المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثالثفي استحباب بشارة من ولد له ولد وتهنئته - تحفة المودود بأحكام المولود - ط عطاءات العلم - الكتاب

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأولفي استحبابِ طَلبِ الوَلدِ

- ‌الباب الثانيفي كَراهةِ تَسخُّطِ البناتِ

- ‌الباب الثالثفي استحبابِ بشارةِ من وُلد له ولدٌ وتهنئتهِ

- ‌الباب الخامسفي استحبابِ تَحنيكه

- ‌الباب السَّادسفي العَقيقةِ وأحكامِها

- ‌تحقيق رأي أبي حنيفة

- ‌الفصل السَّادسهل يُكْرهُ تَسميتُها عَقيقة

- ‌ الذبحُ في موضعهِ أفضلَ من الصَّدقة بثمنه

- ‌ يُستحبُّ أن يُقالَ عليها ما يُقالُ على الأضحيةِ

- ‌يُستحبُّ فيها ما يستحبُّ في الأضحيةِ

- ‌الفصل الثالث عشرفي كَراهةِ كَسْرِ عِظامِها

- ‌الفصل السَّادس عشرهل تُشرعُ العقيقةُ بغير الغَنم

- ‌القزع أربعة أنواع:

- ‌ استحباب(4)الأسماء المضافة إلى الله

- ‌ اشتركت خصال الفطرة في الطهارة والنظافة

- ‌ حكمةِ خَفْضِ النِّساء:

- ‌«مَنْ تطبَّبَ ولم يُعْلَمْ منه طِبٌّ فهو ضَامِنٌ»

- ‌فصلٌ في وقت الفطام

- ‌فصلفي وَطءِ المُرْضعِ، وهو الغَيلُ

- ‌ما جاءت به الرسل مع العقل ثلاثة أقسام

- ‌فصلفي مقدارِ زمانِ الحَمْلِ واختلافِ الأَجِنَّة

- ‌فصلفي ذِكرِ أَحوالِ الجنِينِ بعد تَحرِيكِه وانقِلابهِ عندَ تَمامِ نِصفِ السَّنَةِ

- ‌ وعلوَّ أَحدِهما سببٌ لمجانسة الولد للعالي ماؤه

- ‌ فهرس مراجع ومصادر التَّحقيق

الفصل: ‌الباب الثالثفي استحباب بشارة من ولد له ولد وتهنئته

‌الباب الثالث

في استحبابِ بشارةِ من وُلد له ولدٌ وتهنئتهِ

قال الله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} إلى قوله: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ} [هود/ 69 ـ 74].

وقال تعالى في سورة الصافات: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} [الصافات/101].

وقال في الذاريات: {وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} [الذاريات/ 28].

وقال في سورة الحجر: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (55) قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} [الحجر/51 ـ 56].

ص: 32

وقال تعالى: {يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم/ 7].

وقال تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا} [آل عمران/ 39].

ولما كانت البشارة تَسُرُّ

(1)

العَبْدَ وتُفْرِحُه، استُحِبَّ للمُسْلِم أن يبادر إلى مَسَرَّة أخيه وإعلامِه بما يُفْرِحُه.

ولما وُلِدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بَشَّرتْ به ثُوَيْبَةُ عمَّه أبا لهبٍ ـ وكان مَوْلَاهَا ـ وقالت: قد وُلِدَ الليلةَ لعبدِ اللهِ ابنٌ، فأَعْتَقَها أبو لهبٍ سرورًا به، فلم يضيِّعِ اللهُ ذلك له، وسَقَاهُ بعد موته في النُّقْرَةِ التي في أصْلِ إبْهَامِهِ

(2)

.

فإنْ فاتَتْهُ البشارةُ استُحِبَّ له تهنئتُه.

والفرق بينهما: أنَّ البشارة إعلامٌ له بما يَسُرُّه، والتهنئة دعاءٌ له بالخير فيه بعد أن عَلِمَ به.

(1)

في "أ، ج": تبشر.

(2)

أخرجه البخاري: 9/ 140. وهذا النفع إنما هو نقصان من العذاب، وإلا فعملُ الكافرِ كلُّه محبَط بلا خلاف. أي لا يجده في ميزانه ولا يدخل به جنة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصل ثويبة من المدينة ويتحفها؛ لأنها كانت أرضعته وعمه حمزة، ولما افتتح مكة سأل عنها، وعن ابنٍ لها اسمه مَسْرُوح، فأُخبر أنهما قد ماتا. انظر: الروض الأنُف للسهيلي: 3/ 96، وفتح الباري لابن حجر: 9/ 145 ـ 146.

ص: 33

ولهذا لما أنزل الله توبةَ كعبِ بنِ مالكٍ وصاحِبَيْه ذهب إليه البشير فبشَّره، فلما دخل المسجد جاء الناس فهنَّؤوه

(1)

.

وكانت الجاهليَّةِ يَقُولُونَ في تَهْنِئَتِهم بالنكاحِ: بالرِّفَاءِ والبَنِيْنَ

(2)

.

و "الرِّفاء": الالتحام والاتفاق، أي تزوجتَ زواجًا يحصل به الاتِّفاقُ والالْتِحَامُ بينكما.

و "البنون": فيهنِّؤون بالبنينَ سلفًا وتعْجِيْلًا.

ولا ينبغي للرجل أن يهنِّئَ بالابنِ ولا يهنِّئَ بالبنتِ، بل يهنِّئُ بهما، أو يَتركُ التهنئةَ بهما، ليتخلَّصَ من سُنَّة الجاهليَّة؛ فإنَّ كثيرًا منهم كانوا يهنِّؤون بالابنِ وبوفاةِ البنتِ دون ولادتِها.

وقال أبو بكر ابنُ المُنْذِرِ

(3)

في "الأوسط": رُوِّينا عن الحَسَنِ البصريِّ أن رجلًا جاء إليه وعنده رجلٌ قد وُلِد له غلامٌ، فقال له: يَهْنِيكَ الفارسُ. فقال له الحَسَنُ: ما يُدريكَ فارسٌ هو أو حمار؟ قال: فكيف

(1)

انظر قصة توبة كعب بن مالك وصاحبيه في: صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب حديث كعب بن مالك: 8/ 113، وفي مواضع أخرى، وفي صحيح مسلم، كتاب التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه: 4/ 2120.

(2)

انظر: سنن النسائي: 6/ 128 برقم (3371)، وسنن ابن ماجه: 1/ 614 برقم (1906).

(3)

تصحفت في "د" إلى: المنكدر. والنص المذكور ليس في المطبوع من كتاب الأوسط لابن المنذر.

ص: 34

نقول؟ قال: قلْ بُورِكَ لك في الموهُوب، وشكرتَ الواهبَ، وبَلغَ أشُدَّهُ، ورُزِقْتَ بِرَّهُ

(1)

. والله أعلم

(2)

.

(1)

روى الطبراني في "الدعاء": 2/ 1243 - 1244 برقم (945) بإسناده عن السري بن يحيى أن رجلًا ممن كان يجالس الحسن، ولد له ابن، فهنّأه رجل فقال: ليهنك الفارس. فقال الحسن: وما يدريك أنه فارس؟ لعله نجار، لعله خياط! قال: فكيف أقول؟ قال: قل جعله الله مباركًا عليك وعلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم. قال محققه: "إسناده حسن، وهو موقوف على الحسن البصري".

(2)

(") والله أعلم" ليست في "أ".

ص: 35

الباب الرابع

في استحبابِ التَّأذينِ في أذنه اليمنَى والإقامةِ في أذنهِ

(1)

اليسرى

وفي هذا الباب أحاديث:

(أحدها): ما رواه أبو عبدِ اللهِ الحاكمُ

(2)

، حدّثنا أبو جعفر محمَّدُ ابنُ دُحَيم، حدّثنا محمد بنُ حازمِ بنِ أبي غرزةَ، حدّثنا عُبيد الله بنُ موسى، أخبرنا سفيانُ بنُ سعيدٍ الثَوريُّ، عن عاصمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، أخبرني عُبَيْدُ اللهِ بنُ أبي رَافِعٍ، عن أبي رافعٍ، قال: رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أذَّن في أُذن الحَسَنِ بنِ عليٍّ حين وَلَدَتْهُ فاطمةُ. رواه أبو داود والتّرْمِذِيّ وقال: "حديث صحيح"

(3)

.

(الثاني): ما رواه البَيْهَقِيّ في "الشُّعَبِ" من حديث الحُسَيْنِ بنِ عليّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَن وُلِد له مولودٌ فأذَّن في أذُنه اليُمْنَى وأَقَامَ في

(1)

ساقطة من "د".

(2)

في المستدرك: 3/ 179 وتعقبه الذهبي فقال: "عاصم ضعيف".

(3)

رواه أبو داود في الأدب، باب المولود يؤذن في أذنه: 13/ 499، والترمذيّ في الأضاحي، باب الأذان في أذن المولود: 4/ 97، والطيالسي برقم (1013)، وعبدالرزاق: 4/ 336، والبيهقي في السنن: 9/ 305، وفي الشعب: 15/ 96.

ص: 36

أذُنهِ اليُسْرَى، رُفِعَتْ عنه أمُّ الصِّبْيانِ"

(1)

.

و (الثالث): ما رواه أيضًا من حديث أبي سعيد، عن ابن عبَّاس، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أذَّن في أذُن الحَسَنِ بنِ عليٍّ يومَ وُلِدَ، وأقامَ في أُذنِه اليُسْرَى

(2)

. قال: "وفي إسنادهما ضعف".

وسرُّ التأذين ـ والله أعلم ـ أن يكون أولَ ما يقرعُ سَمْعَ الإنسانِ كلماتُه المتضمِّنةُ لكبرياء الربِّ وعظمتِهِ، والشهادةُ التي أوَّلُ ما يَدخلُ بها في الإسلامِ، فكان ذلك كالتَّلقينِ لهُ شعارَ الإسلامِ عند دخولِه إلى الدُّنيا، كما يُلَقَّنُ كلمةَ التوحيدِ عند خُرُوجِهِ منها

(3)

.

وغيرُ مُسْتَنْكَرٍ وصُولُ أثر التأذينِ إلى قلبِه وتأثُّرُهُ به وإنْ لم يَشْعُرْ، مع ما في ذلك من فائدة أخرى، وهي: هروبُ الشَّيطانِ من كلماتِ

(1)

رواه البيهقي في شعب الإيمان: 15/ 99، وأبو يعلى في المسند برقم (6780)، وابن السُّني في عمل اليوم والليلة، برقم (624). وهو حديث موضوع. قال الهيثمي في المجمع 4/ 59:"رواه أبو يعلى، وفيه مروان بن سالم الغفاري وهو متروك". انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني: 1/ 33 برقم (321). و"أم الصبيان": الريح التي تعرض لهم، فربما غشي عليهم منها.

(2)

رواه البيهقي في شعب الإيمان: 15/ 101. قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة: 13/ 271: "فيه رجلان يضعان الحديث".

(3)

عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لقّنوا موتاكم لا إله إلا الله". رواه مسلم في الجنائز، باب تلقين الموتى لا إله إلا الله: 2/ 613 برقم (916 و 917).

ص: 37

الأذان، وهو كان يَرْصُدُه حتى يُولدَ، فيقارنه

(1)

ـ لِلْمِحْنَةِ التي قدَّرها الله وشاءَهَا ـ فيُسْمِعُ شيطانَهُ ما يُضْعِفُهُ ويُغِيظُه أوَّلَ أوقاتِ تعلُّقه به.

وفيه معنًى آخر: وهو أن تكونَ

(2)

دعوتُه إلى اللهِ وإلى دِيْنِهِ الإسلامِ وإلى عبادتهِ سَابِقَةً على دعوةِ الشَّيطانِ، كما كانت فطرةُ الله التي فُطِر عليها سابقةً على تغيير الشيطانِ لها

(3)

، ونَقْلِهِ عنها، ولغيرِ ذلك من الحِكَمِ. والله أعلم.

(1)

ساقطة من "د".

(2)

في "أ": أن يكون أول.

(3)

في "أ، ب": الشياطين.

ص: 38