الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرُّخْصَةُ فِي تَرْكِ ذَلِكَ
18 -
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ أَنْبَأَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَانْتَهَى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا فَتَنَحَّيْتُ عَنْهُ فَدَعَانِى وَكُنْتُ عِنْدَ عَقِبَيْهِ حَتَّى فَرَغَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ.
ــ
18 -
إسْنَادُهُ صَحِيْحٌ.
* الأعمشُ: هو سليمان بنُ مِهْران.
أخرج له الجماعة، وهو ثقةٌ، ثبتٌ، حُجَّةٌ.
قال عيسى بنُ يونس:
"لم نر مثل الأعمش، ولا رأيتُ الأغنياء والسلاطين عند أحدٍ أحقر منهم عند الأعمش، على فقره وحاجته".
وكان يُدلسُ. ولكن قال الذهبيُّ في "الميزان"(2/ 224):
"هو يُدلسُ، وربما دلَّس عن ضعيفٍ ولا يدرى به، فمتى قال: "حدثنا" فلا كلام، ومتى قال: "عن" تطرق إليه احتمالُ التدليس، إلَّا في شيوخٍ أكثر عنهم، كإبراهيم، وأبي وائل، وأبي صالح السمان، فإن روايته عن هذا المصنف محمولةٌ على الاتصال" اهـ.
…
والحديث أخرجه البخاريُّ (1/ 328 - فتح).
ومسلمٌ (3/ 165 - نووى)، وأبو عوانة (1/ 197، 198)، وأبو داود (23)، والترمذيُّ (13)، وابنُ ماجة (305)، والدَّارميُّ (1/ 171)، وأحمد (5/ 382، 402)، والطيالسيُّ (406)، وابنُ خزيمة (1/ 35 - 36)، وابنُ حبَّان (ج2 / رقم 1421، 1422 =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= 1424، 1425)، وابن المنذر في "الأوسط"(ج 1/ رقم 252، 282)، وابنُ الجارود في "المنتقى"(36)، وابنُ أبي شيبة (1/ 123)، والحميديُّ في "مسنده"(442)، والبيهقيُّ (1/ 100، 270، 274)، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ"(ق 11/ 1)، والبغويُّ في "شرح السُّنة"(1/ 386) من طرقٍ عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة فذكره وبعضُهُم لا يذكر:"المسح على الخُفَّيْن" وقد رواه عن الأعمش جماعةٌ من ثقات أصحابه، منهم:
"شعبةُ، والثوريُّ، وأبو عوانة، ووكيع، وعبد الواحد بنُ زيادٍ، وزهيرُ بن معاوية، في آخرين".
وقد توبع الأعمشُ.
تابعه منصور بن المعتمر، عن أبي وائلٍ، عن حذيفة به، ولم يذكر "المسح".
أخرجه البخاريُّ (1/ 329 و 5/ 117 - فتح)، وأبو عوانة (1/ 197)، والمصنَّفُ ويأتي برقم (27)، والطيالسيُّ (407).
وفي لفظ للبخاريِّ، وغيره:
" ..... عن أبي وائل، قال: كان أبو موسى الأشعريِّ يشدِّدُ في البول [وفي روايةٍ: كان يبولُ في قارورةٍ ويشدد في البول] ويقول: إنَّ بني إسرائيل كان إذا أصاب ثوب أحدهم قرضهُ.
قال حذيفة: ليتهُ أمسك! أتى رسولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم سباطة قومٍ، فبال قائما".
وتابعه عُبَيْدَةُ بْنُ مُعَتِّبٍ الضَبِّيُّ، حدثني أبو وائلٍ شقيق بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= سلمة عن حذيفة، بنحو لفظ الأعمش.
أخرجه الطبرانيُّ في "الصغير"(2/ 129) قال: حدثنا هارون بن محمد بن مُنخَّل الواسطيُّ، حدثنا أحمدُ بنُ منيعٍ، حدثنا أشعث بن عبد الرحمن بن زبيد، عن عبيدة به.
وقال:
"لم يروه عن عبيدة إلَّا أشعثُ، تفرَّد به أحمدُ بنُ منيعٍ".
* قُلْتُ: أمَّا شيخُ الطبرانيّ، فلم أقف له على ترجمةٍ، وأشعث بن عبد الرحمن، ليَّنَهَ أبو زُرْعة، فقال:
"ليس بالقويّ".
وقال أبو حاتم:
"شيخٌ محله الصدق" وناهيك بهذا من مثل أبي حاتمٍ، رحمه الله أمَّا النسائيُّ فقال:
"ليس بثقةٍ"!
فقال ابنُ عديٍّ:
"وعندي أنَّ النسائيَّ أفرط في أمره، حيثُ قال: "ليس بثقةٍ"، وقد تبحرتُ حديثه مقدار ما له، فلم أر له حديثًا منكرًا" اهـ.
وبقية رجال السند ثقات.
فهذا السندُ يُحسَّنُ في المتابعات.
وتابعه أيضًا الشعبيُّ، عن شقيق أبي وائل، عن حذيفة به.
أخرجه الطبرانيُّ في "الصغير"(1/ 266) قال: حدثنا القاسم بنُ عفاف بن سليم الفوزيُّ الحمصيُّ، حدثني عمي أحمد بن سليم، حدثنا عيسى بنُ يونُس، عن زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبيِّ به ثمَّ قال: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= "لم يروه عن الشعبيِّ إِلَّا زكريا ، ولا عنه إلا عيسى، تفرد به أحمدُ بنُ سليمٍ".
* قُلْتُ: أما زكريا وعيسى، فثقتان.
وأمَّا أحمدُ بنُ سليم، وابنُ أخيه -شيخ الطبراني- فلم أجدهما، فهؤلاء أربعةٌ يروون الحديث، عن أبي وائل، عن حذيفة.
وخالفهم عاصم بنُ بهدلة، فرواه عن أبي وائلٍ، عن المغيرة بن شعبة.
فنقله من "مسند حذيفة" إلى "مسند المغيرة" أخرجه ابنُ ماجة (306)، وأحمدُ في "العلل"(2/ 168)، وعبدُ بن حميدٍ في "المنتخب"(399)، والبيهقيُّ (1/ 101) من طريق عاصم.
وعند ابن ماجة والبيهقيّ:
"قال شعبة: قال عاصم يومئذٍ: وهذا الأعمش يرويه عن أبي وائلٍ، عن حذيفة، وما حفظهُ!!. فسألتُ عنه منصورًا، فحدثنيه عن أبي وائلٍ، عن حذيفة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أتى سباطة قومٍ، فبال قائمًا".
وفي "علل أحمد":
"قال عاصم: وما هو كما يقولُ الأعمشُ، ما حدثنا أبو وائلٍ إلَّا عن المغيرة!. قال شعبة: وقد كنتُ سمعتُ حديث الأعمش منه، ثمَّ لقيتُ منصورًا، فحدثنيه عن أبي وائل، عن حذيفة ..... فذكره".
* قُلْتُ: كذا اعترض عاصمٌ!!
والأعمشُ أثبتُ منه وأحفظُ، فكيف وقد تابعه منصورٌ؟! غير أن عاصمًا لم يتفرد به فتابعه حمادُ بن أبي سليمان، عن أبي وائلٍ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= عن المغيرة به.
أخرجه أحمد في "المسند"(4/ 246)، وفي "العلل"(2/ 169)، وعبدُ بنُ حميدٍ (396)، وابنُ خزيمة (ج 1/ رقم 63) وابنُ شاهين في "الناسخ والمنسوخ"(ق 11/ 1) من طريق حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان، وعاصم بن بهدلة، عن أبي وائلٍ، عن المغيرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أتى سباطة بني فُلانٍ، ففحج رجليه، وبال قائمًا".
وقولُهُ: "ففحج رجليه"، وقعت في رواية حماد بن أبي سليمان كما في رواية أحمد.
وعند ابن خزيمة: "ففرج رجليه".
وفي القلب شيء من هذه الزيادة، لم أقف لها على شاهدٍ يثبُتُ. والله أعلمُ. ولها شاهدٌ من مرسل الحسن عند ابن أبي شيبة (1/ 122).
قال الترمذيُّ:
"حديث أبي وائل، عن حذيفة أصحُّ".
وقال البيهقيُّ:
"كذا رواه عاصمُ بنُ بهدلة، وحماد بنُ أبي سليمان، عن أبي وائلٍ، عن المغيرة، والصحيحُ ما روى الأعمشُ ومنصور عن أبي وائلٍ، عن حذيفة، كذا قاله أبو عيسى الترمذيُّ".
فتعقبه ابنُ التركماني في "الجوهر النقيُّ" بقوله:
"قلتُ: الذي في كتاب الترمذيّ: حديثُ أبي وائل، عن حذيفة أصحُّ، ويُحتمل أن يكون لشقيقٍ في هذا الحديث إسنادان، ولهذا أخرج أبو بكر بنُ خزيمة في "صحيحه" رواية حمادٍ، ولم يُبال بالاختلاف" اهـ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= وجنح المباكفوريُّ - رحمة الله - في "تحفة الأحوذي"(1/ 71) إلى رأى ابن التركماني، فقال:
"والظاهر أن الروايتين صحيحتان، ورواية الأعمش ومنصور أصحُّ، والله أعلمُ"! كذا قال!.
قال الشيخُ أبو الأشبال رحمه الله في "شرح الترمذيّ"(1/ 20): "أقولُ: والذي رجحه ابنُ خزيمة هو الصوابُ؛ لأن احتمال الخطأ في الحفظ من عاصمٍ رفعه متابعة حمادٍ له كما هو ظاهرٌ، وبعيدٌ أن يتفقا معًا على الخطأ، والراوى الثقة إذا خيف من خطئه وتابعه غيرهُ من الثقات، تأيدت روايتُه وصحَّتْ" اهـ.
* قُلْتُ: وروايةُ الأعمش ومنصور أصحُّ عندى بلا ريبٍ.
وعاصمُ وحمادُ، وإنْ كانا إمامين، الأولُ في القراءة، والثاني في الفقه، فقد تكلَّم فيهما غير واحدٍ، ورماهما بسوء الحفظ. أمَّا عاصمُ بنُ بهدلة: فقال أبو حاتمٍ:
"ليس محلُّهُ أن يقال: "ثقة"، ولم يكن بالحافظ".
وقال ابنُ عيينة:
"كل من اسمه عاصمٌ سيىء الحفظ"!
وقال العقيليُّ:
"لم يكن فيه إلا سوء الحفظ".
وقال البزَّارُ:
"لم يكن بالحافظ".
وقال الدارقطنيُّ:
"في حفظه شيءٌ". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= وأمَّا حمادُ بنُ أبي سليمان: فقال أحمد:
"رواية القدماء عنه مقاربةٌ: شعبة، والثوريُّ، وهشام الدستوائي، أمَّا غيرُهم فقد جاءوا عنه بأعاجيب".
وقال مرةً:
"وحماد عنده عنه تخاليط. يعني حماد بن سلمة".
وهذا من رواية حماد بن سلمة عنه، فتأمَّلْ!
وقال شعبةُ:
"كان حماد بنُ أبي سليمان لا يحفظُ".
وقال أبو حاتمٍ:
"هو صدوقٌ إلا يُحتجُّ بحديثه، وهو مستقيمٌ في الفقه، فإذا جاء الآثار شوَّش"!.
* قُلْتُ: فالحاصلُ أن كليهما كان سيىء الحفظ، فلو تابع أحدهما الآخر -كما هو الحالُ هنا-، فنقبل حديثهما بشرط عدم وجود المخالف، لا سيما إنْ كان مثل الأعمش ومنصور. أمّا مع وجوده فلا.
وقد قال أحمد في "العلل":
"منصور والأعمش، أثبتُ من حماد وعاصم" يشير بذلك إلى ترجيح ما رجحناهُ (1).
وقد نقل الحافظ في "الفتح"(1/ 329) كلام الترمذيّ في ترجيح حديث الأعمش ومنصور، ثم قال: "وهو كما قال، وإن جنح ابنُ خزيمة إلى تصحيح الروايتين لكون حماد بن أبي سليمان وافق =
(1) ورجح رواية الأعمش أبو حاتم الرازي -كما في "العلل"(9) لولده- أما أبو زرعة فقال: الصحيح حديث عاصم عن أبي وائلٍ، عن المغيرة"!!.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= عاصمًا على قوله: "عن المغيرة"، فجاز أن يكون أبو وائل سمعه منهما، فيصحُّ القولان جميعًا. لكن من حيثُ الترجيح، رواية الأعمش ومنصور لإِتقانهما أصحُّ من رواية عاصم وحماد لكونهما في حفظهما مقالٌ" اهـ.
وممّا يرجِّحُ رواية الأعمش أيضًا ما:
أخرجه أحمدُ (5/ 394) من طريق يونس بن أبي إسحق، عن أبي إسحق، عن نهيك بن عبد الله السلوليّ، عن حذيفة ..... فذكره.
وهذا سندٌ رجاله ثقات، خلا نهيك السلوليّ، فإن ابن أبي حاتمٍ ترجمه في "الجرح والتعديل"(4/ 1/ 497) ولم يحك فيه شيئًا.
وذكره ابنُ حبان في "الثقات"(5/ 480).
ثمَّ تدليسُ أبي إسحق السبيعيّ.
وهناك وجهٌ آخرٌ من الاختلاف في سنده:
فرواه الحسن بن الصباح، وعليُّ بنُ يونس الواسطيُّ عن عبد المجيد بن أبي روَّادٍ، عن ياسين الزيات، عن الأعمش، عن أنسٍ، قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بال على سباطة قومٍ، فتوضأ، ومسح على الخُفَّيْن.
وخالفهما سختويه، فرواه عن عبد المجيد، عن ياسين الزيات، عن الزهريّ، عن أنسٍ به.
ذكره الدارقطنيُّ في "العلل"(ج 2 / ق 20/ 1) وقال:
"وكلاهما وهمٌ، والمحفوظ: عن الأعمش، عن أبي وائلٍ، عن حذيفة" اهـ.
…
هذا:
والبول من قيامٍ وإن كان جائزًا، فالقعودُ أفضلُ.
وسيأتي مزيدُ تفصيلٍ لهذا البحث في الحديث رقم (29) فانتظره، والله تعالى الموفقُ.