الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
مدخل إلى موضوع الفصل
تأصيل الرؤية القلبية
بدايةً نتبارك بنقل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يكون مراد البحث واضحًا في هذا الشأن، والذي يتجلى فيه الرؤية القلبية بوضوحٍ صريحٍ لا يقبل الجدل.
في حديثٍ طويلٍ سأل جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإحسان، فقال صلى الله عليه وسلم (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)
(1)
.
الشاهد من الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم أن تعبد الله كأنك تراه
ومن هنا يأتي السؤال عن ماهية تلك الرؤية، كيف نرى الله عز وجل؟ هل رؤيته عز وجل بالعين المجردة؟ ! !
وكيف يكون ذلك؟
لا يمكن تصور أن رؤيته عز وجل وتعالى وتقدس تكون بالعين المجردة بتاتًا، فهذا العضو الجارح لم يصل إلى هذه المرحلة، الضعيف المحدود القدرات، لا ولن يصل ولا يستطيع رؤية مثل هذه الأمور، ولا يستطيع تخيل أي شيء، إلا إذا كان محسوسًا أمامه في عالم الدنيا، ولن يصل لمرحلة رؤية الله عز وجل، فهي مرحلة بحاجة إلى أمرٍ آخر لا تستطيعه الأجزاء العضوية في الإنسان (قلب عقل عين)، لأن
(1)
مقطع من حديث طويل، في صحيح مسلم (1/ 36) حديث رقم [8] والحديث عند البخاري أيضا.
عالمها لا يسمح بذلك، فهي مادية بحتة، ورؤية الله عز وجل، لا تكون إلا في عالمه عز وجل في الجنة.
وحتى يزداد الأمر وضوحًا، سوف نسرد أقوال العلماء المعاصرين في شرح المقطع السابق من الحديث الصحيح، يقول الشيخ صالح الفوزان يحفظه الله: ولكن تراه بقلبك حتى كأنك تراه بعينيك
(1)
.
ويقول الشيخ ابن عثيمين يرحمه الله: المؤمنون المتقون يرون ربهم سبحانه وتعالى بقلوبهم قبل يوم القيامة
(2)
.
وحقيقة الإحسان: أن يعبد المؤمن ربه في الدنيا على وجه الحضور والمراقبة كأنه يراه بقلبه
(3)
.
حتى إن الشيخ صالح الفوزان قال في شرحه عن الإحسان: بأن يبلغ بك اليقين والإيمان بالله كأنك تشاهد الله عيانًا، ليس عندك تردد أو أي شك، بل كأن الله أمامك سبحانه وتعالى، تراه عيانًا
(4)
، يعني جعل الإحسان ببلوغ اليقين.
الخلاصة: (أن هناك مصطلح يسمى الرؤية القلبية بمعنى أن القلب له رؤية يختص بها).
(1)
شرح الأصول الثلاثة للفوزان (ص 222).
(2)
شرح العقيدة السفارينية (1/ 482).
(3)
العقد الثمين في شرح أحاديث أصول الدين لحسين بن غنّام، (ص 54).
(4)
شرح الأصول الثلاثة للفوزان (ص 222)، قلت يعني اليقين والإحسان مربوطان ببعضهما.
وما الرؤية القلبية التي فصلنا فيها سابقًا، إلا قسمٌ من أقسامها، والموضوع متشعب، وبقدر كبير جدًّا، لعل صفحات هذا الكتاب لا تسعه، ولكن كانت تلك الفوائد مدخلًا مختصرًا لما نريد الحديث عنه.