الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ففي هذا الحديث أن المستحب للقادم من سفر أن يكون على وضوء، وأن يبدأ بالمسجد قبل بيته، فيصلي، ثم يجلس لمن يسلم عليه. (1)
(12-4)
صلاة الاستخارة
شرع الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته أن يستعلموا الله ما عنده في الأمور التي تمر بهم في حياتهم، وأن يطلبوه تعالى الخيرة فيها، وذلك بأن علمهم صلاة الاستخارة مكان ما كان يفعل في الجاهلية من الطيرة والاستفهام بالأزلام والقداح.
وهذه الصلاة هي ما ورد فيما يلي:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن؛ يقول: " إذا هم أحدكم بالأمر؛ فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري (أو قال: عاجل أمري وأجله) ؛ فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري (أو قال: في عاجل أمري وآجله) ؛ فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به". قال: "ويسمي حاجته". أخرجه البخاري. (2)
قلت: وفي الحديث فوائد:
(1)" فتح الباري"(8/124)
(2)
حديث صحيح.
أخرجه البخاري في مواضع منها في (كتاب التهجد، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، حديث رقم 1162) . وانظر: "جامع الأصول"(6/250- 251) .
الأولى: فيه مشروعية صلاة الاستخارة، وفيه ما يشعر بوجوبها. (1)
الثانية: فيه أن الاستخارة تشرع في أي أمر؛ سواء كان عظيماً مهماً أم حقيراً.
قال النووي: " الاستخارة مستحبة في جميع الأمور؛ كما صرح به نص هذا الحديث الصحيح"(2) . اهـ.
قلت: وظاهر أن فعل الواجبات وترك المحرمات وفعل المستحبات وترك المكروهات لا استخارة فيها من جهتها.
نعم؛ تدخل الاستخارة في الواجب والمستحب المخير، وفيما كان زمنه موسعاً. (3)
قال ابن حجر: " ويتناول العموم العظيم من الأمور والحقير، فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم"(4) . اهـ.
الثالثة: وفيه أن صلاة الاستخارة ركعتين من غير الفريضة.
قال النووي: " والظاهر أنها تحصل بركعتين من السنن الرواتب، وبتحية المسجد، وغيرها من النوافل"(5) . اهـ.
قلت: مراده – والله أعلم – إذا تقدم الهم بالأمر على الشروع في فعل الصلاة (6) ، وظاهر كلام النووي أنه سواء نوى صلاة الاستخارة وتلك الصلاة
(1)"نيل الأوطار"(3/88) ، "تحفة الذاكرين"(ص134) .
(2)
" الأذكار"(3/355- مع شرح ابن علان) .
(3)
"فتح الباري"(11/184)
(4)
ما سبق.
(5)
"الأذكار"(3/354- مع شرح ابن علان)
(6)
ما سبق، وذلك كما قال في "فتح الباري" (11/185) :"لأن ظاهر الخبر أن تقع الصلاة والدعاء بعد وجود إرادة الأمر ". اهـ
بعينها أم لم ينو، وهو ظاهر الحديث.
قال العراقي: " إذا كان همه بالأمر قبل الشروع في الراتبة ونحوها، ثم صلى من غير نية الاستخارة، وبدا له بعد الصلاة الإتيان بدعاء الاستخارة؛ فالظاهر حصول ذاك"(1) . اهـ.
الرابعة: وفيه: أن الاستخارة لا تكون في حال التردد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال: " إذا هم أحدكم بالأمر "، ولأن الدعاء جميعه يدل على هذا.
فإذا كان المسلم متردداً في أمر، وأراد الاستخارة، عليه أن يختار منهما أمراً، ويستخير عليه، ثم بعد الاستخارة يمضي فيه، فإن كان خيراً؛ يسره الله وبارك له فيه، وإن كان غير ذلك؛ صرفه عنه، ويسر له ما فيه الخير بإذنه سبحانه وتعالى.
الخامسة: وفيه: أنه لا يتعين في الركعتين قراءة سورة أو آيات معينة بعد الفاتحة. (2)
(1) نقله في "نيل الأوطار"(3/88) ، ونازع في ذلك الحافظ في "فتح الباري"(11/185)، فقال:" ويظهر أن يقال: إن نوى تلك الصلاة بعينها وصلاة الاستخارة معاً؛ أجزأ؛ بخلاف ما إذا لم ينو ويفارق تحية المسجد، لأن المراد بها شغل البقعة بالدعاء، والمراد بصلاة الاستخارة أن تقع الصلاة والدعاء عقبها أو فيها، ويبعد الإجزاء لمن عرض له الطلب بعد فراغ الصلاة؛ لأن ظاهر الخبر أن تقع الصلاة والدعاء بعد وجود إرادة الأمر". اهـ.
قلت: ظاهر الخبر ليس فيه اشتراط تعيين ركعتين، سوى أنهما من غير الفريضة، فلو أن مسلماً أراد أمراً، فركع ركعتين راتبة الظهر مثلاً، ودعا بعدها بدعاء الاستخارة؛ فقد حصل المطلوب وهو الظاهر؛ كما استظهره النووي والعراقي فيما سبق. والله أعلم.
(2)
وأفاد النووي في "الأذكار"(3/354- مع شرح ابن علان) أنه يقرأ في الركعتين الكافرون والإخلاص.
وقال العراقي: لم أجد في شيء من طرق الحديث تعيين ما يقرأ في ركعتي الاستخارة، لكن ما ذكره النووي مناسب
…
" "شرح الأذكار لابن علان" (3/354) .
قلت: لكن هذه المناسبة لا تسوغ القول بالمشروعية والتعيين. وبالله التوفيق.