الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس: أثر التداخل في النقد المعجمي
الفصل الأول: النقد المعجمي عن القدامى
(تمهيد) الفصل الأول
…
الفصل الأوّل: النّقد المعجميّ عند القدامى
تمهيدٌ:
أسهم تداخل الأصول في نشاط النّقد المعجميّ إسهاماً بيِّناً، على امتداد ألف عامٍ أو يزيد؛ وتركّز ذلك في معاجم القافية بوجهٍ خاصّ، وانحصر جلّ نقد الأصول فيها؛ لشهرة هذه المدرسة؛ ولظهور أثر التّداخل فيها، أكثر من غيرها من المدارس.
وآية ذلك أنّ بعض معاجم القافية أثرت حركة التّأليف المعجميّ، بما دار فيها من نشاطٍ تأليفيٍّ؛ كالشّرح، والتذييل، والتّعليق، والاختصار، والنّقد، والدّفاع.
ويأتي (الصّحاح) للجوهريّ في طليعة هذه المعاجم، وهو يعدّ حجر الزّاوية في مدرسة القافية؛ ففيه ظهرت معالم هذه المدرسة في أبهى صورها، وعلى يدي مؤلّفه اكتملت معالمها، وأخذت وضعها النّهائيّ؛ الّذي سار عليه من أتى بعده؛ ليسر منهجه وسهولته.
ولعلّ ممّا ساعد على اشتهار هذا المعجم التزام مؤلّفه ما صحّ له من اللّغة؛ حتّى وصفه بعض العلماء بأنّه بمنزلة (صحيح البخاريّ) بالنّسبة إلى باقي الصّحاح، دون غيره من كتب اللّغة الصّحاح1 مع توسّطه بين الإطالة المملّة والاختصار المخلّ، فوجد فيه المرتاد بغيته؛ وخفَّ حمله على طلبة العلم، فتداولوه. فلا عجب أن يكون شغل العلماء وطلبة العلم في الأمصار؛ إذا قدم عالمٌ إلى بلدٍ سأله أهله عن (الصّحاح) كما صنع المصريّون مع ابن القطّاع، في أواخر القرن الخامس؛ بعد أن رأى صدق
1 ينظر: إضاءة الرّاموس 1/15، 16.
رغبتهم فيه، وكثرة اشتغالهم به؛ فركب عليه طريقاً، ورواه لهم1، وعلّق عليه تقييداتٍ.
ولا يعني هذا أنّ (الصّحاح) مبرأٌ من المآخذ؛ شأنه في ذلك شأن أيّ عملٍ بشريٍّ؛ فقد أخذ عليه جملةٌ من الأمور ذكرها2، من بينها ملحوظاتٌ صرفيّةٌ متنوّعةٌ؛ كثيرٌ منها في الأصول المتداخلة؛ مع أنّ الجوهريّ كان يوصف بأنّه "خطيب المنبر الصّرفيّ، وإمام المحراب اللّغويّ"3.
ونسطيع: أن نقول - في الجملة - إنّ هذا المعجم لقي عنايةً فائقةً من العلماء، وأخذت هذه العناية أشكالاً خمسةً؛ هي:
1-
النّقد.
2-
التّذييل والاستدراك.
3-
التّعليق والتّحشية.
4-
الاختصار.
5-
الجمع بينه وبين غيره من المعجمات.
6-
التّرجمة.
ويعنينا - في هذا المقام - النّوع الأوّل وهو النّقد، وكتب النّقد تدور على عناصر؛ من أهمّها التّصريف؛ ولا سيّما تداخل الأصول، وما
1ينظر: مقدمة الصّحاح 155.
2ينظر: المزهر 2/390، والمعجم العربيّ 500-502، والمعاجم اللّغوية 108-113.
3 ينظر: مقدّمة الصّحاح 116.
يترتّب عليه؛ كوضع الكلمة في غير موضعها، أو وضعها في موضعين، أو أكثر. وأعرض فيما يلي لأهمّ كتب النّقد المعجميّ الّتي كان (الصّحاح) محورها:
1-
حواشي الصّحاح:
لأبي الحسن عليٍّ بن حمزة (ت 430?) وأفاد منها الصّفديّ؛ فيما انتقده على الجوهريّ1.
2-
تعليقات على الصّحاح:
لأبي سهلٍ محمّد بن عليّ الهرويّ - (ت 433?) لعلّه كتبها على نسخته من (الصّحاح) الّتي كتبها بخطّه2 وقد تضمّنت هذه التّعليقات بعض الإشارات النّقديّة في التّداخل؛ وأفاد منها الصّفديّ3 وكانت من مصادر الزّبيديّ4.
3-
حواشي الصّحاح:
لعلّي بن جعفر السّعديّ؛ المعروف بابن القطّاع (ت 515?) ونقد فيها الجوهريّ، ولم يتمّها.
4-
قيد الأوابد من الفوائد:
1 ينظر: نفوذ السّهم 3أ.
2 ينظر: بغية الوعاة 1/190.
3 ينظر: نفوذ السّهم 3 أ.
4 نظر: الزّبيديّ في كتابه تاج العروس 279.
لأبي الفضل أحمد بن محمّد الميدانيّ (ت 518?) وذكر العطّار أنّه نقد فيه الجوهريّ1 وذكر بروكلمان أنّ فيه عرضاً لموادّ الصّحاح، مع مقابلتها بتفسيراتٍ مختلفةٍ من (تهذيب اللّغة) للأزهريّ2.
5-
التّنبيه والإيضاح:
لأبي محمّد عبد الله بن برّيّ المصريّ (ت 582?) وهو من أهمّ الكتب؛ الّتي ألّفت عن (الصّحاح) وتضمّنت نقداً بارزاً له. وسيأتي الكلام عن هذا الكتاب؛ إن شاء الله.
6-
الإصلاح لما وقع من الخلل في الصّحاح:
لجمال الدّين عليّ بن يوسف القفطيّ (ت 646?) 3 وهو نقدٌ للصّحاح، وإصلاحٌ لما فيه من خللٍ. ولا نعلم - على وجه الدّقّة - طبيعة نقداته4؛ وإن كنّا لا نستبعد أن تشتمل على مآخذ في التّصريف، وما
1 ينظر: مقدمة الصّحاح 183.
2 ينظر: تاريخ الأدب العربيّ 2/262.
3 ينظر: معجم الأدباء 15/187، وشذرات الذهب 5/236.
4 ذكر أحمد عبد الغفور عطّار أنّ الكتاب حقّق على يد محمّد أبي الفضل إبراهيم (ينظر: مقدّمة الصّحاح 183) ولم أهتد إليه بعد طول البحث. وسؤال أهل العلم والتّخصص، والرّاجح أنّه ممّا فقد من مؤلفات القفطيّ، فقد راجعت كتاب ((إنباه الرواة)) للقفطيّ؛ وهو من آخر ما حققه الشّيخ أبو الفضل، وجاء بعد ظهور مقدّمة الصّحاح بنحو ثمانية وعشرين سنة. وقد كتب له المحقّق مقدمة ضافية أتى فيها على حياة القفطيّ، وأحصى مؤلفاته، وفصّل الحديث عنها، وذكر منها هذا الكتاب؛ وسماه (إصلاح خلل الصّحاح (وعلّق عليه بقوله:"ذكره ياقوت والسّيوطيّ في بغية الوعاة، وابن العماد، وصاحب كشف الظّنون "(ينظر: إنباه الرواة، مقدّمة المقّق 1/22) فلم يشر - من قريب أو بعيد - إلى أنّه حقّق الكتاب، أو رآه مخطوطاً، أو سمع عن وجوده؛ بل إنّه كان يشكو من ضياع أكثر مؤلفات القفطيّ، وكان حريصاً على ذكر ما حقّق منها، والنّصّ على أسماء محقّقيها، وأماكن طبعها؛ وكان يذكر النّسخ الخطّيّة لما عرفه منها.
يتّصل بالأصول؛ لأنّها من أهمّ ما أخذ على صاحب (الصّحاح) .
7-
نقودٌ على الصّحاح:
لأبي العبّاس أحمد بن محمّدٍ الأزديّ الأندلسيّ؛ المعروف ببن الحاجّ الإشبيليّ (ت 651?)1.
8-
نور الصّباح في أغلاط الصّحاح:
لأبي الفضل محمّد بن عمر بن خالدٍ القرشيّ؛ من علماء القرن السّابع الهجريّ. وفي كتابه هذا نقدٌ للصّحاح، وبيان بعض ما وهم فيه الجوهريّ من تصحيفاتٍ، وفيه تنبيهاتٌ صرفيّةٌ مختلفةٌ2.
9-
نفوذ السّهم فيما وقع للجوهريّ من الوهم:
لخليل بن أيبك الصّفديّ (ت 764?) وسيأتي الكلام عنه مفصّلاً؛ - إن شاء الله -.
7-
غوامض الصّحاح:
للصّفديّ - أيضاً - وفيه نقدٌ للصّحاح؛ إذ استخرج منه ما في
1 ينظر: بغية الوعاة 1/359، وابن الحاجّ النّحويّ 26.
2 ينظر: مقدّمة الصّحاح 184.
أصوله من غموضٍ أو صعوبةٍ في ردّ بعض الكلمات إلى أصولها؛ وبخاصّةٍ لدى من لم يتمرّس بالتّصريف وشعابه. وقد أعاد ترتيب مادّته على نظامٍ آخر؛ ناظراً إلى الكلمة من أوّلها إلى آخرها؛ دون تجريدٍ ما فيها من زوائد. وكان ينصّ في كلّ مادّةٍ على موضعها، أو المواضع الّتي وردت فيها (الصّحاح) وقد نشر الكتاب - مؤخّراً - بتحقيق عبد الإله نبهان. وثَمَّة معاجم لم يكن الغرض الأوّل من تأليفها النّقد؛ ومع ذلك حوت قدراً صالحاً من النّقدات على الصّحاح؛ بسبب تداخل الأصول فيه؛ ومن أبرز هذه المعاجم:
1-
التّكملة والذّيل والصّلة:
للحسن بن محمّد بن الحسن الصّغانيّ (ت 650?) وسيأتي الحديث عنه - إن شاء الله.
2-
القاموس المحيط:
لمجد الدّين محمّد بن يعقوب الفيروزاباديّ (ت 817?) وسيأتي الحديث عنه - أيضاً.
ولم يكن (الصّحاح) وحده الّذي استأثر بالنّشاط المعجميّ النّقديّ، فثّمّة معجمٌ آخر اجتذب إليه اهتمام المعجّمين؛ وهو (القاموس المحيط) للفيروزاباديّ؛ فعلى الرّغم من أنّ العلماء وطلبة العلم تلقّوا هذا المعجم بالقبول والاستحسان؛ لم يسلم من النّقد؛ فصرف بعض العلماء جانباً من جهودهم لنقده.
ويندرج تحت هذا الجانب كتبٌ ألّفت للرّدّ على المجد، والانتصار للجوهريّ فيما أخذه عليه صاحب (القاموس) ومن أهمّ الكتب الّتي انبرت للنّقد:
1-
كسر النّاموس في نقد القاموس:
لعبد الله بن شرف الدّين الحسينيّ اليمنيّ (ت 973?) وذكره الشّوكانيّ، ونصّ على أنّه اعترض فيه على (القاموس) 1 ولا نعرف - على وجه الدّقّة - حقيقة هذه الاعتراضات.
2-
القَوْلُ المَأْنُوسُ بِفَتْحِ مُغْلَقِ القَامُوسِ:
لِبَدْرِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ القُرَافِيّ (1008?) وفِيهِ تَنْبِيهَاتٌ وانتِقَادَاتٌ للأُصُولِ المُتَدَاخِلَةِ، جَمَعَهَا مِنْ حَاشِيَتَيْ عَبْدِ البَاسِطِ سِبْطِ شِيْخِ الإِسْلَامِ سِرَاجِ الدِّينِ البُلْقِينِيِّ، وسَعْدِي الرُّومِيِّ؛ مُفْتِي الدَّوْلَةِ العُثْمَانِيَّةِ؛ فِي القَرْنِ العَاشِرِ2.
3-
بَهْجَةُ النُّفُوسِ فِي المحُاَكِمَةِ بَيْنَ الصِّحَاحِ والقَامُوسِ:
للقُرَافِيِّ - أَيْضاً - وفِيهِ مُوَازَنَةٌ بَيْنَ المُعْجَمَينِ؛ مَعَ التَّرْكِيزِ عَلَى مَا انتَقَدَهُ المَجْدُ عَلَى صَاحِبِ (الصِّحَاحِ)3.
4-
النَّامُوسُ:
لمُلَاّ عَلِيِّ بْنِ سُلْطَانَ القَارِئ الهَرَوِيِّ؛ نَزِيلِ مَكَّةَ (ت 1014?) وفِيهِ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى (القَامُوسِ) و (الصِّحَاحِ) ونَقْدٌ لَهُمَا؛ وقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ؛ مِنْهُمْ: ابْنُ الطَّيِّبِ الفَاسِيُّ، والشِّهَابُ الخَفَاجِيُّ4.
1 ينظر: البدر الطّالع 1/383.
2 ينظر: القول المأنوس 3أ.
3 ينظر: كشف الظنون 2/1310، والمعجم العربيّ 606.
4 ينظر: التَّاج 1/3.
5-
الدُّرُ اللَّقِيْطُ فِي أَغْلَاطِ القَامُوسِ المحُِيْطِ
لِدَاوُد زَادَه (ت 1031?) وسَيَأْتِي الكَلَامُ عَنْهُ مُفَصَّلاً - إِنْ شَاءَ اللهُ -.
6-
العَنْقَاءُ المُغْرِبُ الوَاقِعُ فِي القَامُوسِ:
لأَبِي الفَتْحِ عبد بن عبد الرحمن الدنوشريِّ (ت 1025?) وردَّ فِيهِ عَلَى صَاحبِ (القَامُوسِ) فِيمَا خَطَّأَ فِيهِ الجَوهَرِيِّ1.
7-
القَوْلُ المَأْنُوسُ فِي الاسْتِدْرَاكِ عَلَى القَامُوسِ:
لِزَيْنِ الدِّينِ مُحَمَّد عَبْد الله الرَؤُوفِ المُنَاوِيِّ (1031?) وتَضَمَّنَ بَعْضَ الانْتِقَادَاتِ للأُصُولِ، وَرَدَّ عَلَى المَجْدِ فِي بَعْضِ مَا أَخَذَهُ عَلَى الجَوْهَرِيِّ، وَوَصَلَ فِيْهِ إِلَى حَرْفِ الدَّالِ، وَقِيْلَ: السِّيْن، وَلِمْ يُكْمِلْهُ2 وَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ الشّديَاقُ كَثِيراً فِي (الجَاسُوسِ) .
8-
مَرَجُ البَحْرَيْنِ:
للقَاضِي أُوَيْسِ بْنِ مُحَمَّدٍ المَعْرُوفِ بـ (وَيْسِي)(ت 1037?) أَجَابَ فِيْهِ عَنْ اعْتِرَاضَاتِ الفَيْرُوزَابَادِيّ عَلَى صَاحِبِ (الصِّحَاحِ) ولَمْ يَتِمَّهُ3.
9-
رِجْلُ الطَّاوْوسِ فِي شَرْحِ القَامُوسِ:
لِمُحَمّدِ بْنِ السَّيِّد عَبْدِ [رَبِّ] الرَّسُول الحُسَينِيِّ البَرَزَنْجِيِّ (ت:
1 ينظر: مقدّمة الصّحاح 190، ومعجم المعاجم 238، 239.
2 ينظر: مقدّمة الصّحاح 190.
3 ينظر: كشف الظّنون 2/1308، والبلغة في أصول اللغة 445.
1103?) وفِيهِ دِفَاعٌ عَنِ الجَوْهَرِيِّ1.
10-
النَّامُوسُ عَلَى القَامُوسِ:
لِمُحَمَّدٍ الأَمِينِ بْنِ فَضْلِ اللهِ المُحِبِّيِّ (1111?) وَهُوَ حَاشِيَةٌ عَلَى القَامُوسِ، وَذَكَرَهُ المُرَادِيُّ، وأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَكْتَمِلْ2 وَذَكَرَهُ إِسْمَاعِيل بَاشَا3 ونَصَّ العَطَارُ عَلَى أَنًّ فِيهِ رَدّاً عَلَى مَآخِذِهِ عَلَى الجَوْهَرِيِّ4.
11-
الطَرَازُ الأَوَّلُ فِيمَا عَلَيهِ مِن لُغَةِ العَرَبِ المُعَوَّلُ:
ويُسَمَّى - طِرَازَ اللُّغَةِ - للسِّيِّد عَلِي خَان، المَعْرُوف بِابْنِ مَعْصُومٍ الحُسَينِيّ المَدَنِيِّ (ت: 1117?) وَذَكَرَ العَطَّارُ "أَنَّهُ نَقَدَ فِيهِ القَامُوسَ، وآخَذَ الفَيْرُوزَابَادِيَّ عَلَى إِهْمَالِ ضَبْطِ مَا يَجِبُ ضَبْطُهُ؛ وتَرْكِهِ الدِّقَّةَ فِي تَرْتِيبِ بَعْضِ المَوَادِّ؛ ووَضْعِهَا فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهَا؛ وخَطَئِهِ فِي تَفْسِيرِ الكَلِمَاتِ؛ وتَصْحِيفِهِ؛ وسُوءِ قَولِه وتَعْبِيرِهِ"5
وقَدْ نَقَلَ الشِّدْيَاقُ قَطْعَةً مِنَ الكِتَابِ أَهْدَاهَا إِلِيهِ العُلَمَاء فِي طَهْرَان؛ وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى أَبْوَابِ الرَّاءِ والزَّايِ والسِّينِ؛ وَهِيَ مَنْشُورَة فِي
1 ينظر: التّاج 1/3، وإيضاح المكنون 1/549، ومعجم المعاجم 235.
2 ينظر: سلك الدّرر 4/86.
3 ينظر إيضاح المكنون 1/432، وهدية العارفين 2/307.
4 ينظر: مقدّمة الصّحاح 190.
5 مقدّمة الصّحاح 1/191.
كِتَابِهِ (الجَاسُوسِ)1.
وظَهَرَ - مِنْ خِلَالِ هَذِهِ القِطْعَةِ - اهْتِمَامُ ابْنِ مَعْصُومٍ بالأُصُولِ، ونَقْدُ تَدَاخُلِها؛ كَأَخْذِهِ عَلَى الفيْرُوزَابَادِيِّ ذَكَرَهُ الإسْكندَرُ والإِسْكَنْدرِيَّةُ فِي (س ك د ر) قال:"ذِكْرُ الفَيْرُوزَابَادِيِّ الإسْكَندَرِيَّ والإسْكَندَرِيَّةَ فِي فَصْلِ السِّينِ غَلَطٌ قَبِيحٌ؛ إِذْ لَا يَجْهَلُ مَنْ لَهُ أَدْنَى إِلْمَامٍ بِعِلْمِ الصَّرْفِ أَنَّ الهِمْزَةَ إِذا وَقَعَتْ أَوَّلاً وبَعْدَهَا أَرْبَعَةُ أُصُولٍ فَهِيَ أَصْلٌ إِجْمَاعاً"2.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي مَادَّةِ (أف ر) : "والأُفُرَّةُ - بِضَمَّتَينِ وفَتْحِ الرَّاءِ المُشَدَّدَةِ - لأَوَّلِ الحَرِّ وشِدَّتِهِ؛ وسَائِرُ مَعَانِيهَا فِي (ف ر ر) لأَنَّ الهَمْزَةَ فِيهَا زائدة، لَا فَاء الكَلْمَةِ؛ فَهِيَ (أُفُعْلَة)
…
بِدَلِيلِ قَولِهِمْ: فُرَّة؛ بِإِسْقَاطِ الهَمْزَةِ لُغَة فِيهَا؛ وغَلِطَ الفَيْرُوزَابَادِيُّ؛ فَذَكَرَهَا - هَهُنَا - عَلَى أَنَّهُ أَعَادَ ذِكْرهَا هُنَاكَ؛ تَبَعاً للجَوْهَرِيِّ، وَهُوَ الصَّوَابُ"3
12-
إضَاءَةُ الرَّامُوسِ وإِفَاضَةُ النَّامُوسِ عَلَى إِضَاءَةِ القَامُوسِ:
لأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّيِّبِ الفَاسِيِّ الشَّرْقِيِّ (ت: 1170 أو 1173?) .
وَهُوَ حَاشِيَةٌ مُطَوَّلَةٌ عَلَى القَامُوسِ، أَقَامَهَا عَلَى تَصْحَيحِ أَخْطَائِهِ، واسْتَدْرَاكِ فَائِتِهِ، والانتصَار للجَوْهَرِيِّ. قال في تَصْدِيرِهِ: "فاسْتَخْرْتُ اللهَ، وجَدَّدْتُ النَظَرَ فِيمَا فِيهِ بَحَثَ
1 ينظر: 498-653.
2 الجاسوس 499.
3 الجاسوس 499.
المَجْدُ ونَظَر، ووَقَفْتُ أَثْنَاءَ مُطَالَعَتِهِ عَلَى أَغْلَاطٍ لَهُ وَاضِحَة، وأَوْهَامٍ ارْتَكَبَهَا؛ مُخَالِفاً للجَمَّاء الغَفِيرِ فَاضِحَة
…
فَجَمَعْتُ ذَلِكَ أَبْدَعَ جَمْعٍ، وأَوْدَعْتُهُ مِنَ التَّحْقِيقَاتِ مَا تَقَرُّ بِتَقْرِيرِهِ العَينُ، ويُصْغِي إِلَى صَوْغِهِ السَّمْعُ"1
13-
الوِشَاحُ وتَثْقِيفُ الرِّمَاحِ فِي رَدِّ تَوْهِيمِ المَجْدِ الصِّحَاح:
لأَبِي زَيدِ التَادِلِيّ (ت: 1200?) ويُعَدُ كِتَابُهُ هذا انتصَاراً للجَوْهَرِيِّ فِيمَا أَخَذَهُ عَلَيهِ صَاحِبُ (القَامُوسِ) وسَيَأْتِي الكَلَامُ عَنْ هَذَا الكِتَابِ - إِنْ شَاءَ اللهُ -.
14-
تَاجُ العَرُوسِ مِنْ جَوَاهَرِ القَامُوسِ:
للسَّيِّدِ المُرْتَضَى أَبِي الفَيضِ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْنِ عَبْدِ الرَزَاقِ الزَبَيدِيِّ (ت: 1205?) ويُعَدُّ مِنْ أَوْسَع مُعَاجِم العَرَبِيَّةِ؛ وقَدْ جَمَعَ فِيهِ مَادَّتَهُ مِنْ مَصَادِرَ كَثِيرَةٍ، ذَكَرَهَا فِي مُقَدِّمَتِهِ؛ ومِنْ أَبْرَزِهَا الكُتُبُ المُؤَلَّفَةُ فِي نَقْدِ القَامُوسِ، وعَلَى رَأْسِهَا (إِضَاءَةُ الرَّامُوسِ) لِشَيْخِهِ ابْنِ الطَّيِّبِ الفَاسِيِّ.
15-
فَلَكُ القَامُوسِ:
لِعَبْدِ القَادِرِ بْنِ عَبْدِ القَادِرِ الحسَنِيِّ الكوْكَبَانِيِّ اليَمَنِيِّ (ت: 1207هـ) وَهُوَ مِن تَلَامِيذِ ابْنِ الطَّيِّبِ الفَاسِيِّ، وتَتَبَّعَ فِيهِ نَقَدَاتِ الفَيْرُوزَابَادِيِّ، ورَدَّ عَلَيهَا، وأَبَانَ وَهْمَهُ فِيمَا حَسِبَهُ وَهْماً مِنَ الجَوْهَرِيِّ.2
1 إضاة الرّاموس 15، 16.
2 ينظر: البلغة في أصول اللغة 439، ومقدّمة الصّحاح 193.
وأَكْتَفِي بِذِكْرِ هَذِهِ الطَائِفَةِ الَّتِي تُعَدُّ مِنْ أَهَمِّ مَا أُلِّفَ فِي النَقْدِ المُعْجَمِيِّ.
وقَدِ اخْتَرْتُ للدِّرَاسَةِ مِنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ مَا وَجَدْتُ فِيهِ اهْتِمَاماً وَاضِحاً بالأُصُولِ، ونَقْدِ تَدَاخُلِهَا، ورَتَّبْتُهُ تَرْتِيباً زَمَنِيّاً؛ وَهُوَ سِتَّةٌ:
1-
التَنْبِيهُ والإيِضَاحُ، لابْنِ برِّي.
2-
التَكْمِلَة ُ، للصُّغَانِيِّ.
3-
نُفُوذُ السَّهْمِ، للصَّفَدِيِّ.
4-
القَامُوسُ، للفَيْرُوزَابَادِيّ.
5-
الدُّرُّ اللَّقِيطُ، لِدَاوُد زَادَه.
6-
الوِشَاحُ، للتَّادِلِيِّ.
وأُفْرِدُ - فِيمَا يَلِي - كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِمَبْحَثٍ مُسْتَقِلٍّ: