الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج) لم يصح ما يدل على أن الناس يقلبون أرديتهم مع الإمام. (1)
(16-4)
صلاة الجنازة
(2)
ويشتمل هذا الفصل على المباحث التالية:
الأول: حكم صلاة الجنازة وفضلها.
الثاني: الجماعة في صلاة الجنازة.
الثالث: موقف الإمام.
الرابع: صفتها.
وإليك البيان:
- (1-16-4) حكم صلاة الجنازة وفضلها:
الصلاة على الميت المسلم فرض كفاية؛ لأمره صلى الله عليه وسلم بها في أحاديث؛ أذكر منها:
حديث زيد بن خالد الجهني؛ قال: إن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توفي يوم خيبر، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:" صلوا على صاحبكم" فتغيرت وجوه الناس لذلك، فقال:" إن صاحبكم غل في سبيل الله". ففتشنا متاعه، فوجدنا خرزاً من خرز يهود لا يساوي درهمين. أخرجه أبو داود والنسائي (3) .
(1) انظر: " تمام المنة"(ص264)
(2)
مجمل ما تراه في هذا الفصل استقيت ما فيه من كتاب "أحكام الجنائز وبدعها" للعلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني، ومن شاء الاستزادة؛ فعليه به.
(3)
حديث صحيح.
أخرجه أحمد في "المسند"(4/114، 5/192) ، وأبو داود في (كتاب الجهاد، باب في تعظيم الغلول، حديث رقم 2710) واللفظ له، والنسائي في (كتاب الجنائز، باب الصلاة على من غل، 4/64) ، وابن ماجه في (كتاب الجهاد، باب الغلول، حديث رقم 2848) .
والحديث صحح إسناده عند ابن ماجه محقق "جامع الأصول"(2/721) ، وصححه الألباني في "أحكام الجنائز"(ص79) .
ووجه الدلالة في الحديث: أن الصلاة على الميت لو كانت فرض عين؛ لصلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما اكتفى بقوله:" صلوا على صاحبكم ".
أما فضل صلاة الجنازة؛ فيدل عليه:
ما جاء عن عامر بن سعد بن أبي وقاص؛ أنه كان قاعداً عند عبد الله بن عمر؛ إذ طلع خباب صاحب المقصورة، فقال: يا عبد الله بن عمر! ألا تسمع ما يقول أبو هريرة؟ إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من خرج مع جنازة من بيتها، وصلى عليها، ثم تبعها حتى تدفن؛ كان له قيراطان من أجر، كل قيراط مثل أحد. ومن صلى عليها، ثم رجع؛ كان له من الأجر مثل أحد؟ ". فأرسل ابن عمر خباباً إلى عائشة يسألها عن قول أبي هريرة ثم يرجع إليه فيخبره ما قالت، وأخذ ابن عمر قبضة من حصباء المسجد يقلبها في يده، حتى رجع إليه الرسول، فقال: قالت عائشة: صدق أبو هريرة. فضرب ابن عمر بالحصى الذي كان في يده الأرض، ثم قال: لقد فرطنا في قراريط كثيرة. أخرج الشيخان. (1)
(1) حديث صحيح.
أخرجه البخاري في مواضع منها في: (كتاب الجنائز، باب من انتظر حتى تدفن، حديث رقم 1325) ، وأخرجه مسلم في (كتاب الجنائز، باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها، حديث رقم 945) واللفظ له، وانظر:" أحكام الجنائز وبدعها"(ص67- 68) .
فائدة: قال ابن حجر في "فتح الباري"(3/197) في كلامه على فقه الحديث السابق: "ومقتضاه أن القيراط يختص بمن حضر من أول الأمر إلى انقضاء الصلاة، وبذلك صرح المحب الطبري وغيره، والذي يظهر لي أن القيراط يحصل أيضاً لمن صلى فقط؛ لأن كل ما قبل الصلاة وسيلة إليها، لكن يكون قيراط من صلى فقط دون قيراط من شيع مثلاً وصلى، ورواية مسلم من طريق أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ: "أصغرهما مثل أحد": تدل على أن القراريط تتفاوت، ووقع أيضاً في رواية أبي صالح المذكورة عند مسلم: "من صلى على جنازة ولم يتبعها؛ فله قيراط"، وفي رواية نافع بن جبير عن أبي هريرة عن أحمد: " ومن صلى ولم يتبع؛ فله قيراط"، فدل على أن الصلاة تحصل القيراط وإن لم يقع اتباع، ويمكن أن يحمل الاتباع هنا على ما بعد الصلاة". اهـ.
- (2-16-4) الجماعة في صلاة الجنازة:
تجب (1) الجماعة في صلاة الجنازة؛ لمداومة الرسول صلى الله عليه وسلم على صلاتها جماعة، ولعموم قوله عليه الصلاة والسلام:" صلوا كما رأيتموني أصلي". أخرجه البخاري. (2)
ويستحب أن يكون عدد المصلين أربعون؛ لما جاء عن كريب مولى ابن عباس، عن عبد الله بن عباس؛ أنه مات ابن له بقديد أو بعسفان، فقال: يا كريب! انظر ما اجتمع له من الناس. قال: فخرجت؛ فإذا ناس قد اجتمعوا له، فأخبرته، فقال: تقول: هم أربعون؟ قال: نعم. قال: أخرجوه؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً، لا يشركون بالله شيئاً؛ إلا شفعهم الله فيه". أخرجه مسلم. (3)
فإن كانوا مئة من المسلمين؛ فإن الله يشفعهم فيه؛ لما جاء عن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مئة، كلهم يشفعون له؛ إلا شفعوا فيه". أخرجه مسلم. (4)
(1)"أحكام الجنائز وبدعها"(ص97) .
(2)
حديث صحيح. عن مالك بن الحويرث.
وهو جزء من حديث أخرجه البخاري في مواضع منها في (كتاب الأذان، باب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة والإقامة وكذلك بعرفة وجمع، حديث رقم 631) .
(3)
حديث صحيح.
أخرجه مسلم في (كتاب الجنائز، باب من صلى عليه أربعون شفعوا فيه، حديث رقم 948) .
(4)
حديث صحيح.
أخرجه مسلم في (كتاب الجنائز، باب من صلى عليه مئة شفعوا فيه، حديث رقم 947) .
ويستحب أن يصفوا ثلاثة صفوف؛ لحديث مالك بن هبيرة؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من مسلم يموت، فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين؛ إلا أوجب". فكان مالك إذا استقل أهل الجنازة؛ جزأهم ثلاثة صفوف؛ للحديث. أخرجه أبو داود والترمذي. (1)
- (3-16-4) موقف الإمام:
يقف الإمام وراء رأس الرجل ووسط المرأة.
ويدل على ذلك:
ما جاء عن أبي غالب؛ قال: " صليت مع أنس بن مالك على جنازة رجل، فقام حيال رأسه، ثم جاؤوا بجنازة امرأة من قريش، فقالوا: يا أبا حمزة! صل عليها. فقام حيال وسط السرير، فقال له العلاء بن زياد: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قام على الجنازة مقامك منها ومن الرجل مقامك منه؟ قال: نعم. فلما فرغ؛ قال: احفظوا". أخرجه الترمذي وأبو داود. (2)
(1) حديث حسن لغيره.
أخرجه أبو داود في (كتاب الجنائز، باب في الصفوف على الجنازة، حديث رقم 3166) واللفظ له، وأخرجه الترمذي في (كتاب الجنائز، باب ما جاء في الصلاة على الجنازة والشفاعة للميت، حديث رقم 1028) ، وابن ماجه في (كتاب الجنائز، باب ما جاء فيمن صلى عليه جماعة من المسلمين، حديث رقم 1490) ، ومداره على ابن إسحاق، وقد عنعن.
والحديث حسنه لغيره الألباني في " أحكام الجنائز وبدعها"(ص99- 100) وذكر له شاهداً.
(2)
حديث صحيح.
أخرجه الترمذي في (كتاب الجنائز، باب ما جاء أين يقوم الإمام من الرجل والمرأة، حديث رقم 1034) واللفظ له، وأخرجه أبو داود في (كتاب الجنائز، باب أين يقوم الإمام من الميت إذا صلى عليه، حديث رقم 3194) ، وأخرجه ابن ماجه في (كتاب الجنائز، باب ما جاء في أين يقوم الإمام إذا صلى على الجنازة، حديث رقم 1494) .
والحديث حسنه الترمذي في "السنن"، وصحح الألباني في "أحكام الجنائز"(ص109) .
وإذا لم يوجد مع الإمام غير رجل واحد؛ فإنه لا يقف حذاءه كما هو السنة في سائر الصلوات، بل يقف خلف الإمام.
ويدل عليه:
ما جاء عن عبد الله بن أبي طلحة؛ أن أبا طلحة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمير بن أبي طلحة حين توفي، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى عليه في منزلهم، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو طلحة وراءه، وأم سليم وراء أبي طلحة، ولم يكن معهم غيرهم". أخرجه الحاكم والبيهقي. (1)
وإذا اجتمعت جنائز عديدة من الرجال والنساء؛ صلى عليها صلاة واحدة، وجعلت الذكور – ولو كانوا صغاراً – مما يلي الإمام، وجنائز الإناث مما يلي القبلة.
ويدل على ذلك:
ما جاء عن نافع: " أن ابن عمر صلى على تسع جنائز جميعاً، فجعل الرجال يلون الإمام والنساء يلين القبلة، فصفهن صفاً واحداً. ووضعت جنازة أم كلثوم بنت علي امرأة عمر بن الخطاب وابن لها يقال له: زيد، وضعا جميعاً، والإمام يومئذ سعيد بن العصا، وفي الناس ابن عمر وأبو هريرة وأبو سعيد وأبو قتادة، فوضع الغلام مما يلي الإمام، فقال رجل: فأنكرت ذلك، فنظرت إلى ابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد وأبي قتادة، فقلت: ما هذا؟! قالوا هي
(1) حديث صحيح.
أخرجه الحاكم في "المستدرك"(1/365) واللفظ له، والبيهقي من طريقه في "السنن الكبرى"(4/30، 31) .
وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وسنة غريبة في إباحة صلاة النساء على الجنائز ولم يخرجاه". اهـ. وتعقبه الألباني في "أحكام الجنائز"(ص 98) بقوله: " إنما هو على شرط مسلم وحده
…
".
السنة". أخرجه النسائي. (1)
- (4-16-4) صفة صلاة الجنازة:
يشتمل هذا المبحث على المسائل التالية:
الأولى: الطهارة لصلاة الجنازة.
الثانية: صفتها والتكبيرات فيها.
الثالثة: رفع اليدين في التكبيرة الأولى ووضع اليمنى على اليسرى.
الرابعة: القراءة في صلاة الجنازة.
الخامسة: ما يقال بعد التكبيرة الثانية.
السادسة: ما يقال بعد التكبيرة الثالثة.
السابعة: التسليم من صلاة الجنازة.
وإليك البيان:
المسألة الأولى: الطهارة لصلاة الجنازة:
تشترط الطهارة لصلاة الجنازة:
لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ". متفق عليه. (2)
(1) حديث صحيح.
أخرجه النسائي في (كتاب الجنائز، باب اجتماع جنائز الرجال والنساء، 4/71) ، وابن الجارود في "المنتقى" تحت رقم 545) .
والحديث صححه الألباني في "أحكام الجنائز"(ص103) ، وصححه صاحب "غوث المكدود"(2/140) .
(2)
حديث صحيح عن أبي هريرة.
أخرجه البخاري في موضعين: أحدهما في (كتاب الوضوء، باب لا تقبل صلاة بغير طهور، حديث رقم 135) واللفظ له، وأخرجه مسلم في (كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، حديث رقم 225) .
ولقوله صلى الله عليه وسلم: " مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم". أخرجه أبو داود والترمذي. (1)
وقد سمى الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة على الجنازة صلاة، فقال:" صلوا على صاحبكم"(2)، وقال:" من خرج مع جنازة من بيتها وصلى عليها"(3) ، وفيها تكبير وتسليم (4)، وقد دل حديث: " مفتاح الصلاة
…
"؛ على أن كل ما تحريمه
(1) حديث حسن عن علي بن أبي طالب.
أخرجه أبو داود في (كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء، حديث رقم 61) ، وأخرجه الترمذي في (كتاب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور، حديث رقم 3) ، وابن ماجه في (كتاب الطهارة وسننها، باب مفتاح الصلاة الطهور، حديث رقم 275) .
والحديث صححه محقق " جامع الأصول"(5/429)، وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (1/15) عنه:"حسن صحيح". اهـ.
(2)
حديث صحيح. سبق تخريجه.
(3)
حديث صحيح. سبق تخريجه.
(4)
هذا الاستدلال هو استدلال الإمام البخاري، فقال في (كتاب الجنائز، باب سنة الصلاة على الجنائز) : "وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من صلى على الجنازة"، وقال: " صلوا على صاحبكم "، وقال: "صلوا على النجاشي"؛ سماها: صلاة، ليس فيها ركوع ولا سجود، ولا يتكلم فيها، وفيها تكبير وتسليم، وكان ابن عمر لا يصلي إلا طاهراً، ولا يصلي عند طلوع الشمس ولا غروبها، ويرفع يديه
…
". "فتح الباري" (3/189) .
=قلت: فهو أشار بقوله: " وفيها تكبير وتسليم": إلى الاستدلال بحديث: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم"؛ حيث دل على أن كل ما تحريمه التكبير وتحليله التسليم فمفتاحه الطهارة.
وفات هذا ابن رشيد فتعقب البخاري ببحث قوي، لولا ما قدمته لك من فوات هذا الاستدلال عليه من كلام البخاري رحم الله الجميع وغفر لنا ولهم.
ونقل كلام ابن رشيد في "فتح الباري"(3/192) .
التكبير وتحليله التسليم؛ فمفتاحه الطهور. (1)
المسألة الثانية: صفتها والتكبيرات فيها:
صلاة الجنازة صلاة قيام؛ لا ركوع فيها، ولا سجود، ولا قعود.
وهي تكبيرات أربع أو خمس أو ست أو سبع أو تسع، كل هذا ثابت، وهو من اختلاف التنوع؛ فأيها فعل المسلم؛ أجزأه.
والأولى مراعاة فضل الميت، فيزاد في التكبيرات إلى التسع بحسبه، وإن كان لابد من الالتزام لنوع منها؛ فهو الأربع؛ لكثرة الأحاديث الواردة فيها.
أما الأدلة على ذلك؛ فكما يلي:
قال ابن حزم: " لا خلاف في أنها (صلاة الجنازة) صلاة قيام، لا ركوع فيها ولا سجود، ولا قعود ولا تشهد"(2) . اهـ.
أما الدليل على التكبيرات؛ فكما يلي:
دليل التكبيرات الأربع: ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى، فصف بهم، وكبر عليه أربع تكبيرات". أخرجه الشيخان. (3)
دليل التكبيرات الخمس: ما جاء عن عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ قال: " كان زيد [ابن أرقم] يكبر على جنائزنا أربعاً، وإنه كبر على جنازة خمساً،
(1)"تهذيب تهذيب سنن أبي داود"(1/52) .
(2)
" المحلى"(5/123) . وانظر: " موسوعة الإجماع"(1/683) .
(3)
حديث صحيح.
فقد أخرجه البخاري في مواضع منها في (كتاب الجنائز، باب التكبير على الجنازة أربعاً، حديث رقم 1333) واللفظ له، ومسلم في (كتاب الجنائز، باب في التكبير على الجنازة، حديث رقم 951) . انظر: " جامعة الأصول "(6/215) ، " أحكام الجنائز"(ص 110) .
فسألته؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبرها ". أخرجه مسلم. (1)
دليل التكبيرات الست: ما جاء عن عبد خير؛ قال: " كان علي رضي الله عنه يكبر على أهل بدر ستاً، وعلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً، وعلى سائر الناس أربعاً ". أخرجه ابن أبي شيبة والدارقطني. (2)
قلت: وهذا أثر موقوف، لكنه في حكم المرفوع، ولأنه فعل من رجل من كبار الصحابة أمام مشهد من الصحابة دون إنكار منهم. (3)
دليل التكبيرات السبع: ما جاء عن موسى بن عبيد الله بن يزيد: " أن علياً رضي الله عنه صلى على أبي قتادة، فكبر عليه سبعاً، وكان بدرياً" أخرجه البيهقي. (4)
(1) حديث صحيح.
أخرجه مسلم في (كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر، حديث رقم 957)، انظر:"جامع الأصول"(6/216) ، و "أحكام الجنائز"(ص112)
(2)
إسناده صحيح.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/303) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/497) ، والدارقطني في "السنن"(2/73) ، والبيهقي في "الكبرى"(4/37) ، من طريق الدارقطني.
والأثر قال الألباني في "أحكام الجنائز"(ص113) : " سنده صحيح رجاله ثقات كلهم". اهـ.
(3)
انظر: " أحكام الجنائز"(ص112)
(4)
إسناده صحيح.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/304) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/496) ، ووقع سقط عنده في كلمة " أبي قتادة"، كتبت بدون (أبي) فصارت (قتادة) .
وأخرجه البيهقي (54/36- 37) وأعله بأن أبا قتادة مات بعد علي.
والحديث قال ابن التركماني في "الجوهر النقي"(4/36-37) : " رجاله ثقات" \ ورد تعليل البيهقي إياه؛ مبيناً أن الصحيح أن أبا قتادة توفي بالكوفة وعلي بها، وقال الألباني في "أحكام الجنائز" (ص 114) : "سند صحيح على شرط مسلم
…
"، ورد تعليل البيهقي، ونقل رده عن ابن حجر أيضاً.
دليل التكبيرات التسع: ما جاء عن عبد الله بن الزبير: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم أحمد بحمزة، فسجي ببردة، ثم صلى عليه، فكبر تسع تكبيرات، ثم أتى بالقتلى، يصفون ويصلى عليهم وعليه معهم". أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار". (1)
أما الدليل على زيادة التكبير على الأربع عند الصلاة على أهل الفضل؛ فيدل عليه الآثار والأحاديث السابقة، خاصة أثر عبد خير عن علي، وحديث ابن الزبير في صلاة الرسول عليه الصلاة والسلام على حمزة وقتلى أحد (2) . والله أعلم.
المسألة الثالثة: رفع اليدين في التكبيرة الأولى ووضع اليمنى على اليسرى:
السنة الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه في أول تكبيرة من تكبيرات صلاة الجنازة.
(1) حديث حسن.
أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/503) ، وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/304) من حديث عبد الله بن الحارث نحوه.
والحديث قال عنه الألباني في "أحكام الجنائز"(ص82) : " إسناده حسن، رجاله كلهم ثقات معروفون، وابن إسحاق قد صرح بالحديث
…
". اهـ.
(2)
ومن تراجم البيهقي " في السنن الكبرى"(4/36) : " باب من ذهب في زيادة التكبير على الأربع إلى تخصيص أهل الفضل بها ". اهـ.
قلت: هذا؛ وقد ذكر الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/495) إلى أن الزيادة على الأربع إنما كان لمعنى خاص، خص به أهل بدر على سائر الناس.
أقول: لا يسلم ما ذكره الطحاوي رحمه الله، فإنه يعترض عليه بما جاء عن عبد خير عن علي في دليل التكبيرات الست، وكذا بما ورد في حديث زيد بن أرقم. والله أعلم.
ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم رفعهما في سائر التكبيرات فيها، غاية ما ثبت عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه رفعهما في سائر التكبيرات. (1)
وبعد التكبير؛ هل يضع المسلم يده اليمنى على اليسرى، أم يرسلها؟
لم يثبت في ذلك ما يمكن الجزم به، والذي استحبه بعض أهل العلم القبض فيها، فرأوا مشروعية وضع اليد اليمنى على اليسرى في صلاة الجنازة.
والدليل على رفع اليدين في التكبيرة الأولى: ما جاء عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر على جنازة، فرفع يديه في أول تكبيرة
…
". أخرجه الترمذي. (2)
(1) علق هذا عن ابن عمر البخاري في "صحيحه" في (كتاب الجنائز، باب سنة الصلاة على الجنازة، فتح الباري 3/189)، حيث قال: " وكان ابن عمر
…
ويرفع يديه "، وأسنده عنه في "جزء رفع اليدين" (ص184-185- جلاء العينين) ، وأسنده ابن أبي شيبة عنه في "المصنف " (3/296) ، والبيهقي في "الكبرى" (4/44) .
وقال الألباني في "أحكام الجنائز"(ص117) عن هذا الأثر عن ابن عمر عند البيهقي: " بسند صحيح".
ثم عقب عليه بقوله: " فمن كان يظن أنه لا يفعل ذلك إلا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم؛ فله أن يرفع
…
" اهـ.
(2)
حديث حسن لغيره.
أخرجه الترمذي في (كتاب الجنائز، باب ما جاء في رفع اليدين على الجنازة، حديث رقم 1077) واللفظ له، ومكان النقاط الجملة التالية:" ووضع اليمنى على اليسرى "، ولم أوردها في الأصل؛ لأنه لا شاهد لها، وأخرجه الدارقطني في "السنن"(2/74-75) ، والبيهقي في "الكبرى"(4/38) .
والحديث مداره على يزيد بن سنان أبو فروة؛ ضعيف، لكنه توبع؛ كما ذكر المزي في "تحفة الأشراف"(10/9)، تابعه:" يونس بن خباب عن الزهري بنحوه"، وذكر له الألباني في "أحكام الجنائز"(ص 116) شاهداً عن ابن عباس أخرجه الدارقطني في "السنن"(2/75) بسند فيه مجهول وليس فيه ما يشهد للجملة التي أشرت إليها قبل قليل، فيرقى المقطع الأول من الحديث إلى الحسن لغيره، والله أعلم.
قال الترمذي رحمه الله في (باب ما جاء في رفع اليدين على الجنازة) : "اختلف أهل العلم في هذا: فرأى أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن يرفع الرجل يديه في كل تكبيرة على الجنازة، وهو قول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق. وقال بعض أهل العلم: لا يرفع يديه إلا في أول مرة، وهو قول الثوري وأهل الكوفة. وذكر عن ابن المبارك؛ أنه قال في الصلاة على الجنازة: لا يقبض يمينه على شماله. ورأى بعض أهل العلم أن يقبض بيمينه على شماله كما يفعل في الصلاة". قال أبو عيسى: "يقبض، أحب اليّ "(1) . اهـ.
المسألة الرابعة: القراءة في الصلاة على الجنازة:
السنة أن يقرأ المسلم الفاتحة وسورة بعد التكبيرة الأولى.
والقراءة تكون سراً.
ولا استفتاح في صلاة الجنازة.
والدليل على ذلك:
ما جاء عن طلحة بن عبد الله بن عوف؛ قال: " صليت خلف ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب؛ قال: لتعلموا أنها سنة". أخرجه البخاري.
وفي رواية عند النسائي للحديث: " صليت خلف ابن عباس على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، وجهر حتى أسمعنا، فلما فرغ؛ أخذت بيده فسألته؟ فقال: سنة وحق". (2)
(1) سنن الترمذي (3/388-389) .
(2)
حديث صحيح.
أخرجه البخاري في (كتاب الجنائز، باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة، حديث رقم 1335) ، وأخرجه النسائي في (كتاب الجنائز، باب الدعاء 4/74-75) ، وابن الجارود في "المنتقى"(حديث رقم 534- 537) .
وصحح رواية النسائي الألباني في "أحكام الجنائز"(ص119)، وصححهما صاحب "غوث المكدود" (2/132) . وانظر:" جامع الأصول "(6/218) .
قال الترمذي رحمه الله بعد إيراده لهذا الحديث: "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، يختارون أن يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: لا يقرأ في الصلاة على الجنازة؛ إنما هو ثناء على الله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء للميت. وهو قول الثوري وغيره من أهل الكوفة". (1) اهـ.
قلت: ما جاء في السنة هو الواجب اتباعه، وبالله التوفيق.
المسألة الخامسة: ما يقال بعد التكبيرة الثانية:
المسألة السادسة: ما يقال بعد التكبيرة الثالثة:
السنة في صلاة الجنازة إذا كبر المسلم التكبيرة الثانية أن يصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم.
والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم المستحب أن تكون بالصيغ التي علمها الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضوان الله عليهم.
وبعد التكبيرة الثالثة وفي سائر التكبيرات يخلص الدعاء فيها للميت.
والمستحب أن يدعو بما ثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام من الدعاء في الجنازة.
الدليل على ذلك:
(1)"سنن الترمذي"(3/346) .
ما جاء عن أبي أمامة بن سهل؛ أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: " أن السنة في الصلاة على الجنازة: أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سراً في نفسه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويخلص الدعاء للميت في التكبيرات، لا يقرأ في شيء منهن، ثم يسلم سراً في نفسه". أخرجه الشافعي في " الأم".
وفي رواية عند الحاكم: عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف؛ أنه أخبره رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة على الجنازة: " أن يكبر الإمام، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويخلص الصلاة في التكبيرات الثلاث، ثم يسلم تسليماً خفياً حين ينصرف، والسنة أن يفعل من روائه مثل ما فعل إمامه"(1) .
ومن الأدعية الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم في الصلاة على الجنازة:
ما جاء عن عوف بن مالك؛ قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة؛ فحفظت من دعائه وهو يقول: " اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر (أو: من عذاب
(1) حديث صحيح.
أخرجه الشافعي في " الأم"(1/270) ، ومن طريقه البيهقي في "الكبرى"(4/39) ، وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/500) .
ورواية الحاكم في "المستدرك"(1/360) ، ومن طريقه البيهقي في "الكبرى"(4/39-40) .
وأخرجه على صورة الإرسال عبد الرزاق في "المصنف" تحت (رقم 6428، 3/489) ، وابن الجارود في "المنتقى" تحت (رقم 540)
والحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الألباني في "أحكام الجنائز"(ص122) ، وصححه صاحب "غوث المكدود"(2/4/13) .
النار) ". قال: حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت. أخرجه مسلم.
وفي رواية له: "
…
وقه فتنة القبر وعذاب القبر". (1)
المسألة السابعة: التسليم من صلاة الجنازة:
السنة في صلاة الجنازة أن يسلم تسليمتين مثل تسليم الصلاة، وله أن يسلم تسليمة واحدة فقط عن يمينه، أي ذلك فعل المسلم؛ جاز، والتسليم يكون سراً خفيفاً.
ويدل على ذلك:
ما جاء عن عبد الله بن مسعود؛ قال: " ثلاث خلال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلهن تركهن الناس: إحداهن التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلاة". أخرجه البيهقي. (2)
وما جاء عن أبي هريرة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة، فكبر عليها أربعاً، وسلم تسليمة واحدة". أخرجه الدارقطني. (3)
(1) حديث صحيح.
أخرجه مسلم في (كتاب الجنائز، باب الدعاء للميت في الصلاة، حديث رقم 963)
فائدة: أورد العلامة الألباني جملة من الأحاديث التي صحت في أدعية الجنازة في كتابه "أحكام الجنائز"(ص123-126) .
(2)
حديث صحيح.
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(4/43) .
والحديث حسنه الألباني، ونقل عن النووي أنه قال:" إسناده جيد". انظر: " أحكام الجنائز"(ص127) .
(3)
حديث حسن.
أخرجه الدارقطني في "السنن"(2/72) واللفظ له، وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(1/360) ، ومن طريقه البيهقي في "الكبرى"(4/43) .
والحديث حسنه الألباني في "أحكام الجنائز"(ص128) .
فائدة: قال الحاكم في "المستدرك"(1/360) : " التسليمة الواحدة على الجنازة قد صحت الرواية فيه عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو وعبد الله ابن عباس وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبي هريرة؛ أنهم كانوا يسلمون على الجنازة تسليمة واحدة".