الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني الموطن الثاني: أيضًا في بني إسرائيل وجاءت في موضع آخر بعد الموضع الأول بآيتين
.
يقول تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ
…
لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ
…
عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246)}
عند الإمام الطبري، ألم ترَ يا محمد بقلبك
(1)
.
هذا المقطع من السورة الكريمة، مكون من ست آيات، وفيه من الفوائد الشيء الكثير.
لهذه الآية حكاية في الحقبة التي بعد موسى في عصر داود عليهما السلام
(2)
:
الآية فيها دلالات واضحة، أن هؤلاء لا يصلح معهم التعامل بالرؤية العينية، والشعور الحسي، لا ينفع معهم، يجب أن يكون
(1)
الطبري دار عالم الكتب (4/ 435).
(2)
الوسيط للزحيلي (1/ 139)، وقيل هو شمويل التحرير والتنوير (2/ 485). وذكر ابن كثير أنه هو يوشع بن نون تفسيره (1/ 664)، وكان بين موسى وداوود عليهما السلام أكثر من ألف سنة، تفسير ابن كثير (1/ 665).
هناك شعور قلبي، مثالًا على ذلك، أننا لو حكمنا بالتفكير بالعقل، لعلنا لا نأكل حتى طعامهم، ولكن الشرع حلل ذلك، وهناك الأمور بيننا وبينهم، فيها نقاط مشتركة.
1 ـ الدرس المستفاد لنبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من هاتين الآيتين: أنه ما دام أن الخبر فيه من بعد موسى، وهو زمن داوود عليهم السلام
(1)
، لعل منها إخباره عليه السلام بما سوف يكون لأصحابه من بعده، بتغيير وتأثير الدنيا عليهم، كما تغير قوم موسى عليه السلام من بعده، فالرؤية القلبية المستقبلية تحتاج إلى معرفة تاريخية في الماضي أيضًا، ولعله فيها كيف أن كل الأنبياء عانوا من قومهم، وأيضًا الاستعانة على الرؤية القلبية وقت الشدائد، فمناسبة الآيات أنهم كانوا في شدائد، وكذلك هي تسلية، وقصص ليثبت الله قلبه ولا يحزن.
ومن أمثلة الرؤية القلبية في نفس الآية السابقة، قوله تعالى:
{قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا}
فنبيهم تنبأ بحدث مستقبلي، وهو أنهم سيخلفون وعدهم ولن يقاتلوا، وفعلاً هذا ما حدث.
يقول تعالى: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246)} ، وهذا من دلالات الرؤية القلبية.
(1)
الوسيط للزحيلي (1/ 139).