الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عز وجل (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)
.
1 -
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِى وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِى أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» .
ــ
1 -
إِسْنَادُهُ صَحِيْحٌ.
* قتيبة بنُ سعيد:
هو ابنُ جميل بن طريف، أبو رجاء البغلاني.
روى عنه الجماعة، إلا ابن ماجة، فإنه روى عنه نازلًا بواسطة الذهليِّ عنه. وكذا روى المصنف عن زكريا السجزي، عنه، نازلًا.
وهو ثقةٌ جليلُ القدر. وقد أكثر المصنفُ عنه، بحيث لا أعلمُهُ روى عن شيخٍ أكثر منه. فروى عنه في "سننه"(687) حديثًا فقد رحل إليه المصنفُ سنة (230)، فأقام عنده سنةً كاملةً، على ما ذكره الذهبيُّ في "السير"(11/ 20).
وكان قتيبةُ من المكثرين، بحيث روى نحوًا من مائة ألف حديث، ومع سعة ما روى، ما أعلمُ أنه روى حديثًا أنكروه عليه، سوى حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه في جمع التقديم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= قال الحاكم في "علوم الحديث"(ص- 120):
"
…
وقد قرأ علينا أبو عليٍّ الحافظُ هذا الباب، وحدثنا به عن أبي عبد الرحْمَن النسائي، عن قتيبة بن سعيد. ولم يذكر أبو عبد الرحمن، ولا أبو عليٍّ للحديث علَّةً، فنظرنا فإذا الحديثُ موضوع، وقتيبةُ ثقةٌ مأمونٌ" اهـ.
* قُلْتُ: كذا قال الحاكم رحمه الله تعالى!، وحكمه على الحديث بالوضع لم يوافق عليه، بل الحديث صحيحٌ، وما أُعلَّ به، فليس بعلةٍ، كما يأتي شرحه في هذا الكتاب -إن شاء الله-.
* سفيان، هو ابنُ عيينة.
وهو ثقةٌ نبيلٌ، جليلٌ.
كان يدلسُ عن الثقات فقط، فهو المدلسُ الوحيدُ الذي تستوى عنعنته وتصريحه بالتحديث.
قال ابنُ حبان في "مقدمة صحيحه"(1/ 90):
"وأما المدلسون الذين هم ثقاتٌ وعدولٌ، فإنا لا نحتجُّ بأخبارهم إلا ما بينوا السماع فيما رووا
…
اللهم إلا أن يكون المدلسُ يُعلم أنه ما دلَّس قطُّ إلا عن ثقةٍ، فإن كان كذلك قُبلت روايتهُ وإن لم يُبين السماع، وهذا ليس في الدُّنيا إلا لسفيان بن عيينة وحده، فإنه كان يُدلسُ، ولا يدلسُ إلا عن ثقةٍ متقنٍ، ولا يكادُ يوجد لسفيان بن عيينة خبرٌ دلَّس فيه إلا وُجد ذلك الخير بعينه قد بين سماعُه عن ثقةٍ مثل نفسه، والحكمُ في قبول روايته لهذه العلة -وإن لم يُبين السماع فيها- كالحكم في رواية ابن عباس إذا روى عن النبيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما لم يسمع منه" اهـ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= * والزهري:
هو محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهابٍ.
وهو ثقةٌ، جبلٌ، حافظٌ، ربما دلَّس.
وأنكر بعضُ أصحابنا أن يكون ابن شهاب مدلسًا، واستعظم ذلك جدًّا، وبالغ حتى زعم أن مخالفهُ:"تردى في وهدةٍ سحيقةٍ"! وأنه: "ادعى باطلًا ليس له فيه سلفٌ"!
كذا قال!!
وإنكار المشار إليه، هو الذي ينبغي أن يُستعظم، فقد وصفه بالتدليس الشافعىُّ، والدَّارقطنىُّ، وغيرهما، على ما ذكره الحافظ في "طبقات المدلسين".
وذكره الذهبىُّ في أول "منظومته" في المدلسين، فقال:
خُذِ المُدَلِّسِيْن يَاذَا الفِكْرِ
…
جَابِرٌ الجُعْفِىُّ ثُمَّ الزُّهْرِيّ
بل قال الرهانُ الحلبى في "التبيين":
"مشهور به"! كذا قال! وليس بصوابٍ عندي.
فقد قال الحافظ في "الفتح"(2/ 5):
"
…
وابنُ شهاب جُرب عليه التدليس".
وقال في "موضع آخر" منه (10/ 427):
"
…
وإدخالُ الزهري بينه وبين عروة رجلًا، مما يؤذن بأنه قليل التدليس".
وصرّح بذلك الذهبىُّ تصريحًا، فقال في "الميزان":
"كان يُدلِّسُ في النادر".
نعم، ينكر على بعض المشتغلين بالعلم أن يُعلُّوا الحديث بعنعنة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= الزهري، فإن التدليس لم يكن من عادته، بل كان يفعله أحيانًا كما تقدم، فالصوابُ عدم الإِعلال بعنعنة الزهري، إلا إذا كان المتنُ منكرًا، ورجال الإِسناد ثقات، ولا مدخل للإِعلال إلا بعنعنة الزهري.
والله أعلمُ.
* أبو سلمة:
هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
ثقةٌ جليلٌ حافظٌ، مشهورٌ بكنيته، وقد اختُلف في اسمه على أقوال.
وقال مالكُ بنُ أنس:
"اسمُه كنيتُهُ".
…
وللحديث طرقٌ كثيرةٌ عن أبي هريرة، وهي:
1 -
أبو سلمة، عنه.
أخرجه مسلمٌ (278/ 87)، وأبو عوانة في "صحيحه"(1/ 263)، وأحمدُ (2/ 241، 259، 382)، والشافعيُّ في "مسنده"(1/ 27)، والحميدىُّ (951)، والدارمي (1/ 161)، وابنُ الجارود في "المنتقى"(9)، وكذا ابنُ خزيمة (1/ 52/ 99)، وابنُ حبان (ج2 / رقم 1059)، وأبو يعلى في "مسنده"(ج10/ رقم 5961)، وابنُ عديّ في "الكامل"(1/ 197)، والدارقطنىُّ في "العلل"(ج 3 /ق 21/ 1)، والبيهقيُّ (1/ 45)، والبغويُّ في "شرح السُّنة"(1/ 407) من طريق الزهري، عن أبي سلمة.
وتابعه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= أخرجه أحمد (2/ 382،348) وأبو عبيد في "كتاب الطهور"(ق 12/ 1)، وابنُ أبي شيبة في "المصنف"(1/ 98)، وأبو يعلى (ج 10/ رقم 5973)، والطحاوي في "شرح المعاني"(1/ 22) وسنده حسنٌ.
وأخرجه الترمذيُّ (24)، وابنُ ماجة (393)، والطحاوي (1/ 22)، والدارقطني في "العلل"(ج 3/ ق 20/ 2)، والبيهقي (1/ 244)، والخطيبُ في "التاريخ"(11/ 300)، وابنُ جُميع في "معجمه"(341 - 342) من طريق أبي سلمة وسعيد بن المسيب جميعًا، عن أبي هريرة مرفوعًا به.
قال الترمذي:
"حديث حسنٌ صحيحٌ".
2 -
الأعرج، عنه.
أخرجه البخاريُّ (1/ 263 - فتح)، بزيادةٍ في أوله، ومسلمٌ (278/ 88)، وأبو عوانة (1/ 263)، ومالك (1/ 21/ 9)، والشافعي (ج 1 / رقم 68، 69)، وأحمد (2/ 465)، والحميدي (952) وابنُ المنذر في "الأوسط"(1/ 143، 372)، وابنُ حبان (ج 2 / رقم 1060)، والبيهقيُّ (1/ 45)، وابنُ النجار في "ذيل تاريخ بغداد"(2/ 184)، والبغوي في "شرح السنة"(1/ 406)، من طريق أبي الزناد، عن الأعرج.
وقد رواه عن أبي الزناد: "مالك، وابنُ عيينة".
وتابعهما هشام بنُ عروة، عن أبي الزناد به، مع زيادة:
"ويُسمى قبل أن يدخلها". يعني يده. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= أخرجه ابنُ عديّ في "الكامل"(4/ 1501)، والعقيلىُّ في "الضعفاء"(2/ 300)، من طريق عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، عن هشام به.
* قُلْتُ: وهذه الزيادةُ منكرةٌ، والحديثُ غيرُ محفوظٍ عن هشام بن عروة.
قال ابن عدي:
"وهذا غريبُ الإِسناد والمتن. فمن قِبلِ الإِسناد: من حديث هشام بن عروة، عن أبي الزناد. لا أعلم يرويه عن هشام غير عبد الله بن محمد بن يحيى. وغرابة المتن: "ويسمى قبل أن يدخلها" وهذه اللَّفظةُ (غريبةٌ) (1) في هذا الحديث" اهـ.
* قُلْتُ: يعني منكرة، فلم يذكرها أحدٌ ممن روى الحديث.
وآفة هذا الإسناد: عبد الله بن محمد بن يحيى هذا.
فقد تركه أَبو حاتم، وقال:
"ضعيفُ الحديث جدًّا".
وقال العقيلي:
"لا يتابعُ على كثيرٍ من حديثه".
وقال ابنُ حبان:
"يروى الموضوعات عن الثقات".
فالسندُ تالفٌ. =
(1) هذه اللَّفظةُ سقطت من "مطبوعة الكامل"، واستدركتها من "لسان الميزان"(3/ 332). ونسخة "الكامل" كثيرة السقط والتحريف.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= 3 - سعيد بن المسيب، عنه.
أخرجه مسلمٌ (278/ 87)، وأبو عوانة (1/ 264)، والمصنفُ في "كتاب الغسل" -ويأتي-، وأحمد (2/ 265، 284)، وابنُ عدي (1/ 197)، والطحاويُّ (1/ 22)، والدارقطنيُّ في "العلل"(ج3 / ق 20/ 2).
وأخرجه الترمذيُّ، وابنُ ماجة، وغيرُهُما عنه، وعن أبي سلمة معًا عن أبي هريرة. وقد مرّ تخريجه قريبًا.
4 -
أبو صالح، عنه.
أخرجه أبو داود (104)، وأحمد (2/ 253)، وأبو عوانة (1/ 264)، والطيالسىُّ (2418)، وابنُ عديّ (2/ 708)، والسهميُّ في "تاريخ جرجان"(138)، والطحاويُّ (1/ 22)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"(2/ 232 - 233)، والبيهقيُّ (1/ 47)، من طُرقٍ عن الأعمش، عن أبي صالحٍ به.
وتابعه سهيلُ بنُ أبي صالحٍ، عن أبيه.
أخرجه ابنُ المقرى في "معجمه"(ق 65/ 2)، وأبو نُعيم في "أخبار أصبهان"(1/ 147) من طريق إبراهيم بن طهمان، عن هشام، عن سهيل به.
وسندهُ صحيحٌ.
5 -
أبو رزين، عنه.
أخرجه مسلمٌ (278/ 87)، وأبو عوانة (1/ 264)، ووكيع في "نسخته عن الأعمش"(18)، وأحمد (2/ 471)، والطحاوي (1/ 22)، والبيهقىُّ (1/ 45) من طريق الأعمش، عن أبي صالح، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= وأبي رزين معًا، عن أبي هريرة.
وأخرجه ابنُ أبي شيبة (1/ 98) من طريق الأعمش، عن أبي رزين وحده.
6 -
عبد الله بن شقيق، عنه.
أخرجه مسلمٌ، وأبو عوانة (1/ 263)، وابنُ خزيمة (100)، وكذا ابنُ حبان (ج 2 / رقم 1061، 1062)، والدَّارقطني (1/ 49)، والبيهقيُّ (1/ 46).
قال ابنُ خزيمة:
"خبرٌ غريبٌ"!!
* قُلْتُ: وهذة الغرابة التي عناها ابن خزيمة، هي من قبل شيخه محمد بن الوليد.
قال ابنُ خزيمة:
"نا محمد بن الوليد بخبرٍ غريب، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن خالدٍ الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي هريرة مرفوعًا، وفيه: "فإنه لا يدري أين باتت يدُهُ منه".
فزاد محمد بن الوليد لفظة:
"منه".
وهذه اللفظة هي التي استغربها ابنُ خزيمة، كما يُفهم من كلام البيهقيّ، ونبه على ذلك الدارقطنيُّ في "العلل"(ج 3/ ق 57/ 2).
ولم يتفرد محمد بن الوليد بذكر هذه اللَّفظةُ فلقد تابعه اثنان عليها:
أ - الإِمام أحمد بن حنبل رحمه الله.
قال في "مسنده"(2/ 455):
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= حدثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة بسنده سواء. وفيه اللَّفظةُ الزائدةُ.
ب- محمد بن يحيى الذهليّ.
أخرجه ابن المقرى في "معجمه"(ق 118/ 2)، وابنُ عساكر (12/ 2/ 334) من طريق أبي الحسن عمران بن موسى بن المهرجان النيسابورى (1)، ثنا محمد بن يحيى الذهلىُّ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوراث، ثنا شعبة به.
7 -
الحسن البصريُّ، عنه.
أخرجه الدارقطنيُّ في "حديث أبي الطاهر الذهليّ"(2)(رقم 99)، من طريق خالد، عن يونس، عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعًا به، ولم يذكر الجملة الأخيرة منه.
وأخرجه ابنُ عديٍّ في "الكامل"(6/ 2371 - 2372) من طريق معلي بن الفضل، ثنا الربيع بن صبيح، عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعًا به، وزاد:
"فإن غمس يده في الإِناء من قبل أن يغسلها، فليروا ذلك الماء" قال ابنُ عديّ:
"وقولُهُ في هذا المتن: "فليروا ذلك الماء"، منكرٌ لا يُحفظُ".
وقال الحافظ في "الفتح"(1/ 263):
"حديث ضعيف".
* قُلْتُ: ومعلى بن الفضل في حديثه نكارة.
والربيع بن صبيح في حديثه ضعفٌ. =
(1) من شيوخ ابن حبان.
(2)
في الجزء الثالث والعشرين منه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= والحسن البصريّ لم يسمع من أبي هريرة على رأى الأكثرين.
نعم، سمع بعض أحاديث منه، ولكنه مدلسٌ وقد عنعنهُ.
ثم قوله في هذا الحديث:
"فليرق ذلك الماء" منكرٌ كما قال ابنُ عديّ، والذهبىُّ في "الميزان" (4/ 150) لأمرين:
* الأوَّلُ: أن هذه الزيادة لم تقع في أيِّ طريق من طرق الحديث على كثرتها، فدلَّ ذلك على أنها غير محفوظة، لا سيما وفي السند ما قد رأيت من العلل.
* الثاني: أن الأكثرين من العلماء حملوا الحديث في غسل اليدين على الاحتياط، لأن النبيَّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:"فإنه لا يدرى أين باتت يدُهُ" فعلقه بأمرٍ موهومٍ، وما عُلِّق بالموهوم لا يكون واجبًا، وأصلُ الماء والبدن الطهارةُ، وهذا يقينٌ لا يزولُ بمجرد الوهم.
ويرى أحمد، وإسحق، وجوب غسل اليدين بعد النوم قبل وضعهما في الإِناء. ويُفرق أحمد بين نوم الليل ونوم النهار.
وقال بوجوب غسل اليدين داود الظاهري، وابن جرير، قالوا: إذا أدخل يده في الإناء قبل الغسل، ينجُس الماء.
وفي هذا القول نظرٌ.
لأن الحكمة في غسل اليد عقب القيام من النوم، قد تكون لخوف نجاسةٍ تكونُ على اليد، مثل مرور يده على موضع الاستجمار مع العرق، كما قال الشافعىُّ، وأحمدُ، وغيرُهُما. فلن يكون هذا أعظم من البول في الماء الدائم، وقد دلَّ الدليلُ على أن الماء لا ينجُس.
ولذلك حكى شيخُ الإِسلام ابن تيمية في "الفتاوى"(21/ 45) =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= الاتفاق على أن غمس القائم من النوم يده في الإِناء، لا يقتضي تنجيس الماء. وفي دعوى الاتفاق نظرٌ، لما تقدم. والله أعلم.
8 -
همام بن مُنبه، عنه.
أخرجه مسلم (278/ 88)، وأبو عوانة (1/ 264)، وأحمد (2/ 316).
9 -
جابر بن عبد الله، عنه.
أخرجه مسلمٌ (278/ 88)، وأبو عوانة (1/ 263)، وأحمد (2/ 403)، وأبو يعلى في "مسنده"(ج10/ رقم 5863) من طريق أبي الزبير، عن جابر وقد رواه عن أبي الزبير اثنان:
أ- معقل بن عبيد الله. عند مسلمٍ، وأبي عوانة.
ب- ابن لهيعة. عند أحمد، وأبي يعلى.
وقد صرَّح أبو الزبير بالتحديث في طريق ابن لهيعة، لكنه سيىء الحفظ، والراوي عنه ليس من القدماء. ثم هو مدلسٌ أيضًا وقد عنعن.
وخالفهما عبدُ الملك بن أبي سليمان، فرواه عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعًا وزاد فيه:
"ولا على ما وضعها"(1).
فجعله من "مسند جابر" لا من "مسند أبي هريرة".
أخرجه ابنُ ماجة (395)، والدارقطنيُّ (1/ 49)، وحسَّنهُ، والخطيبُ (10/ 450) من طريق زياد بن عبد الله البكائي، عن عبد الملك.
وقد رواه عن زياد البكائيّ ثلاثةٌ: =
(1) في قلبي شيءٌ من هذه الزيادة. والله أعلم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= "إسماعيلُ بن توبة، ومحمد بنُ نوح، وموسى بن بحر ".
* قُلْتُ: ورواية معقل وابن لهيعة أرجحُ عندي من رواية عبد الملك ابن أبي سليمان، فإن هذا، وإنْ كان من رجال مسلمٍ إلَاّ أنه ربما أخطأ، وفي الطريق إليه زيادُ البكائيُّ، وكان كثير الخطأ، وبعضُهُم يُضعِّفُهُ مطلقًا.
والصّوابُ كما قال أبو حاتم:
"يكتبُ حديثُهُ، ولا يُحتجّ به".
وهو يعني بهذه العبارة:
"يكتبُ حديثه في المتابعات والشواهد، ولا يُحتجُّ به إذا انفرد" وقد رأيتُ في كلام أبي حاتم ما يُصوِّبُ هذا الفهم.
ففي ترجمة إبراهيم بن الهاجر البجليّ، من "الجرح والتعديل"(1/ 1/ 133)، قال أبو حاتم:
"إبراهيم بن مهاجر ليس بالقويّ، هو وحصين بن عبد الرحمن، وعطاءُ بنُ السائب. قريبٌ بعضُهُمْ من بعض. محلُّهم عندنا محلُّ الصدق. يُكتبُ حديثُهُمْ، ولا يُحتجُّ بحديثهم. قلتُ لأبي -القائلُ هو ابنُ أبي حاتم-: ما معنى: لا يُحتجُّ بحديثهم؟! قال: كانوا قومًا لا يحفظون، فيُحدثون بما لا يحفظون، فيغلطون، ترى في أحاديثهم اضطرابًا ما شئت" اهـ.
وكذلك في ترجمة: "فُضيل بن مرزوق" من "الجرح"(3/ 2/ 75) قال ابنُ أبي حاتم:
"وسألتُ أبي عنه
…
فقال: هو صدوقٌ، صالح الحديث، يهمُ كثيرًا، يُكتبُ حديثه. قلتُ: يُحتج به؟! قال: لا! ". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
=10 - عبدُ الرحْمن بنُ يعقوب المدنيُّ، عنه.
أخرجه مسلمٌ (278/ 88)، وأبو عوانة (1/ 265)، من طريق ابنه، العلاء بن عبد الرحمن، عنه.
11 -
ثابتٌ مولى عبد الرحمن بْنِ زيد، عنه.
أخرجه مسلمٌ، وأبو عوانة (1/ 264)، وأحمد (2/ 271).
12 -
محمدُ بْنُ سيرين، عنه.
أخرجه مسلمٌ (278/ 88)، وأحمد (2/ 507)، وابنُ أبي شيبة (1/ 98)، والبزَّارُ -كما في "نصب الراية"(1/ 3) وابنُ قتيبة في "الغريب"(1/ 10) - من طريق هشام بن حسَّان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعًا.
ويرويه عن هشام بن حسَّان:
"عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عند مسلمٍ. ويزيد بن هارون عند أحمد، وأبو خالد الأحمر، عند ابن أبي شيبة"(1).
وتابعهم إبراهيمُ بْنُ طهمان، عن هشام به، وزاد:
"ثم ليغترف بيمينه من إنائه، ثمَّ ليصب على شماله، فليغسل مقعدته".
ذكره ابنُ أبي حاتم في "العلل"(1/ 65/ 170) ونقل عن أبيه: "ينبغي أن يكون: "ثم ليغترف بيمينه
…
" إلى آخر الحديث من كلام إبراهيم بن طهمان، فإنه قد كان يصل كلامه بالحديث، فلا يميزه المستمعُ" اهـ. =
(1) ووقع عند ابن قتيبة: " .. حتى يفرغ عليها ثلاثًا" فذكر العدد في رواية ابن سيرين غير محفوظٍ كما يأتي تحقيقه فلا أدري أهو خطأ ناسخ أو طابع. أم هو وهم من ابن قتيبة أو شيخه؟!
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
* قُلْتُ: وله طريقان آخران عن ابن سيرين:
أ- عوف بن أبي جميلة، عنه.
أخرجه أحمد (2/ 395)، وابنُ النَّجَّار في "ذيل التاريخ"(2/ 132) من طريق هوذة بن خليفة، عن عوف.
وسندهُ قويٌّ. وفي هوذة كلامٌ لا يضرُّ.
ب- سالمُ الخياط، عنه.
أخرجه الطبرانيُّ في "الأوسط"(ج1 رقم 949) قال: حدثنا أحمدُ، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا زهيرُ بنُ محمدٍ، عن سالم الخياط، قال: سمعتُ محمد بن سيرين به. وذكر فيه:
"
…
حتى يُفرغ على يديه ثلاث مرات
…
".
* قُلْتُ: أحمدُ، شيخ الطبرانيّ، هو ابنُ يحيى الحُلْوانيُّ، ثقةٌ، وَثقهُ غيرُ واحدٍ -كما في "تاريخ بغداد"(5/ 212 - 213) -.
وعمرو، هو ابْنُ أبي سلمة التنيسي. وهو صدوقٌ، ولكن وقعت منه أوهامٌ في حديثه، لا سيما في حديثه عن زهير بن محمد، حتى قال أحمدُ بن حنبل:
"روى عن زهير أحاديث بواطيل، كأنه سمعها من صدقة، فغلط، فقلبها عن زهيرٍ" اهـ.
فكأن هذا آتٍ من قبل أن عمرو بن أبي سلمة شاميُّ.
وقد قال أحمدُ، والبخاريُّ، وغيرُهُما:
"ما روى أهلُ الشام عن زهيرٍ، فإنه مناكيرُ" وهذا منها.
وسالمُ، هو ابنُ عبد الله الخياط. مختلفٌ فيه. وحديثُهُ جيد في المتابعات. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= ثم اعلم أنه مما يستنكر في هذا الحديث، قولُهُ:
"يفرغ على يديه ثلاث مراتٍ".
فذكرُ العدد غيرُ محفوظٍ من حديث ابن سيرين، كما يُرشدُ إليه كلام مسلمٍ في "صحيحه".
فقد قال ما مُلخصُهُ:
"قولُهُ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "يغسلها ثلاثًا". رواه عن أبي هريرة: "الأعرجُ، ومحمدُ بْنُ سيرين، وعبدُ الرحمن بنُ يعقوب، وهمامُ بْنُ مُنبِّه، وثابتٌ مولى عبد الرحمن بن زيد، جميعهم لا يذكرُ العدد في غسل اليدين. ووقعت رواية "الثلاث" في حديث جابر بن عبد الله، وابن المسيب، وأبي سلمة، وعبد الله بن شقيق، وأبي صالحٍ، وأبي رزين" اهـ.
فهذا يُبيّن أن ذكر العدد في رواية ابن سيرين منكرٌ. والله أعلمُ.
13 -
موسى بن يسار، عنه.
أخرجه أحمد (2/ 500)، حدثنا يزيد، ثنا محمد -يعني ابن إسحاق-، عن موسى بن يسار، عن أبي هريرة. وعن الزهريّ وغيره، قالوا: قال رسولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
…
فذكره.
* قُلْتُ: وسنده حسنٌ لولا تدليس ابن إسحق.
ثم قوله: "وعن الزهري وغيره" فلم يظهر لي وجهُهُ.
لأن موسى بن يسار هو المطلبي عمُّ محمد بن إسحق، ولم يرو الزهري عنه شيئًا بعد البحث والتتبُع. إلا أن يكون المقصود أن محمد بن إسحاق يرويه عن الزهري، وعن موسى بن يسار معًا. فيكون طريق الزهريّ منقطعًا؛ لأنه لم يسمع من أبي هريرة. ويبعُدُ جدًّا - =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= عندي- أن يكون موسى بن يسار هو الأرْدُنيُّ، والذي يقال فيه:"موسى بن سيار". فالله أعلم بحقيقة الحال.
ثم ظهر لي وجهٌ آخر. فلعلَّ ابن إسحق يرويه عن الزهري مرسلًا أو معضلًا. والله أعلمُ.
14 -
أبو مريم، عنه.
أخرجه أبو داود (105)، وابنُ حبان (ج2/ رقم 1058)، والدارقطنيُّ (1/ 50)، والبيهقيُّ (1/ 46) من طريق معاوية بن صالح، عنه وسندهُ حسنٌ -كما قال الدارقطنيُّ- رحمه الله.
15 -
نُعيم بن عبد الله، عنه.
أخرجه ابنُ عديٍّ في "الكامل"(3/ 911) من طريق أبي الجنيد الضرير، عن عثمان بن مقسم، عن نُعيم به.
* قُلْتُ: وسندُهُ ضعيفٌ جدًّا.
وأبو الجنيد هذا، هو خالد بن الحسين.
قال ابْنُ معين:
"ليس بثقةٍ".
وضعَّفهُ ابنُ عديٍّ.
وعثمان بن مقسم، تركه يحيى القطَّان، والنسائيُّ، والدَّارقطنيُّ.
وغلا فيه الجوزجاني، فكذَّبه.
…
قال الترمذيُّ:
"وفي الباب عن ابن عمر، وجابر، وعائشة".
* قُلْتُ: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= أمَّا حديث ابن عمر، رضي الله عنهما.
فأخرجه ابنُ ماجة (394)، والطحاويُّ في "شرح المعاني"(1/ 22)، والدارقطنيُّ (1/ 49 - 50)، وعنه البيهقيُّ (1/ 46)، وكذا ابنُ خزيمة في "صحيحه" لمن (1/ 75/ 146) من طريق ابن وهبٍ، أخبرني ابنُ لهيعة، وجابر بن إسماعيل، عن عقيل، عن ابن شهابٍ، عن سالم، عن أبيه، مرفوعًا:
"إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يدخل يده في الإِناء، حتى يغسلها [ثلاثًا] ".
وقد رواه عن ابن وهبٍ جماعةٌ، منهم:
"حرملةُ بن يحيى، وأصبغُ بنُ الفرج، وأحمدُ بْنُ عبد الرحمن بن وهب" وخالفهم سفيانُ بنُ وكيعٍ، فرواه عن ابن وهبٍ، عن يونس، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه مرفوعًا به.
أخرجه ابنُ عديٍّ في "الكامل"(3/ 1254)، وقال:
"وهذا، قد زلَّ فيه سفيانُ بْنُ وكيعٍ، أو لُقِّن، أو تَعمَّدَ، حيث قال: ثنا ابنُ وهبٍ، عن يونس، عن الزهري
…
وكأن هذا الطريق أسهلُ عليه (1). وإنما يرويه ابنُ وهبٍ عن ابن لهيعة، وجابر بن إسماعيل، عن عقيل، عن الزهريِّ" اهـ.
فالمحفوظ هو طريق ابن وهبٍ، عن ابن لهيعة وجابر بن إسماعيل.
قال ابنُ خزيمة عقب الحديث:
"وابنُ لهيعة ليس ممن أخرجُ حديثه في هذا الكتاب إذا تفرَّد بروايةٍ، وإنما أخرجتُ هذا الخبر، لأن جابر بن إسماعيل معه في الإسناد" اهـ. =
(1) كذا! ولعله: "أشكل عليه" مع أن السياق له وجهٌ أيضًا. والله أعلمُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= وقال الدارقطنيُّ:
"إسنادُهُ حسنٌ".
وقال البوصيريُّ في "الزوائد".
"إسنادُهُ صحيحٌ على شرط مسلم".
فقال السنديُّ:
"قلتُ: كأنه لانضمام جابر بن إسماعيل إلى ابن لهيعة، وإلا فابن لهيعة مشهور بالضعف" اهـ.
* قُلْتُ: نعم، الحديث على شرط مسلم لأجل جابر بن إسماعيل ولكن ابن لهيعة، وإن كان سيىء الحفظ، غير أن رواية القدماء عنه صحيحة، ويُحسنها الذهبيُّ وغيرُهُ. والحديث هنا من رواية ابن وهبٍ عنه، وقد سمع منه قديمًا.
وقد غلا بعضُ الناس، فأسقط حديث ابن لهيعة كلَّهُ، سواءٌ كان من رواية القدماء أو المتأخرين. وفرَّط بعضُهُمْ، فصحَّح حديثه كلَّهُ، حتى من رواية المتأخرين عنه.!!
وهكذا يضيعُ الحقُّ بين الإفراط والتفريط!
والحقُّ، أن حديث ابن لهيعة من رواية القدماء عنه قويُّ مقبولٌ، ولم يكن دلَّس فيه. أما بعد احتراق كتبه، فقد وقعت منه مناكيرُ كثيرةٌ في حديثه. وقد أنكر بعضُ الناس أن تكون كتبه احترقت كما حكاه يزيد بن الهيثم عن ابن معين. وهو قولٌ يحتاجُ إلى تحريرٍ، لعلى أذكره في "كشف الوجيعة، ببيان حال ابن لهيعة" يسر الله إتمامه بخيرٍ.
وقد وقع لي أسماءُ جماعةٍ من الذين سمعوا من ابن لهيعة قبل احتراق كتبه، منهم: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
=
1 -
عبد الله بن المبارك.
2 -
عبد الله بن وهب.
3 -
عبد الله بن يزيد المقرىء.
4 -
عبد الله بن مسلمة القعنبيُّ.
5 -
يحيى بن إسحق.
6 -
الوليدُ بنُ مزيد.
7 -
عبد الرحمن بنُ مهدي.
8 -
إسحقُ بْنُ عيسى.
9 -
اللَّيْثُ بنُ سعدٍ.
10 -
بشرُ بنُ بكر.
* قُلْتُ: نصَّ على الثلاثة الأول: الساجيُّ، وعبدُ الغني بْنُ سعيد، وغيرُهُما.
قال الذهبيُّ في "تذكرة الحفاظ"(1/ 238):
"حدَّث عنه ابنُ المبارك، وابنُ وهب، وأبو عبد الرحمن المقرئ، وطائفةٌ قبل أن يكثر الوهمُ في حديثه، وقبل احتراق كتبه، فحديثُ هؤلاء عنه أقوى، وبعضُهُمْ يصححه، ولا يرتقي إلى هذا" اهـ.
وقال ابنُ مهدي:
"لا أعتدُّ بشيء سمعتُه من حديث ابن لهيعة، إلا سماعُ ابن المبارك ونحوه" وكذا قال ابنُ حبان في "المجروحين"(2/ 11).
ونصَّ ابنُ حبان على القعنبي.
ذكره عنه الذهبي في "الميزان"(2/ 482)، وفي "السير"(8/ 23). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= ونصَّ على: "يحيى بن إسحق"، الحافظُ في "التهذيب"(2/ 420) في ترجمة حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص.
ونصَّ على الوليد بن مزيد: الطبرانيُّ في "المعجم الصغير"(1/ 231).
ونص على عبد الرحمن بن مهديّ: الحافظُ في "مقدمة اللسان"(1/ 10 - 11).
ولي بعضُ النظر حول سماع ابن مهدى من ابن لهيعة.
ونصَّ على إسحق بن عيسى: أحمدُ بْنُ حنبلٍ.
ففى "الميزان"(2/ 477) للذهبيّ:
"قال أحمدُ: حدثني إسحق بْنُ عيسى أنه لقى ابن لهيعة سنة أربعٍ وستين ومائة، وأن كُتبه احترقت سنة تسع وستين".
ونصَّ على اللَّيث بن سعدٍ: الحافظُ ابنُ حجر.
فقال في "الفتح"(4/ 345):
"
…
وفيه ابنُ لهيعة، ولكنه من قديم حديثه، لأن ابن عبد الحكم أورده في "فتوح مصر" من طريق الَّليث عنه" اهـ.
ونصَّ على بشر بن بكر: العقيليُّ بسنده.
فقال في "الضعفاء"(2/ 294):
"حدثنا حجاج بن عمران، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن الوزير، قال: حدثنا بشر بن بكر، قال: لم أسمع ابن لهيعة شيئًا بعد سنة ثلاث وخمسين ومائة".
ورجاله ثقات، غير شيخ العقيليّ، فلم أقف له على ترجمة.
وحاصلُ البحث، أن حال ابن لهيعة يجبُ فيه التفصيلُ، لا أنْ تردَّ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= مروياته، كما يفعل البوصيريُّ رحمه الله في "الزوائد"-، فإنه رغم تسامحه في النقد، متشددٌ في حق ابن لهيعة. والله تعالى الموفق.
وحديث ابن عمر، هذا:
أخرجه أيضًا ابنُ عدي (2/ 744) من طريق الحسن بن أبي الحسن، البغدادي، ثنا سفيان بن عُيينة، عن الزهريّ، عن سالم، عن أبيه مرفوعًا به.
قال ابنُ عدي:
"وهذا الحديث عن ابن عُيينة، عن الزهري، بهذا الإِسناد، غيرُ محفوظٍ، وإنما يروى هذا الحديث ابنُ وهبٍ، عن ابن لهيعة، وجابر بن إسماعيل الحضرمي، عن عقيل، عن الزهري" اهـ.
* قُلْتُ: وآفة الإِسناد هو الحسن هذا.
قال ابنُ عدي:
"منكرُ الحديث عن الثقات، ويقلبُ الأسانيد
…
ولم أر له كثير حديثٍ، ومقدار ما رأيتُهُ، لا يشبه حديثه حديث أهل الصدق" اهـ.
وهذا القولُ من ابن عدي رحمه الله يُعدُّ شديدًا؛ لأنه من المتوسطين، ويظهرُ في نقده أثرُ التسامح. والله أعلمُ.
حديث جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما.
فمرَّ الكلامُ عليه قريبًا.
…
حديث عائشة، رضي الله عنها.
ذكره ابنُ أبي حاتم في "العلل"(1/ 62) قال:
"سُئل أبو زرعة عن حديثٍ رواه ابنُ أبي ذئبٍ، عمن سمع أبا سلمة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= ابن عبد الرحمن، يُحدث عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "إذا استيقظ أحدكم من النوم
…
الحديث". وروى الزهريُّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذا الحديث. فقال أبو زرعة: هذا عندي وهمٌ، يعني حديث ابن أبي ذئبٍ" اهـ.
(تنبيه)
قال الشوكاني في "نيل الأوطار"(1/ 163): "وأما حديث عائشة فأخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" وحكى عن أبيه أنه وهمٌ" كذا!، ولعله سبق قلم أو نظر، فالذي في "العلل":"عن أبي زرعة" وليس "عن أبي حاتم". وتبعه على هذا، المباركفوريُّ. في "تحفة الأحوذي"(1/ 111).
…
وفي الباب أيضًا:
حديث علي بن أبي طالب.
وهذا لم يذكره الترمذيُّ.
أخرجه ابنُ ماجة (396) قال: حدثنا أبو بكر بنُ أبي شيبة، وهذا في "مصنفه"(1/ 100) حدثنا أبو بكر بنُ عياش، قال: حدثنا أبو إسحق، عن الحارث، قال: دعا عليُّ بماءٍ، فغسل يديه قبل أن يدخلهما الإِناء، ثم قال: هكذا رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صنع.
* قُلْتُ: وسندُهُ واهٍ.
وأبو بكر بن عياش، وإن كان عدلًا، فحفظُه ساء لما كبر وأبو إسحق =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= السبيعي مدلسٌ. والحارث الأعور واهٍ على التحقيق. والله أعلمُ.