الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: والحديثان يدلان على مشروعية صلاة ركعتين أو أربع ركعات بعد الجمعة، أي ذلك فعل المسلم؛ جاز، والأفضل صلاة أربع ركعات بعد الجمعة؛ لما في حديث أبي هريرة من التنصيص القولي عليها.
وهذه السنة - سواء صلاها ركعتين أم أربعاً - الأفضل صلاتها في البيت مطلقاً (1) دون تفصيل فيها. (2)
(10-4)
صلاة التسبيح
من الصلوات المشروعة صلاة التسبيح، وهي التالية في حديث ابن عباس:
عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب: "يا عباس! يا عماه! ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ ألا أفعل بك؟ عشر خصال، إذا أنت فعلت ذلك؛ غفر الله لك ذنبك؛ أوله وآخره، قديمه وحديثه، خطأه وعمده، صغيره وكبيره سره وعلانيته؛ عشر خصال: أن تصلي أربع ركعات؛ تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة. فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم؛ قلت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ خمس عشرة مرة. ثم تركع، فتقولها وأنت راكع عشراً. ثم ترفع رأسك من الركوع، فتقولها عشراً. ثم تهوي ساجداً، فتقولها وأنت ساجد عشراً. ثم ترفع
(1) لحديث: " أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة"، وسيأتي إن شاء الله تخريجه، وهو حديث صحيح.
قال العلامة الألباني في "تمام المنة"(ص341- 432) : " فإذا صلى بعد الجمعة ركعتين أو أربعاً في المسجد جاز، أو في البيت؛ فهو أفضل؛ لهذا الحديث الصحيح (يعني حديث: "أفضل الصلاة
…
") . اهـ.
(2)
وهذا التفصيل: " إن صلى في المسجد؛ صلى أربعاً، وإن صلى في بيته؛ صلى ركعتين"؛ لا دليل صحيح يدل عليه. وانظر مناقشته ورده في "تمام المنة"(ص341- 342) .
رأسك من السجود، فتقولها عشراً. ثم تسجد، فتقولها عشراً. ثم ترفع رأسك، فتقولها عشراً. فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعات، إذا استطعت أن تصليها كل يوم مرة؛ فافعل، فإن لم تفعل؛ ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل؛ ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل؛ ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة". أخرجه أبو داود وابن ماجه. (1)
قلت: وهذه فوائد تتعلق بحديث صلاة التسبيح:
الأولى: الخطاب في هذا الحديث موجه للعباس، وحكمه عام لكل المسلمين؛ إذ الأصل في خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم العموم لا الخصوص.
الثانية: قوله في الحديث: " غفر الله لك ذنبك؛ أوله وآخره، قديمه وحديثه، خطأه وعمده، صغيره وكبيره، سره وعلانيته؛ عشر خصال ".
إن قيل: قوله: " خطأه وعمده "، والخطأ لا إثم فيه؛ قال تعالى:{ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} ؛ فكيف يجعل من جملة الذنب؟
والجواب: إن الخطأ فيه نقص وقصور، وإن لم يكن فيه إثم؛ فهذه الصلاة لها هذا الأثر المذكور.
الثالثة: قال في "التنقيح لما جاء في صلاة التسبيح": "واعلم رحمك الله
(1) حديث حسن لغيره.
أخرجه أبو داود في (كتاب الصلاة، باب صلاة التسبيح حديث، رقم 1297) واللفظ له، وأخرجه ابن ماجه في (كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة التسبيح، حديث رقم 1386) .
وقد قوى هذا الحديث جمع من أهل العلم؛ منهم: أبو بكر الأجري، وأبو الحسن المقدسي، والبيهقي، ومن قبلهم ابن المبارك، وكذا ابن السكن، والنووي، والتاج السبكي، والبلقيني، وابن ناصر الدين الدمشقي، وابن حجر، والسيوطي، واللكنوي، والسندي، والزبيدي، والمباركفوري صاحب "التحفة"، والمباركفوري صاحب "المرعاة"، والعلامة أحمد شاكر، والألباني في آخرين. وانظر:"رسالة التنقيح لما جاء في صلاة التسبيح" لجاسم الدوسري (ص64-70) .
أن مثل هذه الأحاديث التي تحث على أعمال متضمنة لغفران الذنوب ينبغي للعبد أن لا يتكل عليها فيطلق لنفسه العنان في مقارفة الذنوب والآثام، ويظن هذا المسكين أنه قد عمل عملاً ضمن به غفران ذنوبه كلها، وهذه غاية الحمق والجهل، فما يدريك – أيها المخدوع! – أن الله قد تقبل عملك هذا، وبالتالي غفر ذنوبك، والله عز وجل يقول:{إنما يتقبل الله من المتقين} [المائدة: 27] ؟!
فتنبه لهذا واحذر، واعلم أن مداخل الشيطان على الإنسان كثيرة؛ فإياك إياك أن يدخل عليك من هذا الباب!!
وقد وصف الله عباده المؤمنين بأنهم يعملون الصالحات، ويجتهدون في الطاعات، ومع ذلك؛ فقلوبهم وجلة خائفة أن ترد عليهم أعمالهم، وتضرب في وجوههم، قال تعالى:{والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون. أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون} [المؤمنون: 60-61] .
وهذا الذي حكيناه في تفسير هذه الآية ما عليه جمهور المفسرين
وذكر القرطبي في "الجامع"(12/132) عن الحسن؛ أنه قال: " لقد أدركنا أقواماً كانوا من حسناتهم أن ترد عليهم أشفق منكم على سيئاتكم أن تعذبوا عليها". اهـ.
واعلم أن الذنوب المتعلقة بحقوق الآدميين لا يشملها الحديث، بل يجب إرجاع الحقوق إلى أهلها، والتوبة النصوح من ذلك " (1) . اهـ.
الرابعة: لم يرد ما يقبل في تعيين ما يقرأ به في الركعات، ولا في تعيين وقتها.
(1)"التنقيح لما جاء في صلاة التسبيح"(ص101- 102) .