الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ثبت ما يدل على هذا؛ فإن ابن عباس قال في هذا الحديث: " كنت أضرب مع عمر بن الخطاب الناس عليها "؛ يعني: أنه كان ينهى الناس عن الصلاة بعد العصر مطلقاً، والظاهر أن عائشة بلغها هذا، فقالت: وهم عمر، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها. وفي رواية عنها: قالت: لم يدع رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر. قال: فقالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها فتصلوا عند ذلك". رواه مسلم. (1)
فدل هذا على النهي عن الصلاة عند غروب الشمس، ومفهومه أن الصلاة بعد العصر والشمس بيضاء نقية غير داخل في النهي، وهذا المفهوم جاء منطوقاً في حديث عن على بن أبي طالب مرفوعاً:" نهى عن الصلاة بعد العصر؛ إلا والشمس مرتفعة". أخرجه أبو داود والنسائي، وفي رواية لأحمد:" لا تصلوا بعد العصر؛ إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة"(2) .
(3-2-2)
راتبة صلاة العصر:
ويتعلق بهذه الراتبة المسائل التالية:
(1) حديث صحيح.
أخرجه مسلم في (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها، حديث رقم 833) .
(2)
حديث صحيح.
أخرجه أحمد في "المسند"(1/130) ، وأبو داود في (كتاب الصلاة، باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، حديث رقم 1274) واللفظ له، وأخرجه النسائي في (كتاب المواقيت، باب الرخصة في الصلاة بعد العصر، 2/280) .
والحديث توسع في تخريجه والكلام على فقهه العلامة الالباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة، حديث رقم 200) ، وأورد ما يشبه له عن أنس تحت رقم 314، ولينظر للاستزادة "المحلى"(2/264-275) .
تنبيه: وقع خطأ في "السلسلة " عند الإحالة إلى رقم الشاهد: (308) وصوابه: (314) .
أولاً: حكمها.
ثانياً: فضلها.
ثالثاً: صفتها.
وبيانها فيما يلي:
أولاً: حكمها:
راتبة العصر من السنن الرواتب (1) ، التي ثبت الترغيب فيها من الرسول صلى الله عليه وسلم، كما ثبت فعله لها؛ فالمحافظة عليها من الأمور المستحبة.
ثانياً: فضلها:
ورد في فضل راتبة العصر الحديث التالي:
عن ابن عمر؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعاً". أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود. (2)
(1) عدها من السنن الرواتب هو الراجح، وهذا اختيار أبي الخطاب الكلوذاني، كما في "المغني" لابن قدامة (2/125) ، وهي من المسائل التى انفرد بها أبو الخطاب؛ كما في "ذيل طبقات الحنابلة"(1/120) .
ونقل فيها مجد الدين أبو البركات ابن تيمية في "المحرر"(1/88) وجهين للحنابلة.
وصرح الشيرازي من الشافعية في "المهذب" بأن أربع ركعات قبل العصر من السنن الراتبة مع الفريضة، وأن ذلك هو الأكمل، ووافقه النووي في "المجموع شرح المهذب"(4/8) .
(2)
حديث حسن.
أخرجه أحمد في "المسند"(4/203) ، وأخرجه الترمذي في (كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، حديث رقم 430، 1/329-تحفة) ، وأبو داود في (كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، حديث رقم 1271، 1/490-عون) ، وصححه ابن خزيمة (1193) ، وابن حبان (616- موارد)(6/206، رقم 2453- الإحسان)، والحديث قال عنه الترمذي:" حسن غريب". اهـ.
ص37
والحديث حسنه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"(1/237) ، ومحقق "جامع الأصول "(6/26) ، ومحقق "الإحسان"(6/206) .
قلت: ولم يصب من أعل الحديث بأن رواية ابن عمر لم يذكر هذه الركعات في حديث السابق: " حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات
…
"؛ لأن ابن عمر إنما أخبر بما حفظه من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يخبر غير ذلك، فلا تنافي بين الخبرين، كما قرره ابن قيم الجوزية في "زاد المعاد" (1/312) .
والحديث يدل على استحباب فعل هذه الركعات، بل والمحافظة عليها؛ رجاء الدخول في دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً: صفتها:
راتبة العصر، أربع ركعات، موصولات بتشهدين كالصلوات الرباعية، يسلم في آخرهن، تصلى قبل صلاة العصر.
عن عاصم بن ضمرة السلولي، قال: سألنا علياً عن تطوع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهار؟ فقال: إنكم لا تطيقونه. فقلنا: أخبرنا به؛ نأخذ منه ما استطعنا. قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر؛ يمهل، حتى إذا كانت الشمس من هاهنا (يعني: من قبل المشرق) بمقدارها من صلاة العصر من هاهنا (يعني: من قبل المغرب) ؛ قام فصلى ركعتين، ثم يمهل حتى إذا كانت الشمس من هاهنا (يعني: من قبل المشرق) مقدارها من صلاة الظهر من هاهنا؛ قام فصلى أربعاً، وأربعاً قبل الظهر إذا زالت الشمس، وركعتين بعدها، وأربعاً قبل العصر، يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين ". قال علي: " فتلك ست عشرة ركعة تطوع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهار، وقل من يداوم عليها " أخرجه الترمذي وابن ماجه.
وفي رواية للنسائي: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حين تزيغ الشمس ركعتين، وقبل نصف النهار أربع ركعات، يجعل التسليم في آخره"(1)
(1) حديث حسن.
ص38
أخرجه الترمذي في (كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل الظهر، حديث رقم 424) مقتصراً على ما يتعلق براتبة الظهر، وأخرجه في (باب ما جاء في الأربع قبل العصر، حديث رقم 429) مقتصراً على راتبة العصر، وأخرجه في (باب كيف كان تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار، حديث رقم 598) وأورده تاماً، وأخرجه النسائي في (كتاب الإمامة، باب الصلاة قبل العصر وذكر اختلاف الناقلين عن أبي إسحاق في ذلك (2/119-120) ، وأخرجه ابن ماجه في (كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيما يستحب من التطوع بالنهار، حديث رقم 1161) واللفظ له، وأخرجه الترمذي في "الشمائل"(مختصر الألباني، حديث رقم 243) .
والحديث؛ حسنه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة"(حديث رقم 237) ، وحسنه محقق "جامع الأصول"(6/8) .
قال أبو عيسى الترمذي: " حديث علي حديث حسن، واختار إسحاق بن إبراهيم أن لا يفصل في الأربع قبل العصر، واحتج بهذا الحديث، وقال إسحاق: ومعنى أنه يفصل بينهن بالتسليم؛ يعني: التشهد. ورأى الشافعي وأحمد صلاة الليل والنهار مثنى مثنى؛ يختاران الفصل في الأربع قبل العصر "(1) . اهـ.
قلت: الظاهر هو ما قاله إسحاق بن إبراهيم، ويؤيده الرواية التي عند النسائي:"يجعل التسليم في آخره"(2)، ويرشحه أنه لو كان المراد بالتسليم للخروج من الصلاة في قوله: "يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين والمرسلين
…
"، لو كان المراد التسليم للخروج من الصلاة؛ للزم المصلي أن ينوي ذلك، وهذا لم يرد شرعاً، فدل هذا على أن المراد بالتسليم على الملائكة المقربين
…
إلخ: التشهد، خاصة وقد ورد مرفوعاً أن التشهد فيه التسليم على كل عبد صالح في السماء والأرض.
(1)"سنن الترمذي"(2/294-295- شاكر) .
(2)
" حاشية السندي على النسائي"(2/120) ، و "السلسلة الصحيحة"(حديث رقم 237) .