الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لانفصال الاسم، ولذلك ألحقوها في القوافي المعرفة باللام إيذانًا بتمام البيت وانفصاله مما بعده، نحو: العِتَابَنْ
(1)
والذُّرَّفَنْ
(2)
، ولذلك زادوها قبل علامة الإنكار حين أرادوا فصل الاسم من العلامة كقولهم: أزيدٌ إنيه! وقول الأنصارية: أجُلَيْبيْبٌ إِنيْه
(3)
. ووجه هذا: أنه أراد فصل الاسم عن العلامة
(4)
كي، يتوهم أنها من
(5)
تمام الاسم أو علامة جَمْع، ففصل بين الاسم وبينها بنون زائدة، وأدخل عليها ألفَ الوصل لسكونها، ثم حَرَّكها بالكسر لالتقاء الساكنين، فلما كان من أصلهم تخصيصُ النون بعلامةِ الانفصال
(6)
، وأرادوا فصلَ الفعل وما ضارَعَه عن الإضافة إلى "الياء" جاءوا بهذه النون الساكنة، ولولا سكونُ الياء لكانت ساكنة كالتنوين، ولكنهم كسروها لالتقاء الساكنين.
فائدة
(7)
السرُّ في حذف الألف من "ما" الاستفهامية عند حرف الجر:
(1)
فى قول جرير "ديوانه": (ص/ 58):
أقلِّي اللومَ عاذِلَ والعِتابَنْ
…
وقولي إنْ أصَبْتُ: لقد أَصابَنْ
(2)
في رجز العجاج، وتمامه:
* يا صَاح ما هَاجَ الدُّموعَ الذُّرَّفَنْ *
انظر: "الكتاب": (2/ 299)، و"شرح المفصَّل":(9/ 33) لابن يعيش.
(3)
أخرجه أحمد: (4/ 422) من حديث أبي بَزرة الأسلمي رضي الله عنه وسنده صحيح.
(4)
من قوله: "كقولهم: أزيدٌ
…
" إلى هنا ساقط من (ظ ود) و "المنيرية".
(5)
من (ق).
(6)
بعدها في (ظ) كلمة لم أتبيَّنها، وفي المطبوعة:"واجبًا" وليست في (ق) ولا " النتائج"، وفي (د):"واديا".
(7)
"نتائج الفكر": (ص / 197).
أنهم أرادوا مشاكَلَة اللفظ للمعنى، فحذفوا الألف؛ لأن معنى قولهم:"فيم ترغب"؟ في أي شيء، و"إلام تذهب"؟ إلى أيّ شيء، و"حتَّام لا ترجع"؟ حتى أيِّ غايةٍ تستمر، ونحوه، فحذفوا الألف مع الجار (ق/ 62 أ) ولم يحذفوها: في حال النصب والرفع
(1)
كيلا تبقى الكلمة على حرفٍ واحد، فإذا اتصل بها حرف الجر أو اسم مضاف اعتمدَتْ عليه؛ لأن الخافضَ والمخفوضَ بمنزلة كلمةٍ واحدة.
وربما حذفوا الألف في غير موضع الخفض، ولكن إذا حذفوا الخبر فيقولون: مه يا زيد؟ أي: ما الخبر؟ وما الأمر؟ فلما كثر الحذف في المعنى كثر في اللفظ، ولكن لابد من هاء السكت لتقف عليها.
ومنه قولهم: "مَهْيَم" كان الأصل: ما هذا يا امرؤ؟ فاقتصروا من كلِّ كلمة على حرف، وهذا غاية الاختصار والحذف. والذي (ظ/146) شجعهم على ذلك: أَمْنهم من اللَّبْس لدلالة حال المسؤول والمسؤول عنه على المحذوف، فيفهم
(2)
المخاطب من قوله: "مَهْيَم". ما يفهم من تلك الكلمات الأربع. ونظير هذا قولهم: "أَيْشٍ"، في "أيِّ شيءٍ"، و"م الله" في و "أيمن الله".
فائدة بديعة
(3)
قوله عز وجل: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69)} [مريم: 69] الشيعة
(4)
: الفرقة التي شايعَ بعضها بعضًا، أي تابعه، ومنه
(1)
(ق): "والجر" وهو خطأ.
(2)
(ظ ود): "فهم".
(3)
"نتائج الفكر": (ص/198).
(4)
سقطت من (ظ ود).
الأشياع، أي: الأتباع، فالفرق بين الشِّيْعَة والأشْياع: أن الأشياع هم التَّبَع، والشيعة القوم الذين تشايعوا، أي: تَبعَ بعضُهم بعضًا وغالب ما يُسْتَعمل في الذمّ، ولعله لم يرد في القرآن إلا كذلك، كهذه الآية وكقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} [الأنعام: 159] وقوله تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ} [سبأ: 54]. وذلك -والله أعلم- لما في لفظ "الشِّيْعة" من الشِّياع والإشاعة التي هي ضد الائتلاف والاجتماع؛ ولهذا لا يُطلق لفظ "الشِّيَع" إلا على فِرَق الضلال؛ لتفرقهم واختلافهم، والمعنى: لننزِعَنَّ من كلِّ فرقةٍ أشدهم عُتوًّا على الله وأعظمهم فسادًا فنلقيهم في النار، وفيه إشارة إلى أن العذاب يتوجه إلى السادات أولًا
(1)
، ثم تكون الأتباعُ تبعًا لهم فيه، كما كانوا تبعًا لهم في الدنيا.
و {أَيُّهُمْ أَشَدُّ} للنحاة فيه أقوال:
أحدها: قول الخليل: إنه مبتدأ، وأشد خبره ولم يعمل "لننزعن" فيه؛ لأنه محكي، والتقدير: الذي يقال فيه: أيهم أشدُّ على الرحمن عِتيًّا، وعلى هذا فأيّ استفهامية.
الثانى: قول يونس: إنه رُفِعَ على جهة التعليق للفعل السابق، كما لو قلتَ: علمت أَيّهم أخوك، فعلَّق الفعلَ عن الفعل كما تعلق أفعال القلوب.
الثالث: قول سيبويه: إن "أي" هنا موصولة مبنية على الضم، والمسوِّغِّ لبنائها حذفُ صَدْر صِلَتها، وعنده أصل الكلام: أَيّهم هو أشد، فلما حذف صدر الصلة بُنِيَت على الضَّم تشبيهًا لها بالغايات
(1)
ليست في (ق).
التي قد حذفت
(1)
مضافاته كـ "قبل" و"بعد"، وعلى كلِّ واحد من الأقوال إشكالات نذكرها ثم (ق/62 ب) نبين الصحيحَ إن شاءَ الله.
فأما قول الخليل: فقيل يلزمه ستة أمور:
أحدها: حَذْف الموصول.
الثاني: حَذف الصلة.
الثالث: حَذْف العائد؛ لأن تقديره: الذين يقال لهم: أيّهم
(2)
أشد، وهذا لا عهد لنا فيه باللغة. وأما ما يحذف من القول فإنه إنما يكون قولًا مجردًا عن كونه صلة لموصول نحو قوله تعالى:{وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} [الأنعام: 93] أي: يقولون أو قائلين. ومثله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3].
الرابع: أنه إدْا قُدِّر المحذوفُ هكذا لم يستقِم الكلام، فإنه يصير:{لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ} الذين يقال فيهم: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ} ، وهذا فاسد، فإن ذلك المنزوع لا يقال فيه:{أَيُّهُمْ أَشَدُّ} ، بل هو نفسه أشدّ أو مِن أَشدِّ الشيعة على الرحمن، فلا يقع عليه الاستفهام بعد نزعه، فتأمَّلْه.
الخامس: أن الاستفهامَ لا يقعُ إلا بعد أفعال العلم والقول على الحكاية، ولا يقع بعد: غيره من الأفعال، تقول:"علمتُ أزيد عندك أم عَمْرو"، ولو قلت:"ضربتُ أزيد أم عَمْرو"، لم يجز، و"ننزِعَنَّ" ليس من أفعال العلم.
(1)
(ق): "صدقت".
(2)
(ق): "يقال: أيهم".
فإذا قلت: "ضربتُ أيهم قام"، لم تكن إلا موصولة ولا يصح أن يقال:"ضربت الذي يقال فيه: أيهم قام"، وإنما توهم مثل ذلك لكون اللفظ صالحًا لجهة أخرى مستقيمة، فيتوهم مُتَوهِّم أن حَمْله على الجهة الأخرى (ظ/46 ب) يستقيم. والذي يدل عليه: أنه لو قَدَّرت موضعه استفهامًا صريحًا ليس له جهةٌ أخرى لم يَجُز.
فلو قلت: "ضربت أزيد عندك أم عَمْرو"، لم يجز، بخلاف:"ضربت أيهم عندك"، فلو كان "أيهم" استفهامًا" لجاز الكلام مع الاستفهام الذىِ بمعناهما، وإنما لم يقع الاستفهام إلا بعد أفعال العلم والقول؛ أما القول؛ فلأنه يُحْكى به كلُّ جملةٍ خبرية كانت أو إنشائية، وأما أفعال العلم! فإنما وقع بعدها الاستفهام لكون الاستفهام مُسْتَعْلَمًا به، فكأنك إذا قلتَ: "أريد عندك أم عمرو"، كان معناه: أَعْلِمْني.
وإذا قلت: "علمتُ أريد عندك أم عَمْرو"، كان معناه: أعْلِمْني ما تطلب استعلامه، فلهذا صحَّ وقوع الاستفهام بعد العلم! لأنه استعلام، ثم حمل الحسبان
(1)
والظن عليهما لكونهما من بابه. ووجه آخر وهو: كثرة استعمال أفعال العلم، فجُعِل لها شأن ليس لغيرها.
السادس: أن هل الحذف الذي قَدَّره في الآية، حَذْف لا يدل عليه سياق، فهو مجهول الوضع، وكلُّ حذف كان بهذه المنزلة كان تقديره من باب عِلْم الغيب.
وأما قول (ق/ 63 أ) يونس، فإشكاله ظاهر، فإن التعليق إنما يكون في أفعال القلوب، نحو العلم والظن والحسبان
(2)
دون غيرها. ولا
(1)
(ظ): "الحساب".
(2)
(ظ): "الحساب".
يجوز أن تقول: "ضربتُ أيهم قام"، على أن تكون "أيهم" استفهامًا، وقد عُلِّق الفعل عن العمل فيه.
وأما قول سيبويه، فإشكاله أنه بناء خارجٌ عن النظائر، ولم يوجد في اللغة شاهد له.
قال السهيلي
(1)
: ما ذكره سيبويه لو استشهد عليه بشاهدٍ من نظمٍ أو نثر، أو وجدنا بعده في كلام فصيح شاهدًا له لم نعدل به قولًا، ولا رأينا لغيره عليه طَولًا؛ ولكنا لم نجدْ ما بُنيَ لمخالفته
(2)
غيره، لاسيما مثل هذه المخالفة؛ فإنا لا نسلم أنه حُذِف من الكلام شيءٌ.
وإن قال: إنه حذف ولا بُد، والتقدير: أيهم هو أخوك؟.
فيقال: لِمَ
(3)
لَمْ يبنوا في النكرة، فيقولوا:"مررتُ برجلُ أخوك، أو: رأيت رجلُ أبوك"، أي هو أخوك وأبوك، ولم خصوا "أيًّا" بهذا دون سائر الأسماء أن يحذف من صلته ثم يبني للحذف؟ ومتى وجدنا شيئًا من الجملة يُحْذف ثم يَبْنى الموصوف بالجملة من أجل ذلك الحذف؟ وذلك الحذف لا يجعله متضمنًا لمعنى الحرف ولا مضارعًا: له. وهذه علة البناء وقد عدمت في "أي".
قال: والمختار قول الخليل، لكنه يحتاج إلى شرح، وذلك أنه لم يرد بالحكاية ما يسبق إلى الوهم
(4)
من تقدير معنى القول؛ ولكنه
(1)
"نتائج الفكر": (ص/ 198).
(2)
العبارة محرفة فى (ظ).
(3)
(ق): "له".
(4)
(ظ ود): "الفهم".
أراد حكاية لفظ الاستفهام الذي هو أصل في "أي" كما تحكيه بعد العلم إذا قلت: "قد علمتُ من أخوك"؟ و: "أقامَ زيد أم قَعَد"؟ فقد تركت الكلام على حاله قبل دخول الفعل، لبقاء معنى الاختصاص والتعيين في "أي" الذي كان موجودًا فيها وهي استفهام؛ لأن ذلك المعنى هو الذي وُضِعَت له استفهامًا كانت أو خبرًا، كما حكوا لفظ النداء في قولهم:"اللهم اغفر لي أيها الرجل" و"أرحمنا أيتها العصابة"، فنحكي لفظ هذا إشعارًا بالتعيين والاختصاص الموجود في حال النداء. وكذلك هذا، حكيت حاله في الاستفهام وإن ذهب الاستفهام، كما حكيتَ حاله في النداء وإن ذهبَ النداء
(1)
، لوجود معنى الاختصاص والتعيين فيه.
قال: وقول يونس: "إن الفعل ملغًى" حق، وإن لم يكن من أفعال القلب، وعِلَّة إلغائه ما قدمناه من حكاية لفظ الاستفهام للاختصاص.
فإذا أتممت لفظ الصِّلة
(2)
وقلت: "ضربت أيهم هو
(3)
أخوك"، زالت مضارعة الاستفهام، وغلبَ فيه معنى الخبر (ظ/ 47 أ) لوجود الصِّلة التامة بعده.
قال: وأما قوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] وإجماعهم على أنها منصوبة بـ "ينقلبون" لا بـ "سيعلم". وقد كان يتصوَّر فيها أن تكون منصوبة بـ "سيعلم"(ق/63 ب) على جهة الاستفهام، ولكن تكون موصولة، والجملة صِلَتها، والعائد محذوف.
(1)
من قوله: "وكذلك هذا .. " إلى هنا ساقط من (ظ ود).
(2)
(ظ ود): "العلة".
(3)
من (ق).