الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَدُّ السَّلَامِ بَعْدَ الْوُضُوءِ
38 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ أَنْبَأَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ حُضَيْنٍ أَبِى سَاسَانَ عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُولُ فَلَمْ يَرُدَّ عليه السلام حَتَّى تَوَضَّأَ فَلَمَّا تَوَضَّأَ رَدَّ عَلَيْهِ.
ــ
38 -
حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ.
* معاذ بنُ معاذٍ هو ابن نصر بن حسَّان، أبو المثنى البصريُّ.
أخرج له الجماعةُ، وهو ثقةٌ.
أطنب أحمدُ في الثناء عليه.
ووثقه يحيى القطان، وابنُ معين، وأبو حاتمٍ، والنسائيُّ في آخرين.
* حُضين أبو ساسان، هو ابنُ المنذر بن الحارث.
أخرج له مسلمٌ، وأبو داود، وابنُ ماجة.
ووثقهُ النسائيُّ، والعجليُّ.
وقال ابن حراش:
"صدوقٌ".
وقال أبو أحمد العسكريُّ:
"لا أعرفُ حضينًا بالضاد غيره".
وحكى مُغُلْطاى أنه قيل فيه: "بالصاد" المهملة.
قال العراقيُّ:
"وفيه نظرٌ".
…
والحديث أخرجه أبو داود (17)، وابنُ ماجة (350)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= وأبو الحسن بنُ سلمة في "زوائده على ابن ماجة"، وأحمدُ (4/ 354 و 5/ 80)، وابنُ خزيمة (ج1/ رقم 206)، وابنُ حبان (189، 190)، والطحاويُ في "شرح المعاني"(1/ 85)، والطبرانى في "الكبير"(ج 20 / رقم 781)، وابنُ المنذر في "الأوسط"(ج 1/ رقم 19، 293)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبيّ"(74)، والبيهقيُّ (1/ 90)، والبغويُّ في "شرح السُّنة"(2/ 116 - 117)، والمزىُّ في "التهذيب"(ج 3 / لوحة 1379) ، من طرقٍ عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن حضين، عن المهاجر به. وقد رواه عن سعيدٍ جماعةٌ، منهم:
"معاذ بنُ معاذ، وعبدُ الأَعلي بنُ عبد الأعلى، وعبدُ الوهاب بنُ عطاءٍ، وروحُ بْنُ عبادة، ومحمد بن جعفر، ويزيد بنُ زريع".
قال الزيلعيُّ في "نصب الراية"(1/ 5): "إنه معلولٌ .. أمَّا كونُهُ معلولًا فقال ابنُ دقيق العيد في "الإِمام": سعيد بنُ أبي عروبة قد اختلط بآخره، فيراعى فيه سماع من سمع قبل الاختلاط. قال ابنُ عديٍّ: قال أحمدُ بنُ حنبلٍ: يزيدُ بنُ زريع سمع منه قديمًا، قال: وقد رواه النسائيُّ من حديث شعبة عن قتادة به، وليس فيه: "إنه لم يمنعنى
…
إلخ" ورواه حماد بن سلمة، عن حميدٍ وغيره، عن الحسن، عن المهاجر منقطعًا، فصار فيه ثلاثُ عللٍ". اهـ.
* قُلْتُ: والجوابُ من وجوهٍ:
الأوَّلُّ: أمَّا اختلاطُ سعيدٍ، فلا يضرُّ فقد رواه عنه قدماءُ أصحابه، مثل يزيد بن زريع، وعبد الوهاب بن عطاء، وعبد الأعلى.
ومع ذلك فقد توبع. تابعه اثنان: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
=
1 -
شعبة، عن قتادة به.
أخرجه الحاكم (1/ 167)، وقال:
"صحيحٌ على شرط الشيخين" ووافقه الذهبيّ!
* قُلْتُ: فيه نظرٌ، وحضين أبو ساسان لم يخرج له البخاريُّ وقد زال تدليسُ قتادة برواية شعبة عنه.
وفي "صحيح أبي عوانة"(2/ 38):
"قال شعبةُ: كان همتى من الدُّنيا شفتى قتادة!، فإذا قال: "سمعتُ" كتبتُ، وإذا قال: "قال" تركتُ".
ثمَّ اعلم أن النسائيَّ لم يخرج طريق شعبة هذا كما ذكر ابنُ دقيق العيد رحمه الله.
فقد قال الحافظُ في "النكت الظراف"(8/ 514):
"وقع في أصولنا من "سنن النسائي" رواية ابن السُّنى "شعبة"، وهو تصحيفٌ" اهـ.
وقال أبو زرعة بن العراقى في "الأطراف"(ص - 174): "في أصولنا من "سنن النسائي الصغرى" رواية ابن السُّنى "شعبة" وفي رواية ابن الأحمر وابن حيويه "سعيد" وهو الصوابُ".
فيبدو أن الآفة من نسخة ابن دقيق العيد رحمه الله.
2 -
هشام الدستوائى، عن قتادة.
أخرجه الدَّارميُّ (2/ 190)، وابنُ المنذر في "الأوسط"(ج 1 / رقم 19، 293)، والطبرانيُّ في "الكبير"(ج 20 / رقم 780) من طريق معاذ بن هشام، حدثنى أبي، فذكره.
وقال ابنُ معين: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= "أثبتُ الناس في قتادة: سعيد بنُ أبي عروبة، وهشام الدستوائى، وشعبةُ. فمن حدثك من هؤلاء بحديثٍ عن قتادة، فلا تبال أنْ لا تسمعه من غيره" اهـ.
* قُلْتُ: وقد رواه الثلاثة عنه، والحمدُ لله تعالى.
الوجه الثانى: قوله: "وليس فيه: إنه لم يمنعنى ...... إلخ"(1).
* قُلْت: هذه الجملة ثابتةٌ في رواية شعبة عن قتادة، عند الحاكم وقد ذكرها أيضًا يزيدُ بن زريعٍ، وعبد الأعلى، وروح بنُ عبادة، ومحمد بن جعفر، وعبد الوهابِ بنُ عطاء جميعهم عن سعيدٍ، فيبدو أن التقصير من معاذ بن معاذ، وهو لا يضرُّ البتة، ومن التكلُّفِ جعل مثل هذا الأمر علَّة.
الوجه الثالث: ذكر فيه الاختلاف على الحسن البصريّ.
فقد خولف قتادة.
خالفه حميد الطويل، فرواه عن الحسن، عن المهاجر بن قُنْفد به فسقط ذكرُ "حضين" من السند.
أخرجه أحمدُ (5/ 80 - 81)، والطبرانيُّ في "الكبير"(ج 20/ رقم 779)، والطحاويُّ (1/ 85) من طريق حماد بن سلمة، ثنا حميدٌ به.
وتابعه يونسُ بن عبيد، عن الحسن، عن المهاجر به.
أخرجه الدارقطنيُّ في "حديث أبي الطاهر الذهليّ"(69).
وروايةُ قتادة أرجح عندي لاتصالها، ولعلَّ الحسن كان يسقط حضينًا تدليسًا منه لأجل العلو، والله أعلمُ.
* قُلْتُ: فثبت مما ذكرتُ أن الحديث سالمٌ من العلة بحمد الله. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= فإن قلت: لم يصرح الحسين بسماعه من حضين أبي ساسان؟
فقد أجاب شيخُنا الألباني عن ذلك، فقال في "الصحيحة" (834):"الظاهر أن المراد من تدليسه إنما هو ما كان من روايته عن الصحابة دون غيرهم؛ لأنَّ الحافظ في "التهذيب" أكثر من ذكر النقول عن العلماء في روايته عمن لم يلقهُمْ، وكلهم من الصحابة، فلم يذكروا ولا رجلًا واحدًا من التابعين روى عنه الحسن ولم يلقه. ويشهد لذلك إطباق جميع العلماء على الاحتجاج برواية الحسن عن غيره من التابعين، بحيث أنى لا أذكرُ أن أحدًا أعلَّ حديثًا ما من روايته عن تابعيٍّ لم يصرح بسماعه منه، هذا ما ظهر لي في هذا المقام، والله سبحانه أعلمُ" اهـ.
* قُلْتُ: قول الشيخ: " .... عمن لم يلقهم وكلهم من الصحابة .... إلخ" فيه نظرٌ، لأن الحسن إذا روى عمن لم يلقه أخذ حكم "المنقطع" كما قال الذهبيُّ في "الميزان" في ترجمة "الحسن"، وأحدُ أنواع التدليس أن يدلس الراوى عن شيخه الذي لقيه وسمع منه، ما لم يسمع منه.
أمَّا ذكرُ إجماع العلماء، فإنى أفرقُهُ، ولم أقف على أحدٍ من السَّالفيْن ذكر الإِجماع، مع رسوخ قدم شيخنا في هذا العلم. فالله أعلمُ.
هذا:
وقد أعلَّهُ الزيلعيُّ بعلةٍ أخرى، فقال (1/ 6):
"أنَّه -أي- الحديث معارضٌ. فروى البخاريُّ ومسلمٌ من حديث كريب، عن ابن عباسٍ قال: بتُّ ليلةً عند خالتي ميمونة زوج النبيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم، فاضطجعت في عرض الوسادة، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله ومسلم في طولها. فنام =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= عليه السلام حتى إذا انتصف اللَّيْلُ -أو قبله أو بعده بقليلٍ- استيقظ، فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده، ثمَّ قرأ العشر الخواتيم من سورة "آل عمران"، ثمَّ قام إلى شنٍّ معلقةٍ، فتوضأ منها فأحسن وضوءه
…
الحديث، ففي هذا ما يدلُّ على جواز ذكر اسم الله وقراءة القرآن مع الحدث" اهـ.
* قلْتُ: أمَّا المعارضة التي ادعاها الزيلعيُّ رحمه الله ففيها نظرٌ، لأن النوم في حقه عليه الصلاة والسلام ليس بناقضٍ للوضوء، وهذا من خصائصه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بخلاف غيره، يدلُّ على هذا قولُهُ -بأبي هو وأمي-:"تنام عيناى، ولا ينام قلبي".
أخرجه أحمدُ (2/ 251، 438)، وابنُ خزيمة (1/ 29 - 30)، وابنُ حبان (2124)، وابنُ الجارود (12)، من حديث أبي هريرة بسندٍ صحيحٍ.
وأصرحُ منه، قولُ عائشة: يا رسول الله! أتنام قبل أن توتر؟ فقال: "يا عائشة! إنَّ عينيَّ تنامان، ولا ينامُ قلبي" أخرجه البخاريُّ (3/ 33 - فتح)، ومسلمٌ (1/ 509)، وأبو عوانة (2/ 327)، وأبو داود (1341)، والمصنِّفُ (3/ 234) ويأتي في "كتاب قيام اللَّيْل"-، وأحمد (6/ 73،36، 104). وابنُ خزيمة (1/ 30)، وابنُ حبان (ج4/ رقم 2421)، والبيهقيُّ (1/ 122 و 2/ 496 و 7/ 62) وفي "الدلائل"(1/ 371 - 372)، والبغويُّ في "شرح السُّنة"(4/ 4 - 5) من طريق مالك، وهو في "موطئه"(1/ 120/ 9) عن سعيد المقبري، عن أبي سلمة، عن عائشة به.
وله شاهدٌ من حديث ابن عباسٍ قال: أقبلت يهودُ إلى رسول الله =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالوا: يا أبا القاسم إنا نسألك عن أشياء ...... الحديث. وفيه: قالوا: ما علامة النبي؟ قال: "تنام عيناه، ولا ينامُ قلبهُ" أخرجه النسائيُّ في "عشرة النساء"(187)، والترمذيُّ (3117) مختصرًا ببعضه، وأحمدُ (1/ 274)، والطبرانيُّ في "الكبير"(ج 12/ رقم 12429)، وأبو نُعيم في "الحلية"(4/ 304 - 305) من طريق بكير بن شهاب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباسٍ به.
قال الترمذيُّ: "حسنٌ غريبٌ".
وقال أبو نُعيم:
"غريبٌ من حديث سعيد، تفرد به بُكير".
* قُلْتُ: وبكيرٌ وثقه ابنُ حبان. وقال أبو حاتمٍ: "شيخٌ" وقال الذهبيُّ: "صدوقٌ". فحديثه حسنٌ.
وقد اختُلف في إسناده، ولا مجال للتفصيل هنا.
فالحاصلُ من هذا أنْ لا معارضة بين الحديثين كما قال الزيلعيُّ، ثمَّ جوابٌ آخر، فعلى التسليم بالتعارض، فهذا في الظاهر فقط، ويمكن الجمع بينهما بأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لبيان الجواز. والله أعلم.
فثبت أنَّ حديث الباب صحيحٌ.
وقال النووي في "المجموع"(2/ 88) وفي "الأذكار"(ص - 22):
"حديثٌ صحيحٌ، رواه أبو داود ..... بأسانيد صحيحة".
وقولُهُ: "بأسانيد صحيحة" وَهمٌ منه رحمه الله فليس له عندهم إلا إسنادٌ واحدٌ. والله الموفقُ. =