الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: ماذا تعنيه (بسم الله)(درس عملي)
.
وهذا هو المطلوب منا في تدبر القرآن وهو الوصول لمقصد الآيات، وإلى ما تشير إليه.
فالبسملة تشير إلى عدة معانٍ، منها:
ــ أنها قسم من الله على صحة هذا القرآن
(1)
.
أمر آخر: أن كتاب الله يحتاج إلى قوة في تلقيه وتعلمه وتعليمه وتجويده وحفظه، ولذلك جاءت التسمية بالله في بداية القرآن.
فالبسملة هي أننا نطلب العون من الله، يقول تعالى وتقدس في وصف القرآن الكريم:{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)}
(2)
يقول ابن عباس ــ رضي الله عنهما ــ ترجمان القرآن في رواية عطاء: (قولًا ثقيلًا)
(3)
يعني كلامًا عظيمًا.
(1)
تفسير القرطبي (142/ 1).
(2)
سورة المزمل.
(3)
ويستعار ثقل القول لاشتماله على معان وافرة يحتاج العلم بها لدقة النظر، وذلك بكمال هديه ووفرة معانيه. قال الفراء: ثقيلا ليس بالكلام السفساف، وحسبك أنه حوى من المعارف والعلوم ما لا يفي العقل بالإحاطة به فكم غاصت فيه أفهام. انظر: التحرير والتنوير (29/ 261).
تُرى ما هي القوة المطلوبة للاستعانة بالله على هذا الكلام العظيم؟ وهل يستطيعها بشر بغير الإعانة من الله .. ؟ بالطبع لا، بل يستحيل، فبداية القراءة ببسم الله هي إعانة لنا على التمسك بكتاب الله، بمعنى اللهم أعنِّي على تدبر كتابك وقراءته والاهتمام به، اللهم أعني على تعبدك بكتابك ..
ومما تشير إليه جملة البسملة: أنك تبدأ عملك بعظمة العظيم القوي العزيز، فلا يعجز من بدأ ببسم الله عن قضاء حوائجه فهنيئًا له.
وبمعنى: أنك إذا سميت فإنك تدعو الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، ومن قالها متوكلًا على ربه صادقًا نيته لله تعالى، تيسرت أموره وتيسر له كل عسير في طريقه، أي أنك تطلب من الله حوائجك، ويستجيب الله جل جلاله لك سبحانه وتعالى بقضاء تلك الحوائج.
فهي تأكيد للاستجابة وتأكيد لتيسير الأمور ..
فاشتملت البسملة على اسمه الأعظم، وكل أسمائه عظيمة، وفي هذا رسالة أنه لا عظيم عظمةً مطلقةً إلا الله،
فمهما عظم الأمر في أعيننا وأمامنا فليس هناك عظيم عند الله أعظم منه، ولا هناك أكبر منه سبحانه جل جلاله.
الصعاب هي عظيمة عندنا فقط، بمعنى كل الأمور سهلة وتكون أمام عظمته سبحانه شيء لا يذكر، فهو الخالق المدبر.
ولذلك جاء بعد البسملة قوله تعالى: (الحمد لله رب العالمين)، (العالمين) يعني كل شيء سوى الله، إذًا الحمد لله على كل شيء، فلنا رب عظيم يدبر لنا أمور حياتنا فحمدًا له حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا، والحمد له لأنه الرحمن الرحيم والحمد له لأنه مالك يوم الدين.
ومما تشير إليه معاني البسملة أيضًا: أنها بركة، فقبل أن نبدأ بأكل الطعام نقول بسم الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن الشيطان يستحل الطعام أن لّا يذكر اسمُ الله عليه)
(1)
وغيرها الكثير من مواقف الحياة لا يتسع المجال لذكرها.
وعند وقوفنا مع معنى هذه الآية العظيمة (البسملة) علمنا أنها تدل على أن ما بعدها أعظم منها، فهي عظيمة تشير
(1)
رواه مسلم (3/ 1597) حديث رقم [2017].
إلى عظيم، فبعدها سورة الفاتحة وباقي سور القرآن الكريم العظيم، سبحان من أنزله. وجرت العادة أن الأمر من بدايته يظهر كنهه.