المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ تعريف صلوات التطوع - بغية المتطوع في صلاة التطوع

[محمد بن عمر بازمول]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الكتاب

- ‌صلوات التطوعتعريفها، وأنواعها، وفضلها

- ‌ تعريف صلوات التطوع

- ‌ أنواع صلوات التطوع

- ‌ فضل صلوات التطوع

- ‌السنن الرواتبفضلها، ووصفها، وأحكامها

- ‌ فضل السنن الرواتب

- ‌ وصف السنن الراتبة وأحكامها

- ‌ راتبة صلاة الفجر:

- ‌ راتبة صلاة الظهر:

- ‌ راتبة صلاة العصر:

- ‌ راتبة صلاة المغرب:

- ‌ راتبة العشاء:

- ‌صلاة الليل والوتر

- ‌ فضلهما

- ‌ حكم صلاة الليل والوتر

- ‌ أول وقت صلاة الليل والوتر وآخره

- ‌ عدد ركعات صلاة الليل والوتر وصفتها

- ‌ ما يقرأ في الوتر

- ‌ القنوت في الوتر

- ‌ من نام عن وتره أو نسيه

- ‌ لا وتران في ليلة

- ‌صلوات متفرقة

- ‌ صلاة الإشراق

- ‌ صلاة الضحى

- ‌ صلاة الزوال

- ‌ صلاة الدخول والخروج من المنزل

- ‌ صلاة ركعتين بعد الوضوء

- ‌ صلاة تحية المسجد

- ‌ الصلاة بين الأذان والإقامة

- ‌ صلاة التوبة

- ‌ صلاة سنة الجمعة

- ‌ صلاة التسبيح

- ‌ صلاة القادم من السفر

- ‌ صلاة الاستخارة

- ‌ صلاة الكسوف والخسوف

- ‌ صلاة العيدين

- ‌ صلاة الاستسقاء

- ‌ صلاة الجنازة

- ‌ صلاة ركعتي الطواف

- ‌ الصلاة في مسجد قباء

- ‌مسائل وأحكامتتعلق بصلاة التطوع

- ‌ التطوع في البيت أفضل

- ‌ المداومة على التطوع أفضل وإن قل

- ‌ صلاة التطوع عن قعود

- ‌ صلاة التطوع في السفر

- ‌ وصل صلاة التطوع بالفرض

- ‌ صلاة التطوع على الراحلة

- ‌ الجماعة في صلاة التطوع

- ‌ قضاء الراتبة مع الفائتة

- ‌ أفضل الصلاة طول القراءة

- ‌ملحقبدع صلوات التطوع

- ‌فهرست المصادر والمراجع

الفصل: ‌ تعريف صلوات التطوع

صلوات التطوع

تعريفها، وأنواعها، وفضلها

(1-1)

‌ تعريف صلوات التطوع

(صلوات التطوع) : مركب إضافي، والأسماء المركبة يبدأ في تعريف مفرداتها، ثم تعريفها بعد الإضافة.

فـ (الصلوات) : جمع، مفردها صلاة.

وهي في اللغة: الدعاء (1)

وفي الشرع: أقوال وأفعال، مفتاحها الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم.

و (التطوع) في اللغة: تكلف الطاعة، أو التبرع بما لا يلزم من الخير، أو الزيادة التي ليست لازمة.

ولا يقال: (تطوع) ، إلا في باب الخير والبر (2) .

وفي الشرع: الزيادة على ما وجب بحق الإسلام، سواء كانت هذه الزيادة واجبة أم لا

(1)"معجم مقاييس اللغة"(3/300) ، "مفردات الراغب"(ص285) .

(2)

"معجم مقاييس اللغة"(3/431) ، "مفردات الراغب"(ص310) .

ص: 9

وبما أن الصلوات الواجبة بحق الإسلام هي: الصلوات الخمس في اليوم والليلة: صلاة الفجر، وصلاة الظهر، وصلاة العصر، وصلاة المغرب، وصلاة العشاء.

وبما أن التطوع هو ما زاد على الفرض؛ سواء كان واجباً أم لم يكن.

فإن صلوات التطوع، هي: الصلوات الزائدة على الفروض الخمسة؛ سواء كانت هذه الصلوات واجبة أم لا.

فكل صلاة مشروعة في الإسلام زيادة على الفروض الخمسة الواجبة في اليوم والليلة يشملها اسم (صلوات التطوع) .

ولا يخفى عليك إن شاء الله أنه لا تعارض هذا كون بعض الصلوات غير الفروض الخمسة لها حكم الوجوب، مع كونها داخلة في (صلوات التطوع) ، على التقرير السابق؛ لأن وجوبها ليس بذاتها؛ إنما لأمر حف بها، ولا يترتب لها من الأحكام ما يترتب للفروض الخمسة؛ من استقرار وجوبها العيني على كل مسلم ومسلمة، حضراً وسفراً، لأن وجوب هذه الصلوات الخمس إنما هو بحق الإسلام، أما غيرها من الصلوات – إذا وجبت – فإن وجوبها بأسباب مختلفة؛ كدخول المسجد وإرادة الجلوس فيه، فإنه سبب لوجوب تحية المسجد، ووجوب الوفاء بالنذر سبب لوجوب الصلاة المنذورة، وهكذا (1)

(1) وبهذا التقرير تعلم أن من يستدل بحديث طلحة بن عبيد الله؛ قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد، ثائر الرأس، يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" خمس صلوات في اليوم والليلة " فقال: هل علي غيرها؟ قال: " لا، إلا أن تطوع"

الحديث. أخرجه البخاري في (كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، حديث رقم 46)، وأطرافه من البخاري تحت الأرقام التالية:(1891، 2678، 6956) .

أقول: بالتقرير المذكور تعلم أن من يستدل بهذا الحديث على عدم وجوب شيء

ص11

من الصلوات غير الصلوات الخمس لم يصب، وذلك لأن حديث الأعرابي إنما هو في تقرير الواجب بحق الإسلام، فلا ينفي الواجب بغيره، لأن وجوب غير الصلوات الخمس إنما هو بأسباب خاصة. ويرشح هذا المعنى أمور؛ منها:

-قوله في الحديث: " خمس صلوات في اليوم والليلة"؛ إذ معناه: " المفروض على المسلم في كل يوم وليلة خمس صلوات، لا زائد عليها، وهذا لا ينافي وجوب صلوات أخرى، كصلاة تحية المسجد مثلاً؛ لأنها ليست من صلوات اليوم والليلة، بل هي ذات سبب خاص، وليست عينية أيضاً، وكذلك الصلوات المنذورة؛ فليست مما كتبه الله، بل هي داخلة في التطوع الذي قد يكتبه المرء على نفسه، فيلزمه الله ما التزم""المختار من كنوز السنة "(ص326) .

-ويؤكد هذا قوله في تمام الحديث: " صيام رمضان" قال: هل علي غيره؟ قال: " لا؛ إلا أن تطوع" وذكر له الزكاة، فقال: هل علي غيرها؟ قال: لا؛ إلا أن تطوع".

ومعلوم اتفاق أهل العلم على وجوب الصوم في الكفارات إذا تعين على المسلم، ومن يدل نسك الحج:{فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم} ، وصوم النذر، وصوم أولياء الميت: "من مات وعليه صوم؛ صام عنه وليه

" متفق عليه (انظر جامع الأصول 6/417) .

وكذا اتفاقهم على الواجب في مال المسلم لا ينحصر في الزكاة؛ فالنفقة على من تجب نفقته واجبة، وما يجب على العبد بسبب الكفارات، وبسبب الجنايات، وبسبب النذر

إلخ، وقول من قال من الفقهاء:"ليس في المال حق سوى الزكاة"؛ إنما يعني به: ليس في المال حق واجب بسبب المال سوى الزكاة، وإلا ففيه واجبات بغير سبب المال؛ كما تقدم، وكوجوب أداء الديون، وحمل العاقلة، ووجوب الإعطاء في النائبة، وغير ذلك. " الإيمان لابن تيمية (ص 298 - 299) .

-ويزيد هذا المعنى وضوحاً قول الأعرابي في آخر الحديث عند البخاري (1891) : والذي أكرمك بالحق؛ لا أتطوع شيئاً، ولا أنقص مما فرض الله علي شيئاً. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:" أفلح إن صدق (أو: دخل الجنة إن صدق) "، وفي رواية: والله؛ لا أزيد على هذا ولا أنقص. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفلح إن صدق ".

=إذ ظاهره أنه يريد: لا أزيد على ما فرض علي بحق الإسلام، ولا أنقص شيئاً مما فرض علي بحق الإسلام؛ فلا أزيد صلاة في اليوم والليلة على الصلوات الخمس، ولا أصوم شهراً زيادة على رمضان

وهكذا.

ويدل على أن المراد ذلك؛ أنه علق فلاحه على صدقه في عدم الزيادة وعدم النقص؛ فكيف يصح أن يشهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالفلاح على عدم الزيادة على الخمس إذا كان المراد بالزيادة التي ليست بواجبة؟ ولا يقال: إنه أثبت له فلاحه إذا أتى بما عليه، وليس فيه أنه إذا أتى بزائد على ذلك لا يكون مفلحاً. أقول: لا يقال هذا؛ لأنه خلاف ظاهر النص، خاصة مع قوله صلى الله عليه وسلم:" إن صدق"، ومع وجود المعنى الذي ذكرته؛ فلا تكون حاجة إلى هذا التكلف.

ثم كيف يقره الرسول صلى الله عليه وسلم على الحلف أن لا يستكثر من الخير. فيقول: " والله لا أزيد

"؟!

ولينظر: " نيل الأوطار"(3/83-84) ، و "كتاب الإيمان" لابن تيمية (ص 297-300) .

فإن قيل: إن عبادة بن الصامت لما قيل له: إن فلاناً يقول: الوتر واجب؛ أجاب: بأن الله فرض خمس صلوات. وهو جواب يلتقي فيه مع من يستدل بحديث الأعرابي على عدم وجوب شيء من الصلوات غير الخمس.

فالجواب: إن استدلال عبادة لا يخالف التقرير الذي ذكرته؛ لأن عبادة إنما أورده في حق صلاة الوتر، فكأنه قال: الواجب على المسلم في اليوم والليلة بحق الإسلام خمس صلوات، ولو قيل بوجوب الوتر؛ لكان الواجب ست صلوات، وهذا خلاف ما أوجبه الله على العباد من الصلاة في اليوم والليلة. وبالله التوفيق.

فائدة: يستفاد من هذا الحديث أن كلمة (تطوع) استعملت فيه بمعنى الزيادة، سواء كانت واجبة أم مستحبة، ألا تراه قال:" والذي أكرمك بالحق؛ لا أتطوع شيئاً، ولا أنقص مما فرض الله علي شيئاً، فقابل بين التطوع والنقص، ويفسره مؤكداً لهذا المعنى الرواية الأخرى: " والله؛ لا أزيد على هذا ولا أنقص".

وقد استعملت في هذه الرسالة كلمة تطوع بهذا المعنى؛ أعني: الزيادة مطلقاً، سواء كانت واجبة أم لم تكن واجبة.

ومما تقدم في تعلم السر في أن المصنفين في أحاديث الأحكام وغيرهم يبوبون (باب صلاة التطوع) ، ثم يقررون وجوب بعض هذه الصلوات، وذلك يدل على أنهم رحمهم الله فهموا التطوع بمعنى الزيادة، سواء كانت واجبة أم غير واجبة، ولم يفهمون بمعنى الزيادة التي ليست بلازمة؛ كما هو أصل المعنى اللغوي.

وعليه؛ فإن كلمة (التطوع) في الشرع جاءت بأوسع من معناها في اللغة؛ خلافاً لغيرها؛ ككلمة (الحج) و (الصلاة) ، والله أعلم.

ص: 10