَلَم الجنس كـ"أُسامة"، فنظير هذا "أمس" في الزمان، ولهذا وُصِف بالمعرفة، فاعْلَق بهذه الفائدة التي لا تجدها في شيءٍ من كتب القوم، والحمد لله الواهب

(2)

المانّ بفضله.

فائدة

(3)

المشهور

(4)

عند النحاة أن حذف لام "يد" و"دم" و"غد"، وبابه حذف اعتباطي لا سبب له؛ لأنهم لم يروه جارياً على قياس الحذف، وقد يظهر فيه معنى لطيف وهو: أن الألفاظ جُعِلت قوالب للمعاني و [مكاسي]

(5)

لها، تزيد بزيادتها، وتنقص بنقصانها، وهذه الألفاظ

(6)

أصلها المصادر الدالة على الأحداث، فأصل "غد" مصدر غَدَا

(1)

ليست في (ظ ود).

(2)

(ظ): "الوهاب"، و (د):"الوهاب المنان".

(3)

بنحوه في "النتائج": (ص/ 115).

(4)

ليست في (د).

(5)

(ق): "مكاسل" ولعل الصواب ما أثبت، وانظر ما سيأتي ص/ 189 السطر الثاني.

(6)

من قوله: "جُعِلت قوالب

" إلى هنا ساقط من (ظ ود).

ص: 152

يغدو غَدْواً، بوزن رَمَى، وأصل "م" دَمِيَ، بوزن فَرِحَ مصدر دَمِيَ يَدْمَى كبَقِيَ يَبْقَى. وأصل "يد" كذلك "يَدِي" من يَدَيْتُ إليه يَدْياً ثمَّ حذفوا، فقالوا: يداً، وكذلك "سم" أصله:"سمو" من: سما يَسْمو سموّاً، كعلم يعلم علماً، فلما زُحْزِحت عن أصل موضوعاتها وبقي فيها من المعنى الأوّل ما يُعلم أنها مشتقة منه؛ حُذِفت منها لاماتها بإزاء ما نقص من معانيها، ليكون النقص في اللفظ موازياً للنقص في المعنى، فلا يستوفي حروف الكلمة بأسرها إلا عند حصول المعنى بأَسْرِه.

فائدة

(1)

دخول الزوائد على الحروف الأصلية مُنْبِئة [عن] معانٍ زائدة

(2)

على معنى الكلمة التي وضعت الحروف الأصلية عبارة عنه، فإن كان المعنى الزائد آخراً كانت الزيادة آخراً، كنحو "التاء" في "فعلت"؛ لأنها تُنبئ عما رُتْبته بعد الفعل، وإن كان المعنى الزائد أولاً، كانت الزيادة الدالة عليه سابقة على حروف الكلمة، كالزوائد الأربع، فإنها تُنبئ أن الفعل لم يحصل بَعْدُ لفاعله، وأن بينه وبين تحصيله جزءاً من الزمان، وكان الحرف الزائد السابق لِلَّفظ مشيراً

(3)

في اللسان إلى [ذلك] الجزء من الزمان، مُرتَّباً في البيان على حسب ترتب المعنى في الجَنَان، وكذلك حكم جميع ما يَرِد عليك في كلامهم.

فإن قيل: فهلَّا كانت الياء مكان "التاء" و"الهمزة".

(1)

"نتائج الفكر": (ص/ 117).

(2)

(ق): "مبنية معنى زائد".

(3)

(ق): "متيسراً" و (د): "ميسر"!.

ص: 153

قيل: أصل هذه الزوائد "الياء"؛ بدليل كونها في الموضع الذي لا يحتاج فيه إلى الفرق بين مذكَّر ومؤنَّث، وهو فعل جماعة النساء، فإنك إذا قلت: النسوة يقمن، (ق/ 34 أ) فالفرق حاصل بالنون.

وأيضا: فأصل الزيادة لحروف المدِّ واللين، والواو لا تزاد أولًا لئلا يشتبه بـ "واو" العطف، والألف يتعذَّر أولًا لسكونها، فلم يبق إلا "الياء" هي الأصل، فلما أريد الفرق كانت الهمزة للمتكلم أولى؛ لإشعارها بالضمير المستتر في الفعل؛ إذ هي أول حروف ذلك الضمير إذا برز، فلتكن مشيرة إليه إذا خَفِيَ. وكانت النون لفعل المتكلم أولى لوجودها في أول لفظ الضمير الكامن في الفعل إذا ظهر، فلتكن دالة عليه إذا خفي واستتر، وكانت "التاء" من "تفعل" للمخاطب لكونها في الضمير المستتر فيه، وإن لم تكن في أول اللفظ -أعني "أنت"- ولكنها في آخره، ولم يخصّوا بالدلالة

(1)

عليه ما هو في أول لفظه -أعني الهمزة- لمشاركته للمتكلم فيها وفي "النون"، فلم يبق من لفظ الضمير إلا "التاء" فجعلوها في أول الفعل عَلَمًا عليه وإيماءً إليه

(2)

.

فإن قيل: فكان يلزم على هذا أن تكون الزيادة في فعل الغائب هاء، لوجودها في لفظ ضمير الغائب إذا برز؟.

قيل: لا ضمير في الغائب

(3)

في أصل الكلام وأكثر موضوعه؛ لأن الاسم الظاهر يُغني عنه، ولا يستتر ضمير الغائب حتى يتقدَّمه

(1)

(ق): "في الدلالة".

(2)

ليست في (ق).

(3)

من قوله: "هاء، لوجودها

" إلى هنا ساقط من (ق).

ص: 154